شهيددة فلسطين
06-09-2008, 11:07 AM
الورد السادس: الصرا ع بين الجماعة المسلمة وعقيدتها وبين أهل الكتاب والمشركين وعقائدهم
الآيات من 28-32 وتقع في الجزء الثالث من القرآن الكريم
لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }
مطلوب تدوين الآيات من 28-32 والتقييم حتى مساء الإثنين
حرمة موالاة الكفار
هذه اللمسة تؤكد الاستنكار الذي سبق في الفقرة الماضية لموقف الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ثم هم يتولون ويعرضون عن التحاكم إلى كتاب الله المتضمن لمنهج الله للبشر بينما منهج الله يدبر أمر الكون كله وأمر البشر وفي الوقت ذاته تمهد للتحذير الوارد في الفقرة التالية من تولي المؤمنين الكافرين من دون المؤمنين ما دام أن لا حول للكافرين في هذا الكون ولا طول والأمر كله بيد الله وهو ولي المؤمنين دون سواه لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير قل إن تخفوا ما في صدروكم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد لقد استجاش السياق القرآني في الفقرة الماضية الشعور بأن الأمر كله لله والقوة كلها لله والتدبير كله لله والرزق كله بيد الله فما ولاء المؤمن إذن لأعداء الله إنه لا يجتمع في قلب واحد حقيقة الإيمان بالله وموالاة أعدائه الذين يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم فيتولون ويعرضون ومن ثم جاء هذا التحذير الشديد وهذا التقرير الحاسم بخروج المسلم من إسلامه إذا هو وإلى من لا يرتضي أن يحكم كتاب الله في الحياة سواء كانت الموالاة بمودة القلب أو بنصره أو باستنصاره سواء لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء هكذا ليس من الله في شيء لا في صلة ولا نسبة ولا دين ولا عقيدة ولا رابطة ولا ولاية فهو بعيد عن الله منقطع الصلة تماما في كل شيء تكون فيه الصلات ويرخص فقط بالتقية لمن خاف في بعض البلدان والأوقات ولكنها تقية اللسان لا ولاء القلب ولا ولاء العمل قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان فليس من التقية المرخص فيها أن تقوم المودة بين المؤمن وبين الكافر والكافر هو الذي لا يرضى بتحكيم كتاب الله في الحياة على الإطلاق كما يدل السياق هنا ضمنا وفي موضع آخر من السورة تصريحا كما أنه ليس من التقية المرخص بها أن يعاون المؤمن الكافر بالعمل في صورة من الصور باسم التقية فما يجوز هذا الخداع على الله ولما كان الأمر في هذه الحالة متروكا للضمائر ولتقوى القلوب وخشيتها من علام الغيوب فقد تضمن التهديد تحذير المؤمنين من نقمة الله وغضبه في صورة عجيبة من التعبير حقا ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ثم يتابع السياق التحذير ولمس القلوب وإشعارها أن عين الله عليها وأن علم الله يتابعها
قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير وهو إمعان في التحذير والتهديد واستجاشة الخشية واتقاء التعرض للنقمة التي يساندها العلم والقدرة فلا ملجأ منها ولا نصرة ثم يتابع السياق التحذير ولمس القلوب خطوة أخرى كذلك باستحضار اليوم المرهوب ; الذي لا يند فيه عمل ولا نية ; والذي تواجه فيه كل نفس برصيدها كله يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا وهي مواجهة تأخذ المسالك على القلب البشري وتحاصره برصيده من الخير والسوء وتصور له نفسه وهو يواجه هذا الرصيد ويود ولكن لات حين مودة لو أن بينه وبين السوء الذي عمله أمدا بعيدا أو أن بينه وبين هذا اليوم كله أمدا بعيدا بينما هو في مواجهته آخذ بخناقه ولات حين خلاص ولات حين فرار ثم يتابع السياق الحملة على القلب البشري فيكرر تحذير الله للناس من نفسه سبحانه ويحذركم الله نفسه ويذكرهم رحمته في هذا التحذير والفرصة متاحة قبل فوات الأوان والله رؤوف