المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حل المشاكل بلا مشاكل



الشهد
31-03-2005, 04:59 AM
الموضوع للاستاذ هاني العبد القادر وهو يستحق القراءة والتأمل



العنصر الأول: طوِّل بالك:
تقصيرنا في وقت طفولة المراهق في جانبين مهمين، وهما: تقوية علاقته بالله وتقوية صداقتنا معه يسهم في حدوث بعض المظاهر المزعجة في مرحلة المراهقة، وبدل ما نستمتع مع أبنائنا نتعب ونتعبهم معنا في صدامات ومشاكل، وتمر علاقتنا معهم في أسوأ مراحلها، وتصبح فعلاً بحاجة إلى طول بال، وهذا ما سنتحدث عنه في العنصر الأول من عناصر حل المشاكل بلا مشاكل،وهو: طول بالك .

من العجيب والغريب أن يصبر الزوج على اضطرابات نفسية زوجته في مدة العذر الشهري وفي مدة الحمل وما بعدها يصبر ويتحمل ولا يخطر في باله أن زوجته تمس كبرياءه أو تتحدى سلطته وقوامته في البيت بهذه التغيرات يرحمها ويعطف عليها ولا تستفزه هذه الأمور، في الوقت نفسه ابنه يمر بتغيرات في كل جسمه ونفسيته، وليست أياماً بل سنوات، يكون فيها المراهق في أمَس الحاجة لنفس التفهم ونفس المودة ونفس الرحمة، فإذا بالأب يفسر تصرفات ابنه على أنها تعدٍّ على مكانته وتحدٍّ لسلطته واستفزاز لكرامته، ويبدأ يستنفر قوته حتى يضعها في مواجهة عنيفة مع ابنه المراهق، هذا الناشئ الذي يلملم أطراف شخصيته، تجد نفسه مع مواجهة مع والده يستخدم فيها كل الأسلحة في صدامه يضع قوته كلها على قطعة من قلبه لماذا؟ لماذا يؤذي الأب ابنه ويؤذي نفسه بنفسه ويضرب قلبه بيده؟ هذا بدل أن يراعي تغيرات ابنه كما يراعي تغيرات زوجته، ويصبر على اضطراباته كما يصبر على اضطرابات زوجته ويغمر الاثنين بالحب والرعاية.

كل مراهق ومراهقة بحاجة إلى تفهم والديه ومراعاة هذا الظرف المؤقت الخارج عن إرادته، وأن يقف معه لا ضده، ويراعون هذه الانفعالات التي تتراكم وتتجمع في نفس المراهق كما يتجمع الهواء الحار في القِدْر، الانفعالات متراكمة في قلب صغير يضيق بها، يحتاج يخرج قليلاً من الهواء الحار، وفي لحظة إخراجه لهذا الهواء الحار يحتاج إلى معرفة كيفية إخراج هذه الانفعالات باللباقة والذوق ومراعاة الآخرين؛ لأنه في عالم ثان تشغله انفعالاته الداخلية عن تصرفاته الخارجية، ولا يخطر في بالك أنه يقصد إيذاء أحب الناس عنده، وهم والداه عندما تسمعه مثلاً يعاند أو يرفع صوته أو يصفق الباب بقوة.

والحقيقة أقول للآباء: أسأل الله أن يعينكم ويجزيكم على صبركم وضبطكم لانفعالاتكم تجاه الظواهر المزعجة _والحمد لله_ أنها ظواهر مؤقتة تنتهي بانتهاء المرحلة، لذلك نقول للأب العصبي: ريح نفسك ولا تدقق كثيراً، واسأل نفسك، هل يتعمّد ابنك أو بنتك إغضابك بقصد الإيذاء؟ نسينا ماذا كنا نعمل مع آبائنا لما كنا في عمرهم؟ رغم حبنا الكبير وتقديرنا العميق لآبائنا، إذن لماذا نتشدد كثيراً ونزعل أنفسنا عندما نطالبهم بالذي نحن لم نكن نعمله، ثم نوهم أنفسنا أن عيالنا لا يحبوننا كما كانوا أولا أو لا يحترموننا، أُقَدِّر أن تصرفات المراهقين أحياناً تشكل تحدياً كبيراً لقوتنا في ضبط انفعالاتنا، لكن هذا التحدي هو الحد الفاصل بين الأب القوي القادر على ضبط نفسه والتحلي بالرفق والحلم ،وبين الأب الضعيف العاجز عن السيطرة على انفعالاته وأن يملك غضبه فضلاً عن السيطرة على أبنائه وأن يملك قلوبهم، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه.

