ليس من شك أن حمل المرأة وولادتها هو محصل لمقصد شرعي محبوب عند الله: وهو تكثير نسل الموحدين المسلمين، أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا أهم ما ينبغي أن توجه المرأة نيتها إليه في حملها ولأجل ذلك المقصد الذي أشرنا إليه، كان في ذلك الحمل الذي يشق على صاحبته، وتحتمله، فوائد تعود إلى أمه من ورائه، ومنها:
1- الاستعداد النفسي والعلمي للعملية التربوية التي هي أخطر وأعقد العمليات على الإطلاق، يحتسبان فيه تنشئة المولود على الخلق والدين لوجه الله تعالى، ويرجوان أن يكتب الله لهما الأجر والثواب بعمل ابنهما الصالح، ليكون لهما صدقة جارية من بعدهما، وينالان بذلك أجورا عظيمة لا يعلمها إلا الله.
2- المشقة التي تصيب الحامل، من آلام وأمراض وتبعات صحية ونفسية ومادية في أحيان كثيرة: كلها أجور وثواب تكتب للمرأة الحامل، إن شاء الله، فالعبد المسلم يأجره الله على كل ما يصيبه في الدنيا، حتى الشوكة يشاكها يكفر الله بها من خطاياه، فشأن آلام المخاض والحمل أعظم وأكبر
اجر من تاخر حملها.
لها أجْر الصبر بإذن الله، وقد قال الله عزّ وَجَلّ : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .
ولها أجْر ما نَوَت ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ : لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ ، فَقَالَ رَجُلٌ : لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما الدنيا لأربعة نَفَر : عبد رزقه الله عز وجل مالاً وعِلما فهو يتقي فيه ربه ، ويَصِل فيه رَحِمَه ، ويعلم لله عز وجل فيه حقه . قال : فهذا بأفضل المنازل . قال : وعبد رزقه الله عز وجل عِلما ولم يرزقه مالاً ، قال : فهو يقول : لو كان لي مال عملت بِعَمَلِ فلان قال : فأجرهما سواء . قال : وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه عِلما فهو يَخبط في ماله بغير علم ؛ لا يتقي فيه ربه عز وجل ، ولا يَصِل فيه رَحِمه ، ولا يعلم لله فيه حقه ، فهذا بأخبث المنازل . قال : وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا عِلما فهو يقول : لو كان لي مال لَعَمِلْت بِعَمَل فلان . قال : هي نيته فَوِزْرُهما فيه سواء . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وقال الترمذي حديث حسن .
فإذا كانت تتمنى ذلك ولم يحصل لها فإنه يُكتَب لها مثل أجْر ما تمنّت مِن العمل .
والله تعالى أعلم
مواقع النشر