بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخرج أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ((إن من البيان لسحراً ، وإن من الشعر لحكمة)) ..
ولطالما قلَّبْتُ الطرف في مدلول السحر في البيان .. وتعجبت من ذلك أشد العجب ..
سبحان الله !! عندما تجد الكلام الحسن يأسرك ويأخذك ..بل لربما جعلك تستحسن القبيح وتستقبح الحسن !!
نعم .. إنه سحر البيان ...
قال أحدهم :
إنْ شئتَ قلتَ مِجاجُ النَّحلِ تَمْدَحُهُ ---------------وإنْ تَشأ قلتَ : ذا قَيء الزَّنابيرِ
مدحاً وذماً وما جاوزتَ وصفَهُما ----------------- والقولُ قد يعتريه سوءُ تقديرِ
نعم .. سحر البيان .. يجعلك تقف على اللفظ فتتعجب من معناه ومدلولاته !!
وسأقف معكم بإذن الله تعالى على معنيين ..
سأذكر الأول ، وأحيل الآخر إلى صدى قادم ...
أسألكم : ما تقولن في العور ؟
إن فقد العين مصيبة بلا شك ، لكنها داخلة في دائرة ما يقبح به الإنسان شكلاً ، ولو طفق أحدنا يعدد محاسن العور فلن يستطيع ؛ لأننا نعلم بالمشاهدة والطبع والحسن أن العور صفة نقص ...
ولكن انظروا حينما يصور الشاعر الأمر من زاوية أخرى .. يقول أحدهم :
ما ضرَّ من أهواه عينٌ أصبحتْ ----------مقلوعةً لمحاسنٍ متزايدة
لولا ازداء العالمين بأسرهم ---------------ما ظلَّ ينظرهم بعين واحدة !!
نعم .. يقول : بأنه لما فاق حسنُه وظهر جماله على غيره ، ما ضره أن يكون أعور !! ، ولأجل ما كَمُلَ من أوصافه ازدرى الناس واستحقرهم فكان ينظرهم بعين واحدة ؛ لكماله عليهم لا لنقص فيه ...
إنه سحر البيان ، ومن الشعراء غاوون .. نعوذ بالله من الغاوين ..
مواقع النشر