السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فإن المتأمل في أحوال كثير من المسلمين اليوم يلحظ هجرانهم لتلاوة كتاب الله فترة طويلة قد تمتد لأشهر وربما سنة وهذا والله شيء مؤسف ينم عن جهل بفضل كلام الله واستهانة بعظم حقه وهو الكتاب المبارك النور والهدى والشفاء والرحمة والموعظة وأحسن القصص وأعجب الأخبار. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يفضلون القرآن على سائر العبادات.
وقد ورد في القرآن ذم الهجران في سورة الفرقان. قال تعالى على لسان رسوله: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا).
وهذه الآية وإن وردت في الكفار إلا أنها عامة في كل أنواع الهجر من تكذيبه وعدم التصديق به أو اللغط عند سماعه أو ترك تلاوته وتدبره أو ترك العمل بأحكامه وغير ذلك. فكل من هجر شيئا من القرآن فهو داخل في هذا الذم.
وقد ورد في السنة الصحيحة ذم للمؤمن الهاجر للقرآن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو). متفق عليه. فيقبح بالمؤمن أن يكون قلبه خاليا من ألفاظ القرآن ومعانيه.
وأسباب الهجران كثيرة:
1- من أعظمها نقص التعظيم لله الملك الديان والتفريط في حقوقه.
2- ومنها الجهل في معرفة فضل القرآن وكثرة ثوابه وفوائده.
3- ومنها كثرة الاشتغال بطلب الرزق وكسب المعاش.
4- ومنها الفتنة والاشتغال بالرأي المذموم والفلسفة والكلام الضار.
5- ومنها الفتنة بسماع الغناء والمعازف فإنه من ابتلي قلبه بذلك صرف عن سماع القرآن.
6- ومنها الفتنة بسماع القصائد والشعر والمساجلات الشعرية والروايات الأدبية.
7- ومن أخطرها الإسراف على النفس بالذنوب وتعلق النفس بالشهوات وفتنة الصور.
فينبغي للمؤمن أن يحرص على تلاوة القرآن بالليل والنهار وتدبره وتعقله وأن يكون رفيقا له متصلا به ينهل من حكمه ومعانيه ونوره الذي يغذي قلبه السليم ويصله بمادة الإيمان فتشرق روحه وتزكو نفسه وتصلح جوارحه. قال تعالى مثنيا على المؤمنين بذلك: (يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ). وفي صحيح البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار....).
وينبغي أن يعلم المؤمن أنه إذا كان زمانا يقبل على القرآن يتلوه ويتذوقه ثم صرف عنه فذلك غالبا عقوبة من الله لذنب أصابه وغفلة ألمت به فحرمه الله وأغلق عليه بابا من الخير فليستعتب وليتب وليصلح من حاله ويكثر من الاستغفار حتى يفتح عليه.
فنسأل الله المنان الكريم الجواد أن يفتح علينا ويغفر لنا ويرزقنا تعظيم كلامه وإيثاره على ما سواه وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار.
منقول(صيد الفوائد)
مواقع النشر