المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حلقة حفصة بنت عمر .. (تجمع الزوجات المتغربات والغير متغربات لحفظ القرآن الكريم )



{~جوود~}
12-04-2009, 07:26 AM
السلام عليكم روحمة الله وبركاته ...


بسم الله الرحمن الرحيم .....


في البداية أسأل الله أن يكون حفظنا خالصا لوجه الله وأسال الله أن يجعل القرآن شاهدا لنا لا


علينا .. ثم أحيي أخواتي التي تم عقد الإتفاق بيننا .. على حفظ كتابه ...


أخواتي الغاليات : غدووره .. منار الهدى .. كلي جروح .. بنت أبوها .. صلاتي .. وعذرا ان نسيت


أحد وحيا الله كل من أرادت أن تشاركنا في ذلك ...


هنا تجمعنا سيكون لكتابة ما تم حفظه من أيات وتنزيل تفسير الأيات التي تم حفظها ...


ومن أرادت كتابة الأيات التي تم حفظها كاملة فلتكتبها لتثبيت الحفظ ..


ومن أرادت أن تكتفي بكتابة تم الحفظ من (أية كذا إلى آية كذا ) فلتكتب ما يريحها


فالأهم إخلاص النية والله هو المطلع على عباده ... ثم أود أن أنبه قبل الحفظ لابد الإستماع إلى


قراءة مجوده حتى يتم فيها تحقيق الحركات ولفظ كلمات القرآن الكريم لفظا صحيحا.. حتى يكون الحفظ


حفظا صحيحا بإذن الله ...... ولا نلزم أحدا بجزء معين فكلٌ يحفظ ما يجده يسيرا عليه وأسأل الله أن


ييسر للجميع ... فقط هنا مكان التسميع والتفسير حتى نخرج بالفائدة المرجوه ..


وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ...

غدوورة
12-04-2009, 02:33 PM
إن شاالله تجمع مبارك بإذن الله

سعادتي طاعة ربي
12-04-2009, 03:46 PM
اسال الله ان يجعل هذا التجمع لوجه الكريم وان يجعلكم من اهل القران الذين هم اهل الله وخاصته

*نسمـة الصبـاح*
12-04-2009, 04:03 PM
تفسير سورة يس وهي مكية

‏[‏1 - 12‏]‏ ‏‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ * وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ (javascript:openquran(35,1,12))
هذا قسم من اللّه تعالى بالقرآن الحكيم، الذي وصفه الحكمة، وهي وضع كل شيء موضعه، وضع الأمر والنهي في الموضع اللائق بهما، ووضع الجزاء بالخير والشر في محلهما اللائق بهما، فأحكامه الشرعية والجزائية كلها مشتملة على غاية الحكمة‏.‏
ومن حكمة هذا القرآن، أنه يجمع بين ذكر الحكم وحكمته، فينبه العقول على المناسبات والأوصاف المقتضية لترتيب الحكم عليها‏.‏
‏{‏إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ‏} (javascript:openquran(35,3,3))‏ هذا المقسم عليه، وهو رسالة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنك من جملة المرسلين، فلست ببدع من الرسل، وأيضا فجئت بما جاء به الرسل من الأصول الدينية، وأيضا فمن تأمل أحوال المرسلين وأوصافهم، وعرف الفرق بينهم وبين غيرهم، عرف أنك من خيار المرسلين، بما فيك من الصفات الكاملة، والأخلاق الفاضلة‏.‏
ولا يخفى ما بين المقسم به، وهو القرآن الحكيم، وبين المقسم عليه، ‏[‏وهو‏]‏ رسالة الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الاتصال، وأنه لو لم يكن لرسالته دليل ولا شاهد إلا هذا القرآن الحكيم، لكفى به دليلا وشاهدا على رسالة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل القرآن العظيم أقوى الأدلة المتصلة المستمرة على رسالة الرسول، فأدلة القرآن كلها أدلة لرسالة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
ثم أخبر بأعظم أوصاف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدالة على رسالته، وهو أنه ‏{‏عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‏} (javascript:openquran(5,39,39))‏ معتدل، موصل إلى اللّه وإلى دار كرامته، وذلك الصراط المستقيم، مشتمل على أعمال، وهي الأعمال الصالحة، المصلحة للقلب والبدن، والدنيا والآخرة، والأخلاق الفاضلة، المزكية للنفس، المطهرة للقلب، المنمية للأجر، فهذا الصراط المستقيم، الذي هو وصف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووصف دينه الذي جاء به، فتأمل جلالة هذا القرآن الكريم، كيف جمع بين القسم بأشرف الأقسام، على أجل مقسم عليه، وخبر اللّه وحده كاف، ولكنه تعالى أقام من الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة في هذا الموضع على صحة ما أقسم عليه، من رسالة رسوله ما نبهنا عليه، وأشرنا إشارة لطيفة لسلوك طريقه، وهذا الصراط المستقيم ‏{‏تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ‏} (javascript:openquran(35,5,5))‏ فهو الذي أنزل به كتابه، وأنزله طريقا لعباده، موصلا لهم إليه، فحماه بعزته عن التغيير والتبديل، ورحم به عباده رحمة اتصلت بهم، حتى أوصلتهم إلى دار رحمته، ولهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين‏:‏ العزيز‏.‏ الرحيم‏.‏
فلما أقسم تعالى على رسالته وأقام الأدلة عليها، ذكر شدة الحاجة إليها واقتضاء الضرورة لها فقال‏:‏ ‏{‏لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ‏} (javascript:openquran(35,6,6))‏ وهم العرب الأميون، الذين لم يزالوا خالين من الكتب، عادمين الرسل، قد عمتهم الجهالة، وغمرتهم الضلالة، وأضحكوا عليهم وعلى سفههم عقول العالمين، فأرسل اللّه إليهم رسولا من أنفسهم، يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، فينذر العرب الأميين، ومن لحق بهم من كل أمي، ويذكر أهل الكتب بما عندهم من الكتب، فنعمة اللّه به على العرب خصوصا، وعلى غيرهم عموما‏.‏ ولكن هؤلاء الذين بعثت فيهم لإنذارهم بعدما أنذرتهم، انقسموا قسمين‏:‏ قسم رد لما جئت به، ولم يقبل النذارة، وهم الذين قال اللّه فيهم ‏{‏لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ‏} (javascript:openquran(35,7,7))‏ أي‏:‏ نفذ فيهم القضاء والمشيئة، أنهم لا يزالون في كفرهم وشركهم، وإنما حق عليهم القول بعد أن عرض عليهم الحق فرفضوه، فحينئذ عوقبوا بالطبع على قلوبهم‏.‏
وذكر الموانع من وصول الإيمان لقلوبهم، فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا‏} (javascript:openquran(35,8,8))‏ وهي جمع ‏"‏غل‏"‏ و ‏"‏الغل‏"‏ ما يغل به العنق، فهو للعنق بمنزلة القيد للرجل، وهذه الأغلال التي في الأعناق عظيمة قد وصلت إلى أذقانهم ورفعت رءوسهم إلى فوق، ‏{‏فَهُمْ مُقْمَحُونَ‏}‏ أي‏:‏ رافعو رءوسهم من شدة الغل الذي في أعناقهم، فلا يستطيعون أن يخفضوها‏.‏

تفسير السعدي

{~جوود~}
12-04-2009, 04:44 PM
غدوره و سعادتي طاعة ربي

اللهم آمين والله يجزاكم الجنة ..

صلاتي تفسير رائع وخصوصا تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي تفسير شامل وسهل وميسر ..

جزاك الله الجنة ...

ولي عودة بعد تثبيت حفظي ان شاء لله .... مع تفسير آيات الحفظ ....

*نسمـة الصبـاح*
12-04-2009, 06:15 PM
شكرا حبيبتي جووود والله إنك شجعتين كنت حافظه من سورة يس إلى آية 40 وحملت ولاكملت وإن شاء الله استطيع أكمل معاكم ة


اليوم حفظت من آية 41ـــ54

بس حطيت التفسير من أول السوره عشان الكل يستفيد


وبقولكم طريقتي في الحفظ يمكن أحد يستفيد

أول شي أسمع من الشيخ الأخضر المقطع اللي باحفظه بعدين أكرره حتى الحفظ وإذا خلصت حافظه أسكر المصحف و
أكرر عشرين مره غيب

بعدين أكتب ماحفظت في دفتر وأشغل الشريط وأسمع وأشوف اللي كتبته صح وإلا فيه أخطاء


أسأل الله أن يرزقنا حفظ كتابه والعمل به وتدبرآياته وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل


يالله خلونا يد واحده وكل وحده تشجع الثانيه بالحفظ

{~جوود~}
12-04-2009, 06:19 PM
سأحفظ بإذن الله جزء الأحقاف ...

بدأت فيه مسبقا لأني ملتحقة في حلقة التحفيظ ....

ووصلت إلى سورة (محمد) الوجه الثاني ... من آية (12 إلى آية 19 ) ...

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

(( إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون

ويأكلون كما تأكل الأنعام ومثواهم النار (12) وكأين من قريةٍ أشدُ قوةً من قريتك التي أخرجتكَ

أهكلناهم فلا ناصر لهم (13) أفمن كان على بينةٍ من ربه كمن زُينَ له سؤُ عمله واتبوعوآ أهوآئهم (14)

مثل الجنةِ التي وُعدَ المتقون فيها أنهارٌ من مآءٍ غيرِ آسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغير طعمهُ وأنهارٌ من خمرٍ لذةٍ

للشاربين وأنهارٌ من عسلٍ مصفى ولهم فيها من كلِ الثمراتِ ومغفرةٌ من ربِهم كمن هو خالدٌ في النار سُقُوا

مآءً حميما فقطع أمعآئهم (15) ومنهم من يستمعُ لك حتى~ إذا خرجوا من عندكَ قالوا للذين أوتوا

العلم ما ذا قال ءانفا أولآئك الذين طبعَ الله على قلوبهم واتبوعوآ أهوآئهم (16) والذين اهتدوا زادهُم هدىً

وءاتاهم تقواهُم (17) هل ينظرونَ إلا الساعة أن تأتيَهُم بغتةً وقد جآء أشراطها فأنى لهم إذا جآئتهم

ذكراهم (18) فاعلم انه لآ إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات إن الله يعلم متقلبَكم ومثواكُم (19)

الأخطاء :

آية (12)

(ومثواهم النار) التصحيح (والنار مثوى لهم)

آية (15)

( سُقوا) التصحيح (وسُقوا)

آية (18)

(هل ينظرون) التصحيح (فهل ينظرون)

(وقد جآء) التصحيح (فقد جآء)

آية (19)

(إن الله) التصحيح (والله )

تفسير الآيات :

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ "
إن الله يدخل الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار تكرمة لهم, ومثل الذين كفروا في أكلهم وتمتعهم بالدنيا, كمثل الأنعام من البهائم التي لا هم لها إلا في الاعتلاف دون غيره, ونار جهنم مسكن لهم ومأوى.

"وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ "
وكثير من أهل قرى كانوا أشد بأسا من أهل قريتك- يا محمد, وهي "مكة" التي أخرجتك, دمرناهم بأنها من العذاب, فلم يكن لهم نصير ينصرهم من عذاب الله.

"أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ "
أفمن كان على برهان واضح من ربه والعلم بوحدانيته, كمن حسن له الشيطان قبيح عمله, واتبع ما دعته إليه نفسه من معصية الله وعبادة غيره من غير حجة ولا برهان؟ لا يستوون.

"مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ "
صفة الجنة التي وعدها الله المتقين فيها أنهار عظيمة من ماء غير متغير, وأنهار من لبن لم يتغير طعمه, وأنهار من خمر يتلذذ به الشاربون, وأنهار من عسل قد صفي من القذى, ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة جميع الثمرات من مختلف الفواكه وغيرها, وأعظم من ذلك التجاوز عن ذنوبهم, هل من هو في هذه الجنة كمن هو ماكث في النار لا يخرج منها, وسقوا ماء كل تناهى في شدة حره فقطع أمعاءهم؟

"وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ "
ومن هؤلاء المنافقين من يستمع إليك- يا محمد- بغير فهم؟ تهاونا منهم واستخفافا, حتى إذا انصرفوا من مجلسك قالوا لمن حضروا مجلسك من أهل العلم بكتب الله على سبيل الاستهزاء: ماذا قال محمد الأن؟ أولئك الذين ختم الله على قلوبهم, فلا تفقه الحق ولا تهتدي إليه, واتبعوا أهواءهم في الكفر والضلال.

"وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ "
والذين اهتدوا لاتباع الحق زادهم الله هدى, فقوي بذلك هداهم, ووفقهم للتقوى, ويسرها لهم.

"فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ "
ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا الساعة التي وعدوا بها أن تجيئهم فجأة, فقد ظهرت علاماتها ولم ينتفعوا بذلك, فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟

"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "
فاعلم -يا محمد- أنه لا معبود بحق إلا الله, واستغفر لذنبك, واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والله يعلم تصرفكم في يقظتكم نهارا, ومستقركم في نومكم ليلا.

من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
تأليف العلامة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

{~جوود~}
12-04-2009, 06:27 PM
صلاتي طريقتك مره رائعه .. احسها تثبت الحفظ ....


جزاك الله خير على الطريقة .... مفيده جدا ...


وهذه أيضا الطرق المعينة على حفظ القرآن بالإضافة إلى طريقتك :


أولاً: الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله -سبحانه وتعالى- بأن يعينك على حفظ القرآن..


ثانياً: الحفظ في الأوقات والأحوال المناسبة، قال الخطيب البغدادي -رحمه الله-: "أوقات الجوع أحمد للحفظ من أوقات الشبع، وينبغي لمن يحفظ أن يتفقد من نفسه حال الجوع، فإن بعض الناس إذا أصابه الجوع والتها به لم يحفظ، فليطفئ ذلك عن نفسه بالشيء الخفيف كمص الرمان وما أشبه ذلك، ولا يكثر الأكل"، وقال ابن جماعة -عليه رحمة الله-: "كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب، وكثرة الشرب جالبة للنوم، والبلادة، وقصور الذهن وفتور الحواس، وكسل الجسم هذا مع ما فيه من الكراهة الشرعية"2.


ثالثاً: الحرص على تناول المأكولات التي تنشط الذهن وتعين على الحفظ، ومن ذلك العسل؛ قال الزبهري: "عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ، والعسل شفاء للناس بنص القرآن، قال تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ سورة النحل(69)؛ ومن ذلك شرب ماء زمزم بنية الحفظ؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ماء زمزم لما شرب له)3.


رابعاً: التوبة الصادقة النصوح، والإكثار من الاستغفار، فإن نسيان القرآن سببه الذنوب؛ يقول الحافظ ابن حجر في ترجمة وكيع بن الجراح: "وهو أحد الأئمة الأعلام الحفاظ، وقد كان الناس يحفظون، ويحفظ هو طبعًا، قال علي بن خثرم: رأيت وكيعًا وما رأيت بيده كتابًا قط، إنما هو يحفظ، فسألته عن دواء الحفظ؟ قال: ترك المعاصي، ما جربت مثله للحفظ"4.


خامساً: احذر من الغرور بما تحفظه من كتاب الله، وليكن تعلمك للقرآن ابتغاء ما عند الله واكتساب الخشية والسكينة والوقار لا الاستكبار.


سادساً: يفضل أن تحفظ من مصحف معين، ومن طبعة مخصصة حتى تثبت عندك بداية الأجزاء، والأحزاب، وبداية الصفحات ونهايتها، فذلك أضبط وأسهل للحفظ.


سابعاً: أن تحفظ على مدرس متقن، ويكون ذلك بأن تلتحق بمدارس وحلقات تحفيظ القرآن.


ثامناً: فهم المعنى العام للآية، فإن الفهم للمعنى أدعى وأجلب لرسوخ الحفظ في الذهن وثباته.


تاسعاً: الحذر من أمراض القلوب، ومن ذلك العجب والرياء، وأكل الحرام والمتشابه، والاستهزاء بالآخرين ممن لا يحفظ أو لا يحسن القراءة، وغير ذلك من الأمور التي بها علاج نسيان القرآن، والله نسأل أن يعيننا على حفظ كتابه، والعمل به، إنه جواد كريم، بر رحيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..


-----------------------------------------
منقووووووول

*نسمـة الصبـاح*
12-04-2009, 06:29 PM
شكرا حبيبتي جود

ممكن تقولين لنا عن طريقة حفظك؟

*منار الهدى*
12-04-2009, 06:29 PM
بارك الله فيكم

صلاتي طريقة راااائعة الله لا يحرمك الأجر

جووود الله يجعل الموضوع في ميزان حسناتك

غدوورة
12-04-2009, 06:54 PM
السلام عليكماخواتي انا حبدأ من سورة البقرة بإذن الله لكن النت سيئ عندي اليوم

{~جوود~}
12-04-2009, 08:19 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

غدوره الله ييسر لك يارب .... ويهدي النت ..

منار الهدى ولك بالمثل يارب

صلاتي العفو يالغلا ..

طريقة حفظي بعد ما أسمع الشريط .. أبدا أحفظ الصباح طبعا بعد ما يطلعوا أولادي لمدارسهم ...

عشان أروق وأحفظ ..

الطريقة :امسك آية وحده وأرددها حتى ترسخ وبعدين الآية اللي بعدها

إلين حفظ خمس أيات ... واقعد أردد الخمس الأيات خمس مرات عن ظهر قلب حتى أحس تقريبا انها ارسخت

ان احتجت الزياده زدت في العدد بعض الأيات تجي سهلة ما تحتاج كثير وبعضها لا يبغا لها ..

إذا أتقنت الخمس الأيات أبدا بألأايات اللي بعدها حتى اكمل الوجه كامل .. أبدا أقرأ الوجه في الصلاة

حتى يرسخ أكثر ... وحتى وأنا أشتغل في البيت أردد اللي حفظت ... وكمان أحيانا أقراها في صلاة الليل ..

عموما هذه طريقتي لكن لي فتره أتركها ويوم كنت ما شيه عليها كان حفظي اضبط .. بكثير لكن

أنصحكم بالحفظ في وقت الفجر صراحة يرسخ الحفظ .. أكثر من أي وقت ثاني وكمان بعد صلاة المغرب ..

وعسى الله ييسهل لنا أجمعين ...

**كلي جروح**
12-04-2009, 08:53 PM
بارك الله فيك يا جود ....ربي لا يحرمك الاجر

اعنان الله على طاعته وحفط كتابه الكريم .....

ما قدرت اطلع من المنتدى قبل ما ادخل على الموضوع


بارك الله فيكم جميعاِ ....ولي عوده بلمشاركه...جزاكم ربي الف الف خييير

انين مذنبة
12-04-2009, 09:28 PM
شكر الله لك غاليتي جووود

بارك الله في عمرك و جعل خير ايامك يوم لقاءه عز و جل

و لا حرمك ربي لذة النظر لوجهه الكريم

و باذن الله مشاركة معكن لكن حبيت استفسر عن طريقة العرض

انا كنت مشاركة في دورة اختنا في الله سعادتي في طاعة ربي جزاها الله الجنة و نعيمها و حبيت طريقتها اذا ممكن نمشي عليها او على اي طريقة اخرى

و انتظر ردك

محبتك في الله

http://forum.hawahome.com/hawa-red/misc/subscribed.gif الدوره الاولى لتحفيظ القران (http://forum.hawahome.com/t194866.html)

ريحانة المدينه
13-04-2009, 03:56 AM
السلام عليكم
فيه أمكانيه أنظم لكم ولا لأ

{~جوود~}
13-04-2009, 07:45 AM
شكر الله لك غاليتي جووود

بارك الله في عمرك و جعل خير ايامك يوم لقاءه عز و جل

و لا حرمك ربي لذة النظر لوجهه الكريم

و باذن الله مشاركة معكن لكن حبيت استفسر عن طريقة العرض

انا كنت مشاركة في دورة اختنا في الله سعادتي في طاعة ربي جزاها الله الجنة و نعيمها و حبيت طريقتها اذا ممكن نمشي عليها او على اي طريقة اخرى

و انتظر ردك

محبتك في الله

http://forum.hawahome.com/hawa-red/misc/subscribed.gif الدوره الاولى لتحفيظ القران (http://forum.hawahome.com/t194866.html)

هلا والله حياك الله يالغالية ..

يالغالية طريقة العرض اللي ذكرتيها طريقة رائعة ... وهذي الطريقة اللي نعتمدها في

دور التحفيظ ... لكن هذه الطريقة تنفع إذا كان فيه وحده تتابع حفظنا وتسمعنا ..

واحنا اتفقنا انه كل وحده تحفظ من اللي يريحها وتحس انه مهيئة لحفظه ..

وكمان ما ألزم أحد بكتابتها أهم شيء اللي بينها وبين ربها لأن حفظ كل وحده شيء راجع لها

ولمصلحتها هي .. ولكن أن أردات أن تكتب ما حفظت لكي يتثبت مع الكتابة فتفعل اللي يريحها

وان أرادت أن تكتب أنني حفظت من الآية كذا إلى كذا فلتكتب

أهم شيء تنزل لنا تفسير الآيات لأن التفسير والتدبر وفهم وتمعن الآيات هو الواجب

على كل مسلم ومسلمةأما الحفظ فضله عظيم ..

وطريقتك فعلا رائعة لكن تحتاج لشخص يتابعنا ...

ويطلب منا كتابة الأيات من آية كذا إلى آية كذا ..

وان جيتي للحق ما أقدر أتابع الكل ... لكن حبيت اننا نشجع بعضنا في الحفظ

ونستفيد من تفسير الآيات ...

لكن الصراحة الطريقة اللي ذكرتيها في الرابط راائعة جدا .... وانا مجربتها

وإذا عندك اقتراح ثاني هاتيه يمكن يطلع أفضل من طريقتنا ..

أهم شيء نبغى النتيجة اللي نهدف إليها ...

وأحبك الله الذي احببتني فيه .. وحياك الله يالغالية ...

{~جوود~}
13-04-2009, 07:48 AM
السلام عليكم
فيه أمكانيه أنظم لكم ولا لأ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياك الله معنا وإذا ما شالتك روسنا تشيلك عيونا ...

سعيده بانظمامك معنا ..

شرقاويه ماتهاب
13-04-2009, 02:54 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

انا كمان بنظم معكم وجزاها الله خير صلاتي لانها دلتني على هنا

لاني ادخل المنتدى بس ماادخل جميع الاقسام وماكنت ادري عن الموضووع

لي عوده بالحفظ ان شاء الله مع التفسير..

جمعنا الله واياكم في جنان الخلد

**كلي جروح**
13-04-2009, 03:39 PM
السلام عليكم اخواتي

أنا أن شاء الله راح ابد اليوم .....

وعندي كتاب تفسير القراّن لبن كثير

راح اخذا التفسير منه .....

صلاتي ...طريقتك جدا رائع ..بارك الله فيك

*نسمـة الصبـاح*
13-04-2009, 05:45 PM
الحمدلله حفظت اليوم من آية55ــ70


تابع تفسير أمس

{ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا } أي: حاجزا يحجزهم عن الإيمان، { فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } قد غمرهم الجهل والشقاء من جميع جوانبهم، فلم تفد فيهم النذارة. { وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } وكيف يؤمن من طبع على قلبه، ورأى الحق باطلا والباطل حقا؟!
والقسم الثاني: الذين قبلوا النذارة، وقد ذكرهم بقوله: { إِنَّمَا تُنْذِرُ } أي: إنما تنفع نذارتك، ويتعظ بنصحك { مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ } [أي:] من قصده اتباع الحق وما ذكر به، { وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } أي: من اتصف بهذين الأمرين، القصد الحسن في طلب الحق، وخشية اللّه تعالى، فهم الذين ينتفعون برسالتك، ويزكون بتعليمك، وهذا الذي وفق لهذين الأمرين { فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ } لذنوبه، { وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } لأعماله الصالحة، ونيته الحسنة.
{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } أي: نبعثهم بعد موتهم لنجازيهم على الأعمال، { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا } من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم، { وَآثَارَهُمْ } وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر.
ولهذا: { من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة } وهذا الموضع، يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرما، وأعظمهم إثما.
{ وَكُلَّ شَيْءٍ } من الأعمال والنيات وغيرها { أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } أي: كتاب هو أم الكتب وإليه مرجع الكتب، التي تكون بأيدي الملائكة، وهو اللوح المحفوظ.
{ 13 - 30 } { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } إلى آخر القصة.

أي: واضرب لهؤلاء المكذبين برسالتك، الرادين لدعوتك، مثلا يعتبرون به، ويكون لهم موعظة إن وفقوا للخير، وذلك المثل: أصحاب القرية، وما جرى منهم من التكذيب لرسل اللّه، وما جرى عليهم من عقوبته ونكاله.
وتعيين تلك القرية، لو كان فيه فائدة، لعينها اللّه، فالتعرض لذلك وما أشبهه من باب التكلف والتكلم بلا علم، ولهذا إذا تكلم أحد في مثل هذا تجد عنده من الخبط والخلط والاختلاف الذي لا يستقر له قرار، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم، من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها، ولا حجة عليها ولا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها.
والشاهد أن هذه القرية جعلها اللّه مثلا للمخاطبين. { إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } من اللّه تعالى يأمرونهم بعبادة اللّه وحده، وإخلاص الدين له، وينهونهم عن الشرك والمعاصي.
{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } أي: قويناهما بثالث، فصاروا ثلاثة رسل، اعتناء من اللّه بهم، وإقامة للحجة بتوالي الرسل إليهم، { فَقَالُوا } لهم: { إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ } فأجابوهم بالجواب الذي ما زال مشهورا عند من رد دعوة الرسل: فـ { قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا } أي: فما الذي فضلكم علينا وخصكم من دوننا؟ قالت الرسل لأممهم: { إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ }
{ وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ } أي: أنكروا عموم الرسالة، ثم أنكروا أيضا المخاطبين لهم، فقالوا: { إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ }
فقالت هؤلاء الرسل الثلاثة: { رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } فلو كنا كاذبين، لأظهر اللّه خزينا، ولبادرنا بالعقوبة.
{ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } أي: البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح، ومن سرعة العذاب، فليس إلينا، وإنما وظيفتنا -التي هي البلاغ المبين- قمنا بها، وبيناها لكم، فإن اهتديتم، فهو حظكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيء.
فقال أصحاب القرية لرسلهم: { إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } أي: لم نر على قدومكم علينا واتصالكم بنا إلا الشر، وهذا من أعجب العجائب، أن يجعل من قدم عليهم بأجل نعمة ينعم اللّه بها على العباد، وأجل كرامة يكرمهم بها، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، قد قدم بحالة شر، زادت على الشر الذي هم عليه، واستشأموا بها، ولكن الخذلان وعدم التوفيق، يصنع بصاحبه أعظم مما يصنع به عدوه.
ثم توعدوهم فقالوا: { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } أي: نقتلنكم رجما بالحجارة أشنع القتلات { وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
فقالت لهم رسلهم: { طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ } وهو ما معهم من الشرك والشر، المقتضي لوقوع المكروه والنقمة، وارتفاع المحبوب والنعمة. { أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } أي: بسبب أنا ذكرناكم ما فيه صلاحكم وحظكم، قلتم لنا ما قلتم.
{ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } متجاوزون للحد، متجرهمون في قولكم، فلم يزدهم [دعاؤهم] إلا نفورا واستكبارا.
{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى } حرصا على نصح قومه حين سمع ما دعت إليه الرسل وآمن به، وعلم ما رد به قومه عليهم فقال [لهم]: { يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } فأمرهم باتباعهم ونصحهم على ذلك، وشهد لهم بالرسالة، ثم ذكر تأييدا لما شهد به ودعا إليه، فقال: { اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا } أي: اتبعوا من نصحكم نصحا يعود إليكم بالخير، وليس [يريد منكم أموالكم ولا أجرا على نصحه لكم وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه.
بقي] أن يقال: فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة، ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله: { وَهُمْ مُهْتَدُونَ } لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه.
فكأن قومه لم يقبلوا نصحه، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل، وإخلاص الدين للّه وحده، فقال: { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة، لأنه الذي فطرني، وخلقني، ورزقني، وإليه مآل جميع الخلق، فيجازيهم بأعمالهم، فالذي بيده الخلق والرزق، والحكم بين العباد، في الدنيا والآخرة، هو الذي يستحق أن يعبد، ويثنى عليه ويمجد، دون من لا يملك نفعا ولا ضرا، ولا عطاء ولا منعا، ولا حياة ولا موتا ولا نشورا، ولهذا قال: { أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ } لأنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه، فلا تغني شفاعتهم عني شيئا، وَلَا هُمْ يُنْقذون من الضر الذي أراده اللّه بي.
{ إِنِّي إِذًا } أي: إن عبدت آلهة هذا وصفها { لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } فجمع في هذا الكلام، بين نصحهم، والشهادة للرسل بالرسالة، والاهتداء والإخبار بِتعيُّن عبادة اللّه وحده، وذكر الأدلة عليها، وأن عبادة غيره باطلة، وذكر البراهين عليها، والإخبار بضلال من عبدها، والإعلان بإيمانه جهرا، مع خوفه الشديد من قتلهم، فقال: { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } فقتله قومه، لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به.
فـ { قِيلَ } له في الحال: { ادْخُلِ الْجَنَّةَ } فقال مخبرا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه، وناصحا لقومه بعد وفاته، كما نصح لهم في حياته: { يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } أي: بأي: شيء غفر لي، فأزال عني أنواع العقوبات، { وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } بأنواع المثوبات والمسرات، أي: لو وصل علم ذلك إلى قلوبهم، لم يقيموا على شركهم.
قال اللّه في عقوبة قومه: [ { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ] مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ } أي: ما احتجنا أن نتكلف في عقوبتهم، فننزل جندا من السماء لإتلافهم، { وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ } لعدم الحاجة إلى ذلك، وعظمة اقتدار اللّه تعالى، وشدة ضعف بني آدم، وأنهم أدنى شيء يصيبهم من عذاب اللّه يكفيهم { إِنْ كَانَتْ } أي: كانت عقوبتهم { إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } أي: صوتا واحدا، تكلم به بعض ملائكة اللّه، { فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } قد تقطعت قلوبهم في أجوافهم، وانزعجوا لتلك الصيحة، فأصبحوا خامدين، لا صوت ولا حركة، ولا حياة بعد ذلك العتو والاستكبار، ومقابلة أشرف الخلق بذلك الكلام القبيح، وتجبرهم عليهم.
قال اللّه متوجعا للعباد: { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي: ما أعظم شقاءهم، وأطول عناءهم، وأشد جهلهم، حيث كانوا بهذه الصفة القبيحة، التي هي سبب لكل شقاء وعذاب ونكال"
{ 31 - 32 } { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ * وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ }
يقول تعالى: ألم ير هؤلاء ويعتبروا بمن قبلهم من القرون المكذبة، التي أهلكها الله تعالى وأوقع بها عقابها، وأن جميعهم قد باد وهلك، فلم يرجع إلى الدنيا، ولن يرجع إليها، وسيعيد اللّه الجميع خلقا جديدا، ويبعثهم بعد موتهم، ويحضرون بين يديه تعالى، ليحكم بينهم بحكمه العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }



مختصرتفسير السعدي

صديقة العمر
13-04-2009, 08:24 PM
شكرا
جزاكم الله ألف خير

**كلي جروح**
13-04-2009, 10:59 PM
ما شاء الله تبارك ارحمن عليك اختي صلاتي ،،،،،،استمري حبيبتي وبارك الله فيك

{~جوود~}
14-04-2009, 12:21 AM
شرقاويه ما تهاب حياك الله .. ونحن في انتظارك

وجزى الله صلاتي كل خير ...

رائع صلاتي .. ما شاء الله عليك ...

أنا اليوم الصراحة ما حفظت قعدت أثبت الحفظ اللي امس وبعدين طلعت ولا جيت إلا متأخره ...

ان شاء الله باحفظ الصباح .. بإذن الله .....

لكن راح أنزل الآن تفسير بداية سورة (محمد) من أية (1) إلى آية (11)


تفسيرسورة محمد


"الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ "
الذين جحدوا توحيد الله, وصدوا الناس عن دينه, أذهب الله أعمالهم, وأبطلها, وأشقاهم بسببها.

"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ "
والذين صدقوا الله واتبعوا شرعه وصدقوا بالكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم, وهو الحق الذي لا شك فيه من ربهم, ستر عليهم ما عملوا من السيئات, فلم يعاقبهم عليها, وأصلح شأنهم في الدينا والآخرة.

"ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ "
ذلك الإضلال والهدى سببه أن الذين كفروا اتبعوا الشيطان فأطاعوه, وأن وأن الذين آمنوا واتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الخير والهدى, كما بين الله تعالى فعله بالفريقين أهل الكفر وأهل الإيمان بما يستحقان يضرب سبحانه للناس أمثالهم, فيلحق بكل قوم من الأمثال والأشكال ما يناسبه.

"فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ "
فإذا لقيتم- أيها المؤمنون- الذين كفروا في ساحات الحرب فاصدقوهم القتال, واضربوا منهم الأعناق, حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل, وكسرتم شوكتهم, فأحكموا قيد الأسرى: فإما أن تمنوا عليهم بفك أسرهم بغير عوض, وإما أن يفادوا أنفسهم بالمال أو غيره, وإما أن يسترقوا أو يقتلوا, واستمروا على ذلك حتى تنتهي الحرب. ذلك الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين ومداوله الأيام بينهم, ولو يشاء الله لانتصر للمؤمنين من الكافرين بغير قتال, ولكن جعل عقوبتهم على أيديكم, فشرع الجهاد, ليختبركم بهم, ولينصر بكم دينه والذين قتلوا في سبيل الله من المؤمنين فلن يبطل الله ثواب أعمالهم,

"سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ "
سيوفقهم إلى طاعته ومرضاته, ويصلح شأنهم في الدنيا والآخرة,

"وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ "
ويدخلهم الجنة, بينها وعرفها لهم.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ "
يا أيها اللذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, إن تنصروا دين الله بالجهاد في سبيله, والحكم بكتابه, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, ينصركم الله على أعدائكم, ويثبت أقدامكم عند القتال.

"وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ "
والذين كفروا فهلاكا لهم, وأذهب الله ثواب أعمالهم.

"ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ "
ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فكذبوا به, فأبطل أعمالهم; لأنها كانت في طاعة الشيطان.

"أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا "
أفلم يسر هؤلاء الكفار في أرض الله معتبرين بما حل بالأمم المكذبة قبلهم من العقاب؟ دمر الله عليهم ديارهم, وللكافرين أمثال تلك العاقبة التي حلت بتلك الأمم.

"ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ "
ذلك الذي فعلاه بالفريقين فريق الإيمان وفريق الكفر; بسبب أن الله ولي المؤمنين ونصيرهم, وأن الكافرين لا ولي لهم ولا نصير.

نكهة مطر
14-04-2009, 02:41 PM
ماشاءالله تبار الله عليكم الله لايحرمكم اجر التلاوة واجر الحفظ بصراحه حمستوني...

والله هذه امنية حياتي ..يارب ييسرلي وييسرلكم ونحفظ كتابه الكريم..

غدوووره وصلاتي الله يساعدكم ويتمم حملكم على خير ....اللهم آمين

*نسمـة الصبـاح*
14-04-2009, 03:16 PM
شكرا لكم حبايبي

بس يااالله نبي حماااااس أكثر


وينكم ياكلي جروح وغدورره وشرقاويه وريحانة المدينه والجميع

معليش إذا نسيت أحد

نبي حفظكم بسرعه


وشكراً ياجود على التفسير بس مانبي إهمال من اللحين

هههه

أنتي أمنا ياجود وقدوتنا فخطر نقلدك


ههههههه



حفظكم المولى ورعاكم

استمروا على بركة الله

{~جوود~}
14-04-2009, 05:37 PM
ههههههههههههه


صلاتي ... وش أسوي الإهمال وارد الله يكفينا شر أنفسنا ..


جروحة وينك وبقية البنات أنين مذنبة و شرقاوية ما تهاب


وبنت أبوها اختفت وينكم ؟


في انتظاركم ...


واليوم حفظت من آية (20 - 29 ) ...


لن أكتب الأيات لأني وجدت فتاوى اختلفوا من ناحية جواز


التسميع الكتابي منهم من اجاز ذلك ومنهم


لم يجيزه والله أعلم ... وعشان كذا سأتبع هذا الحديث :


عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وأن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري و مسلم



تفسير الأيات في سورة (محمد) من آية (20) إلى آية (29) :


وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ "
ويقول الذين أمنوا بالله ورسوله: هلا نزلت سورة من الله تأمرنا بجهاد الكفار, فينا أنزلت سورة محكمة بالبيان والفرائض وذكر فيها الجهاد, رأيت الذين في قلوبهم شك في دين الله ونفاق ينظرون إليك- يا محمد- نظر الذي قد غشى عليه خوف الموت, فأولى لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض


"طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ "
أن يطيعوا الله, وأن يقولوا قولا موافقا للشرع فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بفرضه كره هؤلاء المنافقون ذلك, فلو صدقوا الله في الإيمان والعمل لكان خيرا لهم من المعصية والمخالفة.


"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ "
فلعلكم إن أعرضتم عن كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن تعصوا الله في الأرض, فتكفروا به وتسفكوا الدماء وتقطعوا أرحامكم.


"أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ "
أولئك الذين أبعدهم الله من رحمته, فجعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ولا يبصرونه, فلم يتبينوا حجج الله مع كثرتها.


"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا "
أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون مواعظ القرآن ويتفكرون في حججه؟ بل هذه القلوب مغلقة لا يصل إليها شيء من هذا القرآن, فلا تتدبر مواعظ الله وعبره.


"إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ "
إن الذين ارتدوا عن الهدى والإيمان, ورجعوا على أعقابهم كفارا بالله من بعد ما وضح لهم الحق, الشيطان زين لهم خطاياهم, ومد لهم في الأمل.


"ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ "
ذلك الإمداد لهم حتى يتمادوا في الكفر ; بسبب أنهم قالوا لليهود الذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم في بعض الأمر الذي هو خلاف لأمر الله وأمر رسوله, والله تعالى يعلم ما يخفيه هؤلاء ويسرونه, فليحذر المسلم من طاعة غير الله فيما يخالف أمر الله سبحانه, وأمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.


"فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ "
فكيف حالهم إذا قبضت الملائكة أرواحهم وهم يضربون وجوههم وأدبارهم؟


"ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ "
ذلك العذاب الذي استحقوه ونالوه بسبب أنهم اتبعوا ما أسخط الله عليهم من طاعة الشيطان, وكرهوا ما يرضيه عنهم من العمل الصالح, ومنه قتال الكفار بعدما افترضه عليهم, فأبطل الله ثواب أعمالهم من صدقة وصلة رحم وغير ذلك.


"أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ "
بل أظن المنافقون أن الله لن يخرج ما في قلوبهم من الحسد والحقد للإسلام وأهله؟ بلى فإن الله يميز الصادق من الكاذب.

*نسمـة الصبـاح*
14-04-2009, 07:11 PM
اليوم بحمد الله أتممت سورة يس


تابع التفسير


{ 33 - 36 } { وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ * سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ }
أي: { وَآيَةٌ لَهُمُ } على البعث والنشور، والقيام بين يدي اللّه تعالى للجزاء على الأعمال، هذه { الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ } أنزل اللّه عليها المطر، فأحياها بعد موتها، { وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } من جميع أصناف الزروع، ومن جميع أصناف النبات، التي تأكله أنعامهم، { وَجَعَلْنَا فِيهَا } أي: في تلك الأرض الميتة { جَنَّاتٍ } أي: بساتين، فيها أشجار كثيرة، وخصوصا النخيل والأعناب، اللذان هما أشرف الأشجار، { وَفَجَّرْنَا فِيهَا } أي: في الأرض { مِنَ الْعُيُونِ }
جعلنا في الأرض تلك الأشجار، والنخيل والأعناب، { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ } قوتا وفاكهة، وأدْمًا ولذة، { و } الحال أن تلك الثمار { مَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } [وليس لهم فيه صنع، ولا عمل، إن هو إلا صنعة أحكم الحاكمين، وخير الرازقين، وأيضا فلم تعمله أيديهم] بطبخ ولا غيره، بل أوجد اللّه هذه الثمار، غير محتاجة لطبخ ولا شيّ، تؤخذ من أشجارها، فتؤكل في الحال. { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } من ساق لهم هذه النعم، وأسبغ عليهم من جوده وإحسانه، ما به تصلح أمور دينهم ودنياهم، أليس الذي أحيا الأرض بعد موتها، فأنبت فيها الزروع والأشجار، وأودع فيها لذيذ الثمار، وأظهر ذلك الجنى من تلك الغصون، وفجر الأرض اليابسة الميتة بالعيون، بقادر على أن يحيي الموتى؟ بل، إنه على كل شيء قدير.
{ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا } أي: الأصناف كلها، { مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ } فنوع فيها من الأصناف ما يعسر تعداده. { وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ } فنوعهم إلى ذكر وأنثى، وفاوت بين خلقهم وخُلُقِهمْ، وأوصافهم الظاهرة والباطنة. { وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } من المخلوقات التي قد خلقت وغابت عن علمنا، والتي لم تخلق بعد، فسبحانه وتعالى أن يكون له شريك، أو ظهير، أو عوين، أو وزير، أو صاحبة، أو ولد، أو سَمِيٌّ، أو شبيه، أو مثيل في صفات كماله ونعوت جلاله، أو يعجزه شيء يريده.

{ 37 - 40 } { وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }
أي: { وَآيَةٌ لَهُمُ } على نفوذ مشيئة اللّه، وكمال قدرته، وإحيائه الموتى بعد موتهم. { اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ } أي: نزيل الضياء العظيم الذي طبق الأرض، فنبدله بالظلمة، ونحلها محله { فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } وكذلك نزيل هذه الظلمة، التي عمتهم وشملتهم، فتطلع الشمس، فتضيء الأقطار، وينتشر الخلق لمعاشهم ومصالحهم، ولهذا قال: { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا } [أي: دائما تجري لمستقر لها] قدره اللّه لها، لا تتعداه، ولا تقصر عنه، وليس لها تصرف في نفسها، ولا استعصاء على قدرة اللّه تعالى. { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ } الذي بعزته دبر هذه المخلوقات العظيمة، بأكمل تدبير، وأحسن نظام. { الْعَلِيمُ } الذي بعلمه، جعلها مصالح لعباده، ومنافع في دينهم ودنياهم.
{ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ } ينزل بها، كل ليلة ينزل منها واحدة، { حَتَّى } يصغر جدا، فيعود { كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ } أي: عرجون النخلة، الذي من قدمه نش وصغر حجمه وانحنى، ثم بعد ذلك، ما زال يزيد شيئا فشيئا، حتى يتم [نوره] ويتسق ضياؤه.
{ وَكُلٌّ } من الشمس والقمر، والليل والنهار، قدره [اللّه] تقديرا لا يتعداه، وكل له سلطان ووقت، إذا وجد عدم الآخر، ولهذا قال: { لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } أي: في سلطانه الذي هو الليل، فلا يمكن أن توجد الشمس في الليل، { وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ } فيدخل عليه قبل انقضاء سلطانه، { وَكُلٌّ } من الشمس والقمر والنجوم { فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } أي: يترددون على الدوام، فكل هذا دليل ظاهر، وبرهان باهر، على عظمة الخالق، وعظمة أوصافه، خصوصا وصف القدرة والحكمة والعلم في هذا الموضع.
{ 41 - 50 } { وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ }
أي: ودليل لهم وبرهان، على أن اللّه وحده المعبود، لأنه المنعم بالنعم، الصارف للنقم، الذي من جملة نعمه { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } قال كثير من المفسرين: المراد بذلك: آباؤهم.
{ وَخَلَقْنَا لَهُمْ } أي: للموجودين من بعدهم { مِنْ مِثْلِهِ } أي: من مثل ذلك الفلك، أي: جنسه { مَا يَرْكَبُونَ } به، فذكر نعمته على الآباء بحملهم في السفن، لأن النعمة عليهم، نعمة على الذرية. وهذا الموضع من أشكل المواضع عليَّ في التفسير، فإن ما ذكره كثير من المفسرين، من أن المراد بالذرية الآباء، مما لا يعهد في القرآن إطلاق الذرية على الآباء، بل فيها من الإيهام، وإخراج الكلام عن موضوعه، ما يأباه كلام رب العالمين، وإرادته البيان والتوضيح لعباده.
وثَمَّ احتمال أحسن من هذا، وهو أن المراد بالذرية الجنس، وأنهم هم بأنفسهم، لأنهم هم من ذرية [بني] آدم، ولكن ينقض هذا المعنى قوله: { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } إن أريد: وخلقنا من مثل ذلك الفلك، أي: لهؤلاء المخاطبين، ما يركبون من أنواع الفلك، فيكون ذلك تكريرا للمعنى، تأباه فصاحة القرآن. فإن أريد بقوله: { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } الإبل، التي هي سفن البر، استقام المعنى واتضح، إلا أنه يبقى أيضا، أن يكون الكلام فيه تشويش، فإنه لو أريد هذا المعنى، لقال: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَاهم فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُون،ِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ، فأما أن يقول في الأول: وحملنا ذريتهم، وفي الثاني: حملناهم، فإنه لا يظهر المعنى، إلا أن يقال: الضمير عائد إلى الذرية، واللّه أعلم بحقيقة الحال.
فلما وصلت في الكتابة إلى هذا الموضع، ظهر لي معنى ليس ببعيد من مراد اللّه تعالى، وذلك أن من عرف جلالة كتاب اللّه وبيانه التام من كل وجه، للأمور الحاضرة والماضية والمستقبلة، وأنه يذكر من كل معنى أعلاه وأكمل ما يكون من أحواله، وكانت الفلك من آياته تعالى ونعمه على عباده، من حين أنعم عليهم بتعلمها إلى يوم القيامة، ولم تزل موجودة في كل زمان، إلى زمان المواجهين بالقرآن.
فلما خاطبهم اللّه تعالى بالقرآن، وذكر حالة الفلك، وعلم تعالى أنه سيكون أعظم آيات الفلك في غير وقتهم، وفي غير زمانهم، حين يعلمهم [صنعة] الفلك [البحرية] الشراعية منها والنارية، والجوية السابحة في الجو، كالطيور ونحوها، [والمراكب البرية] مما كانت الآية العظمى فيه لم توجد إلا في الذرية، نبَّه في الكتاب على أعلى نوع من أنواع آياتها فقال:
{ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } أي: المملوء ركبانا وأمتعة. فحملهم اللّه تعالى، ونجاهم بالأسباب التي علمهم اللّه بها، من الغرق، و[لهذا] نبههم على نعمته عليهم حيث أنجاهم مع قدرته على ذلك، فقال: { وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ } أي: لا أحد يصرخ لهم فيعاونهم على الشدة، ولا يزيل عنهم المشقة، { وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ } مما هم فيه { إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } حيث لم نغرقهم، لطفا بهم، وتمتيعا لهم إلى حين، لعلهم يرجعون، أو يستدركون ما فرط منهم.
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أي: من أحوال البرزخ والقيامة، وما في الدنيا من العقوبات { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أعرضوا عن ذلك، فلم يرفعوا به رأسا، ولو جاءتهم كل آية، ولهذا قال: { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } وفي إضافة الآيات إلى ربهم، دليل على كمالها ووضوحها، لأنه ما أبين من آية من آيات اللّه، ولا أعظم بيانا.
وإن من جملة تربية اللّه لعباده، أن أوصل إليهم الآيات التي يستدلون بها على ما ينفعهم، في دينهم ودنياهم.
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ } أي: من الرزق الذي منَّ به اللّه عليكم، ولو شاء لسلبكم إياه، { قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا } معارضين للحق، محتجين بالمشيئة: { أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ } أيها المؤمنون { إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } حيث تأمروننا بذلك.
وهذا مما يدل على جهلهم العظيم، أو تجاهلهم الوخيم، فإن المشيئة، ليست حجة لعاص أبدا، فإنه وإن كان ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكن، فإنه تعالى مكَّن العباد، وأعطاهم من القوة ما يقدرون على فعل الأمر واجتناب النهي، فإذا تركوا ما أمروا به، كان ذلك اختيارا منهم، لا جبرا لهم ولا قهرا.
{ وَيَقُولُونَ } على وجه التكذيب والاستعجال: { مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } قال اللّه تعالى: لا يستبعدوا ذلك، فإنه [عن] قريب { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } وهي نفخة الصور { تَأْخُذُهُمْ } أي: تصيبهم { وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } أي: وهم لا هون عنها، لم تخطر على قلوبهم في حال خصومتهم، وتشاجرهم بينهم، الذي لا يوجد في الغالب إلا وقت الغفلة.
وإذا أخذتهم وقت غفلتهم، فإنهم لا ينظرون ولا يمهلون { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } أي: لا قليلة ولا كثيرة { وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ }

{ 51 - 54 } { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
النفخة الأولى، هي نفخة الفزع والموت، وهذه نفخة البعث والنشور، فإذا نفخ في الصور، خرجوا من الأجداث والقبور، ينسلون إلى ربهم، أي: يسرعون للحضور بين يديه، لا يتمكنون من التأنِّي والتأخر، وفي تلك الحال، يحزن المكذبون، ويظهرون الحسرة والندم، ويقولون: { يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا } أي: من رقدتنا في القبور، لأنه ورد في بعض الأحاديث، أن لأهل القبور رقدة قبيل النفخ في الصور، فيجابون، فيقال [لهم:] { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } أي: هذا الذي وعدكم اللّه به، ووعدتكم به الرسل، فظهر صدقهم رَأْيَ عين.
ولا تحسب أن ذكر الرحمن في هذا الموضع، لمجرد الخبر عن وعده، وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم، سيرون من رحمته ما لا يخطر على الظنون، ولا حسب به الحاسبون، كقوله: { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } { وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ } ونحو ذلك، مما يذكر اسمه الرحمن، في هذا.
{ إِنْ كَانَتْ } البعثة من القبور { إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } ينفخ فيها إسرافيل في الصور، فتحيا الأجساد، { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } الأولون والآخرون، والإنس والجن، ليحاسبوا على أعمالهم.
{ فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا } لا ينقص من حسناتها، ولا يزاد في سيئاتها، { وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من خير أو شر، فمن وجد خيرا فليحمد اللّه على ذلك، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
{ 55 - 58 } { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ }
[لما ذكر تعالى] أن كل أحد لا يجازى إلا ما عمله، ذكر جزاء الفريقين، فبدأ بجزاء أهل الجنة، وأخبر أنهم في ذلك اليوم { فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } أي: في شغل مفكه للنفس، مُلِذِّ لها، من كل ما تهواه النفوس، وتلذه العيون، ويتمناه المتمنون.
ومن ذلك افتضاض العذارى الجميلات، كما قال: { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ } من الحور العين، اللاتي قد جمعن حسن الوجوه والأبدان وحسن الأخلاق. { فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ } أي: على السرر المزينة باللباس المزخرف الحسن. { مُتَّكِئُونَ } عليها، اتكاء على كمال الراحة والطمأنينة واللذة.
{ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ } كثيرة، من جميع أنواع الثمار اللذيذة، من عنب وتين ورمان، وغيرها، { وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } أي: يطلبون، فمهما طلبوه وتمنوه أدركوه.
ولهم أيضا { سَلَامٌ } حاصل لهم { مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } ففي هذا كلام الرب تعالى لأهل الجنة وسلامه عليهم، وأكده بقوله: { قَوْلًا } وإذا سلم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرءوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذي أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، فلولا أن اللّه تعالى قدر أن لا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور، لحصل ذلك.
فنرجو ربنا أن لا يحرمنا ذلك النعيم، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم.