بالعباد ومن رأفته هذا التحذير وهذا التذكير وهو دليل على إرادته الخير والرحمة بالعباد وتشي هذه الحملة الضخمة المنوعة الإيماءات والإيحاءات والأساليب والإشارات بما كان واقعا في حياة الجماعة المسلمة من خطورة تميع العلاقات بين أفراد من المعسكر المسلم وأقربائهم وأصدقائهم وعملائهم في مكة مع المشركين وفي المدينة مع اليهود تحت دوافع القرابة أو التجارة على حين يريد الإسلام أن يقيم أساس المجتمع المسلم الجديد على قاعدة العقيدة وحدها وعلى قاعدة المنهج المنبثق من هذه العقيدة الأمر الذي لا يسمح الإسلام فيه بالتميع والأرجحة إطلاقا
كذلك يشي بحاجة القلب البشري في كل حين إلى الجهد الناصب للتخلص من هذه الأوهاق والتحرر من تلك القيود والفرار إلى الله والارتباط بمنهجه دون سواه والإسلام لا يمنع أن يعامل المسلم بالحسنى من لا يحاربه في دينه ولو كان على غير دينه ولكن الولاء شيء آخر غير المعاملة بالحسنى الولاء ارتباط وتناصر وتواد وهذا لا يكون في قلب يؤمن بالله حقا إلا للمؤمنين الذين يرتبطون معه في الله ; ويخضعون معه لمنهجه في الحياة ; ويتحاكمون إلى كتابه في طاعة واتباع واستسلام
الفرق بين الإيمان والكفر حب الله وطاعة الرسول
وأخيرا يجيء ختام هذا الدرس قويا حازما حاسما في القضية التي يعالجها والتي تمثل أكبر الخطوط العريضة الأساسية في السورة يجيء ليقرر في كلمات قصيرة حقيقة الإيمان وحقيقة الدين ويفرق تفريق حاسما بين الإيمان والكفر في جلاء لا يحتمل الشبهات
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
إن حب الله ليس دعوى باللسان ولا هياما بالوجدان إلا أن يصاحبه الأتباع لرسول الله والسير على هداه وتحقيق منهجه في الحياة وإن الإيمان ليس كلمات تقال ولا مشاعر تجيش ولا شعائر تقام ولكنه طاعة لله والرسول وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول يقول الإمام ابن كثير في التفسير عن الآية الأولى هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأعماله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله ص أنه قال < من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد > ويقول عن الآية الثانية قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا أي تخالفوا عن أمره فإن الله لا يحب الكافرين فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر والله لا يحب من اتصف بذلك وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويقول الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية في كتابه زاد المعاد في هدى خير العباد ومن تأمل في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له ص بالرسالة وأنه صادق فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام علم أن الإسلام أمر وراء ذلك وأنه ليس مجرد المعرفة فقط ولا المعرفة والإقرار فقط بل المعرفة والإقرار والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا إن هذا الدين له حقيقة مميزة لا يوجد إلا بوجودها حقيقة الطاعة لشريعة الله والاتباع لرسول الله والتحاكم إلى كتاب الله وهي الحقيقة المنبثقة من عقيدة التوحيد كما جاء بها الإسلام توحيد الألوهية التي لها وحدها الحق في أن تعبد الناس لها وتطوعهم لأمرها وتنفذ فيهم شرعها وتضع لهم القيم والموازين التي يتحاكمون إليها ويرتضون حكمها ومن ثم توحيد القوامة التي تجعل الحاكمية لله وحده في حياة البشر وارتباطاتها جميعا كما أن الحاكمية لله وحده في تدبير أمر الكون كله وما الإنسان إلا قطاع من هذا الكون الكبير وهذا الدرس الأول من السورة يقرر هذه الحقيقة كما رأينا في صورة ناصعة كاملة شاملة لا مهرب من مواجهتها والتسليم بها لمن شاء أن يكون مسلما إن الدين عند الله الإسلام وهذا وحده هو الإسلام كما شرعه الله لا كما تصوره المفتريات
