أمي أنا ابنتك
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أمي أنا ابنتك

  1. #1
    مشرفة
    تاريخ التسجيل
    Nov 2015
    المشاركات
    60,653
    معدل تقييم المستوى
    69

    أمي أنا ابنتك

    أحب العزلة والابتعاد عمن حولي. أفضل الاحتفاظ بما يختلج في صدري، ولا أستطيع تفسير دمعة أو شعور حزن أو سعادة بالمختصر، لا أعرف معنى البوح بما أشعر به، أيضاً لا أعلم هل أنا طفله أم بالغة، كل ما أعلمه أنني مراهقة فقط.
    كنت مزاجيةً جداً، كنت على عكس أغلب المراهقات، كنت باردة لست بعصبيه، أميل لحب الحزن والوحدة والكآبة والإحباط، لا أبالي بشيء، ربما أتمنى الموت كثيراً، بل بدأت بالسير لهذا الطريق، رغم أني أعيش وسط عائلة جميلة جداً.
    كانت حياتي سعيدةً لأبعد الحدود، لكن لم أر ذلك إلا في وقت متأخر، وفي طفولتي فقط، كنت أعتقد أن جميع من حولي سيئون، حتى بدأت أخسر الكثير بسبب ذلك، لم أكن أحب الجلوس مع عائلتي، ولا اللعب مع أشقائي، بل لم أحب وجودي معهم، كنت أشعر دائماً أنني شخصاً لا أتناسب مع هذه العائلة، حتى أني فكرت كثيراً في الهروب والابتعاد عمن حولي، شيئا فشيئا بدأت لا أطيع كلام والديّ، وأقوم برفع يدي على إخوتي، لم أكن أبالي بترتيب أو تنظيف، أو حتى الدراسة إلى أن فصلت من المدرسة.
    كنت بعيدة كل البعد عن خالقي، لم يكن شيء في حياتي يهمني، فقط التسلية والترفيه هو ما كان يشغلني، وحتى هذا بدأت أمل منه. انقطعت علاقتي بجميع أصدقائي، وانقطع التواصل بيني وبين عائلتي، التي كنت أعيش معهم في منزل واحد، كانت حياتي عبارة عن أكل ولعب ونوم.
    كبرت كثيراً وأنا كما أنا، لم أحاول أن أتغير قط، ولم أصغ لكلام أمي، ولا لكلام أبي، على الرغم من تلقي الضرب المستمر حتى يئسوا مني، وكانوا يرددون على مسمعي "أكبر خطأ قمنا به هو إنجابك" كنت لا أبالي بما يقولون، قلبي كان ميتاً ولا إحساس فيه.
    بعد مشكلات عدة فارقت عائلتي. قاموا بطردي من المنزل، لكن حتى ذلك لم يحرك فيني أي مشاعر، رغم أنني كبرت كنت أعيش في كذبة، لقد أوهمت نفسي بأنني مازلت مراهقة ولا بأس بما يحصل. أسير في الشوارع لا أعلم إلى أين أذهب، وكان كل ما مررت به مع عائلتي يمر في ذهني كشريط مصور، تعبت كثيراً من السير والتفكير، طوال تلك الفترة كنت أحتفظ بكل شيء يحدث، وبكل ما كان يؤذيني ويؤلمني تلك القصص والأحداث المحزنة، وخصوصاً أني قد أوهمت نفسي بأن كل شيء يجري من حولي حزين وسيء، كل ذلك كنت لا أبوح به لأحد.
    حاولت كثيراً البحث عن عمل، إلى أن وجدت عملاً براتب قليل للغاية، لكن كنت أستطيع العيش به على الأقل، بدأت حياتي تسوء أكثر فأكثر، ووضعي كان مزرياً.
    في أحد الايام كنت أجلس على أحد المقاعد في المتنزه، أفكر في حياتي وحالتي المزرية، وماذا عساي أن أفعل حتى أتت طفلة يرتسم على ملامحها الضجر، قمت بالابتسام لها، اقتربت مني وقالت لي: هل تأتي للعب معي. ابتسمت وقلت لها: ماذا تريدين أن نلعب؟ فكرت، ثم قالت: بما أنك لا تستطيعين الذهاب معي للعب، سأجلس هنا بقربك ونقوم بلعب لعبة ما رأيك؟
    ابتسمت، حسناً أنا موافقه ماذا سنلعب؟
    ضحكت، ما رأيك بلعبة الصراحة، إنها الأنسب وخصوصاً أنني لا أعلم عنك شيئاً، وافقت سريعاً.
    لعبنا هذه اللعبة، وكنت استمتع بها إلى أن سألتني سؤالا لم يرق لي، وقد كانت تسأل عن عائلتي وأين هم؟
    اكتفيت بالرد عليها بأنني كبيرة، ولست بحاجه لهم.
    لعبنا مجدداً، لكنها استوقفتني بسؤال آخر عن عائلتي، لكنها هذه المرة جعلتني أفكر فيه بتمعن شديد "هل كنت سعيدة مع عائلتك هل تحبينهم؟".
    بعد تفكير عميق: بصراحة لا لم أكن سعيدة معهم، برغم من أن حياتي كانت جميلة.
    أكملت يومي معها، وسعدت بالتعرف عليها.
    عدت إلى شقتي الصغيرة التي لم يكن بها إلا مطبخاً صغيراً، وحماماً ضيقاً، وغرفة واحدة ليس فيها إلا سرير واحد، تمددت عليه، وأنا اتذكر قضائي للوقت مع تلك الطفلة، ثم تذكرت سؤالها عن عائلتي وانتقلت من التفكير في يومي مع تلك الطفلة الى عائلتي الذين بدأت بنسيانهم كلياً، جعلتني أعود للتفكير بهم في تلك اللحظة. ونظرت لما كنت أعيشه بمنظار آخر بمنظار ناضجة، لا مراهقة. اكتشفت أخطاءً كان عليّ اكتشافها منذ زمن، لكنني لم أتح لنفسي أي فرصه لتذكرهم، بقيت يومين وأنا أفكر بهذا الموضوع بجدية، وكنت أبكي كلما تذكرتهم، وتذكرت كيف قمت بإنهاء حياتي بيدي.
    وفي اليوم الثالث لي بعد تفكير شديد: ذهبت لذلك المنزل الذي كانت تلك المراهقة تسكنه، لكن مع الأسف لم أستطع معرفة المكان إلا بصعوبة، بدأت بنسيان كل ما يتعلق بالماضي.
    ذهبت للمنزل وعيناي محمرة ووجهي شاحب، وحالتي مزريه جداً، ترددت كثيراً لكني استجمعت قواي، وقمت بطرق الباب بعد عدة دقائق، بدأ الباب المغلق ينفتح شيئا فشيئاً، خرجت مسنة جميلة المظهر، وقبل أن أقوم بإلقاء التحية عليها، قامت بإدخالي فوراً إلى المنزل، وهي تقول لي: ما بك يا ابنتي ما الذي جرى لك؟ لماذا حالتك هكذا؟
    في البداية تهيئ لي أنها عرفت من أكون، ارتميت في أحضانها، وفرحت كثيراً، ربما مرت سنوات عدة لم أفرح هكذا، برغم من ذلك لم أنطق بحرف؛ لأنني كنت لا أعرف بماذا سأبدأ، وماذا سأقول؟ اكتفيت بالبقاء صامتة.
    سحبت تلك المسنة يدي، وقامت بإدخالي إلى غرفة فارغة، تهيئ لي أنها غرفتي القديمة، فلقد كانت مظلمة وغير نظيفة. ما هي إلا دقائق حتى قامت تلك المسنة بتنظيفها، ثم أدخلتني لها، وجعلتني أستحم، ثم قامت بإحضار الملابس والطعام.
    كانت تلك أجمل ليلة قضيتها في حياتي، طيلة تلك الليلة، كنت أقول لها: أمي، لأنني كنت أظن أنها علمت من أكون، وكنت أخشى فتح دفاتر قديمة مغبرة، لكنها جعلتني أبكي بشدة، عندما قامت بسؤالي: من أنت؟ ومن هم أهلك؟ ما بك؟ وما الحالة التي كنت بها؟
    علمت وقتها أنها لم تعلم أنني ابنتها، قامت بلمي واحتضاني، وبصوت حنون: لم أقصد أن أجعلك تبكين، إن لم يكن لك مكان تلجئين إليه، اجلسي معنا فلا مشكلة في ذلك يا ابنتي.
    وفعلاً قمت بالعيش معهم، لكن لم تعلم أمي أنني ابنتها، ولم يعلم أبي أنني ابنته، ولا شقيقاتي إنهن أخواتي، ولا أشقائي علموا بأني أختهم.
    مؤلم، ذات يوم قمت بسؤال أمي عمن يسكن تلك الغرفة التي أسكن بها؟ أجابتني: غلطة عمري.
    لم أستطع التحدث ولا البكاء ولا البوح بشيء لأحد، بقيت أعيش في ذلك المنزل الذي كنت أعيش به طفولتي، وسنوات مراهقتي، إلا أني بقيت محتفظة بذلك السر، "أمي أنا ابنتك لو تعلمين ذلك، المنزل كان منزلي، تلك المراهقة كانت أنا...أحبك"
    بعد إغلاق تلك الدفاتر، لم أقم بفتحها أبداً.

