شهيددة فلسطين
07-09-2008, 09:17 AM
الورد السابع : حقيقة قصة مريم وعيسى عليه السلام
الآيات من 33- 37تقع في الجزء الثالث من القرآن الكريم
{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } * { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
مطلوب تدوين الآيات من 33-37 والتقييم حتى مساء الثلاثاء
قصة ولادة مريم وطفولتها
يبدأ هذا القصص ببيان من اصطفاهم الله من عباده واختارهم لحمل الرسالة الواحدة بالدين الواحد منذ بدء الخليقة ليكونوا طلائع الموكب الإيماني في شتى مراحله المتصلة على مدار الأجيال والقرون فيقرر أنهم ذرية بعضها من بعض وليس من الضروري أن تكون ذرية النسب وإن كان نسب الجميع يلتقي في آدم ونوح فهي أولا رابطة الاصطفاء والاختيار الإلهي ; ونسب هذه العقيدة الموصول في ذلك الموكب الإيماني الكريم
إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
ولقد ذكر السياق آدم ونوحا فردين ; وذكر آل إبراهيم وآل عمران أسرتين إشارة إلى أن آدم بشخصه ونوحا بشخصه هما اللذان وقع عليهما الاصطفاء فأما إبراهيم وعمران فقد كان الاصطفاء لهما ولذريتهما كذلك على القاعدة التي تقررت في سورة البقرة عن آل إبراهيم قاعدة أن وراثة النبوة والبركة في بيته ليست وراثة الدم إنما هي وراثة العقيدة وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين وبعض الروايات تذكر أن عمران من آل إبراهيم فذكر آل عمران إذن تخصيص لهذا الفرع لمناسبة خاصة هي عرض قصة مريم وقصة عيسى عليه السلام كذلك نلاحظ أن السياق لم يذكر من آل إبراهيم لا موسى ولا يعقوب وهو إسرائيل كما ذكر آل عمران ذلك أن السياق هنا يستطرد إلى الجدل حول عيسى بن مريم وحول إبراهيم كما سيأتي في الدرس التالي فلم تكن هناك مناسبة لذكر موسى في هذا المقام أو ذكر يعقوب ومن هذا الإعلان التمهيدي ينتقل السياق مباشرة إلى آل عمران ومولد مريم
إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم ; وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند لله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب وقصة النذر تكشف لنا عن قلب امرأة عمران أم مريم وما يعمره من إيمان ومن توجه إلى ربها بأعز ما تملك وهو الجنين الذي تحمله في بطنها خالصا لربها محررا من كل قيد ومن كل شرك ومن كل حق لأحد غير الله سبحانه والتعبير عن الخلوص المطلق بأنه تحرر تعبير موح فما يتحرر حقا إلا من يخلص لله كله ويفر إلى الله بجملته وينجو من العبودية لكل أحد ولك شيء ولكل قيمة فلا تكون عبوديته إلا لله وحده فهذا هو التحرر إذن وما عداه عبودية وإن تراءت في صورة الحرية ومن هنا يبدو التوحيد هو الصورة المثلى للتحرر فما يتحرر إنسان وهو يدين لأحد غير الله بشيء ما في ذات نفسه أو في مجريات حياته أو في الأوضاع والقيم والقوانين والشرائع التي تصرف هذه الحياة لا تحرر وفي قلب الإنسان تعلق أو تطلع أو عبودية لغير الله وفي حياته شريعة أو قيم أو موازين مستمدة من غير الله وحين جاء الإسلام بالتوحيد جاء بالصورة الوحيدة للتحرر في عالم الإنسان وهذا الدعاء الخاشع من امرأة عمران بأن يتقبل ربها منها نذرها وهو فلذة كبدها ينم عن ذلك الإسلام الخالص لله والتوجه إليه كلية والتحرر من كل قيد والتجرد إلا من ابتغاء قبوله ورضاه رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ولكنها وضعتها أنثى ; ولم تضعها ذكرا
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم
