زبيدة احمد
28-06-2008, 10:31 PM
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_21177229952.gif
بحث في باب النشوز
http://www.sh11sh.com/sh11sh1/50.gif
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل. اللهم إنا نعوذ بك أن نضِل أو نُضل أو نذِل أو نُذل أو أن نظِلم أو نُظلم أو أن نجهل أو يُجهل علينا.
تطرقنا في الحلقات الماضية عن بعض الطبائع والخصائص لكل من الرجل والمرأة ،ولازلنا نتحدث اخواني اخواتي عن هذه القضية المهمة ، ونستأنف حديثنا في هذا الدرس ونركز بشكل اكثر على جانب مهم جدا من جوانب هذه الطبيعة ونذكر بالخصوص صفة المرأة الصالحة وما يقابلها..ثم نعرج على الرجل، فبدوره يتصف بحظ من هذه الطبيعة..
فهذه الصفة تشمل الرجل والمراة معا..فلا يصح صدورها من المراة ولا يصح صدوره من الرجل دون تمييز..
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_11177231921.gif
ان من طبيعة المؤمنة الصالحة ومن صفتها الملازمة لها بحكم ايمانها وصلاحها ان تكون قانتة.. والقنوت :الطاعة عن ارادة وتوجه ورغبة ومحبة ،لا عن قسر وارغام وتفلت ومعاظلة ..ومن تم قال الله تعالى : قانتات..لان مدلول اللفظ نفسي وظلاله رخية ندية ..وهذا هو الذي يليق بالسكن والمودة والستر والصيانة بين شطري النفس الواحدة..
ومن طبيعتها ايضا ان تكون حافظة لحرمة الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته والاولى بحضوره ..وليس الامر امر رضاء الزوج على ان تبيح من نفسها مالايغضبه هو او ما يمليه عليه وعليها المجتمع اذا انحرف المجتمع عن منهج الله ..بل ان ما لا يباح لا تقرره هي ولا يقرره هو انما يقرره الله سبحانه وتعالى : " بما حفظ الله "
والتعبير القراني لا يقول هذا بصيغة الامر بل هو اعمق واشد توكيدا من الامر انه يقول : ان هذا الحفظ بما حفظ الله هو من طبيعة الصالحات ومن مقتضى صلاحهن وعندئذ تتهاوى كل اعذار المهزومين والمهزومات من المسلمين والمسلمات امام ظغط المجتمع المنحرف ..وتبرز حدود ما تحفظه الصالحات بالغيب بما "حفظ الله" مع القنوت الطائع الراضي الودود..
اما غير الصالحات ..فهن الناشزات..
فماهو النشوز اذا؟؟؟
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_11177231921.gif
تعريف النشوز
من فعل نشز ينشز نشازاوفي اللغة: هو كل شيء ارتفع وعلاوامتنع، فكأن المرأة ارتفعت وتعالت عن حقوقها الواجبة التي فرض عليها إتيانها وامتعنت عن اداءها، وهذا هو معناها في اللغة، وأما في الاصطلاح فالنشوز هو: كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه؛ لسوء عشرته أو عدم ملاءمته فيما بينهما، وهذا التعريف ينطبق عليهما جميعًا.
وأما إذا نظرنا إلى نشوز المرأة: هي معصيتها إياه وعدم إتيانها ما وجب عليها. هذا تعريف نشوز المرأة. فالأول: تعريف لهما جميعًا، والثاني: تعريف للمرأة.
التعريف الثالث هو تعريف للرجل: وهو كراهية الرجل أهله، والخوف من عدم إعطائها حقها، فيبين لها ذلك، فيقول: ليس لك أو لا أريد أن أظلمك، فإن شئت أن أطلقك أو شئت أن أسقط حقوقك.
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_11177231921.gif
الفصل الاول: نشوز المرأة:
ان المنهج الاسلامي لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان وتسقط مهابة القوامة وتنقسم المؤسسة الى معسكرين ..فالعلاج حين ينتهي به الامر الى هذا الوضع قلما يجدي..ولا بد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز قبل استفحاله ،لان مآله الى فساد وتصدع وانهيار لايستقر معه سكن ولا طمأنينة ولا تصلح معه تربية ولا اعداد للناشئين والتي تفضي الى تشردهم فيها والى امراض نفسية وعصبية وبدنية..والله المستعان..
