المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة النفق الذي أنقذ مسلمي البوسنة من الموت



اميرة الشبكه
05-10-2003, 03:03 PM
قصة النفق الذي أنقذ مسلمي البوسنة من الموت

مقدم الحلقة: أسعد طه
ضيوف الحلقة: : عدة شخصيات
تاريخ الحلقة: 10/01/2002





- بداية فكرة النفق ومرحلة التنفيذ
- ذكريات أهل سراييفو المرة والسعيدة داخل النفق


أسعد طه
أسعد طه: يحكى أن مدينة صغيرة لم يسلم من حبها من مر بها، في حضن الجبل كانت تختبئ، ومن أنهاره كانت ترتوي، عاشت في الغرب فأخذت منه لون البشرة وشكل العين وارتسام الأنف وتعرَّفت على الشرق، فأخذت منه دفء الروح وطيبة الناس وسحر المشهد،س ثمانون مئذنة لها أو ما يزيد، كل يوم تشهد لله بالوحدانية وكنائس بها ومعابد، وكأنها تقول للعالم: إن اختلاف المعتقد لا يستدعي استحضار البندقية.

يوماً حكمها أصحاب الياقات الحمراء فعرفت قلة الحيلة وهوان الشرفاء، وعجز الحكماء، غير أن الزمان دار دورته فانكشف السحر وسقط العرش وعادت لسراييفو حريتها، فخلعت عن نفسها رداء الانكسار وذل التبعية، كانت العاصمة البوسنية حينها تكاد تطير فرحاً في السماء، تكاد تلامس أطراف الشمس قبل أن تطبق على أنفاسها غربان الموت، قبل أن يلف عنقها حبل الفزع والهلاك، والحكاية تبدأ من هنا.س

ثمانية أعوام قبل نهاية القرن العشرين، ويومان بعد بداية الشهر الخامس وقالوا لسراييفو "كُفِّي عن الياسمين وقوس القزح، من الآن ليس لك من الأزهار إلا الشوك ومن الألوان إلا الأحمر القاني، من الآن أنت تحت حصار سيطول ألفاً وأربعمائة يوم وهو ما يكفي لأن نقتل من صغارك ما يزيد عن ألفين ومن كبارك ما يقل عن عشرة آلاف وأما الجرحى والمعاقون، وأما الفارون والمشردون فهم كثر، كثر كمن أحبك وكمن خانك" قال الصرب المحاصِرون.

بداية فكرة النفق ومرحلة التنفيذ
الجنرال راشد: استشهد لنا شخص واحد أثناء حفر النفق، وهو المرحوم (مجيد عاريفوفيتش) بعد ذلك وأثناء استخدام النفق كان هناك الكثير من القتلى خاصة في منطقة بوتيمير، لأن العدو التشينيك كان بقصف هذا الممر باستمرار أثناء استخدام النفق، لقد كان هناك الكثير من القتلى والضحايا.

سراييفو تعيش السلام بعد الحرب
رجل عجوز بوسني: لقد حملت زوجتي طوال النفق وكنت أقع معها، ومن ثم نقف ونسير خمس خطوات لأننا لا نستطيع أكثر من ذلك، وكانت المياه نصل إلى هنا، وكنت أنتعل صندلاً وكان مبللاً جداً، أثناء المرور، كان يقع الكثيرون وكنا نرفعهم ونحملهم، إلى أن وصلنا إلى نهاية النفق، وقبل نهايته بقليل صدمت رأسي بالسقف، وأغمى علي وحملوني للخارج.. وقد كان هناك إطلاق كثيف للنيران، وكان الناس يعودون إلى النفق لمساعدة الذين وقعوا.

سيدة عجوز بوسنية: عند خروجنا من النفق، كنا نتحرك بصعوبة، وكانت حالة العجائز صعبة للغاية، وقد جلسنا قليلاً وإذا بقذيفة تسقط بالقرب منا، فتقتل اثنين على الفور وجرج الكثيرين، وبعد فترة خفت حدة القصف فقالوا لنا أنه يمكننا الذهاب.

رجل عجوز بوسني: لقد كانت حالتنا صعبة جداً عند خروجنا من النفق، لقد كنا نعاني الجوع والعطش والبرد، كان الأفضل لنا أننا لو متنا.

