المرأة السورية بطولة وسط الركام والنيران
مشاهد مهولة وصفها أمين عام الأمم المتحدة بـ"مسلخ بشري" يجري بمدينة حلب ومعظم مدن سوريا المحاصرة، ونطالع صور النساء تهرعن وسط الأبنية المتهدمة وفرق الإغاثة من المتطوعين، أو نراهن بنشرات الأخبار محملات بما تيسر من مؤونة وبأطفالهن تطلبن الحياة بعيدا عن مدينة الأشباح، وفي طريقهن للمجهول.. وقد نراها جثة لا يبدو منها غير ذراع ممدة من تحت ركام، أو ممدة على أسرّة الجراحة بمشافٍ شعبية، وربما حملتهن الأمواج بمراكب مطاطية بالية وهن مكدسات بالعشرات المتجهين نحو مدينة أوروبية، برغم علمهن بأن نسبة الأمل تكاد تتلاشى وسط برد الشتاء وبحار عملاقة لا ترحم
مأساة حلب وغيرها من المدن السورية قصة يحكيها العالم، وقد أوغل نظام بشار الأسد وحلفاؤه بقتل المدنيين بلا هوادة بزعم مطاردة العناصر الإرهابية، والحق أنهم يطاردون ما بقي من ثوار الحرية ضد نظام مستبد غاشم، وللأسف لم نعد تدهشنا أنباء سقوط براميل متفجرة ومواد كيماوية خطرة يوميا
وقد لعبت المرأة السورية أدوارا بطولية منذ اندلاع الثورة السورية قبل 5 سنوات، وضحت نساء كثيرات بحياتهن ثمنا للحرية، كما تعول النساء أكثر من ثلث الأسر السورية بعد استشهاد آلاف الناشطين ، ووسط القصف المتواصل تضطر المرأة للتحصن بمنزل قد يسقط فوقهم بأي لحظة، وكأن المشهد يحتاج مزيدا من الألم! فنرى سقوط أطفال نتيجة نقص الغذاء والحليب، وهي المساعدات التي تفشل عادة المنظمات الدولية بإيصالها بالكميات والأوقات التي تسعف المحاصرين بحلب الشرقية. وبعض الأطفال يسقطون نتيجة نقص الخدمات الطبية بالمدينة المتأزمة بالحرب. تقول والدة "سارة" : "صعب جدًّا، أن ترى ابنتك تموت تدريجيًّا بين يديك، وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئًا حيال ذلك يأتي الشتاء ليزيد صعوبة حياة الحلبيين وسط أجواء الحرب، وقد اعتاد السوريون خلال الأعوام السابقة على استقبال فصل شتاء قارس في ظل انعدام وسائل التدفئة, إما بسبب الغلاء الفاحش لمادة "المازوت"، أو بسبب انقطاع الكهرباء المستمر الذي تعاني منه البلاد نتيجة الأعطال المتكررة، وهكذا يعيش الشعب السورى منذ أكثر من خمس سنوات وتكون المرأة السورية فى بطولة متصاعدة أمام ما تلاقيه من مصائب فوق كل ذلك تثبت المرأة السورية أن خيارها بالتحدي والنجاح بالحياة نابع من إيمان عميق بالله، ويبدو ذلك بمظهرهن وجوهرهن؛ فالمظهر محتشم عادة، وكلنا يرى بالشارع العربي ذوات الحجاب الأبيض من السوريات، وهناك حرص على تعليم الأولاد قيم الدين وإلحاقهم قدر المستطاع بالتعليم الإلزامي بالدول التي تحط فيها رحال الهجرة لأجل لا يعلم مداه إلا الله.
ربما تعد سماحة المرأة السورية وروحها المثابرة والمتفائلة في آن واحد سر قوتها، فهي قادرة دوما على زرع الابتسامة من حضن الألم.. ولا شك أن النصر مكتوب لها.
مواقع النشر