{ 59 - 67 } { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ }
لما ذكر تعالى جزاء المتقين، ذكر جزاء المجرمين { و } أنهم يقال لهم يوم القيامة { امْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } أي: تميزوا عن المؤمنين، وكونوا على حدة، ليوبخهم ويقرعهم على رءوس الأشهاد قبل أن يدخلهم النار، فيقول لهم: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ } أي: آمركم وأوصيكم، على ألسنة رسلي، [وأقول لكم:] { يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } أي: لا تطيعوه؟ وهذا التوبيخ، يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان وعبادة له، { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } فحذرتكم منه غاية التحذير، وأنذرتكم عن طاعته، وأخبرتكم بما يدعوكم إليه، { و } أمرتكم { أَنِ اعْبُدُونِي } بامتثال أوامري وترك زواجري، { هَذَا } أي: عبادتي وطاعتي، ومعصية الشيطان { صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } فعلوم الصراط المستقيم وأعماله ترجع إلى هذين الأمرين، أي: فلم تحفظوا عهدي، ولم تعملوا بوصيتي، فواليتم عدوكم، فـ { أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا } أي: خلقا كثيرا.
{ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ } أي: فلا كان لكم عقل يأمركم بموالاة ربكم ووليكم الحق، ويزجركم عن اتخاذ أعدى الأعداء لكم وليا، فلو كان لكم عقل صحيح لما فعلتم ذلك، فإذا أطعتم الشيطان، وعاديتم الرحمن، وكذبتم بلقائه، ووردتم القيامة دار الجزاء، وحق عليكم القول بالعذاب فـ { هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } وتكذبون بها، فانظروا إليها عيانا، فهناك تنزعج منهم القلوب، وتزوغ الأبصار، ويحصل الفزع الأكبر.
ثم يكمل ذلك، بأن يؤمر بهم إلى النار، ويقال لهم: { اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } أي: ادخلوها على وجه تصلاكم، ويحيط بكم حرها، ويبلغ منكم كل مبلغ، بسبب كفركم بآيات اللّه، وتكذيبكم لرسل اللّه.
قال الله تعالى في بيان وصفهم الفظيع في دار الشقاء: { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ } بأن نجعلهم خرسا فلا يتكلمون، فلا يقدرون على إنكار ما عملوه من الكفر والتكذيب. { وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: تشهد عليهم أعضاؤهم بما عملوه، وينطقها الذي أنطق كل شيء.
{ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ } بأن نُذْهِبَ أبصارهم، كما طمسنا على نطقهم. { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ } أي: فبادروا إليه، لأنه الطريق إلى الوصول إلى الجنة، { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } وقد طمست أبصارهم.
{ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } أي: لأذهبنا حركتهم { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } إلى الأمام { وَلَا يَرْجِعُونَ } إلى ورائهم ليبعدوا عن النار. والمعنى: أن هؤلاء الكفار، حقت عليهم كلمة العذاب، ولم يكن بُدٌّ من عقابهم.
وفي ذلك الموطن، ما ثَمَّ إلا النار قد برزت، وليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط، وهذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان، الذين يمشون في نورهم، وأما هؤلاء، فليس لهم عند اللّه عهد في النجاة من النار؛ فإن شاء طمس أعينهم وأبقى حركتهم، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إليه وبادروه، وإن شاء أذهب حراكهم فلم يستطيعوا التقدم ولا التأخر. المقصود: أنهم لا يعبرونه، فلا تحصل لهم النجاة.

{ 68 } { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ }
يقول تعالى: { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ } من بني آدم { نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ } أي: يعود إلى الحالة التي ابتدأ حالة الضعف، ضعف العقل، وضعف القوة. { أَفَلَا يَعْقِلُونَ } أن الآدمي ناقص من كل وجه، فيتداركوا قوتهم وعقولهم، فيستعملونها في طاعة ربهم.

*نسمـة الصبـاح*
14-04-2009, 07:19 PM
بكمل لكم تفسير كامل السوره



{ 69 - 70 } { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ }
ينزه تعالى نبيه محمدا صلى اللّه عليه وسلم، عما رماه به المشركون، من أنه شاعر، وأن الذي جاء به شعر فقال: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ } أن يكون شاعرا، أي: هذا من جنس المحال أن يكون شاعرا، لأنه رشيد مهتد، والشعراء غاوون، يتبعهم الغاوون، ولأن اللّه تعالى حسم جميع الشبه التي يتعلق بها الضالون على رسوله، فحسم أن يكون يكتب أو يقرأ، وأخبر أنه ما علمه الشعر وما ينبغي له، { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ } أي: ما هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب، جميع المطالب الدينية، فهو مشتمل عليها أتم اشتمال، وهو يذكر العقول، ما ركز اللّه في فطرها من الأمر بكل حسن، والنهي عن كل قبيح.
{ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } أي: مبين لما يطلب بيانه. ولهذا حذف المعمول، ليدل على أنه مبين لجميع الحق، بأدلته التفصيلية والإجمالية، والباطل وأدلة بطلانه، أنزله اللّه كذلك على رسوله.
{ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا } أي: حي القلب واعيه، فهو الذي يزكو على هذا القرآن، وهو الذي يزداد من العلم منه والعمل، ويكون القرآن لقلبه بمنزلة المطر للأرض الطيبة الزاكية. { وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } لأنهم قامت عليهم به حجة اللّه، وانقطع احتجاجهم، فلم يبق لهم أدنى عذر وشبهة يُدْلُونَ بها.
{ 71 - 73 } { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ }
يأمر تعالى العباد بالنظر إلى ما سخر لهم من الأنعام وذللها، وجعلهم مالكين لها، مطاوعة لهم في كل أمر يريدونه منها، وأنه جعل لهم فيها منافع كثيرة من حملهم وحمل أثقالهم ومحاملهم وأمتعتهم من محل إلى محل، ومن أكلهم منها، وفيها دفء، ومن أوبارها وأشعارها وأصوافها أثاثا ومتاعا إلى حين، وفيها زينة وجمال، وغير ذلك من المنافع المشاهدة منها، { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } اللّه تعالى الذي أنعم بهذه النعم، ويخلصون له العبادة ولا يتمتعون بها تمتعا خاليا من العبرة والفكرة.

{ 74 - 75 } { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ }
هذا بيان لبطلان آلهة المشركين، التي اتخذوها مع اللّه تعالى، ورجوا نصرها وشفعها، فإنها في غاية العجز { لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ } ولا أنفسهم ينصرون، فإذا كانوا لا يستطيعون نصرهم، فكيف ينصرونهم؟ والنصر له شرطان: الاستطاعة [والقدرة] فإذا استطاع، يبقى: هل يريد نصرة من عبده أم لا؟ فَنَفْيُ الاستطاعة، ينفي الأمرين كليهما.
{ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ } أي: محضرون هم وهم في العذاب، ومتبرئ بعضهم من بعض، أفلا تبرأوا في الدنيا من عبادة هؤلاء، وأخلصوا العبادة للذي بيده الملك والنفع والضر، والعطاء والمنع، وهو الولي النصير؟

{ 76 } { فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }
أي: فلا يحزنك يا أيها الرسول، قول المكذبين، والمراد بالقول: ما دل عليه السياق، كل قول يقدحون فيه في الرسول، أو فيما جاء به.
أي: فلا تشغل قلبك بالحزن عليهم { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }
فنجازيهم على حسب علمنا بهم، وإلا فقولهم لا يضرك شيئا.

{ 77 - 83 } { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
هذه الآيات الكريمات، فيها [ذكر] شبهة منكري البعث، والجواب عنها بأتم جواب وأحسنه وأوضحه، فقال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ } المنكر للبعث و الشاك فيه، أمرا يفيده اليقين التام بوقوعه، وهو ابتداء خلقه { مِنْ نُطْفَةٍ } ثم تنقله في الأطوار شيئا فشيئا، حتى كبر وشب، وتم عقله واستتب، { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } بعد أن كان ابتداء خلقه من نطفة، فلينظر التفاوت بين هاتين الحالتين، وليعلم أن الذي أنشأه من العدم، قادر على أن يعيده بعد ما تفرق وتمزق، من باب أولى.
{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا } لا ينبغي لأحد أن يضربه، وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق، وأن الأمر المستبعد على قدرة المخلوق مستبعد على قدرة الخالق. فسر هذا المثل [بقوله]: { قَالَ } ذلك الإنسان { مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } أي: هل أحد يحييها؟ استفهام إنكار، أي: لا أحد يحييها بعد ما بليت وتلاشت.
هذا وجه الشبهة والمثل، وهو أن هذا أمر في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر، وهذا القول الذي صدر من هذا الإنسان غفلة منه، ونسيان لابتداء خلقه، فلو فطن لخلقه بعد أن لم يكن شيئا مذكورا فوجد عيانا، لم يضرب هذا المثل.
فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف، فقال: { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا بمجرد تصوره، يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه، أن الذي أنشأها أول مرة قادر على الإعادة ثاني مرة، وهو أهون على القدرة إذا تصوره المتصور، { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }
هذا أيضا دليل ثان من صفات اللّه تعالى، وهو أن علمه تعالى محيط بجميع مخلوقاته في جميع أحوالها، في جميع الأوقات، ويعلم ما تنقص الأرض من أجساد الأموات وما يبقى، ويعلم الغيب والشهادة، فإذا أقر العبد بهذا العلم العظيم، علم أنه أعظم وأجل من إحياء اللّه الموتى من قبورهم.
ثم ذكر دليلا ثالثا { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ } فإذا أخرج [النار] اليابسة من الشجر الأخضر، الذي هو في غاية الرطوبة، مع تضادهما وشدة تخالفهما، فإخراجه الموتى من قبورهم مثل ذلك.
ثم ذكر دليلا رابعا فقال: { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } على سعتهما وعظمهما { بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي: [أن] يعيدهم [بأعيانهم]. { بَلَى } قادر على ذلك، فإن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس. { وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } وهذا دليل خامس، فإنه تعالى الخلاق، الذي جميع المخلوقات، متقدمها ومتأخرها، صغيرها وكبيرها، كلها أثر من آثار خلقه وقدرته، وأنه لا يستعصي عليه مخلوق أراد خلقه.
فإعادته للأموات، فرد من أفراد [آثار] خلقه، ولهذا قال: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا } نكرة في سياق الشرط، فتعم كل شيء. { أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } أي: في الحال من غير تمانع.
{ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } وهذا دليل سادس، فإنه تعالى هو الملك المالك لكل شيء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي ملك له، وعبيد مسخرون ومدبرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكمية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية.
فإعادته إياهم بعد موتهم، لينفذ فيهم حكم الجزاء، من تمام ملكه، ولهذا قال: { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } من غير امتراء ولا شك، لتواتر البراهين القاطعة والأدلة الساطعة على ذلك. فتبارك الذي جعل في كلامه الهدى والشفاء والنور.
تم تفسير سورة يس، فللّه [تعالى] الحمد كما ينبغي لجلاله، وله الثناء كما يليق بكماله، وله المجد كما تستدعيه عظمته وكبرياؤه، وصلى اللّه على محمد وآله وسلم.

oum moundir
14-04-2009, 11:13 PM
أنا أيضا مغتربة لكن الحمد لله إبني و بنتي خففوا عني كثيرا
فعلا هو عمل رائع لحفظ كتاب الله ربي يوفقني و يوفق الجميع لحفظه آمين
يسرني أن أنضم إليكن فيهذه الحلقة بعد ما أنظم وقتي و بيتي لأني إنتقلت إلى بيت أخر
أدعو لي يا بنات ربي يفرج همي و كربي

*منار الهدى*
15-04-2009, 06:48 AM
ماشاءالله تبارك الله

الله يكتب لكم الأجر

أم منذر فرج الله همك وييسر الله امورك

**كلي جروح**
15-04-2009, 09:06 AM
حبايبي انتو ....وربي احس بشعور جميل ورائع لمن اشوف خواتي مجتمعين


على حفظ كتاب الله ....بارك الله فيكم جميعا .....جود ......صلاتي ...


ما شاء الله علييكم ......استمروالله لا يحرمك الاجر


جود حبيبتي انا موجوده ...اعيالي بعد مشتركين


فى مسبقته حفظ القران الكريم .....بلمدرسه وهاي المسباقه تنضمه

وزاره التربيه وتعليم ...عند بقطر ..سنوين ........


وهاي الي شقالني وماخرني.........

بحاول ان شاء الله .....احفظ اكثر وانزل التفسير ....


أم منذر ...الله يفرج همك ويسر امورك ...ويصبرك على غربتك


منار لج وحشه حبيبتي .....واول ما تولدين بشرين ..........


الله يسهل عليك ....غدوورة ...صلاتي ...الله يتمم حملكم على خييير ....جود الجمعاعه كلهم حوامل ...اش رايك انا وانتي نتفق ونحمل مع بعض ... ههههههههه ......زوجي عاد يبين احمل اليوم قبل بكره ...ههههههههههه

{~جوود~}
15-04-2009, 07:54 PM
أم منذر .. ربي يفرج همك وكربك ... ونحن في انتظارك في الإنضمام معنا ...

منار الهدى .. ولك بالمثل ياحي ياقيوم والله يسهل عليك ويهون عليك ...

جروووووووووحه .. ننتظرك ...

أما من ناحية الحمل أنا وياك ضعنا في الطوشه مع الحوامل الله يسهل عليهم .....

أما زوجي عنده تحسس من سالفة الحمل وبيني وبينك عاجبني الوضع لين أروق أحمل ان شاء الله بإذن الله ...

صلاتي ما شاء الله عليك اتممتي حفظ سورة (يس) ... عقبال القرآن كامل ...

الله يجعله في موازين أعمال ...

وبالنسبة لي أتممت ولله الحمد حفظ سورة (محمد)

وحفظتها من آية (30 إلى 38 )

وهذه تفسير الآيات التي تم حفظها ... من آية (30 إلى آية 38)

وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ "
ولو شاء- يا محمد- لأريناك أشخاصهم, فلعرفتهم بعلامات ظاهرة فيهم, ولتعرفنهم فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم. والله تعالى لا تخفى عليه أعمال من أطاعه ومن عصاه, وسيجازي كلا بما يستحق.

"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ "
ولنختبرنكم- أيها المؤمنون- بالقتال والجهاد لأعداء الله حتى يظهر أهل الجهاد منكم والصبر على قتال أعداء الله, ونختبر أقوالكم وأفعالكم, فيظهر الصادق منكم من الكاذب.

"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ "
إن الذين جحدوا توحيد الله, وصدوا الناس عن دينه, وخالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فحاربوه من بعد ما جاءتهم الحجج والآيات أنه نبي من عند الله, لن يضروا دين الله شيئا, وسيبطل ثواب أعمالهم التي عملوها في الدنيا ولأنهم لم يريدوا بها وجه الله تعالى.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ "
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول في أمرهما ونهيهما, ولا تبطلوا ثواب أعمالكم بالكفر والمعاصي.

"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ "
إن الذين أنكروا توحيد الله وصدوا الناس عن دينه, ثم ماتوا على ذلك, فلن يغفر الله لهم, وسيعذبهم عقابا لهم على كفرهم, ويفضحهم على رؤوس الأشهاد.

"فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ "
فلا تضعفوا أيها المؤمنون بالله ورسوله- عن جهاد المشركين, وتجنبوا عن قتالهم, وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة, وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم, والله تعالى معكم بنصره وتأييده. وفي ذلك بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء ولن ينقصكم الله ثواب أعمالكم.

"إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ "
إنما الحياة الدنيا لعب وغرور وإن تؤمنوا بالله ورسوله, وتتقوا الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه, يؤتكم ثواب أعمالكم, ولا يسألكم إخراج أموالكم جميعها في الزكاة, بل يسألكم إخراج بعضها

"إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ "
إن يسألكم أموالكم, فيلح عليكم ويجهدكم, تبخلوا بها وتمنعوه إياها, ويظهر ما في قلوبكم من الحقد إذا طلب منكم ما تكرهون بذله.

"هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ "
ها أنتم أيها المؤمنون- تدعون إلى النفقة في جهاد أعداء الله ونصرة دينه, فمنكم من يبخل بالنفقة في سبيل الله, ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه, والله تعالى هو الغني عنكم وأنتم الفقراء إليه, وإن تتولوا عن الإيمان بالله وامتثال أمره يهلكم, ويأت بقوم آخرين, ثم لا يكونوا أمثالكم في التولي عن أمر الله, بل يطيعونه ويطيعون رسوله, ويجاهدون في سبيله بأموالهم وأنفسهم.

شرقاويه ماتهاب
15-04-2009, 08:05 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..

عدت اليكم بسوره كنت حفظتها ولكن لم اكملها فااحببت ان ابدا من

البدايه ثم اكملها بحول الله وقوته..

وبما انني من محبين تفسير الاحلام ولكن مثل مايقولون ( لسى

على قدي) اعلم ان التفسير يرتبط بتفسير القران الكريم ارتباطا

وثيقا لذا اسعدني ان اكون ممن يحفظ ايات الله مع تفسيرها..

سوره مريم..

الوجه الاول مع التفسير..

بسم الرحمن الرحيم..

..( كهيعص )..قال بعض السلف ..هي حروف من الحروف الثماني

عشر الابجديه وقيل ايضا انها من الاعجاز الالهي في القران الكريم..

..(ذكر رحمه ربك عبده زكريا)..ان الله كان رحيما بزكريا فهو كان

نبيا عظيما من بني اسرائيل وكان يعمل نجارا وياكل من عمل يده..

..(اذ نادى ربه نداء خفيا)..قال بعض السلف..انه دعا في الليل بعد

مانام اصحابه وكان الدعاء خفي لانه احب الى الله ولكي لاينسب في

طلب الولد الى الرعونه في كبره فقال زكريا يارب يارب يارب

فقال له الله لبيك لبيك لبيك..

..(قال ربي اني وهن العظم مني واشتعل الراس شيبا)..اي اني

اصبحت كبير في العمر وغطى الشعر الابيض على الاسود وهذا

دليل على الضعف والكبر..

..(ولم اكن بدعائك ربي شقيا)..اي انه كلما دعا الله استجاب له ولم

يرده قط..

..(واني خفت الموالي من ورائي)..انه خاف بعد موته يكون الناس

على سوء فسال الله الولد الصالح الذي يرثه العلم والنبوه ويعمل

مايوحى اليه..

..(وكانت امراتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا)

..(يرثني ويرث من ال يعقوب )..ليس المقصودبالورث هو المال كما

يظن البعض لقول الرسول عليه الصلاه والسلام نحن معاشر الأنبياء

لا نورث ما تركنا فهو صدقة..ولو كان مال ماخص بالدعاء

وكان زكريا نبي من سلاله ال يعقوب..

(واجعله ربي رضيا)..اي مرضيا عندك وعند خلقك تحبه وتحببه الى

خلقك في دينه وخلقه..

(يازكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا)..

استجاب الله لدعاء زكريا واختار اسم يحيى فلم يسمى احد قبله بهذا

الاسم ولن تلد العواقر مثله ابدا بخلاف ابراهيم عليه السلام وزوجته

ساره عندما بشروها الملائكه تعجبت لالعقرها بل لكبر سنها وقد

انجبت اسماعيل قبله بثلاث عشر عاما اما زوجه زكريا فكانت عاقرا

اول عمرها..لقوله تعالى « يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا

إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته

عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد » ..

(قال ربي انى يكون لي غلام وكانت امراتي عاقرا وقد بلغت من

الكبر عتيا)..عندما بشر زكريا بالولد فرح فرحا شديدا وسال عن

كيفيه مايولد له وعن تقاسيم وجهه لان امراته عاقرا منذ بدايه عمرها

ولم تلد مع انها الان كبيره وتعجب ايضا انه كبر وعتى اي يبس

العظم ونحل وكان العرب سابقا يسمون العود اليابس(عتيا) وانه لم

يبقى فيه لاجماع ولا لقاح ..

(قال كذلك قال ربك هو علي هين)..اجابه الملك ان ايجاد الولد منه

ومن زوجته هو امر سهل ويسير على الله وذكر له مما هو اعجب

(وقد خلقتك من قبل ولم تكن شيئا)..

(قال ربي اجعل لي ايه)..اي علامه ودليل على وجود ماوعدتني به

ليطمئن قلبي وتستقر نفسي..

(قال ايتك الا تكلم الناس ثلاث ليال سويا)..الا يتكلم مع الناس ثلاث

ليال متتابعات ..

(فخرج على قومه من المحراب )..خرج من المحراب الذي بشر

فيه بالولد..

(فاوحى اليهم ان سبحوا بكره وعشيا)..قال البعض..اوحى اليهم

باشارات او رموز وقال البعض الاخر بالكتابه على الارض فسبح

الله شكرا على مااعطاه..

الى هنا انتهيت من الوجه الاول والتفسير لاابن كثير ووضعته على

حسب فهمي لان الفهم ابقى من الحفظ..

الاخطاء في الايات..

لايوجد والحمد لله..

لي عوده بالبقيه..

{~جوود~}
16-04-2009, 01:44 AM
ما شاء الله شرقاويه ما تهاب ..

تريدين الحقيقه أنني استمتعت مع التفسير ...

تفسير باسلوب مسهل ورائع ... جزاك الله خير ...

بانتظار التكملة ..

وكذلك صلاتي أنتظرك مع سورة جديده ...

وبقية الأخوات يلا شدوا الهمة ..

ولنجعل شعارنا (يدا بيد نحو الجنة )

الله يجمعنا وإياكم فيها .....

ريحانة المدينه
16-04-2009, 02:25 AM
بغيت أسألكم كيف طريقتكم بالحفظ

بنت وادى الرمل
16-04-2009, 02:33 AM
برك الله فيك من يقراء القرآن يجد فيه الراحه
أنا وأعود بالله من كلامة انا في حلقة تحفيظ ووصلت إلي سورة الفرقان
ثم نقطعة بسب المرض وضروف مدة سنه
ولقد رجعة بدية الاسبوع وبدات في المراجعه
بأدن الله يو م الاحد أصل إلي جزاء المجادلة
اللهم وفق جميع المؤمينات في حفظ القرآن الكريم

{~جوود~}
16-04-2009, 04:08 AM
بغيت أسألكم كيف طريقتكم بالحفظ


يالغالية طريقة حفظنا ليست طريقة إلزامية ...

تحفظين من أي جزء تحسينه أسهل عليك ...

إذا أحببتي أن تكتبين أيات الحفظ هنا للتثبيت فقط ..

أو تكتفين باخبارنا أنك حفظتي /ن (آية كذا إلى آية كذا )

لأن صراحة طريقة التسميع الكتابي غير مضمونه أي لا نعرف هل تحققت عندك الحركات أم لا فاكتفي فقط

باتقان حفظك من سماع قراءة مجوده ولكن الذي نهتم فيه

هو التفسير أي تنزلين تفسير الآيات التي حفظتي ... لكي نتدبر الأيات ونفهمها فهم صحيح ...

هدفنا هو تشجيع بعضنا على الحفظ وفهم الأيات ....

وحياك الله ....

{~جوود~}
16-04-2009, 04:10 AM
برك الله فيك من يقراء القرآن يجد فيه الراحه
أنا وأعود بالله من كلامة انا في حلقة تحفيظ ووصلت إلي سورة الفرقان
ثم نقطعة بسب المرض وضروف مدة سنه
ولقد رجعة بدية الاسبوع وبدات في المراجعه
بأدن الله يو م الاحد أصل إلي جزاء المجادلة
اللهم وفق جميع المؤمينات في حفظ القرآن الكريم

الحمد لله على سلامتك يالغالية ....

الله يتمم عليك وعقبال ما تبشرينا بختم القرآن يارب .....

*نسمـة الصبـاح*
16-04-2009, 04:46 AM
معليش تأخرت ماكتبت التفسير


إعذرون لإني مررره تعبانه

الله يهون على كل الحوامل


حفظت من سورة الصافات من 1ــ24




التفسير



تفسير سورة الصافات،
وهي مكية


{ 1 - 11 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ * فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ }
هذا قسم منه تعالى بالملائكة الكرام، في حال عبادتها وتدبيرها ما تدبره بإذن ربها، على ألوهيته تعالى وربوبيته، فقال: { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا } أي: صفوفا في خدمة ربهم، وهم الملائكة.
{ فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا } وهم الملائكة، يزجرون السحاب وغيره بأمر اللّه.
{ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا } وهم الملائكة الذين يتلون كلام اللّه تعالى.
فلما كانوا متألهين لربهم، ومتعبدين في خدمته، ولا يعصونه طرفة عين، أقسم بهم على ألوهيته فقال: { إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ } ليس له شريك في الإلهية، فأخلصوا له الحب والخوف والرجاء، وسائر أنواع العبادة.
{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } أي: هو الخالق لهذه المخلوقات، والرازق لها، المدبر لها،.فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها، فكذلك لا شريك له في ألوهيته،. وكثيرا ما يقرر تعالى توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية، لأنه دال عليه. وقد أقر به أيضا المشركون في العبادة، فيلزمهم بما أقروا به على ما أنكروه.
وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها، فلهذا قال: { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى }
ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين:
إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.
والثانية: حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب { مِنْ كُلِّ جَانِبٍ } طردا لهم، وإبعادا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.
{ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } أي: دائم، معد لهم، لتمردهم عن طاعة ربهم.
ولولا أنه [تعالى] استثنى، لكان ذلك دليلا على أنهم لا يستمعون شيئا أصلا، ولكن قال: { إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ } أي: إلا من تلقف من الشياطين المردة، الكلمة الواحدة على وجه الخفية والسرقة { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } تارة يدركه قبل أن يوصلها إلى أوليائه، فينقطع خبر السماء، وتارة يخبر بها قبل أن يدركه الشهاب، فيكذبون معها مائة كذبة يروجونها بسبب الكلمة التي سمعت من السماء.
ولما بين هذه المخلوقات العظيمة قال: { فَاسْتَفْتِهِمْ } أي: اسأل منكري خلقهم بعد موتهم. { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا } أي: إيجادهم بعد موتهم، أشد خلقا وأشق؟. { أَمْ مَنْ خَلَقْنَا } من [هذه] المخلوقات؟ فلا بد أن يقروا أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس.
فيلزمهم إذا الإقرار بالبعث، بل لو رجعوا إلى أنفسهم وفكروا فيها، لعلموا أن ابتداء خلقهم من طين لازب، أصعب عند الفكر من إنشائهم بعد موتهم، ولهذا قال: { إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ } أي: قوي شديد كقوله تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ }

{ 12 - 21 } { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ * وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ * وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }
{ بَلْ عَجِبْتَ } يا أيها الرسول وأيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما لا يقبل الإنكار، { و } أعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم { يَسْخَرُونَ } ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحق.
{ و } من العجب أيضا أنهم { إِذَا ذُكِّرُوا } ما يعرفون في فطرهم وعقولهم، وفطنوا له، وألفت نظرهم إليه { لَا يَذْكُرُونَ } ذلك، فإن كان جهلا، فهو من أدل الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة، حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطر، معلوم بالعقل، لا يقبل الإشكال، وإن كان تجاهلا وعنادا، فهو أعجب وأغرب.
ومن العجب [أيضا] أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة، وذكروا الآيات التي يخضع لهل فحول الرجال وألباب الألباء، يسخرون منها ويعجبون.
ومن العجب أيضا، قولهم للحق لما جاءهم: { إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } فجعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها.
ومن العجب أيضا، قياسهم قدرة رب الأرض والسماوات، على قدرة الآدمي الناقص من جميع الوجوه، فقالوا استبعادا وإنكارا: { أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ }
ولما كان هذا منتهى ما عندهم، وغاية ما لديهم، أمر اللّه رسوله أن يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم فقال: { قُلْ نَعَمْ } ستبعثون، أنتم وآباؤكم الأولون { وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ } ذليلون صاغرون، لا تمتنعون، ولا تستعصون على قدرة اللّه.
{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } ينفخ إسرافيل فيها في الصور { فَإِذَا هُمْ } مبعوثون من قبورهم { يَنْظَرُونَ } كما ابتدئ خلقهم، بعثوا بجميع أجزائهم، حفاة عراة غرلا، وفي تلك الحال، يظهرون الندم والخزي والخسار، ويدعون بالويل والثبور.
{ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ } فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يستهزءون.
فيقال لهم: { هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ } بين العباد فيما بينهم وبين ربهم من الحقوق، وفيما بينهم وبين غيرهم من الخلق.

{ 22 - 26 } { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }
أي إذا أحضروا يوم القيامة، وعاينوا ما به يكذبون، ورأوا ما به يستسخرون، يؤمر بهم إلى النار، التي بها كانوا يكذبون، فيقال: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا } أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي { وَأَزْوَاجَهُمْ } الذين من جنس عملهم، كل يضم إلى من يجانسه في العمل.
{ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } من الأصنام والأنداد التي زعموها،. فاجمعوهم جميعا { فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } أي: سوقوهم سوقا عنيفا إلى جهنم.
وبعد ما يتعين أمرهم إلى النار، ويعرفون أنهم من أهل دار البوار، يقال: { وَقِفُوهُمْ } قبل أن توصلوهم إلى جهنم { إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } عما كانوا يفترونه في الدنيا، ليظهر على رءوس الأشهاد كذبهم وفضيحتهم.

**كلي جروح**
17-04-2009, 08:09 AM
صلاتي الله يهون عليج حبيبتي .....ويهون على كل الحوامل


وما شاء الله تبارك ارحمن عليج حبيبتي ....استمري بارك الله فيك


وخليك نشيطه الحين ....بعدين بتولدين والياهل بياخذ كل وقتك.....واسمحيلي انصحك لا تجلسينى اكثير ....نامي اشوي ....وامشي كثير فى اخر شهرين لج ....انا اخر حمل لي كنت اجلس اكثيييير ...ونتهت ولدتي بعمليه قيصريه ...الله يسهل عليج حبيبتي .....ويسهل على منار وغدوووورة الي ما له حسه

**كلي جروح**
17-04-2009, 08:59 AM
خواتي اسمحولي طولت عليكم ....بس شسوي ..الله يعين كل وحده عنده يهال

انا بحط تفسير الايته الي من قبل كنت حفظتهم ...والحين ثبت الحفظ

وببدي من سورة القيمة حفظته كلها من (1) الى (40) تفسير إبن كثير


تفسير سورة القيامة
وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ( 1 ) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ( 2 ) أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ( 3 ) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ( 4 ) بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ( 5 ) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ( 6 ) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ( 7 ) وَخَسَفَ الْقَمَرُ ( 8 ) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ( 9 ) يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ( 10 ) كَلا لا وَزَرَ ( 11 ) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ( 12 ) يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ( 13 ) بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ( 15 )
قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفيًا، جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيد النفي. والمقسوم عليه هاهنا هو إثبات الميعاد، والرد على ما يزعمه الجهلة من العباد من عدم بَعث الأجساد؛ ولهذا قال تعالى: ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال الحسن:أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة. وقال قتادة:بل أقسم بهما جميعًا. هكذا حكاه ابن أبي حاتم. وقد حكى ابن جرير، عن الحسن والأعرج أنهما قرآ: « لأقسم [ بيوم القيامة ] » ، وهذا يوجه قول الحسن؛ لأنه أثبت القسم بيوم القيامة ونفى القسم بالنفس اللوامة. والصحيح أنه أقسم بهما جميعا كما قاله قتادة رحمه الله، وهو المروي عن ابن عباس، وسعيد بن جُبَير، واختاره ابن جرير.
فأما يوم القيامة فمعروف، وأما النفس اللوامة، فقال قرة بن خالد، عن الحسن البصري في هذه الآية:إن المؤمن - والله- ما نراه إلا يلوم نفسه:ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قُدُما ما يعاتب نفسه.
وقال جُوَيْبر:بلغنا عن الحسن أنه قال في قوله: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال:ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا يلوم نفسه يوم القيامة.
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم، عن إسرائيل، عن سِماك:أنه سأل عِكْرِمة عن قوله: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال:يلوم على الخير والشر:لو فعلت كذا وكذا.
ورواه ابن جرير، عن أبي كُرَيْب، عن وَكِيع عن إسرائيل .
وقال ابن جرير:حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جُبَير في: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال:تلوم على الخير والشر.
ثم رواه من وجه آخر عن سعيد أنه سأل ابن عباس عن ذلك:فقال:هي النفس اللؤوم .
وقال علي ابن أبي نجيح، عن مجاهد:تندم على ما فات وتلوم عليه.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:اللوامة:المذمومة.
وقال قتادة: ( اللَّوَّامَةِ ) الفاجرة.
قال ابن جرير:وكل هذه الأقوال متقاربة المعنى، الأشبه بظاهر التنـزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر وتندم على ما فات.
وقوله: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ) أي:يوم القيامة، أيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة ؟ ( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال سعيد بن جُبَير والعَوفي، عن ابن عباس:أن نجعله خُفّا أو حافرًا. وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن جرير. ووجَّهه ابنُ جرير بأنه تعالى لو شاء لجعل ذلك في الدنيا.
والظاهر من الآية أن قوله: ( قَادِرِينَ ) حال من قوله: ( نَجْمَعَ ) أي:أيظن الإنسان أنا لا نجمع عظامه؟ بلى سنجمعها قادرين على أن نُسَوِّي بنانه، أي:قدرتنا صالحة لجمعها، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان، فتجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه- مستوية. وهذا معنى قول ابن قتيبة، والزجاج.
وقوله: ( بَلْ يُرِيدُ الإنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) قال سعيد، عن ابن عباس:يعني يمضي قدما.
وقال العوفي، عن ابن عباس: ( لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) يعني:الأمل، يقول الإنسان:أعمل ثم أتوب قبل يوم القيامة، ويقال:هو الكفر بالحق بين يدي القيامة.
وقال مجاهد ( لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) ليمضي أمامه راكبا رأسه. وقال الحسن:لا يلقى ابن آدم إلا تنـزع نفسه إلى معصية الله قدما قدما، إلا من عصمه الله.
ورُوي عن عكرِمة، وسعيد بن جُبَير، والضحاك، والسدي، وغير واحد من السلف:هو الذي يَعجَل الذنوبَ ويُسوّف التوبة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:هو الكافر يكذب بيوم الحساب. وكذا قال ابن زيد، وهذا هو الأظهر من المراد؛ ولهذا قال بعده ( يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) ؟ أي:يقول متى يكون يوم القيامة ؟ وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه، وتكذيب لوجوده، كما قال تعالى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [ سبأ:29 ، 30 ] .
وقال تعالى ها هنا: ( فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ) قال أبو عمرو بن العلاء: ( بَرِقَ ) بكسر الراء، أي:حار. وهذا الذي قاله شبيه بقوله تعالى: لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [ إبراهيم:43 ] ، بل ينظرون من الفزع هكذا وهكذا، لا يستقر لهم بصر على شيء؛ من شدة الرعب.
وقرأ آخرون: « بَرَقَ » بالفتح، وهو قريب في المعنى من الأول. والمقصود أن الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذل من شدة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور.
وقوله: ( وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) أي:ذهب ضوءه.
( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) قال مجاهد:كُوّرا. وقرأ ابن زيد عند تفسير هذه الآية: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ [ التكوير:1 ، 2 ] ورُوي عن ابن مسعود أنه قرأ: « وجُمع بين الشمس والقمر » .
وقوله: ( يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ) أي:إذا عاين ابنُ آدم هذه الأهوال يوم القيامة، حينئذ يريد أن يفر ويقول:أين المفر؟ أي:هل من ملجأ أو موئل ؟ قال الله تعالى: ( كَلا لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) قال ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن جُبَير، وغير واحد من السلف:أي لا نجاة.
وهذه كقوله: مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ [ الشورى:47 ] أي:ليس لكم مكان تتنكرون فيه، وكذا قال هاهنا ( لا وَزَرَ ) أي:ليس لكم مكان تعتصمون فيه؛ ولهذا قال: ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) أي:المرجع والمصير.
ثم قال تعالى: ( يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) أي:يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها، أولها وآخرها، صغيرها وكبيرها، كما قال تعالى: وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [ الكهف:49 ] وهكذا قال هاهنا: ( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) أي:هو شهيد على نفسه، عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر، كما قال تعالى: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [ الإسراء:14 ] .
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) يقول:سمعُه وبصرُه ويداه ورجلاه وجوارحُه.
وقال قتادة:شاهد على نفسه. وفي رواية قال:إذا شئت - والله- رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه، وكان يقال:إن في الإنجيل مكتوبا:يا ابن آدم، تُبصر القَذَاة في عين أخيك، وتترك الجِذْل في عينك لا تبصره.
وقال مجاهد: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) ولو جادل عنها فهو بصير عليها. وقال قتادة: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) ولو اعتذر يومئذ بباطل لا يقبل منه. وقال السدي: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) حجته. وكذا قال ابن زيد، والحسن البصري، وغيرهم. واختاره ابن جرير.
وقال قتادة، عن زرارة، عن ابن عباس: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) يقول:لو ألقى ثيابه.
وقال الضحاك:ولو أرخى ستوره، وأهل اليمن يسمون الستر:المعذار.
والصحيح قول مجاهد وأصحابه، كقوله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [ الأنعام:23 ] وكقوله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ [ المجادلة:18 ] .
وقال العوفي، عن ابن عباس: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) هي الاعتذار ألم تسمع أنه قال: لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ [ غافر:52 ] وقال وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ [ النحل:87 ] فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ [ النحل:28 ] وقولهم وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ( 16 ) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ( 17 ) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ( 18 ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( 19 )
هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه؛ ولهذا قال: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) أي:بالقرآن، كما قال: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [ طه:114 ] .
ثم قال: ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ) أي:في صدرك، ( وَقُرْآنَهُ ) أي:أن تقرأه، ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ) أي:إذا تلاه عليك الملك عن الله عز وجل ، ( فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) أي:فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك، ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) أي:بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا.
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرحمن، عن أبي عَوَانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنـزيل شدة، فكان يحرك شفتيه - قال:فقال لي ابن عباس:أنا أحرك شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه. وقال لي سيعد:وأنا أحرك شفتي كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه- فأنـزل الله عز وجل ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) قال:جمعه في صدرك، ثم تقرأه، ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) فاستمع له وأنصت، ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه .
وقد رواه البخاري ومسلم، من غير وجه، عن موسى بن أبي عائشة، به ولفظ البخاري:فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو يحيى التيمي، حدثنا موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنـزل عليه الوحي يلقى منه شدة، وكان إذا نـزل عليه عرف في تحريكه شفتيه، يتلقى أوله ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره، فأنـزل الله: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )
وهكذا قال الشعبي، والحسن البصري، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد:إن هذه الآية نـزلت في ذلك.
وقد روى ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) قال:كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه، فقال الله: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا ) أن نجمعه لك ( وَقُرْآنَهُ ) أن نقرئك فلا تنسى.
وقال ابن عباس وعطية العوفي: ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) تبيين حلاله وحرامه. وكذا قال قتادة.