سيدة عجوز بوسنية: اضطررنا لأن بيت في العراء، وعندما وصلنا إلى بيت أحد أقربائنا في "دوبرينيا"، لم نجد تدفئة في المنزل، وكانت أخته مصابة، والشبابيك محطمة، وقد وجدنا بعض الأوراق وأشعلنا بها النار للتدفئة، تدفأنا قليلاً وأمضينا الليلة هناك، في اليوم التالي ذهبنا إلى مكان لا أذكره الآن، حيث أقمنا في مستوعبات خشبية مخصصة للعمال.

أسعد طه: كم مروا من هذا النفق، قادة وسياسيون، محليون ودوليون، كم التئم بسببه شمل عائلات، وكم أخرى انفرط عقدها، حين ولت وجهها شطر الغربة، كم من مريض مر عبره وكم منهم مات حين لم يتحمل قلبه عبء أكياس الطحين المحمولة على الصدر والظهر.

آميلا ببنتو: أنا "آميلا ببنتو" وأنا في الصف الخامس الابتدائي، وقد دخلت النفق من بوتيمير إلى سراييفو لأول مرة، عندما كان عمري خمس سنوات ونصف، وكان ذلك عام خمسة وتسعين، كنت أعبر النفق يومياً مع أمي لزيارة أبي المصاب في المستشفى، في النفق كنت خائفة بسبب المياه التي تتساقط، عند عودتي من زيارة أبي في المستشفى جلست على العربة التي تسير على السكة الحديدية التي كانت تصدر أصواتاً مزعجة.

وكانت المياه تسيل في النفق، والمصابيح الكهربائية مثبتة على جانبي النفق، وكان هناك أسلاكاً كهربائية، وإضاءة في بعض المناطق، ولم تكن في مناطق أخرى في النفق كان الكثير من الرجال والنساء يندبون حظهم، وربما كنت وأنا وطفل أخر الطفلين الوحيدين الذين مرا بالنفق، وأنا عبرت النفق كثيراً كثيراً، وأعرف كل شيء فيه عن ظهر قلب، كان جميع الضباط يعرفونني وكانوا دائماً يمزحون معي، عندما كنا نصل، كنا نختبئ في إحدى البيوت المهدمة، كان الناس يختبئون خلف الحجارة لكي لا يصيبهم الرصاص لأن أحد الجدران كان مواجهاً للنفق ويتم المرور بمحاذاته، وكان الكثير من الناس يقتلون هناك لأنهم لا يدركون خطورة المرور من هناك لذا كان يقف أحد الضباط ويمنع الناس من المرور.

كان السلم الواصل إلى النفق خشبياً، وكانت بعض درجاته مكسورة، وكنا نضطر للقفز عنها إلى المياه الموجودة في النفق، فتبتل ملابسنا وتتسخ، بسبب الطين والوحل، حتى أن وجوهنا كانت تتسخ، لقد حملني في إحدى المرات الضباط في النفق، وهي المرة الوحيدة التي جرحت فيها فيها نظيفة من النفق، وعندما عاد أبي للمرة الأولى من المستشفى، وضعوني معه في العربة، وكنت أغني باستمرار وكانت أمي والضباط يضحكون، ويقولون أنه عندما أكبر سأكون مغنية ناجحة.

مواطن بوسنوي 3: لقد كانت معظم الأحداث في النفق غير سارة مأساوية، لكن منها أيضاً السارة مثل حفلات الزواج إن ذلك يبدو وكأنه غير معقول، فأنا أذكر صديقي (ألفير سباهيتش) والذي جاء إلى (خراسنيسا) وهو يلبس البدلة وربطة العنق والحذاء، وأنتم تعرفون أن النفق كان مليئاً بالأوحال، ومنسوب المياه عالي، لكنهم جاءوا إلى هنا وأخذوا معهم العروس وهي تلبس بدلة الزفاف، والناس سعداء بهم وهم يمرون عبر النفق.

أسعد طه: وهكذا وجد الناس النور في نهاية النفق، وكأنه يقول لهم: احفروا الأرض ولو بإبرة، وعلموا أولادكم أن القوة في ساعد الظالم لا تهزم عزيمة في صدر مظلوم وأن الأيام دول، وأن الحكم اليوم ليس لهم، الحكم أبداً ليس لهم، إلى الملتقى.

جوهرة العطاء
06-10-2003, 12:10 AM
شكرا لك أختي العزيزه
أميرة الشبكـــــــــــــه؟:)

ليدي الامورة
15-10-2019, 11:27 PM
http://all-best.co/wp-content/uploads/2018/01/4087-4.gif