تظهر صلة هذه السورة بما قبلها وهي سورة ص من وجهين :
الأول - إنه تعالى ختم سورة ص واصفا القرآن بقوله : "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ " وابتدأ هذه السورة بقوله : " تَنْزِيلُ الْكِتاب
ِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ " فكأنه قيل : هذا الذكر تنزيل ، فهما كالآية الواحدة ، بينهما اتصال وتلاحم شديد.
الثاني - ذكر تعالى في آخر ص قصة خلق آدم عليه السلام ، وذكر في القسم الأول من هذه السورة أحوال الخلق من المبدأ
إلى المعاد ، متصلا بخلق آدم المذكور في السورة المتقدمة . ( التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج )
اشتركت السورتان في بعض المواضيع :ـ
1. مناقشة لعقيدة الوحدانية .
2. جزاء المتقين .
3. مصير المجرمين .
موضوع السورة يقوم على التوحيد ولا شك هو أعظم مطلب ومقصد بعثة الرسل فقامت السورة على التوحيد وذكر التوحيد إما
بالأمر المباشر للعباد بأن يوحدوا الله بتوحيد الألوهية وتوحيد الربوبية أو بالأجر العظيم الذي سوف يترتب على اتباعهم للنبي
صلى الله عليه وسلم والتوحيد وذكر حال المؤمنين والكافرين وضرب الأمثلة للمسلم والمشرك الذي فيه شركاء متشاسكون ذكر
فيه من أدلة التوحيد البراهين التي تبرهن على وحدة الله في الخلق واستحقاقه للعبودية والألوهية وذكر حال الفريقين المؤمنين
والكافرين وختمت السورة كلها بذكر الفريقين الذين يساقون إلى الجنة ويساقون إلى النار .
إن أول ما افتتحت به السورة هو اثبات صفة العلو والفوقية للباري جل وعلا وذلك في خمس آيات منها :
قال تعالى ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم .إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ).
وقال (الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني ...) .
وقال (انا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق ) .
وقال ( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) .
ففي هذه الايات الخمس دلالة واضحة على إثبات علو الله تعالى وأنه فوق المخلوقات جميعها لأن نزول الشيء يكون من أعلى إلى أسفل
صفة العلو والفوقية لله عز وجل : صفة ذاتية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة .
ومن اسمائه ( العلي - الأعلى ـ المتعال).
والعلو ثلاثة أقسام : 1- علو شأن2- علو قهر3- علو فوقية (علو ذات ) .
وأهل السنة والجماعة يعتقدون ان الله فوق جميع مخلوقاته مستو على عرشه في سمائه عاليا على خلقه ، بائنا منهم ، يعلم
أعمالهم ويسمع اقوالهم ويرى حركاتهم وسكناتهم لا تخفى عليه خافية.
مواقع النشر