**كلي جروح**
17-04-2009, 09:07 AM
نكمل اتفسير
كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ( 20 ) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ ( 21 ) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ( 22 ) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ( 23 ) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ( 24 ) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ( 25 )
وقوله: ( كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ* وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ ) أي:إنما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة ومخالفة ما أنـزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي الحق والقرآن العظيم:إنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة، وهم لاهون متشاغلون عن الآخرة.
ثم قال تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ) من النضارة، أي حسنة بَهِيَّة مشرقة مسرورة، ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) أي:تراه عيانا، كما رواه البخاري، رحمه الله، في صحيحه: « إنكم سترون ربكم عَيَانا » . وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله عز وجل في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح، من طرق متواترة عند أئمة الحديث، لا يمكن دفعها ولا منعها؛ لحديث أبي سعيد وأبي هريرة - وما في الصحيحين- :أن ناسا قالوا:يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: « هل تُضَارُّون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سَحَاب؟ » قالوا:لا. قال: « فإنكم تَرَون ربكم كذلك » . وفي الصحيحين عن جرير قال:نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال: « إنكم تَرَون ربكم كما ترون هذا القمر، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا » وفي الصحيحين عن أبي موسى قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « جَنَّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فِضَّة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله إلا رِدَاء الكبرياء على وجهه في جنة عدن » . وفي أفراد مسلم، عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا دخل أهلُ الجنة الجنة » قال: « يقول الله تعالى:تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون:ألم تُبَيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ » قال: « فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم، وهي الزيادة » . ثم تلا هذه الآية: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [ يونس:26 ] .
وفي أفراد مسلم، عن جابر في حديثه: « إن الله يَتَجلَّى للمؤمنين يضحك » - يعني في عرصات القيامة- ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عز وجل في العرصات، وفي روضات الجنات.
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو معاوية، حدثنا عبد الملك بن أبجر، حدثنا ثُوَير بن أبي فاختة، عن ابن عمر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن أدنى أهل الجنة منـزلة لينظر في ملكه ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر إلى أزواجه وخدمه. وإن أفضلهم منـزلة لينظر إلى وجه الله كل يوم مرتين » .
ورواه الترمذي عن عبد بن حميد، عن شَبابة، عن إسرائيل، عن ثُوَير قال: « سمعت ابن عمر.. » . فذكره، قال: « ورواه عبد الملك بن أبجر، عن ثُوَير، عن مجاهد، عن ابن عمر، قوله » . وكذلك رواه الثوري، عن ثُوَير، عن مجاهد، عن ابن عمر، لم يرفعه ولولا خشية الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن، ولكن ذكرنا ذلك مفرقا في مَواضِعَ من هذا التفسير، وبالله التوفيق . وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام. وهُدَاة الأنام.
ومن تأول ذلك بأن المراد بـ ( إِلَى ) مفرد الآلاء، وهي النعم، كما قال الثوري، عن منصور، عن مجاهد: ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) فقال تنتظر الثواب من ربها. رواه ابن جرير من غير وجه عن مجاهد. وكذا قال أبو صالح أيضا - فقد أبعد هذا القائل النجعة، وأبطل فيما ذهب إليه. وأين هو من قوله تعالى: كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ؟ [ المطففين:15 ] ، قال الشافعي، رحمه الله:ما حَجَب الفجار إلا وقد عَلم أن الأبرار يرونه عز وجل. ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما دل عليه سياق الآية الكريمة، وهي قوله: ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) قال ابن جرير: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا آدم، حدثنا المبارك عن الحسن: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ) قال:حسنة، ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) قال تنظر إلى الخالق، وحُقّ لها أن تَنضُر وهي تنظر إلى الخالق .
وقوله: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةَ ) هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة. قال قتادة:كالحة. وقال السدي:تغير ألوانها. وقال ابن زيد ( بَاسِرَةٌ ) أي:عابسة.
( تَظُنُّ ) أي:تستيقن، ( أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) قال مجاهد:داهية. وقال قتادة:شر. وقال السدي:تستيقن أنها هالكة. وقال ابن زيد:تظن أن ستدخل النار.
وهذا المقام كقوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [ آل عمران:106 ] وكقوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [ عبس:38 - 42 ] وكقوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً إلى قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ [ الغاشية:2 - 10 ] في أشباه ذلك من الآيات والسياقات.
كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ( 26 ) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ( 27 ) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ( 28 ) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ( 29 ) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ( 30 ) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ( 31 ) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 32 ) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ( 33 ) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ( 34 ) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ( 35 ) أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ( 36 ) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ( 37 ) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ( 38 ) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ( 39 ) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ( 40 )
يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال - ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت- فقال تعالى: ( كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ) إن جعلنا ( كَلا ) رداعة فمعناها:لست يا ابن آدم تكذب هناك بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عيانا. وإن جعلناها بمعنى ( حقا ) فظاهر، أي:حقا إذا بلغت التراقي، أي:انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتراقي:جمع ترقوة، وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق، كقوله: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [ الواقعة:83 - 87 ] . وهكذا قال هاهنا: ( كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ) ويذكر هاهنا حديث بُسْر بن جِحاش الذي تقدم في سورة « يس » . والتراقي:جمع ترقوة، وهي قريبة من الحلقوم.
( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) قال:عكرمة، عن ابن عباس:أي من راق يرقى؟ وكذا قال أبو قلابة: ( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) أي:من طبيب شاف. وكذا قال قتادة، والضحاك، وابن زيد.
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي، حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس: ( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) قال:قيل:من يرقى بروحه:ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ فعلى هذا يكون من كلام الملائكة.
وبهذا الإسناد، عن ابن عباس في قوله: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) قال:التفت عليه الدنيا والآخرة. وكذا قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) يقول:آخر يوم في الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحم الله.
وقال عكرمة: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) الأمر العظيم بالأمر العظيم. وقال مجاهد:بلاء ببلاء. وقال الحسن البصري في قوله: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) هما ساقاك إذا التفتا . وفي رواية عنه:ماتت رجلاه فلم تحملاه، وقد كان عليها جوالا. وكذا قال السدي، عن أبي مالك.
وفي رواية عن الحسن:هو لفهما في الكفن.
وقال الضحاك: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) اجتمع عليه أمران:الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه.
وقوله: ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ) أي:المرجع والمآب، وذلك أن الروح ترفع إلى السماوات، فيقول الله عز وجل:ردوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. كما ورد في حديث البراء الطويل. وقد قال الله تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ* ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [ الأنعام:61 ، 62 ] .
وقوله: ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) هذا إخبار عن الكافر الذي كان في الدار الدنيا مكذبا للحق بقلبه، متوليا عن العمل بقالبه، فلا خير فيه باطنا ولا ظاهرا، ولهذا قال: ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ) أي:جَذلا . أشرا بَطرا كسلانا، لا همة له ولا عمل، كما قال: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ [ المطففين:34 ] . وقال إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي:يرجع بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا [ الانشقاق:13 - 15 ] .
وقال الضحاك:عن ابن عباس: ( ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ) [ أي ] . يختال. وقال قتادة، وزيد بن أسلم:يتبختر.
قال الله تعالى: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) وهذا تهديد ووعيد أكيد منه تعالى للكافر به المتبختر في مشيته، أي:يحق لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك، كما يقال في مثل هذا على سبيل التهكم والتهديد كقوله: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [ الدخان:49 ] . و كقوله: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [ المرسلات:46 ] ، وكقوله فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [ الزمر:15 ] ، وكقوله اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [ فصلت:40 ] . إلى غير ذلك.
وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي- عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة قال:سألت سعيد بن جبير قلت: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) ؟ قال:قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي جهل، ثم نـزل به القرآن.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي:حدثنا إبراهيم بن يعقوب . حدثنا أبو النعمان، حدثنا أبو عَوَانة - ( ح ) وحدثنا أبو داود:حدثنا محمد بن سليمان . حدثنا أبو عوانة- عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير قال:قلت لابن عباس: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) ؟ قال:قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنـزله الله عز وجل .
قال ابن أبي حاتم:وحدثنا أبي، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا شعيب عن إسحاق، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) وعيد على أثر وعيد، كما تسمعون، وزعموا أن عدو الله أبا جهل أخذ نَبيّ الله بمجامع ثيابه، ثم قال: « أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى » . فقال عدو الله أبو جهل:أتوعدني يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئا، وإني لأعز من مشى بين جبليها.
وقوله: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) قال السدي:يعني:لا يبعث.
وقال مجاهد، والشافعي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم:يعني لا يؤمر ولا ينهى.
والظاهر أن الآية تعم الحالين، أي:ليس يترك في هذه الدنيا مهملا لا يؤمر ولا ينهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث، بل هو مأمور منهي في الدنيا، محشور إلى الله في الدار الآخرة. والمقصود هنا إثبات المعاد، والرد على من أنكره من أهل الزيغ والجهل والعناد ، ولهذا قال مستدلا على الإعادة بالبداءة فقال.
( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ) ؟ أي:أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين، يمنى يراق من الأصلاب في الأرحام . ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ) أي:فصار علقة، ثم مضغة، ثم شُكّل ونفخ فيه الروح، فصار خلقا آخر سَويًا سليم الأعضاء، ذكرا أو أنثى بإذن الله وتقديره؛ ولهذا قال: ( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى )
ثم قال: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) أي:أما هذا الذي أنشأ هذا الخلق السوي من هذه النطفة الضعيفة بقادر على أن يعيده كما بدأه؟ وتناولُ القدرة للإعادة إما بطريق الأولى بالنسبة إلى البداءة، وإما مساوية على القولين في قوله: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [ الروم:27 ] . والأول أشهر كما تقدم في سورة « الروم » بيانه وتقريره، والله أعلم.
قال ابن أبي حاتم:حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا شبابة، عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن آخر:أنه كان فوق سطح يقرأ ويرفع صوته بالقرآن، فإذا قرأ: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟ قال:سبحانك اللهم فبلى. فسئل عن ذلك فقال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. وقال أبو داود، رحمه الله:حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة قال:كان رجل يصلي فوق بيته، فكان إذا قرأ: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟ قال سبحانك، فبلى، فسألوه عن ذلك فقال:سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفرد به أبو داود ولم يسم هذا الصحابي، ولا يضر ذلك.
وقال أبو داود أيضا:حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، حدثنا سفيان، حدثني إسماعيل بن أمية:سمعت أعرابيا يقول:سمعت أبا هُرَيرة يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قرأ منكم بالتين والزيتون فانتهى إلى آخرها: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ؟ فليقل:بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين. ومن قرأ: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فانتهى إلى: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟ فليقل:بلى. ومن قرأ: وَالْمُرْسَلاتِ فبلغ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ؟ فليقل:آمنا بالله » .
ورواه أحمد، عن سفيان بن عيينة. ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة . وقد رواه شعبة، عن إسماعيل بن أمية قال:قلت له:من حدثك؟ قال رجل صدق، عن أبي هريرة
وقال ابن جرير:حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ذُكِر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: « سبحانك وبلى » .
قال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس أنه مر بهذه الآية: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟، قال:سبحانك؛ فبلى.
آخر تفسير سورة « القيامة » ولله الحمد والمنة

*نسمـة الصبـاح*
17-04-2009, 08:25 PM
ماادري ليششش النت عيا يضيف الردود

*نسمـة الصبـاح*
17-04-2009, 08:51 PM
معليششش أنا بنفجر إذا حطيت التفسير

يجي النت جني ولا يتم الرد

الحمدلله حفظت إلى آية خمسين

{~جوود~}
17-04-2009, 10:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

صلاتي ... كلي جروح ...

موفقاات .... واصلوا ....

ان شاء الله برجع لكم بحفظ جديد لأني ما حفظت لا يوم الخميس ولا يوم الجمعة ...

لأني ما كنت في بيتي ... عموما بإذن الله بارجع بحفظ جديد ...

واصلوا وبانتظار البقية ...

{~جوود~}
18-04-2009, 02:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

تم حفظ سورة الفتح من آية (1) إلى آية (9) ولا زلت أحتاج شيء من التثبيت .......

تفسيـــــــرها :



(سورة الفتح)


"إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا "
إنا فتحنا لك- يا محمد- فتحا مبينا, يظهر الله فيه دينك, وينصرك على عدوك, وهو هدنة "الحديبية" التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضا, فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله, وتمكن من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام من معرفته, فدخل الناس تلك المدة في دين الله أفواجا ولذلك سماه الله فتحا مبينا أي ظاهرا جليا.

"لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا "
فتحنا لك ذلك الفتح, ويسرناه لك ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر بسبب ما حصل من هذا الفتح من الطاعات الكثيرة وبما تحملته من المشقات, ويتم نعمته عليك بإظهار دينك ونصرك على أعدائك, ويرشدك طريقا مستقيما من الدين لا عوج فيه.

"وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا "
وينصرك الله نصرا قويا لا يضعف فيه الإسلام.

"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا "
هو الله الذي أنزل الطمأنينة في قلوب المؤمنين بالله ورسوله يوم "الحديبية" فسكنت, ورسخ اليقين فيها؟ ليزدادوا تصديقا لله واتباعا لرسوله مع تصديقهم واتباعهم. ولله سبحانه وتعالى جنود السموات والأرض ينصر بهم عباده المؤمنين وكان الله عليما بمصالح خلقه, حكيما في تدبيره وصنعه.

"لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا "
ليدخل الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ماكثين فيها أبدا, ويمحو عنهم سيء ما عملوا, فلا يعاقبهم عليه, وكان ذلك الجزاء عند الله نجاة من كل غم, وظفرا بكل مطلوب.

"وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا "
ويعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين يظنون ظنا سيئا بالله أنه لن ينصر نبيه والمؤمنين معه على أعدائهم, ولن يظهر دينه, فعلى هؤلاء تدور دائرة العذاب وكل ما يسوءهم, وغضب الله عليهم, وطردهم من رحمته, وأعد لهم نار جهنم, وساءت منزلا يصيرون إليه.

"وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا "
ولله سبحانه وتعالى جنود السموات والأرض يؤيد بهم عباده المؤمنين. وكان الله عزيزا على خلقه, حكيما في تدبير أمورهم.

"إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا "
إنا أرسلناك- يا محمد- شاهدا على أمتك بالبلاغ, مبينا لهم ما أرسلناك به إليهم, ومبشرا لمن أطاعك بالجنة, ونذيرا لمن عصاك بالعقاب العاجل والآجل ,

"لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا "
لتؤمنوا بالله ورسوله, وتنصروا الله بنصر دينه, وتعظموه, وتسبحوه أول النهار وآخره.

هذر
18-04-2009, 09:58 PM
بارك الله فـــــــــ لكي

{~جوود~}
18-04-2009, 11:52 PM
الله يبارك بأعمالك ..............

وين الجمااااعة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وين الحفظ بديناااااا نكسل ... :39:

الهمة ياحلوين .... *)

**كلي جروح**
18-04-2009, 11:57 PM
بارك الله فيك يا جود استمري .....انا موجوده حبيبتي .....وبكره راح انزل الي حفظته///ولي يسلمج لا تعصبين //عصبي على غدووورة ما حطه ولا حفظ له//

{~جوود~}
19-04-2009, 04:30 PM
هلا جروحة ... غدورة عندها مشكلة في الإتصال الله يعينها ....

وبالنسبة لي حفظت اليوم من سورة (الفتح) من آية (10 ) إلى آية (17) ...

وهذا تفسير الآيات من (10) إلى آية (17) ....


"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا "
إن الذين يبايعونك- يا محمد- ب "الحديبية" على القتال إنما يبايعون الله, ويعقدون العقد معه ابتغاء جنته ورضوانه, يد الله فوق أيديهم, فهو معهم يسمع أقوالهم, ويرى مكانهم, ويعلم ضمائرهم وظواهرهم, فمن نقض بيعته فإنما يعود وبال ذلك على نفسه, ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الصبر عند لقاء العدو في سبيل الله ونصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فيعطيه الله ثوابا جزيلا, وهو الجنة. وفي الآية إثبات صفة اليد لله تعالى بما يليق به سبحانه, دون تشبيه ولا تكييف.

"سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا "
سيقول لك -يا محمد- الذين تخلفوا من الأعراب عن الخروج معك إلى "مكة" إذا عاتبتهم: شغلتنا أموالنا وأهلونا, فاسأل ربك أن يغفر لنا تخلفنا, يقولون ذلك بألسنتهم, ولا حقيقة له في قلوبهم, قل لهم: فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم شرا أو خيرا؟ ليس الأمر كما ظن هؤلاء المنافقي أن الله لا يعلم ما أنطوت عليه بواطنهم من النفاق, بل إنه سبحانه كان بما يعملون خبيرا, لا يخفى عليه شيء من أعمال خلقه.

"بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا "
وليس الأمر كما زعمتم من انشغالكم بالأموال والأهل, بل إنكم ظننتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه سيهلكون, ولا يرجعون إليكم أبدا, وحسن الشيطان ذلك في قلوبكم, وظننتم ظنا سيئا أن الله لن ينصر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه على أعدائهم, وكنتم قوما هلكى لا خير فيكم.

"وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا "
ومن لم يصدق بالله وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل بشرعه, فإنه كافر مستحق للعقاب, فإنا أعددنا للكافرين عذاب السعير في النار.

"وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "
ولله ملك السموات والأرض وما فيهما, يتجاوز برحمته عمن يشاء فيستر ذنبه, ويعذب بعدله من يشاء وكان الله سبحانه وتعالى غفورا لمن تاب إليه, رحيما به.

"سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا "
سيقول المخلفون, إذا انطلقت- يا محمد- أنت وأصحابك إلى غنائم "خيبر" التي وعدكم الله بها, اتركونا نذهب معكم إلى "خيبر", يريدون أن يغيروا بذلك وعد الله لكم. قل لهم: لن تخرجوا معنا إلى "خيبر" لأن الله تعالى قال لنا من قبل رجوعنا إلى "المدينة": إن غنائم "خيبر" هي لمن شهد "الحديبية" معنا, فسيقولون ليس الأمر كما تقولون, إن الله لم يأمركم بهذا, إنكم تمنعونا من الخروج معكم حسدا منكم. لئلا نصيب معكم الغنيمة, وليس الأمر كما زعموا, بل كانوا لا يفقهون عن الله ما لهم وما عليهم من أمر الدين إلا يسيرا.

"قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا "
قل للذين تخلفوا من الأعراب (وهم البدو) عن القتال: ستدعون إلى قتال قوم أصحاب بأس شديد في القتال, تقاتلونهم أو يسلمون من غير قتال, فإن تطيعوا الله فيما دعاكم إليه من قتال هؤلاء القوم يؤتكم الجنة, إن تعصوه كما فعلتم حين تخلفتم عن السير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى "مكة", يعذبكم عذابا موجعا.

"لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا "
ليس على الأعمى منكم- أيها الناس- إثم, ولا على الأعرج إثم, ولا على المريض إثم, في أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين , لعدم استطاعتهم. ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ومن يعص الله ورسوله, فيتخلف عن الجهاد مع المؤمنين, يعذبه عذابا مؤلما موجعا.

*نسمـة الصبـاح*
19-04-2009, 10:47 PM
معليش خواتي دعواتكم لي بالحفظ

إعذروني

دعواتكم

**كلي جروح**
20-04-2009, 08:05 AM
بسمـ الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خير جوود وبارك فيك ونفعنا بمواضيع القيمةوجمعنا الله واياكم في الفردوس الاعلى بعد عمر طويل في خدمة الدين وذرية صالحة اتمنها لك ...اعذروني خواتي كان المفروض انزل التفسير امس /صلاتي الله يعينك على الحفظ

اسال الله ان يعينن وياكم على حفظ القران الكريم


وان يكون خالصا لوجه الكريم .......



( سورةالنـور) ~ كامله ~ هي مدنية ~


‏[‏1‏]‏ ‏‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}‏

أي‏:‏ هذه ‏{‏سُورَةٌ‏}‏ عظيمة القدر ‏{‏أَنْزَلْنَاهَا‏}‏ رحمة منا بالعباد، وحفظناها من كل شيطان‏{‏وَفَرَضْنَاهَا‏}‏ أي‏:‏ قدرنا فيها ما قدرنا، من الحدود والشهادات وغيرها،


‏{‏وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ أحكاما جليلة، وأوامر وزواجر، وحكما عظيمة

‏{‏لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}‏ حين نبين لكم، ونعلمكم ما لم تكونوا تعلمون‏.‏ ثم شرع في بيان تلك الأحكام المشار إليها، فقال‏:‏



‏[‏2 - 3‏]‏ ‏{‏الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏}‏


هذا الحكم في الزاني والزانية البكرين، أنهما يجلد كل منهما مائة جلدة، وأما الثيب، فقد دلت السنة الصحيحة المشهورة، أن حده الرجم، ونهانا تعالى أن تأخذنا رأفة ‏[‏بهما‏}‏ في دين الله، تمنعنا من إقامة الحد عليهم، سواء رأفة طبيعية، أو لأجل قرابة أو صداقة أو غير ذلك، وأن الإيمان موجب لانتفاء هذه الرأفة المانعة من إقامة أمر الله، فرحمته حقيقة، بإقامة حد الله عليه، فنحن وإن رحمناه لجريان القدر عليه، فلا نرحمه من هذا الجانب،


وأمر تعالى أن يحضر عذاب الزانيين طائفة، أي‏:‏ جماعة من المؤمنين، ليشتهر ويحصل بذلك الخزي والارتداع، وليشاهدوا الحد فعلا، فإن مشاهدة أحكام الشرع بالفعل، مما يقوى بها العلم، ويستقر به الفهم، ويكون أقرب لإصابة الصواب، فلا يزاد فيه ولا ينقص، والله أعلم‏.‏


هذا بيان لرذيلة الزنا، وأنه يدنس عرض صاحبه، وعرض من قارنه ومازجه، ما لا يفعله بقية الذنوب، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء، إلا أنثى زانية، تناسب حاله حالها، أو مشركة بالله، لا تؤمن ببعث ولا جزاء، ولا تلتزم أمر الله، والزانية كذلك، لا ينكحها إلا زان أو مشرك ‏{‏وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ أي‏:‏ حرم عليهم أن ينكحوا زانيا، أو ينكحوا زانية‏.‏



ومعنى الآية‏:‏ أن من اتصف بالزنا، من رجل أو امرأة، ولم يتب من ذلك، أن المقدم على نكاحه، مع تحريم الله لذلك، لا يخلو إما أن لا يكون ملتزما لحكم الله ورسوله، فذاك لا يكون إلا مشركا، وإما أن يكون ملتزما لحكم الله ورسوله،

فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه، فإن هذا النكاح زنا، والناكح زان مسافح، فلو كان مؤمنا بالله حقا، لم يقدم على ذلك، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب، فإن مقارنة الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، أشد الاقترانات والازدواجات،



وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ قرناءهم، فحرم الله ذلك، لما فيه من الشر العظيم، وفيه من قلة الغيرة، وإلحاق الأولاد، الذين ليسوا من الزوج، وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها، مما بعضه كاف للتحريم وفي هذا دليل أن الزاني ليس مؤمنا،



كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ‏"‏ فهو وإن لم يكن مشركا، فلا يطلق عليه اسم المدح، الذي هو الإيمان المطلق‏.‏

‏[‏4 - 5‏]‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

لما عظم تعالى أمر الزاني بوجوب جلده، وكذا رجمه إن كان محصنا، وأنه لا تجوز مقارنته، ولا مخالطته على وجه لا يسلم فيه العبد من الشر، بين تعالى تعظيم الإقدام على الأعراض بالرمي بالزنا فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ‏}‏ أي‏:‏ النساء الأحرار العفائف، وكذاك الرجال، لا فرق بين الأمرين، والمراد بالرمي الرمي بالزنا،

بدليل السياق، ‏{‏ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا‏}‏ على ما رموا به ‏{‏بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ‏}‏ أي‏:‏ رجال عدول، يشهدون بذلك صريحا، ‏{‏فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً‏}‏ بسوط متوسط، يؤلم فيه، ولا يبالغ بذلك حتى يتلفه، لأن القصد التأديب لا الإتلاف، وفي هذا تقدير حد القذف، ولكن بشرط أن يكون المقذوف كما قال تعالى محصنا مؤمنا، وأما قذف غير المحصن، فإنه يوجب التعزير‏.‏

‏{‏وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا‏}‏ أي‏:‏ لهم عقوبة أخرى، وهو أن شهادة القاذف غير مقبولة، ولو حد على القذف، حتى يتوب كما يأتي، ‏{‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ أي‏:‏ الخارجون عن طاعة الله، الذين قد كثر شرهم، وذلك لانتهاك ما حرم الله، وانتهاك عرض أخيه، وتسليط الناس على الكلام بما تكلم به، وإزالة الأخوة التي عقدها الله بين أهل الإيمان، ومحبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا دليل على أن القذف من كبائر الذنوب‏.‏



وقوله‏:‏‏{‏إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ فالتوبة في هذا الموضع، أن يكذب القاذف نفسه، ويقر أنه كاذب فيما قال، وهو واجب عليه، أن يكذب نفسه ولو تيقن وقوعه، حيث لم يأت بأربعة شهداء، فإذا تاب القاذف وأصلح عمله وبدل إساءته إحسانا، زال عنه الفسق، وكذلك تقبل شهادته على الصحيح، فإن الله غفور رحيم يغفر الذنوب جميعا، لمن تاب وأناب، وإنما يجلد القاذف، إذا لم يأت بأربعة شهداء إذا لم يكن زوجا، فإن كان زوجا، فقد ذكر بقوله‏:‏



‏[‏6 - 10‏]‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ‏}‏
وإنما كانت شهادات الزوج على زوجته، دارئة عنه الحد، لأن الغالب، أن الزوج لا يقدم على رمي زوجته، التي يدنسه ما يدنسها إلا إذا كان صادقا، ولأن له في ذلك حقا، وخوفا من إلحاق أولاد ليسوا منه به، ولغير ذلك من الحكم المفقودة في غيره فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ الحرائر لا المملوكات‏.‏

‏{‏وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ‏}‏ على رميهم بذلك ‏{‏شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ‏}‏ بأن لم يقيموا شهداء، على ما رموهم به ‏{‏فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ‏}‏ سماها شهادة، لأنها نائبة مناب الشهود، بأن يقول‏:‏ ‏"‏ أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به ‏"‏‏.‏

‏{‏وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ‏}‏ أي‏:‏ يزيد في الخامسة مع الشهادة المذكورة، مؤكدا تلك الشهادات، بأن يدعو على نفسه، باللعنة إن كان كاذبا، فإذا تم لعانه، سقط عنه حد القذف، ظاهر الآيات، ولو سمى الرجل الذي رماها به، فإنه يسقط حقه تبعا لها‏.


‏ وهل يقام عليها الحد، بمجرد لعان الرجل ونكولها أم تحبس‏؟‏ فيه قولان للعلماء، الذي يدل عليه الدليل، أنه يقام عليها الحد، بدليل قوله‏:‏ ‏{‏وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ‏}‏ إلى آخره، فلولا أن العذاب وهو الحد قد وجب بلعانه، لم يكن لعانها دارئا له‏.‏

ويدرأ عنها، أي‏:‏ يدفع عنها العذاب، إذ قابلت شهادات الزوج، بشهادات من جنسها‏.‏

‏{‏أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ‏}‏ وتزيد في الخامسة، مؤكدة لذلك، أن تدعو على نفسها بالغضب، فإذا تم اللعان بينهما، فرق بينهما إلى الأبد، وانتفى الولد الملاعن عليه،


وظاهر الآيات يدل على اشتراطهذه الألفاظ عند اللعان، منه ومنها، واشتراطالترتيبفيها، وأن لا ينقص منها شيء، ولا يبدل شيء بشيء، وأن اللعان مختص بالزوج إذا رمى امرأته، لا بالعكس، وأن الشبه في الولد مع اللعان لا عبرة به، كما لا يعتبر مع الفراش، وإنما يعتبر الشبه حيث لا مرجح إلا هو‏.‏

‏{‏وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ‏}‏ وجواب الشرط محذوف، يدل عليه سياق الكلام أي‏:‏ لأحل بأحد المتلاعنين الكاذب منهما، ما دعا به على نفسه، ومن رحمته وفضله، ثبوت هذا الحكم الخاص بالزوجين، لشدة الحاجة إليه، وأن بين لكم شدة الزنا وفظاعته، وفظاعة القذف به، وأن شرع التوبة من هذه الكبائر وغيرها‏.‏
‏[‏11 - 26‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُم‏}‏ إلى آخر الآيات

وهو قوله‏:‏ ‏{‏لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ‏}‏ لما ذكر فيما تقدم، تعظيم الرمي بالزنا عموما، صار ذلك كأنه مقدمة لهذه القصة، التي وقعت على أشرف النساء، أم المؤمنين رضي الله عنها، وهذه الآيات، نزلت في قصة الإفك المشهورة، الثابتة في الصحاح والسنن والمسانيد‏.‏

وحاصلها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بعض غزواته، ومعه زوجته عائشة الصديقة بنت الصديق، فانقطع عقدها فانحبست في طلبه ورحلوا جملها وهودجها، فلم يفقدوها، ثم استقل الجيش راحلا، وجاءت مكانهم، وعلمت أنهم إذا فقدوها، رجعوا إليها فاستمروا في مسيرهم، وكان صفوان بن المعطل السلمي، من أفاضل الصحابة رضي الله عنه، قد عرس في أخريات القوم ونام،

فرأى عائشة رضي الله عنها فعرفها، فأناخ راحلته، فركبتها من دون أن يكلمها أو تكلمه، ثم جاء يقود بها بعد ما نزل الجيش في الظهيرة، فلما رأى بعض المنافقين الذين في صحبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك السفر مجيء صفوان بها في هذه الحال، أشاع ما أشاع، ووشى الحديث، وتلقفته الألسن،

حتى اغتر بذلك بعض المؤمنين، وصاروا يتناقلون هذا الكلام، وانحبس الوحي مدة طويلة عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ وبلغ الخبر عائشة بعد ذلك بمدة، فحزنت حزنا شديدا، فأنزل الله تعالى براءتها في هذه الآيات، ووعظ الله المؤمنين، وأعظم ذلك، ووصاهم بالوصايا النافعة‏.‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ‏}‏ أي‏:‏ الكذب الشنيع، وهو رمي أم المؤمنين ‏{‏عُصْبَةٌ مِنْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ جماعة منتسبون إليكم يا معشر المؤمنين، منهم المؤمن الصادق ‏[‏في إيمانه ولكنه اغتر بترويج المنافقين‏}‏ ومنهم المنافق‏.‏

‏{‏لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‏}‏ لما تضمن ذلك تبرئة أم المؤمنين ونزاهتها، والتنويه بذكرها، حتى تناول عموم المدح سائر زوجات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولما تضمن من بيان الآيات المضطر إليها العباد، التي ما زال العمل بها إلى يوم القيامة، فكل هذا خير عظيم، لولا مقالة أهل الإفك لم يحصل ذلك،

وإذا أراد الله أمرا جعل له سببا، ولذلك جعل الخطاب عاما مع المؤمنين كلهم، وأخبر أن قدح بعضهم ببعض كقدح في أنفسهم، ففيه أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، واجتماعهم على مصالحهم، كالجسد الواحد، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فكما أنه يكره أن يقدح أحد في عرضه، فليكره من كل أحد، أن يقدح في أخيه المؤمن، الذي بمنزلة نفسه، وما لم يصل العبد إلى هذه الحالة، فإنه من نقص إيمانه وعدم نصحه‏.‏



‏{‏لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ‏}‏ وهذا وعيد للذين جاءوا بالإفك، وأنهم سيعاقبون على ما قالوا من ذلك، وقد حد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم جماعة، ‏{‏وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ‏}‏ أي‏:‏ معظم الإفك، وهو المنافق الخبيث، عبد الله بن أبي بن سلول ـ لعنه الله ـ ‏{‏لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ ألا وهو الخلود في الدرك الأسفل من النار‏.‏

ثم أرشد الله عباده عند سماع مثل هذا الكلام فقال‏:‏ ‏{‏لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا‏}‏ أي‏:‏ ظن المؤمنون بعضهم ببعض خيرًا، وهو السلامة مما رموا به، وأن ما معهم من الإيمان المعلوم، يدفع ما قيل فيهم من الإفك الباطل، ‏{‏وَقَالُوا‏}‏ بسبب ذلك الظن ‏{‏سُبْحَانَكَ‏}‏ أي‏:‏ تنزيها لك من كل سوء، وعن أن تبتلي أصفياءك بالأمور الشنيعة، ‏{‏هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ‏}‏ أي‏:‏ كذب وبهت، من أعظم الأشياء، وأبينها‏.‏ فهذا من الظن الواجب، حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن، مثل هذا الكلام، أن يبرئه بلسانه، ويكذب القائل لذلك‏.‏
{‏لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ‏}‏ أي‏:‏ هلا جاء الرامون على ما رموا به، بأربعة شهداء أي‏:‏ عدول مرضيين‏.‏ ‏{‏فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ‏}‏ وإن كانوا في أنفسهم قد تيقنوا ذلك، فإنهم كاذبون في حكم الله، لأن الله حرم عليهم التكلم بذلك، من دون أربعة شهود، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ‏}‏ ولم يقل ‏"‏ فأولئك هم الكاذبون ‏"‏ وهذا كله، من تعظيم حرمة عرض المسلم، بحيث لا يجوز الإقدام على رميه، من دون نصاب الشهادة بالصدق‏.‏

‏{‏وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏}‏ بحيث شملكم إحسانه فيهما، في أمر دينكم ودنياكم، ‏{‏لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ‏}‏ أي‏:‏ خضتم ‏{‏فِيهِ‏}‏ من شأن الإفك ‏{‏عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ لاستحقاقكم ذلك بما قلتم، ولكن من فضل الله عليكم ورحمته، أن شرع لكم التوبة، وجعل العقوبة مطهرة للذنوب‏.‏

‏{‏إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ تلقفونه، ويلقيه بعضكم إلى بعض، وتستوشون حديثه، وهو قول باطل‏.‏ ‏{‏وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ‏}‏ والأمران محظوران، التكلم بالباطل، والقول بلا علم، ‏{‏وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا‏}‏ فلذلك أقدم عليه من أقدم من المؤمنين الذين تابوا منه، وتطهروا بعد ذلك، ‏{‏وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ‏}‏ وهذا فيه الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئا، ولا يخفف من عقوبة الذنب، بل يضاعف الذنب، ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى‏.‏

‏{‏ولَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ‏}‏ أي‏:‏ وهلا إذ سمعتم ـأيها المؤمنونـ كلام أهل الإفك ‏{‏قُلْتُمْ‏}‏ منكرين لذلك، معظمين لأمره‏:‏ ‏{‏مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا‏}‏ أي‏:‏ ما ينبغي لنا، وما يليق بنا الكلام، بهذا الإفك المبين، لأن المؤمن يمنعه إيمانه من ارتكاب القبائح ‏{‏هَذَا بُهْتَانٌ‏}‏ أي‏:‏ كذب عظيم‏.‏ ‏{‏يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ‏}‏ أي‏:‏ لنظيره، من رمي المؤمنين بالفجور، فالله يعظكم وينصحكم عن ذلك، ونعم المواعظ والنصائح من ربنا فيجب علينا مقابلتها بالقبول والإذعان، والتسليم والشكر له، على ما بين لنا ‏{‏إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ‏}‏ ‏{‏إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ دل ذلك على أن الإيمان الصادق، يمنع صاحبه من الإقدام على المحرمات‏.‏ ‏{‏وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ‏}‏ المشتملة على بيان الأحكام، والوعظ، والزجر، والترغيب، والترهيب، يوضحها لكم توضيحا جليا‏.‏ ‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ كامل العلم عام الحكمة، فمن علمه وحكمته، أن علمكم من علمه، وإن كان ذلك راجعا لمصالحكم في كل وقت‏.‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ‏}‏ أي‏:‏ الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة ‏{‏فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ موجع للقلب والبدن، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله‏؟‏‏"‏ وسواء كانت الفاحشة، صادرة أو غير صادرة‏.‏

**كلي جروح**
20-04-2009, 08:31 AM
نكمل التفسير : وكل هذا من رحمة الله بعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءهم وأموالهم، وأمرهم بما يقتضي المصافاة، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه‏.‏ ‏{‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ فلذلك علمكم، وبين لكم ما تجهلونه‏.‏

‏{‏وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏}‏ قد أحاط بكم من كل جانب ‏{‏وَرَحْمَتُهُ‏}‏ عليكم ‏{‏وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ‏}‏ لما بين لكم هذه الأحكام والمواعظ، والحكم الجليلة، ولما أمهل من خالف أمره، ولكن فضله ورحمته، وأن ذلك وصفه اللازم آثر لكم من الخير الدنيوي والأخروي، ما لن تحصوه، أو تعدوه‏.‏

ولما نهى عن هذا الذنب بخصوصه، نهى عن الذنوب عموما فقال‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ‏}‏ أي‏:‏ طرقه ووساوسه‏.‏

وخطوات الشيطان،يدخل فيها سائر المعاصي المتعلقة بالقلب، واللسان والبدن‏.‏ ومن حكمته تعالى، أن بين الحكم، وهو‏:‏ النهي عن اتباع خطوات الشيطان‏.‏ والحكمة وهو بيان ما في المنهي عنه، من الشر المقتضي، والداعي لتركه فقال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ‏}‏ أي‏:‏ الشيطان ‏{‏يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ‏}‏ أي‏:‏ ما تستفحشه العقول والشرائع، من الذنوب العظيمة، مع ميل بعض النفوس إليه‏.‏ ‏{‏وَالْمُنْكَرِ‏}‏ وهو ما تنكره العقول ولا تعرفه‏.‏ فالمعاصي التي هي خطوات الشيطان، لا تخرج عن ذلك، فنهي الله عنها للعباد، نعمة منه عليهم أن يشكروه ويذكروه، لأن ذلك صيانة لهم عن التدنس بالرذائل والقبائح، فمن إحسانه عليهم، أن نهاهم عنها، كما نهاهم عن أكل السموم القاتلة ونحوها، ‏{‏وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا‏}‏ أي‏:‏ ما تطهر من اتباع خطوات الشيطان، لأن الشيطان يسعى، هو وجنده، في الدعوة إليها وتحسينها، والنفس ميالة إلى السوء أمارة به، والنقص مستول على العبد من جميع جهاته، والإيمان غير قوي، فلو خلي وهذه الدواعي، ما زكى أحد بالتطهر من الذنوب والسيئات والنماء بفعل الحسنات، فإن الزكاء يتضمن الطهارة والنماء، ولكن فضله ورحمته أوجبا أن يتزكى منكم من تزكى‏.‏


وكان من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ‏"‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ‏}‏ من يعلم منه أن يزكى بالتزكية، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏

‏{‏وَلَا يَأْتَلِ‏}‏ أي‏:‏ لا يحلف ‏{‏أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا‏}‏ كان من جملة الخائضين في الإفك ‏"‏مسطح بن أثاثة‏"‏ وهو قريب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان مسطح فقيرا من المهاجرين في سبيل الله، فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه، لقوله الذي قال‏.‏

فنزلت هذه الآية، ينهاهم عن هذا الحلف المتضمن لقطع النفقة عنه، ويحثه على العفو والصفح، ويعده بمغفرة الله إن غفر له،

فقال‏:‏ ‏{‏أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ إذا عاملتم عبيده، بالعفو والصفح، عاملكم بذلك، فقال أبو بكر ـ لما سمع هذه الآيةـ‏:‏ بلى، والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع النفقة إلى مسطح، وفي هذه الآية دليل على النفقة على القريب، وأنه لا تترك النفقة والإحسان بمعصية الإنسان، والحث على العفو والصفح، ولو جرى عليه ما جرى من أهل الجرائم‏.‏

ثم ذكر الوعيد الشديد على رمي المحصنات فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ‏}‏ أي‏:‏ العفائف عن الفجور ‏{‏الْغَافِلَاتِ‏}‏ التي لم يخطر ذلك بقلوبهن ‏{‏الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏}‏ واللعنة لا تكون إلا على ذنب كبير‏.‏

وأكد اللعنة بأنها متواصلة عليهم في الدارين ‏{‏وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ وهذا زيادة على اللعنة، أبعدهم عن رحمته، وأحل بهم شدة نقمته‏.‏

وذلك العذاب يوم القيامة ‏{‏يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ فكل جارحة تشهد عليهم بما عملته، ينطقها الذي أنطق كل شيء، فلا يمكنه الإنكار، ولقد عدل في العباد، من جعل شهودهم من أنفسهم، ‏{‏يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ‏}‏ أي‏:‏ جزاءهم على أعمالهم، الجزاء الحق، الذي بالعدل والقسط، يجدون جزاءها موفرا، لم يفقدوا منها شيئا، ‏{‏وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا‏}‏ ويعلمون في ذلك الموقف العظيم، أن الله هو الحق المبين، فيعلمون انحصار الحق المبين في الله تعالى‏.‏

فأوصافه العظيمة حق، وأفعاله هي الحق، وعبادته هي الحق، ولقاؤه حق، ووعده ووعيده، وحكمه الديني والجزائي حق، ورسله حق، فلا ثم حق، إلا في الله وما من الله‏.‏

‏{‏الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ‏}‏ أي‏:‏ كل خبيث من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للخبيث، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، وكل طيب من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للطيب، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، فهذه كلمة عامة وحصر، لا يخرج منه شيء،

من أعظم مفرداته، أن الأنبياء ـخصوصا أولي العزم منهم، خصوصا سيدهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو أفضل الطيبين من الخلق على الإطلاق لا يناسبهم إلا كل طيب من النساء، فالقدح في عائشة رضي الله عنها بهذا الأمر قدح في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو المقصود بهذا الإفك، من قصد المنافقين، فمجرد كونها زوجة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلم أنها لا تكون إلا طيبة طاهرة من هذا الأمر القبيح‏.‏

فكيف وهي هي‏؟‏‏"‏ صديقة النساء وأفضلهن وأعلمهن وأطيبهن، حبيبة رسول رب العالمين، التي لم ينزل الوحي عليه وهو في لحاف زوجة من زوجاته غيرها، ثم صرح بذلك، بحيث لا يبقى لمبطل مقالا، ولا لشك وشبهة مجالا، فقال‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ‏}‏ والإشارة إلى عائشة رضي الله عنها أصلا، وللمؤمنات المحصنات الغافلات تبعا ‏{‏لَهُمْ مَغْفِرَةٌ‏}‏ تستغرق الذنوب‏{‏وَرِزْقٌ كَرِيمٌ‏}‏ في الجنة صادر من الرب الكريم‏.‏


‏[‏27 - 29‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ‏}‏

يرشد الباري عباده المؤمنين، أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان، فإن في ذلك عدة مفاسد‏:‏

** منها ما ذكره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال ‏"‏ إنما جعل الاستئذان من أجل البصر‏"‏ فبسبب الإخلال به، يقع البصر على العورات التي داخل البيوت، فإن البيت للإنسان في ستر عورة ما وراءه، بمنزلة الثوب في ستر عورة جسده‏.‏

** ومنها‏:‏ أن ذلك يوجب الريبة من الداخل، ويتهم بالشر سرقة أو غيرها، لأن الدخول خفية، يدل على الشر، ومنع الله المؤمنين من دخول غير بيوتهم حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا أي‏:‏ يستأذنوا‏.‏

سمي الاستئذان استئناسا،لأن به يحصل الاستئناس،وبعدمه تحصل الوحشة، ‏{‏وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا‏}‏ وصفة ذلك، ما جاء في الحديث‏:‏ ‏"‏ السلام عليكم، أأدخل ‏"‏‏؟‏

‏{‏ذَلِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ الاستئذان المذكور ‏{‏خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}‏ لاشتماله على عدة مصالح، وهو من مكارم الأخلاق الواجبة، فإن أذن، دخل المستأذن‏.‏

‏{‏فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا‏}‏ أي‏:‏ فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقا واجبا لكم، وإنما هو متبرع، فإن شاء أذن أو منع، فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز من هذه الحال، ‏{‏هُوَ أَزْكَى لَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم بالحسنات‏.‏‏



{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ‏}‏ فيجازي كل عامل بعمله، من كثرة وقلة، وحسن وعدمه، هذا الحكم في البيوت المسكونة، سواء كان فيها متاع للإنسان أم لا، وفي البيوت غير المسكونة، التي لا متاع فيها للإنسان، وأما البيوت التي ليس فيها أهلها، وفيها متاع الإنسان المحتاج للدخول إليه، وليس فيها أحد يتمكن من استئذانه، وذلك كبيوت الكراء وغيرها، فقد ذكرها بقوله‏:‏

‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ‏}‏ أي‏:‏ حرج وإثم، دل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة، أنه محرم، وفيه حرج‏{‏أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ‏}‏ وهذا من احترازات القرآن العجيبة، فإن قوله‏:‏ ‏{‏لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ‏}‏ لفظ عام في كل بيت ليس ملكا للإنسان، أخرج منه تعالى البيوت التي ليست ملكه، وفيها متاعه، وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول إليها، ‏{‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ‏}‏ أحوالكم الظاهرة والخفية، وعلم مصالحكم، فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون، من الأحكام الشرعية‏.‏


‏[‏27 - 29‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ‏}‏

يرشد الباري عباده المؤمنين، أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان، فإن في ذلك عدة مفاسد‏:‏

** منها ما ذكره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال ‏"‏ إنما جعل الاستئذان من أجل البصر‏"‏ فبسبب الإخلال به، يقع البصر على العورات التي داخل البيوت، فإن البيت للإنسان في ستر عورة ما وراءه، بمنزلة الثوب في ستر عورة جسده‏.‏

** ومنها‏:‏ أن ذلك يوجب الريبة من الداخل، ويتهم بالشر سرقة أو غيرها، لأن الدخول خفية، يدل على الشر، ومنع الله المؤمنين من دخول غير بيوتهم حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا أي‏:‏ يستأذنوا‏.‏

سمي الاستئذان استئناسا،لأن به يحصل الاستئناس،وبعدمه تحصل الوحشة، ‏{‏وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا‏}‏ وصفة ذلك، ما جاء في الحديث‏:‏ ‏"‏ السلام عليكم، أأدخل ‏"‏‏؟‏

‏{‏ذَلِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ الاستئذان المذكور ‏{‏خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}‏ لاشتماله على عدة مصالح، وهو من مكارم الأخلاق الواجبة، فإن أذن، دخل المستأذن‏.‏

‏{‏فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا‏}‏ أي‏:‏ فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقا واجبا لكم، وإنما هو متبرع، فإن شاء أذن أو منع، فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز من هذه الحال، ‏{‏هُوَ أَزْكَى لَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم بالحسنات‏.‏‏



{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ‏}‏ فيجازي كل عامل بعمله، من كثرة وقلة، وحسن وعدمه، هذا الحكم في البيوت المسكونة، سواء كان فيها متاع للإنسان أم لا، وفي البيوت غير المسكونة، التي لا متاع فيها للإنسان، وأما البيوت التي ليس فيها أهلها، وفيها متاع الإنسان المحتاج للدخول إليه، وليس فيها أحد يتمكن من استئذانه، وذلك كبيوت الكراء وغيرها، فقد ذكرها بقوله‏:‏

‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ‏}‏ أي‏:‏ حرج وإثم، دل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة، أنه محرم، وفيه حرج‏{‏أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ‏}‏ وهذا من احترازات القرآن العجيبة، فإن قوله‏:‏ ‏{‏لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ‏}‏ لفظ عام في كل بيت ليس ملكا للإنسان، أخرج منه تعالى البيوت التي ليست ملكه، وفيها متاعه، وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول إليها، ‏{‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ‏}‏ أحوالكم الظاهرة والخفية، وعلم مصالحكم، فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون، من الأحكام الشرعية‏.‏



‏[‏31‏]‏ ‏{‏وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏}‏

لما أمر المؤمنين بغض الأبصار وحفظ الفروج، أمر المؤمنات بذلك، فقال‏:‏‏{‏وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ‏}‏ عن النظر إلى العورات والرجال، بشهوة ونحو ذلك من النظر الممنوع، ‏{‏وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ‏}‏ من التمكين من جماعها، أو مسها، أو النظر المحرم إليها‏.‏ ‏{‏وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ‏}‏ كالثياب الجميلة والحلي، وجميع البدن كله من الزينة، ولما كانت الثياب الظاهرة، لا بد لها منها، قال‏:‏ ‏{‏إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا‏}‏ أي‏:‏ الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، ‏{‏وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ‏}‏ وهذا لكمال الاستتار، ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن، كما ذكرنا‏.

