[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

هذا موضوع قيم يبين لنا ماقدمه التقدم الحضاري والطفرة الاقتصادية ،من مخاطر تهدد تماسكنا الأسري والاجتماعي ... وكيف أن الشباب مع تحسن أوضاعهم المعيشية صاروا يستغنون عن الوالدين وبالتالي يفتقد الأبناء حنان الأجداد وعطفهم ولطفهم ... ومن جهة أخرى فإن مطالبة هذا الجيل بالعودة لما كان عليه الوضع قبل الطفرة فيه شيئ من الصعوبة ..وحينئذ فلابد من إيجاد الحلول المناسبة التي تخفف من حدة هذا الانفصال الخطير الذي يسير بنا إلى الهاوية التي سقطت فيها المجتمعات الأوربية والغربية ..
اترككم مع هذا التقرير الذي نشرته جريد الرياض السعودية ..

تحقيق - رياض العسافي:

انتشرت مؤخراً ظاهرة استقلال الشباب المتزوجين في بيوت خاصة بهم وتكوين أسر مستقلة وممارسة حياتهم باعتماد كامل على أنفسهم. ومع هذه الاستقلالية تلاشت الأسرة الممتدة التي تضم ثلاثة أجيال متعاقبة فيها جيل الجد والوالد والولد وأصبح الأب والأم يدفعان ثمن انتقال الابن لبيت الزوجية بالعيش لوحدهما أو الانتقال لدار المسنين لقتل وحدتهما ونيل قسط من الرعاية والاهتمام، هذان الوالدان المسنان المهملان سيكونان بعد مرور سنوات على زواج ابنهما جدين ولكنهما جدان لا يعرف أحفادهما عنهما شيئاً ولا ينهلون من حنانهما فيضاً والسبب هجرانهما.. هذا ما يحدث حالياً إذ باتت علاقة الأحفاد بالأجداد شبه مقطوعة في بيوت ومتصلة في بيوت قليلة.
"الرياض" تبحث في أسباب هذه القضية وما أثرها في نفسية الطرفين؟ ولم اختفت تلك الحميمية بين الأحفاد والأجداد؟
الدكتور نايف بن منيف المطيري أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الملك سعود يقول: لا شك أنه حصل تحول كبير في المجتمع السعودي دون أن يمس الثوابت وذلك من خلال عمليات التحديث ومشاريع التنمية المختلفة والانفتاح الاقتصادي وهذا كله بدوره وفر سبل الرفاهية لأبناء هذا الوطن.
ففي الماضي كانت الأسرة السعودية كبيرة وكانت مكونة من جيل أو جيلين أو حتى ثلاثة أجيال تسكن معاً في مسكن واحد ويتعاونون على كسب الرزق لهم ولأسرهم وجميع مواردهم الاقتصادية واحدة وهكذا.
أما اليوم وفي هذه الرفاهية التي يعيشها المجتمع السعودي فقد ظهرت أو وجدت النزعة الفردية وتعاظم دور الأسرة وتحولت معظم الأسر من أسر كبيرة إلى أسر صغيرة الحجم وأصبح المتزوج من الأبناء يحبذ السكن لوحده وأحياناً الأب لا يمانع في ذلك خاصة إذا كان السكن القديم ضيقاً أو صغيراً على الأسرة وأحياناً أهل الزوجة يشترطون سكناً مستقلاً لأبنتهم. وهناك عامل آخر يجعل الأبناء بعيدين عن أهلهم وذويهم وهو عامل الوظيفة أو المهنة حيث يكون الابن في منطقة أو مدينة والأهل في منطقة أخرى فمن المفاهيم التي صاحبت التغير والتمدن مفهوم الحراك الاجتماعي ومنه الحراك الوظيفي أو المهني.
ويرى د. المطيري أنه ليس مستحباً ترك الجد والجدة خاصة إذا لم يكن هناك من يرعاهم ويعيشان لوحدهما والسبب أن قيمنا الأخلاقية وديننا قبل كل شيء يحثنا على احترام والدينا ومنهم الجد والجدة فالشخص الذي لديه وازع ديني قوي لا يمكن أن يترك والديه لوحدهم سواء أكان هذا الوالد أباً أو أماً أو جداً أو جدة ولكن قد يوجد في المجتمع من هم ضعيفو الوازع الديني الذين لا يهتمون بوالديهم والذين أخذوا الجانب السلبي من الحضارة والتمدن ولكن أقولك إن مجتمعنا ما زال بخير وهناك الكثير الذين يقدرون الكبير ويحترمون الصغير.
ويستطرد: لا شك أن تآلف ثلاثة أجيال في بيت واحد يؤدي إلى بث روح الترابط والتماسك الأسري بين الأفراد وغرس الكثير من القيم الأخلاقية التي يتعلمها الجيل الأصغر من الجيل الأكبر ولكن هذه الأجيال الثلاثة كانت تعيش بالأمس معاً عندما كانت الحياة متواضعة والمستوى الاقتصادي ضعيفاً والسكن يسع من يسكن فيه. أما اليوم وفي هذه الرفاهية التي يعيشها المجتمع السعودي بسبب ضيق المساكن بما فيها من أفراد وبسبب حب الاستقلالية والنزعة الفردية وبسبب التغير في السلوك والاستهلاك وبسبب شروط أهل الزوجة!! نادراً ما تجد هذه الأجيال الثلاثة تعيش في سكن واحد.
أما بالنسبة للترابط والتماسك الأسري في المجتمع السعودي فهو ما زال ولو أنه ضعف نوعاً ما وهذا يعود كما ذكرت إلى مفهوم الحراك الاجتماعي والحراك الوظيفي أو المهني.. الخ ونتيجة لذلك اقتصرت رؤية الأقارب لأقاربهم في أوقات متباعدة وخاصة في المناسبات الاجتماعية.
لكن شدد د. المطيري أن المجتمع السعودي ما زال محافظاً على قيمة احترام الصغير للكبير واستشارته وهذه خاصية ينفرد بها المجتمع السعودي كما أنه ما زال يعتبر الجدين نبع القيم والحنان وهذه من ثوابت المجتمع السعودي.