والنشوز بمقتضى تعريفه ومعرفتنا به فهو يشمل انواع من البوادر التي توحي بظهوره.. فعندما يخشى الزوج نشوز زوجته وهو عصيانها وعدم إعطاء حقه الذي فرض عليها، مثل أن تأتي إليه متبرمة أو ليست متجملة أو متثاقلة أو تعطيه حقه من الخدمة فهذا نوع من انواعه، وإذا حصل ذلك فوجب أن يرتب بينهما، وهذا الحكم الشرعي يا أخواني واخواتي من هذا الأمر دليل على أن الرباط بين الزوجين رباط أكيد ورباط وثيق، لا يجوز ولا ينبغي أن يتساهل فيه، ومعنى لا يجوز بمعنى أنه ينبغي أن نعلم أنه حكم شرعي، لا نقول كما كان أهل الغرب يصنعون ويمنعون من أصل الطلاق، فنقول: لا.. إن الطلاق شرعي، لكن لا ينبغي التسرع فيه؛ ولهذا جاء عند الدار قطني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الطلاق لمن أخذ بالساق))، وهو إشارة إلى أن الطلاق بيد الزوج؛ لأنه هو الذي أخذ بالشدة والكرب والنفقة وغير ذلك.
اذا فالامر خطير ولا بد من المبادرة باتخاذ الاجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز ..وفي سبيل صيانة المؤسسة من الفساد والضياع ..وابيح للمسؤول عنها ان يزاول بعض انواع التأديب ..لا للانتقام ولا للاهانة ولا للتعذيب ..ولكن لاصلاح ورأب الصدع في هذه المرحلة المبكرة منه:
((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )) [النساء: 34]
وهذا هو الاجراء الاول: الموعظة والوعظ..وهو عمل تهذيبي ..فهو اولا:يعظها ويذكرها بما له من الحق عليها وعقوبة ترك ذلك منها، مما يدل عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من امرأة تبيت وزوجها غضبان عليها إلا لعنتها الملائكة حتى تصبح))، فهذا يدل على ماذا؟ يدل على أن الرجل يعظها بما له من الحق عليها، وبما أوجب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المعنى الثاني للوعظ:بأنه يبين لها أنها إن استمرت على نشوزها وارتفاعها وعدم إتيان الحق الذي وجب عليها فإن نفقتها والمبيت معها يسقط في ذلك؛ لأنها نشزت والنفقة والكسوة إنما وجبت؛ لأن المرأة سلمت نفسها للزوج ومكنته من نفسها، فإذا لم تمكنه من نفسها فقط سقط حقها، فيبين لها هذا فالوعظ حينئذ يكون من وجهين.
وعليه فانه لا ينبغي للرجل أن يتسرع في حرف الطاء، وترى طا، وترى طالق، وترى كذا، ولا ينبغي له ذلك، ينبغي أن يكون حرف الطاء بعيدًا، قبل ذكر العلاج الرباني والنبوي..
ولكن العظة قد لا تنفع لان هناك هوى غالبا اوانفعالا جامحا او استعلاء بجمال او بمال او بمركز عائلي او باي قيمة من القيم..فتنسى الزوجة انها شريكة في مؤسسة وليست ندا في صراع او مجال افتخار..هنا يأتي الاجراء الثاني ..حركة استعلاء نفسية من الرجل على كل ما تدل به المراة من جمال وجاذبية او قيم اخرى ترفع بها ذاتها عن ذاته..
والمضجع موضع الاغراء والجاذبية التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها فاذا استطاع الرجل ان يقهر دوافعه تجاهها فقد اسقط من يدها امضى اسلحتها وكانت في الغالب اميل الى التراجع والملاينة..على ان هناك ادبا معينا في هذا الاجراء يجب ان ننتبه اليه جيدا ،وهو ان لا يكون هجرا ظاهرا في غير مكان خلوة الزوجين ولا يكون هجرا امام الاطفال فيورث في نفوسهم شرا وفسادا ..ولا هجر امام الغرباء يذل الزوجة ويستثير كرامتها فتزداد نشوزا.. فالمقصود منه لا اذلال ولا افساد ..
والمعنى الثاني للهجر: في الكلام فينبغي ألا يزيد على ثلاث، لما جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالكلام))، قالوا: إن هذا حكم عام بين الزوجين وغيرهما إلا إذا كان الهجر لمصلحة دينية، فيجوز الزيادة على ثلاثة أيام، أما إذا الهجر لمصلحة دنيوية فلا يزيد عن ثلاثة أيام وهذا من الفقه..
