إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر





أن عمر بن الخطاب ,رضي الله عنه, جلس بين مجموعة من أصحابه، وفيهم جرير بن عبد الله ,رضي الله عنه, وبينما هم جالسون أخرج أحد الحاضرين ريحًا، وأراد عمر أن يأمر صاحب ذلك الريح أن يقوم فيتوضأ، فقال جرير لعمر, يا أمير المؤمنين، أو يتوضأ القوم جميعًا. فسر عمر بن الخطاب من رأيه وقال له, رحمك الله,نِعم السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد أنت في الإسلام,ومعنى الستر, هو إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم,الله سبحانه, سِتير يحب الستر، ويستر عباده في الدنيا والآخرة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يدنو أحدكم من ربه، فيقول,أعملت كذا وكذا, فيقول, نعم, ويقول, عملت كذا وكذا, فيقول, نعم, فيقرره، ثم يقول, إني سترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم)وقال صلى الله عليه وسلم(إنَّ الله ,عز وجل,حيي ستير، يحب الحياء والستر) ومن أنواع الستر,ستر العورات, المسلم يستر عورته، ولا يكشفها لأحد لا يحل له أن يراها,قال الله ,تعالى(والذين هم لفروجهم حافظون, إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم, يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي وما نذر, فقال صلى الله عليه وسلم(احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك)فقال السائل, يا نبي الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض,فقال النبي صلى الله عليه وسلم(إن استطعتَ أن لا يراها أحد، فلا يرينَّها)قال السائل,إذا كان أحدنا خالياّ,فقال النبي صلى الله عليه وسلم(فالله أحق أن يستحيا منه من الناس)وقال النبي صلى الله عليه وسلم(لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة)أما ما تفعله كثير من النساء اليوم من كشفٍ لعوراتهن، وعدم إخفاء زينتهن، وخروج بلا أدب ولا حشمة، بكل سفور وتبرج، فإنما ذلك إثم كبير، وذنب عظيم، والمسلمة الملتزمة أبعد ما تكون عن ذلك, لأنها تصون جسدها وتلتزم بحجابها,ستر أسرار الزوجية,المسلم يستر ما يدور بينه وبين أهله، فلا يتحدث بما يحدث بينه وبين زوجته من أمور خاصة، أمرنا الدين الحنيف بكتمانها، وعدَّها الرسول صلى الله عليه وسلم أمانة لا يجوز للمرء أن يخونها بكشفها، وإنما عليه أن يسترها,قال صلى الله عليه وسلم(إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضِي إلى امرأته، وتفضِي إليه ثم يَنشر,ستر الصدقة, المسلم لا يبتغي بصدقته إلا وجه الله ,سبحانه، لذا فهو يسترها ويخفيها حتى لا يراها أحد سوى الله ,عز وجل، وقد قال الله ,تعالى(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)ستر الرؤيا السيئة, إذا رأى المؤمن في نومه رؤيا حسنة فليستبشر بها، وليعلم أنها من الله، وليذكرها لمن أحب من إخوانه الصالحين، أما إذا رأى رؤيا سيئة يكرهها فليتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من شر هذه الرؤيا، ولا يذكرها لأحد، وليعلم أنها من الشيطان، ولا تضره,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره إن شاء الله)وإذا أراد المسلم أن يستر أخاه،أن يكون الستر وسيلة لإصلاح حال المستور بأن يرجع عن معصيته ويتوب إلى الله ,تعالى، وألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه,وألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت، (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)حث النبي صلى الله عليه وسلم على ستر العورات, فقال(من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة)فهكذا يكون الستر في الآخرة نتيجة لما يقوم به المسلم من ستر لأخيه في الدنيا، والثواب يكون في الدنيا أيضًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم(ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة)والستر ثوابه الجنة, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه، إلا أدخله الله بها الجنة)المسلم إذا فعل ذنبًا فإنه يبادر بالتوبة والاستغفار والندم على فعله, حتى يعافيه الله ويتوب عليه،أما الذين لا يندمون على ذنوبهم بل إنهم يتباهون بالمعصية، فإن هؤلاء لا يعافيهم الله،والذين لا يسترون الناس ويشيعون بينهم الفاحشة، فإن لهم العذاب الأليم من الله تعالى حيث يقول(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)وقال النبي صلى الله عليه وسلم(ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته)


اللهم استرنا فوق الأرض واسترنا تحت الأرض واسترنا يوم العرض.