بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي في الله
أبناء هذه الملة الطاهرة
ملة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
ملة أولياء الله ورسوله والمؤمنين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب إليكم بكلمات ملؤها حزن أسطرها بمدامع
القلب قبل عبرات العيون في غير هلع ولا جزع
ولكنها رحمة يجعلها الله في قلب من يشاء من عباده
فقد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولده
بنفس راضية ودعتني أم ضياء رحمة الله عليها
ابنة الثلاثين ربيعا تلك المرأة الصابرة المحتسبة
التي كانت مصدر ثبات وقوة لي طيلة سنين خمس
كانت حاصل حياتي معها رحمها الله
فكانت نعم الأخت ونعم الزوجة إذا ذكر الإيمان فهي القدوة
وإذا ذكر الإحسان فهي المثل ، المرأة القوامة طويلة اليد بالصدقة
كم من مرة كان المال يتجمع معها فتدفعه إلي جملة لأتصدق به ،
أو لأشتري بعض الشرائط وأقراص السي دي لأنسخ عليها ما أعجبها
من الخطب والدروس لتوزعها على قريباتها أو النساء في المساجد
التي كنت ألقي فيها الدروس تلك المرأة العفيفة المتسترة ،
التي والله مهما أبلغت في الوصف لدينها ما أراني أوفي قدرها،
كم باتت بمدامع على خذها ساجدة وكم ذكرتها بالله فأجهشت بإخبات
وانتحبت حتى أستصغر نفسي أمامها وأتهمت إيماني أمام إيمانها ،
والله ما سمعت منها يوما كلمة ضجر ولا بطر إذا ضاق الحال ،
ولا رأيت منها إسرافا ولا خيلاء إذ أنعم الله علينا بالسعة بعد الضيق ،
والله ما شممت منها إلا أطيب ريح ، وما خرجت يوما بغير إذني ،
وما قدمت يوما رغبتها على رغبتي .
ماتت حسنة الذكر ، طيبة اللسان ، لينة المعشر رحمة الله عليها
قضت وهي تجري عملية جراحية كانت قبلها ساكنة البدن ، عالية النفس ،
جئت أعظها أن تكثر الاستغفار فوجدتها تستغفر ، وتحمد وتهلل وتكبر ،
ودخلت غرفة العمليات وكان آخر مرة رأيتها على قيد الحياة مشرقة الوجه،
وكان آخر ما سمعت منها ذكر الله .
فلما حان البين وفرق الموت بيني وبينها وجاءني الأطباء وقد رأيت على وجوههم ،
ما لم أكن أريد أن أراه طمعا في بقائها ، وإلفة لطول المكث معها ،
وعلمت أن الله قد أخبر ملك الموت أن يقبض الصابرة إليه ،
فقلت أرجو أن تكون قد انتقلت إلى خير جوار ، ودخلت خير مدخل ، ونزلت
خير منزل فسكنت نفسي ، وقلت لهم كفى دعوني أراها ولا داعي لمقدماتكم ،
ودخلت عليها وقد سجي على وجهها الوضاء بملاءة فرفعته وقبلت جبينها الطاهر
الذي طالما سجد لله حين غفلة الناس ،
وقمت بتغسيلها وتكفينها والحمد لله بنفسي ،
وكما تسترت في الدنيا لم يكشفها الله عند موتها رحمها الله ،
ظللت أغسلها وإني لأكتم العبرات حتى غلبني البكاء
وأنا أسدل الكفن على وجهها ليكون الوداع الذي ليس يطمع في لقاء بعده
دون يوم القيامة ولا حول ولا قوة إلا بالله
رحلت أم ضياء غفر الله لها بعد عامين من المرض مع الصبر وعدم الشكوى
وتذكر المعاد فإني لأرجو أن تكون قد ماتت وليس عليها خطيئة ، وأن تبلغ مرتبة الشهداء بمرضها ،
وأسأل الله أن يرحم ضعفها ، ويغفر ذنبها ، ويغسل حوبتها ، ويقبل توبتها
ويدخلها الجنة مع الأبرار ويسكنها في عليين ويؤمنها يوم الفزع الأكبر
ويعطيها كتابها باليمين والبر على الله ليس ببعيد فإنه هو البر الرحيم
يا رحمن السماوات والأرض ارحم أم ضياء يا أعظم من سئل وأكرم من أعطى
ارفق بأمتك فأنت أهل المغفرة اللهم اعف عنها يا كريم ونجها يا رحمن يا رحيم
اللهم اجمعني بها في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
وإني لفراقك يا زوجتي المخلصة الصابرة البارة يا أم ضياء لمحزون
إنا لله وإنا إليه راجعون
منقولة عن الزوج المكلوم
ترى أخواتي هل منكن من سيذكرها زوجها هذا الذكر بعد موتها ؟؟
هل منكن من قدمت الصالحات في حياتها فيعلي الله ذكرها بعد مماتها ؟؟
البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت
اعملي ما شئت كما تدينين تدانين
هنيئا لك يا أم ضياء رضا زوجك عنك
رحمة الله على أم ضياء وجميع موتى المسلمين
مواقع النشر