أبناؤك أولى من تملك غضبك عندهم وترفق بهم وتعفو عنهم استمع معي لهذا الحديث الوارد في صحيح الجامع الصغير، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "اعفوا عنهم" يقصد عن الخادم في كل يوم 70 مرة، يا الله! وهذا خادم، عيالك بالرفق أولى وبالعفو أحق وهم لن يعملوا أكثر مما عمل أبناء يعقوب _عليه السلام_ يأتيه أبناؤه وقد نفذوا جريمتهم، واستمع لرده عليهم، وهو يعرف أنهم ارتكبوا جريمة في يوسف _عليه السلام_، "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً" (يوسف: من الآية18) وارتكبوا جريمتهم مع مَن؟ مع الذي جمع علامات النبوة، وأوتي شطر الجمال، حتى إذا حسن باطنه وحسن ظاهره فجع يعقوب على ابنه، ومن الذي يفجعه؟ أبناؤه، هل هناك أشنع من هذا؟ ورغم هذا ما عاتبهم بكلمة ولا سألهم ولا حقق معهم ولا قاطعهم إنما توجه إلى اللطيف الخبير، وقال: "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" (يوسف: من الآية18) أفلا تصبرون أنتم على أقل من هذا بكثير.

أنا واثق أنكم تستطيعون أن تصبروا على الأخطاء المؤقتة التي تنتهي بانتهاء المراهقة، بل تستطيعون الصبر على أكثر من أخطاء مؤقتة حتى العيوب الدائمة تستطيعون أن تتقبلوا أبناءكم رغم هذه العيوب، وهذا هو العنصر الثاني من عناصر حل المشاكل، وهو: اقبل ابنك بعيوبه.

العنصر الثاني: اقبل ابنك بعيوبه:
يجب أن نكون واقعيين في الإصلاح مع استخدام الحكمة ونترك الأحلام المثالية، ابنك بشر مملوء عيوباً حاله حال غيره، والشاعر يقول:


ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه


ما معنى أننا غضينا الطرف عن عيوب الأزواج والزوجات والأقارب والأصدقاء، وأشعرنا كل هؤلاء الناس بقبولنا لهم رغم عيوبهم، وأتينا لأولادنا وقعدنا لهم، ربما تقول هؤلاء لا أقدر أن أغير فيهم شيئاً، لكن ولدي وبنتي لي سلطة عليهم ،نقول: طيب دعك من الآخرين انظر إلى عيوبك أنت شخصياً وأنت أمير نفسك، وتستطيع تغييرها، ورغم ذلك فيك عيوب من رأسك إلى أخمص قدميك، وتعرفها جيدا، وقبلت نفسك رغم عيوبك، كما تنظر لنفسك انظر لأولادك، يا أخي ابنك ليس مثالياً وابنتك كذلك، ولن يكونوا أحسن الناس أخرجها من بالك.
ولذلك تأكد فقط أنك وصلت لهم المعنى العظيم، أنا أقبلك يا ولدي رغم عيوبك، أنا أقبلك يا ابنتي رغم عيوبِك.