‏ ثم كرر النهي عن إبداء زينتهن، ليستثني منه قوله‏:‏ ‏{‏إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ أزواجهن ‏{‏أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ‏}‏ يشمل الأب بنفسه، والجد وإن علا، ‏{‏أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن‏}‏ ويدخل فيه الأبناء وأبناء البعولة مهما نزلوا‏{‏أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ‏}‏ أشقاء، أو لأب، أو لأم‏.‏


‏{‏أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ يجوز للنساء أن ينظر بعضهن إلى بعض مطلقا، ويحتمل أن الإضافة تقتضي الجنسية، أي‏:‏ النساء المسلمات، اللاتي من جنسكم، ففيه دليل لمن قال‏:‏ إن المسلمة لا يجوز أن تنظر إليها الذمية‏.‏

‏{‏أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ‏}‏ فيجوز للمملوك إذا كان كله للأنثى، أن ينظر لسيدته، ما دامت مالكة له كله، فإن زال الملك أو بعضه، لم يجز النظر‏.‏ ‏{‏أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ‏}‏ أي‏:‏ أو الذين يتبعونكم، ويتعلقون بكم، من الرجال الذين لا إربة لهم في هذه الشهوة، كالمعتوه الذي لا يدري ما هنالك، وكالعنين الذي لم يبق له شهوة، لا في فرجه، ولا في قلبه، فإن هذا لا محذور من نظره‏.‏

‏{‏أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ‏}‏ أي‏:‏ الأطفال الذين دون التمييز، فإنه يجوز نظرهم للنساء الأجانب، وعلل تعالى ذلك، بأنهم لم يظهروا على عورات النساء، أي‏:‏ ليس لهم علم بذلك، ولا وجدت فيهم الشهوة بعد ودل هذا، أن المميز تستتر منه المرأة، لأنه يظهر على عورات النساء‏.‏

‏{‏وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ لا يضربن الأرض بأرجلهن، ليصوت ما عليهن من حلي، كخلاخل وغيرها، فتعلم زينتها بسببه، فيكون وسيلة إلى الفتنة‏.‏

ويؤخذ من هذا ونحوه، قاعدة سد الوسائل، وأن الأمر إذا كان مباحا، ولكنه يفضي إلى محرم، أو يخاف من وقوعه، فإنه يمنع منه، فالضرب بالرجل في الأرض، الأصل أنه مباح، ولكن لما كان وسيلة لعلم الزينة، منع منه‏.‏

ولما أمر تعالى بهذه الأوامر الحسنة، ووصى بالوصايا المستحسنة، وكان لا بد من وقوع تقصير من المؤمن بذلك، أمر الله تعالى بالتوبة، فقال‏:‏ ‏{‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ‏}‏ لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى التوبة ثم علق على ذلك الفلاح، فقال‏:‏ ‏{‏لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏}‏ فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهرا وباطنا، إلى‏:‏ ما يحبه ظاهرا وباطنا، ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، لأن الله خاطب المؤمنين جميعا، وفيه الحث على الإخلاص بالتوبة في قوله‏:‏ ‏{‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ لا لمقصد غير وجهه، من سلامة من آفات الدنيا، أو رياء وسمعة، أو نحو ذلك من المقاصد الفاسدة‏.‏


‏[‏32 - 33‏]‏ ‏{‏وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

يأمر تعالى الأولياء والأسياد، بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى وهم‏:‏ من لا أزواج لهم، من رجال، ونساء ثيب، وأبكار، فيجب على القريب وولي اليتيم، أن يزوج من يحتاج للزواج، ممن تجب نفقته عليه، وإذا كانوا مأمورين بإنكاح من تحت أيديهم، كان أمرهم بالنكاح بأنفسهم من باب أولى‏.‏

**كلي جروح**
20-04-2009, 08:56 AM
نكمل ‏{‏وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ‏}‏ يحتمل أن المراد بالصالحين، صلاح الدين، وأن الصالح من العبيد والإماء ـ وهو الذي لا يكون فاجرا زانيا ـ مأمور سيده بإنكاحه، جزاء له على صلاحه، وترغيبا له فيه، ولأن الفاسد بالزنا، منهي عن تزوجه، فيكون مؤيدا للمذكور في أول السورة، أن نكاح الزاني والزانية محرم حتى يتوب، ويكون التخصيص بالصلاح في العبيد والإماء دون الأحرار، لكثرة وجود ذلك في العبيد عادة، ويحتمل أن المراد بالصالحين الصالحون للتزوج المحتاجون إليه من العبيد والإماء، يؤيد هذا المعنى، أن السيد غير مأمور بتزويج مملوكه، قبل حاجته إلى الزواج‏.

‏ ولا يبعد إرادة المعنيين كليهما، والله أعلم‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ‏}‏ أي‏:‏ الأزواج والمتزوجين ‏{‏يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ فلا يمنعكم ما تتوهمون، من أنه إذا تزوج، افتقر بسبب كثرة العائلة ونحوه، وفيه حث على التزوج، ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر‏.‏ ‏

{‏وَاللَّهُ وَاسِعٌ‏}‏ كثير الخير عظيم الفضل ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏ بمن يستحق فضله الديني والدنيوي أو أحدهما، ممن لا يستحق، فيعطي كلا ما علمه واقتضاه حكمه‏.‏

‏{‏وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف، أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه، ويفعل أيضا،

كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‏"‏ وقوله‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا‏}‏ أي‏:‏ لا يقدرون نكاحا، إما لفقرهم أو فقر أوليائهم وأسيادهم، أو امتناعهم من تزويجهم ‏[‏وليس لهم‏}‏ من قدرة على إجبارهم على ذلك، وهذا التقدير، أحسن من تقدير من قدر‏"‏ لا يجدون مهر نكاح ‏"‏ وجعلوا المضاف إليه نائبا مناب المضاف، فإن في ذلك محذورين‏:‏ أحدهما‏:‏ الحذف في الكلام، والأصل عدم الحذف‏.‏

والثاني كون المعنى قاصرا على من له حالان، حالة غنى بماله، وحالة عدم، فيخرج العبيد والإماء ومن إنكاحه على وليه، كما ذكرنا‏.‏

‏{‏حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ وعد للمستعفف أن الله سيغنيه وييسر له أمره، وأمر له بانتظار الفرج، لئلا يشق عليه ما هو فيه‏.‏

وقوله ‏{‏وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا‏}‏ أي‏:‏ من ابتغى وطلب منكم الكتابة، وأن يشتري نفسه، من عبيد وإماء، فأجيبوه إلى ما طلب، وكاتبوه،‏{‏إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ‏}‏ أي‏:‏ في الطالبين للكتابة‏{‏خَيْرًا‏}‏ أي‏:‏ قدرة على التكسب، وصلاحا في دينه، لأن في الكتابة تحصيل المصلحتين، مصلحة العتق والحرية، ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه‏.

‏ وربما جد واجتهد، وأدرك لسيده في مدة الكتابة من المال ما لا يحصل في رقه، فلا يكون ضرر على السيد في كتابته، مع حصول عظيم المنفعة للعبد، فلذلك أمر الله بالكتابة على هذا الوجه أمر إيجاب، كما هو الظاهر، أو أمر استحباب على القول الآخر، وأمر بمعاونتهم على كتابتهم، لكونهم محتاجين لذلك، بسبب أنهم لا مال لهم، فقال‏:‏ ‏{‏وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ‏}‏ يدخل في ذلك أمر سيده الذي كاتبه، أن يعطيه من كتابته أو يسقط عنه منها، وأمر الناس بمعونتهم‏.‏

ولهذا جعل الله للمكاتبين قسطا من الزكاة، ورغب في إعطائه بقوله‏:‏ ‏{‏مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ‏}‏ أي‏:‏ فكما أن المال مال الله، وإنما الذي بأيديكم عطية من الله لكم ومحض منه، فأحسنوا لعباد الله، كما أحسن الله إليكم‏.‏

ومفهوم الآية الكريمة، أن العبد إذا لم يطلب الكتابة، لا يؤمر سيده أن يبتدئ بكتابته، وأنه إذا لم يعلم منه خيرا، بأن علم منه عكسه، إما أنه يعلم أنه لا كسب له، فيكون بسبب ذلك كلا على الناس، ضائعا، وإما أن يخاف إذا أعتق، وصار في حرية نفسه، أن يتمكن من الفساد، فهذا لا يؤمر بكتابته، بل ينهى عن ذلك لما فيه من المحذور المذكور‏.‏

ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ إماءكم ‏{‏عَلَى الْبِغَاءِ‏}‏ أي‏:‏ أن تكون زانية ‏{‏إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا‏}‏ لأنه لا يتصور إكراهها إلا بهذه الحال، وأما إذا لم ترد تحصنا فإنها تكون بغيا، يجب على سيدها منعها من ذلك، وإنما هذا نهى لما كانوا يستعملونه في الجاهلية، من كون السيد يجبر أمته على البغاء، ليأخذ منها أجرة ذلك، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏ فلا يليق بكم أن تكون إماؤكم خيرا منكم، وأعف عن الزنا، وأنتم تفعلون بهن ذلك، لأجل عرض الحياة، متاع قليل يعرض ثم يزول‏.‏

فكسبكم النزاهة، والنظافة، والمروءة ـبقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابهاـ أفضل من كسبكم العرض القليل، الذي يكسبكم الرذالة والخسة‏.‏

ثم دعا من جرى منه الإكراه إلى التوبة، فقال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ فليتب إلى الله، وليقلع عما صدر منه مما يغضبه، فإذا فعل ذلك، غفر الله ذنوبه، ورحمه كما رحم نفسه بفكاكها من العذاب، وكما رحم أمته بعدم إكراهها على ما يضرها‏.‏



‏[‏34‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ‏}‏


هذا تعظيم وتفخيم لهذه الآيات، التي تلاها على عباده، ليعرفوا قدرها، ويقوموا بحقها فقال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ واضحات الدلالة، على كل أمر تحتاجون إليه، من الأصول والفروع، بحيث لا يبقى فيها إشكال ولا شبهة، ‏{‏و‏}‏ أنزلنا إليكم أيضا ‏{‏مثلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ‏}‏ من أخبار الأولين، الصالح منهم والطالح، وصفة أعمالهم، وما جرى لهم وجرى عليهم تعتبرونه مثالا ومعتبرا، لمن فعل مثل أفعالهم أن يجازى مثل ما جوزوا‏.‏


‏{‏وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ‏}‏ أي‏:‏ وأنزلنا إليكم موعظة للمتقين، من الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، يتعظ بها المتقون، فينكفون عما يكره الله إلى ما يحبه الله‏.‏


‏[‏35‏]‏ ‏{‏اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏



‏{‏اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏}‏ الحسي والمعنوي، وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه ـالذي لولا لطفه، لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقهـ نور، وبه استنار العرش، والكرسي، والشمس، والقمر، والنور، وبه استنارت الجنة‏.‏


وكذلك النور المعنوي يرجع إلى الله، فكتابه نور، وشرعه نور، والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور‏.‏ فلولا نوره تعالى، لتراكمت الظلمات،
ولهذا‏:‏ كل محل، يفقد نوره فثم الظلمة والحصر، ‏{‏مَثَلُ نُورِهِ‏}‏ الذي يهدي إليه، وهو نور الإيمان والقرآن في قلوب المؤمنين، ‏{‏كَمِشْكَاةٍ‏}‏ أي‏:‏ كوة ‏{‏فِيهَا مِصْبَاحٌ‏}‏ لأن الكوة تجمع نور المصباح بحيث لا يتفرق ذلك ‏{‏الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ‏}‏ من صفائها وبهائها ‏{‏كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ‏}‏ أي‏:‏ مضيء إضاءة الدر‏.‏


‏{‏يُوقَدُ‏}‏ ذلك المصباح، الذي في تلك الزجاجة الدرية‏{‏مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ‏}‏ أي‏:‏ يوقد من زيت الزيتون الذي ناره من أنور ما يكون، ‏{‏لَا شَرْقِيَّةٍ‏}‏ فقط، فلا تصيبها الشمس آخر النهار، ‏{‏وَلَا غَرْبِيَّةٍ‏}‏ فقط، فلا تصيبها الشمس ‏[‏أول‏}‏ النهار، وإذا انتفى عنها الأمران، كانت متوسطة من الأرض، كزيتون الشام، تصيبها الشمس أول النهار وآخره، فتحسن وتطيب، ويكون أصفى لزيتها، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يَكَادُ زَيْتُهَا‏}‏ من صفائه ‏{‏يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ‏}‏ فإذا مسته النار، أضاء إضاءة بليغة ‏{‏نُورٌ عَلَى نُورٍ‏}‏ أي‏:‏ نور النار، ونور الزيت‏.‏



ووجه هذا المثل الذي ضربه الله، وتطبيقه على حالة المؤمن، ونور الله فيقلبه، أن فطرته التي فطر عليها، بمنزلة الزيت الصافي، ففطرته صافية، مستعدةللتعاليم الإلهية، والعمل المشروع، فإذا وصل إليه العلم والإيمان، اشتعل ذلك النورفي قلبه، بمنزلة اشتعال النار في فتيلة ذلك المصباح، وهو صافي القلب من سوء القصد،وسوء الفهم عن الله، إذا وصل إليه الإيمان، أضاء إضاءة عظيمة، لصفائه من الكدورات،وذلك بمنزلة صفاء الزجاجة الدرية، فيجتمع له نور الفطرة، ونور الإيمان، ونور العلم،وصفاء المعرفة، نور على نوره‏.‏



ولما كان هذا من نور الله تعالى، وليس كل أحد يصلح له ذلك، قال‏:‏ ‏{‏يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ‏}‏ ممن يعلم زكاءه وطهارته، وأنه يزكي معه وينمو‏.‏‏{‏وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ‏}‏ ليعقلوا عنه ويفهموا، لطفا منه بهم، وإحسانا إليهم، وليتضح الحق من الباطل، فإن الأمثال تقرب المعاني المعقولة من المحسوسة، فيعلمها العباد علما واضحا، ‏{‏وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ فعلمه محيط بجميع الأشياء، فلتعلموا أن ضربه الأمثال، ضرب من يعلم حقائق الأشياء وتفاصيلها، وأنها مصلحة للعباد، فليكن اشتغالكم بتدبرها وتعقلها، لا بالاعتراض عليها، ولا بمعارضتها، فإنه يعلم وأنتم لا تعلمون‏.‏ولما كان نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد، ذكرها منوها بها فقال‏:‏


‏[‏36 ـ 38‏]‏‏{‏فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ *رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏


أي‏:‏ يتعبد لله ‏{‏فِي بُيُوتٍ‏}‏ عظيمة فاضلة، هي أحب البقاع إليه، وهي المساجد‏.‏


‏{‏أَذِنَ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ أمر ووصى‏{‏أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ‏}‏ هذان مجموع أحكام المساجد، فيدخل في رفعها، بناؤها، وكنسها، وتنظيفها من النجاسة والأذى، وصونها من المجانين والصبيان الذين لا يتحرزون عن النجاسة، وعن الكافر، وأن تصان عن اللغو فيها، ورفع الأصوات بغير ذكر الله‏.‏


‏{‏وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ‏}‏ يدخل في ذلك الصلاة كلها، فرضها، ونفلها، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، وغيره من أنواع الذكر، وتعلم العلم وتعليمه، والمذاكرة فيها، والاعتكاف، وغير ذلك من العبادات التي تفعل في المساجد،


ولهذا كانت عمارة المساجد على قسمين‏:‏عمارة بنيان، وصيانة لها،وعمارة بذكر اسم الله، من الصلاة وغيرها،


وهذا أشرف القسمين، ولهذا شرعت الصلوات الخمس والجمعة في المساجد، وجوبا عند أكثر العلماء، أو استحبابا عند آخرين‏.‏


ثم مدح تعالى عمارها بالعبادة فقال‏:‏ ‏{‏يُسَبِّحُ لَهُ‏}‏ إخلاصا ‏{‏بِالْغُدُوِّ‏}‏ أول النهار ‏{‏وَالْآصَالِ‏}‏ آخره ‏{‏رِجَالٌ‏}‏ خص هذين الوقتين لشرفهما ولتيسر السير فيهما إلى الله وسهولته‏.‏ ويدخل في ذلك، التسبيح في الصلاة وغيرها، ولهذا شرعت أذكار الصباح والمساء وأورادهما عند الصباح والمساء‏.


‏ أي‏:‏ يسبح فيها الله، رجال، وأي‏:‏ رجال، ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا، ذات لذات، ولا تجارة ومكاسب، مشغلة عنه، ‏{‏لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ‏}‏ وهذا يشمل كل تكسب يقصد به العوض، فيكون قوله‏:‏‏{‏وَلَا بَيْعٌ‏}‏ من باب عطف الخاص على العام، لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره، فهؤلاء الرجال، وإن اتجروا، وباعوا، واشتروا، فإن ذلك، لا محذور فيه‏.‏


لكنه لا تلهيهم تلك، بأن يقدموها ويؤثروها على ‏{‏ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ‏}‏ بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه‏.‏


ولما كان ترك الدنيا شديدا على أكثر النفوس، وحب المكاسب بأنواع التجارات محبوبا لها، ويشق عليها تركه في الغالب، وتتكلف من تقديم حق الله على ذلك، ذكر ما يدعوها إلى ذلك ـ ترغيبا وترهيبا ـ فقال‏:‏ ‏{‏يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ‏}‏ من شدة هوله وإزعاجه للقلوب والأبدان، فلذلك خافوا ذلك اليوم، فسهل عليهم العمل، وترك ما يشغل عنه، ‏{‏لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا‏}‏


والمراد بأحسن ما عملوا‏:‏ أعمالهم الحسنة الصالحة، لأنها أحسن ما عملوا، لأنهم يعملون المباحات وغيرها، فالثواب لا يكون إلا على العمل الحسن، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏‏{‏وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ زيادة كثيرة عن الجزاء المقابل لأعمالهم،‏{‏وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ بل يعطيه من الأجر ما لا يبلغه عمله، بل ولا تبلغه أمنيته، ويعطيه من الأجر بلا عد ولا كيل، وهذا كناية عن كثرته جدا‏.‏-----------------------------------
‏[‏39 ـ 40‏]‏ ‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ‏}‏
هذان مثلان، ضربهما الله لأعمال الكفار في بطلانها وذهابها سدى وتحسر عامليها منها فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ بربهم وكذبوا رسله‏{‏أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ‏}‏ أي‏:‏ بقاع، لا شجر فيه ولا نبت‏.‏
‏{‏يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً‏}‏ شديد العطش، الذي يتوهم ما لا يتوهم غيره، بسبب ما معه من العطش، وهذا حسبان باطل، فيقصده ليزيل ظمأه، ‏{‏حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا‏}‏ فندم ندما شديدا، وازداد ما به من الظمأ، بسبب انقطاع رجائه، كذلك أعمال الكفار، بمنزلة السراب، ترى ويظنها الجاهل الذي لا يدري الأمور، أعمالا نافعة،
فيغره صورتها، ويخلبه خيالها، ويحسبها هو أيضا أعمالا نافعة لهواه، وهو أيضا محتاج إليها بل مضطر إليها، كاحتياج الظمآن للماء، حتى إذ قدم على أعماله يوم الجزاء، وجدها ضائعة، ولم يجدها شيئا، والحال إنه لم يذهب، لا له ولا عليه،
بل‏{‏وجد اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ‏}‏ لم يخف عليه من عمله نقير ولا قطمير، ولن يعدم منه قليلا ولا كثيرا، ‏{‏وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ‏}‏ فلا يستبطئ الجاهلون ذلك الوعد، فإنه لا بد من إتيانه، ومثلها الله بالسراب الذي بقيعة، أي‏:‏ لا شجر فيه ولا نبات، وهذا مثال لقلوبهم، لا خير فيها ولا بر، فتزكو فيها الأعمال وذلك للسبب المانع، وهو الكفر‏.‏
والمثل الثاني، لبطلان أعمال الكفار ‏{‏كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ‏}‏ بعيد قعره، طويل مداه ‏{‏يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ‏}‏ ظلمة البحر اللجي، ثم فوقه ظلمة الأمواج المتراكمة، ثم فوق ذلك، ظلمة السحب المدلهمة، ثم فوق ذلك ظلمة الليل البهيم،
فاشتدت الظلمة جدا، بحيث أن الكائن في تلك الحال ‏{‏إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا‏}‏ مع قربها إليه، فكيف بغيرها، كذلك الكفار، تراكمت على قلوبهم الظلمات، ظلمة الطبيعة، التي لا خير فيها، وفوقها ظلمة الكفر، وفوق ذلك، ظلمة الجهل، وفوق ذلك، ظلمة الأعمال الصادرة عما ذكر، فبقوا في الظلمة متحيرين، وفي غمرتهم يعمهون، وعن الصراط المستقيم مدبرين،
وفي طرق الغي والضلال يترددون، وهذا لأن الله تعالى خذلهم، فلم يعطهم من نوره، ‏{‏وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ‏}‏ لأن نفسه ظالمة جاهلة، فليس فيها من الخير والنور، إلا ما أعطاها مولاها، ومنحها ربها‏.‏ يحتمل أن هذين المثالين، لأعمال جميع الكفار، كل منهما، منطبق عليها، وعددهما لتعدد الأوصاف، ويحتمل أن كل مثال، لطائفة وفرقة‏.‏ فالأول، للمتبوعين، والثاني، للتابعين، والله أعلم‏.‏


__________________





‏[‏41 ـ 42‏]‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ‏}‏


نبه تعالى عباده على عظمته، وكمال سلطانه، وافتقار جميع المخلوقات له في ربوبيتها، وعبادتها فقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏}‏ من حيوان وجماد ‏{‏وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ‏}‏ أي‏:‏ صافات أجنحتها، في جو السماء، تسبح ربها‏.‏ ‏


{‏كُلٌّ‏}‏ من هذه المخلوقات ‏{‏قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ‏}‏ أي‏:‏ كل له صلاة وعبادة بحسب حاله اللائقة به، وقد ألهمه الله تلك الصلاة والتسبيح، إما بواسطة الرسل، كالجن والإنس والملائكة، وإما بإلهام منه تعالى، كسائر المخلوقات غير ذلك، وهذا الاحتمال أرجح،


بدليل قوله‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ‏}‏ أي‏:‏ علم جميع أفعالها، فلم يخف عليه منها شيء، وسيجازيهم بذلك، فيكون على هذا، قد جمع بين علمه بأعمالها، وذلك بتعليمه، وبين علمه بأعمالهم المتضمن للجزاء‏.‏


ويحتمل أن الضمير في قوله‏:‏ ‏{‏قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ‏}‏ يعود إلى الله، وأن الله تعالى قد علم عباداتهم، وإن لم تعلموا ـ أيها العباد ـ منها، إلا ما أطلعكم الله عليه‏.‏


وهذه الآية كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا‏}‏ فلما بين عبوديتهم وافتقارهم إليه ـ من جهة العبادة والتوحيد ـ بين افتقارهم، من جهة الملك والتربية والتدبير فقال‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏}‏ خالقهما ورازقهما، والمتصرف فيهما، في حكمه الشرعي‏والقدري‏}‏ في هذه الدار،


وفي حكمه الجزائي، بدار القرار، بدليل قوله‏:‏ ‏{‏وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ‏}‏ أي‏:‏ مرجع الخلق ومآلهم، ليجازيهم بأعمالهم‏.‏


‏[‏43 ـ 44‏]‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ *يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ‏}‏


أي‏:‏ ألم تشاهد ببصرك، عظيم قدرة الله، وكيف‏{‏يُزْجِي‏}‏ أي‏:‏ يسوق ‏{‏سَحَابًا‏}‏ قطعا متفرقة ‏{‏ثُمَّ يُؤَلِّفُ‏}‏ بين تلك القطع، فيجعله سحابا متراكما، مثل الجبال‏.‏


‏{‏فَتَرَى الْوَدْقَ‏}‏ أي‏:‏ الوابل والمطر، يخرج من خلال السحاب، نقطا متفرقة، ليحصل بها الانتفاع من دون ضرر، فتمتلئ بذلك الغدران، وتتدفق الخلجان، وتسيل الأودية، وتنبت الأرض من كل زوج كريم، وتارة ينزل الله من ذلك السحاب بردا يتلف ما يصيبه‏.‏


‏{‏فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ‏}‏ بحسب ما اقتضاه حكمه القدري، وحكمته التي يحمد عليها، ‏{‏يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ‏}‏ أي‏:‏ يكاد ضوء برق ذلك السحاب، من شدته ‏{‏يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ‏}‏ أليس الذي أنشأها وساقها لعباده المفتقرين، وأنزلها على وجه يحصل به النفع وينتفي به الضرر، كامل القدرة، نافذ المشيئة، واسع الرحمة‏؟‏‏.‏


‏{‏يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ‏}‏ من حر إلى برد، ومن برد إلى حر، من ليل إلى نهار، ومن نهار إلى ليل، ويديل الأيام بين عباده، ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ‏}‏ أي‏:‏ لذوي البصائر، والعقول النافذة للأمور المطلوبة منها، كما تنفذ الأبصار إلى الأمور المشاهدة الحسية‏.‏ فالبصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها، والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة، بمنزلة نظر البهائم‏.‏




‏[‏45‏]‏ ‏{‏وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍفَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِوَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّاللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏


ينبه عباده على ما يشاهدونه،أنه خلق جميع الدواب التي على وجه الأرض، ‏{‏مِنْ مَاءٍ‏}‏أي‏:‏ مادتها كلها الماء، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا مِنَالْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ‏}‏


فالحيوانات التي تتوالد، مادتها ماءالنطفة، حين يلقح الذكر الأنثى‏.‏ والحيوانات التي تتولد من الأرض، لا تتولد إلا منالرطوبات المائية، كالحشرات لا يوجد منها شيء، يتولد من غير ماء أبدا، فالمادةواحدة، ولكن الخلقة مختلفة من وجوه كثيرة، ‏{‏فَمِنْهُمْ مَنْيَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ‏}‏ كالحية ونحوها، ‏{‏وَمِنْهُمْمَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ‏}‏ كالآدميين، وكثير من الطيور، ‏{‏وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ‏}‏ كبهيمة الأنعامونحوها‏.‏ فاختلافها ـ مع أن الأصل واحد ـ يدل على نفوذ مشيئة الله، وعموم قدرته،ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ‏}‏ أي‏:‏ منالمخلوقات، على ما يشاؤه من الصفات، ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّشَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ كما أنزل المطر على الأرض، وهو لقاح واحد، والأم واحدة،وهي الأرض، والأولاد مختلفو الأصناف والأوصاف ‏{‏وَفِي الْأَرْضِقِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌوَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍفِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏}‏


‏[‏46‏]‏ ‏{‏لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍوَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‏}‏‏.‏


أي‏:‏ لقد رحمنا عبادنا، وأنزلنا إليهم آيات بينات، أي‏:‏ واضحات الدلالة،على جميع المقاصد الشرعية، والآداب المحمودة، والمعارف الرشيدة، فاتضحت بذلك السبل،وتبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال، فلم يبق أدنى شبهة لمبطل يتعلق بها، ولاأدنى إشكال لمريد الصواب، لأنها تنزيل من كمل علمه، وكملت رحمته، وكمل بيانه، فليسبعد بيانه بيان ‏{‏لِيَهْلِكَ‏}‏ بعد ذلك ‏{‏مَنْهَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ‏}‏‏{‏وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ‏}‏ ممن سبقت لهم سابقةالحسنى، وقدم الصدق، ‏{‏إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‏}‏ أي‏:‏طريق واضح مختصر، موصل إليه، وإلى دار كرامته، متضمن العلم بالحق وإيثاره والعملبه‏.‏ عمم البيان التام لجميع الخلق، وخصص بالهداية من يشاء، فهذا فضله وإحسانه،وما فضل الكريم بممنون وذاك عدله، وقطع الحجة للمحتج، والله أعلم حيث يجعل مواقعإحسانه‏.‏

**كلي جروح**
20-04-2009, 09:03 AM
‏[‏47 ـ 50‏]‏ ‏{‏وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِوَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَوَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِلِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُالْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏


يخبر تعالى عن حالة الظالمين،ممن في قلبه مرض وضعف إيمان، أو نفاق وريب وضعف علم، أنهم يقولون بألسنتهم،ويلتزمون الإيمان بالله والطاعة، ثم لا يقومون بما قالوا، ويتولى فريق منهم عنالطاعة توليا عظيما، بدليل قوله‏:‏ ‏{‏وَهُمْمُعْرِضُونَ‏}‏ فإن المتولي، قد يكون له نية عود ورجوع إلى ما تولى عنه،وهذا المتولي معرض، لا التفات له، ولا نظر لما تولى عنه، وتجد هذه الحالة مطابقةلحال كثير ممن يدعي الإيمان والطاعة لله وهو ضعيف الإيمان، وتجده لا يقوم بكثير منالعبادات، خصوصا‏:‏ العبادات التي تشق على كثير من النفوس، كالزكوات، والنفقاتالواجبة والمستحبة، والجهاد في سبيل الله، ونحو ذلك‏.‏


‏{‏وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَبَيْنَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ إذا صار بينهم وبين أحد حكومة، ودعوا إلى حكم اللهورسوله ‏{‏إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ‏}‏ يريدونأحكام الجاهلية، ويفضلون أحكام القوانين غير الشرعية على الأحكام الشرعية، لعلمهمأن الحق عليهم، وأن الشرع لا يحكم إلا بما يطابق الواقع، ‏{‏وَإِنْيَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ‏}‏ أي‏:‏ إلى حكم الشرع ‏{‏مُذْعِنِينَ‏}‏ وليس ذلك لأجل أنه حكم شرعي، وإنما ذلك لأجلموافقة أهوائهم، فليسوا ممدوحين في هذه الحال، ولو أتوا إليه مذعنين، لأن العبدحقيقة، من يتبع الحق فيما يحب ويكره، وفيما يسره ويحزنه، وأما الذي يتبع الشرع عندموافقة هواه، وينبذه عند مخالفته، ويقدم الهوى على الشرع، فليس بعبد على الحقيقة،قال الله في لومهم على الإعراض عن الحكم الشرعي‏:‏ ‏{‏أَفِيقُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏}‏ أي‏:‏ علة، أخرجت القلب عن صحته وأزالت حاسته، فصاربمنزلة المريض، الذي يعرض عما ينفعه، ويقبل على ما يضره،


‏{‏أَمِ ارْتَابُوا‏}‏ أي‏:‏ شكوا، وقلقت قلوبهم من حكم اللهورسوله، واتهموه أنه لا يحكم بالحق، ‏{‏أَمْ يَخَافُونَ أَنْيَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ‏}‏ أي‏:‏ يحكم عليهم حكما ظالماجائرا، وإنما هذا وصفهم ‏{‏بَلْ أُولَئِكَ هُمُالظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏


وأما حكم الله ورسوله، ففي غاية العدالةوالقسط، وموافقة الحكمة‏.‏ ‏{‏وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِحُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ‏}‏ وفي هذه الآيات، دليل على أن الإيمان، ليسهو مجرد القول حتى يقترن به العمل، ولهذا نفى الإيمان عمن تولى عن الطاعة، ووجوبالانقياد لحكم الله ورسوله في كل حال، وأن من ينقد له دل على مرض في قلبه، وريب فيإيمانه، وأنه يحرم إساءة الظن بأحكام الشريعة، وأن يظن بها خلاف العدل والحكمة‏.‏


ولما ذكر حالة المعرضين عن الحكم الشرعي، ذكر حالةالمؤمنين الممدوحين، فقال‏:‏


‏[‏51 ـ 52‏]‏ ‏{‏إِنَّمَاكَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَبَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَهُمُ الْفَائِزُونَ‏}‏


أي‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا كَانَقَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ حقيقة، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم حين يدعونإلى الله ورسوله ليحكم بينهم، سواء وافق أهواءهم أو خالفها، ‏{‏أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا‏}‏ أي‏:‏ سمعنا حكم اللهورسوله، وأجبنا من دعانا إليه، وأطعنا طاعة تامة، سالمة من الحرج‏.‏


‏{‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏ حصر الفلاحفيهم، لأن الفلاح‏:‏ الفوز بالمطلوب، والنجاة من المكروه، ولا يفلح إلا من حكم اللهورسوله، وأطاع الله ورسوله‏.‏ ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا، ذكر فضلهاعموما، في جميع الأحوال، فقال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَوَرَسُولَهُ‏}‏ فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما، ‏{‏وَيَخْشَاللَّهَ‏}‏ أي‏:‏ يخافه خوفا مقرونا بمعرفة، فيترك ما نهى عنه، ويكف نفسهعما تهوى، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَيَتَّقْهِ‏}‏ بترك المحظور،لأن التقوى ـعند الإطلاقـ يدخل فيها، فعل المأمور، وترك المنهي عنه، وعند اقترانهابالبر أو الطاعة ـ كما في هذا الموضع ـ تفسر بتوقي عذاب الله، بترك معاصيه، ‏{‏فَأُولَئِكَ‏}‏ الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله، وخشيةالله وتقواه، ‏{‏هُمُ الْفَائِزُونَ‏}‏ بنجاتهم من العذاب،لتركهم أسبابه، ووصولهم إلى الثواب، لفعلهم أسبابه، فالفوز محصور فيهم، وأما من لميتصف بوصفهم، فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة، واشتملتهذه الآية، على الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو‏:‏ الطاعة المستلزمةللإيمان، والحق المختص بالله، وهو‏:‏ الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختصبالرسول، وهو التعزير والتوقير، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح فيقوله‏:‏ ‏{‏لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُوَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا‏}‏


‏[‏53ـ 54‏]‏‏{‏وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْأَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَخَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْتَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْتُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُالْمُبِينُ‏}‏


يخبر تعالى عن حالة المتخلفين عن الرسول ـ صلى اللهعليه وسلم ـ في الجهاد من المنافقين، ومن في قلوبهم مرض وضعف إيمان أنهم يقسمونبالله، ‏{‏لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ‏}‏ فيما يستقبل، أو لئن نصصتعليهم حين خرجت ‏{‏لَيَخْرُجُنَّ‏}‏ والمعنى الأول أولى‏.‏قال الله ـ رادا عليهم ـ‏:‏ ‏{‏قُلْ لَا تُقْسِمُوا‏}‏أي‏:‏ لا نحتاج إلى إقسامكم ولا إلى أعذاركم، فإن الله قد نبأنا من أخباركم،وطاعتكم معروفة، لا تخفى علينا، قد كنا نعرف منكم التثاقل والكسل من غير عذر، فلاوجه لعذركم وقسمكم، إنما يحتاج إلى ذلك، من كان أمره محتملا، وحاله مشتبهة، فهذاربما يفيده العذر براءة، وأما أنتم فكلا ولما، وإنما ينتظر بكم ويخاف عليكم حلولبأس الله ونقمته، ولهذا توعدهم بقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌبِمَا تَعْمَلُونَ‏}‏ فيجازيكم عليها أتم الجزاء، هذه حالهم في نفس الأمر،وأما الرسول عليه الصلاة والسلام، فوظيفته أن يأمركم وينهاكم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ‏}‏امتثلوا، كان حظكم وسعادتكم وإن ‏{‏تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا حُمِّلَ‏}‏ من الرسالة، وقد أداها‏.‏


‏{‏وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ‏}‏ من الطاعة، وقد بانت حالكموظهرت، فبان ضلالكم وغيكم واستحقاقكم العذاب‏.‏ ‏{‏وَإِنْتُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا‏}‏ إلى الصراط المستقيم، قولا وعملا، فلا سبيل لكمإلى الهداية إلا بطاعته، وبدون ذلك، لا يمكن، بل هو محال‏.‏


‏{‏وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ‏}‏ أي‏:‏تبليغكم البين الذي لا يبقي لأحد شكا ولا شبهة، وقد فعل ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلغالبلاغ المبين، وإنما الذي يحاسبكم ويجازيكم هو الله تعالى، فالرسول ليس له منالأمر شيء، وقد قام بوظيفته‏.‏



‏[‏55‏]‏ ‏{‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏‏.‏

هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغوا لهم الغوائل‏.‏

فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئا، ولا يخافون أحدا إلا الله، فقام صدر هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح‏.‏

‏{‏وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ‏}‏ التمكين والسلطنة التامة لكم، يا معشر المسلمين، ‏{‏فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ الذين خرجوا عن طاعة الله، وفسدوا، فلم يصلحوا لصالح، ولم يكن فيهم أهلية للخير، لأن الذي يترك الإيمان في حال عزه وقهره، وعدم وجود الأسباب المانعة منه، يدل على فساد نيته، وخبث طويته، لأنه لا داعي له لترك الدين إلا ذلك‏.‏ ودلت هذه الآية، أن الله قد مكن من قبلنا، واستخلفهم في الأرض، كما قال موسى لقومه‏:‏ ‏{‏وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ‏}‏

‏[‏56 ـ 57‏]‏ ‏{‏وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏

يأمر تعالى بإقامة الصلاة، بأركانها وشروطها وآدابها، ظاهرا وباطنا، وبإيتاء الزكاة من الأموال التي استخلف الله عليها العباد، وأعطاهم إياها، بأن يؤتوها الفقراء وغيرهم، ممن ذكرهم الله لمصرف الزكاة، فهذان أكبر الطاعات وأجلهما، جامعتان لحقه وحق خلقه، للإخلاص للمعبود، وللإحسان إلى العبيد، ثم عطف عليهما الأمر العام، فقال‏:‏ ‏{‏وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ‏}‏ وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ‏{‏مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ‏}‏ ‏{‏لَعَلَّكُمْ‏}‏ حين تقومون بذلك ‏{‏تُرْحَمُونَ‏}‏ فمن أراد الرحمة، فهذا طريقها، ومن رجاها من دون إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإطاعة الرسول، فهو متمن كاذب، وقد منته نفسه الأماني الكاذبة‏.‏

‏{‏لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ‏}‏ فلا يغررك ما متعوا به في الحياة الدنيا، فإن الله، وإن أمهلهم فإنه لا يهملهم ‏{‏نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّنَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ‏}‏

**كلي جروح**
20-04-2009, 09:07 AM
ولهذا قال هنا‏:‏ ‏{‏وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏ أي‏:‏ بئسالمآل، مآل الكافرين، مآل الشر والحسرة والعقوبة الأبدية‏.‏







‏[‏58‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْيَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِوَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّطَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُالْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏



أمر المؤمنين أن يستأذنهممماليكهم، والذين لم يبلغوا الحلم منهم‏.‏ قد ذكر الله حكمته وأنه ثلاث عوراتللمستأذن عليهم، وقت نومهم بالليل بعد العشاء، وعند انتباههم قبل صلاة الفجر، فهذاـ في الغالب ـ أن النائم يستعمل للنوم في الليل ثوبا غير ثوبه المعتاد، وأما نومالنهار، فلما كان في الغالب قليلا، قد ينام فيه العبد بثيابه المعتادة، قيدهبقوله‏:‏ ‏{‏وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَالظَّهِيرَةِ‏}‏ أي‏:‏ للقائلة، وسط النهار‏.‏




ففي ثلاثة هذهالأحوال، يكون المماليك والأولاد الصغار كغيرهم، لا يمكنون من الدخول إلا بإذن،وأما ما عدا هذه الأحوال الثلاثة فقال‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْوَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ليسوا كغيرهم، فإنهم يحتاجإليهم دائما، فيشق الاستئذان منهم في كل وقت، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ‏}‏ أي‏:‏يترددون عليكم في قضاء أشغالكم وحوائجكم‏.‏




‏{‏كَذَلِكَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ‏}‏ بيانا مقرونا بحكمته، ليتأكد ويتقوىويعرف به رحمة شارعه وحكمته، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌحَكِيمٌ‏}‏ له العلم المحيط بالواجبات والمستحيلات والممكنات، والحكمة التيوضعت كل شيء موضعه، فأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، وأعطى كل حكم شرعي حكمه اللائقبه، ومنه هذه الأحكام التي بينها وبين مآخذها وحسنها‏.‏




‏[‏59‏]‏ ‏{‏وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ‏}‏




وهوإنزال المني يقظة أو مناما، ‏{‏فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَااسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ في سائر الأوقات، والذين منقبلهم، هم الذين ذكرهم الله بقوله‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىتَسْتَأْنِسُوا‏}‏ الآية‏.‏




‏{‏كَذَلِكَ يُبَيِّنُاللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ‏}‏ ويوضحها، ويفصل أحكامها ‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏




وفي هاتين الآيتين فوائد،منها‏:‏




أن السيد وولي الصغير، مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم منالأولاد، العلم والآداب الشرعية، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْأَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ‏}‏ الآية، ولا يمكنذلك، إلا بالتعليم والتأديب، ولقوله‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَاعَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ‏}‏




ومنها‏:‏ الأمر بحفظ العورات،والاحتياط لذلك من كل وجه، وأن المحل والمكان، الذي هو مظنة لرؤية عورة الإنسانفيه، أنه منهي عن الاغتسال فيه والاستنجاء، ونحو ذلك‏.‏




ومنها‏:‏ جواز كشفالعورة لحاجة، كالحاجة عند النوم، وعند البول والغائط، ونحو ذلك‏.‏




ومنها‏:‏ أن المسلمين كانوا معتادين للقيلولة وسط النهار، كما اعتادوا نومالليل، لأن الله خاطبهم ببيان حالهم الموجودة‏.‏




ومنها‏:‏ أن الصغير الذيدون البلوغ، لا يجوز أن يمكن من رؤية العورة، ولا يجوز أن ترى عورته، لأن الله لميأمر باستئذانهم، إلا عن أمر ما يجوز‏.‏




ومنها‏:‏ أن المملوك أيضا، لا يجوزأن يرى عورة سيده، كما أن سيده لا يجوز أن يرى عورته، كما ذكرنا في الصغير‏.‏




ومنها‏:‏ أنه ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهم، ممن يتكلم في مسائل العلمالشرعي، أن يقرن بالحكم، بيان مأخذه ووجهه، ولا يلقيه مجردا عن الدليل والتعليل،لأن الله ـ لما بين الحكم المذكورـ علله بقوله‏:‏ ‏{‏ثَلَاثُعَوْرَاتٍ لَكُمْ‏}‏




ومنها‏:‏ أن الصغير والعبد، مخاطبان، كما أنوليهما مخاطب لقوله‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْجُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ‏}‏




ومنها‏:‏ أن ريق الصبي طاهر، ولو كان بعدنجاسة، كالقيء، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏طَوَّافُونَعَلَيْكُمْ‏}‏ مع قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين سئل عن الهرة‏:‏‏(‏إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكموالطوافات‏]‏‏.‏




ومنها‏:‏ جواز استخدام الإنسان من تحت يده، منالأطفال على وجه معتاد، لا يشق على الطفل لقوله‏:‏ ‏{‏طَوَّافُونَعَلَيْكُمْ‏}‏




ومنها‏:‏ أن الحكم المذكور المفصل، إنما هو لما دونالبلوغ، فأما ما بعد البلوغ، فليس إلا الاستئذان‏.‏




ومنها‏:‏ أن البلوغيحصل بالإنزال فكل حكم شرعي رتب على البلوغ، حصل بالإنزال، وهذا مجمع عليه، وإنماالخلاف، هل يحصل البلوغ بالسن، أو الإنبات للعانة، والله أعلم‏.‏






‏[‏59‏]‏ ‏{‏وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُالْحُلُمَ‏}‏



وهو إنزال المني يقظة أو مناما، ‏{‏فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْقَبْلِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ في سائر الأوقات، والذين من قبلهم، هم الذين ذكرهم اللهبقوله‏:‏ ‏{‏يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوابُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا‏}‏ الآية‏.‏




‏{‏كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ‏}‏ويوضحها، ويفصل أحكامها ‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏




وفي هاتين الآيتين فوائد، منها‏:‏ أن السيدوولي الصغير، مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم من الأولاد، العلم والآدابالشرعية، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْوَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ‏}‏ الآية، ولا يمكن ذلك، إلابالتعليم والتأديب، ولقوله‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَاعَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ‏}‏




ومنها‏:‏الأمر بحفظ العورات، والاحتياط لذلك من كل وجه، وأن المحل والمكان، الذي هو مظنةلرؤية عورة الإنسان فيه، أنه منهي عن الاغتسال فيه والاستنجاء، ونحو ذلك‏.‏




ومنها‏:‏ جواز كشف العورة لحاجة، كالحاجة عندالنوم، وعند البول والغائط، ونحو ذلك‏.‏




ومنها‏:‏أن المسلمين كانوا معتادين للقيلولة وسط النهار، كما اعتادوا نوم الليل، لأن اللهخاطبهم ببيان حالهم الموجودة‏.‏




ومنها‏:‏ أن الصغيرالذي دون البلوغ، لا يجوز أن يمكن من رؤية العورة، ولا يجوز أن ترى عورته، لأن اللهلم يأمر باستئذانهم، إلا عن أمر ما يجوز‏.‏




ومنها‏:‏ أن المملوك أيضا، لا يجوز أن يرى عورة سيده، كما أن سيدهلا يجوز أن يرى عورته، كما ذكرنا في الصغير‏.‏




ومنها‏:‏ أنه ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهم، ممن يتكلم في مسائلالعلم الشرعي، أن يقرن بالحكم، بيان مأخذه ووجهه، ولا يلقيه مجردا عن الدليلوالتعليل، لأن الله ـ لما بين الحكم المذكورـ علله بقوله‏:‏ ‏{‏ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ‏}‏




ومنها‏:‏ أن الصغير والعبد، مخاطبان، كما أن وليهما مخاطبلقوله‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌبَعْدَهُنَّ‏}‏




ومنها‏:‏ أن ريق الصبي طاهر،ولو كان بعد نجاسة، كالقيء، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏طَوَّافُونَعَلَيْكُمْ‏}‏ مع قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين سئل عن الهرة‏:‏‏(‏إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكموالطوافات‏]‏‏.‏




ومنها‏:‏ جواز استخدامالإنسان من تحت يده، من الأطفال على وجه معتاد، لا يشق على الطفل لقوله‏:‏‏{‏طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ‏}‏




ومنها‏:‏ أن الحكم المذكور المفصل، إنما هو لما دون البلوغ، فأماما بعد البلوغ، فليس إلا الاستئذان‏.‏




ومنها‏:‏ أنالبلوغ يحصل بالإنزال فكل حكم شرعي رتب على البلوغ، حصل بالإنزال، وهذا مجمع عليه،وإنما الخلاف، هل يحصل البلوغ بالسن، أو الإنبات للعانة، والله أعلم‏.‏




‏[‏60‏]‏ ‏{‏وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَايَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّغَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُسَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏




وَالْقَوَاعِدُ مِنَالنِّسَاءِ أي‏:‏ اللاتي قعد7ن عن الاستمتاع والشهوة ‏{‏اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا‏}‏ أي‏:‏ لا يطمعن في النكاح،ولا يطمع فيهن، وذلك لكونها عجوزا لا تشتهى، أو دميمة الخلقة لا تشتهي ولا تشتهى‏{‏فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ‏}‏ أي‏:‏ حرج وإثم ‏{‏أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ الثياب الظاهرة، كالخمارونحوه، الذي قال الله فيه للنساء‏:‏ ‏{‏وَلْيَضْرِبْنَبِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ‏}‏ فهؤلاء، يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لآمنالمحذور منها وعليها، ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب، ربما توهم منه جوازاستعمالها لكل شيء، دفع هذا الاحتراز بقوله‏:‏ ‏{‏غَيْرَمُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ‏}‏ أي‏:‏ غير مظهرات للناس زينة، من تجمل بثيابظاهرة، وتستر وجهها، ومن ضرب الأرض برجلها، ليعلم ما تخفي من زينتها، لأن مجردالزينة على الأنثى، ولو مع تسترها، ولو كانت لا تشتهى يفتن فيها، ويوقع الناظرإليها في الحرج ‏{‏وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ‏}‏




والاستعفاف‏:‏ طلب العفة، بفعل الأسباب المقتضيةلذلك، من تزوج وترك لما يخشى منه الفتنة، ‏{‏وَاللَّهُسَمِيعٌ‏}‏ لجميع الأصوات ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏بالنيات والمقاصد، فليحذرن من كل قول وقصد فاسد، وليعلمن أن الله يجازي على ذلك‏.‏






‏[‏61‏]‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَىالْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْتَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْأَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْأَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْأَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْتَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُواعَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏



يخبر تعالى عن منته على عباده، وأنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج بل يسرهغاية التيسير، فقال‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَاعَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ‏}‏ أي‏:‏ ليس علىهؤلاء جناح، في ترك الأمور الواجبة، التي تتوقف على واحد منها، وذلك كالجهاد ونحوه،مما يتوقف على بصر الأعمى، أو سلامة الأعرج، أو صحة للمريض، ولهذا المعنى العامالذي ذكرناه، أطلق الكلام في ذلك، ولم يقيد، كما قيد قوله‏:‏ ‏{‏وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ حرج ‏{‏أَنْتَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ بيوت أولادكم، وهذا موافق للحديثالثابت‏:‏ ‏(‏أنت ومالك لأبيك‏]‏ والحديث الآخر‏:‏ ‏(‏إن أطيب ماأكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم‏]‏ وليس المراد من قوله‏:‏ ‏{‏مِنْ بُيُوتِكُمْ‏}‏ بيت الإنسان نفسه، فإن هذا من باب تحصيلالحاصل، الذي ينزه عنه كلام الله، ولأنه نفى الحرج عما يظن أو يتوهم فيه الإثم منهؤلاء المذكورين، وأما بيت الإنسان نفسه فليس فيه أدنى توهم‏.‏




