لا يرفع البلاء إلا الدعاء
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 6

الموضوع: لا يرفع البلاء إلا الدعاء

  1. #1
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    لا يرفع البلاء إلا الدعاء




    لا يرفع البلاء إلا الدعاء


    الحمد لله، الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهرِه، العليم بحال العبد في سرِّه وجهره، يسمعُ أنينَ المظلوم عند ضعف صبره، ويجُودُ عليه بإعانته ونصره، أحمدُه على القدر خيرِه وشرِّه، وأشكره على القضاء حُلوه ومُرِّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [الروم: 25]
    وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جادَ السَّحابُ بقطره، وطلَّ الربيعُ بزهره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

    أما بعد:



    فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أقوى ظهيرٍ، وأوفَى نصيرٍ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون) [آل عمران: 102].



    أيها المسلمون: الزمانُ صُروفٌ تجُول، ومصائِبُ تصُول، ومن نابَته نوبةٌ، وعرَته نكبَةٌ، وغشِيَته بلِيَّةٌ، وحلَّت بساحته مِحنةٌ أو فِتنة، أو تسلَّط عليه ظالمٌ، أو نالَه عدوٌّ مُناوِئ، فليلُذْ بالله تعالى، وليتوكَّل عليه، وليثق بمولاه، وليتحلَّ بعِصمة الصبر، وصريمة الجلَد، وعزيمةِ الاحتِساب، وليتضرَّع بالفألِ الحسَن، والتوبةِ والإنابة، والرجوع إلى الله تعالى.



    ومن لاذَ بالله تعالى هدأَ توجُّعه، وسكَنَ تفجُّعُه، والهلَعُ والجَزعُ لا ينشُران مطويًّا، ولا يرُدَّان حتمًا مقضيًّا، ولا عزاءَ إلا التسليمُ والرِّضا، والصبرُ على ما قدَّر الله وقضَى وكتبَ وأوجبَ وأمضَى.


    أيها المسلمون: أحسنُ الكلام في الشكوَى سُؤال المولَى زوالَ البَلوى، فاستدفِعوا أمواجَ البلاء بالتضرُّع والدعاء، فليس شيءٌ أكرمُ على الله -عز وجل- من الدعاء، وأعجزُ الناسِ من عجِزَ عن الدعاء، ولا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاءُ، فأكثِروا من الدعاء والمُناجاة؛ فإن الله يسمعُ دعاءَ من دعاه، ويُبصِرُ تضرُّع من تضرَّع إليه وناداه، ومن سألَ اللهَ بصدقٍ وضراعةٍ كشفَ عنه بَلواه، وحماه ووقاه وكفاه، وحقَّقَ له سُؤلَه ومُناه.



    وما على الأرضِ مُسلمٌ يدعُو اللهَ بدعوةٍ إلا آتاه الله إياها، أو صرفَ عنه من السوءِ مثلَها، أو ادَّخَر له من الأجرِ مثلَها ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحِمٍ.



    أيها المسلمون: وأنتم ترَون ما حلَّ ببعضِ بلادنا العربية والإسلامية من الأحداث والاضطرابات، والصِّداماتِ والنِّزاعات والمواجهات، والفتن والحُروب، والبلاء العظيمِ والشرِّ المُستطير، لا تغفُلُوا عن التوجُّه إلى الله بصدقٍ وإنابة، والدعاء لإخوانكم بالحفظِ والرعايةِ والصيانة والسلامة من تلك الفتن والشُّرور.



    وليس لنا إذا أحاطَت الحُتوف، ونزلَ الأمرُ المَخوفُ، واشتدَّ الكَربُ، وعظُمَ الخَطبُ إلا اللهُ -جل في عُلاه-، وقد كان سيدُ الخلقِ نبيُّنا وسيدُنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- يدعُو عند الكَربِ بهذه الدعوات: "لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات وربُّ الأرض وربُّ العرش الكريم".


    وحسبُنا الله ونِعمَ الوكيل، قالَها إبراهيمُ -عليه السلام- حين أُلقِيَ في النار، وقال نبيُّنا وسيدُنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- حين قالوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل) [آل عمران: 173].



    فارفَعوا أكُفَّ الضراعة، وتوسَّلوا إلى الله بألوان الطاعة أن يرَحمَ إخوانكم المُستضعفين والمُضطهَدين والمَنكوبين في كل مكان، ادعُوا دعاءَ الغريقِ في الدُّجَى، ادعُوا وأنتم صادقون في الرَّجَا، أن يجعل الله للمُسلمين من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا.



    اللهم اجعل للمُسلمين من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا.



    أيها المسلمون: لا مخرجَ من أزماتنا إلا صِدقُ اللجوء إلى الله تعالى؛ فهو العظيمُ الذي لا أعظمَ منه، والكبيرُ الذي لا أكبرَ منه، والقادِرُ الذي لا أقدرَ منه، والقويُّ الذي لا أقوى منه، العظيمُ أبدًا، حقًّا وصِدقًا، لا يُعصَى كرهًا، ولا يُخالَفُ أمرُه قهرًا، ومن كان الله معه فمعه الجُند الذي لا يُغلَب، والقوةُ التي لا تُرهَب، والعزيمةُ التي لا تذهَب، والعِزُّ الذي لا يُسلَب.



    ومن كان مع الله في السرَّاء والضرَّاء، والشدَّة والرخاء، والعلانية والخفاء، كان مُؤيَّدًا منصورًا، وعادَ عدوُّه مهينًا مدحورًا، صاغِرًا مقهورًا، مُصفَّدًا مأسورًا، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40].