قبولك لابنك بعيوبه والصبر على أخطاء المراهقة يقوي علاقتك معه بشكل يساعدك على التخفيف التدريجي من هذه العيوب، إضافة إلى أنه سوف يشعر بالأمان أكثر ويصارحنا بهمومه ومشاكله الخاصة، عندها سنساعده أنه يحل مشكلته بنفسه،

الشهد
31-03-2005, 04:59 AM
الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك:
أم عبد الله كانت تعرف هذا العنصر، وفعلاً تركت ابنها يحل مشكلته بنفسه جاء عبد الله لأمه، وقال: يا أمي عندي شيء أريد أن أقوله: أبي شمَّ في ثيابي رائحة دخان وظن أني أدخن، ومن ذلك الوقت وهو لا يكلمني، وأنا -والله العظيم- ما دخنت وإنما كان معنا واحد يدخن، وثبتت الرائحة بثيابي، لا أدري ما رأيك يا أمي؟ (قبل أن نقول ماذا قالت أم عبد الله)دعونا نسمع ماذا نقول نحن لو كنا مكانها (تستاهل تستاهل من قال لك تمشي مع ناس يدخنون، من حق أبيك أن يقاطعك ويطردك من البيت،أنت لست منضبطاً يا عبد الله، لا في صلاتك، ولا في دراستك، ولا مع إخوانك، وأصدقاؤك حالتهم سيئة، هل يعجبك ما حصل لك؟! يا عبد الله لم لا تصبح رجلا، وتحافظ على الصلاة وتهتم بدراستك وتبتعد عن السيئين الذين تصاحبهم، والذين لا يرضوني ولا يرضون أباك، نحن ماذا نريد يا عبد الله؟ نريد مصلحتك) هذا هو الذي نقوله في مثل هذا الموقف، كلام مضمونه نصائح مباشرة، وانتقاد ولوم، وتأثيره الواقعي صفر، هذه هي الحقيقة.

البديل أن نعمل الذي عملته أم عبد الله أراحت نفسها من النصائح واللوم واقتراح الحلول، وجعلت عبدالله يحل مشكلته بنفسه من خلال خمس خطوات أساسية استخدمتها أم عبد الله:
1 – أنا أحس بمشاعرك. 2 – ما الحلول الممكنة؟
3 – ما أحسن الحلول؟ 4 – السؤال والمتابعة.
5 – أسأل الله أن يوفقك.
خمس خطوات يمكننا استخدامها في مساعدة أبنائنا لمواجهة مشاكلهم.

استمع لأم عبدالله وهي تنفذ الخطوة الأولى (أنا أحس بمشاعرك)، ولاحظ كيف تصف مشاعره وتعذره في مخاوفه: (واضح من كلامك أنك مهموم ومتضايق؛ لأن أباك قد قاطعك، وتتمنى لو لم يحصل هذا الموقف حتى لا يسيء الظن بك، وأكيد أنك محتار، يحق لك، لو كنت مكانك سأحس مثلك بالإحراج والحيرة، ولا أريده أن يغضب علي ويقاطعني؛ لأني مثلك أحبه وأحترمه.ا.هـ.

أصبح الآن متهيئاً للخطوة الثانية: (ما الحلول الممكنة؟) تقول طيب يا عبد الله حصل ما حصل، ما رأيك؟ ما الذي نستطيع عمله الآن؟ قال: يا أمي تستطيعين أن تكلميه؟ تقول الأم: هذا حل، ما الحلول الأخرى؟ سكت قليلاً، وقال: أنا أكلمه لكن أخاف أن يغصب علي،ما رأيك أن نكلمه معاً؟ تقول الأم: ما عندي مانع، لكن دعنا نفكر، ربما هنالك حلول أخرى، قال عبد الله: فكرت أن أكتب له رسالة، قالت: جيد.. ماذا أيضاً ؟ قال: وأحاول أن أرضيه في الأشياء التي يريدها، يعني: أبي يريدني أن أجلس أكثر، قالت: ممتاز هل هناك شيء آخر؟ قال: وأحافظ على الصلاة، قالت: أحسنت بقى شيء مهم يا عبد الله، قال: وأحاول ألا أسير مع هؤلاء الشباب. إلى هنا انتهت أم عبد الله من الخطوة الثانية، وهي:ما الحلول الممكنة؟

