المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالةٍ في أرشيفي...



شـادن
14-10-2003, 02:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://216.40.241.209/webgraphics/lines/pp/lines_pp_026.gif
هذه مقالةٍ في أرشيفي قرأتُها منذ زمَنٍ بعيدٍ ، تحومُ حولَ قضيّةِ أسماء الأمهات، و هي بعنوانِ " أنـَـــا و ابــْـنـي " ، للدكتورة الأديبة : نورة صالح الشملان ، و هي منشورةٌ في مجلّةِ " الفيصَل " ، العدَد 256 .

أتركُكُم معَ المقالة فهي خيرُ معبّرٍ عن نفسِها :

[ أتاني ابني ذو الخمسةَ عشرَ ربيعاً و هوَ يعدّلُ من غطاءِ رأسهِ و يتحسّسُ شاربَهُ الذي بدأ في الظـّهورِ ، و قالَ بأدبٍ جمّ و لكن بألمٍ شديدٍ : أمّـاه لماذا تعرضينَ كتبَكِ في مكتباتِ الرّياض ؟

عجبتُ منَ السّؤالِ و قلتُ : و أينَ أعرِضُها إذاً يا بنيّ ؟

قال : لا أدري و لكن الأفضل عرضُها في مكانٍ آخر غير الرّياض .

فازدادَ عجَبي من هذا الإصرارِ و قلتُ لَه : هل قرأتَ في كتُبي ما يخدِشُ الحياءَ أو يتنافى معَ الدينِ أو الذّوقِ أو العُرف ؟

قال : كلاّ يا أمّي فهي كتُبٌ تتناولُ الشعراءَ و نقد شعرِهِم .

قلت : إذاً مـا الذي يزعِجُكَ في وجودِها في مكتباتِ الرّياض ؟

قال : الإسم ؟

قلت : ماذا تقصِدُ ؟

قال : لقد عرفَ زُملائي في المدرسَةِ اسمَكِ و أنا لا أريدُ ذلك .

قلت : و هل في ذلكَ عيبٌ ؟ ألا يعلمُ النّاسُ أنّكَ قد وُلِدتُ لامرأةٍ و أنّ لك أمـّـاً هي التي أخرجَتكَ بقـُدرةِ اللهِ إلى الوجود ؟

قال : أعرف ذلكَ و لكن زُملائي يعيّرونني بمعرَفتِهِم لاسم أمّي و أنا أجهلُ أسماءَ أمّهاتِهِم .

فعجِبتُ من هذا المنطقِ السّقيم ، و أخذتُ ابني إلى مكتبَتي الصغيرةِ و استخرجتُ له أسماءَ ملوكِ العربِ الذينَ كانوا لا يكتفونَ بالفخرِ بأمّهاتِهم ؛ بل تجاوزوا إلى الإنتِسابِ إليهنّ ؟ أطلعتُهُ على سيرةِ عمرو بن هند و المنذر بن ماء السّماء ، و وضعتُ يدَه على أسماءِ بعضِ القبائلِ التي تُنسبُ إلى أمّهاتِها مثل : باهِلة و خنذف و بجيلَة و وائلة و غيرها كثير .

و قرَأنا معاً قصيدةَ طرفَةَ بن العبدِ التي يمدحُ فيها الملكَ عمرو بن هند و يحثـّـه على طلبِ الثّارِ لأخيهِ الذي قتلَتهُ إحدى القبائلَ فهو يقول :

أعمرو بن هند ما ترى رأيَ معشَرٍ *** أماتوا أبا حسّان جاراً مُجاوِرا

و قرأنا معاً قصيدةَ الحصينَ بن الحمام المرّي و هوَ يفخرُ بنفسِهِ مُـنـتسباً إلى أمّهِ سلمى :