ولكن هذه الخطوة قد لا تفلح كذلك..فهل سنترك المؤسسة تتحطم؟؟
ان هناك اجراء اخيروهو الضرب وان كان اعنف بعض الشيء ولكنه اهون واصغر من التحطيم والانهيار:
والذي يجب علينا ان نعلمه انه يمنع ان يكون تعذيبا للانتقام والتشفي ويمنع ان يكون للاهانة والتحقير ويمنع ان يكون للقسر والارغام على معيشة لا ترضاها..وليس المقصود منه الايلام..لأن الرجل إذا رفع يده على المرأة بمجرد الرفع ربما يقع ذلك في قلبها موقعًا فكيف لو ضربها؟ فإن ذلك أشد، ويحدد ان يكون ضرب تأديب غير مبرح مصحوب بعاطفة المؤدب المربي كما يزاول الاب مع ابناءه وكما يزواله المربي مع تلميذه..وان يكون بسواك او غيره والدليل عليه :ما جاء في تفسير هذه الآية قال ابن عباس: بعود من الأراك، وأيضًا قد جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يضرب أحدكم أهله ضرب العبد))، وفي رواية البخاري ضرب الفحل: ((ثم يضاجعها آخر النهار))؛ لأنه لا يليق للرجل أن يضرب ثم يطلب أن تأت المرأة إليه وهي متزينة مبتهجة مسرورة، هذه النفوس تنفر، كما هو معلوم للجميع..
ولهذا الضرب شروط:
الاول: الا يبتدئ به الا بعد الوعظ والهجر..
الثاني: ألا يكون ضربًا مبرحًا شديدًا لتفسير هذه الآية وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها آخر النهار)).
الثالث: يجب عليه أن يتقي الوجه، والمواضع التي يخاف منها الموت، مثل الصدر أو الوجه، فإنه لا يجوز له ذلك، والمشكلة أيها الإخوة أن بعض الأزواج إذا أراد أن يضرب أهله يضربهم على الوجه، وقد نهى الشارع أن يُضرب الكافر على وجهه فكيف بالمسلم؟ فكيف بالزوجة التي بينهما من الوئام وغير ذلك؟!
ومعروف بالضرورة ان هذه الاجراءات كلها لا موضع لها في حالة الوفاق بين الشريكين في هذه المؤسسة الخطيرة ، وانما لمواجهة خطر التصدع والتشتت .وعلى اية حال فالذي يقررها هو الذي خلق وهو اعلم بمن خلق وكل جدال بعد قول العليم الخبير مهاترة..وهو سبحانه وتعالى يقررها في جو وملابسات تحدد صفتها وتحدد النية المصاحبة لها وتحدد الغاية من وراءها ،بحيث لا يحسب على منهج الله تلك المفهومات الخاطئة للناس في عهود الجاهلية حين يتحول الرجل جلادا -باسم الدين- وتتحول المراة رقيق -باسم الدين-او حين يتحول الرجل امرأة وتتحول المرأة رجلا او يتحول كلاهما الى صنف ثالث مائع -باسم التطور في فهم الدين- فهذه كلها اوضاع لا يصعب تمييزها عن الاسلام الصحيح ومقتضياته في نفوس المؤمنين..
وقد احيطت هذه الاجراءات بتحذيرات من سوء استعمالها فور تقريرها واباحتها ..
(( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )) [النساء: 34]
ولهذا فانها تقف عنده متى تحققت الغاية و هي "الطاعة"..وهي طاعة الاستجابة لا طاعة الارغام..فهذه الاخيرة لا تصلح لقيام مؤسسة الاسرة السليمة..
http://www.sh11sh.com/sh11sh1/50.gif
الفصل القادم ان شاء الله في نشوز الرجل ..
يتبع..
فانتظرونا ان شاء الله
اسال الله تعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا
واسال الله تعالى ان يوفقنا الى كل خير وان يتقبل منا صالح الاعمال وان يرضنا عنا ويغفر لنا ويجيرنا من الزلل وينجينا من شياطين الانس والجن وان يبارك لنا وعلينا ويكرمنا بقاءه يارب اللهم ااامين
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded2/3729_01175105463.gif
بحث في باب النشوز
http://www.sh11sh.com/sh11sh1/50.gif
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل. اللهم إنا نعوذ بك أن نضِل أو نُضل أو نذِل أو نُذل أو أن نظِلم أو نُظلم أو أن نجهل أو يُجهل علينا.
