المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بدلة السهرة..................( الجزء الثالث والأخيييييييييييييير)



الفراوله
04-08-2004, 03:13 PM
بدلة السهرة
(الجزء الأخيييييييييييير)
وعملت غاسل صحون في البداية لمدة‏12‏ ساعة كل يوم‏,‏ فما أن استقرت أوضاعي بعض الشيء حتي كان العام الدراسي الجديد قد أقبل وحان موعد العودة‏,‏ فعز علي أن أقطع التجربة في بدايتها‏,‏ واتصلت بأخي استأذنه في البقاء بأمريكا لمدة عام آخر وأطلب منه أن يقدم لي اعتذارا للكلية وأرجوه أن يوافق علي ذلك‏,‏ وبعد إلحاح شديد وافق لكنه حملني أمانة أن أستكمل دراستي أيا كانت الفترة التي أقضيها في أمريكا‏,‏ وإلا فإنه سوف يشعر بأنه قد أجرم في حقي حين وافق علي سفري‏,‏ ووعدته بذلك صادقا‏..,‏ وبكيت حين قال لي إنه يفتقدني ويفتقد صحبتي وضجيجي وحتي مشاكلي‏..‏ وأنه قد أصبح وحيدا تماما بعد سفري‏,‏ وسألته لماذا لاتتزوج يا أخي وقد جاوزت الأربعين‏,‏ وتحسنت الظروف وأصبحت الشقة خالصة لك‏..‏ فوعدني بأن يفكر في ذلك وانشغلت بحياتي الجديدة واستطعت بعد جهد جهيد الحصول علي الاقامة واستقررت في عمل أفضل‏..‏ وانتهي العام الثاني وحان موعد العودة لكني أشفقت علي نفسي من أن أفقد اقامتي بأمريكا إذا عدت‏,‏ فكتبت لأخي أشرح له ظروفي وأرجوه ألا يغضب مني وأطلب منه أن يبعث إلي أوراقي الدراسية مترجمة ومعتمدة من وزارة الخارجية لكي ألتحق بإحدي الكليات في أمريكا وجددت عهدي له بأن أستكمل دراستي مهما كانت الصعوبات‏,‏ وغضب مني أخوتي جميعا لذلك ما عدا أخي الأكبر الذي تسامح معي كالعادة وأرسل إلي أوراقي وجدد طلبه لي بإنهاء دراستي مهما حدث‏.‏ وواصل هو حياته كأعزب وحيد وأرسلت إليه بعض النقود كرد لديونه علي‏..‏ وطلبت منه أن يسدد بها الأقساط المتراكمة عليه ويوسع علي نفسه ببقيتها وسدد أخي ديونه‏,‏ وتنفس الصعداء‏..‏ وتحسنت أحواله‏,‏ واسترحت حين علمت أن أخوتي لا يتركونه وحيدا لفترات طويلة وأنهم يزورونه باستمرار ويدعونه لزيارتهم‏,‏ حبا له وعرفانا بفضله‏,‏ كما ارتبط أخي الكيميائي بزميلة له في أسوان وتزوجها هناك وأقام معها واجتمع أخوتي كلهم في ضيافته بأسوان‏,‏ وشهدوا زواجه وسعدوا به ما عداي للأسف‏,‏ لأني واجهت مشكلة التجنيد وخشيت إذا عدت لمصر ألا أستطيع السفر مرة أخري‏,‏ وتوالت السنون وأخي يعيش وحيدا ولا شاغل له سوي متابعة أحوالنا والاهتمام بأمرنا‏..‏ والجلوس في المقهي في المساء بعض الوقت‏,‏ والقراءة‏,‏ وأداء الفروض الدينية‏,‏ وقد وفيت بوعدي له وحصلت بعد عناء علي شهادة في الكمبيوتر وعملت بعمل جيد وأصبحت لي شقة جيدة وسيارة‏,‏ وجددت رجائي إليه أن يتزوج قبل أن يفوته القطار‏..‏ وأشركت أخوتي في الإلحاح عليه بذلك بعد أن شعرنا بأنه قد زهد الزواج بعد قصته الأولي التي حرم من استكمالها بسبب الظروف القاسية‏,‏ ولكم كانت سعادتي حين تلقيت منه ذات يوم رسالة يقول لي فيها إنه التقي بسيدة مطلقة في الخامسة والثلاثين من العمر ولها طفلة عمرها‏7‏ سنوات‏,‏ وشعر لأول مرة منذ سنوات طويلة بمشاعره تتحرك تجاهها وأنه يفكر في أن يتقدم إليها بعد أن استشعر ميلها إليه‏,‏ واتصلت به هاتفيا وزغردت في الهاتف تعبيرا عن فرحي وسعادتي بذلك وأقسمت عليه برحمة أبينا وأمنا ألا يدع هذه الفرصة تفلت منه‏,‏ وألا يحرم نفسه من السعادة التي يستحقها‏,‏ وأكدت له أنني سأرجع إلي مصر لحضور زفافه بعد غياب نحو عشر سنوات‏,‏ وسأرسل إليه مبلغا كبيرا لإعداد الشقة للزواج وتجديدها وشراء كل ما يلزمه‏,‏ وأرسلت إليه ـ رغم رفضه‏,‏ ومحاولته الاعتذار لي ـ مبلغا مناسبا وقدم له أخي الأوسط هدية مالية مناسبة قبلها منه بعد إلحاح‏.‏ وتم عقد القران في غيابي ووصف لي أخي الأوسط فرحته وفرحة أختينا بسعادة أخينا الأكبر وخجله خلال عقد القران حتي فاض قلبي له بالحب والوفاء وتمنيت لو كنت موجودا معه لأشاركه فرحته‏..‏

