المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قتلته أحلامه .....



مدى البحر
02-11-2007, 09:27 PM
:454: السلام عليكم ورحمته الله وبركاته


مصطبةٌ ( دكة ) قديمةٌ كان يسابق الشمس إليها وأحياناً تسبقه إليها الشمس .......

سجادةٌ قديمةٌ وأبريق شاي ....وذكريات كثيرة كان يحملها معه إلى هاتيك المصطبة ..

يفرش سجادته القديمة ويسكب بعضاً من الشاي في كوبه ...

وبعضاً من الذكرى ...

ويبدأ باحتساء الشاى والذكرى .....

وتِشرق الشمس فترى أنه قد سبقها فتكتفي بأن تُشرق عليه هو !!!!

وماهي إلا لحظات حتى تدب في الحي الحياة ..

بعضهم يمر من أمامه فيسلم عليه ..

والبعض لايفعل لأنه اعتاد على رؤيته فأصبح لايراه ...!!!!



إذا مر موظفٌ من أمامه تذكر وظيفته ...


وتذكر أنه كم رجاهم أن يمددوا له ...ودون جدوى


التمس


ترجى


توسل


دون جدوى !!!!

دخل على رجلٍ من الكبار يرجوه أن يمدد له فهو لايريد التقاعد ومازال يقوى على العمل ....

ودون جدوى

في نهاية اللقاء نظر الكبير إلى الأكبر وقال له :

لاتأخذ زمنك وزمن غيرك !!!


استأذن من عنده وخرج .....


عاد وفتح الباب وقال له بصوت يكاد يختنق من البكاء والحسرة :


زمني لم أخذه و مازلت لاأعلم من سرقه ..فكيف سأخذ زمن غيري ؟؟؟!!!

وخرج ...


ومن بعدها أصبح موظفاً يسابق الشمس على هاتيك المصطبة .....!!!!



كلما مرت عليه إمرأة تذكر أنه لم يتزوج ...


كم كان يعبث كم كان يلهو ....فعل كل مايفعله المتزوج ولكنه لم يتزوج...!!!

كان يرفض الزواج . ..

كان يخشى .................... ...

فلم يتزوج ...


ومرت الأيام سراعاً ....


وأراد الزواج

فلم يجد من ترضى به !!!!!


إلا بالحرام !!!!!!!!!!!!!


وحرامٌ مدفوع الثمن ومقدماً ......!!!!



كلما مر عليه طفلٌ تمنى أن يكون له... تمنى أن يكون ولده ...

يمسك يده ..

يؤدبه

يحن عليه

ويترك الشمس والمصطبة ...

كان يقضي النهار في مشاهدة ذكرياته أمام عينيه ..

فيضحك ويتبسم ...

أويحزن .... وتدمع عيناه...

ثم يأخذ سجادته وأبريقه ويرحل ويترك المكان للشمس ...


وبعد برهةٍ تتركه الشمس ...


فالشمس لاتريد المصطبة


الشمس تريده هو ......!!!!!!!!!!!!
.
.
.


ذات بدايةٍ وعلى مصطبته ..


رأي سيارة كبيرة تُفرغ أغراضها أمام منزلٍ قديم تركه ساكنوه منذ زمن ...

ونزلت منه أسرة كاملة ..

بينهم فتاة جميلة تضج بالأنوثة والروعة ..وتخفق بالجمال ....

رفع رأسه جهة الشمس ليتأكد أنها مكانها ...

وأنها ليست تلك الفتاة .....!!!

ودخل الجميع إلى هذا المنزل ..


وعاد لتقليب الشاي والذكرى

وعاد لترك المصطبة .. والرحيل ...
.
.
.

كل يومٍ وفي الصباح كانت تخرج الفتاة من أمامه ويظل يرقبها حتى تختفي ... وينتظرها ...وحتى تعود !!!!!!!!!


لم تكن الفتاة تنظرُ إليه ولاتكترث له ولاحتى تشعر به ...

ومرت الذكرى ....

.
.
.
ذات فرحٍ خرجت الفتاة من بيتها ...