‏{‏أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِإِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِعَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ‏}‏وهؤلاء معروفون، ‏{‏أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ‏}‏أي‏:‏ البيوت التي أنتم متصرفون فيها بوكالة، أو ولاية ونحو ذلك، وأما تفسيرهابالمملوك، فليس بوجيه، لوجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن المملوك لا يقال فيه ‏"‏ملكتمفاتحه‏"‏ بل يقال‏:‏ ‏"‏ما ملكتموه‏"‏ أو ‏"‏ما ملكت أيمانكم‏"‏ لأنهم مالكون لهجملة، لا لمفاتحه فقط‏.‏




والثاني‏:‏ أن بيوت المماليك، غير خارجة عن بيتالإنسان نفسه، لأن المملوك وما ملكه لسيده، فلا وجه لنفي الحرج عنه‏.‏




‏{‏أَوْ صَدِيقِكُمْ‏}‏ وهذا الحرج المنفي عن الأكلمن هذه البيوت كل ذلك، إذا كان بدون إذن، والحكمة فيه معلومة من السياق، فإن هؤلاءالمسمين قد جرت العادة والعرف، بالمسامحة في الأكل منها، لأجل القرابة القريبة، أوالتصرف التام، أو الصداقة، فلو قدر في أحد من هؤلاء عدم المسامحة والشح في الأكلالمذكور، لم يجز الأكل، ولم يرتفع الحرج، نظرا للحكمة والمعنى‏.‏

**كلي جروح**
20-04-2009, 09:10 AM
وقوله‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا‏}‏ فكل ذلك جائز، أكل أهل البيت الواحد جميعا، أو أكل كل واحد منهم وحده، وهذا نفي للحرج، لا نفي للفضيلة وإلا فالأفضل الاجتماع على الطعام‏.‏

‏{‏فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا‏}‏ نكرة في سياق الشرط، يشمل بيت الإنسان وبيت غيره، سواء كان في البيت ساكن أم لا، فإذا دخلها الإنسان ‏{‏فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ فليسلم بعضكم على بعض، لأن المسلمين كأنهم شخص واحد، من تواددهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، فالسلام مشروع لدخول سائر البيوت، من غير فرق بين بيت وبيت، والاستئذان تقدم أن فيه تفصيلا في أحكامه، ثم مدح هذا السلام فقال‏:‏ ‏{‏تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً‏}‏ أي‏:‏ سلامكم بقولكم‏:‏ ‏"‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏"‏أو‏"‏ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ‏"‏إذ تدخلون البيوت، ‏{‏تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ قد شرعها لكم، وجعلها تحيتكم، ‏{‏مُبَارَكَةً‏}‏ لاشتمالها على السلامة من النقص، وحصول الرحمة والبركة والنماء والزيادة، ‏{‏طَيِّبَةً‏}‏ لأنها من الكلم الطيب المحبوب عند الله، الذي فيه طيبة نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة‏.‏

لما بين لنا هذه الأحكام الجليلة قال‏:‏

‏{‏كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ‏}‏ الدالات على أحكامه الشرعية وحكمها، ‏{‏لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏ عنه فتفهمونها، وتعقلونها بقلوبكم، ولتكونوا من أهل العقول والألباب الرزينة، فإن معرفة أحكامه الشرعية على وجهها، يزيد في العقل، وينمو به اللب، لكون معانيها أجل المعاني، وآدابها أجل الآداب، ولأن الجزاء من جنس العمل، فكما استعمل عقله للعقل عن ربه، وللتفكر في آياته التي دعاه إليها، زاده من ذلك‏.‏

وفي هذه الآيات دليل على قاعدة عامة كلية وهي‏:‏ أن ‏"‏العرف والعادة مخصص للألفاظ، كتخصيص اللفظ للفظ‏"‏ فإن الأصل، أن الإنسان ممنوع من تناول طعام غيره، مع أن الله أباح الأكل من بيوت هؤلاء، للعرف والعادة، فكل مسألة تتوقف على الإذن من مالك الشيء، إذا علم إذنه بالقول أو العرف، جاز الإقدام عليه‏.‏

وفيها دليل على أن الأب يجوز له أن يأخذ ويتملك من مال ولده ما لا يضره، لأن الله سمى بيته بيتا للإنسان‏.‏

وفيها دليل على أن المتصرف في بيت الإنسان، كزوجته، وأخته ونحوهما، يجوز لهما الأكل عادة، وإطعام السائل المعتاد‏.‏

وفيها دليل، على جواز المشاركة في الطعام، سواء أكلوا مجتمعين، أو متفرقين، ولو أفضى ذلك إلى أن يأكل بعضهم أكثر من بعض‏.‏


‏[‏62 ـ 64‏]‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏

هذا إرشاد من الله لعباده المؤمنين، أنهم إذا كانوا مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أمر جامع، أي‏:‏ من ضرورته أو من مصلحته، أن يكونوا فيه جميعا، كالجهاد، والمشاورة، ونحو ذلك من الأمور التي يشترك فيها المؤمنون، فإن المصلحة تقتضي اجتماعهم عليه وعدم تفرقهم، فالمؤمن بالله ورسوله حقا، لا يذهب لأمر من الأمور، لا يرجع لأهله، ولا يذهب لبعض الحوائج التي يشذ بها عنهم، إلا بإذن من الرسول أو نائبه من بعده، فجعل موجب الإيمان، عدم الذهاب إلا بإذن، ومدحهم على فعلهم هذا وأدبهم مع رسوله وولي الأمر منهم، فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ ولكن هل يأذن لهم أم لا‏؟‏ ذكر لإذنه لهم شرطين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يكون لشأن من شئونهم، وشغل من أشغالهم، فأما من يستأذن من غير عذر، فلا يؤذن له‏.‏

والثاني‏:‏ أن يشاء الإذن فتقتضيه المصلحة، من دون مضرة بالآذن، قال‏:‏ ‏{‏فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ‏}‏ فإذا كان له عذر واستأذن، فإن كان في قعوده وعدم ذهابه مصلحة برأيه، أو شجاعته، ونحو ذلك، لم يأذن له، ومع هذا إذا استأذن، وأذن له بشرطيه، أمر الله رسوله أن يستغفر له، لما عسى أن يكون مقصرا في الاستئذان، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَاسْتَغْفِرْ لَهُم اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ يغفر لهم الذنوب ويرحمهم، بأن جوز لهم الاستئذان مع العذر‏.‏

‏{‏لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا‏}‏ أي‏:‏ لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول، لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ‏}‏ وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فلا تقولوا‏:‏ ‏"‏يا محمد‏"‏ عند ندائكم، أو ‏"‏يا محمد بن عبد الله‏"‏ كما يقول ذلك بعضكم لبعض، بل من شرفه وفضله وتميزه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن غيره، أن يقال‏:‏ يا رسول الله، يا نبي الله‏.‏

‏{‏قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا‏}‏ لما مدح المؤمنين بالله ورسوله، الذين إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، توعد من لم يفعل ذلك وذهب من غير استئذان، فهو وإن خفي عليكم بذهابه على وجه خفي، وهو المراد بقوله‏:‏ ‏{‏يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا‏}‏ أي‏:‏ يلوذون وقت تسللهم وانطلاقهم بشيء يحجبهم عن العيون، فالله يعلمهم، وسيجازيهم على ذلك أتم الجزاء، ولهذا توعدهم بقوله‏:‏ ‏{‏فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ‏}‏ أي‏:‏ يذهبون إلى بعض شئونهم عن أمر الله ورسوله، فكيف بمن لم يذهب إلى شأن من شئونه‏؟‏‏"‏ وإنما ترك أمر الله من دون شغل له‏.‏ ‏{‏أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ‏}‏ أي‏:‏ شرك وشر ‏{‏أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏

‏{‏أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏}‏ ملكا وعبيدا، يتصرف فيهم بحكمه القدري، وحكمه الشرعي‏.‏ ‏

{‏قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ‏}‏ أي‏:‏ قد أحاط علمه بما أنتم عليه، من خير وشر، وعلم جميع أعمالكم، أحصاها علمه، وجرى بها قلمه، وكتبتها عليكم الحفظة الكرام الكاتبون‏.‏

‏{‏وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ‏}‏ في يوم القيامة ‏{‏فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا‏}‏ يخبرهم بجميع أعمالهم، دقيقها وجليلها، إخبارا مطابقا لما وقع منهم، ويستشهد عليهم أعضاءهم، فلا يعدمون منه فضلا أو عدلا‏.‏ ولما قيد علمه بأعمالهم، ذكر العموم بعد الخصوص، فقال‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏


تم بحمد الله

أسأل الله تعالى أن يبارك للجميع في أوقاتهم بما يحبه عنا و يرضاه ....موفقين خواتي

{~جوود~}
20-04-2009, 09:28 PM
صلاتي الله يعينك ...

جروحه جزاك الله خير وجعله الله في موازين اعمالك ...

{~جوود~}
21-04-2009, 08:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

اعذروني اليوم ما حفظت .. لأني بإذن الله غدا سأسافر لمدة اسبوع تقريبا .. فانشغلت قليلا ...

وبإذن الله أرجع وانزل تفسير ما حفظت في فترة الإجازة ...

استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..

**كلي جروح**
21-04-2009, 09:54 PM
وعليكم السلام وارحمته الله وبركاته



عذرك معج يا القاليه تروحين وتردين بسلامه ان شاء الله


تبين اصرحه بنستفقدك يا القاليه .............


وينكم..... صلاتي ....غدووورة .......بنت ابوها ......والباقي الي قالو يبون ينضمون معنا


ليكون غيرتو رايكم ؟؟ افاااااااااااااااااااااء ....خيبتو ضني اصرحه ...بس يالله كل وحده عذره معه


انا بعد الله يعيني على الحفظ من دوشت اعيالي ...الله يهديهم ويخليهم لي


يالله يا حريم منبي كسااااااااااال .....خلونه نشجع بعضن تكفوووووووون

**كلي جروح**
24-04-2009, 05:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


خواتي انا اليوم قعد احفظ سورة الوقعة .....من رقم (1) الى رقم (96 )

لم اثبت الحفظ جيدا سوف اثبته باذن الله



تفسير سورة الواقعة {وهي مكية } .....

‏[‏1ـ 12‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُرَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْأَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَالسَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِالنَّعِيمِ‏}‏ (http://javascript<b></b>:openquran(55,1,12))
يخبر تعالى بحال الواقعة التي لا بد من وقوعها، وهي القيامة التي‏{‏لَيْسَلِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,2,2))‏ أي‏:‏ لا شك فيها، لأنها قد تظاهرت عليهاالأدلة العقلية والسمعية، ودلت عليها حكمته تعالى‏.‏
‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ أي‏:‏ خافضة لأناس في أسفل سافلين، رافعةلأناس في أعلى عليين، أو خفضت بصوتها فأسمعت القريب، ورفعت فأسمعت البعيد‏.‏
‏{‏إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,4,4))‏ أي‏:‏ حركتواضطربت‏.‏
‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,5,5))‏ أي‏:‏ فتتت‏.‏
‏{‏فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,6,6))‏ فأصبحت الأرض ليسعليها جبل ولا معلم، قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا‏.‏
‏{‏وَكُنْتُم‏}‏ أيها الخلق ‏{‏أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏}‏ أي‏:‏انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة والسيئة‏.‏
ثم فصل أحوال الأزواج الثلاثة، فقال‏:‏ ‏{‏فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِمَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,8,8))‏ تعظيم لشأنهم، وتفخيم لأحوالهم‏.‏
‏{‏وَأَصْحَابُ الْمَشئَمَةِ‏}‏ أي‏:‏ الشمال، ‏{‏مَا أَصْحَابُالْمَشئَمَة‏}‏ تهويل لحالهم‏.‏
‏{‏وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَالْمُقَرَّبُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,10,10))‏ أي‏:‏ السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقونفي الآخرة لدخول الجنات‏.‏
أولئك الذين هذا وصفهم، المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلىعليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها‏.‏
وهؤلاء المذكورون ‏{‏ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,13,13))‏ أي‏:‏ جماعة كثيرون منالمتقدمين من هذه الأمة وغيرهم‏.‏
‏[‏14‏]‏ ‏{‏وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,14,14))‏
وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها، لكونالمقربين من الأولين أكثر من المتأخرين‏.‏
والمقربون هم خواص الخلق، ‏{‏عَلَى سُرُرٍمَوْضُونَةٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,15,15))‏ أي‏:‏ مرمولة بالذهب والفضة، واللؤلؤ، والجوهر، وغيرذلك من ‏[‏الحلي‏]‏ الزينة، التي لا يعلمها إلا الله تعالى‏.‏
‏{‏مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا‏}‏ أي‏:‏ على تلك السرر، جلوس تمكنوطمأنينة وراحة واستقرار‏.‏ ‏{‏مُتَقَابِلِينَ‏}‏ وجه كل منهم إلى وجه صاحبه، منصفاء قلوبهم، وحسن أدبهم، وتقابل قلوبهم‏.‏
‏[‏17‏]‏ ‏{‏يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,17,17))‏
أي‏:‏ يدور على أهل الجنة لخدمة وقضاء حوائجهم، ولدان صغار الأسنان،في غاية الحسن والبهاء، ‏{‏كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(51,24,24))‏ أي‏:‏ مستور، لايناله ما يغيره، مخلوقون للبقاء والخلد، لا يهرمون ولا يتغيرون، ولا يزيدون علىأسنانهم‏.‏
ويدورون عليهم بآنية شرابهم ‏{‏بِأَكْوَابٍ‏}‏ وهي التي لا عرى لها،‏{‏وَأَبَارِيقَ‏}‏ الأواني التي لها عرى، ‏{‏وَكَأْسٍ مِنْمَعِينٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,18,18))‏ أي‏:‏ من خمر لذيذ المشرب، لا آفة فيها‏.‏
‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,19,19))‏ أي‏:‏ لا تصدعهم رءوسهمكما تصدع خمرة الدنيا رأس شاربها‏.‏
ولا هم عنها ينزفون، أي‏:‏ لا تنزف عقولهم، ولا تذهب أحلامهم منها،كما يكون لخمر الدنيا‏.‏
والحاصل‏:‏ أن جميع ما في الجنة من أنواع النعيم الموجود جنسه فيالدنيا، لا يوجد في الجنة فيه آفة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْمَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌمِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍمُصَفًّى‏} (http://javascript<b></b>:openquran(46,15,15))‏ وذكر هنا خمر الجنة، ونفى عنها كل آفة توجد في الدنيا‏.‏
‏{‏وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,20,20))‏ أي‏:‏ مهماتخيروا، وراق في أعينهم، واشتهته نفوسهم، من أنواع الفواكه الشهية، والجنى اللذيذ،حصل لهم على أكمل وجه وأحسنه‏.‏
‏{‏وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,21,21))‏ أي‏:‏ من كلصنف من الطيور يشتهونه، ومن أي جنس من لحمه أرادوا، وإن شاءوا مشويا، أو طبيخا، أوغير ذلك‏.‏
‏{‏وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِالْمَكْنُونِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,22,22))‏ أي‏:‏ ولهم حور عين، والحوراء‏:‏ التي في عينها كحلوملاحة، وحسن وبهاء، والعين‏:‏ حسان الأعين وضخامها وحسن العين في الأنثى، من أعظمالأدلة على حسنها وجمالها‏.‏
‏{‏كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,23,23))‏ أي‏:‏كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي، المستور عن الأعين والريح والشمس، الذييكون لونه من أحسن الألوان، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه، فكذلك الحور العين، لاعيب فيهن ‏[‏بوجه‏]‏، بل هن كاملات الأوصاف، جميلات النعوت‏.‏
فكل ما تأملته منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر‏.‏
وذلك النعيم المعد لهم ‏{‏جَزَاءً بِمَا كَانُوايَعْمَلُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(31,17,17))‏ فكما حسنت منهم الأعمال، أحسن الله لهم الجزاء، ووفرلهم الفوز والنعيم‏.‏
‏{‏لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,25,25))‏أي‏:‏ لا يسمعون في جنات النعيم كلاما يلغى، ولا يكون فيه فائدة، ولا كلاما يؤثمصاحبه‏.‏
‏{‏إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,26,26))‏ أي‏:‏ إلاكلاما طيبا، وذلك لأنها دار الطيبين، ولا يكون فيها إلا كل طيب، وهذا دليل على حسنأدب أهل الجنة في خطابهم فيما بينهم، وأنه أطيب كلام، وأسره للنفوس وأسلمه من كللغو وإثم، نسأل الله من فضله‏.‏
‏[‏27‏]‏ ثم ذكر نعيم أصحاب اليمين فقال‏:‏
‏{‏وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,27,27))‏أي‏:‏ شأنهم عظيم، وحالهم جسيم‏.‏
‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,28,28))‏ أي‏:‏ مقطوع ما فيه منالشوك والأغصان ‏[‏الرديئة‏]‏ المضرة، مجعول مكان ذلك الثمر الطيب، وللسدر منالخواص، الظل الظليل، وراحة الجسم فيه‏.‏
‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ والطلح معروف، وهو شجر ‏[‏كبار‏]‏ يكونبالبادية، تنضد أغصانه من الثمر اللذيذ الشهي‏.‏
‏{‏وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ‏}‏ أي‏:‏ كثير من العيون والأنهار السارحة،والمياه المتدفقة‏.‏
‏{‏وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَامَمْنُوعَةٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,32,32))‏ أي‏:‏ ليست بمنزلة فاكهة الدنيا تنقطع في وقت منالأوقات، وتكون ممتنعة ‏[‏أي‏:‏ متعسرة‏]‏ على مبتغيها، بل هي على الدوام موجودة،وجناها قريب يتناوله العبد على أي حال يكون‏.‏
‏{‏وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ‏}‏ أي‏:‏ مرفوعة فوق الأسرة ارتفاعا عظيما،وتلك الفرش من الحرير والذهب واللؤلؤ وما لا يعلمه إلا الله‏.‏
‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,35,35))‏ أي‏:‏ إناأنشأنا نساء أهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا، نشأة كاملة لا تقبلالفناء‏.‏
‏{‏فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا‏}‏ صغارهن وكبارهن‏.‏
وعموم ذلك، يشمل الحور العين ونساء أهل الدنيا، وأن هذا الوصف ـ وهوالبكارةـ ملازم لهن في جميع الأحوال، كما أن كونهن ‏{‏عُرُبًا أَتْرَابًا‏}‏ ملازملهن في كل حال، والعروب‏:‏ هي المرأة المتحببة إلى بعلها بحسن لفظها، وحسن هيئتهاودلالها وجمالها ‏[‏ومحبتها‏]‏، فهي التي إن تكلمت سبت العقول، وود السامع أنكلامها لا ينقضي، خصوصا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة والنغمات المطربة، وإن نظرإلى أدبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحا وسرورا، وإن برزت من محل إلى آخر،امتلأ ذلك الموضع منها ريحا طيبا ونورا، ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع‏.‏
والأتراب اللاتي على سن واحدة، ثلاث وثلاثين سنة، التي هي غاية مايتمنى ونهاية سن الشباب، فنساؤهم عرب أتراب، متفقات مؤتلفات، راضيات مرضيات، لايحزن ولا يحزن، بل هن أفراح النفوس، وقرة العيون، وجلاء الأبصار‏.‏
‏{‏لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ‏}‏ أي‏:‏ معدات لهم مهيئات‏.‏
‏{‏ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَالْآخِرِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,39,39))‏ أي‏:‏ هذا القسم من أصحاب اليمين عدد كثير من الأولين،وعدد كثير من الآخرين‏.‏
‏[‏41ـ 48‏]‏‏{‏وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍوَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِالْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًاأَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ‏}‏ (http://javascript<b></b>:openquran(55,41,48))
المراد بأصحاب الشمال ‏[‏هم‏:‏‏]‏ أصحاب النار، والأعمالالمشئومة‏.‏
فذكر ‏[‏الله‏]‏ لهم من العقاب، ما هم حقيقون به، فأخبر أنهم ‏{‏فِيسَمُومٍ‏}‏ أي‏:‏ ريح حارة من حر نار جهنم، يأخذ بأنفاسهم، وتقلقهم أشد القلق،‏{‏وَحَمِيمٍ‏}‏ أي‏:‏ ماء حار يقطع أمعاءهم‏.‏
‏{‏وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,43,43))‏ أي‏:‏ لهب نار، يختلطبدخان‏.‏
‏{‏لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,44,44))‏ أي‏:‏ لا برد فيه ولاكرم، والمقصود أن هناك الهم والغم، والحزن والشر، الذي لا خير فيه، لأن نفي الضدإثبات لضده‏.‏
ثم ذكر أعمالهم التي أوصلتهم إلى هذا الجزاء فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَذَلِكَ مُتْرَفِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,45,45))‏ أي‏:‏ قد ألهتهم دنياهم، وعملوا لها، وتنعمواوتمتعوا بها، فألهاهم الأمل عن إحسان العمل، فهذا هو الترف الذي ذمهم الله عليه‏.‏
‏{‏وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,46,46))‏أي‏:‏ وكانوا يفعلون الذنوب الكبار ولا يتوبون منها، ولا يندمون عليها، بل يصرونعلى ما يسخط مولاهم، فقدموا عليه بأوزار كثيرة ‏[‏غير مغفورة‏]‏‏.‏
وكانوا ينكرون البعث، فيقولون استبعادا لوقوعه‏:‏‏{‏أَئِذَا مِتْنَاوَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَاالْأَوَّلُونَ‏}‏ (http://javascript<b></b>:openquran(55,47,47))أي‏:‏ كيف نبعث بعد موتنا وقد بلينا، فكنا تراباوعظاما‏؟‏ ‏[‏هذا من المحال‏]‏‏{‏أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَاالْأَوَّلُونَ‏}‏ (http://javascript<b></b>:openquran(55,47,47))قال تعالى جوابا لهم وردا عليهم ‏:‏
‏{‏قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ والآخرين لمجموعون إلى ميقات يَوْمٍمَعْلُومٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,49,49))‏ أي‏:‏ قل إن متقدم الخلق ومتأخرهم، الجميع سيبعثهم اللهويجمعهم لميقات يوم معلوم، قدره الله لعباده، حين تنقضي الخليقة، ويريد الله تعالىجزاءهم على أعمالهم التي عملوها في دار التكليف‏.‏
‏{‏ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,51,51))‏ عن طريقالهدى، التابعون لطريق الردى، ‏{‏الْمُكَذِّبُونَ‏}‏ بالرسول ـ صلى الله عليه وسلمـ وما جاء به من الحق والوعد والوعيد‏.‏
‏{‏لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,52,52))‏ وهو أقبحالأشجار وأخسها، وأنتنها ريحا، وأبشعها منظرا‏.‏
‏{‏فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,53,53))‏ والذي أوجب لهمأكلها ـ مع ما هي عليه من الشناعةـ الجوع المفرط، الذي يلتهب في أكبادهم وتكادتنقطع منه أفئدتهم‏.‏ هذا الطعام الذي يدفعون به الجوع، وهو الذي لا يسمن ولا يغنيمن جوع‏.‏
وأما شرابهم، فهو بئس الشراب، وهو أنهم يشربون على هذا الطعام منالماء الحميم الذي يغلي في البطون شرب الإبل الهيم أي‏:‏ العطاش، التي قد اشتدعطشها، أو ‏[‏أن الهيم‏]‏ داء يصيب الإبل، لا تروى معه من شراب الماء‏.‏
‏{‏هَذَا‏}‏ الطعام والشراب ‏{‏نُزُلُهُم‏}‏ أي‏:‏ ضيافتهم‏{‏يَوْمَ الدِّينِ‏}‏ وهي الضيافة التي قدموها لأنفسهم، وآثروها على ضيافة اللهلأوليائه‏.‏
قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْلَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَاحِوَلًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(17,107,107))‏
ثم ذكر الدليل العقلي على البعث، فقال‏:‏‏{‏نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْفَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ‏}‏ (http://javascript<b></b>:openquran(55,57,57))أي‏:‏ نحن الذين أوجدناكم بعد أن لم تكونواشيئا مذكورا، من غير عجز ولا تعب، أفليس القادر على ذلك بقادر على أن يحييالموتى‏؟‏ بلى إنه على كل شيء قدير، ولهذا وبخهم على عدم تصديقهم بالبعث، وهميشاهدون ما هو أعظم منه وأبلغ‏.‏

**كلي جروح**
24-04-2009, 05:43 PM
‏[‏58ـ 62‏]‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْنَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُبِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَاتَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَاتَذَكَّرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,58,62))‏
أي‏:‏ أفرأيتم ابتداء خلقتكم من المني الذي تمنون، فهل أنتم خالقونذلك المني وما ينشأ منه‏؟‏ أم الله تعالى الخالق الذي خلق فيكم من الشهوة وآلتها منالذكر والأنثى، وهدى كلا منهما لما هنالك، وحبب بين الزوجين، وجعل بينهما من المودةوالرحمة ما هو سبب للتناسل‏.‏
ولهذا أحالهم الله تعالى على الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأةالأخرى، فقال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَاتَذَكَّرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,62,62))‏ أن القادر على ابتداء خلقكم، قادر على إعادتكم‏.‏
‏[‏63ـ 67‏]‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْنَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْتَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,63,67))‏
وهذا امتنان منه على عباده، يدعوهم به إلى توحيده وعبادته والإنابةإليه، حيث أنعم عليهم بما يسره لهم من الحرث للزروع والثمار، فتخرج من ذلك منالأقوات والأرزاق والفواكه، ما هو من ضروراتهم وحاجاتهم ومصالحهم، التي لا يقدرونأن يحصوها، فضلا عن شكرها، وأداء حقها، فقررهم بمنته، فقال‏:‏ ‏{‏أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُأَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,64,64))‏ أي‏:‏ أأنتم أخرجتموه نباتا من الأرض‏؟‏أم أنتم الذين نميتموه‏؟‏ أم أنتم الذين أخرجتم سنبله وثمره حتى صار حبا حصيداوثمرا نضيجا‏؟‏ أم الله الذي انفرد بذلك وحده، وأنعم به عليكم‏؟‏ وأنتم غاية ماتفعلون أن تحرثوا الأرض وتشقوها وتلقوا فيها البذر، ثم بعد ذلك لا علم عندكم بمايكون بعد ذلك، ولا قدرة لكم على أكثر من ذلك ومع ذلك، فنبههم على أن ذلك الحرث معرضللأخطار لولا حفظ الله وإبقاؤه لكم بلغة ومتاعا إلى حين‏.‏
فقال‏:‏ ‏{‏لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,65,65))‏ أي‏:‏ الزرع المحروثوما فيه من الثمار ‏{‏حُطَامًا‏}‏ أي‏:‏ فتاتا متحطما، لا نفع فيه ولا رزق،‏{‏فَظَلْتُم‏}‏ أي‏:‏ فصرتم بسبب جعله حطاما، بعد أن تعبتم فيه وأنفقتم النفقاتالكثيرة ‏{‏تَفَكَّهُونَ‏}‏ أي‏:‏ تندمون وتحسرون على ما أصابكم، ويزول بذلك فرحكموسروركم وتفكهكم، فتقولون‏:‏ ‏{‏إِنَّا لَمُغْرَمُونَ‏}‏ أي‏:‏ إنا قد نقصناوأصابتنا مصيبة اجتاحتنا‏.‏
ثم تعرفون بعد ذلك من أين أتيتم، وبأي سبب دهيتم، فتقولون‏:‏ ‏{‏بَلْ نَحْنُمَحْرُومُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,67,67))‏ فاحمدوا الله تعالى حيث زرعه الله لكم، ثم أبقاه وكملهلكم، ولم يرسل عليه من الآفات ما به تحرمون نفعه وخيره‏.‏
‏[‏68ـ 70‏]‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْأَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُجَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,68,70))‏
لما ذكر تعالى نعمته على عباده بالطعام، ذكر نعمته عليهم بالشرابالعذب الذي منه يشربون، وأنهم لولا أن الله يسره وسهله، لما كان لكم سبيل إليه،وأنه الذي أنزله من المزن، وهو السحاب والمطر، ينزله الله تعالى فيكون منه الأنهارالجارية على وجه الأرض وفي بطنها، ويكون منه الغدران المتدفقة، ومن نعمته أن جعلهعذبا فراتا تسيغه النفوس، ولو شاء لجعله ملحا أجاجا مكروها للنفوس‏.‏ لا ينتفع به‏{‏فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ‏}‏ الله تعالى على ما أنعم به عليكم‏.‏
‏[‏71ـ 74‏]‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْأَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَاتَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَالْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,71,74))‏
وهذه نعمة تدخل في الضروريات التي لا غنى للخلق عنها، فإن الناسمحتاجون إليها في كثير من أمورهم وحوائجهم، فقررهم تعالى بالنار التي أوجدها فيالأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله تعالى الذي أنشأها منالشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفأوهاوأخمدوها‏.‏
‏{‏نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً‏}‏ (http://javascript<b></b>:openquran(55,73,73))للعباد بنعمةربهم، وتذكرة بنار جهنم التي أعدها الله للعاصين، وجعلها سوطا يسوق به عباده إلىدار النعيم، ‏{‏وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ‏}‏ أي‏:‏ ‏[‏المنتفعين أو‏]‏ المسافرينوخص الله المسافرين لأن نفع المسافر بذلك أعظم من غيره، ولعل السبب في ذلك، لأنالدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها اللهمتاعا للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار، فلما بين من نعمه ما يوجبالثناء عليه من عباده وشكره وعبادته، أمر بتسبيحه وتحميده فقال‏:‏ ‏{‏فَسَبِّحْ بِاسْمِرَبِّكَ الْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,74,74))‏ أي‏:‏ نزه ربك العظيم، كامل الأسماء والصفات،كثير الإحسان والخيرات، واحمده بقلبك ولسانك، وجوارحك، لأنه أهل لذلك، وهو المستحقلأن يشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ويطاع فلا يعصى‏.‏
‏[‏75ـ 87‏]‏ ‏{‏فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌلَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْتُكَذِّبُونَ * فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍتَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْصَادِقِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,75,87))‏
أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي‏:‏ مساقطها في مغاربها، وما يحدثالله في تلك الأوقات، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده‏.‏
ثم عظم هذا المقسم به، فقال‏:‏ ‏{‏وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْتَعْلَمُونَ عَظِيمٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,76,76))‏ وإنما كان القسم عظيما، لأن في النجوموجريانها، وسقوطها عند مغاربها، آيات وعبرا لا يمكن حصرها‏.‏
وأما المقسم عليه، فهو إثبات القرآن، وأنه حق لا ريب فيه، ولا شكيعتريه، وأنه كريم أي‏:‏ كثير الخير، غزير العلم، فكل خير وعلم، فإنما يستفاد منكتاب الله ويستنبط منه‏.‏
‏{‏فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,78,78))‏ أي‏:‏ مستور عن أعينالخلق، وهذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ أي‏:‏ إن هذا القرآن مكتوب في اللوحالمحفوظ، معظم عند الله وعند ملائكته في الملأ الأعلى‏.‏
ويحتمل أن المراد بالكتاب المكنون، هو الكتاب الذي بأيدي الملائكةالذين ينزلهم الله بوحيه وتنزيله وأن المراد بذلك أنه مستور عن الشياطين، لا قدرةلهم على تغييره، ولا الزيادة والنقص منه واستراقه‏.‏
‏{‏لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,79,79))‏ أي‏:‏ لايمس القرآن إلا الملائكة الكرام، الذين طهرهم الله تعالى من الآفات،والذنوبوالعيوب، وإذا كان لا يمسه إلا المطهرون، وأن أهل الخبث والشياطين، لا استطاعة لهم،ولا يدان إلى مسه، دلت الآية بتنبيهها على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر، كماورد بذلك الحديث، ولهذا قيل أن الآية خبر بمعنى النهي أي‏:‏ لا يمس القرآن إلاطاهر‏.‏
‏{‏تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,80,80))‏ أي‏:‏ إن هذاالقرآن الموصوف بتلك الصفات الجليلة هو تنزيل رب العالمين، الذي يربي عباده بنعمهالدينية والدنيوية، ومن أجل تربية ربى بها عباده، إنزاله هذا القرآن، الذي قد اشتملعلى مصالح الدارين، ورحم الله به العباد رحمة لا يقدرون لها شكورًا‏.‏
ومما يجب عليهم أن يقوموا به ويعلنوه ويدعوا إليه ويصدعوا به، ولهذاقال‏:‏ ‏{‏أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,81,81))‏أي‏:‏ أفبهذا الكتاب العظيم والذكر الحكيم أنتم تدهنون أي‏:‏ تختفون وتدلسون خوفامن الخلق وعارهم وألسنتهم‏؟‏ هذا لا ينبغي ولا يليق، إنما يليق أن يداهن بالحديثالذي لا يثق صاحبه منه‏.‏
وأما القرآن الكريم، فهو الحق الذي لا يغالب به مغالب إلا غلب، ولايصول به صائل إلا كان العالي على غيره، وهو الذي لا يداهن به ولا يختفى، بل يصدع بهويعلن‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,82,82))‏أي‏:‏ تجعلون مقابلة منة الله عليكم بالرزق التكذيب والكفر لنعمة الله، فتقولون‏:‏مطرنا بنوء كذا وكذا، وتضيفون النعمة لغير مسديها وموليها، فهلا شكرتم الله تعالىعلى إحسانه، إذ أنزله الله إليكم ليزيدكم من فضله، فإن التكذيب والكفر داع لرفعالنعم وحلول النقم‏.‏
‏{‏فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍتَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَاتُبْصِرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,83,83))‏ أي‏:‏ فهلا إذا بلغت الروح الحلقوم، وأنتم تنظرونالمحتضر في هذه الحالة، والحال أنا نحن أقرب إليه منكم، بعلمنا وملائكتنا، ولكن لاتبصرون‏.‏
‏{‏فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(55,86,86))‏ أي‏:‏فهلا إذا كنتم تزعمون، أنكم غير مبعوثين ولا محاسبين ومجازين‏.‏
ترجعون الروح إلى بدنها ‏{‏إِنْ كُنْتُمْصَادِقِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,23,23))‏ وأنتم تقرون أنكم عاجزون عن ردها إلى موضعها، فحينئذ إماأن تقروا بالحق الذي جاءكم به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإما أن تعاندوا وتعلمحالكم وسوء مآلكم‏.‏

**كلي جروح**
24-04-2009, 05:45 PM
‏[‏88ـ 96‏]‏ ‏{‏فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏} (javascript:openquran(55,88,96))‏
ذكر الله تعالى أحوال الطوائف الثلاث‏:‏ المقربين، وأصحاب اليمين، والمكذبين الضالين، في أول السورة في دار القرار‏.‏
ثم ذكر أحوالهم في آخرها عند الاحتضار والموت، فقال‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا إِنْ كَانَ‏} (javascript:openquran(55,88,88))‏ الميت ‏{‏مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‏}‏ وهم الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وفضول المباحات‏.‏
‏{‏فـ‏}‏ لهم ‏{‏رَوْحٌ‏}‏ أي‏:‏ راحة وطمأنينة، وسرور وبهجة، ونعيم القلب والروح، ‏{‏وَرَيْحَانٌ‏}‏ وهو اسم جامع لكل لذة بدنية، من أنواع المآكل والمشارب وغيرهما، وقيل‏:‏ الريحان هو الطيب المعروف، فيكون تعبيرا بنوع الشيء عن جنسه العام
‏{‏وَجَنَّةُ نَعِيمٍ‏}‏ جامعة للأمرين كليهما، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة، التي تكاد تطير منها الأرواح من الفرح والسرور‏.‏
كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أن لَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ‏}‏ (javascript:openquran(40,30,32))
وقد أول قوله تبارك تعالى‏:‏ ‏{‏لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ‏} (javascript:openquran(9,64,64))‏ أن هذه البشارة المذكورة، هي البشرى في الحياة الدنيا‏.‏
‏[‏وقوله‏:‏‏]‏ ‏{‏وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ‏} (javascript:openquran(55,90,90))‏ وهم الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، و ‏[‏إن‏]‏ حصل منهم التقصير في بعض الحقوق التي لا تخل بتوحيدهم وإيمانهم، ‏{‏فـ‏}‏ يقال لأحدهم‏:‏ ‏{‏سَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ‏} (javascript:openquran(55,91,91))‏ أي‏:‏ سلام حاصل لك من إخوانك أصحاب اليمين أي‏:‏ يسلمون عليه ويحيونه عند وصوله إليهم ولقائهم له، أو يقال له‏:‏ سلام لك من الآفات والبليات والعذاب، لأنك من أصحاب اليمين، الذين سلموا من الذنوب الموبقات‏.‏
‏{‏وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ‏} (javascript:openquran(55,92,92))‏ أي‏:‏ الذين كذبوا بالحق وضلوا عن الهدى‏.‏
‏{‏فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ‏} (javascript:openquran(55,93,93))‏ أي‏:‏ ضيافتهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم التي تحيط بهم، وتصل إلى أفئدتهم، وإذا استغاثوا من شدة العطش والظمأ ‏{‏يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا‏} (javascript:openquran(17,29,29))‏
‏{‏إِنَّ هَذَا‏}‏ الذي ذكره الله تعالى، من جزاء العباد بأعمالهم، خيرها وشرها، وتفاصيل ذلك ‏{‏لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ‏} (javascript:openquran(55,95,95))‏ أي‏:‏ الذي لا شك فيه ولا مرية، بل هو الحق الثابت الذي لا بد من وقوعه، وقد أشهد الله عباده الأدلة القواطع على ذلك، حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له مشاهدون له فحمدوا الله تعالى على ما خصهم به من هذه النعمة العظيمة، والمنحة الجسيمة‏.‏
ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏} (javascript:openquran(55,74,74))‏ فسبحان ربنا العظيم، وتعالى وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا‏.‏
والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه‏.‏
‏[‏تم تفسير سورة الواقعة‏]‏‏.‏

غدوورة
26-04-2009, 04:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انا اسفة كتير وبعتزر منكم لاني تأخرت عنكم كتير كتير بس ما كان من التأصير والله المنتدى ما كان بنزل مشاركاتي
كان الرد الطويل بيحزفو وماعرفت ليش وارسلت لادارة والحمدلله تسوت المشكلة بعد طول انتزار الحمدلله

سامحوني اخواتي واعتزر كتير منكم

غدوورة
26-04-2009, 04:35 PM
الحمدلله اتممت حفظ ومراجعة الجزء الاول والثاني باتقان من سورة البقرة طبعا مع متابعة تفسيره
وبكرة ان شا الله باتمم حفظ سورة البقرة كاملة وحابدأ بتنزيل التفسير ان شاالله لكن تمهلو عليي

اما عن طريئتي بالحفظ انا قبل الصلاة بحفظ صفحة وبعد الصلاة بحفظ كمان صفحة
كان فيي احفظ اكتر لكن هادا الاسلوب متبعته انا فقليل دائم خير من كثير منقطع
بما اني حافظاه من قبل فهو الحمدلله سهل عليي بحمدالله ماهو صعب يارب يثبتني دعواتكم
كنت احيانا بحفظ 10 صفحات وبراجعها اليوم التاني يعني 4 ايام باتمم فيهم حفظ جزء والحمدلله ومرات بحفظ الجزء ازا كان بدو شوي بحفظو على 6 ايام على حسب قدرتي

غدوورة
26-04-2009, 04:51 PM
انا يلي عندي هو تفسير الجلالين :: لسورة البقرة ::

بسم الله الرحمن الرحيم
"سُورَة الْبَقَرَة" مَدَنِيَّة مِائَتَانِ وَسِتّ أَوْ سَبْع وَثَمَانُونَ آيَة




"الم" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ .
ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
"ذَلِك" أَيْ هَذَا "الْكِتَاب" الَّذِي يَقْرَؤُهُ مُحَمَّد . "لَا رَيْب" لَا شَكَّ "فِيهِ" أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه وَجُمْلَة النَّفْي خَبَر مُبْتَدَؤُهُ ذَلِك وَالْإِشَارَة بِهِ لِلتَّعْظِيمِ "هُدًى" خَبَر ثَانٍ أَيْ هَادٍ "لِلْمُتَّقِينَ" الصَّائِرِينَ إلَى التَّقْوَى بِامْتِثَالِ الْأَوَامِر وَاجْتِنَاب النَّوَاهِي لِاتِّقَائِهِمْ بِذَلِكَ النَّار


الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ" يُصَدِّقُونَ "بِالْغَيْبِ" بِمَا غَابَ عَنْهُمْ مِنْ الْبَعْث وَالْجَنَّة وَالنَّار "وَيُقِيمُونَ الصَّلَاة" أَيْ يَأْتُونَ بِهَا بِحُقُوقِهَا "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ" أَعْطَيْنَاهُمْ "يُنْفِقُونَ" فِي طَاعَة اللَّه

وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
"وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْك" أَيْ الْقُرْآن "وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك" أَيْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَغَيْرهمَا "وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" يَعْلَمُونَ




أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
"أُولَئِكَ" الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ "عَلَى هُدًى مِنْ رَبّهمْ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الْفَائِزُونَ بِالْجَنَّةِ النَّاجُونَ مِنْ النَّار

غدوورة
26-04-2009, 04:57 PM
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(7)
"إنّ الَّذِينَ كَفَرُوا" كَأَبِي جَهْل وَأَبِي لَهَب وَنَحْوهمَا "سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتهمْ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْن الْمُسَهَّلَة وَالْأُخْرَى وَتَرْكه "أَمْ لَمْ تُنْذِرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" لِعِلْمِ اللَّه مِنْهُمْ ذَلِك فَلَا تَطْمَع فِي إيمَانهمْ وَالْإِنْذَار إعْلَام مَعَ تَخْوِيف .




وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ(8)
"وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِر" وَنَزَلَ فِي الْمُنَافِقِينَ أَيْ يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّهُ آخِر الْأَيَّام "وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ" رُوعِيَ فِيهِ مَعْنَى مِنْ وَفِي ضَمِير يَقُول لَفْظهَا



يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)
"يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا" بِإِظْهَارِ خِلَاف مَا أَبْطَنُوهُ مِنْ الْكُفْر لِيَدْفَعُوا عَنْهُمْ أَحْكَامه الدُّنْيَوِيَّة "وَمَا يَخْدَعُونَ إلَّا أَنَفْسهمْ" لِأَنَّ وَبَال خِدَاعهمْ رَاجِع إلَيْهِمْ فَيُفْتَضَحُونَ فِي الدُّنْيَا بِإِطْلَاعِ اللَّه نَبِيّه عَلَى مَا أَبْطَنُوهُ وَيُعَاقَبُونَ فِي الْآخِرَة "وَمَا يَشْعُرُونَ" يَعْلَمُونَ أَنَّ خِدَاعهمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَالْمُخَادَعَة هُنَا مِنْ وَاحِد كَعَاقَبْت اللِّصّ وَذِكْر اللَّه فِيهَا تَحْسِين وَفِي قِرَاءَة وَمَا يَخْدَعُونَ


فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)
"فِي قُلُوبهمْ مَرَض" شَكّ وَنِفَاق فَهُوَ يُمْرِض قُلُوبهمْ أَيْ يُضْعِفهَا "فَزَادَهُمْ اللَّه مَرَضًا" بِمَا أَنْزَلَهُ مِنْ الْقُرْآن لِكُفْرِهِمْ بِهِ "وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم "بِمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ" بِالتَّشْدِيدِ أَيْ : نَبِيّ اللَّه وَبِالتَّخْفِيفِ أَيْ قَوْلهمْ آمَنَّا

**كلي جروح**
26-04-2009, 09:30 PM
:)هلا غدوورة اشتقنالج والله ..عذرك معاك عزيزتي .. والله كلامك صح انا بعد احيانن اقعد انزل التفسير
او موضوع ......او حتى رد

وبعد ما اخلص ابي اعتمد على المشاركه يقولي انص الي اعتمده طويييييل



وراجع امسح نصف الرد .....واحيانن كل الرد يضيع

وانقهر اكثر لم اكون ابي اضيف تفسير

او اني اضيف رد مهم لبعض الاخوات الي يطلبون منج مساعده


فجه ينفصل عندي النت ....وتتعب نفسيتي اصرحه

وانا اذا تعبت نفسيتي مشكله ما اقدر ارجع اضيف ارد الا بعد يومين او ثلاث ايام



وبارك الله فيك عزيزتي ما شاء الله عليك ...الى الامام أن شاء الله ..الله يجعله فى ميزان
حسناتك

وطريقتك جدا راااااااائع .....انا قبل كنت اتبع هذه الطريقه بس بعد ما صار عندي


اطفال ..... كل شي تغير ....صار ما عندي وقت اقراه الا بليل بعد ما ينمون ...وبعد صلاة... الفجر .الله يعيني على حفظ كتابه .....ويعين الجميع:)

غدوورة
27-04-2009, 12:08 AM
تشتائلك الجنة جرووووووحة يا البي وانا اكتر
اه والله بجد زهئني النت والمنتدى ماكان يعتمد الردود فكرت عندي بس المشكلة

الحمدلله يلي اتسوت

الله يعينك يا البي ويثبتك يارب ويرزئك ماتتمني

غدوورة
27-04-2009, 12:25 AM
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ" أَيْ لِهَؤُلَاءِ "لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض" بِالْكُفْرِ وَالتَّعْوِيق عَنْ الْإِيمَان "قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ بِفَسَادٍ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذلك رَدًّا عَلَيْهِمْ



أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)
"أَلَا" لِلتَّنْبِيهِ "إنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ" بِذَلِكَ .



وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاس" أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء" الْجُهَّال أَيْ لَا نَفْعَل كَفِعْلِهِمْ قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ : "أَلَا إنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاء وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ" ذَلِك


وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (15)
"وَإِذَا لَقُوا" أَصْله لَقْيُوا حُذِفَتْ الضَّمَّة لِلِاسْتِثْقَالِ ثُمَّ الْيَاء لِالْتِقَائِهَا سَاكِنَة مَعَ الْوَاو "الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا" مِنْهُمْ وَرَجَعُوا "إلَى شَيَاطِينهمْ" رُؤَسَائِهِمْ "قَالُوا إنَّا مَعَكُمْ" فِي الدِّين "إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" بِهِمْ بِإِظْهَارِ الْإِيمَان


أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)
"أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَة بِالْهُدَى" أَيْ اسْتَبْدَلُوهَا بِهِ "فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتهمْ" أَيْ مَا رَبِحُوا فِيهَا بَلْ خَسِرُوا لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ "وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ" فِيمَا فَعَلُوا

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)
"مَثَلهمْ" صِفَتهمْ فِي نِفَاقهمْ "كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ" أَوْقَدَ "نَارًا" فِي ظُلْمَة "فَلَمَّا أَضَاءَتْ" أَنَارَتْ "مَا حَوْله" فَأَبْصَرَ وَاسْتَدْفَأَ وَأَمِنَ مِمَّنْ يَخَافهُ "ذَهَبَ اللَّه بِنُورِهِمْ" أَطْفَأَهُ وَجُمِعَ الضَّمِير مُرَاعَاة لِمَعْنَى الَّذِي "وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَات لَا يُبْصِرُونَ" مَا حَوْلهمْ مُتَحَيِّرِينَ عَنْ الطَّرِيق خَائِفِينَ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ أَمِنُوا بِإِظْهَارِ كَلِمَة الْإِيمَان فَإِذَا مَاتُوا جَاءَهُمْ الْخَوْف وَالْعَذَاب

غدوورة
27-04-2009, 12:36 AM
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)
هُمْ "صُمّ" عَنْ الْحَقّ فَلَا يَسْمَعُونَهُ سَمَاع قَبُول "بُكْم" خُرْس عَنْ الْخَيْر فَلَا يَقُولُونَهُ "عُمْي" عَنْ طَرِيق الْهُدَى فَلَا يَرَوْنَهُ "فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" عَنْ الضَّلَالَة


أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)
"أَوْ" مَثَلهمْ "كَصَيِّبٍ" أَيْ كَأَصْحَابِ مَطَر وَأَصْله صَيْوِب مِنْ صَابَ يَصُوب أَيْ يَنْزِل "مِنْ السَّمَاء" السَّحَاب "فِيهِ" أَيْ السَّحَاب "ظُلُمَات" مُتَكَاثِفَة "وَرَعْد" هُوَ الْمَلَك الْمُوَكَّل بِهِ وَقِيلَ صَوْته "وَبَرْق" لَمَعَان صَوْته الَّذِي يَزْجُرهُ بِهِ "يَجْعَلُونَ" أَيْ أَصْحَاب الصَّيِّب "أَصَابِعهمْ" أَيْ أَنَامِلهَا "فِي آذَانهمْ مِنْ" أَجْل "الصَّوَاعِق" شِدَّة صَوْت الرَّعْد لِئَلَّا يَسْمَعُوهَا "حَذَر" خَوْف "الْمَوْت" مِنْ سَمَاعهَا . كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ : إذَا نَزَلَ الْقُرْآن وَفِيهِ ذِكْر الْكُفْر الْمُشَبَّه بِالظُّلُمَاتِ وَالْوَعِيد عَلَيْهِ الْمُشَبَّه بِالرَّعْدِ وَالْحُجَج الْبَيِّنَة الْمُشَبَّهَة بِالْبَرْقِ يَسُدُّونَ آذَانهمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوهُ فَيَمِيلُوا إلَى الْإِيمَان وَتَرْك دِينهمْ وَهُوَ عِنْدهمْ مَوْت "وَاَللَّه مُحِيط بِالْكَافِرِينَ" عِلْمًا وَقُدْرَة فَلَا يَفُوتُونَهُ

يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)
"يَكَاد" يَقْرَب "الْبَرْق يَخْطَف أَبْصَارهمْ" يَأْخُذهَا بِسُرْعَةٍ "كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ" أَيْ فِي ضَوْئِهِ "وَإِذَا أَظْلَم عَلَيْهِمْ قَامُوا" وَقَفُوا تَمْثِيل لِإِزْعَاجِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ الْحُجَج قُلُوبهمْ وَتَصْدِيقهمْ لِمَا سَمِعُوا فِيهِ مِمَّا يُحِبُّونَ وَوُقُوفهمْ عَمَّا يَكْرَهُونَ . "وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ" بِمَعْنَى أَسْمَاعهمْ "وَأَبْصَارهمْ" الظَّاهِرَة كَمَا ذَهَبَ بِالْبَاطِنَةِ "إنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء" شَاءَهُ "قَدِير" وَمِنْهُ إذْهَاب مَا ذُكِرَ

http://forum.hawahome.com/shared/images/arb/search_Arb.jpg يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ (21)
"يَا أَيّهَا النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "اُعْبُدُوا" وَحِّدُوا "رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ" أَنْشَأَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا " وَ " خَلَقَ "الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" بِعِبَادَتِهِ عِقَابه وَلَعَلَّ : فِي الْأَصْل لِلتَّرَجِّي وَفِي كَلَامه تَعَالَى لِلتَّحْقِيقِ .
http://forum.hawahome.com/shared/images/arb/nav_separator.jpg

غدوورة
27-04-2009, 12:40 AM
سامحوني يلي بطول بالتنزيل تاع التفسير بس ضهري يوجعني شوي

**كلي جروح**
27-04-2009, 12:45 AM
تسلمي يا قلبي .. بارك الله فيكي وجزاك كل خييير ...انا قلت خليني اطل على الموضوع على السريع واطلع



لنه فيني نوووووم ....بس لما شفتك موجود ما هان علي اسيبك لوحدك



خليني اسهر معاكي ..... خاص انه زوجي بدوام.....يله فرص اجلس احفظ وانزل التفسير

**كلي جروح**
27-04-2009, 12:48 AM
سلمتك حبيبتي .....لا تنسين نفسك انتي حامل مو زين عليج تجلسي اكثيييييير ....دير بالك على نفسك الله يسهل عليج

غدوورة
27-04-2009, 01:05 AM
يا البي تسلمي والله ان شاالله حتى كتر الجلوس عالنت يتعبني

**كلي جروح**
27-04-2009, 01:11 AM
اكيد حبيبتي الجلوس اكثيير راح يتعبك ....وخاص انه الجلوس اكثيير ايضاء بيتعب البيبي .....وما بيقدر يتحرك على راحته ......فريحي نفسك ....نامي زين ...وقومي امشي ... علشان بعدين عند الولاده ما تتعبي ....انا عندي خبره فى هلمور

غدوورة
27-04-2009, 01:18 AM
ان شاالله يا البي بس لسه هلأ بدري عالنوم كتير بس برتاح شوي وبرجع بعدين

اشوفك على خير ياعسولة

**كلي جروح**
27-04-2009, 01:43 AM
:)خذي راحتك حبيبتي ....ان مو قصدي تنامي بمعنى النوم لا قصدي بس تريحي اشوي

وما شاء الله كثيير عجبني تفسير الجلالين
بسم الله الرحمن الرحيم


راح انزل تفسير{ سورة الحديد} وهي { مدنيه }


[‏1ـ 6‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ‏}‏ (javascript:openquran(56,1,6))
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وسعة سلطانه، أن جميع ما في السماوات والأرض من الحيوانات الناطقة والصامتة وغيرها، ‏[‏والجوامد‏]‏ تسبح بحمد ربها، وتنزهه عما لا يليق بجلاله، وأنها قانتة لربها، منقادة لعزته، قد ظهرت فيها آثار حكمته، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏} (javascript:openquran(13,4,4))‏ فهذا فيه بيان عموم افتقار المخلوقات العلوية والسفلية لربها، في جميع أحوالها، وعموم عزته وقهره للأشياء كلها، وعموم حكمته في خلقه وأمره‏.‏
ثم أخبر عن عموم ملكه، فقال‏:‏ ‏{‏لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ‏} (javascript:openquran(56,2,2))‏ أي‏:‏ هو الخالق لذلك، الرازق المدبر لها بقدرته ‏{‏وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏} (javascript:openquran(10,4,4))‏
‏{‏هُوَ الْأَوَّلُ‏}‏ الذي ليس قبله شيء، ‏{‏وَالْآخِرُ‏}‏ الذي ليس بعده شيء ‏{‏وَالظَّاهِرُ‏}‏ الذي ليس فوقه شيء، ‏{‏وَالْبَاطِنُ‏}‏ الذي ليس دونه شيء‏.‏ ‏{‏وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏} (javascript:openquran(1,29,29))‏ قد أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والسرائر والخفايا، والأمور المتقدمة والمتأخرة‏.‏
‏{‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏ أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏} (javascript:openquran(6,54,54))‏ استواء يليق بجلاله، فوق جميع خلقه، ‏{‏يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏ من حب وحيوان ومطر، وغير ذلك‏.‏ ‏{‏وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏ من نبات وشجر وحيوان وغير ذلك، ‏{‏وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏ من الملائكة والأقدار والأرزاق‏.‏
‏{‏وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏ من الملائكة والأرواح، والأدعية والأعمال، وغير ذلك‏.‏ ‏{‏وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏ كقوله‏:‏ ‏{‏مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا‏} (javascript:openquran(56,4,4))‏
وهذه المعية، معية العلم والاطلاع، ولهذا توعد ووعد على المجازاة بالأعمال بقوله‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏} (javascript:openquran(1,265,265))‏ أي‏:‏ هو تعالى بصير بما يصدر منكم من الأعمال، وما صدرت عنه تلك الأعمال، من بر وفجور، فمجازيكم عليها، وحافظها عليكم‏.‏
‏{‏لَهُ ملك السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏} (javascript:openquran(1,107,107))‏ ملكا وخلقا وعبيدا، يتصرف فيهم بما شاءه من أوامره القدرية والشرعية، الجارية على الحكمة الربانية، ‏{‏وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ‏} (javascript:openquran(1,210,210))‏ من الأعمال والعمال، فيعرض عليه العباد، فيميز الخبيث من الطيب، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته‏.‏
‏{‏يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ‏} (javascript:openquran(21,61,61))‏ أي‏:‏ يدخل الليل على النهار، فيغشيهم الليل بظلامه، فيسكنون ويهدأون، ثم يدخل النهار على الليل، فيزول ما على الأرض من الظلام، ويضيء الكون، فيتحرك العباد، ويقومون إلى مصالحهم ومعايشهم، ولا يزال الله يكور الليل على النهار، والنهار على الليل، ويداول بينهما، في الزيادة والنقص، والطول والقصر، حتى تقوم بذلك الفصول، وتستقيم الأزمنة، ويحصل من المصالح ما يحصل بذلك، فتبارك الله رب العالمين، وتعالى الكريم الجواد، الذي أنعم على عباده بالنعم الظاهرة والباطنة، ‏{‏وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ‏} (javascript:openquran(56,6,6))‏ أي‏:‏ بما يكون في صدور العالمين، فيوفق من يعلم أنه أهل لذلك، ويخذل من يعلم أنه لا يصلح لهدايته
‏[‏7ـ 11‏]‏ ‏{‏آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ‏} (javascript:openquran(56,7,11))‏
يأمر تعالى عباده بالإيمان به وبرسوله وبما جاء به، وبالنفقة في سبيله، من الأموال التي جعلها الله في أيديهم واستخلفهم عليها، لينظر كيف يعملون، ثم لما أمرهم بذلك، رغبهم وحثهم عليه بذكر ما رتب عليه من الثواب، فقال‏:‏ ‏{‏فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا‏} (javascript:openquran(56,7,7))‏ أي‏:‏ جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله، والنفقة في سبيله، لهم أجر كبير، أعظمه ‏[‏وأجله‏]‏ رضا ربهم، والفوز بدار كرامته، وما فيها من النعيم المقيم، الذي أعده الله للمؤمنين والمجاهدين، ثم ذكر ‏[‏السبب‏]‏ الداعي لهم إلى الإيمان، وعدم المانع منه، فقال‏:‏
‏{‏وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏} (javascript:openquran(56,8,8))‏ أي‏:‏ وما الذي يمنعكم من الإيمان، والحال أن الرسول محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل الرسل وأكرم داع دعا إلى الله يدعوكم، فهذا مما يوجب المبادرة إلى إجابة دعوته، والتلبية والإجابة للحق الذي جاء به، وقد أخذ عليكم العهد والميثاق بالإيمان إن كنتم مؤمنين، ومع ذلك، من لطفه وعنايته بكم، أنه لم يكتف بمجرد دعوة الرسول الذي هو أشرف العالم، بل أيده بالمعجزات، ودلكم على صدق ما جاء به بالآيات البينات، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ‏} (javascript:openquran(56,9,9))‏ أي‏:‏ ظاهرات تدل أهل العقول على صدق كل ما جاء به وأنه حق اليقين، ‏{‏لِيُخْرِجَكُم‏}‏ بإرسال الرسول إليكم، وما أنزله الله على يده من الكتاب والحكمة‏.‏
‏{‏مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ‏} (javascript:openquran(1,255,255))‏ أي‏:‏ من ظلمات الجهل والكفر، إلى نور العلم والإيمان، وهذا من رحمته بكم ورأفته، حيث كان أرحم بعباده من الوالدة بولدها ‏{‏وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ‏} (javascript:openquran(56,9,9))‏
‏[‏10‏]‏ ‏{‏وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض‏} (javascript:openquran(56,10,10))‏
أي‏:‏ وما الذي يمنعكم من النفقة في سبيل الله، وهي طرق الخير كلها، ويوجب لكم أن تبخلوا، ‏{‏و‏}‏ الحال أنه ليس لكم شيء، بل ‏{‏لله مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏} (javascript:openquran(56,10,10))‏ فجميع الأموال ستنتقل من أيديكم أو تنقلون عنها، ثم يعود الملك إلى مالكه تبارك وتعالى، فاغتنموا الإنفاق ما دامت الأموال في أيديكم، وانتهزوا الفرصة، ثم ذكر تعالى تفاضل الأعمال بحسب الأحوال والحكمة الإلهية، فقال‏:‏ ‏{‏لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا‏} (javascript:openquran(56,10,10))‏ المراد بالفتح هنا هو فتح الحديبية، حين جرى من الصلح بين الرسول وبين قريش مما هو أعظم الفتوحات التي حصل بها نشر الإسلام، واختلاط المسلمين بالكافرين، والدعوة إلى الدين من غير معارض، فدخل الناس من ذلك الوقت في دين الله أفواجا، واعتز الإسلام عزا عظيما، وكان المسلمون قبل هذا الفتح لا يقدرون على الدعوة إلى الدين في غير البقعة التي أسلم أهلها، كالمدينة وتوابعها، وكان من أسلم من أهل مكة

**كلي جروح**
27-04-2009, 01:47 AM
وغيرها من ديار المشركين يؤذى ويخاف، فلذلك كان من أسلم قبل الفتح وأنفق وقاتل، أعظم درجة وأجرا وثوابا ممن لم يسلم ويقاتل وينفق إلا بعد ذلك، كما هو مقتضى الحكمة، ولذلك كان السابقون وفضلاء الصحابة، غالبهم أسلم قبل الفتح، ولما كان التفضيل بين الأمور قد يتوهم منه نقص وقدح في المفضول، احترز تعالى من هذا بقوله‏:‏ ‏{‏وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى‏} (javascript:openquran(56,10,10))‏ أي‏:‏ الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده، كلهم وعده الله الجنة، وهذا يدل على فضل الصحابة ‏[‏كلهم‏]‏، رضي الله عنهم، حيث شهد الله لهم بالإيمان، ووعدهم الجنة، ‏{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ‏} (javascript:openquran(1,234,234))‏ فيجازي كلا منكم على ما يعلمه من عمله، ثم حث على النفقة في سبيله، لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه، وبذل الأموال في التجهز له، فقال‏:‏ ‏{‏مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا‏} (javascript:openquran(56,11,11))‏ وهي النفقة ‏[‏الطيبة‏]‏ التي تكون خالصة لوجه الله، موافقة لمرضاة الله، من مال حلال طيب، طيبة به نفسه، وهذا من كرم الله تعالى ‏[‏حيث‏]‏ سماه قرضا، والمال ماله، والعبد عبده، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافا كثيرة، وهو الكريم الوهاب، وتلك المضاعفة محلها وموضعها يوم القيامة، يوم كل يتبين فقره، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن، ولذلك قال‏:‏
‏[‏12ـ 15‏]‏ ‏{‏يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏} (javascript:openquran(56,12,15))‏
يقول تعالى ـ مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة ـ ‏:‏ ‏{‏يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم‏} (javascript:openquran(56,12,12))‏ أي‏:‏ إذا كان يوم القيامة، وكورت الشمس، وخسف القمر، وصار الناس في الظلمة، ونصب الصراط على متن جهنم، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب، كل على قدر إيمانه، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة، فيقال‏:‏ ‏{‏بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏} (javascript:openquran(56,12,12))‏ فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم، وألذها لنفوسهم، حيث حصل لهم كل مطلوب ‏[‏محبوب‏]‏، ونجوا من كل شر ومرهوب، فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين‏:‏ ‏{‏انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُم‏} (javascript:openquran(56,13,13))‏ أي‏:‏ أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ ‏{‏قِيلَ‏}‏ لهم‏:‏ ‏{‏ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا‏} (javascript:openquran(56,13,13))‏ أي‏:‏ إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات، ‏{‏فَضُرِبَ‏}‏ بين المؤمنين والمنافقين ‏{‏بِسُورٍ‏}‏ أي‏:‏ حائط منيع، وحصن حصين، ‏{‏لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ‏} (javascript:openquran(56,13,13))‏ وهو الذي يلي المؤمنين ‏{‏وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ‏} (javascript:openquran(56,13,13))‏ وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين، فيقولون لهم تضرعا وترحما‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُم‏} (javascript:openquran(56,14,14))‏ في الدنيا نقول‏:‏ ‏{‏لا إله إلا الله‏} (javascript:openquran(36,35,35))‏ ونصلي ونصوم ونجاهد، ونعمل مثل عملكم‏؟‏ ‏{‏قَالُوا بَلَى‏}‏ كنتم معنا في الدنيا، وعملتم ‏[‏في الظاهر‏]‏ مثل عملنا، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين، من غير إيمان ولا نية ‏[‏صادقة‏]‏ صالحة، بل ‏{‏فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُم‏} (javascript:openquran(56,14,14))‏ أي‏:‏ شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا، ‏{‏وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ‏}‏ الباطلة، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين، وأنتم غير موقنين، ‏{‏حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ‏} (javascript:openquran(56,14,14))‏ أي‏:‏ حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة‏.‏
‏{‏وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ‏} (javascript:openquran(56,14,14))‏ وهو الشيطان، الذي زين لكم الكفر والريب، فاطمأننتم به، ووثقتم بوعده، وصدقتم خبره‏.‏
‏{‏فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا‏} (javascript:openquran(56,15,15))‏ فلو افتديتم بمثل الأرض ذهبا ومثله معه، لما تقبل منكم، ‏{‏مَأْوَاكُمُ النَّارُ‏}‏ أي‏:‏ مستقركم، ‏{‏هِيَ مَوْلَاكُم‏}‏ التي تتولاكم وتضمكم إليها، ‏{‏وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏ النار‏.‏
‏[‏قال تعالى‏:‏‏]‏ ‏{‏وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ‏} (javascript:openquran(100,8,8))‏
‏[‏16ـ 17‏]‏ ‏{‏أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏} (javascript:openquran(56,16,17))‏
لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة، كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربها، والاستكانة لعظمته، فعاتب الله المؤمنين ‏[‏على عدم ذلك‏]‏، فقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ‏} (javascript:openquran(56,16,16))‏
أي‏:‏ ألم يجئ الوقت الذي تلين به قلوبهم وتخشع لذكر الله، الذي هو القرآن، وتنقاد لأوامره وزواجره، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏؟‏ وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى، ولما أنزله من الكتاب والحكمة، وأن يتذكر المؤمنون المواعظ الإلهية والأحكام الشرعية كل وقت، ويحاسبوا أنفسهم على ذلك، ‏{‏وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ‏} (javascript:openquran(56,16,16))‏ أي‏:‏ ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التام، ثم لم يدوموا عليه، ولا ثبتوا، بل طال عليهم الزمان واستمرت بهم الغفلة، فاضمحل إيمانهم وزال إيقانهم، ‏{‏فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ‏} (javascript:openquran(56,16,16))‏ فالقلوب تحتاج في كل وقت إلى أن تذكر بما أنزل له الله، وتناطق بالحكمة، ولا ينبغي الغفلة عن ذلك، فإن ذلك سبب لقسوة القلب وجمود العين‏.‏
‏{‏اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏} (javascript:openquran(56,17,17))‏ فإن الآيات تدل العقول على العلم بالمطالب الإلهية، والذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الأموات بعد موتهم، فيجازيهم بأعمالهم، والذي أحيا الأرض بعد موتها بماء المطر قادر على أن يحيي القلوب الميتة بما أنزله من الحق على رسوله، وهذه الآية تدل على أنه لا عقل لمن لم يهتد بآيات الله و‏[‏لم‏]‏ ينقد لشرائع الله‏.‏
‏[‏18ـ 19‏]‏ ‏{‏إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ *وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ‏} (javascript:openquran(56,18,19))‏
‏{‏إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ‏} (javascript:openquran(56,18,18))‏ بالتشديد أي‏:‏ الذين أكثروا من الصدقات الشرعية، والنفقات المرضية، ‏{‏وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا‏} (javascript:openquran(56,18,18))‏ بأن قدموا من أموالهم في طرق الخيرات ما يكون مدخرا لهم عند ربهم، ‏{‏يُضَاعَفُ لَهُمُ‏}‏ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ‏{‏وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ‏} (javascript:openquran(56,18,18))‏ وهو ما أعده الله لهم في الجنة، مما لا تعلمه النفوس‏.‏
‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ‏} (javascript:openquran(56,19,19))‏ والإيمان عند أهل السنة‏:‏ هو ما دل عليه الكتاب والسنة، هو قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، فيشمل ذلك جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة، فالذين جمعوا بين هذه الأمور هم الصديقون أي‏:‏ الذين مرتبتهم فوق مرتبة عموم المؤمنين، ودون مرتبة الأنبياء‏.‏
‏[‏وقوله‏:‏‏]‏ ‏{‏وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُم‏} (javascript:openquran(56,19,19))‏ كما ورد في الحديث الصحيح‏:‏ ‏{‏إن في الجنة مائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله‏}‏ وهذا يقتضي شدة علوهم ورفعتهم، وقربهم الله تعالى‏.‏
‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ‏} (javascript:openquran(4,10,10))‏ فهذه الآيات جمعت أصناف الخلق، المتصدقين، والصديقين، والشهداء، وأصحاب الجحيم، فالمتصدقون الذين كان جل عملهم الإحسان إلى الخلق، وبذل النفع إليهم بغاية ما يمكنهم، خصوصا بالنفع بالمال في سبيل الله‏.‏

**كلي جروح**
27-04-2009, 01:50 AM
والصديقون هم الذين كملوا مراتب الإيمان والعمل الصالح، والعلمالنافع، واليقين الصادق، والشهداء هم الذين قاتلوا في سبيل الله ‏[‏لإعلاء كلمةالله، وبذلوا أنفسهم وأموالهم‏]‏ فقتلوا، وأصحاب الجحيم هم الكفار الذين كذبوابآيات الله‏.‏
وبقي قسم ذكرهم الله في سورة فاطر، وهم المقتصدون الذين أدواالواجبات وتركوا المحرمات، إلا أنهم حصل منهم تقصير ببعض حقوق الله وحقوق عباده،فهؤلاء مآلهم الجنة، وإن حصل لهم عقوبة ببعض ما فعلوا‏.‏
‏[‏20ـ 21‏]‏ ‏{‏اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌوَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِكَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُمُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌمِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَفَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِالْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,20,21))‏
يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه، ويبين غايتها وغاية أهلها،بأنها لعب ولهو، تلعب بها الأبدان، وتلهو بها القلوب، وهذا مصداقه ما هو موجودوواقع من أبناء الدنيا، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب، والغفلة عنذكر الله وعما أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا، بخلافأهل اليقظة وعمال الآخرة، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله، ومعرفته ومحبته، وقد أشغلواأوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله، من النفع القاصر والمتعدي‏.‏
‏[‏وقوله‏:‏‏]‏ ‏{‏وَزِينَةً‏}‏ أي‏:‏ تزين في اللباس والطعاموالشراب، والمراكب والدور والقصور والجاه‏.‏ ‏[‏وغير ذلك‏]‏ ‏{‏وَتَفَاخُرٌبَيْنَكُم‏}‏ أي‏:‏ كل واحد من أهلها يريد مفاخرة الآخر، وأن يكون هو الغالب فيأمورها، والذي له الشهرة في أحوالها، ‏{‏وَتَكَاثُرٌ فِيالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,20,20))‏ أي‏:‏ كل يريد أن يكون هو الكاثر لغيرهفي المال والولد، وهذا مصداقه، وقوعه من محبي الدنيا والمطمئنين إليها‏.‏
بخلاف من عرف الدنيا وحقيقتها، فجعلها معبرا ولم يجعلها مستقرا،فنافس فيما يقربه إلى الله، واتخذ الوسائل التي توصله إلى الله وإذا رأى من يكاثرهوينافسه بالأموال والأولاد، نافسه بالأعمال الصالحة‏.‏
ثم ضرب للدنيا مثلا بغيث نزل على الأرض، فاختلط به نبات الأرض ممايأكل الناس والأنعام، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها، وأعجب نباته الكفار، الذين قصرواهمهم ونظرهم إلى الدنيا جاءها من أمر الله ‏[‏ما أتلفها‏]‏ فهاجت ويبست، فعادت علىحالها الأولى، كأنه لم ينبت فيها خضراء، ولا رؤي لها مرأى أنيق، كذلك الدنيا، بينماهي زاهية لصاحبها زاهرة، مهما أراد من مطالبها حصل، ومهما توجه لأمر من أمورها وجدأبوابه مفتحة، إذ أصابها القدر بما أذهبها من يده، وأزال تسلطه عليها، أو ذهب بهعنها، فرحل منها صفر اليدين، لم يتزود منها سوى الكفن، فتبا لمن أضحت هي غايةأمنيته ولها عمله وسعيه‏.‏
وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع، ويدخر لصاحبه، ويصحب العبد علىالأبد، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِوَرِضْوَانٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,20,20))‏ أي‏:‏ حال الآخرة، ما يخلو من هذين الأمرين‏:‏ إماالعذاب الشديد في نار جهنم، وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدنيا هي غايتهومنتهى مطلبه، فتجرأ على معاصي الله، وكذب بآيات الله، وكفر بأنعم الله‏.‏
وإما مغفرة من الله للسيئات، وإزالة للعقوبات، ورضوان من الله، يحلمن أحله به دار الرضوان لمن عرف الدنيا، وسعى للآخرة سعيها‏.‏
فهذا كله مما يدعو إلى الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، ولهذاقال‏:‏ ‏{‏وَمَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,20,20))‏ أي‏:‏ إلا متاعيتمتع به وينتفع به، ويستدفع به الحاجات، لا يغتر به ويطمئن إليه إلا أهل العقولالضعيفة الذين يغرهم بالله الغرور‏.‏
ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته، وذلك يكون بالسعيبأسباب المغفرة، من التوبة النصوح، والاستغفار النافع، والبعد عن الذنوب ومظانها،والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح، والحرص على ما يرضي الله على الدوام، منالإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع، ولهذا ذكر اللهالأعمال الموجبة لذلك، فقال‏:‏ ‏{‏وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْلِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,21,21))‏ والإيمان بالله ورسله يدخلفيه أصول الدين وفروعها، ‏{‏ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,21,21))‏أي‏:‏ هذا الذي بيناه لكم، وذكرنا لكم فيه الطرق الموصلة إلى الجنة، والطرق الموصلةإلى النار، وأن فضل الله بالثواب الجزيل والأجر العظيم من أعظم منته على عبادهوفضله‏.‏ ‏{‏وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,105,105))‏ الذي لا يحصيثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده
‏[‏22ـ 24‏]‏‏{‏مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِيأَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَىاللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوابِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَيَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,22,24))‏
يقول تعالى مخبرا عن عموم قضائه وقدره‏:‏ ‏{‏مَا أَصَابَ مِنْمُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُم‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,22,22))‏ وهذا شامل لعمومالمصائب التي تصيب الخلق، من خير وشر، فكلها قد كتبت في اللوح المحفوظ، صغيرهاوكبيرها، وهذا أمر عظيم لا تحيط به العقول، بل تذهل عنده أفئدة أولي الألباب، ولكنهعلى الله يسير، وأخبر الله عباده بذلك لأجل أن تتقرر هذه القاعدة عندهم، ويبنواعليها ما أصابهم من الخير والشر، فلا يأسوا ويحزنوا على ما فاتهم، مما طمحت لهأنفسهم وتشوفوا إليه، لعلمهم أن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ، لا بد من نفوذهووقوعه، فلا سبيل إلى دفعه، ولا يفرحوا بما آتاهم الله فرح بطر وأشر، لعلمهم أنهمما أدركوه بحولهم وقوتهم، وإنما أدركوه بفضل الله ومنه، فيشتغلوا بشكر من أولىالنعم ودفع النقم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,23,23))‏أي‏:‏ متكبر فظ غليظ، معجب بنفسه، فخور بنعم الله، ينسبها إلى نفسه، وتطغيه وتلهيه،كما قال تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَاأُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بل هي فتنة‏} (http://javascript<b></b>:openquran(38,49,49))‏
‏{‏الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَبِالْبُخْلِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(3,37,37))‏ أي‏:‏ يجمعون بين الأمرين الذميمين، اللذين كل منهماكاف في الشر البخل‏:‏ وهو منع الحقوق الواجبة، ويأمرون الناس بذلك، فلم يكفهمبخلهم، حتى أمروا الناس بذلك، وحثوهم على هذا الخلق الذميم، بقولهم وفعلهم، وهذا منإعراضهم عن طاعة ربهم وتوليهم عنها، ‏{‏وَمَنْ يَتَوَلَّ‏}‏ عن طاعة الله فلا يضرإلا نفسه، ولن يضر الله شيئا، ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,24,24))‏ الذيغناه من لوازم ذاته، الذي له ملك السماوات والأرض، وهو الذي أغنى عباده وأقناهم،الحميد الذي له كل اسم حسن، ووصف كامل، وفعل جميل، يستحق أن يحمد عليه ويثنىويعظم‏.‏
‏[‏25ـ 27‏]‏ ‏{‏لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَامَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَاالْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْيَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ * وَلَقَدْأَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَوَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * ثُمَّقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَوَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةًوَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّاابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَاالَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْفَاسِقُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,27))‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,25))‏وهي الأدلة والشواهد والعلامات الدالة على صدق ما جاءوا به وحقيته‏.‏

**كلي جروح**
27-04-2009, 01:53 AM
{‏وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,25))‏ وهو اسم جنس يشمل سائر الكتب التي أنزلها الله لهداية الخلق وإرشادهم، إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ‏{‏وَالْمِيزَانَ‏}‏ وهو العدل في الأقوال والأفعال، والدين الذي جاءت بهالرسل، كله عدل وقسط في الأوامر والنواهي وفي معاملات الخلق، وفي الجنايات والقصاصوالحدود ‏[‏والمواريث وغير ذلك‏]‏، وذلك ‏{‏لِيَقُومَ النَّاسُبِالْقِسْطِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,25))‏ قياما بدين الله، وتحصيلا لمصالحهم التي لا يمكن حصرهاوعدها، وهذا دليل على أن الرسل متفقون في قاعدة الشرع، وهو القيام بالقسط، وإناختلفت أنواع العدل، بحسب الأزمنة والأحوال، ‏{‏وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَفِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,25))‏ من آلات الحرب، كالسلاح والدروع وغير ذلك‏.‏
‏{‏وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ‏}‏ وهو ما يشاهد من نفعه في أنواعالصناعات والحرف، والأواني وآلات الحرث، حتى إنه قل أن يوجد شيء إلا وهويحتاج إلىالحديد‏.‏
‏{‏وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُبِالْغَيْبِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,25))‏ أي‏:‏ ليقيم تعالى سوق الامتحان بما أنزله من الكتابوالحديد، فيتبين من ينصره وينصر رسله في حال الغيب، التي ينفع فيها الإيمان قبلالشهادة، التي لا فائدة بوجود الإيمان فيها، لأنه حينئذ يكون ضروريا‏.‏
‏{‏إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,25,25))‏ أي‏:‏ لا يعجزهشيء، ولا يفوته هارب، ومن قوته وعزته أن أنزل الحديد الذي منه الآلات القوية، ومنقوته وعزته أنه قادر على الانتصار من أعدائه، ولكنه يبتلي أولياءه بأعدائه، ليعلممن ينصره بالغيب، وقرن تعالى في هذا الموضع بين الكتاب والحديد، لأن بهذين الأمرينينصر الله دينه، ويعلي كلمته بالكتاب الذي فيه الحجة والبرهان والسيف الناصر بإذنالله، وكلاهما قيامه بالعدل والقسط، الذي يستدل به على حكمة الباري وكماله، وكمالشريعته التي شرعها على ألسنة رسله‏.‏
ولما ذكر نبوة الأنبياء عموما، ذكر من خواصهم النبيين الكريمين نوحاوإبراهيم اللذين جعل الله النبوة والكتاب في ذريتهما، فقال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَانُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَوَالْكِتَابَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,26,26))‏ أي‏:‏ الأنبياء المتقدمين والمتأخرين كلهم من ذرية نوحوإبراهيم عليهما السلام، وكذلك الكتب كلها نزلت على ذرية هذين النبيين الكريمين،‏{‏فَمِنْهُم‏}‏ أي‏:‏ ممن أرسلنا إليهم الرسل ‏{‏مُهْتَدٍ‏}‏ بدعوتهم، منقادلأمرهم، مسترشد بهداهم‏.‏
‏{‏وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,16,16))‏ أي‏:‏ خارجون عن‏[‏طاعة الله و‏]‏ طاعة الرسل والأنبياء كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَكْثَرُالنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(11,103,103))‏
‏{‏ثُمَّ قَفَّيْنَا‏}‏ أي‏:‏ أتبعنا ‏{‏عَلَى آثَارِهِمْبِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,27,27))‏ خص الله عيسىعليه السلام؛ لأن السياق مع النصارى، الذين يزعمون اتباع عيسى عليه السلام،‏{‏وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ‏}‏ الذي هو من كتب الله الفاضلة، ‏{‏وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِالَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,27,27))‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَتَجِدَنَّأَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواوَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّانَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَايَسْتَكْبِرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(4,82,82))‏ الآيات‏.‏
ولهذا كان النصارى ألين من غيرهم قلوبا، حين كانوا على شريعة عيسىعليه السلام‏.‏
‏{‏وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا‏}‏ والرهبانية‏:‏ العبادة، فهمابتدعوا من عند أنفسهم عبادة، ووظفوها على أنفسهم، والتزموا لوازم ما كتبها اللهعليهم ولا فرضها، بل هم الذين التزموا بها من تلقاء أنفسهم، قصدهم بذلك رضا اللهتعالى، ومع ذلك ‏{‏فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,27,27))‏ أي‏:‏ ماقاموا بها ولا أدوا حقوقها، فقصروا من وجهين‏:‏ من جهة ابتداعهم، ومن جهة عدمقيامهم بما فرضوه على أنفسهم‏.‏ فهذه الحال هي الغالب من أحوالهم‏.‏
ومنهم من هو مستقيم على أمر الله، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَآتَيْنَا الَّذِينَآمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُم‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,27,27))‏ أي‏:‏ الذين آمنوا بمحمد ـ صلى اللهعليه وسلم ـ مع إيمانهم بعيسى، كل أعطاه الله على حسب إيمانه ‏{‏وَكَثِيرٌ مِنْهُمْفَاسِقُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,16,16))‏
‏[‏28ـ 29‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوابِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًاتَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلَّا يَعْلَمَأَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّالْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِالْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,28,29))‏
وهذا الخطاب، يحتمل أنه ‏[‏خطاب‏]‏ لأهل الكتاب الذين آمنوا بموسىوعيسى عليهما السلام، يأمرهم أن يعملوا بمقتضى إيمانهم، بأن يتقوا الله فيتركوامعاصيه، ويؤمنوا برسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنهم إن فعلوا ذلك أعطاهمالله ‏{‏كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,28,28))‏ أي‏:‏ نصيبين منالأجر نصيب على إيمانهم بالأنبياء الأقدمين، ونصيب على إيمانهم بمحمد ـ صلى اللهعليه وسلم ـ‏.‏
ويحتمل أن يكون الأمر عاما يدخل فيه أهل الكتاب وغيرهم، وهذاالظاهر، وأن الله أمرهم بالإيمان والتقوى الذي يدخل فيه جميع الدين، ظاهره وباطنه،أصوله وفروعه، وأنهم إن امتثلوا هذا الأمر العظيم، أعطاهم الله ‏{‏كِفْلَيْنِ مِنْرَحْمَتِهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,28,28))‏ لا يعلم وصفهما وقدرهما إلا الله تعالى أجر على الإيمان،وأجر على التقوى، أو أجر على امتثال الأوامر، وأجر على اجتناب النواهي، أو أنالتثنية المراد بها تكرار الإيتاء مرة بعد أخرى‏.‏
‏{‏وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,28,28))‏ أي‏:‏يعطيكم علما وهدى ونورا تمشون به في ظلمات الجهل، ويغفر لكم السيئات‏.‏
‏{‏وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,105,105))‏ فلا يستكثرهذا الثواب على فضل ذي الفضل العظيم، الذي عم فضله أهل السماوات والأرض، فلا يخلومخلوق من فضله طرفة عين ولا أقل من ذلك‏.‏
‏[‏وقوله‏]‏ ‏{‏لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَىشَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,29,29))‏ أي‏:‏ بينا لكم فضلنا وإحساننا لمن آمنإيمانا عاما، واتقى الله، وآمن برسوله، لأجل أن أهل الكتاب يكون لديهم علم بأنهم لايقدرون على شيء من فضل الله أي‏:‏ لا يحجرون على الله بحسب أهوائهم وعقولهمالفاسدة، فيقولون‏:‏ ‏{‏لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْنَصَارَى‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,111,111))‏ ويتمنون على الله الأماني الفاسدة، فأخبر الله تعالى أنالمؤمنين برسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المتقين لله، لهم كفلان من رحمته،ونور، ومغفرة، رغما على أنوف أهل الكتاب، وليعلموا ‏{‏أن الْفَضْلَ بِيَدِاللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,29,29))‏ ممن اقتضت حكمته تعالى أن يؤتيه منفضله، ‏{‏وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,105,105))‏ ‏[‏الذي لايقادر قدره‏]‏‏.‏
جعل الله كل هذا خالصه لوجه الكريم

**كلي جروح**
27-04-2009, 02:03 AM
غدوورة كيف الوجع الحين .....أن شاء الله احسن..... اذ حاسه نفسك تعبانه. ...نزلي التفسير بكره

احن مو مستعجلين خذي راحتك .....اهم شي راحتك.... وطبعا لاازم تكون النيه صافيه لوجه الله تعالى

تسمحيلي اسالك سوال ؟؟ انتي فى اي شهرالحين اقصد بنسبه لحملك

**كلي جروح**
27-04-2009, 02:16 AM
طيب يا قلبي على راحتك ...انا بروح انام ...الحين عندنا الساعه 2بليل يعني يدوب انام ثلاث ساعات واقوم اصحي اعيالي نصلي الفجر مع بعض وبعدين ونقراء القران اشوي وبعده افطرهم والبسهم علشان عندهم مدرسه...تصبحي على الف خييير

قاهره الاحزان
27-04-2009, 03:06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


تفسير القران الكريم كاملاً فقط ضعي الماوس على الآيه وتجد التفسير

--------------------------------------------------------------------------------


تفسير القران الكريم فقط ضعي الماوس على الايه
وستجدي التفسير


ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط§ظ„ظƒط±ظٹظ… (http://quran.muslim-web.com/sura.htm?aya=002&)


لا تبخلي في نشره
قد يكون أفضل موضوع سترسليه في حياتك
لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خيركم من تعلم القران وعلمه
والدَّال على الخير كفاعله

غدوورة
27-04-2009, 06:38 AM
غدوورة كيف الوجع الحين .....أن شاء الله احسن..... اذ حاسه نفسك تعبانه. ...نزلي التفسير بكره

احن مو مستعجلين خذي راحتك .....اهم شي راحتك.... وطبعا لاازم تكون النيه صافيه لوجه الله تعالى

تسمحيلي اسالك سوال ؟؟ انتي فى اي شهرالحين اقصد بنسبه لحملك

اهلين يا البي الحمدلله ماشي الحال هلأ

انا كل شوي بنزل شوي من التفسير اكيد حبيبتي النية موجودة لله ولا لكان شو

في الشهر التالت يا ألبي

الله يعدي هالشهور بخير

غدوورة
27-04-2009, 06:50 AM
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(22)
"الَّذِي جَعَلَ" خَلَقَ "لَكُمْ الْأَرْض فِرَاشًا" حَال بِسَاطًا يُفْتَرَش لَا غَايَة فِي الصَّلَابَة أَوْ اللُّيُونَة فَلَا يُمْكِن الِاسْتِقْرَار عَلَيْهَا "وَالسَّمَاء بِنَاء" سَقْفًا "وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ" أَنْوَاع "الثَّمَرَات رِزْقًا لَكُمْ" "فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا" شُرَكَاء فِي الْعِبَادَة "وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ الْخَالِق وَلَا تَخْلُقُونَ وَلَا يَكُون إلَهًا إلَّا مَنْ يَخْلُق



وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
"وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب" شَكّ "مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدنَا" مُحَمَّد مِنْ الْقُرْآن أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه "فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْله" أَيْ الْمُنَزَّل وَمِنْ لِلْبَيَانِ أَيْ هِيَ مِثْله فِي الْبَلَاغَة وَحُسْن النَّظْم وَالْإِخْبَار عَنْ الْغَيْب . وَالسُّورَة قِطْعَة لَهَا أَوَّل وَآخِر أَقَلّهَا ثَلَاث آيَات "وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ" آلِهَتكُمْ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا "مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره لِتُعِينَكُمْ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِي أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَهُ مِنْ عِنْد نَفْسه فَافْعَلُوا ذَلِك فَإِنَّكُمْ عَرَبِيُّونَ فُصَحَاء مِثْله وَلَمَّا عَجَزُوا عَنْ ذَلِك قَالَ تَعَالَى ذلك





فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ(24)
"فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا" مَا ذُكِرَ لِعَجْزِكُمْ "وَلَنْ تَفْعَلُوا" ذَلِك أَبَدًا لِظُهُورِ إعْجَازه - اعْتِرَاض - "فَاتَّقُوا" بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَام الْبَشَر "النَّار الَّتِي وَقُودهَا النَّاس" الْكُفَّار "وَالْحِجَارَة" كَأَصْنَامِهِمْ مِنْهَا يَعْنِي أَنَّهَا مُفْرِطَة الْحَرَارَة تَتَقَيَّد بِمَا ذُكِرَ لَا كَنَارِ الدُّنْيَا تَتَّقِد بِالْحَطَبِ وَنَحْوه "أُعِدَّتْ" هُيِّئَتْ "لِلْكَافِرِينَ" يُعَذَّبُونَ بِهَا جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة أَوْ حَال لَازِمَة


وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(25)
"وَبَشِّرْ" أَخْبِرْ "الَّذِينَ آمَنُوا" صَدَّقُوا بِاَللَّهِ "وَعَمِلُوا الصَّالِحَات" مِنْ الْفُرُوض وَالنَّوَافِل "أَنَّ" أَيْ بِأَنَّ "لَهُمْ جَنَّات" حَدَائِق ذَات أَشْجَار وَمَسَاكِن "تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا" أَيْ تَحْت أَشْجَارهَا وَقُصُورهَا "الْأَنْهَار" أَيْ الْمِيَاه فِيهَا وَالنَّهْر الْمَوْضِع الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاء لِأَنَّ الْمَاء يَنْهَرهُ أَيْ يَحْفِرهُ وَإِسْنَاد الْجَرْي إلَيْهِ مَجَاز "كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا" أُطْعِمُوا مِنْ تِلْكَ الْجَنَّات . "مِنْ ثَمَرَة رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي" أَيْ مِثْل مَا "رُزِقْنَا مِنْ قَبْل" أَيْ قَبْله فِي الْجَنَّة لِتَشَابُهِ ثِمَارهَا بِقَرِينَةِ "وَأُتُوا بِهِ" أَيْ جِيئُوا بِالرِّزْقِ "مُتَشَابِهًا" يُشْبِه بَعْضه بَعْضًا لَوْنًا وَيَخْتَلِف طَعْمًا "وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاج" مِنْ الْحُور وَغَيْرهَا "مُطَهَّرَة" مِنْ الْحَيْض وَكُلّ قَذَر "وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" مَاكِثُونَ أَبَدًا لَا يَفْنَوْنَ وَلَا يَخْرُجُونَ . وَنَزَلَ رَدًّا لِقَوْلِ الْيَهُود لَمَّا ضَرَبَ اللَّه الْمَثَل بِالذُّبَابِ فِي قَوْله : ( وَإِنْ يَسْلُبهُمْ الذُّبَاب شَيْئًا وَالْعَنْكَبُوت فِي قَوْله : ( كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت مَا أَرَادَ اللَّه بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاء ؟ الْخَسِيسَة فَأَنْزَلَ اللَّه

إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ(26)
"إنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِ أَنْ يَضْرِب" يَجْعَل "مَثَلًا" مَفْعُول أَوَّل "مَا" نَكِرَة مَوْصُوفَة بِمَا بَعْدهَا مَفْعُول ثَانٍ أَيّ مَثَل كَانَ أَوْ زَائِدَة لِتَأْكِيدِ الْخِسَّة فَمَا بَعْدهَا الْمَفْعُول الثَّانِي "بَعُوضَة" مُفْرَد الْبَعُوض وَهُوَ صِغَار الْبَقّ "فَمَا فَوْقهَا" أَيْ أَكْبَر مِنْهَا أَيْ لَا يَتْرُك بَيَانه لِمَا فِيهِ مِنْ الْحُكْم "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ" أَيْ الْمَثَل "الْحَقّ" الثَّابِت الْوَاقِع مَوْقِعه "مِنْ رَبّهمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّه بِهَذَا مَثَلًا" تَمْيِيز أَيْ بِهَذَا الْمَثَل وَمَا اسْتِفْهَام إنْكَار مُبْتَدَأ وَذَا بِمَعْنَى الَّذِي بِصِلَتِهِ خَبَره أَيْ : أَيّ فَائِدَة فِيهِ قَالَ تَعَالَى فِي جَوَابهمْ "يُضِلّ بِهِ" أَيْ بِهَذَا الْمَثَل "كَثِيرًا" عَنْ الْحَقّ لِكُفْرِهِمْ بِهِ "وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا" مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِتَصْدِيقِهِمْ بِهِ "وَمَا يُضِلّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ" الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَته

الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(27)
"الَّذِينَ" نَعْتَ "يَنْقُضُونَ عَهْد اللَّه" مَا عَهِدَهُ إلَيْهِمْ فِي الْكُتُب مِنْ الْإِيمَان بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مِنْ بَعْد مِيثَاقه" تَوْكِيده عَلَيْهِمْ "وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل" مِنْ الْإِيمَان بِالنَّبِيِّ وَالرَّحِم وَغَيْر ذَلِكَ وَأَنْ بَدَل مِنْ ضَمِير بِهِ "وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض" بِالْمَعَاصِي وَالتَّعْوِيق عَنْ الْإِيمَان "أُولَئِكَ" الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ "هُمْ الْخَاسِرُونَ" لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ


كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(28)
"كَيْفَ تَكْفُرُونَ" يَا أَهْل مَكَّة "بِاَللَّهِ" وَقَدْ "كُنْتُمْ أَمْوَاتًا" نُطَفًا فِي الْأَصْلَاب "فَأَحْيَاكُمْ" فِي الْأَرْحَام وَالدُّنْيَا بِنَفْخِ الرُّوح فِيكُمْ وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّعْجِيبِ مِنْ كُفْرهمْ مَعَ قِيَام الْبُرْهَان أَوْ لِلتَّوْبِيخِ "ثُمَّ يُمِيتكُمْ" عِنْد انْتِهَاء آجَالكُمْ "ثُمَّ يُحْيِيكُمْ" بِالْبَعْثِ "ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ" تُرَدُّونَ بَعْد الْبَعْث فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَقَالَ دَلِيلًا عَلَى الْبَعْث لِمَا أَنْكَرُوهُ


هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(29)
"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض" أَيْ الْأَرْض وَمَا فِيهَا "جَمِيعًا" لِتَنْتَفِعُوا بِهِ وَتَعْتَبِرُوا "ثُمَّ اسْتَوَى" بَعْد خَلْق الْأَرْض أَيْ قَصَدَ "إلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ" الضَّمِير يَرْجِع إلَى السَّمَاء لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجُمْلَة الْآيِلَة إلَيْهِ : أَيْ صَيَّرَهَا كَمَا فِي آيَة أُخْرَى ( فَقَضَاهُنَّ "سَبْع سَمَاوَات وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم" مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ أَنَّ الْقَادِر عَلَى خَلْق ذَلِك ابْتِدَاء وَهُوَ أَعْظَم مِنْكُمْ قَادِر عَلَى إعَادَتكُمْ




وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(30)
وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إذْ " قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة" يَخْلُفنِي فِي تَنْفِيذ أَحْكَامِي فِيهَا وَهُوَ آدَم "قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا" بِالْمَعَاصِي "وَيَسْفِك الدِّمَاء" يُرِيقهَا بِالْقَتْلِ كَمَا فَعَلَ بَنُو الْجَانّ وَكَانُوا فِيهَا فَلَمَّا أَفْسَدُوا أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة فَطَرَدُوهُمْ إلَى الْجَزَائِر وَالْجِبَال "وَنَحْنُ نُسَبِّح" مُتَلَبِّسِينَ "بِحَمْدِك" أَيْ نَقُول سُبْحَان اللَّه "وَنُقَدِّس لَك" نُنَزِّهك عَمَّا لَا يَلِيق بِك فَاللَّام زَائِدَة وَالْجُمْلَة حَال أَيْ فَنَحْنُ أَحَقّ بِالِاسْتِخْلَافِ قَالَ تَعَالَى "إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ" مِنْ الْمَصْلَحَة فِي اسْتِخْلَاف آدَم وَأَنَّ ذُرِّيَّته فِيهِمْ الْمُطِيع وَالْعَاصِي فَيَظْهَر الْعَدْل بَيْنهمْ فَقَالُوا لَنْ يَخْلُق رَبّنَا خَلْقًا أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم لِسَبْقِنَا لَهُ وَرُؤْيَتنَا مَا لَمْ يَرَهُ فَخَلَقَ اللَّه تَعَالَى آدَم مِنْ أَدِيم الْأَرْض أَيْ وَجْههَا بِأَنْ قَبَضَ مِنْهَا قَبْضَة مِنْ جَمِيع أَلْوَانهَا وَعُجِنَتْ بِالْمِيَاهِ الْمُخْتَلِفَة وَسَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوح فَصَارَ حَيَوَانًا حَسَّاسًا بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا


وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(31)
"وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ" أَيْ أَسَمَاء الْمُسَمَّيَات "كُلّهَا" بِأَنْ أَلْقَى فِي قَلْبه عِلْمهَا "ثُمَّ عَرَضَهُمْ" أَيْ الْمُسَمَّيَات وَفِيهِ تَغْلِيب الْعُقَلَاء "عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ " لَهُمْ تَبْكِيتًا "أَنْبِئُونِي" أَخْبِرُونِي "بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ" الْمُسَمَّيَات "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِي أَنِّي لَا أَخْلُق أَعْلَم مِنْكُمْ أَوْ أَنَّكُمْ أَحَقّ بِالْخِلَافَةِ وَجَوَاب الشَّرْط دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله




قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)
"قَالُوا سُبْحَانك" تَنْزِيهًا لَك عَنْ الِاعْتِرَاض عَلَيْك "لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا" إيَّاهُ "إنَّك أَنْت" تَأْكِيد لِلْكَافِ "الْعَلِيم الْحَكِيم" الَّذِي لَا يَخْرُج شَيْء عَنْ عِلْمه وَحِكْمَته

**كلي جروح**
27-04-2009, 08:13 AM
اهلين يا البي الحمدلله ماشي الحال هلأ

انا كل شوي بنزل شوي من التفسير اكيد حبيبتي النية موجودة لله ولا لكان شو

في الشهر التالت يا ألبي

الله يعدي هالشهور بخير

الحمدلله حبيبتي الله يسهل عليج حملك وولدتك ........


