ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيهــا النـــاس اتـقـــوا الله تعـــالى بإصلاح البواطن
والظواهر وتقربوا إلـى ربكم بطيب المقاصد وحسن
السرائر قـال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَـن زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ
مَـن دَسَّاهَا ) وقـــــال ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَذَكَرَ
اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى15 ) سـورة الأعـلى ، فعلق الفلاح
عــلى من زكى نفسه وطهر قلبه من كل خلق سافل
وذكر اسـم ربه فصلى وتحـلى بالفضـائل ، وجعــل
الخيبة والخسارة عــــلـى مـــن دس نفسه فغمسها
بالرذائل ، ما جعل الفلاح لمن زكى نفسه إلا لأنه
عظيــم ، وبحصوله للعبد يتم كل خير عميم .
فــرحم الله عبـــدا اعتز بصلاح قلبه فنقــاه من مرآة
الخلق ، وزكاه بالصدق والإخلاص للحق . نقاه من
العجب والتعاظم والتكبر على الناس ، وحلاه بحلية
التواضع التي هي خير لباس. نقاه من الغش والغل
والحقد وجمله بإرادة الخير والنصح لكل أحد .
نقاه مــن الميل إلى المعاصي وهـو مرض الشهوات
ومــن أمراض الشكوك والريب والشبهـات ، وجمله
بالعقــل الراجح لفعــل الخيـــرات والإقلاع المصمم
الصادق عــن المحرمات ، وسعى في العلوم النافعة
الجالبة لليقين وتحصيل الأدلة الصحيحة والبراهين
فبذلك يتم شفاؤه مــن الأهــواء والأدواء ، وبـذلك
يحصـل فلاحه ويستقيـم عـلى الهدى ولا يحصل له
ذلك إلا بتوفيـق وإعـانـة مـن المولى ، قــال تعالى
( وَلَوْلَا فَضْـلُ اللَّهِ عَلَيْكُـمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنـكُـــم
مِّــنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِــنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَـاءُ وَاللَّهُ
سَمِيـعٌ عَلِيمٌ ) ســورة النــــــور 21
وكــان صـلى الله عليه وسلم يتضرع إلى ربـــه فـي
طلب التقوى وتزكية النفس من كـــل رديء فيقــول
«اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها
أنـت وليهــــا ومـولاها » رواه مسلم .
فحقيق بك أيهــا العبـــد الجـد في تزكية نفسـك لتنال
الفلاح وتستعيـن الله علــى إصلاح قلبك فإنـه الجواد
الفتاح ، فإن الله لا ينظر إلى الصور والأموال ،وإنما
ينظر برحمته إلى القلوب الطاهرة وصادق الأعمال.
المصدر كتاب : الفواكه الشهية في الخطب المنبرية
للشيخ : عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواقع النشر