وقفت أمام الباب

نظرت جهة موظف المصطبة وأرسلت بسمة ناعمة ساحرة مذهلة ...!!!

شعر برجفة تعتريه وبشعورٍ غريب يتملكه !!!

واختفت كل

والذكرى

والشمس

والمصطبة!!!!!

لم تبق إلا هاتيك البسمة التي لن تقو الشمس يوماً على أن تسبقه إليها ......


وانطلقت الفتاة وكأنها لم تفعل شيئاً !!!


عاد إلى بيته ...

نظر إلى المرآة لأول مرة منذ زمن !!!


رأي أنه قد اشتعل شيبا .....كذاك أحلامه !!!!!


رأى جسمه قد ترهل ... كذاك قلبه !!!


ثيابه مهلهلة ....كذاك نفسيته !!!!


وفي اليوم الثاني نفس الفتاة ...ونفس البسمة ...ونفس النظرة إلى المرآة !!!!!

فقرر أن يطفيء الشيب بالسواد .....

فرتب لحيته وشاربه ..وشعره...... وأغرق كل أبيض منه في السواد !!!

قرر أن يلبس جديداً جميلاً زاهياً ...

ففعل ...

كان وفي كل يوم يخرج مبكراً من منزله ويركض متريضاً ثم إلى منزله يعود ..

يستحم ويسبق الشمس إلى تلكم المصطبة ...

بسجادة جديدة ....

وكوبٍ واحدٍ من الشاي ....

ولم يعد يُحضر الذكرى معه !!!


وينتظر البسمة !!!

وتأتيه أحلى بسمة ...

وما أن تغادر الفتاة

حتى يقلب بدل الذكرى أجمل الأحلام ...


سأتزوجها ...


سأنجب منها ...


ويتذكر عمره فيقول :

أن تصل متأخراً خيراً من ألا تصل .........
.
.
.

ذات قتلٍ

خرجت الفتاة من بيتها وأرسلت نفس البسمة إلا أنها كانت تلك المرة مصحوبة بإشارة خفيفة ....!!!!

لم يعلم معنى تلك الإشارة ...!!!!

ظل في حيرة من أمره ....!!!

حتى عبرت الفتاة الشارع ومرت بجواره ونظرت نحوه وكررت نفس الإشارة ...
وابتعدت ..!!!


فكر ماذا يصنع ؟؟!!


ماذا تُريد ؟؟!!!


وماهي تلك الإشارة ؟؟!!


وقال في نفسه :

اتبعها ...اخشى أن تعتقد أني اتجاهلها فتتجاهلني...

فيتجاهلني ما تبقى من زماني ...وأحلامي ....

قام من على مصطبته ليدركها ....

تحرك خلفها ...

مر بجواره شابٌ جميلٌ يعمل في المحل الذي خلف مصطبته تماماً وتجاوزه ومشى بجوار الفتاة حتى دخلا في شارع فرعي صغير ..


تسمر الرجل في بداية الشارع .... ...ينظر ليموت .....


مر الشاب بجوار الفتاة

وتحدث معها دون أن يلتفت إليها وأخذ منها كيساً صغيراً وأمسك يدها واحتضنها بيده وانصرف مسرعاً ...


(كل البسمات كانت لذاك الذي لايسابق الشمس على مجرد مصطبة !!! ))

ارتجف الرجلُ رجفة قويةً


تصبب عرقاً

كاد أن يسقط على الأرض ...

عاد إلى منزله

وترك السجادة وكوب الشاي والمصطبة ...

في اليوم الثاني ...

احتلت الشمس -ودون منافس - المصطبة ....

فالذي كان يسبقها لن يعود ثانية إليها ...


قتلته أحلامه .....


فلا حلمٌ


ولاذكرى



ولاشمسٌ



ولامصطبة !!!


.
.
.



أحبكم

كاتمة احزاني
02-11-2007, 10:12 PM
قصتك جميله ومؤثرة
مشكورة اختي

مدى البحر
05-11-2007, 01:42 AM
مشكورة على مرورك الجميل