والله يعينك على اول ثلاث شهور ...بس بعدين راح يكون عادي... فقط بيكون عندك اشوي ثقل


والله يسهل عليج أن شاء الله

والحمدلله حبيبتي انه انيه موجوده عند الجميع أنا بس قلت جذيه علشان لفتات انتباهي لمن قلتي


لكن تمهلو عليي


وماشاء الله عليج........ الله يعينج ويثبتك على حفظ كتابه ويجزيك كل خيييير


,,,,,,,استمري بارك الله فيج ,,,,,,,,


قاهره الاحزان بارك الله فيج ,,,,,,, وجزاك الله الفردوس الاعلى

*نسمـة الصبـاح*
01-05-2009, 11:58 PM
معليش حبايبي قطهت فيكم لإني كنت مسافره

العذر والسموحه

نورجيجل
02-05-2009, 10:21 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يجعلكن من الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله

أخواتي أنا بدأت الحفظ من عامين تقريبا وفي أقل من عام حقظت سورة البقرة والكهف وكذلك من الزخرف للناس

لكن بعدين فشلت لأن في داعية سمعته قال أنه لا يمكن الواحد يحفظ القرآن لوحده لازم على يد شيخ متمكن

وبالأحكام وأنا الآن أراجع فقط اللي حفظته لأن ظروفي لا تسمح بالذهاب إلى حلقات التحفيظ
فهل تقبلوني معاكن لمراجعة ما حفظته وتشجيعي لحفظ البقية

**كلي جروح**
02-05-2009, 05:25 PM
صلاتي حمدلله على سلامتك عزيزتي وعذرك معك يا الغاليه


عزيزتي نور جيجل .... اولا اشكرك على ادعاء عجبني كثيييييير ,,,, الله يسمع منك عزيزتي ,,,وجعلك الله من الفائزين بلفردوس الاعلى .....الهم امييييين


طبعا عزيزتي لنا اشرف أن تنضمي معنا وحيا الله بك بين اخواتكي ..... وجميعنا بحاجه الى تشجيع بعضا

*نسمـة الصبـاح*
02-05-2009, 08:16 PM
أخواتي سأقف عن الحفظ لفتره


لتكثيف مراجعة الأجزاء المحفوظه سابقا

{~جوود~}
06-05-2009, 06:15 PM
السلام عليكم ...

تفسير سورة الفتح من آية (18 حتى النهاية ) ...

"لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا "
لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك- يا محمد- تحت الشجرة (وهذه هي بيعة الرضوان في "الحديبية") فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء, فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبت قلوبهم, وعوضهم عما فاتهم بصلح "الحديبية" فتحا قريبا, وهو فتح "خيبر",

"وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا "
ومغانم كثيرة تأخذونها من أموال يهود "خيبر". وكان الله عزيزا في انتقامه من أعدائه, حكيما في تدبير أمور خلقه.

"وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا "
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها في أوقاتها التي قدرها الله لكم فعجل لكم غنائم "خيبر", وكف أيدي الناس عنهم, فلم ينلكم- سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال, ومن أن ينالوه ممن تركتموهم وراءكم في "المدينة", ولتكون هزيمتهم وسلامتكم وغنيمتكم علامة تعتبرون بها, وتستدلون على أن الله حافظكم وناصركم, ويرشدكم طريقا مستقيما لا اعوجاج فيه.

"وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا "
وقد وعدكم الله غنيمة أخرى لم تقدروا عليها, الله سبحانه وتعالى قادر عليها, وهي تحت تدبيره وملكه, وقد وعدكموها, ولا بد من وقوع ما وعد به. وكان الله على كل شيء قديرا لا يتعذر عليه شيء.

"وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا "
ولو قاتلكم كفار قريش بـ "مكة" لانهزموا عنكم وولوكم ظهورهم, كما يفعل المنهزم في القتال, ثم لا يجدون لهم من دون الله وليا يواليهم على حربكم, ولا نصيرا يعينهم على قتالكم.

"سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا "
سنة الله التي سنها في خلقه من قبل بنصر جنده وهزيمة أعدائه, ولن تجد- يا محمد- لسنة الله تغييرا.
"وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا "
وهو الذي كف أيدي المشركين عنكم, وأيديكم عنهم ببطن "مكة" من بعد ما قدرتم عليهم, فصاروا تحت سلطانكم (وهؤلاء المشركون هم الذين خرجوا على عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية", فأمسكهم المسلمون ثم تركوهم ولم يقتلوهم, وكانوا نحو ثمانين رجلا) وكان الله بأعملكم بصيرا, لا تخفى عليه خافية.

"هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا "
كفار قريش هم الذين جحدوا توحيد الله, وصدوكم يوم "الحديبية" عن دخول المسجد الحرام, ومنعوا الهدي, وحبسوه أن يبلغ محل نحره, وهو الحرم. ولولا رجال مؤمنون مستضعفون ونساء مؤمنات بين أظهر هؤلاء الكافرين بـ "مكة", يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم لم تعرفوهم. خشية أن تطؤوهم بجيشكم فتقتلوهم, فيصيبكم بذلك القتل إثم وعيب وغرامة بغير علم, لكنا سلطناكم عليهم ليدخل الله في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالإيمان بعد الكفر, لو تميز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات عن مشركي "مكة" وخرجوا من بينهم, لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا مؤلما موجعا.

"إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا "
إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الأنفة أنفة الجاهلية. لئلا يقروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم, ومن ذلك امتناعهم أن يكتبوا في صلح "الحديبية "بسم الله الرحمن الرحيم" وأبوا أن يكتبوا "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله", فأنزل الله الطمأنينة على رسوله وعلى المؤمنين معه, ولزمهم قول "لا إله إلا الله" التي هي رأس كل تقوى, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه أحق بكلمة التقوى من المشركين, وكانوا كذلك أهل هذه الكلمة دون المشركين. وكان الله بكل شيء عليما لا يخفى عليه شيء

"لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا "
لقد صدق الله رسوله محمدا رؤياه التي أراها إياه بالحق أنه يدخل هو وأصحابه بيت الله الحرام آمنين, لا تخافون أهل الشرك, محلقين رؤوسكم ومقصرين, فعلم الله من الخير والمصلحة (في صرفكم عن "مكة" عامكم ذلك ودخولكم إليها فيما بعد) ما لم تعلموا أنتم, فجعل من دون دخولكم "مكة" الذي وعدتم به, فتحا قريبا, وهو هدنة "الحديبية" وفتح "خيبر".

"هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا "
هو الذي أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم, بالبيان الواضح ودين الإسلام. ليعليه على الملل كلها, وحسبك- يا محمد- بالله شاهدا على أنه ناصرك ومظهر دينك على كل دين.

"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا "
محمد رسول الله, والذين معه على دينه أشداء على الكفار, رحماء فيما بينهم, تراهم ركعا سجدا لله في صلاتهم, يرجون ربهم أن يتفضل عليهم, فيدخلهم الجنة, ويرضى عنهم, علامه طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة, هذه صفتهم في التوراة. وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه, ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك, وشدت الزرع, فقوي واستوى قائما على سيقانه جميلا منظره, يعجب الزراع ليغيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة- رضي الله عنهم; لأن من غاظه الله بالصحابة, فقد وجد في حقه موجب ذاك, وهو الكفر. وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به, واجتنبوا ما نهاهم عنه, مغفرة لذنوبهم, وثوابا جزيلا لا ينقطع, وهو الجنة. (ووعد الله حق مصدق لا يخلف, وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم, ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة, رضي الله عنهم وأرضاهم).

{~جوود~}
06-05-2009, 06:21 PM
سورة الحجرات



"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله لا تقضوا أمرا دون أمر الله ورسوله من شرائع دينكم فتبتدعوا, وخافوا الله في قولكم وفعلكم أن يخالف أمر الله ورسوله, إن الله سميع لأفعالكم, عليم بنياتكم وأفعالكم. وفي هذا تحذير للمؤمنين أن يبتدعوا في الدين, أو يشرعوا ما لم يأذن به الله.


"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ "
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي عند مخاطبتكم له, ولا تجهروا بمناداته كما يجهر بعضكم لبعض, وميزوه في خطابه كما تميز عن غيره في اصطفائه لحمل رسالة ربه, ووجوب الإيمان به, ومحبته وطاعته والاقتداء به, خشية أن تبطل أعمالكم, وأنتم لا تشعرون, ولا تحسون بذلك.


"إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ "
إن الذين يخفضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين اختبر الله قلوبهم, وأخلصها لتقواه, لهم من الله مغفرة لذنوبهم وثواب جزيل, وهو الجنة.


"إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ "
إن الذين ينادونك- يا محمد- من وراء حجراتك بصوت مرتفع, أكثرهم لا يعقلون الأدب مع رسول الله, وتوقيره.


"وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم عند الله; لأن الله قد أمرهم بتوقيرك, والله غفور لما صدر عنهم جهلا منهم من الذنوب والإخلال بالأدب, رحيم بهم حيث لم يعاجلهم بالعقوبة.


"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ "
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, إن جاءكم فاسق بخبر فتثبتوا من خبره قبل تصديقه ونقله حتى تعرفوا صحته. خشية أن تصيبوا قوما برآء بجناية منكم, فتندموا على ذلك.


"وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ "
واعلموا أن بين أظهركم رسول الله فتأدبوا معه. فإنه أعلم بما يصلح لكم, يريد بكم الخير, وقد تريدون لأنفسكم من الشر والمضرة ما لا يوافقكم الرسول عليه, لو يطيعكم في كثير من الأمر مما تختارونه لأدى ذلك إلى مشقتكم, ولكن الله حبب إليكم الإيمان وحسنه في قلوبكم, فآمنتم, وكره إليكم الكفر بالله والخروج عن طاعته, ومعصيته, أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الراشدون السالكون طريق الحق.


"فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "
وهذا الخير الذي حصل لهم فضل من الله عليهم ونعمة. والله عليم بمن يشكر نعمه, حكيم في تدبير أمور خلقه.


"وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "
ان طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا فاصلحوا- أيها المؤمنون- بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, والرضا بحكمهما, فإن اعتدت إحدى الطائفتين وأبت الإجابة إلى ذلك, فقاتلوها حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله, فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالإنصاف, واعدلوا في حكمكم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله, إن الله يحب العادلين في أحكامهم القاضين بين خلقه بالقسط وفي الآية إثبات صفة المحبة لله على الحقيقة, كما يليق بجلاله سبحانه.


"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "
إنما المؤمنون إخوة في الدين, فأصلحوا بين أخويكم إذا اقتتلا, وخافوا الله في جميع أموركم. رجاء أن ترحموا.


"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "
يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين. عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرا من الهازئين, ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات; على أن يكون المهزوء به منهن خيرا من الهازئات, ولا يعب بعضكم بعضا, ولا يدع بعضكم بعضا بما يكره من الألقاب, بئس الصفة والاسم الفسوق, وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب, بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه, ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي.


"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ "
يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بهديه واجتنبوا كثيرا من ظن السوء بالمؤمنين; إن بعض ذلك الظن إثم, ولا تفتشوا عن عورات المسلمين, ولا يقل بعضكم في بعض بظهر الغيب ما يكره. أيحب أحدكم أكل لحم أخيه وهو ميت؟ فأنتم تكرهون ذلك, فاكرهوا اغتيابه. وخافوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه إن الله تواب على عباده المؤمنين, رحيم بهم.


"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "
يا أيها الناس إنا خلقناكم من أب واحد هو آدم, وأم واحدة هي حواء , فلا تفاضل بينكم في النسب, وجعلناكم بالتناسل شعوبا وقبائل متعددة. ليعرف بعضكم بعضا, إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاء له إن الله عليم بالمتقين, خبير بهم.


"قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
قالت الأعراب (وهم البدو): آمنا بالله ورسله إيمانا كاملا, قل لهم -يا محمد-: لا تدعوا لأنفسكم الإيمان الكامل, ولكن قولوا: أسلمنا, ولم يدخل بعد الإيمان في قلوبكم, وإن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا إن الله غفور لمن تاب من فضله, رحيم به. وفي الآية زجر لمن يظهر الإيمان, ومتابعة السنه, وأعماله تشهد بخلاف ذلك.


"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "
إنما المؤمنين الذين صدقوا بالله وبرسوله وعملوا بشرعه, ثم لم يرتابوا في إيمانهم, وبذلوا نفائس أموالهم وأرواحهم في الجهاد في سبيل الله وطاعته ورضوانه, أولئك هم الصادقون في إيمانهم.


"قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم "
فل- يا محمد- لهؤلاء الأعراب: أتخبرون الله بدينكم وبما في ضمائركم, والله يعلم ما في السموات وما في الأرض؟ والله بكل شيء عليم, لا يخفى عليه ما في قلوبكم من الإيمان أو الكفر, والبر أو الفجور.


"يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "
يمن هؤلاء الأعراب عليك- يا محمد- بإسلامهم ومتابعتهم ونصرتهم لك, قل لهم: لا تمنوا علي دخولكم في الإسلام ; فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم, ولله المنة عليكم فيه إن وفقكم للإيمان به وبرسوله, إن كنتم صادقين في إيمانكم.


"إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "
إن الله يعلم غيب السموات والأرض, لا يخفى عليه شيء من ذلك, والله بصير بأعملكم وسيجازيكم عليها, إن خيرا فخير, وإن شرا فشر.
...........................................


سأحفظ بإذن الله سورة (ق) وبذلك سأكون اتممت حفظ جزء الاحقاف ....


ولكن سأتوقف عن الحفظ بعد اتمام سورة (ق) لمراجعة جزء الاحقاف ......


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....

جواهر وجوهره
06-05-2009, 06:34 PM
السلاااااااام عليكم وانا
اختكم مضيعه ماعرفت شلون أشارك وشلون أكتب موضوعي


اول مره
أشارك في منتدى*)

جواهر وجوهره
06-05-2009, 06:37 PM
ودي أشارك معكم ياجووود بس فيه
احد يسمعن ولأ أكلم نفسي


ودي
احد يتبرع ويعلمني على المنتدى
:10:

{~جوود~}
07-05-2009, 02:14 AM
ههههه ياحليلك مضيعه ...

ولا يهمك ... أتبرع واسمعك ...

وأي خدمة أنا حاضره ...

بس تراني يوم الخميس ما أدخل المنتدى ..

والجمعة أدخله من الساعة 10 الليل ...

وانا حاضره بإذن الله ... يشرفني تواجدك معنا ..

دعدوعة
07-05-2009, 02:28 AM
السلام عليكم

كيف المتزوجات كح كح


عساكم عالقوة

منكن افوت مس جوووود او نتو منكن ؟

يمكن انضم لكم قريب هع هههههههه


الله يحفظكم يارب ويوفقكم

نورجيجل
07-05-2009, 12:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا أختي جود علىالتفسير

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

oum moundir
08-05-2009, 03:11 PM
السلام عليكم
تم الحفظ من سورة البقرة من الآية 1إلى الآية 157وتم التفسير للآيات من1إلى 65
التفسير للسعدي

وهي مدنية ‏[‏1 ـ 5‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {‏الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,1,5))‏
الحروف المقطعة في أوائل السور‏,‏ فالأسلم فيها‏,‏ السكوت عن التعرض لمعناها ‏[‏من غير مستند شرعي‏]‏‏,‏ مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثًا بل لحكمة لا نعلمها‏.‏
وقوله ‏{‏ذَلِكَ الْكِتَابُ‏}‏ أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة‏,‏ المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم‏,‏ والحق المبين‏.‏ فـ ‏{‏لَا رَيْبَ فِيهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,2,2))‏ ولا شك بوجه من الوجوه، ونفي الريب عنه‏,‏ يستلزم ضده‏,‏ إذ ضد الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب‏.‏ وهذه قاعدة مفيدة‏,‏ أن النفي المقصود به المدح‏,‏ لا بد أن يكون متضمنا لضدة‏,‏ وهو الكمال‏,‏ لأن النفي عدم‏,‏ والعدم المحض‏,‏ لا مدح فيه‏.‏
فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلا باليقين قال‏:‏ ‏{‏هُدًى لِلْمُتَّقِينَ‏}‏ والهدى‏:‏ ما تحصل به الهداية من الضلالة والشبه، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة‏.‏ وقال ‏{‏هُدًى‏}‏ وحذف المعمول‏,‏ فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية‏,‏ ولا للشيء الفلاني‏,‏ لإرادة العموم‏,‏ وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية‏,‏ ومبين للحق من الباطل‏,‏ والصحيح من الضعيف‏,‏ ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم‏,‏ في دنياهم وأخراهم‏.‏
وقال في موضع آخر‏:‏ ‏{‏هُدًى لِلنَّاسِ‏}‏ فعمم‏.‏ وفي هذا الموضع وغيره ‏{‏هُدًى لِلْمُتَّقِينَ‏}‏ لأنه في نفسه هدى لجميع الخلق‏.‏ فالأشقياء لم يرفعوا به رأسا‏.‏ ولم يقبلوا هدى الله‏,‏ فقامت عليهم به الحجة‏,‏ ولم ينتفعوا به لشقائهم، وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر‏,‏ لحصول الهداية‏,‏ وهو التقوى التي حقيقتها‏:‏ اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه‏,‏ بامتثال أوامره‏,‏ واجتناب النواهي‏,‏ فاهتدوا به‏,‏ وانتفعوا غاية الانتفاع‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(7,29,29))‏ فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية‏,‏ والآيات الكونية‏.‏
ولأن الهداية نوعان‏:‏ هداية البيان‏,‏ وهداية التوفيق‏.‏ فالمتقون حصلت لهم الهدايتان‏,‏ وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق‏.‏ وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها‏,‏ ليست هداية حقيقية ‏[‏تامة‏]‏‏.‏
ثم وصف المتقين بالعقائد والأعمال الباطنة‏,‏ والأعمال الظاهرة‏,‏ لتضمن التقوى لذلك فقال‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,3,3))‏ حقيقة الإيمان‏:‏ هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل‏,‏ المتضمن لانقياد الجوارح، وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس‏,‏ فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر‏.‏ إنما الشأن في الإيمان بالغيب‏,‏ الذي لم نره ولم نشاهده‏,‏ وإنما نؤمن به‏,‏ لخبر الله وخبر رسوله‏.‏ فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر‏,‏ لأنه تصديق مجرد لله ورسله‏.‏ فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به‏,‏ أو أخبر به رسوله‏,‏ سواء شاهده‏,‏ أو لم يشاهده وسواء فهمه وعقله‏,‏ أو لم يهتد إليه عقله وفهمه‏.‏ بخلاف الزنادقة والمكذبين بالأمور الغيبية‏,‏ لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتد إليها فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ففسدت عقولهم‏,‏ ومرجت أحلامهم‏.‏ وزكت عقول المؤمنين المصدقين المهتدين بهدى الله‏.‏
ويدخل في الإيمان بالغيب‏,‏ ‏[‏الإيمان بـ‏]‏ بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة‏,‏ وأحوال الآخرة‏,‏ وحقائق أوصاف الله وكيفيتها‏,‏ ‏[‏وما أخبرت به الرسل من ذلك‏]‏ فيؤمنون بصفات الله ووجودها‏,‏ ويتيقنونها‏,‏ وإن لم يفهموا كيفيتها‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ‏}‏ لم يقل‏:‏ يفعلون الصلاة‏,‏ أو يأتون بالصلاة‏,‏ لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة‏.‏ فإقامة الصلاة‏,‏ إقامتها ظاهرا‏,‏ بإتمام أركانها‏,‏ وواجباتها‏,‏ وشروطها‏.‏ وإقامتها باطنا بإقامة روحها‏,‏ وهو حضور القلب فيها‏,‏ وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها‏:‏ ‏{‏إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(28,45,45))‏ وهي التي يترتب عليها الثواب‏.‏ فلا ثواب للإنسان من صلاته‏,‏ إلا ما عقل منها، ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافلها‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,3,3))‏ يدخل فيه النفقات الواجبة كالزكاة‏,‏ والنفقة على الزوجات والأقارب‏,‏ والمماليك ونحو ذلك‏.‏ والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير‏.‏ ولم يذكر المنفق عليهم‏,‏ لكثرة أسبابه وتنوع أهله‏,‏ ولأن النفقة من حيث هي‏,‏ قربة إلى الله، وأتى بـ ‏"‏من‏"‏ الدالة على التبعيض‏,‏ لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم‏,‏ غير ضار لهم ولا مثقل‏,‏ بل ينتفعون هم بإنفاقه‏,‏ وينتفع به إخوانهم‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏رَزَقْنَاهُمْ‏}‏ إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم‏,‏ ليست حاصلة بقوتكم وملككم‏,‏ وإنما هي رزق الله الذي خولكم‏,‏ وأنعم به عليكم، فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده‏,‏ فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم‏,‏ وواسوا إخوانكم المعدمين‏.‏
وكثيرًا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن‏,‏ لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود‏,‏ والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود‏,‏ وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه‏,‏ فلا إخلاص ولا إحسان‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,4,4))‏ وهو القرآن والسنة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(3,113,113))‏ فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول‏,‏ ولا يفرقون بين بعض ما أنزل إليه‏,‏ فيؤمنون ببعضه‏,‏ ولا يؤمنون ببعضه‏,‏ إما بجحده أو تأويله‏,‏ على غير مراد الله ورسوله‏,‏ كما يفعل ذلك من يفعله من المبتدعة‏,‏ الذين يؤولون النصوص الدالة على خلاف قولهم‏,‏ بما حاصله عدم التصديق بمعناها‏,‏ وإن صدقوا بلفظها‏,‏ فلم يؤمنوا بها إيمانا حقيقيا‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,4,4))‏ يشمل الإيمان بالكتب السابقة، ويتضمن الإيمان بالكتب الإيمان بالرسل وبما اشتملت عليه‏,‏ خصوصًا التوراة والإنجيل والزبور، وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بجميع الكتب السماوية وبجميع الرسل فلا يفرقون بين أحد منهم‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,4,4))‏ و ‏"‏الآخرة‏"‏ اسم لما يكون بعد الموت، وخصه ‏[‏بالذكر‏]‏ بعد العموم‏,‏ لأن الإيمان باليوم الآخر‏,‏ أحد أركان الإيمان؛ ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل، و ‏"‏اليقين‏"‏ هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك‏,‏ الموجب للعمل‏.‏
‏{‏أُولَئِكَ‏}‏ أي‏:‏ الموصوفون بتلك الصفات الحميدة ‏{‏عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,5,5))‏ أي‏:‏ على هدى عظيم‏,‏ لأن التنكير للتعظيم، وأي هداية أعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والأعمال المستقيمة، وهل الهداية ‏[‏الحقيقية‏]‏ إلا هدايتهم، وما سواها ‏[‏مما خالفها‏]‏، فهو ضلالة‏.‏
وأتى بـ ‏"‏على‏"‏ في هذا الموضع‏,‏ الدالة على الاستعلاء‏,‏ وفي الضلالة يأتي ب ـ ‏"‏في‏"‏ كما في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(33,24,24))‏ لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى‏,‏ مرتفع به‏,‏ وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,5,5))‏ والفلاح ‏[‏هو‏]‏ الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، حصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم‏,‏ وما عدا تلك السبيل‏,‏ فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها إلى الهلاك‏.‏
‏[‏6 ـ 7‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,6,7))‏
فلهذا لما ذكر صفات المؤمنين حقًا‏,‏ ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم، المعاندين للرسول فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,6,6))‏ يخبر تعالى أن الذين كفروا‏,‏ أي‏:‏ اتصفوا بالكفر‏,‏ وانصبغوا به‏,‏ وصار وصفًا لهم لازمًا‏,‏ لا يردعهم عنه رادع‏,‏ ولا ينجع فيهم وعظ، إنهم مستمرون على كفرهم‏,‏ فسواء عليهم أأنذرتهم‏,‏ أم لم تنذرهم لا يؤمنون، وحقيقة الكفر‏:‏ هو الجحود لما جاء به الرسول‏,‏ أو جحد بعضه، فهؤلاء الكفار لا تفيدهم الدعوة إلا إقامة الحجة‏,‏ وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في إيمانهم‏,‏ وأنك لا تأس عليهم‏,‏ ولا تذهب نفسك عليهم حسرات‏.‏
ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان فقال‏:‏ ‏{‏خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,7,7))‏ أي‏:‏ طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان‏,‏ ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم‏,‏ ولا يسمعون ما يفيدهم‏.‏
‏{‏وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,7,7))‏ أي‏:‏ غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم‏,‏ وهذه طرق العلم والخير‏,‏ قد سدت عليهم‏,‏ فلا مطمع فيهم‏,‏ ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك‏,‏ وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق‏,‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(5,110,110))‏ وهذا عقاب عاجل‏.‏
ثم ذكر العقاب الآجل، فقال‏:‏ ‏{‏وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,7,7))‏ وهو عذاب النار‏,‏ وسخط الجبار المستمر الدائم‏.‏
ثم قال تعالى في وصف المنافقين الذين ظاهرهم الإسلام وباطنهم الكفر فقال‏:‏
‏[‏8 ـ 10‏]‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,8,10))‏
واعلم أن النفاق هو‏:‏ إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي‏,‏ والنفاق العملي، كالذي ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله‏:‏ ‏(‏آية المنافق ثلات‏:‏ إذا حدث كذب‏,‏ وإذا وعد أخلف‏,‏ وإذا اؤتمن خان‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏وإذا خاصم فجر‏)‏‏.‏
وأما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الإسلام‏,‏ فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها، ولم يكن النفاق موجودًا قبل هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏[‏من مكة‏]‏ إلى المدينة‏,‏ وبعد أن هاجر‏,‏ فلما كانت وقعة ‏"‏بدر‏"‏ وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم‏,‏ فأظهر بعضهم الإسلام خوفًا ومخادعة‏,‏ ولتحقن دماؤهم‏,‏ وتسلم أموالهم‏,‏ فكانوا بين أظهر المسلمين في الظاهر أنهم منهم‏,‏ وفي الحقيقة ليسوا منهم‏.‏
فمن لطف الله بالمؤمنين‏,‏ أن جلا أحوالهم ووصفهم بأوصاف يتميزون بها‏,‏ لئلا يغتر بهم المؤمنون‏,‏ ولينقمعوا أيضًا عن كثير من فجورهم ‏[‏قال تعالى‏]‏‏:‏ ‏{‏يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(8,64,64))‏ فوصفهم الله بأصل النفاق فقال‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,8,8))‏ فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,8,8))‏ لأن الإيمان الحقيقي‏,‏ ما تواطأ عليه القلب واللسان‏,‏ وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين‏.‏
والمخادعة‏:‏ أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئًا‏,‏ ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع، فهؤلاء المنافقون‏,‏ سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك‏,‏ فعاد خداعهم على أنفسهم، فإن هذا من العجائب؛ لأن المخادع‏,‏ إما أن ينتج خداعه ويحصل له ما يريد أو يسلم‏,‏ لا له ولا عليه، وهؤلاء عاد خداعهم عليهم‏,‏ وكأنهم يعملون ما يعملون من المكر لإهلاك أنفسهم وإضرارها وكيدها؛ لأن الله تعالى لا يتضرر بخداعهم ‏[‏شيئًا‏]‏ وعباده المؤمنون‏,‏ لا يضرهم كيدهم شيئًا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان‏,‏ فسلمت بذلك أموالهم وحقنت دماؤهم‏,‏ وصار كيدهم في نحورهم‏,‏ وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا‏,‏ والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة‏.‏
ثم في الآخرة لهم العذاب الأليم الموجع المفجع‏,‏ بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم‏,‏ والحال أنهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,10,10))‏ والمراد بالمرض هنا‏:‏ مرض الشك والشبهات والنفاق، لأن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله‏:‏ مرض الشبهات الباطلة‏,‏ ومرض الشهوات المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع‏,‏ كلها من مرض الشبهات، والزنا‏,‏ ومحبة ‏[‏الفواحش و‏]‏ المعاصي وفعلها‏,‏ من مرض الشهوات ، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(32,32,32))‏ وهي شهوة الزنا، والمعافى من عوفي من هذين المرضين‏,‏ فحصل له اليقين والإيمان‏,‏ والصبر عن كل معصية‏,‏ فرفل في أثواب العافية‏.‏
وفي قوله عن المنافقين‏:‏ ‏{‏فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,10,10))‏ بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين‏,‏ وأنه بسبب ذنوبهم السابقة‏,‏ يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(5,110,110))‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(60,5,5))‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(8,125,125))‏ فعقوبة المعصية‏,‏ المعصية بعدها‏,‏ كما أن من ثواب الحسنة‏,‏ الحسنة بعدها، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى‏} (http://javascript<b></b>:openquran(18,76,76))‏

‏[‏11 ـ 12‏]‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,11,12))‏
أي‏:‏ إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض‏,‏ وهو العمل بالكفر والمعاصي‏,‏ ومنه إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين ‏{‏قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,11,11))‏ فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض‏,‏ وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح‏,‏ قلبا للحقائق‏,‏ وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقًا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية‏,‏ مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة‏,‏ وأرجى لرجوعه‏.‏
ولما كان في قولهم‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,11,11))‏ حصر للإصلاح في جانبهم ـ وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح ـ قلب الله عليهم دعواهم بقوله‏:‏ ‏{‏ألا إنهم هم المفسدون‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,12,12))‏ فإنه لا أعظم فسادًا ممن كفر بآيات الله‏,‏ وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه‏,‏ ووالى المحاربين لله ورسوله‏,‏ وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح‏,‏ فهل بعد هذا الفساد فساد‏؟‏ ولكن لا يعلمون علمًا ينفعهم‏,‏ وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة الله، وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادًا‏,‏ لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار‏,‏ والنبات‏,‏ بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به‏,‏ لهذا خلق الله الخلق‏,‏ وأسكنهم في الأرض‏,‏ وأدر لهم الأرزاق‏,‏ ليستعينوا بها على طاعته ‏[‏وعبادته‏]‏، فإذا عمل فيها بضده‏,‏ كان سعيا فيها بالفساد فيها‏,‏ وإخرابا لها عما خلقت له‏.‏
‏[‏13‏]‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,13,13))‏
أي‏:‏ إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس‏,‏ أي‏:‏ كإيمان الصحابة رضي الله عنهم، وهو الإيمان بالقلب واللسان‏,‏ قالوا بزعمهم الباطل‏:‏ أنؤمن كما آمن السفهاء‏؟‏ يعنون ـ قبحهم الله ـ الصحابة رضي الله عنهم‏,‏ بزعمهم أن سفههم أوجب لهم الإيمان‏,‏ وترك الأوطان‏,‏ ومعاداة الكفار، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك‏,‏ فنسبوهم إلى السفه‏;‏ وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى‏.‏
فرد الله ذلك عليهم‏,‏ وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة‏,‏ لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه‏,‏ وسعيه فيما يضرها‏,‏ وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم، كما أن العقل والحجا‏,‏ معرفة الإنسان بمصالح نفسه‏,‏ والسعي فيما ينفعه‏,‏ و‏[‏في‏]‏ دفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على ‏[‏الصحابة و‏]‏المؤمنين وصادقة عليهم، فالعبرة بالأوصاف والبرهان‏,‏ لا بالدعاوى المجردة‏,‏ والأقوال الفارغة‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏[‏14 ـ 15‏]‏ ‏{‏وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,14,15))‏
هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و‏[‏ذلك‏]‏ أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين‏,‏ أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم‏,‏ فإذا خلوا إلى شياطينهم ـ أي‏:‏ رؤسائهم وكبرائهم في الشر ـ قالوا‏:‏ إنا معكم في الحقيقة‏,‏ وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم‏,‏ أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة‏,‏ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله‏.‏
قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,15,15))‏ وهذا جزاء لهم‏,‏ على استهزائهم بعباده، فمن استهزائه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة‏,‏ حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين‏,‏ لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم، ومن استهزائه بهم يوم القيامة‏,‏ أنه يعطيهم مع المؤمنين نورا ظاهرا‏,‏ فإذا مشي المؤمنون بنورهم‏,‏ طفئ نور المنافقين‏,‏ وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين‏,‏ فما أعظم اليأس بعد الطمع، ‏{‏يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(56,14,14))‏ الآية‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَيَمُدُّهُمْ‏}‏ أي‏:‏ يزيدهم ‏{‏فِي طُغْيَانِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ فجورهم وكفرهم، ‏{‏يَعْمَهُونَ‏}‏ أي‏:‏ حائرون مترددون‏,‏ وهذا من استهزائه تعالى بهم‏.‏
ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة أحوالهم‏:‏
‏[‏16‏]‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,16,16))‏
أولئك‏,‏ أي‏:‏ المنافقون الموصوفون بتلك الصفات ‏{‏الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,16,16))‏ أي‏:‏ رغبوا في الضلالة‏,‏ رغبة المشتري بالسلعة‏,‏ التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة‏.‏ وهذا من أحسن الأمثلة‏,‏ فإنه جعل الضلالة‏,‏ التي هي غاية الشر‏,‏ كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبة عنه بالضلالة رغبة فيها، فهذه تجارتهم‏,‏ فبئس التجارة‏,‏ وبئس الصفقة صفقتهم وإذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا‏,‏ فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما‏؟‏ فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة‏,‏ واختار الشقاء على السعادة‏,‏ ورغب في سافل الأمور عن عاليها ‏؟‏ فما ربحت تجارته‏,‏ بل خسر فيها أعظم خسارة‏.‏ ‏{‏قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(38,15,15))‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,16,16))‏ تحقيق لضلالهم‏,‏ وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء‏,‏ فهذه أوصافهم القبيحة‏.‏
ثم ذكر مثلهم الكاشف لها غاية الكشف، فقال‏:‏
‏[‏17 ـ 20‏]‏ ‏{‏مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,17,20))‏
أي‏:‏ مثلهم المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارًا، أي‏:‏ كان في ظلمة عظيمة‏,‏ وحاجة إلى النار شديدة فاستوقدها من غيره‏,‏ ولم تكن عنده معدة‏,‏ بل هي خارجة عنه، فلما أضاءت النار ما حوله‏,‏ ونظر المحل الذي هو فيه‏,‏ وما فيه من المخاوف وأمنها‏,‏ وانتفع بتلك النار‏,‏ وقرت بها عينه‏,‏ وظن أنه قادر عليها‏,‏ فبينما هو كذلك‏,‏ إذ ذهب الله بنوره‏,‏ فذهب عنه النور‏,‏ وذهب معه السرور‏,‏ وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة‏,‏ فذهب ما فيها من الإشراق‏,‏ وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة‏:‏ ظلمة الليل‏,‏ وظلمة السحاب‏,‏ وظلمة المطر‏,‏ والظلمة الحاصلة بعد النور‏,‏ فكيف يكون حال هذا الموصوف‏؟‏ فكذلك هؤلاء المنافقون‏,‏ استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين‏,‏ ولم تكن صفة لهم‏,‏ فانتفعوا بها وحقنت بذلك دماؤهم‏,‏ وسلمت أموالهم‏,‏ وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم على ذلك إذ هجم عليهم الموت‏,‏ فسلبهم الانتفاع بذلك النور‏,‏ وحصل لهم كل هم وغم وعذاب‏,‏ وحصل لهم ظلمة القبر‏,‏ وظلمة الكفر‏,‏ وظلمة النفاق‏,‏ وظلم المعاصي على اختلاف أنواعها‏,‏ وبعد ذلك ظلمة النار ‏[‏وبئس القرار‏]‏‏.‏
فلهذا قال تعالى ‏[‏عنهم‏]‏‏:‏ ‏{‏صُمٌّ‏}‏ أي‏:‏ عن سماع الخير، ‏{‏بُكْمٌ‏}‏ ‏[‏أي‏]‏‏:‏ عن النطق به، ‏{‏عُمْيٌ‏}‏ عن رؤية الحق، ‏{‏فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,18,18))‏ لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه‏,‏ فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال‏,‏ فإنه لا يعقل‏,‏ وهو أقرب رجوعا منهم‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,19,19))‏ يعني‏:‏ أو مثلهم كصيب، أي‏:‏ كصاحب صيب من السماء، وهو المطر الذي يصوب‏,‏ أي‏:‏ ينزل بكثرة، ‏{‏فِيهِ ظُلُمَاتٌ‏}‏ ظلمة الليل‏,‏ وظلمة السحاب‏,‏ وظلمات المطر، ‏{‏وَرَعْدٌ‏}‏ وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، ‏{‏وَبَرْقٌ‏}‏ وهو الضوء ‏[‏اللامع‏]‏ المشاهد مع السحاب‏.‏
‏{‏كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,20,20))‏ البرق في تلك الظلمات ‏{‏مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,20,20))‏ أي‏:‏ وقفوا‏.‏
فهكذا حال المنافقين‏,‏ إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده‏,‏ جعلوا أصابعهم في آذانهم‏,‏ وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده‏,‏ فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم‏,‏ ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد‏,‏ ويجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت‏,‏ فهذا تمكن له السلامة‏.‏ وأما المنافقون فأنى لهم السلامة‏,‏ وهو تعالى محيط بهم‏,‏ قدرة وعلما فلا يفوتونه ولا يعجزونه‏,‏ بل يحفظ عليهم أعمالهم‏,‏ ويجازيهم عليها أتم الجزاء‏.‏
ولما كانوا مبتلين بالصمم‏,‏ والبكم‏,‏ والعمى المعنوي‏,‏ ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,20,20))‏ أي‏:‏ الحسية‏,‏ ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية‏,‏ ليحذروا‏,‏ فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,20,20))‏ فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئًا فعله من غير ممانع ولا معارض‏.‏
وفي هذه الآية وما أشبهها‏,‏ رد على القدرية القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى‏,‏ لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,20,20))‏
‏[‏21 ـ 22‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,21,22))‏
هذا أمر عام لكل الناس‏,‏ بأمر عام‏,‏ وهو العبادة الجامعة‏,‏ لامتثال أوامر الله‏,‏ واجتناب نواهيه‏,‏ وتصديق خبره‏,‏ فأمرهم تعالى بما خلقهم له، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(50,56,56))‏
ثم استدل على وجوب عبادته وحده‏,‏ بأنه ربكم الذي رباكم بأصناف النعم‏,‏ فخلقكم بعد العدم‏,‏ وخلق الذين من قبلكم‏,‏ وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة‏,‏ فجعل لكم الأرض فراشا تستقرون عليها‏,‏ وتنتفعون بالأبنية‏,‏ والزراعة‏,‏ والحراثة‏,‏ والسلوك من محل إلى محل‏,‏ وغير ذلك من أنواع الانتفاع بها، وجعل السماء بناء لمسكنكم‏,‏ وأودع فيها من المنافع ما هو من ضروراتكم وحاجاتكم‏,‏ كالشمس‏,‏ والقمر‏,‏ والنجوم‏.‏
‏{‏وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,22,22))‏ والسماء‏:‏ ‏[‏هو‏]‏ كل ما علا فوقك فهو سماء‏,‏ ولهذا قال المفسرون‏:‏ المراد بالسماء ها هنا‏:‏ السحاب، فأنزل منه تعالى ماء، ‏{‏فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,22,22))‏ كالحبوب‏,‏ والثمار‏,‏ من نخيل‏,‏ وفواكه‏,‏ ‏[‏وزروع‏]‏ وغيرها ‏{‏رِزْقًا لَكُمْ‏}‏ به ترتزقون‏,‏ وتقوتون وتعيشون وتفكهون‏.‏
‏{‏فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,22,22))‏ أي‏:‏ نظراء وأشباها من المخلوقين‏,‏ فتعبدونهم كما تعبدون الله‏,‏ وتحبونهم كما تحبون الله‏,‏ وهم مثلكم‏,‏ مخلوقون‏,‏ مرزوقون مدبرون‏,‏ لا يملكون مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض، ولا ينفعونكم ولا يضرون، ‏{‏وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏ أن الله ليس له شريك‏,‏ ولا نظير‏,‏ لا في الخلق‏,‏ والرزق‏,‏ والتدبير‏,‏ ولا في العبادة فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك‏؟‏ هذا من أعجب العجب‏,‏ وأسفه السفه‏.‏
وهذه الآية جمعت بين الأمر بعبادة الله وحده‏,‏ والنهي عن عبادة ما سواه‏,‏ وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته‏,‏ وبطلان عبادة من سواه‏,‏ وهو ‏[‏ذكر‏]‏ توحيد الربوبية‏,‏ المتضمن لانفراده بالخلق والرزق والتدبير، فإذا كان كل أحد مقرا بأنه ليس له شريك في ذلك‏,‏ فكذلك فليكن إقراره بأن ‏[‏الله‏]‏ لا شريك له في العبادة‏,‏ وهذا أوضح دليل عقلي على وحدانية الباري، وبطلان الشرك‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏ يحتمل أن المعنى‏:‏ أنكم إذا عبدتم الله وحده‏,‏ اتقيتم بذلك سخطه وعذابه‏,‏ لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك، ويحتمل أن يكون المعنى‏:‏ أنكم إذا عبدتم الله‏,‏ صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى‏,‏ وكلا المعنيين صحيح‏,‏ وهما متلازمان، فمن أتى بالعبادة كاملة‏,‏ كان من المتقين، ومن كان من المتقين‏,‏ حصلت له النجاة من عذاب الله وسخطه‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏
‏[‏23 ـ 24‏]‏ ‏{‏وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,23,24))‏
وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحة ما جاء به، فقال‏:‏ ‏{‏وإن كنتم‏}‏ معشر المعاندين للرسول‏,‏ الرادين دعوته‏,‏ الزاعمين كذبه في شك واشتباه‏,‏ مما نزلنا على عبدنا‏,‏ هل هو حق أو غيره‏؟‏ فها هنا أمر نصف، فيه الفيصلة بينكم وبينه، وهو أنه بشر مثلكم‏,‏ ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم‏,‏ لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله‏,‏ وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه، فإن كان الأمر كما تقولون‏,‏ فأتوا بسورة من مثله‏,‏ واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم‏,‏ فإن هذا أمر يسير عليكم، خصوصًا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة‏,‏ والعداوة العظيمة للرسول، فإن جئتم بسورة من مثله‏,‏ فهو كما زعمتم‏,‏ وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز‏,‏ ولن تأتوا بسورة من مثله، ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم، فهذا آية كبرى‏,‏ ودليل واضح ‏[‏جلي‏]‏ على صدقه وصدق ما جاء به‏,‏ فيتعين عليكم اتباعه‏,‏ واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة ‏[‏والشدة‏]‏‏,‏ أن كانت وقودها الناس والحجارة‏,‏ ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب‏,‏ وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله‏.‏ فاحذروا الكفر برسوله‏,‏ بعد ما تبين لكم أنه رسول الله‏.‏
وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي‏,‏ وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال تعالى ‏{‏قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(16,88,88))‏
وكيف يقدر المخلوق من تراب‏,‏ أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب‏؟‏ أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه‏,‏ أن يأتي بكلام ككلام الكامل‏,‏ الذي له الكمال المطلق‏,‏ والغنى الواسع من كل الوجوه‏؟‏ هذا ليس في الإمكان‏,‏ ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة ‏[‏بأنواع‏]‏ الكلام‏,‏ إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء‏,‏ ظهر له الفرق العظيم‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,23,23))‏ إلى آخره‏,‏ دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة‏:‏ ‏[‏هو‏]‏ الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال، فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق‏.‏
وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه‏,‏ فهذا لا يمكن رجوعه‏,‏ لأنه ترك الحق بعد ما تبين له‏,‏ لم يتركه عن جهل‏,‏ فلا حيلة فيه‏.‏
وكذلك الشاك غير الصادق في طلب الحق‏,‏ بل هو معرض غير مجتهد في طلبه‏,‏ فهذا في الغالب أنه لا يوفق‏.‏
وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم‏,‏ دليل على أن أعظم أوصافه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيامه بالعبودية‏,‏ التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين‏.‏
كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء، فقال‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(16,1,1))‏ وفي مقام الإنزال، فقال‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(24,1,1))‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏}‏ ونحوها من الآيات‏,‏ دليل لمذهب أهل السنة والجماعة‏,‏ أن الجنة والنار مخلوقتان خلافا للمعتزلة، وفيها أيضًا‏,‏ أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يخلدون في النار‏,‏ لأنه قال‏:‏ ‏{‏أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏}‏ فلو كان ‏[‏عصاة الموحدين‏]‏ يخلدون فيها‏,‏ لم تكن معدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة‏.‏
وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه‏,‏ وهو الكفر‏,‏ وأنواع المعاصي على اختلافها‏.‏
‏[‏25‏]‏ ‏{‏وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,25,25))‏
لما ذكر جزاء الكافرين‏,‏ ذكر جزاء المؤمنين‏,‏ أهل الأعمال الصالحات‏,‏ على طريقته تعالى في القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب‏,‏ ليكون العبد راغبا راهبا‏,‏ خائفا راجيا فقال‏:‏ ‏{‏وَبَشِّرِ‏}‏ أي‏:‏ ‏[‏يا أيها الرسول ومن قام مقامه‏]‏ ‏{‏الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ بقلوبهم ‏{‏وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏ بجوارحهم‏,‏ فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة‏.‏
ووصفت أعمال الخير بالصالحات‏,‏ لأن بها تصلح أحوال العبد‏,‏ وأمور دينه ودنياه‏,‏ وحياته الدنيوية والأخروية‏,‏ ويزول بها عنه فساد الأحوال‏,‏ فيكون بذلك من الصالحين‏,‏ الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته‏.‏
فبشرهم ‏{‏أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,25,25))‏ أي‏:‏ بساتين جامعة من الأشجار العجيبة‏,‏ والثمار الأنيقة‏,‏ والظل المديد‏,‏ ‏[‏والأغصان والأفنان وبذلك‏]‏ صارت جنة يجتن بها داخلها‏,‏ وينعم فيها ساكنها‏.‏
‏{‏تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,25,25))‏ أي‏:‏ أنهار الماء‏,‏ واللبن‏,‏ والعسل‏,‏ والخمر، يفجرونها كيف شاءوا‏,‏ ويصرفونها أين أرادوا‏,‏ وتشرب منها تلك الأشجار فتنبت أصناف الثمار‏.‏
‏{‏كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,25,25))‏ أي‏:‏ هذا من جنسه‏,‏ وعلى وصفه‏,‏ كلها متشابهة في الحسن واللذة، ليس فيها ثمرة خاصة‏,‏ وليس لهم وقت خال من اللذة‏,‏ فهم دائما متلذذون بأكلها‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,25,25))‏ قيل‏:‏ متشابها في الاسم‏,‏ مختلف الطعوم وقيل‏:‏ متشابها في اللون‏,‏ مختلفا في الاسم، وقيل‏:‏ يشبه بعضه بعضًا‏,‏ في الحسن‏,‏ واللذة‏,‏ والفكاهة‏,‏ ولعل هذا الصحيح

ثم لما ذكر مسكنهم‏,‏ وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم‏,‏ ذكر أزواجهم‏,‏ فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه‏,‏ وأوضحه فقال‏:‏ ‏{‏وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ‏} (http://javascript<b></b>:openquran(1,25,25))‏ فلم يقل‏:‏ ‏"‏مطهرة من العيب الفلاني‏"‏ ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق‏,‏ مطهرات الخلق‏,‏ مطهرات اللسان‏,‏ مطهرات الأبصار، فأخلاقهن‏,‏ أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن‏,‏ وحسن التبعل‏,‏ والأدب القولي والفعلي‏,‏ ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني‏,‏ والبول والغائط‏,‏ والمخاط والبصاق‏,‏ والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضًا‏,‏ بكمال الجمال‏,‏ فليس فيهن عيب‏,‏ ولا دمامة خلق‏,‏ بل هن خيرات حسان‏,‏ مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن‏,‏ وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح‏.‏
ففي هذه الآية الكريمة‏,‏ ذكر المبشِّر والمبشَّر‏,‏ والمبشَّرُ به‏,‏ والسبب الموصل لهذه البشارة، فالمبشِّر‏:‏ هو الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن قام مقامه من أمته، والمبشَّر‏:‏ هم المؤمنون العاملون الصالحات، والمبشَّر به‏:‏ هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات، والسبب الموصل لذلك‏,‏ هو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة‏,‏ إلا بهما، وهذا أعظم بشارة حاصلة‏,‏ على يد أفضل الخلق‏,‏ بأفضل الأسباب‏.‏




وقد قمت بقراءة التفسير ثم عملت نسخ و إلصاق فلست أنا من قام بكتابته فهل هذا ممكن
اللهم إني أسألك بإسمك الأعظم أن توفقني و أخواتي على حفظ كتابك وأن تجعله حجة لنا لا علينا آمين

{~جوود~}
09-05-2009, 05:02 PM
دعدووووووووعه ... حياك الله ليش لا ! ..