ظاهرة غير مستحبة
من جهته يوضح الأستاذ عبدالله القحطاني الاخصائي الاجتماعي بمجمع الرياض الطبي قائلاً: بدأت في عصر الثمانينات تقريباً طفرة اقتصادية كانت السبب الأول تقريباً في الرغبة بالانفصال مما ساعد على رغبة الكثير تقليد البعض في الخروج والانفصال لكونها في البداية صعبة نظراً للعادات والتقاليد السائدة بذلك الوقت وبأن الأسرة كانت تسمى الأسرة الممتدة والتي يكون فيها رب الأسرة والزوجة والأولاد وأبناء الأولاد أما النوع الثاني وهي الأسرة المنفصلة وهي مكونة من الزوج والزوجة والأبناء فقط.
ومن الظواهر المترتبة على ذلك محاولة انفصال الأبناء مما تسبب في قلة الزيارات والسؤال عن أحوالهم عند البعض وقد يكون هناك حالات شاذة وليست معممة على أفراد المجتمع.
أيضاً يتسبب الآباء أحياناً في اظهار المشكلة باسكان أبنائهم بعيداً عنهم بدون شعورهم بذلك وقد يشعرون بذلك ولكن لا يستطيعون عمل شيء وهناك بعض العائلات قدمت إسكاناً عبارة عن مجمع أو شقق خاصة بالأبناء وذلك لتفادي مشكلة الابتعاد وهذا اعتقد في نظري بأنه حل نموذجي وحضاري يساعد على تماسك الأسرة.
ويضيف عبدالله القحطاني ان ترك الجد والجدة للعيش لوحدهما ظاهرة غير مستحبة خاصة في ديننا الحنيف الذي يحث على التكافل والبر بالوالدين لأن هذا حق من حقوق الآباء على أبنائهم وتركهم يعطي انطباعاً للأبناء بأنهم غير جديرين بالاهتمام بالوالدين مما يترسخ في أذهانهم وقد يسلكون نفس المسلك مع آبائهم بهذه الصورة.
ويكمل أن تآلف ثلاثة أجيال في بيت واحد يؤدي إلى بث روح الترابط معتقداً أن هذا يناسب الماضي أما الحاضر فإن الوضع اختلف حيث يلاحظ بأن كل أسرة لها رغبات وطرق ووسائل عيش تختلف عن الأسرة القريبة منها وذلك لتغير وسائل العصر الحديثة والخط الاقتصادي المختلف من أسرة لأخرى حسب مصادر الدخل والمكانة الاجتماعية المتباينة مع التألق والترابط وقد يكون متصنعاً أحياناً عند بعض الأسر العاجزة أو غير القادرة.
ونبه القحطاني بأنه يلاحظ بأن الجد والجدة في الغالب أكثر حباً وعطفاً من بعض الآباء والأمهات تجاه الأبناء خاصة بهذا العصر حيث إن الآباء أصبحوا أكثر عملاً وانشغالاً عن ذي قبل، أيضاً الأمهات خاصة جيل المعلمات والموظفات حيث تقل درجة العطف والحنان عند البعض وقد يصل ببعضهم إلى ترك الأبناء مع العاملات المنزليات فترة طويلة وهذه مشكلة تحتاج إلى وقفات حيث أصبحن بالفترة الأخيرة عاملات ومربيات بنفس الوقت مما أدى إلى إلغاء دور الأم في بعض الأسر أحياناً ولذا فإن الآباء والأمهات هم الأصل والأساس في وجود الأسرة بعد عناية الله عز وجل فإذا كانت القاعدة على أساس قوي ومتين كان الأبناء ثمرة التربية اليانعة وإذا كانت خلاف ذلك فإنه يشوبها التصدع والتباعد.

