المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعني أعاتبك يا أبي هذه المرة



حبيبة السعوديه
22-11-2004, 05:14 PM
بقلم الشيخ / عبدالرزاق المبارك






اسمح لي يا أبتي بكلمة عتاب أرتقي بها إلى مقامك الغالي وأبثها من مكمنك الغالي في نفسي فيكفي أنك الخيمة التي بها استظل والعماد الذي به يقوم أودي ... فهذه كلمة لم أحدثك بمثلها من قبل ، فمن أنا حتى أقف أمامك سوى أني قطعة منك ولك وزينة من زينة الدنيا التي اسُتحفظت عليها واستأمنت ...
وإنما اسمي امتداد لاسمك وما أنا إلا ولد صالح يدعو لك!! أو ... (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) .


إنما أنا قرة عينك وريحانة فؤادك ، فهل فكرت يا أبتي في تربية ولدك؟ ومن هم أصحابه وخاصته ومن يروح معهم ويغدو؟ وهل سألت عن صلاته إن كان يحسنها ويعرف شروطها وأركانها وإن كان يقيمها في أوقاتها مع جماعة المسلمين! هل سألته مرة كم يحفظ من كتاب الله؟ ومن قدوته ومثله الأعلى وماهي أهدافه في هذه الحياة وطموحاته!


هل تذكرُ يا أبتي؟ أتذكر ذلك اليوم عندما خرجتُ وإياك من المسجد في جمعة من الجمعات ولكنا قلوب مفعمة بالإيمان الذي استقر في معتقدنا أنه يزيد وينقص ، يزيد بزيادة الطاعة وينقص بضدها . وهدوء السكينة وراحة الطمأنينة التي رأيتُ فيها عينيك تذرفان من خشية الله ربما لأول مرة ... ووالله إن ذلك الموقف كان أحبَّ إلي من جوائز الدنيا الغالية وبهارجها وزينتها الغرَّارة وأحبَّ إليّ من كل اللعب التي امتلأت بها غرفتي حتى كدت ألا أجد فيها لكتاب مفيد - وكم أحببتُ يوم الجمعة ليس لأنه عيدنا نحن المسلمين وأنه يوم عظيم وحسب بل لأنه ربما كان اليوم الوحيد الذي أجد فيه الفرصة للتحدث معك وأن أركب بجانبك في السيارة أحدثك وتحدثني ومعنا أخواي اللذان يصغراني جالسين في الكرسي الآخر


أبتي : أنت لاتعرف قيمة هذه الدقائق التي نقضيها معك ... لاتدري مقدار الفخر الذي نشعر به والاعتزاز وأنت تعاملنا مثل الرجال وتحاورنا وتلاطفنا وتتجاذب معنا أطراف الأحاديث وأحياناً نتسابق أنا وأخوتي في رسم الابتسامة على محياك العزيز على نفوسنا بذكر آخر الطرف المسلية علَّها تنال استحسانك ... وإن أنس شيئاً يا أبتي لا أنس كلماتك الحارة في الدعاء والثناء على الشيخ في ذيََّاك اليوم عندما حدثنا في الخطبة عن أهمية تربية الأبناء ودور وسائل الإعلام وخطر القنوات الفضائية ، وبيَّن فتوى أهل العلم في تحريم كل وسيلة يغلب الشر فيها على الخير ، واستدل بالأدلة الواضحة التي لا مجال للجدال فيها ، فذكر قول ربنا عز وجل "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" ، وكيف أن الله تعالى علق علة التحريم بغلبة الإثم فيهما على النفع حتى اشتق من هذه الآية قاعدة المصالح والمفاسد عند علماء الفقه ... ثم ذكر خطيبنا فيما ذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم "مامن عبد ي سترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" ... وأقسم لك يا أبتي أني أخاف عليك وعلى والدتي من هذه الوعيد الشديد ... وقد سمعتك يا أبي مرات تقول فيها إنك جئتَ بهذا الجهاز لمتابعة الأخبار ولكني أؤكد لك نيابة عن أخوتي أننا لا نتابع الأخبار ولا نهتم بالأخبار ولا بما حدث وراء البحار ... وأنا أذكر يوم قلتَ لي بالحرف الواحد عندما سألتُك عن حكمه موافقاً لما قال الشيخ مثنياً ومثلثاً ومؤكداً .


إذن فما بالك الآن يا أبتي تترك لنا الحبل على الغارب تدخل وتخرج من البيت وترانا متحلقين في أوقات الصلاة نتابع كل ما يضر ولا ينفع ولا نراك تحرك ساكناً ... وحتى إننا صرنا ننشغل عن مراسم الاستقبال لك والتشييع التي كنا نقوم بها طواعية عند قدومك وقبيل مغادرتك للمنزل ... وها أنت ترى آثار هذه الثقافة الغربية على مجتمعنا والتي نتلقاها من خلال هذه الشاشة على أشكالنا وأفكارنا ، وقد صرنا نقول مالم نقل من قبل ونفعل ... وأنت ترى تأثير ذلك على أخيَّاتي الصغيرات أيضاً وعلى حيائهن ولباسهن ... وهاهي الروابط الحميمة أخذت تضعف فيما بيننا فليس لدينا وقت نضيعه في الود وصلة الأرحام فكل الوقت للشاشة حتى وقت اجتماع الأسرة على الطعام .


من أين يا أبي تظن أننا نتعلم الخير؟ وكيف تريدنا أن نقتدي بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته ونحن نتغذى على عادات الكفار وأخلاقهم صباح مساء؟ فإنك لاتجني من الشوك العنب .


أبي الغالي: ونحن نشهد لك على حرصك على أن تستجيد لنا اللباس والأثواب وتستطيب لنا الطعام والشراب وهذا عمل أنت عليه بإذن الله مأجور ومشكور ... ولكن هل فكرَّتَ في غذاء أرواحنا والإيمان الذي جفت ينابيعه فينا أو كادت؟ وحتى عندما جاءت أمي مشجعة إياك وطالبة منك تسجيلنا في حلقات تعليم القرآن اعتذرتَ في هاتيك الليلة أنك على موعد مهم لا يمكن تأجيله ... ثم نسيتَ الأمر أو شغلتَ عنه على أهميته لمستقبل فلذات كبدك ، حتى خبت جذوة الحماس عند أمي أو أنه شغلت مثلك أيضاً .


وختاماً أدعوك إلى أن تتبصر فيما جاءت في رسالتي هذه التي تجرأتُ على مضض أن أكتبها لك ... فاتق الله فينا يا أبتي وتذكر النذارة النذارة ... "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" .

التوقيع

ابنك المشفق



السلام عليكم ورحمة الله

أمل الأمه
22-11-2004, 06:12 PM
شكراً لك اختي الكريمه على هذا المقال