تطرقنا في الحلقات الماضية عن بعض الطبائع والخصائص لكل من الرجل والمرأة ،ولازلنا نتحدث اخواني اخواتي عن هذه القضية المهمة ، ونستأنف حديثنا في هذا الدرس ونركز بشكل اكثر على جانب مهم جدا من جوانب هذه الطبيعة ونذكر بالخصوص صفة المرأة الصالحة وما يقابلها..ثم نعرج على الرجل، فبدوره يتصف بحظ من هذه الطبيعة..
فهذه الصفة تشمل الرجل والمراة معا..فلا يصح صدورها من المراة ولا يصح صدوره من الرجل دون تمييز..
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_11177231921.gif
ان من طبيعة المؤمنة الصالحة ومن صفتها الملازمة لها بحكم ايمانها وصلاحها ان تكون قانتة.. والقنوت :الطاعة عن ارادة وتوجه ورغبة ومحبة ،لا عن قسر وارغام وتفلت ومعاظلة ..ومن تم قال الله تعالى : قانتات..لان مدلول اللفظ نفسي وظلاله رخية ندية ..وهذا هو الذي يليق بالسكن والمودة والستر والصيانة بين شطري النفس الواحدة..
ومن طبيعتها ايضا ان تكون حافظة لحرمة الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته والاولى بحضوره ..وليس الامر امر رضاء الزوج على ان تبيح من نفسها مالايغضبه هو او ما يمليه عليه وعليها المجتمع اذا انحرف المجتمع عن منهج الله ..بل ان ما لا يباح لا تقرره هي ولا يقرره هو انما يقرره الله سبحانه وتعالى : " بما حفظ الله "
والتعبير القراني لا يقول هذا بصيغة الامر بل هو اعمق واشد توكيدا من الامر انه يقول : ان هذا الحفظ بما حفظ الله هو من طبيعة الصالحات ومن مقتضى صلاحهن وعندئذ تتهاوى كل اعذار المهزومين والمهزومات من المسلمين والمسلمات امام ظغط المجتمع المنحرف ..وتبرز حدود ما تحفظه الصالحات بالغيب بما "حفظ الله" مع القنوت الطائع الراضي الودود..
اما غير الصالحات ..فهن الناشزات..
فماهو النشوز اذا؟؟؟
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_11177231921.gif
تعريف النشوز
من فعل نشز ينشز نشازاوفي اللغة: هو كل شيء ارتفع وعلاوامتنع، فكأن المرأة ارتفعت وتعالت عن حقوقها الواجبة التي فرض عليها إتيانها وامتعنت عن اداءها، وهذا هو معناها في اللغة، وأما في الاصطلاح فالنشوز هو: كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه؛ لسوء عشرته أو عدم ملاءمته فيما بينهما، وهذا التعريف ينطبق عليهما جميعًا.
وأما إذا نظرنا إلى نشوز المرأة: هي معصيتها إياه وعدم إتيانها ما وجب عليها. هذا تعريف نشوز المرأة. فالأول: تعريف لهما جميعًا، والثاني: تعريف للمرأة.
التعريف الثالث هو تعريف للرجل: وهو كراهية الرجل أهله، والخوف من عدم إعطائها حقها، فيبين لها ذلك، فيقول: ليس لك أو لا أريد أن أظلمك، فإن شئت أن أطلقك أو شئت أن أسقط حقوقك.
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded3/127804_11177231921.gif
الفصل الاول: نشوز المرأة:
ان المنهج الاسلامي لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان وتسقط مهابة القوامة وتنقسم المؤسسة الى معسكرين ..فالعلاج حين ينتهي به الامر الى هذا الوضع قلما يجدي..ولا بد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز قبل استفحاله ،لان مآله الى فساد وتصدع وانهيار لايستقر معه سكن ولا طمأنينة ولا تصلح معه تربية ولا اعداد للناشئين والتي تفضي الى تشردهم فيها والى امراض نفسية وعصبية وبدنية..والله المستعان..
