[align=center]الورد الثامن : حقيقة قصة مريم وعيسى عليه السلام
الآيات من 38- 41 وتقع في الجزء الثالث من القرآن الكريم[/align]
{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } * { فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } * { قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ }
[align=center]مطلوب تدوين الآيات من 38-41 والتقييم حتى مساء الأربعاء [/align]
[align=center]قصة تبشير زكريا بيحيى [/align]
عندئذ تحركت في نفس زكريا الشيخ الذي لم يوهب ذرية تحركت تلك الرغبة الفطرية القوية في النفس البشرية الرغبة في الذرية في الامتداد في الخلف الرغبة التي لا تموت في نفوس العباد الزهاد الذين وهبوا أنفسهم للعبادة ونذروها للهيكل إنها الفطرة التي فطر الله الناس عليها لحكمة عليا في امتداد الحياة وارتقائها هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ; واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار
وكذلك نجدنا أمام حادث غير عادي يحمل مظهرا من مظاهر طلاقة المشيئة الإلهية وعدم تقيدها بالمألوف للبشر الذي يحسبه البشر قانونا لا سبيل إلى إخلافه ; ومن ثم يشكون في كل حادث لا يجيء في حدود هذا القانون فإذا لم يستطيعوا تكذيبه لأنه واقع صاغوا حوله الخرافات والأساطير فها هو ذا زكريا الشيخ الكبير وزوجه العاقر التي لم تلد في صباها ها هو ذا تجيش في قلبه الرغبة الفطرية العميقة في الخلف وهو يرى بين يديه مريم البنية الصالحة المرزوقة فيتوجه إلى ربه يناجيه ويطلب منه أن يهب له من لدنه ذرية طيبة هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فما الذي كان من هذا الدعاء الخاشع الحار المنيب كانت الاستجابة التي لا تتقيد بسن ولا تتقيد بمألوف الناس ; لأنها تنطلق من المشيئة المطلقة التي تفعل ما تريد فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين لقد استجيبت الدعوة المنطلقة من القلب الطاهر الذي علق رجاءه بمن يسمع الدعاء ; ويملك الإجابة حين يشاء وبشرت الملائكة زكريا بمولود ذكر اسمه معروف قبل مولده ; يحيى ; وصفته معروفة كذلك سيدا كريما وحصورا يحصر نفسه عن الشهوات ويملك زمام نزعاته من الانفلات ومؤمنا مصدقا بكلمة تأتيه من الله ونبيا صالحا في موكب الصالحين لقد استجيبت الدعوة ولم يحل دونها مألوف البشر الذي يحسبونه قانونا ثم يحسبون أن مشيئة الله سبحانه مقيدة بهذا القانون وكل ما يراه الإنسان ويحسبه قانونا لا يخرج عن أن يكون أمرا نسبيا لا مطلقا ولا نهائيا فما يملك الإنسان وهو محدود العمر والمعرفة وما يملك العقل وهو محكوم بطبيعة الإنسان هذه أن يصل إلى قانون نهائي ولا أن يدرك حقيقة مطلقة فما أجدر الإنسان أن يتأدب في جناب الله وما أجدره أن يلتزم حدود طبيعته وحدود مجاله فلا يخبط في التيه بلا دليل وهو يتحدث عن الممكن والمستحيل وهو يضع لمشيئة الله المطلقة إطارا من تجاربه هو ومن مقرراته هو ومن علمه القليل ولقد كانت الاستجابة مفاجأة لزكريا نفسه وهل زكريا إلا إنسان على كل حال واشتاق أن يعرف من ربه كيف تقع هذه الخارقة بالقياس إلى مألوف البشر قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر وجاءه الجواب جاءه في بساطة ويسر يرد الأمر إلى نصابه ويرده إلى حقيقته التي لا عسر في فهمها ولا غرابة في كونها قال كذلك الله يفعل ما يشاء كذلك فالأمر مألوف مكرور معاد حين يرد إلى مشيئة الله وفعله الذي يتم دائما على هذا النحو ; ولكن الناس لا يتفكرون في الطريقة ولا يتدبرون الصنعة ولا يستحضرون الحقيقة
كذلك بهذا اليسر وبهذه الطلاقة يفعل الله ما يشاء فماذا في أن يهب لزكريا غلاما وقد بلغه الكبر وامرأته عاقر إنما هذه مألوفات البشر التي يقررون قواعدهم عليها ويتخذون منها قانونا فأما بالقياس إلى الله فلا مألوف ولا غريب كل شيء مرده إلى توجه المشيئة والمشيئة مطلقة من كل القيود ولكن زكريا لشدة لهفته على تحقق البشرى ولدهشة المفاجأة في نفسه راح يطلب إلى ربه أن يجعل له علامة يسكن إليها قال رب اجعل لي آية هنا يوجهه الله سبحانه إلى طريق الاطمئنان الحقيقي ; فيخرجه من مألوفه في ذات نفسه إن آيته أن يحتبس لسانه ثلاثة أيام إذا هو اتجه إلى الناس ; وأن ينطلق إذا توجه إلى ربه وحده يذكره ويسبحه قال آيتك إلا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ويسكت السياق هنا ونعرف أن هذا قد كان فعلا فإذا زكريا يجد في ذات نفسه غير المألوف في حياته وحياة غيره لسانه هذا هو لسانه ولكنه يحتبس عن كلام الناس وينطلق لمناجاة ربه أي قانون يحكم هذه الظاهرة إنه قانون الطلاقة الكاملة للمشيئة العلوية فبدونه لا يمكن تفسير هذه الغريبة كذلك رزقه بيحيى وقد بلغه الكبر وامرأته عاقر
مواقع النشر