المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : همـــــــــموم داعيــــة ..



نبض الإخاء
05-08-2004, 02:17 PM
صمت طويل يخيم على ذاتها ، وذهول ووجوم يحوم حول كيانها ،

وقد انزوت لحظاتها تلك في زاوية من زوايا بيتها ، بعد أن هدتها الأحزان ،

وأعيتها المتاعب والآلام ،

لم تدري ما تعمل ، وقد صورت لها آلامها تلك .. كأن الدنيا حلقة صغيرة ممزوجة

بالأسى والحزن وهي تقبع بداخلها ..

نعم هي لا تلام ، فمأساتها جسيمة ، يوم أن تلتفتُ يمنة فترى أفعالاً غريبة

عنها من حيث أنها تخالف أوامر الجبار تمارس علناُ ،

ثم تلتفت يسرة فترى أخرى غيرها لا تقل عنها حرمة ، ثم تنظر إلى تلك البقعة

فتشاهد من يصفق لتلك الأفعال ويحييّها بل ويتشربها من قومها وعشيرتها

وأبناء دينها ،

تستنهض قواها وتهب كالليث في حماسها لتدافع عن دينها ،

ولتحاول انتشال هؤلاء البشر من مستنقعات الهلاك ،

تستخدم طرق شتى.. وقد حملت معها سلاح الصبر والمثابرة ،

فصارت في تلك البقعة كجندي يواجه جيش عرمرم ،

لم تبالي بوحدتها .. وأخذت تعمل جاهدة ما بوسعها ،

وفي ساعةاستراحة لمحارب ، تقف لتتأمل في جيوش الباطل..

فإذا بها ترى غمامة كبيرة منه تغطي بعضاً من مساحة عالمها..

فتخور قواها وترسوا الأحزان على فؤادها .. لتنزوي أسى داخل غربتها ..

مرت عليها ساعات طويلة على تلك الحال ..

وكأنها هي وعقلها في سبات من شدة حيرتها ، ثم فجأة ،

أيقظت عقلها وأخذت تفكر وتتأمل حالها ، ماذا صنعت تلك الساعات ،

وكأنها تريد أن تقنع ذاتها بأن الإنقباع على الأحزان لا يفعل شيئا..

، فهبت بحيوية ونشاط لتخرج من دائرتها تلك ، وفي محاولة لذلك ،

رجعت بمشاعرها إلى الوراء ، إلى هناك في ذلك المجتمع الطاهر..

إلى عصر النبوة وصدر الإسلام ..

إلى سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ..

أخذت تنتقل بروحها وفكرها من موقف إلى آخر..

تلك التي واجهها الحبيب في مسيرته الدعوية ..

كم عجبت من شدة صبره صلى الله عليه وسلم لشدة ما لاقاه ..

كم وكم بكت تأثراً لما عاناه ..

ولكن شدها موقفاً من مواقفه عليه الصلاة والسلام ،

واتستوقفها وهز كيانها ،

يوم أن نظرت في حال النبي الكريم ..

وهو بشر يعتريه ما يعتري البشر من الحزن والحسرة والكمد ،

يدعوا قومه يوما ويحرص على هداهم بل ويستمر...

فيجد منهم الإعراض والنفور ..

فيهبط على قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم الأسى والحزن ..

ويصيبه من الهم والكمد ما الله به عليم لإعراض قومه ..

وفي هذه اللحظات ينزل الوحي من السماء ..

من عند الرحيم الرحمن ، يحمل السلوى للحبيب ،

كي يزيل أحزانه ويخفف آلامه

( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا )

وفي أخرى (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين )

أي لعلك يا محمد مهلك نفسك حزنا على إعراض قومك ،

وفي هذا دعوة للنبي الكريم وتسلية له على أن لا يحزن على قومه ..

ولا يهلك نفسه كمداُ بسبب إعراضهم

(فلا تذهب نفسك عليهم حسرات )،

وذلك رأفة بالحبيب صلى الله عليه وسلم وشدّاُ على عزمه وثباته

واستنهاض قوته وجلده على أمر الدعوة ،

ولأن الحزن لا يصنع شيئا ، ولأن الهداية بأمر الله تعالى يهبها ما يشاء

(إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)،

ولأن مهمة الحبيب صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجه بعده

هي فقط التبليغ والإنذار(فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب )

( فذكر إنما أنتَ مذكر لست عليهم بمسيطر ) ..

ثم عند هذا الحد تقف .. ممتثلة أوامر الله تعالى ..

مدركة أن لو كانت الهداية بيد أحد غير الله لوهبها لأشرف خلقه

محمدعليه الصلاة وسلم ،

وأن الحزن لو يصنع شيئا لما عاتب الله نبيه عليه ،

وأن عليها أن تواصل بلا كلل ولا سئم مهمتها ألا وهي البلاغ والدعوة

فقط .. وأن لا يردنها كثرة الباطل ولاتحجمنها النتائج عن ذلك أياً كانت ،

وأن تعذر إلى الله تعالى بثقة أن الله عز وجل لن يخيب جهدها وعملها

ولو بعد حين ..

وفي أثناء هذه اللحظات تهب عليها نسائم الأمل ..

وترسوا على قاربها طيورالثقة و الفأل ..

وتنهض من جديد بعد هذه الإستراحة لتواصل مسيرة جهادها العظيم ..

سنا البرق
06-08-2004, 02:44 PM
الله لا يحرمنا من هذه النفحات الصادقة

جزاكِ الله خيراً وأحسن اليكِ

موضوع رائع ويستحق التأمل

نبض الإخاء
10-08-2004, 03:48 AM
جزاكِ الله خيــرا أختــــاه ..