والنشوز بمقتضى تعريفه ومعرفتنا به فهو يشمل انواع من البوادر التي توحي بظهوره.. فعندما يخشى الزوج نشوز زوجته وهو عصيانها وعدم إعطاء حقه الذي فرض عليها، مثل أن تأتي إليه متبرمة أو ليست متجملة أو متثاقلة أو تعطيه حقه من الخدمة فهذا نوع من انواعه، وإذا حصل ذلك فوجب أن يرتب بينهما، وهذا الحكم الشرعي يا أخواني واخواتي من هذا الأمر دليل على أن الرباط بين الزوجين رباط أكيد ورباط وثيق، لا يجوز ولا ينبغي أن يتساهل فيه، ومعنى لا يجوز بمعنى أنه ينبغي أن نعلم أنه حكم شرعي، لا نقول كما كان أهل الغرب يصنعون ويمنعون من أصل الطلاق، فنقول: لا.. إن الطلاق شرعي، لكن لا ينبغي التسرع فيه؛ ولهذا جاء عند الدار قطني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الطلاق لمن أخذ بالساق))، وهو إشارة إلى أن الطلاق بيد الزوج؛ لأنه هو الذي أخذ بالشدة والكرب والنفقة وغير ذلك.
اذا فالامر خطير ولا بد من المبادرة باتخاذ الاجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز ..وفي سبيل صيانة المؤسسة من الفساد والضياع ..وابيح للمسؤول عنها ان يزاول بعض انواع التأديب ..لا للانتقام ولا للاهانة ولا للتعذيب ..ولكن لاصلاح ورأب الصدع في هذه المرحلة المبكرة منه:
((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )) [النساء: 34]
وهذا هو الاجراء الاول: الموعظة والوعظ..وهو عمل تهذيبي ..فهو اولا:يعظها ويذكرها بما له من الحق عليها وعقوبة ترك ذلك منها، مما يدل عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من امرأة تبيت وزوجها غضبان عليها إلا لعنتها الملائكة حتى تصبح))، فهذا يدل على ماذا؟ يدل على أن الرجل يعظها بما له من الحق عليها، وبما أوجب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المعنى الثاني للوعظ:بأنه يبين لها أنها إن استمرت على نشوزها وارتفاعها وعدم إتيان الحق الذي وجب عليها فإن نفقتها والمبيت معها يسقط في ذلك؛ لأنها نشزت والنفقة والكسوة إنما وجبت؛ لأن المرأة سلمت نفسها للزوج ومكنته من نفسها، فإذا لم تمكنه من نفسها فقط سقط حقها، فيبين لها هذا فالوعظ حينئذ يكون من وجهين.
وعليه فانه لا ينبغي للرجل أن يتسرع في حرف الطاء، وترى طا، وترى طالق، وترى كذا، ولا ينبغي له ذلك، ينبغي أن يكون حرف الطاء بعيدًا، قبل ذكر العلاج الرباني والنبوي..
ولكن العظة قد لا تنفع لان هناك هوى غالبا اوانفعالا جامحا او استعلاء بجمال او بمال او بمركز عائلي او باي قيمة من القيم..فتنسى الزوجة انها شريكة في مؤسسة وليست ندا في صراع او مجال افتخار..هنا يأتي الاجراء الثاني ..حركة استعلاء نفسية من الرجل على كل ما تدل به المراة من جمال وجاذبية او قيم اخرى ترفع بها ذاتها عن ذاته..
والمضجع موضع الاغراء والجاذبية التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها فاذا استطاع الرجل ان يقهر دوافعه تجاهها فقد اسقط من يدها امضى اسلحتها وكانت في الغالب اميل الى التراجع والملاينة..على ان هناك ادبا معينا في هذا الاجراء يجب ان ننتبه اليه جيدا ،وهو ان لا يكون هجرا ظاهرا في غير مكان خلوة الزوجين ولا يكون هجرا امام الاطفال فيورث في نفوسهم شرا وفسادا ..ولا هجر امام الغرباء يذل الزوجة ويستثير كرامتها فتزداد نشوزا.. فالمقصود منه لا اذلال ولا افساد ..
والمعنى الثاني للهجر: في الكلام فينبغي ألا يزيد على ثلاث، لما جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالكلام))، قالوا: إن هذا حكم عام بين الزوجين وغيرهما إلا إذا كان الهجر لمصلحة دينية، فيجوز الزيادة على ثلاثة أيام، أما إذا الهجر لمصلحة دنيوية فلا يزيد عن ثلاثة أيام وهذا من الفقه..