الآيات من 28-32 وتقع في الجزء الثالث من القرآن الكريم
لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }
مطلوب تدوين الآيات من 28-32 والتقييم حتى مساء الإثنين
حرمة موالاة الكفار
هذه اللمسة تؤكد الاستنكار الذي سبق في الفقرة الماضية لموقف الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ثم هم يتولون ويعرضون عن التحاكم إلى كتاب الله المتضمن لمنهج الله للبشر بينما منهج الله يدبر أمر الكون كله وأمر البشر وفي الوقت ذاته تمهد للتحذير الوارد في الفقرة التالية من تولي المؤمنين الكافرين من دون المؤمنين ما دام أن لا حول للكافرين في هذا الكون ولا طول والأمر كله بيد الله وهو ولي المؤمنين دون سواه لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير قل إن تخفوا ما في صدروكم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد لقد استجاش السياق القرآني في الفقرة الماضية الشعور بأن الأمر كله لله والقوة كلها لله والتدبير كله لله والرزق كله بيد الله فما ولاء المؤمن إذن لأعداء الله إنه لا يجتمع في قلب واحد حقيقة الإيمان بالله وموالاة أعدائه الذين يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم فيتولون ويعرضون ومن ثم جاء هذا التحذير الشديد وهذا التقرير الحاسم بخروج المسلم من إسلامه إذا هو وإلى من لا يرتضي أن يحكم كتاب الله في الحياة سواء كانت الموالاة بمودة القلب أو بنصره أو باستنصاره سواء لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء هكذا ليس من الله في شيء لا في صلة ولا نسبة ولا دين ولا عقيدة ولا رابطة ولا ولاية فهو بعيد عن الله منقطع الصلة تماما في كل شيء تكون فيه الصلات ويرخص فقط بالتقية لمن خاف في بعض البلدان والأوقات ولكنها تقية اللسان لا ولاء القلب ولا ولاء العمل قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان فليس من التقية المرخص فيها أن تقوم المودة بين المؤمن وبين الكافر والكافر هو الذي لا يرضى بتحكيم كتاب الله في الحياة على الإطلاق كما يدل السياق هنا ضمنا وفي موضع آخر من السورة تصريحا كما أنه ليس من التقية المرخص بها أن يعاون المؤمن الكافر بالعمل في صورة من الصور باسم التقية فما يجوز هذا الخداع على الله ولما كان الأمر في هذه الحالة متروكا للضمائر ولتقوى القلوب وخشيتها من علام الغيوب فقد تضمن التهديد تحذير المؤمنين من نقمة الله وغضبه في صورة عجيبة من التعبير حقا ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ثم يتابع السياق التحذير ولمس القلوب وإشعارها أن عين الله عليها وأن علم الله يتابعها
قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير وهو إمعان في التحذير والتهديد واستجاشة الخشية واتقاء التعرض للنقمة التي يساندها العلم والقدرة فلا ملجأ منها ولا نصرة ثم يتابع السياق التحذير ولمس القلوب خطوة أخرى كذلك باستحضار اليوم المرهوب ; الذي لا يند فيه عمل ولا نية ; والذي تواجه فيه كل نفس برصيدها كله يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا وهي مواجهة تأخذ المسالك على القلب البشري وتحاصره برصيده من الخير والسوء وتصور له نفسه وهو يواجه هذا الرصيد ويود ولكن لات حين مودة لو أن بينه وبين السوء الذي عمله أمدا بعيدا أو أن بينه وبين هذا اليوم كله أمدا بعيدا بينما هو في مواجهته آخذ بخناقه ولات حين خلاص ولات حين فرار ثم يتابع السياق الحملة على القلب البشري فيكرر تحذير الله للناس من نفسه سبحانه ويحذركم الله نفسه ويذكرهم رحمته في هذا التحذير والفرصة متاحة قبل فوات الأوان والله رؤوف بالعباد ومن رأفته هذا التحذير وهذا التذكير وهو دليل على إرادته الخير والرحمة بالعباد وتشي هذه الحملة الضخمة المنوعة الإيماءات والإيحاءات والأساليب والإشارات بما كان واقعا في حياة الجماعة المسلمة من خطورة تميع العلاقات بين أفراد من المعسكر المسلم وأقربائهم وأصدقائهم وعملائهم في مكة مع المشركين وفي المدينة مع اليهود تحت دوافع القرابة أو التجارة على حين يريد الإسلام أن يقيم أساس المجتمع المسلم الجديد على قاعدة العقيدة وحدها وعلى قاعدة المنهج المنبثق من هذه العقيدة الأمر الذي لا يسمح الإسلام فيه بالتميع والأرجحة إطلاقا