وسئل أخي عن موعد الزفاف فأجاب بأنه سيتم حين أستطيع أنا العودة لمصر والخروج منها دون مشاكل مع التجنيد‏,‏ وكانت قد بقيت ثلاثة أشهر لاغير علي السن التي أستطيع فيها تسوية موقفي التجنيدي والسفر لأمريكا دون مشاكل‏,‏ فتأجل الزفاف حتي ذلك الحين ورحت أنا أعد الأيام علي الموعد المنتظر وأستعد له‏..‏ واشتريت بدلة سهرة سوداء لأخي الأكبر‏..‏ ليرتديها يوم الزفاف وأبلغته بذلك واشتريت لنفسي بدلة مماثلة لي وثالثة لأخي الأوسط بناء علي طلبه‏..‏
وحجزت تذكرة السفر بعد‏10‏ أيام فإذا بأخي الأوسط يتصل بي هاتفيا ويقول لي بصوت غريب إن زفاف أخي قد تم تقديم موعده ويرجوني الحضور علي الفور لإدراكه ولو تركت كل شيئ‏.‏

ولم استرح لنبرة صوت أخي في هذه المكالمة‏,‏ وسألته عما إذا كان قد حدث شيء فأجاب بالنفي وألح علي بالحضور لكيلا يفوتني حضور الزفاف ومشاركة أخي مناسبته‏.‏
ووضعت السماعة واعددت حقيبتي وأبلغت العمل باضطراري للسفر وركبت الطائرة عائدا لمصر‏.‏

وفي المطار استقبلني أخي الأوسط واجما‏,‏ فتأكدت ظنوني وسألته عما حدث‏,‏ فإذا به يقول لي إن شقيقنا الأكبر قد فاجأه وهو يستعد لزفافه نزيف في المخ ونقل للمستشفي وهو الآن في غيبوبة منذ يومين‏,‏ وقد رأي من واجبه أن يدعوني للحضور لأراه حتي لا ألومه فيما بعد‏,‏ وانفجرت باكيا في سيارة الأجرة‏,‏ التي تحملنا من المطار وهرولنا إلي المستشفي وأطللت عليه وهو غائب عن الوعي في فراشه وإلي جواره زوجته التي لم يدخل بها بعد وشقيقتانا وزوجاهما‏..‏ وانفجرت مرة ثانية في البكاء وأنا أقبل وجه أخي ورأسه ويديه وقدميه وشقيقتاي تبكيان‏,‏ وتجذبانني إلي خارج الحجرة وأنا أقاومهما وأقول له اشتريت لك بدلة الفرح يا أخي وأريد أن أراك ترتديها‏.‏
وبعد جهد جهيد استسلمت لأخوتي وخرجت إلي قاعة الانتظار‏,‏ ورفضت العودة للبيت لأستريح من عناء السفر وأصررت علي قضاء الليل في القاعة‏,‏ وفي الفجر انتهي كل شيء‏,‏ ورحل أخي الحنون المضحي الصبور المعطاء عن الحياة بغير أن يسعد نفسه ويتزوج وينجب طفلا كما كان يتمني طوال عمره وقبل أن يحقق لنفسه حلم السعادة الذي تمناه طويلا بعد أن حرم من قبل من تحقيق حلمه في أن يصبح مهندسا‏,‏ وضحي به ليعول أخوته ويحميهم من الضياع‏,‏ مات ولما يبلغ بعد السابعة والأربعين من عمره‏,‏ وكأنما قد أنهكه الكفاح والحرمان‏,‏ وطوي صفحة عمره القصير