ولكن هذه الخطوة قد لا تفلح كذلك..فهل سنترك المؤسسة تتحطم؟؟
ان هناك اجراء اخيروهو الضرب وان كان اعنف بعض الشيء ولكنه اهون واصغر من التحطيم والانهيار:
والذي يجب علينا ان نعلمه انه يمنع ان يكون تعذيبا للانتقام والتشفي ويمنع ان يكون للاهانة والتحقير ويمنع ان يكون للقسر والارغام على معيشة لا ترضاها..وليس المقصود منه الايلام..لأن الرجل إذا رفع يده على المرأة بمجرد الرفع ربما يقع ذلك في قلبها موقعًا فكيف لو ضربها؟ فإن ذلك أشد، ويحدد ان يكون ضرب تأديب غير مبرح مصحوب بعاطفة المؤدب المربي كما يزاول الاب مع ابناءه وكما يزواله المربي مع تلميذه..وان يكون بسواك او غيره والدليل عليه :ما جاء في تفسير هذه الآية قال ابن عباس: بعود من الأراك، وأيضًا قد جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يضرب أحدكم أهله ضرب العبد))، وفي رواية البخاري ضرب الفحل: ((ثم يضاجعها آخر النهار))؛ لأنه لا يليق للرجل أن يضرب ثم يطلب أن تأت المرأة إليه وهي متزينة مبتهجة مسرورة، هذه النفوس تنفر، كما هو معلوم للجميع..
ولهذا الضرب شروط:
الاول: الا يبتدئ به الا بعد الوعظ والهجر..
الثاني: ألا يكون ضربًا مبرحًا شديدًا لتفسير هذه الآية وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها آخر النهار)).
الثالث: يجب عليه أن يتقي الوجه، والمواضع التي يخاف منها الموت، مثل الصدر أو الوجه، فإنه لا يجوز له ذلك، والمشكلة أيها الإخوة أن بعض الأزواج إذا أراد أن يضرب أهله يضربهم على الوجه، وقد نهى الشارع أن يُضرب الكافر على وجهه فكيف بالمسلم؟ فكيف بالزوجة التي بينهما من الوئام وغير ذلك؟!
ومعروف بالضرورة ان هذه الاجراءات كلها لا موضع لها في حالة الوفاق بين الشريكين في هذه المؤسسة الخطيرة ، وانما لمواجهة خطر التصدع والتشتت .وعلى اية حال فالذي يقررها هو الذي خلق وهو اعلم بمن خلق وكل جدال بعد قول العليم الخبير مهاترة..وهو سبحانه وتعالى يقررها في جو وملابسات تحدد صفتها وتحدد النية المصاحبة لها وتحدد الغاية من وراءها ،بحيث لا يحسب على منهج الله تلك المفهومات الخاطئة للناس في عهود الجاهلية حين يتحول الرجل جلادا -باسم الدين- وتتحول المراة رقيق -باسم الدين-او حين يتحول الرجل امرأة وتتحول المرأة رجلا او يتحول كلاهما الى صنف ثالث مائع -باسم التطور في فهم الدين- فهذه كلها اوضاع لا يصعب تمييزها عن الاسلام الصحيح ومقتضياته في نفوس المؤمنين..
وقد احيطت هذه الاجراءات بتحذيرات من سوء استعمالها فور تقريرها واباحتها ..
(( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )) [النساء: 34]
ولهذا فانها تقف عنده متى تحققت الغاية و هي "الطاعة"..وهي طاعة الاستجابة لا طاعة الارغام..فهذه الاخيرة لا تصلح لقيام مؤسسة الاسرة السليمة..
http://www.sh11sh.com/sh11sh1/50.gif
الفصل القادم ان شاء الله في نشوز الرجل ..
يتبع..
فانتظرونا ان شاء الله
اسال الله تعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا
واسال الله تعالى ان يوفقنا الى كل خير وان يتقبل منا صالح الاعمال وان يرضنا عنا ويغفر لنا ويجيرنا من الزلل وينجينا من شياطين الانس والجن وان يبارك لنا وعلينا ويكرمنا بقاءه يارب اللهم ااامين
http://www.graaam.com/vb/up/uploaded2/3729_01175105463.gif