كذلك يشي بحاجة القلب البشري في كل حين إلى الجهد الناصب للتخلص من هذه الأوهاق والتحرر من تلك القيود والفرار إلى الله والارتباط بمنهجه دون سواه والإسلام لا يمنع أن يعامل المسلم بالحسنى من لا يحاربه في دينه ولو كان على غير دينه ولكن الولاء شيء آخر غير المعاملة بالحسنى الولاء ارتباط وتناصر وتواد وهذا لا يكون في قلب يؤمن بالله حقا إلا للمؤمنين الذين يرتبطون معه في الله ; ويخضعون معه لمنهجه في الحياة ; ويتحاكمون إلى كتابه في طاعة واتباع واستسلام
الفرق بين الإيمان والكفر حب الله وطاعة الرسول
وأخيرا يجيء ختام هذا الدرس قويا حازما حاسما في القضية التي يعالجها والتي تمثل أكبر الخطوط العريضة الأساسية في السورة يجيء ليقرر في كلمات قصيرة حقيقة الإيمان وحقيقة الدين ويفرق تفريق حاسما بين الإيمان والكفر في جلاء لا يحتمل الشبهات
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
إن حب الله ليس دعوى باللسان ولا هياما بالوجدان إلا أن يصاحبه الأتباع لرسول الله والسير على هداه وتحقيق منهجه في الحياة وإن الإيمان ليس كلمات تقال ولا مشاعر تجيش ولا شعائر تقام ولكنه طاعة لله والرسول وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول يقول الإمام ابن كثير في التفسير عن الآية الأولى هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأعماله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله ص أنه قال < من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد > ويقول عن الآية الثانية قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا أي تخالفوا عن أمره فإن الله لا يحب الكافرين فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر والله لا يحب من اتصف بذلك وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويقول الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية في كتابه زاد المعاد في هدى خير العباد ومن تأمل في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له ص بالرسالة وأنه صادق فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام علم أن الإسلام أمر وراء ذلك وأنه ليس مجرد المعرفة فقط ولا المعرفة والإقرار فقط بل المعرفة والإقرار والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا إن هذا الدين له حقيقة مميزة لا يوجد إلا بوجودها حقيقة الطاعة لشريعة الله والاتباع لرسول الله والتحاكم إلى كتاب الله وهي الحقيقة المنبثقة من عقيدة التوحيد كما جاء بها الإسلام توحيد الألوهية التي لها وحدها الحق في أن تعبد الناس لها وتطوعهم لأمرها وتنفذ فيهم شرعها وتضع لهم القيم والموازين التي يتحاكمون إليها ويرتضون حكمها ومن ثم توحيد القوامة التي تجعل الحاكمية لله وحده في حياة البشر وارتباطاتها جميعا كما أن الحاكمية لله وحده في تدبير أمر الكون كله وما الإنسان إلا قطاع من هذا الكون الكبير وهذا الدرس الأول من السورة يقرر هذه الحقيقة كما رأينا في صورة ناصعة كاملة شاملة لا مهرب من مواجهتها والتسليم بها لمن شاء أن يكون مسلما إن الدين عند الله الإسلام وهذا وحده هو الإسلام كما شرعه الله لا كما تصوره المفتريات