{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة المطففين: 1-6]

سبب نزول الآية:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما قدم نبي الله صل الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلًا فأنزل الله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فحسنوا الكيل بعد ذلك، وعن هلال بن طلق قال: بينما أنا أسير مع ابن عمر فقلت: من أحسن الناس هيئة وأوفاه كيلًا؟ أهل مكة أو المدينة؟ قال: حق لهم، أما سمعت الله يقول {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}

تفسير الآيات:
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}: المراد به البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس وإما بالنقصان إن قضاهم، أي بالزيادة إن اشترى وبالنقصان إن باع، ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخسار والهلاك وهو الويل بقوله: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}: أي إذا اكتالوا أو اشتروا من الناس يأخذون حقهم بالوافي والزائد، {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}: أي يخسرون إذا كالوا أو وزنوا للناس وقد أمر الله تعالى بالوفاء في الكيل والميزان فقال: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [سورة الإسراء: 35] وقال: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [سورة الأنعام: 152] {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)} [سورة الرحمن: 9]، وأهلك الله قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في المكيال والميزان، ثم قال متوعدًا لهم { أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}: أي ما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر في يوم عظيم الهول كثير الفزع من خسر فيه أدخل نارا حامية؟



وقوله: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}: أي يقومون حفاة عراة غرلًا في موقف صعب حرج ضيق ضنك على المجرم ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه، قال الإمام مالك: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صل الله عليه وسلم قال: «{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه»، وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: «{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} لعظمة الرحمن عز وجل يوم القيامة حتى إن العرق ليلجم الرجال إلى أنصاف آذانهم».

ما يستفاد من الآيات:
1. عدم بخس الناس حقهم في الكيل عند البيع وعند الشراء.
2. يجب أن يعمل المسلم من الصالحات ما يجنبه أهوال يوم القيامة.
3. يوم القيامة من أصعب المواقف التي قد يمر بها الإنسان.
4. يقوم المجرمين من الناس يوم القيامة حفاة عراة في موقف صعب وحرج.