أبى لابن سلمى أنّه غيرُ خالد *** ملاقي المنايا أيّ صرفٍ تيّـمـما

و قصيدة أعشى بني عوفٍ التي يمتدِحُ فيها جيرانَهُ مؤكّداً نسبَتَهم إلى أمّهاتِهِم يقول :

فلَم أرَ جيراناً إذا الحربُ شمّرَت ---- كمثلِ بني هند أعفّ و أكرَمـا

قال ابني و كأنّه يختبرني : هل يعني ذلكَ أنّكَ تُنادينَ بالإنتِسابِ إلى الأمّهات ؟

قلت : معاذَ اللهِ أن أخالفَ اللهَ و رسولَهُ فقد قال تعالى عن المُتبّنين " ادعوهُم لآبائِهم هوَ أقسطُ عندَ الله فإن لم تعلَموا آباءَهُم فإخوانُكم في الدّين و مواليكُم و ليسَ عليكُم جُناحٌ فيما أخطأتُم بِهِ و لكِن ما تعمّدَت قلوبُكُم " الأحزاب 5 .

فحتّى مجهول الأبِ لا يُنسبُ إلى أمّهِ في الإسلامِ ، و لكنّني أردتُ من إيرادِ هذهِ الأمثلةِ أن أقنعَكَ أنّ اسمَ الأمّ ليسَ عورةً يجبُ أن تخفى و ليسَ عاراً يستحقّ الوأد .

ألم تسمعْ بمؤسّسِ مملكتِنا و واضعِ اللبِناتِ الأولى لنهضتِن : الملك عبدالعزيز و كيفَ كانَ عندما يشمّرُ لأمرٍ مهمَ في ساعةِ الجدّ يقول عبارتَه المشهورةَ : " أنا أخو نورة " ، و قد ظلّتْ هذِهِ العبارةُ تردّدُ مِـن قبلِ أبنائهِ البرَرةِ .

إنّ ذكرِ الملكِ عبدالعزيز لأختِهِ نورة في مواقفِ الجدّ يدلّ على أنّ المرأةَ دفّاعةٌ تدفعُ الرّجلَ إلى معالي الأمورِ و ليسَ العكسِ .

و قد أكثرَ الشّعَراءُ القُدماءُ من ذكرِ نسائهِم في ساعاتِ الشّدّةِ و مواقفِ القتال ، فهذا الشاعر الأمير أبو فراسِ الحمداني يقول بعدَ أن عادَ من معركةٍ أبلى فيها بلاءً حسناً و حازَ النّصرَ "

و عدتُ أجرَ رمحي عن مقامٍ *** تحدّثُ عنهُ ربّاتُ الحِجال

فقائلةٌ تقول : أبا فراسٍ *** أعيذُ عُـلاكَ من عينِ الكمالِ

و قائلةٌ تقول : جُزيتَ خيراً *** لقد حاميتَ عن حرمِ المعالي

و مهري لا يمسّ الأرضَ زهواً *** كأنّ ترابَها قطبُ النبال

كأنّ الخيلَ تعرفَ من عليْها *** ففي بعضِ على بعضٍ تعالي ]

انتهى المقال .
http://216.40.241.209/webgraphics/lines/pp/lines_pp_026.gif
تحيات

أختكم شادن

جوهرة العطاء
14-10-2003, 02:53 PM
مقال جميل أختي أشكرك جزيل الشكر:)

ننتظر منك عزيزتي مشاركات جميله:cool:

أمل الدعوة
14-10-2003, 02:54 PM
بارك الله فيك أخيّه وفي نقلك ..

أمل عمري
15-10-2003, 08:22 PM
منورة يا شادن :) شكرا على المشاركة الجميلة,,, بارك اللة فيك وفي نقلك

تقبلي تحياتي القلبية

أوقاتك أمل :)

بسمة
16-10-2003, 03:45 AM
شكرا على المشاركة الجميلة:)

ليدي الامورة
22-11-2019, 10:09 PM
http://all-best.co/wp-content/uploads/2018/01/4087-4.gif