قسوة قلوب
راشد سعد يقول: أنا أفضل العيش مع والدي ووالدتي بعد الزواج ولا أرغب أبداً في الانفصال عنهما ولا أحب الاستقلال في منزل خاص بي وزوجتي وأبنائي. فالإسلام وصى بالوالدين عند كبرهما بالرعاية والاحترام وعدم هجرهما ذلك أن الوالدين هما ينبوع الحنان وبئر العطاء بسخاء والحياة لا معنى لها بدونهما.. وأنا أرغب أن يعيش أبنائي وسط جديهما وينهلون منهما العادات والتقاليد الاجتماعية ويتعلمون الكثير عن بلادهم والظروف السائدة أيام جديهما، كما أن الجد والجدة هما أكثر الناس حناناً وتعلقاً بالأطفال ومن الممكن التأثير على الطفل عبر كلمة واحدة تصدر من الجد أو الجدة.. ولكن للأسف نلاحظ هذه الأيام هجر الأبناء لآبنائهم وأمهاتهم حتى إن الأبناء لا يعرفون أي شيء عن أجدادهم ولا يروهم إلا نادراً على الرغم من انهم على قيد الحياة.. والسبب في ذلك ظروف الحياة وقسوة قلوب الأبناء على آباءهم وانشغالهم الدائم في العمل والسفر والتجارة..
لدرجة انهم تركوا آبائهم وأمهاتهم في دار العجزة والمسنين.
ويضيف: لا أعتقد أن جيل اليوم غير قادر على التكيف مع الأجداد والجدات بل إن الجد والجدة استطاعا التأقلم مع البيئة الجديدة والتكيف مع عقلية أبنائهما الذين يعيشون زمن التكنولوجيا ويتكسبون من تطورات تقنيات العصر من كمبيوتر وانترنت وألعاب إلكترونية وغيرها، وقد بلغ حب الجدين لأحفادهما وتفاعلهما معهم انهما يقومان باصطحاب أحفادهما بهدف امتاعهم وتسليتهم.

أفضل المنزل المستقل
سامية أحمد "ربة منزل" تقول: أنا أفضل الاستقلال في منزل خاص بي، فالمرأة بعد الزواج ترغب بنوع من الخصوصية لا تجدها في منزل زوجها وأسرته وهذا حق مشروع للزوجة أن يوفر زوجها لها مسكناً خاصاً بها.. وهذا ما طلبته من زوجي بعد الزواج مباشرة ووافق.. أما الأبناء فلهم كل الحق في زيارة الجد والجدة وبشكل يومي فهما نبع التراث والأصالة وتعلق الأحفاد بهما كبير ولا أفكر أبداً في حرمان الجد والجدة من فرحتهما بأحفادهما.. لكن يظل الاستقلال في منزل الزوجية له سمة خاصة للزوج والزوجة بعيداً عن مشاكل الأسرة.


http://www.alriyadh-np.com/Contents/...e/COV_1346.php
__________________