  2. #2
    إدارية ومشرفة الركن الإسلامي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    19,702
    معدل تقييم المستوى
    10
    مؤلمة ..
    الله يعطيك العافيه عزيزتي
    دخول متقطع ،، ارجو المعذره ،،
    نسأل الله العفو والعافيه في الدنيا والاخره
    (رحمك الله ياأبتاه وغفر لك وجعل مأواك جنة الفردوس الاعلى وجمعنا بك فيها )

    للمحتشمات ( أعجبني )
    هذا البهاءُ الذي يزدانُ رونقُـــــــهُ
    فيكن من يا تُرى بالطهـر حلاه ؟
    هل مثلكن نساء الارض قاطبـة
    أم خصكن بهذي الفتنــــةِ الله ؟
    (د. فواز اللعبون )


المواضيع المتشابهه

  1. كيف تعاملين ابنتك المراهقه
    بواسطة بشايم من حلاها في المنتدى الأسرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-05-2019, 12:45 AM
  2. 10 طرق لتحبيب ابنتك بالحجاب
    بواسطة الواثقة بالله2 في المنتدى حواء وطفلها
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-09-2014, 04:34 PM
  3. ابنتك اسلمت ؟؟؟؟
    بواسطة نيتال الشريف في المنتدى استراحة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-09-2009, 04:12 AM
  4. كيف تعودين ابنتك على لبس الحجاب
    بواسطة مزايا في المنتدى المجلس العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 30-12-2008, 03:20 PM
  5. أريد أن أجلس مع ابنتك
    بواسطة نخلة الفردوس في المنتدى المجلس العام
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 22-10-2008, 12:28 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |