صاحبتي ذات الهالة
[justify]كنت أرمقها دائماً بين الجموع وابتسامتها المميزة تجمل صفحة وجهها كعادتها دائماً محبوبة من الكل وآية من الجمال فذات مرة كنت أحدث نفسي أنها فتاة لايكاد ينقصها شيء فهي جميلة وحصيفة ومميزة ومع كل ذلك مرحة محببة ومحاطة دائماً بهالة مشرقة من العطاء والبذل كانت كالنحلة في نشاطها وكالنخلة في علوها وشموخها ،
عندما انظر إلى وجهها الجميل الخالي من الأصباغ والمزين فقط بابتسامتها المشعة احدث نفسي أنها لم تتكدر من هموم الحياة ولم تثقل كاهلها متراكمات الإيام من الألام المضنية
عندما تدخل إلى أي مكان تكون مسبوقة بهالة رائعة من كل شيء وتحيط بها الصديقات كاحاطة السوار بالمعصم وكان تلك الهالة تجذبهم إليها ، اكاد أجزم أن الأيام لم تجرؤ يوماً على تكدير ذلك الهدؤء ولم تقوى على رسم تقطيبة اسى على ذلك الجمال العذب وكانت أخلاقها الرائعة تجعلك تجبرين أجباراً على محبتها والتفاؤل بالحياة والتشبث بها
اتفق ذات يوم أن كنت أجلس مجاورة لصاحبة الهالة وكنت شاخصة البصر فيها اتأمل ملامحها واتعجب هل حقاً لم تعرف قسوة الحياة هل ذاقت يوماً ألماً مشرباً بيأس هل حاولت يوماً وباستماته أن تحصل على شيء أم أنها مجابة الطلبات دائماً .
انتبهت لتحديقي المستمر بها دون أن أنتبه لذلك فقالت لي وابتسامتها المميزة تعلوا ثغرها :" لابد انك تتسألين في داخلك فنظراتك لي محملة بالأسئلة قولي ما ترغبين بمعرفته الآن وسوف أجيبك "
خجلت جداً من كلامها وقلت لها :" اسفة على أزعاجك وليس لدي أسئلة فما ترى سأقول"
ضحت ضحكة خفيفة ثم قالت :" ان ما يميزنا نحن البشر والعرب خاصة أن نظراتنا ناطقة فسؤالك لي يدور حول ابتسامتي لا تستغربي معرفتي بذلك اسمعي يا عزيزتي لو ذابت أرواحنا كمداً من ألم يتشربها ولو ذوت ذواتنا فرقاً من عالم ضبابي لم نتمكن من تمييز معالمه فلا يجب أن نجعل ذلك يرتسم على ملامحنا التي لا تخص سوانا لو رسمت على وجهي تقطيبة بوس لن تحل المعضلة بل ستزداد الأمور سوءً فتلك التقطيبة قد تجر خلفها اشياء لا قبل لي بها ، واعلمي أيتها الغالية أنك برسمك ابتسامة عذبه كل حين تكونين وكأنك تعقدين معاهدة صلح مع نفسك "
قلت لها :" ولكنني أكاد أجزم أنك لم تمري بلحظات ضعف ولم تذوي روحك ألماً ولم ينغص هنائتك عارض "
فقالت وابتسامتها تزداد اتساعاً :" لو تعلمين ما أمر به وما قد مررت به سابقاً لما تفوهتي بذلك والله أنني لاقضي ساعات وساعات وانا اسكب العبرات وروحي تتقطع ألماً وصدري يكاد ينطبق من البؤس الذي يتسربله ولكن ليس للناس في ذلك شأن فأحزاني تعنيني وألامي ملكي إلا إذا قررت التخلي عنها ولن اسمح لها في يوم أن تتملكني يجب أن أسعد نفسي وأرضي بلحظات السعادة التي اصنعها دائماً لذاتي لان هنائتي حقاً علي لي وبؤسي يزيد دائماً عندما أملكه ملامحي "
قلت لها :" من منا يستطيع أن يرسم السعادة وهو مكتئب من منا يستطيع أن يخلق الفرحة في روحً مجدبة من الحزن والالم أنه أمر صعب لن يتمكن على فعله إلا شخص منافق يظهر خلاف ما يبطن ، وأعذري صراحتي "
قالت :" صدقتي الأمر صعب ولكنه ليس مستحيلاً ولا يعد ذلك نفاقاً فكيف بي أنافق نفسي أنه أخراج للنفس من قوقعة الحزن وكأنك تخرج برحلة من منزل كئيب حار إلى حقول وبساتين وحدائق وافرة الظلال مخضلة الزهور خلابة المنظر وكأنك كذلك تخرجين من مكان ازرى به لهب النار إلى مكان أخر لم تطله إلسنة النيران ‘كل ما أفعله أنني أرسم ابتسامة تهبني دافعاً للعمل فروح قانطة عاجزه لن تفعل أي شيء برسمي ابتسامة صغيرة على أحد زوايا شفتي أنشل روحي من مكان ملتهب إلى مكان بارد ظليل وكيف اكون أنافق ولم يسألني أحد إذا ما كنت سعيدة أو حزينة فلا أحد يهتم ولكن عندما يرون ابتسامتي تصلهم رسالة دون أن اتكلم أن السعادة ملك للأنسان يفهو يستطيع أن يسعد نفسه في الوقت الذي يريد ويستطيع إيضاً أن يتعسها متى ما أراد "
قلت لها وقد أعجبتني فلسفتها :" وكيف اسعد نفسي وهي ذاوية من الداخل كيف ارسم ابتسامة ادرك انها ستموت بعد لحظات وهي على شفتي ؟"
قالت :" هذا أمر سهل أولاً أعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، ثانياً أعلمي أن ابتلأت العبد أختبار من الله ، وأعلم أيضاً انه على قد رالبلاء يكون الجزاء ، وأعلمي أن كل لحظة تحيينها لن تعود ثانية ، وأعلمي وأعملي بقوله تعالى ( لا تئسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم ) ، وتعلمي القناعة تسعدي "
خرجت من عند صاحبتي ذات الهالة أحدث نفسي بما سمعت وأنا لا أزال أرسم تقطيبة على جبيني وتعلو روحي زفرات يأسه لانني لا أمتلك شيئاً مهماً كانت هي تمتلكة وهو الذي وهبها السعادة لقد كانت تمتلك قوة إيمان تنور لها بصيرتها وتدفعها دفعاً للسعادة .[/justify]
مواقع النشر