لقد كانت تنتظر ولدا ذكرا ; فالنذر للمعابد لم يكن معروفا إلا للصبيان ليخدموا الهيكل وينقطعوا للعبادة والتبتل ولكن ها هي ذي تجدها أنثى فتتوجه إلى ربها في نغمة أسيفة رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت ولكنها هي تتجه إلى ربها بما وجدت وكأنها تعتذر إن لم يكن لها ولد ذكر ينهض بالمهمة وليس الذكر كالأنثى ولا تنهض الأنثى بما ينهض به الذكر في هذا المجال وإني سميتها مريم وهذا الحديث على هذا النحو فيه شكل المناجاة القريبة مناجاة من يشعر أنه منفرد بربه يحدثه بما في نفسه وبما بين يديه ويقدم له ما يملك تقديما مباشرا لطيفا وهي الحال التي يكون فيها هؤلاء العباد المختارون مع ربهم حال الود والقرب والمباشرة والمناجاة البسيطة العبارة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد مناجاة من يحس أنه يحدث قريبا ودودا سميعا مجيبا وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم وهي الكلمة الأخيرة حيث تودع الأم هديتها بين يدي ربها وتدعها لحمايته ورعايته وتعيذها به هي وذريتها من الشيطان الرجيم وهذه كذلك كلمة القلب الخالص ورغبة القلب الخالص فما تود لوليدتها أمرا خيرا من أن تكون في حياطة الله من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا جزاء هذا الإخلاص الذي يعمر قلب الأم وهذا التجرد الكامل في النذر وإعدادا لها أن تستقبل نفخة الروح وكلمة الله وأن تلد عيسى عليه السلام على غير مثال من ولادة البشر وكفلها زكريا أي جعل كفالتها له وجعله أمينا عليها وكان زكريا رئيس الهيكل اليهودي من ذرية هارون الذين صارت إليهم سدانة الهيكل ونشأت مباركة مجدودة يهيىء لها الله من رزقه فيضا من فيوضاته كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ولا نخوض نحن في صفة هذا الرزق كما خاضت الروايات الكثيرة فيكفي أن نعرف أنها كانت مباركة يفيض من حولها الخير ويفيض الرزق من كل ما يسمى رزقا حتى ليعجب كافلها وهو نبي من فيض الرزق فيسألها كيف ومن أين هذا كله فلا تزيد على أن تقول في خشوع المؤمن وتواضعه واعترافه بنعمة الله وفضله وتفويض الأمر إليه كله هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب وهي كلمة تصور حال المؤمن مع ربه واحتفاظه بالسر الذي بينه وبينه والتواضع في الحديث عن هذا السر لا التنفج به والمباهاة كما أن ذكر هذه الظاهرة غير المألوفة التي تثير عجب نبي الله زكريا هي التمهيد للعجائب التي تليها في ميلاد يحيى وميلاد عيسى
الآيات من 33- 37تقع في الجزء الثالث من القرآن الكريم
{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } * { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
مطلوب تدوين الآيات من 33-37 والتقييم حتى مساء الثلاثاء
قصة ولادة مريم وطفولتها
يبدأ هذا القصص ببيان من اصطفاهم الله من عباده واختارهم لحمل الرسالة الواحدة بالدين الواحد منذ بدء الخليقة ليكونوا طلائع الموكب الإيماني في شتى مراحله المتصلة على مدار الأجيال والقرون فيقرر أنهم ذرية بعضها من بعض وليس من الضروري أن تكون ذرية النسب وإن كان نسب الجميع يلتقي في آدم ونوح فهي أولا رابطة الاصطفاء والاختيار الإلهي ; ونسب هذه العقيدة الموصول في ذلك الموكب الإيماني الكريم
إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
ولقد ذكر السياق آدم ونوحا فردين ; وذكر آل إبراهيم وآل عمران أسرتين إشارة إلى أن آدم بشخصه ونوحا بشخصه هما اللذان وقع عليهما الاصطفاء فأما إبراهيم وعمران فقد كان الاصطفاء لهما ولذريتهما كذلك على القاعدة التي تقررت في سورة البقرة عن آل إبراهيم قاعدة أن وراثة النبوة والبركة في بيته ليست وراثة الدم إنما هي وراثة العقيدة وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين وبعض الروايات تذكر أن عمران من آل إبراهيم فذكر آل عمران إذن تخصيص لهذا الفرع لمناسبة خاصة هي عرض قصة مريم وقصة عيسى عليه السلام كذلك نلاحظ أن السياق لم يذكر من آل إبراهيم لا موسى ولا يعقوب وهو إسرائيل كما ذكر آل عمران ذلك أن السياق هنا يستطرد إلى الجدل حول عيسى بن مريم وحول إبراهيم كما سيأتي في الدرس التالي فلم تكن هناك مناسبة لذكر موسى في هذا المقام أو ذكر يعقوب ومن هذا الإعلان التمهيدي ينتقل السياق مباشرة إلى آل عمران ومولد مريم
إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم ; وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند لله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب وقصة النذر تكشف لنا عن قلب امرأة عمران أم مريم وما يعمره من إيمان ومن توجه إلى ربها بأعز ما تملك وهو الجنين الذي تحمله في بطنها خالصا لربها محررا من كل قيد ومن كل شرك ومن كل حق لأحد غير الله سبحانه والتعبير عن الخلوص المطلق بأنه تحرر تعبير موح فما يتحرر حقا إلا من يخلص لله كله ويفر إلى الله بجملته وينجو من العبودية لكل أحد ولك شيء ولكل قيمة فلا تكون عبوديته إلا لله وحده فهذا هو التحرر إذن وما عداه عبودية وإن تراءت في صورة الحرية ومن هنا يبدو التوحيد هو الصورة المثلى للتحرر فما يتحرر إنسان وهو يدين لأحد غير الله بشيء ما في ذات نفسه أو في مجريات حياته أو في الأوضاع والقيم والقوانين والشرائع التي تصرف هذه الحياة لا تحرر وفي قلب الإنسان تعلق أو تطلع أو عبودية لغير الله وفي حياته شريعة أو قيم أو موازين مستمدة من غير الله وحين جاء الإسلام بالتوحيد جاء بالصورة الوحيدة للتحرر في عالم الإنسان وهذا الدعاء الخاشع من امرأة عمران بأن يتقبل ربها منها نذرها وهو فلذة كبدها ينم عن ذلك الإسلام الخالص لله والتوجه إليه كلية والتحرر من كل قيد والتجرد إلا من ابتغاء قبوله ورضاه رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ولكنها وضعتها أنثى ; ولم تضعها ذكرا
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم
لقد كانت تنتظر ولدا ذكرا ; فالنذر للمعابد لم يكن معروفا إلا للصبيان ليخدموا الهيكل وينقطعوا للعبادة والتبتل ولكن ها هي ذي تجدها أنثى فتتوجه إلى ربها في نغمة أسيفة رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت ولكنها هي تتجه إلى ربها بما وجدت وكأنها تعتذر إن لم يكن لها ولد ذكر ينهض بالمهمة وليس الذكر كالأنثى ولا تنهض الأنثى بما ينهض به الذكر في هذا المجال وإني سميتها مريم وهذا الحديث على هذا النحو فيه شكل المناجاة القريبة مناجاة من يشعر أنه منفرد بربه يحدثه بما في نفسه وبما بين يديه ويقدم له ما يملك تقديما مباشرا لطيفا وهي الحال التي يكون فيها هؤلاء العباد المختارون مع ربهم حال الود والقرب والمباشرة والمناجاة البسيطة العبارة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد مناجاة من يحس أنه يحدث قريبا ودودا سميعا مجيبا وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم وهي الكلمة الأخيرة حيث تودع الأم هديتها بين يدي ربها وتدعها لحمايته ورعايته وتعيذها به هي وذريتها من الشيطان الرجيم وهذه كذلك كلمة القلب الخالص ورغبة القلب الخالص فما تود لوليدتها أمرا خيرا من أن تكون في حياطة الله من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا جزاء هذا الإخلاص الذي يعمر قلب الأم وهذا التجرد الكامل في النذر وإعدادا لها أن تستقبل نفخة الروح وكلمة الله وأن تلد عيسى عليه السلام على غير مثال من ولادة البشر وكفلها زكريا أي جعل كفالتها له وجعله أمينا عليها وكان زكريا رئيس الهيكل اليهودي من ذرية هارون الذين صارت إليهم سدانة الهيكل ونشأت مباركة مجدودة يهيىء لها الله من رزقه فيضا من فيوضاته كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ولا نخوض نحن في صفة هذا الرزق كما خاضت الروايات الكثيرة فيكفي أن نعرف أنها كانت مباركة يفيض من حولها الخير ويفيض الرزق من كل ما يسمى رزقا حتى ليعجب كافلها وهو نبي من فيض الرزق فيسألها كيف ومن أين هذا كله فلا تزيد على أن تقول في خشوع المؤمن وتواضعه واعترافه بنعمة الله وفضله وتفويض الأمر إليه كله هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب وهي كلمة تصور حال المؤمن مع ربه واحتفاظه بالسر الذي بينه وبينه والتواضع في الحديث عن هذا السر لا التنفج به والمباهاة كما أن ذكر هذه الظاهرة غير المألوفة التي تثير عجب نبي الله زكريا هي التمهيد للعجائب التي تليها في ميلاد يحيى وميلاد عيسى