إنني أكتب إليك هذه الرسالة الآن من مسكننا القديم بالعباسية‏..‏ بعد عشرة أيام من رحيل أخي عن هذه الدنيا الظالمة‏,‏ وأكتب لك وأنا أراه في كل مكان من الشقة‏..‏ وأراه في جلسته علي الكنبة البلدية التي احتفظ بها من الأثاث القديم‏,‏ وكان يمضي وقت الأصيل جالسا فوقها خاصة في السنوات الصعبة يسبح ربه علي مسبحته ويفكر كيف يطعم هؤلاء الأيتام وكيف يكسوهم وكيف يدبر نفقات تعليمهم‏,‏ فإذا طلب منه أحدنا طلبا ابتسم في وجهه وأشار صامتا إلي عينه اليمني ثم إلي عينه اليسري إشارة إلي أن الطلب مجاب إن شاء الله‏..‏ ولعله يكون في ذلك الوقت خاوي الوفاض تماما‏,‏ لكنه سيقترض من زملائه إلي أن يقبض مرتبه‏.‏
إنني أشعر بحسرة شديدة‏..‏ وأشعر بالذنب تجاهه لأنني قد كلفته دائما فوق طاقته‏..‏ وأحزنته بهجرتي وقطعي لدراسة الهندسة برغم سعادته وتفاخره بحصولي علي الشهادة العالية من أمريكا‏,‏ وأتمني لو رجعت الأيام لكي أواصل دراسة الهندسة من أجله وأحقق له أمله في‏,‏ ولا أتركه لوحدته وعزوبيته حتي تلك السن المتأخرة‏..‏ وأنظر إلي بدلة السهرة السوداء المعلقة في غرفته وأبكي واستغفر الله العظيم وأنا اتساءل عن الحكمة في أن يعيش انسان طيب ومضح مثله في حرمان وعناء وكفاح معظم سنوات عمره حتي إذا ابتسمت له الأيام أخيرا ووعدته بالسعادة‏..‏ تنطوي صفحته علي هذا النحو فجأة‏,‏ إنني حزين من أجله وحزين من أجل نفسي لاني أتجرع برحيله اليتم مرتين‏,‏ ولا أدري ماذا أفعل لكي أؤدي له حقه علي وأرد له الجميل‏,‏ وأتخلص من إحساسي بالذنب تجاهه‏.
(منقووووووووووووول)
قصة واقعية مبكية ولكنها تبين ان هناك اشخاص كثيرة تعيش كالشمعة تحترق لتنير درب الآخرين فتحيا القلوب بذكراهم.

سنا البرق
06-08-2004, 02:48 PM
بارك الله فيك

لكن فيه عبارة ودي تغيرينها بتعبير من عندك
وهي ((وأقسمت عليه برحمة أبينا وأمنا ألا يدع هذه الفرصة ))

لأن لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته وأما المخلوق فلا يقسم بغير الله تعالى

الفراوله
06-08-2004, 04:14 PM
حبيبتي سنا البرق
شكراً يا عزيزتي على مداخلتك وحقا القسم بالله وحده ولييس بالمخلوق
ولكن هذه القصة منقولة دون أي تغيير

حفيدة سمية
08-08-2004, 12:31 AM
مشكورة اختي

بس هالجزء لسة ما قريته
اقراه وارد

نور الدنياq8
08-08-2004, 05:13 PM
قوه......
فراولة حبيبتي ما عرفتيني:o

الفراوله
09-08-2004, 06:51 PM
يشرفني معرفتك حبيبتي لكن ......
يا ترى إنت مين؟

عموماً كل أهل الكويت أهل كرم وخير