بسْم الله العَظيم ذي الجلال .. وشارعِ الحَرام والحَلال ..
بهِ نعتصُمُ في حُلك الضَلال .. وبدينهِ نرغمُ خياشمَ الضُلال ..
نحمَدهُ سبحانهُ بالعَشيّ والإبكار وكُل غدو وآصآل ..
والصلاة والسلامُ على مُعلم الأجيال , وعَذب الخلال , وكَريم الخصال , محمد صلى الله عليْه وعلى صحبه والآل ..
وبعد ..
حياة المسْـلمين رسَمتها الشريعة وخط لهُم منهجها الله ..
جُعل الإسلامُ فيها حُكمًا وكتابُ الله دسْتورًا وهديُ النبيّ مِنهاجًا ..
, بُنيَت صُروحها بـِ لبنَة من آية , ولبنَةٍ من حَديث ..
{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } .. { إنمَا المؤمنونَ إخوَة } ..
( المسلمُ أخو المسلم لا يظلمُه ولا يحقره ) , ( المسلمُ من سَلم المسلمُون من لسانِه ويَده ) .!
كَرامَة المؤمن مصانه , وحَقه محفوظ , من تتبعَ عورته تتبعُ الله عورته , من خذله في موطِن خذلهُ الله في آخر ..
دينٌ عظيم أعظمَ من أن يسَيرهُ أهلُ الأهواء .. وسماسرة الدنيا وفقَ مُبتغاهُم ..
الذينَ لا هَم لهُم إلا التواطؤَ على أذيَة العلماء والمصلحين .. وتقويضَ أبنية الدعاةِ والمهتدين ..
لكن مهمَا أوتوا من مكْر .. وحاكُوا من خطط .. وألبُوا من أناس ..
فغاية جهد أحَدهم وما يستطيعُ أن يضركَ بهِ هُو وأهلُ الأرض لو اجتمعُوا معَه في صَعيد :
تنفيذ أوامر الله فيك - بإذنه - !
..
يُرومونَ إفسادَ الأمة بأهوائِهم .. ونخرَ مبادئِها كما ينخرُ السُوسُ أسِنة الثغور ..
من خالفهُم ألبوا عليهِ الناس , واسْتعدوا عليهِ الولاة , وصوبُوا إليهِ سهامَ أحرفهم وصُحفهم..
اتباعًا لأهوائِهم السيئَة .. وطلبًا لنيل الشهرَة .. وإنما يصطرعُون لنيل جيفة نتنَة لو أنهُم يعلمون ..
معَ أن سُبل الشهرَة يستطيعُها السالكُ دونما نيْل من العظماء .. ولا تأليب على الضعفاء .. ولا تصيُد للزلاتِ العلماء .!
ولا يزالونَ يشبعونَ جَوعاتهم بمكْر مكَروه , وما تنفكُ سهامهُم تتعاورُ صُروح الأمة , ولا تكلُ أقلامهُم المسمُومة يغشى بأسُها رجالَ الملة ..
لكن /
مهما طال الليلُ وأزدَف .. لا بُد للغيْهَب من سَنًا يغشاهُ ..
ومهما اغدودَن الظلمُ والهمُ أردف .. فلا بُد للضيق من مَخرَج يلقاه ..
هذا وعدُ الله .. والله إذا وعَد لا يخلف الميعاد – سُبحانه - !
..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أكل برجلٍ مسلمٍ أكلة فإن الله يطعمه مثلها في جهنم ، ومن كُسي برجلٍ مسلمٍ ثوباً فإن الله يكسوه مثله في جهنم ، ومن قام برجلٍ مسلمٍ مقام سمعةٍ ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعةٍ ورياءٍ يوم القيامة ( .!
..
وقالَ الحَافظ بن عسَاكر – عليه أندى الرحمات - :
( لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ) .!
..
والمجاهدة في نقضِ أفكار هؤلاء وإظهار زيفِ مناهجهم وهَشاشة مبادئهم من أعظم القرباتِ إلى الله ..
والذب عَن علماءِ الأمة الصالحين .. ودُعاتها المصلحين ..من أعظم ما يزدلفُ بهِ العبد في الدرب إلى الله ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من نصَر أخاهُ بالغيبْ نصرَه الله في الدُنيا والآخرَة ، ومَن حَمى مؤمناً مِن مُنافق بعَث اللهُ له ملكاً يحْمي لحمُه يوْم القيامَة مِن نارُ جَهنم ، ومَن رَد عَن عَرض أخيه رَد الله عَن وجْهه النارَ يَوم القيامَة ، وما مِن امرئ ينصُر مسـلماً في مَوضعٍ ينتقصُ فيهِ مِن عِرضه ، وينتهكُ فيهِ مِن حُرمَته ، إلا نصرَه اللهُ في موطنٍ يحب نصرته ).!
..
والله المسْتعَان .. وعليهِ التكلان .. ولا حَولَ ولاقوَة إلا بالله !
..
العلماءُ ..
روحُ الأمة الزاكية .. وأنفاسُها العَطرة .. وحُصونها الصامدة.. وكَيانهَا المنيع ..