    بارك الله ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البيِّنات والآيات والعِظات والحِكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.



    الخطبة الثانية:

    الحمد لله، الحمد لله بارئ النَّسَم، ومُحيِي الرِّمَم، ومُجزِل القِسَم، مُبدِع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينًا رضيًّا، ونورًا مُضيًّا، أحمده وقد أسبغَ البر الجزيل، وأسبلَ السترَ الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبدٍ آمنَ بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعِه وحِزبه صلاةً وسلامًا دائمَيْن ممتديْن إلى يوم الدين.


    أما بعد:


    فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال: 29].



    أيها المسلمون: يا من تعيشُون في أمنٍ وافِرٍ، ورخاءٍ ظاهِر، وعافيةٍ ضافِية، ونعمةٍ صافِية، يا من دفعَ الله عنكم فتنًا وشُرورًا، وأمرًا كان محذورًا: لا تكونوا ممن عمَّه فضلُ ربِّه فارتدَّ، وأدركَه وابِلُ النِّعَم فاعوَجَّ، لا تكونوا أغفالاً من حُسن الادِّكار، وجليل الاعتِبار، وأحسِنوا مُجاوَرة النِّعمَة؛ فمن غمِطَ النِّعمة استنزَلَ النِّقمة.



    وتعوَّذُوا باللهِ تعالى من زوال نعمته، وتحوُّل عافيته، وحُلول نقمته، واحمَدوا الله مولاكم على ما أولاكم من نعمةِ الأمن والرخاء والاستقرار، وحافِظوا عليها.


    وانظُروا في أحوالكم الدينية؛ كيف فرَّط الكثيرُ منا في الأوامر، ووقعَ في المعاصِي والمخازِي والمناكِر؟!


    وانظُروا في أمرِ الصلاة؛ كيف هجَرَها كثيرٌ من شبابِنا وفتياتِنا، وأهمَلَها كثيرٌ من أبنائِنا وبناتِنا؟!



    وانظُروا إلى المساجِد في صلاة الفجر؛ كيف نامَ أكثرُ الناس عنها، وتساهَلوا فيها، وتسامَحوا فيها، حتى صار ذلك لا يُعدُّ بينهم قدحًا ولا عيبًا.



    وقِيسوا على ذلك عظيمَ ما نحن عليه من الغفلةِ والصُّدود لتعلَموا كم نحن على خطرٍ من عقوبةٍ تحِلّ، وعافيةٍ تزِلّ!


    فاتقوا الله -أيها المسلمون-، وتدارَكوا ما أنتم فيه بالتوبة والإنابة، والتناصُح بينكم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة أولادكم في أمر الصلاة والدين والسلوك والأخلاق.


    عباد الله: إن الله أمرَكم بأمرٍ بدأَ فيه بنفسِه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحَةِ بقُدسه، وأيَّه بكم -أيها المؤمنون- من جنِّه وإنسِه، فقال قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].



    اللهم صلِّ وسلِّم على النبي المُصطفى المُختار، اللهم وارضَ عن خلفائه الأربعة أصحابِ السنَّة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر آلِه وأصحابهِ أجمعين، والتابعين لهم وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.


    اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، ودمِّر أعداءَ الدين، ودمِّر أعداءَ الدين يا رب العالمين.


    اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها وعِزَّها واستقرارَها.

    الشيخ صلاح بن محمد البدير





  2. #2
    مشرفة ركن الديكور والركن الأدبي الصورة الرمزية سوار الذهب *
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    فلسطينية عايشة بالالمانيا
    المشاركات
    5,275
    معدل تقييم المستوى
    75









  3. #3
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24


  4. #4
    إدارية ومشرفة الركن الإسلامي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    19,702
    معدل تقييم المستوى
    10
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    خطبة قيمة مباركة ،، نفع الله بها ،، وكتب اجر شيخنا المبارك ،،

    شكر الله لله لك وغفر لك ياغاليه ،،
    دخول متقطع ،، ارجو المعذره ،،
    نسأل الله العفو والعافيه في الدنيا والاخره
    (رحمك الله ياأبتاه وغفر لك وجعل مأواك جنة الفردوس الاعلى وجمعنا بك فيها )

    للمحتشمات ( أعجبني )
    هذا البهاءُ الذي يزدانُ رونقُـــــــهُ
    فيكن من يا تُرى بالطهـر حلاه ؟
    هل مثلكن نساء الارض قاطبـة
    أم خصكن بهذي الفتنــــةِ الله ؟
    (د. فواز اللعبون )


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الدعاء وقت الرخاء وقبل البلاء
    بواسطة ام سارة** في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 24-04-2017, 12:33 PM
  2. لا يرفع البلاء إلا الدعاء
    بواسطة ام سارة** في المنتدى ركن المواضيع المكررة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-01-2015, 04:03 PM
  3. الدعاء يجلب الخيرات ويستدفع به البلاء
    بواسطة أزهار عبدالرحمن في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-07-2011, 04:45 PM
  4. الدعاء.....ادبه....اوقات اجابته....الصراع بين الدعاء و البلاء
    بواسطة *سارة* في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 20-05-2008, 11:33 PM
  5. أرجو الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء (خاص للكل) ولكم الاجر والثواب في الدنيا والآخره
    بواسطة حلوه الصورية في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 19-01-2007, 08:22 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |