لماذا لم أكتشف مرضي في مراحله المبكرة؟
د. سامية العمودي
سألني كل من حولي كيف لم تكتشفي الورم مبكراً.. سألت نفسي قبلهم كيف لم أشعر بهذه الكتلة كيف أصاب بسرطان الثدي فلا أعرف في المراحل المبكرة وأنا التي أفحص مريضاتي وأنصحهن بعمل أشعة الماموجرام.. وأجيب على كل من يسألني ويقول كيف وأنت طبيبة يحدث لك هذا.. أقول انه قضاء الله وقدره وأعترف أنني انشغلت بهمومي كأم وبواجباتي تجاه كل من حولي في بيتي وعملي ونسيت نفسي فأهملتها تماما مثل كل أم وكل سيدة فنحن نذكر كل من حولنا عدا أنفسنا.. ولذلك أدعو كل سيدة لعمل الفحص الذاتي كل شهر وعمل فحص أشعة الماموجرام خاصة في ضوء الإحصائيات التي تدل على أن سرطان الثدي هو أكثر الأنواع انتشاراً بين النساء عندنا في المملكة والأخطر من هذا أن 30% من المريضات عندنا تقل أعمارهن عن 40 سنة أي شابات صغيرات في السن مقارنة بـ 7% في الولايات المتحدة والأكثر خطورة من هذا ما حدث معي من اكتشاف المرض في مرحلة تتعدى المراحل الأولى.. وتدل إحصائياتنا هنا في المملكة أن 73% من حالات سرطان الثدي بالمملكة تصل إلى الطبيب في مراحل متقدمة مقارنة بأقل من 30% بالولايات المتحدة مما يقلل من فرصة الشفاء الكامل ونحن شعب نؤمن بالقضاء والقدر لكن هذا لا يعفينا من المسؤولية ففي المسند والسنن واخرجه أيضاً ابن ماجة والحاكم عن أبي خزامة قال: (قلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: هي من قدر الله).
التجربة التي أعيشها تحولت عندي إلى رسالة أقوم بها لدعوة كل الأخوات للمسارعة في اتخاذ الوسائل للاكتشاف المبكر.. وتخاف السيدات من أشعة الماموجرام وترفض بعضهن إجراءها أو إعادتها كما يقلن لي خوفاً من ألمها.. وهي مزعجة بعض الشيء لكنها ليست مؤلمة فقد جربتها بنفسي والأهم أن ألمها البسيط لا يقارن بالمعاناة في حالة الإصابة بالمرض ذاته لا قدر الله.. ولأن وجود أي كتلة صلبة في الثدي قد يستدعي أخذ عينة من الكتلة ترفض بعض الأخوات أخذ العينة اعتقاداً منهن أن أخذ العينة يؤدي إلى انتشار المرض وهذا غير صحيح بالمرة.. وأخذ العينة يتم تحت تأثير مخدر موضعي.. وقد تم أخذ العينة لي من الورم لفحص الأنسجة وكانت لحظة رعب لي لأنني بطبيعي أخاف من الحقن صغيرة كانت أم كبيرة.. وأظن هذا نتاجاً لما يفعله أهلنا بنا عندما كنا صغاراً بتخويفنا بالإبرة (سنعطيكم إبرة إن لم تفعلوا كذا) أو (سيعطيكم الطبيب إبرة) فيصبح الخوف كبيراً لذلك تجدني أرفض ما يقوله الزوج أو الزوجة إذا حضروا للعيادة عندي مع أبنائهم فإذا شاغب الابن قالوا له اجلس بهدوء وإلا فالدكتورة عندها إبرة وهذا أمر أرفضه تماماً.
ولذلك نخاف جميعنا من أمور صغيرة.. ولذلك كان أخذ العينة صعبا نفسياً عليّ لكنه للأمانة لم يكن بالأمر الصعب في الحقيقة وأذكر أن الطبيب الذي أخذ مني العينة كان مرتبكاً من شدة خوفي ولأنه عرف أنني طبيبة وكان من حولي يوصيه بالاهتمام بي فكان أن زاد ذلك من ارتباكه فابتسمت وقلت لنفسي لو قالوا له انني مريضة عادية لكان أفضل. المهم أن أخذ العينة تم بسهولة كبيرة وجزاه الله كل الخير عني وجاءت الفحوصات تؤكد سرطان بالثدي.. كانت الأمور متسارعة جدا لدرجة أنني لم أكن استوعب بدقة كل ما يحدث لي، يوم الجمعة احسست بالورم، ويوم السبت تم عمل الماموجرام والأحد إلى الثلاثاء فحوصات الدم والأشعة المقطعية والنووية للعظام للتأكد من عدم انتشار المرض والحمد الله كانت سليمة فأحسست بأن الله كريم معي وهذا لطف في القضاء وأجمل ما في الموضوع وربما الغريب فيه أن العينة التي تم أخذها وأثبتت إصابتي بسرطان الثدي أخذ العينة هذه كان يوم الثاني عشر من شهر إبريل 12/4/2006م وهو يوم مولدي.
تاريخ ميلادي يصادف تاريخ تأكيد إصابتي لا أعرف ما دلالة هذا ولا معناه لكن لا أنكر أن بداخلي إحساساً أليماً لهذه المصادفة.. هذه هي سلسلة الفحوصات وأقف هنا بعد وضوح التشخيص ومرحلة المرض والله معي ومعكم.
رسالة حب
إصابتي بسرطان الثدي رسالة حب أحملها لكل امرأة لأقول لها لا تنسي الفحص المبكر لاكتشاف الأورام.
مواقع النشر