ربانُ سفينة الأمة .. وحُداة قافلتها ..
ومن بين هؤلاء البهاليل العلامة الكَريم / محمد بن صالح المنجد ..
والدٌ جليل .. ومُربٍ عظيم ..
لطالما أفاضَ على الأمَة من بركاتِ علمه كُل خير ..
يعطي عطاًءً جزيلًا دون ما ضن .. ولا يُتبعُه أذىً ولا مَن ..
تشهدُ الفطرُ على صِدق حرصِه .. وحُبه الخير للأمَة .. والنفعَ للأجيال ..
يرقى بطلاب الأمة في معارج والسُمو .. ويُوردهُم هامَ العُلا ..
يُحيي فيهم روحَ العلم .. ويذكي فيهم جَذوة الخير .. ويسقي فسائلَ الإبداع ..
له في القلوب غراسٌ طيبات .. يانعات .. مثمرات .. مورِقات ..
يسقيها من مَعين لا ينضَب علمًا ونصْحًا وتوجيها وتزكيَة ..
ماتكَل نجومهُ في الدواجي تدلُ على سَناها التائهين ..
وما تنفكُ علومه في المرابع تدلُ على خيراتها السالكين !
..
لهُ في كُل رابيَة شذى .. وفي كُل موطِنٍ أثر ..
اسْتمع إليه يبلغ بكَ مفارق الفراقد ويعلو بكَ الشواهق وهو يُحدثكَ عن الله – سُبحانه –
بلغة عَذبة .. مؤثرة .. لا يحبسُ معها الدمعُ ولا التسبيح ..
والحَديثُ عن الله لا يكتنهُه وصْف .. ولا يفي بهِ رصْف ..
يرحلُ بروحكَ إلى حياةٍ علوية .. وآفاقٍ سماوية .. فترى العظيم من حُظوظ الدنيا خسيسَا ..
وسعيرَ المواجع يسيرا .. وعذابَ الفواجع عَذبا ..
- إن يكُن في ذاتِ الله - !
-
وارحَل معهُ إن شئتَ مراحلَ السُنة الزاكيَة .. وانزل منازلَ الأحاديث النبوية ..
تجد علمَا مُجَللا بالبيان الصادق .. وفهمًا يفتقُ الله بهِ الحلك ..
ويدكُ به معاقل الجهل .. ويرفعُ بهِ بيارقَ العلم ..
يشبعُ سغبَ الأمة إلى هذه السُنن .. ويُروي ظمأها إلى تلكَ المواطن !
- تباركَ الذي ألهمَه -
..
أذكُر أني كنتُ أستمعُ إلى مادَةٍ صوتية له قبيل شهر تقريبًا عنوانها – أراهُ- الرؤية والصراط ..
فعملَ في مضغتي عمل السهام النفذ .. وأثر في كياني أثر الهتانِ في الأرضِ اليباب ..
ولبثتُ واللهِ أيامًا ولياليَ وأنا أجدُ أثرَ حديثهِ ذلك ..
صَحيحٌ أنهُ كانَ حَديثًا ذا نوءٍ وشدَة لكنهُ أحياني به – أحياهُ الله - !
..
وعلى طالب العلم أن لا يحرمَ نفسَه من هذا العلم المتدفِق .. وهذا المعين الطيّب ..- أعني علم الشيخ -
ينعشُ به روحَه .. ويملأ بهِ نفسَه همَة ونشاطًا .. وروحَه حيَاةً وانطلاقًا ..
يعلو به العُلا .. ويُجوز الجَوزاء .. ويرقى المراقي ..
ويزدلفُ به إلى اللهُ سبحانه لعلهُ يدنيهِ بهِ منهُ إلى ظلال نعيمِه !
- سيمَا-
أن الشيخ / صالح المنجد – حفظه الله – ممَن مَنّ الله عليهم بالثباتِ على المنهج ..
فكلماتهُ لم تتسَنَه أبدًا , ما زالت تنضحُ بالصدقِ الذي نضحَت بهِ أول مره ..
مازالت تشعُ ضياءً يبلغُ الآفاق !
( نحسَبه كذلكَ والله حسيبهُ ولا نزكي على الله أحدا ) .!
..
اللهمّ .. جَازهِ عنا خيرَ ماجَزيتَ بهِ شيخًا عن طالبه ..
اللهمَ .. ارفعَ ذكرهُ في الدنيا .. وأعظم له الحسْنى في الآخرة ..
وأجزل لهُ العطايا .. وكفر عنهُ الخطايا .. وذلِل لهُ المطايا ..
اللهمّ.. ارفع درجاتِ في الجَنات .. وبَوءْهُ فيها المنازل العاليات ..
اللهمّ ..
اجعلنا من تلامِذته البرَرَة .. و وفقنا للوفاء بحقه ..
وأعفُ عنا ما قصَرنا ..
واغمُرنا بلطفكَ .. وعَفوكَ .. !
آمييين .. آمييين ..
آمين !
ميمونة الهاشمي
مواقع النشر