الآن تبدأ في الخطوة الثالثة، وهي: (اختيار أفضل الحلول).
قالت: جيد.. ما رأيك الآن؟ أنا أكلمه أو تكلمه أنت ، أو نكلمه جميعاً؟ أو تكتب له رسالة؟ قال: لا أنا أكلمه لوحدي أحسن. طيب ماذا ستقول له؟ سأقول له: كذا كذا كذا ..
عبد الله استطاع أن يحدد الذي سيقوله؛ لأن أمه ساعدته كثيراً على اتضاح الرؤية عنده، بقي أن ينفذ كل الذي اختاره ثم تكون الخطوة الرابعة، وهي: (السؤال والمتابعة).
تقول الأم فيما بعد: هاه بشر.. ما أخبار موضوعنا؟ تسأل ومثل ما بدأت حديثها معه بالرحمة واللطف تختم بالخطوة الخامسة بدعاء محب متفائل: أسأل الله أن يوفقك ويعينك ويصلح ما بينكما.
أم عبد الله تعمدت أنها لا تقدم نصيحة أو تقترح حلولاً إلا إذا طلبها عبد الله، ربما هو غير محتاج لهذه النصائح، وبهذه الطريقة يزيد قيمة نصيحتها واستعداده لتنفيذها.
يقول مهدي عبيد في كتابه (سؤال وجواب ونصائح في تربية المراهقين): "وأكثر النصائح تقبلاً هي التي تقدم للمراهق بناءً على طلبه".ا.هـ.

وبالمقابل أقل النصائح تقبلاً هي التي تأتي بدون طلب وتتكرر على مسامع الأذن حتى تموت هذه النصيحة ويموت تأثيرها في قصة عبد الله لو واجهت الأم مشكلة أخرى متوقعة، وهي أن ابنها يستصعب أن يترك أصدقاءه السابقين، ماذا تعمل أم عبد الله؟ تتعامل معه على أنها مشكلة ثانية، وتأخذ نفس الخطوات الخمس لحل مشاكل الأبناء، وهي:
1 – أنا أحس بمشاعرك. 2 – ما الحلول الممكنة؟
3 – ما أحسن الحلول؟ 4 – السؤال والمتابعة.
5 – أسأل الله أن يوفقك.
عند تطبيقك لهذا العنصر مع ابنك المراهق قد تواجهك ردود فعل سلبية من المراهق لا تساعدك على الانتقال من خطوة إلى خطوة، ما الحل؟

نقول: حاول بقدر استطاعتك أن تجعل توجيه الحوار بيدك من خلال التغاضي عن هذه التصرفات السلبية، والتعامل بحكمة ولباقة، وبما يتناسب مع طبيعة ابنك التي أنت أدرى بها، وكل ما ابتعد الموضوع رُدَّه بهدوء وبأسلوبك الخاص، المهم أن تجعل حل المشكلة يكون من ابنك وليس منك، لكن لو كان الوضع أسوأ، ورأى الأب أن أبناءه يكذبون عليه أو لا يصارحونه أصلاً، بل يتحاشون الكلام معه، ويرهبون من مجالسته، في هذه الحالة ندعو الله أن يكون في عون هذا الأب، لا شك أن كذب أبنائه عليه أو عدم رغبتهم في الجلوس معه فضلاً عن محادثته لا شك أنها تضايق الأب كثيراً وتشعره بالحيرة، نقول له: استعن بالله، وابذل جهدك للتقرب أكثر من أبنائك، وزد من ثقتهم وحبهم، واستخدم ما تستطيع من أساليب هذه المقالات، وستجد أبناءك _بإذن الله_ يقتربون منك أكثر ويتجاوبون معك بشكل أفضل، وربما صارحوك أحياناً،

توفــي
31-03-2005, 07:28 PM
بارك الله فيك غاليتي على الموضوع القيم..

العنيـــــده
04-04-2005, 07:05 AM
تسلميييييين اختي الشهد نقل هاااااادف عززززيززززتي000000

الشهد
08-04-2005, 03:37 AM
مشكوراات اخواتي على مروركم وردكم

وربي يوفق الجميع لحل المشاكل بلامشاكل :)