كل شيء يمدي ... :)

نورجيجل الله يجزاك خير ..

أم نذر رائع ما شاء الله عليك .. الله يوفقك ’(

oum moundir
12-05-2009, 06:42 PM
السلام عليكم
شكرا لك جود على التشجيع
تم اليوم التفسير من 65إلى 78و الحمد لله
ربي اجعل أعمالنا خالصة لك
التفسير


ـ 66‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ‏} (javascript:openquran(1,65,66))‏

أي‏:‏ ولقد تقرر عندكم حالة ‏{‏الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ‏} (javascript:openquran(1,65,65))‏ وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة الأعراف في قوله‏:‏ ‏{‏وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ‏} (javascript:openquran(6,163,163))‏ الآيات‏.‏
فأوجب لهم هذا الذنب العظيم‏,‏ أن غضب الله عليهم وجعلهم ‏{‏قِرَدَةً خَاسِئِينَ‏}‏ حقيرين ذليلين‏.‏
وجعل الله هذه العقوبة ‏{‏نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا‏} (javascript:openquran(1,62,62))‏ أي‏:‏ لمن حضرها من الأمم‏,‏ وبلغه خبرها‏,‏ ممن هو في وقتهم‏.‏ ‏{‏وَمَا خَلْفَهَا‏}‏ أي‏:‏ من بعدهم‏,‏ فتقوم على العباد حجة الله‏,‏ وليرتدعوا عن معاصيه‏,‏ ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين، وأما من عداهم فلا ينتفعون بالآيات‏.‏
‏[‏67 ـ 74‏]‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏} (javascript:openquran(1,67,74))‏
أي‏:‏ واذكروا ما جرى لكم مع موسى‏,‏ حين قتلتم قتيلاً‏,‏ وادارأتم فيه‏,‏ أي‏:‏ تدافعتم واختلفتم في قاتله‏,‏ حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد ـ لولا تبيين الله لكم ـ يحدث بينكم شر كبير، فقال لكم موسى في تبيين القاتل‏:‏ اذبحوا بقرة، وكان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره‏,‏ وعدم الاعتراض عليه، ولكنهم أبوا إلا الاعتراض‏,‏ فقالوا‏:‏ ‏{‏أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا‏}‏ فقال نبي الله‏:‏ ‏{‏أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ‏} (javascript:openquran(1,67,67))‏ فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه‏,‏ وهو الذي يستهزئ بالناس، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل‏,‏ استهزاءه بمن هو آدمي مثله، وإن كان قد فضل عليه‏,‏ فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه‏,‏ والرحمة لعباده‏.‏ فلما قال لهم موسى ذلك‏,‏ علموا أن ذلك صدق فقالوا‏:‏ ‏{‏ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ‏} (javascript:openquran(1,68,68))‏
أي‏:‏ ما سنها‏؟‏ ‏{‏قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ‏} (javascript:openquran(1,68,68))‏ أي‏:‏ كبيرة ‏{‏وَلَا بِكْرٌ‏}‏ أي‏:‏ صغيرة ‏{‏عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ‏} (javascript:openquran(1,68,68))‏ واتركوا التشديد والتعنت‏.‏
‏{‏قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا‏} (javascript:openquran(1,69,69))‏ أي‏:‏ شديد ‏{‏تَسُرُّ النَّاظِرِينَ‏}‏ من حسنها‏.‏
‏{‏قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا‏} (javascript:openquran(1,70,70))‏ فلم نهتد إلى ما تريد ‏{‏وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ‏} (javascript:openquran(1,70,70))‏
‏{‏قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ‏} (javascript:openquran(1,71,71))‏ أي‏:‏ مذللة بالعمل، ‏{‏تُثِيرُ الْأَرْضَ‏}‏ بالحراثة ‏{‏وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ‏} (javascript:openquran(1,71,71))‏ أي‏:‏ ليست بساقية، ‏{‏مُسَلَّمَةٌ‏}‏ من العيوب أو من العمل ‏{‏لَا شِيَةَ فِيهَا‏} (javascript:openquran(1,71,71))‏ أي‏:‏ لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم‏.‏
‏{‏قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ‏} (javascript:openquran(1,71,71))‏ أي‏:‏ بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم‏,‏ وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة، فلو أنهم اعترضوا أي‏:‏ بقرة لحصل المقصود‏,‏ ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم‏,‏ ولو لم يقولوا ‏"‏إن شاء الله‏"‏ لم يهتدوا أيضًا إليها، ‏{‏فَذَبَحُوهَا‏}‏ أي‏:‏ البقرة التي وصفت بتلك الصفات، ‏{‏وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ‏} (javascript:openquran(1,71,71))‏ بسبب التعنت الذي جرى منهم‏.‏
فلما ذبحوها‏,‏ قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها‏,‏ أي‏:‏ بعضو منها‏,‏ إما معين‏,‏ أو أي عضو منها‏,‏ فليس في تعيينه فائدة‏,‏ فضربوه ببعضها فأحياه الله‏,‏ وأخرج ما كانوا يكتمون‏,‏ فأخبر بقاتله، وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى، ‏{‏لعلكم تعقلون‏}‏ فتنزجرون عن ما يضركم‏.‏
‏{‏ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ‏} (javascript:openquran(1,74,74))‏ أي‏:‏ اشتدت وغلظت‏,‏ فلم تؤثر فيها الموعظة، ‏{‏مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ‏} (javascript:openquran(1,52,52))‏ أي‏:‏ من بعد ما أنعم عليكم بالنعم العظيمة وأراكم الآيات، ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم‏,‏ لأن ما شاهدتم‏,‏ مما يوجب رقة القلب وانقياده، ثم وصف قسوتها بأنها ‏{‏كَالْحِجَارَةِ‏}‏ التي هي أشد قسوة من الحديد، لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار‏,‏ ذاب بخلاف الأحجار‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً‏} (javascript:openquran(1,74,74))‏ أي‏:‏ إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار، وليست ‏"‏أو‏"‏ بمعنى ‏"‏بل‏"‏ ثم ذكر فضيلة الأحجار على قلوبهم، فقال‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏} (javascript:openquran(1,74,74))‏ فبهذه الأمور فضلت قلوبكم‏.‏ ثم توعدهم تعالى أشد الوعيد فقال‏:‏ ‏{‏وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏} (javascript:openquran(1,74,74))‏ بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها‏,‏ وسيجازيكم على ذلك أتم الجزاء وأوفاه‏.‏
واعلم أن كثيرًا من المفسرين رحمهم الله‏,‏ قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل‏,‏ ونزلوا عليها الآيات القرآنية‏,‏ وجعلوها تفسيرا لكتاب الله‏,‏ محتجين بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج‏)‏
والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة‏,‏ ولا منزلة على كتاب الله‏,‏ فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك أن مرتبتها كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم‏)‏ فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها‏,‏ وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه، فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة‏,‏ التي يغلب على الظن كذبها أو كذب أكثرها‏,‏ معاني لكتاب الله‏,‏ مقطوعا بها ولا يستريب بهذا أحد، ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل، والله الموفق‏.‏
‏[‏75 ـ 78‏]‏ ‏{‏أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ *
أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ‏}‏ (javascript:openquran(1,75,78))
هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب‏,‏ أي‏:‏ فلا تطمعوا في إيمانهم وحالتهم لا تقتضي الطمع فيهم‏,‏ فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه‏,‏ فيضعون له معاني ما أرادها الله‏,‏ ليوهموا الناس أنها من عند الله‏,‏ وما هي من عند الله، فإذا كانت هذه حالهم في كتابهم الذي يرونه شرفهم ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله‏,‏ فكيف يرجى منهم إيمان لكم‏؟‏‏!‏ فهذا من أبعد الأشياء‏.‏
ثم ذكر حال منافقي أهل الكتاب فقال‏:‏ ‏{‏وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا‏} (javascript:openquran(1,14,14))‏ فأظهروا لهم الإيمان قولا بألسنتهم‏,‏ ما ليس في قلوبهم، ‏{‏وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ‏} (javascript:openquran(1,76,76))‏ فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم، قال بعضهم لبعض‏:‏ ‏{‏أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ‏} (javascript:openquran(1,76,76))‏ أي‏:‏ أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم‏,‏ فيكون ذلك حجة لهم عليكم‏؟‏
يقولون‏:‏ إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق‏,‏ وما هم عليه باطل‏,‏ فيحتجون عليكم بذلك عند ربكم ‏{‏أَفَلَا تَعْقِلُونَ‏}‏ أي‏:‏ أفلا يكون لكم عقل‏,‏ فتتركون ما هو حجة عليكم‏؟‏ هذا يقوله بعضهم لبعض‏.‏
‏{‏أَوَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ‏}‏ (javascript:openquran(1,77,77)) فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم‏,‏ وزعموا أنهم بإسرارهم لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين‏,‏ فإن هذا غلط منهم وجهل كبير‏,‏ فإن الله يعلم سرهم وعلنهم‏,‏ فيظهر لعباده ما أنتم عليه‏.‏
‏{‏وَمِنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ من أهل الكتاب ‏{‏أُمِّيُّونَ‏}‏ أي‏:‏ عوام‏,‏ ليسوا من أهل العلم، ‏{‏لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ‏} (javascript:openquran(1,78,78))‏ أي‏:‏ ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط‏,‏ وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم‏,‏ وهؤلاء إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم‏.‏
فذكر في هذه الآيات علماءهم‏,‏ وعوامهم‏,‏ ومنافقيهم‏,‏ ومن لم ينافق منهم‏,‏ فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال، والعوام مقلدون لهم‏,‏ لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين‏.‏

oum moundir
13-05-2009, 02:24 PM
السلام عليكم
وين بنات يلا عايزين همة
ربي يوفقنا أجمعين

{~جوود~}
14-05-2009, 02:10 AM
ما شاء الله عليك يا أم منذر ...

بالنسبة لي توقفت لأني في فترة المراجعه ....

أسأل الله أن يعينك ..

**كلي جروح**
14-05-2009, 07:10 PM
وعليكم السلام

اختي أم منذر بارك الله فيج وجعل الله فى ميزان حسناتك


بنسبه لي حاليا اعيالي عندهم امتحنات اخر اسنه ومشغوله بتدريسهم

يوم الاحد 17 \5 \2009 راح يكون اخر يوم .... وبعده راح اتفرق لحفظ ان شاء الله وراح انزل اتفسير


ودعوتكم لهم بتوفيق والله يسهل عليهم وعلى جميع اطلبه الهم امييييييين

oum moundir
18-05-2009, 11:38 PM
السلام عليكم
تم الحفظ من الآية 157 إلى 169لله الحمد
تم التفسير من الآية 78إلى 90

‏{‏فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ‏} (javascript:openquran(1,79,79))‏

توعد تعالى المحرفين للكتاب‏,‏ الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون‏:‏ ‏{‏هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ‏} (javascript:openquran(1,79,79))‏ وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق‏,‏ وإنما فعلوا ذلك مع علمهم ‏{‏لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا‏} (javascript:openquran(1,79,79))‏ والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل، فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس‏,‏ فظلموهم من وجهين‏:‏ من جهة تلبيس دينهم عليهم‏,‏ ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق‏,‏ بل بأبطل الباطل‏,‏ وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما، ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال‏:‏ ‏{‏فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ‏} (javascript:openquran(1,79,79))‏ أي‏:‏ من التحريف والباطل ‏{‏وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ‏} (javascript:openquran(1,79,79))‏ من الأموال، والويل‏:‏ شدة العذاب والحسرة‏,‏ وفي ضمنها الوعيد الشديد‏.‏
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله‏:‏ ‏{‏أَفَتَطْمَعُونَ‏}‏ إلى ‏{‏يَكْسِبُونَ‏}‏ فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه‏,‏ وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة‏,‏ على ما أصله من البدع الباطلة‏.‏
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني‏,‏ وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه، ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله‏,‏ لينال به دنيا وقال‏:‏ إنه من عند الله‏,‏ مثل أن يقول‏:‏ هذا هو الشرع والدين‏,‏ وهذا معنى الكتاب والسنة‏,‏ وهذا معقول السلف والأئمة‏,‏ وهذا هو أصول الدين‏,‏ الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية، ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة‏,‏ لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله‏.‏
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة‏,‏ كالرافضة‏,‏ وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء‏.‏
‏[‏80 ـ 82‏]‏ ‏{‏وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏} (javascript:openquran(1,80,80))‏
ذكر أفعالهم القبيحة‏,‏ ثم ذكر مع هذا أنهم يزكون أنفسهم‏,‏ ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله‏,‏ والفوز بثوابه‏,‏ وأنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة‏,‏ أي‏:‏ قليلة تعد بالأصابع‏,‏ فجمعوا بين الإساءة والأمن‏.‏
ولما كان هذا مجرد دعوى‏,‏ رد الله تعالى عليهم فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم يا أيها الرسول ‏{‏أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا‏} (javascript:openquran(1,80,80))‏ أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته‏,‏ فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل‏.‏ ‏{‏أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏} (javascript:openquran(1,80,80))‏‏؟‏ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم متوقفة على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما‏:‏ إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا‏,‏ فتكون دعواهم صحيحة‏.‏
وإما أن يكونوا متقولين عليه فتكون كاذبة‏,‏ فيكون أبلغ لخزيهم وعذابهم، وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا‏,‏ لتكذيبهم كثيرًا من الأنبياء‏,‏ حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم‏,‏ ولنكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق، فتعين بذلك أنهم متقولون مختلقون‏,‏ قائلون عليه ما لا يعلمون، والقول عليه بلا علم‏,‏ من أعظم المحرمات‏,‏ وأشنع القبيحات‏.‏
ثم ذكر تعالى حكما عاما لكل أحد‏,‏ يدخل به بنو إسرائيل وغيرهم‏,‏ وهو الحكم الذي لا حكم غيره‏,‏ لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين، فقال‏:‏ ‏{‏بَلَى‏}‏ أي‏:‏ ليس الأمر كما ذكرتم‏,‏ فإنه قول لا حقيقة له، ولكن ‏{‏مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً‏} (javascript:openquran(1,81,81))‏ وهو نكرة في سياق الشرط‏,‏ فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا الشرك‏,‏ بدليل قوله‏:‏ ‏{‏وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ‏} (javascript:openquran(1,81,81))‏ أي‏:‏ أحاطت بعاملها‏,‏ فلم تدع له منفذا‏,‏ وهذا لا يكون إلا الشرك‏,‏ فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته‏.‏
‏{‏فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏} (javascript:openquran(1,81,81))‏ وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية‏,‏ وهي حجة عليهم كما ترى‏,‏ فإنها ظاهرة في الشرك‏,‏ وهكذا كل مبطل يحتج بآية‏,‏ أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه‏.‏
‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ بالله وملائكته‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ واليوم الآخر، ‏{‏وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏ ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين‏:‏ أن تكون خالصة لوجه الله‏,‏ متبعا بها سنة رسوله‏.‏
فحاصل هاتين الآيتين‏,‏ أن أهل النجاة والفوز‏,‏ هم أهل الإيمان والعمل الصالح، والهالكون أهل النار المشركون بالله‏,‏ الكافرون به‏.‏
‏[‏83‏]‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ‏} (javascript:openquran(1,83,83))‏
وهذه الشرائع من أصول الدين‏,‏ التي أمر الله بها في كل شريعة‏,‏ لاشتمالها على المصالح العامة‏,‏ في كل زمان ومكان‏,‏ فلا يدخلها نسخ‏,‏ كأصل الدين، ولهذا أمرنا بها في قوله‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شيئًا‏} (javascript:openquran(3,36,36))‏ إلى آخر الآية‏.‏
فقوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ‏} (javascript:openquran(1,83,83))‏ هذا من قسوتهم أن كل أمر أمروا به‏,‏ استعصوا؛ فلا يقبلونه إلا بالأيمان الغليظة‏,‏ والعهود الموثقة ‏{‏لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ‏} (javascript:openquran(1,83,83))‏ هذا أمر بعبادة الله وحده‏,‏ ونهى عن الشرك به، وهذا أصل الدين‏,‏ فلا تقبل الأعمال كلها إن لم يكن هذا أساسها‏,‏ فهذا حق الله تعالى على عباده‏,‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ أي‏:‏ أحسنوا بالوالدين إحسانا، وهذا يعم كل إحسان قولي وفعلي مما هو إحسان إليهم، وفيه النهي عن الإساءة إلى الوالدين‏,‏ أو عدم الإحسان والإساءة، لأن الواجب الإحسان‏,‏ والأمر بالشيء نهي عن ضده‏.‏
وللإحسان ضدان‏:‏ الإساءة‏,‏ وهي أعظم جرما، وترك الإحسان بدون إساءة‏,‏ وهذا محرم‏,‏ لكن لا يجب أن يلحق بالأول، وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى‏,‏ والمساكين، وتفاصيل الإحسان لا تنحصر بالعد‏,‏ بل تكون بالحد‏,‏ كما تقدم‏.‏
ثم أمر بالإحسان إلى الناس عمومًا فقال‏:‏ ‏{‏وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا‏} (javascript:openquran(1,83,83))‏ ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف‏,‏ ونهيهم عن المنكر‏,‏ وتعليمهم العلم‏,‏ وبذل السلام‏,‏ والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب‏.‏
ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله‏,‏ أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق‏,‏ وهو الإحسان بالقول‏,‏ فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار‏,‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏} (javascript:openquran(28,46,46))‏
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده‏,‏ أن يكون الإنسان نزيها في أقواله وأفعاله‏,‏ غير فاحش ولا بذيء‏,‏ ولا شاتم‏,‏ ولا مخاصم، بل يكون حسن الخلق‏,‏ واسع الحلم‏,‏ مجاملا لكل أحد‏,‏ صبورا على ما يناله من أذى الخلق‏,‏ امتثالا لأمر الله‏,‏ ورجاء لثوابه‏.‏
ثم أمرهم بإقامة الصلاة‏,‏ وإيتاء الزكاة‏,‏ لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود‏,‏ والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد‏.‏
‏{‏ثُمَّ‏}‏ بعد هذا الأمر لكم بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل‏,‏ عرف أن من إحسان الله على عباده أن أمرهم بها‏,‏‏,‏ وتفضل بها عليهم وأخذ المواثيق عليكم ‏{‏تَوَلَّيْتُمْ‏}‏ على وجه الإعراض، لأن المتولي قد يتولى‏,‏ وله نية رجوع إلى ما تولى عنه، وهؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوع في هذه الأوامر، فنعوذ بالله من الخذلان‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ‏} (javascript:openquran(1,83,83))‏ هذا استثناء‏,‏ لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم، فأخبر أن قليلا منهم‏,‏ عصمهم الله وثبتهم‏.‏
‏[‏84 ـ 86‏]‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏ (javascript:openquran(1,84,86))
وهذا الفعل المذكور في هذه الآية‏,‏ فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج ـ وهم الأنصار ـ كانوا قبل مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشركين‏,‏ وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية، فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود‏,‏ بنو قريظة‏,‏ وبنو النضير‏,‏ وبنو قينقاع، فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة‏.‏
فكانوا إذا اقتتلوا أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود‏,‏ فيقتل اليهودي اليهودي‏,‏ ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها‏,‏ وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضًا‏.‏
والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم، ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض‏,‏ ولا يخرج بعضهم بعضًا، وإذا وجدوا أسيرا منهم‏,‏ وجب عليهم فداؤه، فعملوا بالأخير وتركوا الأولين‏,‏ فأنكر الله عليهم ذلك فقال‏:‏ ‏{‏أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ‏} (javascript:openquran(1,85,85))‏ وهو فداء الأسير ‏{‏وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ‏}‏ وهو القتل والإخراج‏.‏
وفيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي، وأن المأمورات من الإيمان، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏} (javascript:openquran(1,85,85))‏ وقد وقع ذلك فأخزاهم الله‏,‏ وسلط رسوله عليهم‏,‏ فقتل من قتل‏,‏ وسبى من سبى منهم‏,‏ وأجلى من أجلى‏.‏
‏{‏وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ‏} (javascript:openquran(1,85,85))‏ أي‏:‏ أعظمه ‏{‏وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏} (javascript:openquran(1,74,74))‏
ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب‏,‏ والإيمان ببعضه فقال‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ‏} (javascript:openquran(1,86,86))‏ توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار‏,‏ فاختاروا النار على العار، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ‏} (javascript:openquran(1,86,86))‏ بل هو باق على شدته‏,‏ ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات، ‏{‏وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏} (javascript:openquran(1,48,48))‏ أي‏:‏ يدفع عنهم مكروه‏.‏
‏[‏87‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ‏} (javascript:openquran(1,87,87))‏
يمتن تعالى على بني إسرائيل أن أرسل لهم كليمه موسى‏,‏ وآتاه التوراة‏,‏ ثم تابع من بعده بالرسل الذين يحكمون بالتوراة‏,‏ إلى أن ختم أنبياءهم بعيسى ابن مريم عليه السلام، وآتاه من الآيات البينات ما يؤمن على مثله البشر، ‏{‏وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ‏} (javascript:openquran(1,87,87))‏ أي‏:‏ قواه الله بروح القدس‏.‏
قال أكثر المفسرين‏:‏ إنه جبريل عليه السلام‏,‏ وقيل‏:‏ إنه الإيمان الذي يؤيد الله به عباده‏.‏
ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها‏,‏ لما أتوكم ‏{‏بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ‏} (javascript:openquran(1,87,87))‏ عن الإيمان بهم، ‏{‏فَفَرِيقًا‏}‏ منهم ‏{‏كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ‏} (javascript:openquran(1,87,87))‏ فقدمتم الهوى على الهدى‏,‏ وآثرتم الدنيا على الآخرة، وفيها من التوبيخ والتشديد ما لا يخفى‏.‏
‏[‏88‏]‏ ‏{‏وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ‏} (javascript:openquran(1,88,88))‏
أي‏:‏ اعتذروا عن الإيمان لما دعوتهم إليه‏,‏ يا أيها الرسول‏,‏ بأن قلوبهم غلف‏,‏ أي‏:‏ عليها غلاف وأغطية‏,‏ فلا تفقه ما تقول، يعني فيكون لهم ـ بزعمهم ـ عذر لعدم العلم‏,‏ وهذا كذب منهم، فلهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ‏} (javascript:openquran(1,88,88))‏ أي‏:‏ أنهم مطرودون ملعونون‏,‏ بسبب كفرهم، فقليلا المؤمن منهم‏,‏ أو قليلا إيمانهم، وكفرهم هو الكثير‏.‏
‏[‏89 ـ 90‏]‏ ‏{‏وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ‏} (javascript:openquran(1,89,90))‏
أي‏:‏ ولما جاءهم كتاب من عند الله على يد أفضل الخلق وخاتم الأنبياء‏,‏ المشتمل على تصديق ما معهم من التوراة‏,‏ وقد علموا به‏,‏ وتيقنوه حتى إنهم كانوا إذا وقع بينهم وبين المشركين في الجاهلية حروب‏,‏ استنصروا بهذا النبي‏,‏ وتوعدوهم بخروجه‏,‏ وأنهم يقاتلون المشركين معه، فلما جاءهم هذا الكتاب والنبي الذي عرفوا‏,‏ كفروا به‏,‏ بغيا وحسدًا‏,‏ أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فلعنهم الله‏,‏ وغضب عليهم غضبا بعد غضب‏,‏ لكثرة كفرهم وتوالى شكهم وشركهم‏.‏
‏{‏وللكافرين عذاب مهين‏} (javascript:openquran(1,90,90))‏ أي‏:‏ مؤلم موجع‏,‏ وهو صلي الجحيم‏,‏ وفوت النعيم المقيم، فبئس الحال حالهم‏,‏ وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الإيمان بالله وكتبه ورسله‏,‏ الكفر به‏,‏ وبكتبه‏,‏ وبرسله‏,‏ مع علمهم وتيقنهم‏,‏ فيكون أعظم لعذابهم‏.‏

oum moundir
20-05-2009, 03:15 PM
السلام عليكم
تم الحفظ من الآية 169 إلى الآية 176 من سورة البقرة و لله الحمد
أرجو من من الله أن يوفق الجميع لحفظ كتابه

**كلي جروح**
21-05-2009, 05:25 PM
بارك الله فيك لم منذر

وجعله الله فى موزين حسناتك

الى الامام ان شاء الله

oum moundir
21-05-2009, 05:38 PM
السلام عليكم
شكرا لك أختي كلي جروح و فيك بارك الله رب يوفقك
تمنياتي للأولاد بالنجاح

oum moundir
23-05-2009, 07:28 PM
السلام عليكم
تم التفسير من الآية 91 إلى الآية 125
الحمدلله


‏[‏91 ـ 93‏] ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏} (javascript:openquran(1,91,93))‏
أي‏:‏ وإذا أمر اليهود بالإيمان بما أنزل الله على رسوله‏,‏ وهو القرآن استكبروا وعتوا‏,‏ و‏{‏قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ‏} (javascript:openquran(1,91,91))‏ أي‏:‏ بما سواه من الكتب، مع أن الواجب أن يؤمن بما أنزل الله مطلقا‏,‏ سواء أنزل عليهم‏,‏ أو على غيرهم‏,‏ وهذا هو الإيمان النافع‏,‏ الإيمان بما أنزل الله على جميع رسل الله‏.‏
وأما التفريق بين الرسل والكتب‏,‏ وزعم الإيمان ببعضها دون بعض‏,‏ فهذا ليس بإيمان‏,‏ بل هو الكفر بعينه‏,‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا‏} (javascript:openquran(3,150,150))‏
ولهذا رد عليهم تبارك وتعالى هنا ردا شافيا‏,‏ وألزمهم إلزاما لا محيد لهم عنه‏,‏ فرد عليهم بكفرهم بالقرآن بأمرين فقال‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْحَقُّ‏}‏ فإذا كان هو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات‏,‏ والأوامر والنواهي‏,‏ وهو من عند ربهم‏,‏ فالكفر به بعد ذلك كفر بالله‏,‏ وكفر بالحق الذي أنزله‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ‏} (javascript:openquran(1,91,91))‏ أي‏:‏ موافقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهيمنا عليه‏.‏
فلم تؤمنون بما أنزل عليكم‏,‏ وتكفرون بنظيره‏؟‏ هل هذا إلا تعصب واتباع للهوى لا للهدى‏؟‏
وأيضًا‏,‏ فإن كون القرآن مصدقا لما معهم‏,‏ يقتضي أنه حجة لهم على صدق ما في أيديهم من الكتب‏,‏ قلا سبيل لهم إلى إثباتها إلا به، فإذا كفروا به وجحدوه‏,‏ صاروا بمنزلة من ادعى دعوى بحجة وبينة ليس له غيرها‏,‏ ولا تتم دعواه إلا بسلامة بينته‏,‏ ثم يأتي هو لبينته وحجته‏,‏ فيقدح فيها ويكذب بها‏;‏ أليس هذا من الحماقة والجنون‏؟‏ فكان كفرهم بالقرآن‏,‏ كفرا بما في أيديهم ونقضا له‏.‏
ثم نقض عليهم تعالى دعواهم الإيمان بما أنزل إليهم بقوله‏:‏ ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم‏:‏ ‏{‏فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ‏} (javascript:openquran(1,91,91))‏
أي‏:‏ بالأدلة الواضحات المبينة للحق، ‏{‏ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ‏} (javascript:openquran(1,51,51))‏ أي‏:‏ بعد مجيئه ‏{‏وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ‏}‏ في ذلك ليس لكم عذر‏.‏
‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا‏} (javascript:openquran(1,93,93))‏ أي‏:‏ سماع قبول وطاعة واستجابة، ‏{‏قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا‏} (javascript:openquran(1,93,93))‏ أي‏:‏ صارت هذه حالتهم ‏{‏وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ‏} (javascript:openquran(1,93,93))‏ بسبب كفرهم‏.‏
‏{‏قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏} (javascript:openquran(1,93,93))‏ أي‏:‏ أنتم تدعون الإيمان وتتمدحون بالدين الحق‏,‏ وأنتم قتلتم أنبياء الله‏,‏ واتخذتم العجل إلها من دون الله‏,‏ لما غاب عنكم موسى‏,‏ نبي الله‏,‏ ولم تقبلوا أوامره ونواهيه إلا بعد التهديد ورفع الطور فوقكم‏,‏ فالتزمتم بالقول‏,‏ ونقضتم بالفعل، فما هذا الإيمان الذي ادعيتم‏,‏ وما هذا الدين‏؟‏‏.‏
فإن كان هذا إيمانا على زعمكم‏,‏ فبئس الإيمان الداعي صاحبه إلى الطغيان‏,‏ والكفر برسل الله‏,‏ وكثرة العصيان، وقد عهد أن الإيمان الصحيح‏,‏ يأمر صاحبه بكل خير‏,‏ وينهاه عن كل شر، فوضح بهذا كذبهم‏,‏ وتبين تناقضهم‏.‏
‏[‏94 ـ 96‏]‏ ‏{‏قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ‏} (javascript:openquran(1,94,96))‏
أي‏:‏ ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم على وجه تصحيح دعواهم‏:‏ ‏{‏إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ‏} (javascript:openquran(1,94,94))‏ يعني الجنة ‏{‏خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ‏} (javascript:openquran(1,94,94))‏ كما زعمتم‏,‏ أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى‏,‏ وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة، فإن كنتم صادقين بهذه الدعوى ‏{‏فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ‏}‏ وهذا نوع مباهلة بينهم وبين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏
وليس بعد هذا الإلجاء والمضايقة لهم بعد العناد منهم‏,‏ إلا أحد أمرين‏:‏ إما أن يؤمنوا بالله ورسوله، وإما أن يباهلوا على ما هم عليه بأمر يسير عليهم‏,‏ وهو تمني الموت الذي يوصلهم إلى الدار التي هي خالصة لهم‏,‏ فامتنعوا من ذلك‏.‏
فعلم كل أحد أنهم في غاية المعاندة والمحادة لله ولرسوله‏,‏ مع علمهم بذلك، ولهذا قال تعالى ‏{‏وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ‏} (javascript:openquran(1,95,95))‏ من الكفر والمعاصي‏,‏ لأنهم يعلمون أنه طريق لهم إلى المجازاة بأعمالهم الخبيثة، فالموت أكره شيء إليهم‏,‏ وهم أحرص على الحياة من كل أحد من الناس‏,‏ حتى من المشركين الذين لا يؤمنون بأحد من الرسل والكتب‏.‏
ثم ذكر شدة محبتهم للدنيا فقال‏:‏ ‏{‏يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ‏} (javascript:openquran(1,96,96))‏ وهذا أبلغ ما يكون من الحرص‏,‏ تمنوا حالة هي من المحالات، والحال أنهم لو عمروا العمر المذكور‏,‏ لم يغن عنهم شيئًا ولا دفع عنهم من العذاب شيئًا‏.‏
‏{‏وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ‏} (javascript:openquran(1,96,96))‏ تهديد لهم على المجازاة بأعمالهم‏.‏
‏[97 ـ 98‏]‏ ‏{‏قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ‏} (javascript:openquran(1,97,98))‏
أي‏:‏ قل لهؤلاء اليهود‏,‏ الذين زعموا أن الذي منعهم من الإيمان بك‏,‏ أن وليك جبريل عليه السلام‏,‏ ولو كان غيره من ملائكة الله‏,‏ لآمنوا بك وصدقوا، إن هذا الزعم منكم تناقض وتهافت‏,‏ وتكبر على الله، فإن جبريل عليه السلام هو الذي نزل بالقرآن من عند الله على قلبك‏,‏ وهو الذي ينزل على الأنبياء قبلك‏,‏ والله هو الذي أمره‏,‏ وأرسله بذلك‏,‏ فهو رسول محض‏.‏
مع أن هذا الكتاب الذي نزل به جبريل مصدقا لما تقدمه من الكتب غير مخالف لها ولا مناقض‏,‏ وفيه الهداية التامة من أنواع الضلالًات‏,‏ والبشارة بالخير الدنيوي والأخروي‏,‏ لمن آمن به، فالعداوة لجبريل الموصوف بذلك‏,‏ كفر بالله وآياته‏,‏ وعداوة لله ولرسله وملائكته، فإن عداوتهم لجبريل‏,‏ لا لذاته بل لما ينزل به من عند الله من الحق على رسل الله‏.‏
فيتضمن الكفر والعداوة للذي أنزله وأرسله‏,‏ والذي أرسل به‏,‏ والذي أرسل إليه‏,‏ فهذا وجه ذلك‏.‏
‏[‏99‏] ‏{‏وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ‏} (javascript:openquran(1,99,99))‏‏.‏
يقول لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ‏} (javascript:openquran(1,99,99))‏ تحصل بها الهداية لمن استهدى‏,‏ وإقامة الحجة على من عاند‏,‏ وهي في الوضوح والدلالة على الحق‏,‏ قد بلغت مبلغا عظيما ووصلت إلى حالة لا يمتنع من قبولها إلا من فسق عن أمر الله‏,‏ وخرج عن طاعة الله‏,‏ واستكبر غاية التكبر‏.‏
‏[‏100‏]‏ ‏{‏أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ‏}‏
وهذا فيه التعجيب من كثرة معاهداتهم‏,‏ وعدم صبرهم على الوفاء بها‏.‏
فـ ‏"‏كُلَّمَا‏"‏ تفيد التكرار‏,‏ فكلما وجد العهد ترتب عليه النقض، ما السبب في ذلك‏؟‏ السبب أن أكثرهم لا يؤمنون، فعدم إيمانهم هو الذي أوجب لهم نقض العهود، ولو صدق إيمانهم‏,‏ لكانوا مثل من قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ‏} (javascript:openquran(32,23,23))‏
‏[‏101 ـ 103‏]‏ ‏{‏وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ‏}‏ (javascript:openquran(1,101,103))
أي‏:‏ ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم، وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم‏,‏ فلما كفروا بهذا الرسول وبما جاء به، ‏{‏نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ‏} (javascript:openquran(1,55,55))‏ الذي أنزل إليهم أي‏:‏ طرحوه رغبة عنه ‏{‏وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ‏}‏ وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين وهم يعلمون صدقه، وحقيّة ما جاء به‏.‏
تبين بهذا أن هذا الفريق من أهل الكتاب لم يبق في أيديهم شيء حيث لم يؤمنوا بهذا الرسول‏,‏ فصار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون‏.‏
ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع‏,‏ ابتلي بالاشتغال بما يضره‏,‏ فمن ترك عبادة الرحمن‏,‏ ابتلي بعبادة الأوثان‏,‏ ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه‏,‏ ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه‏,‏ ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان‏,‏ ومن ترك الذل لربه‏,‏ ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل‏.‏
كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان حيث أخرجت الشياطين للناس السحر، وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم‏.‏
وهم كذبة في ذلك، فلم يستعمله سليمان، بل نزهه الصادق في قيله‏:‏ ‏{‏وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ أي‏:‏ بتعلم السحر‏,‏ فلم يتعلمه، ‏{‏وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ بذلك‏.‏
‏{‏يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ‏} (javascript:openquran(1,101,101))‏ من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم، وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق، أنزل عليهما السحر امتحانا وابتلاء من الله لعباده فيعلمانهم السحر‏.‏
‏{‏وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ ينصحاه‏,‏ و ‏{‏يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ أي‏:‏ لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته‏,‏ فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال، ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام، وتعليم الملكين امتحانا مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة‏.‏
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين‏,‏ والسحر الذي يعلمه الملكان‏,‏ فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين‏,‏ وكل يصبو إلى ما يناسبه‏.‏
ثم ذكر مفاسد السحر فقال‏:‏ ‏{‏فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما‏,‏ لأن الله قال في حقهما‏:‏ ‏{‏وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً‏} (javascript:openquran(29,21,21))‏ وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي‏:‏ بإرادة الله، والإذن نوعان‏:‏ إذن قدري، وهو المتعلق بمشيئة الله‏,‏ كما في هذه الآية، وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة‏:‏ ‏{‏فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ‏} (javascript:openquran(1,97,97))‏ وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير‏,‏ ولم يخالف في هذا الأصل من فرق الأمة غير القدرية في أفعال العباد، زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة‏,‏ فأخرجوها عن قدرة الله، فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والتابعين‏.‏
ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة‏,‏ ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي، كما قال تعالى في الخمر والميسر‏:‏ ‏{‏قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا‏} (javascript:openquran(1,219,219))‏ فهذا السحر مضرة محضة‏,‏ فليس له داع أصلا‏,‏ فالمنهيات كلها إما مضرة محضة‏,‏ أو شرها أكبر من خيرها‏.‏
كما أن المأمورات إما مصلحة محضة أو خيرها أكثر من شرها‏.‏
‏{‏وَلَقَدْ عَلِمُوا‏}‏ أي‏:‏ اليهود ‏{‏لَمَنِ اشْتَرَاهُ‏}‏ أي‏:‏ رغب في السحر رغبة المشتري في السلعة‏.‏
‏{‏مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ أي‏:‏ نصيب‏,‏ بل هو موجب للعقوبة‏,‏ فلم يكن فعلهم إياه جهلا‏,‏ ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة‏.‏
‏{‏وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ‏} (javascript:openquran(1,102,102))‏ علما يثمر العمل ما فعلوه‏.



‏[‏104 ـ 105‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏} (javascript:openquran(1,104,105))‏
كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين‏:‏ ‏{‏رَاعِنَا‏}‏ أي‏:‏ راع أحوالنا‏,‏ فيقصدون بها معنى صحيحا، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا‏,‏ فانتهزوا الفرصة‏,‏ فصاروا يخاطبون الرسول بذلك‏,‏ ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة‏,‏ سدا لهذا الباب، ففيه النهي عن الجائز‏,‏ إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب‏,‏ واستعمال الألفاظ‏,‏ التي لا تحتمل إلا الحسن‏,‏ وعدم الفحش‏,‏ وترك الألفاظ القبيحة‏,‏ أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال‏:‏ ‏{‏وَقُولُوا انْظُرْنَا‏}‏ فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور، ‏{‏وَاسْمَعُوا‏}‏ لم يذكر المسموع‏,‏ ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن‏,‏ وسماع السنة التي هي الحكمة‏,‏ لفظا ومعنى واستجابة، ففيه الأدب والطاعة‏.‏
ثم توعد الكافرين بالعذاب المؤلم الموجع‏,‏ وأخبر عن عداوة اليهود والمشركين للمؤمنين‏,‏ أنهم ما يودون ‏{‏أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ‏} (javascript:openquran(1,105,105))‏ أي‏:‏ لا قليلًا ولا كثيرًا ‏{‏مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏ حسدا منهم‏,‏ وبغضا لكم أن يختصكم بفضله فإنه ‏{‏ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏} (javascript:openquran(1,105,105))‏ ومن فضله عليكم‏,‏ إنزال الكتاب على رسولكم‏,‏ ليزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة‏,‏ ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون‏,‏ فله الحمد والمنة‏.‏
‏[‏106 ـ 107‏]‏ ‏{‏مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السموات وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ‏} (javascript:openquran(1,106,107))‏
النسخ‏:‏ هو النقل‏,‏ فحقيقة النسخ نقل المكلفين من حكم مشروع‏,‏ إلى حكم آخر‏,‏ أو إلى إسقاطه، وكان اليهود ينكرون النسخ‏,‏ ويزعمون أنه لا يجوز‏,‏ وهو مذكور عندهم في التوراة‏,‏ فإنكارهم له كفر وهوى محض‏.‏
فأخبر الله تعالى عن حكمته في النسخ، وأنه ما ينسخ من آية ‏{‏أَوْ نُنْسِهَا‏}‏ أي‏:‏ ننسها العباد‏,‏ فنزيلها من قلوبهم، ‏{‏نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا‏} (javascript:openquran(1,106,106))‏ وأنفع لكم ‏{‏أَوْ مِثْلِهَا‏}‏
فدل على أن النسخ لا يكون لأقل مصلحة لكم من الأول؛ لأن فضله تعالى يزداد خصوصًا على هذه الأمة‏,‏ التي سهل عليها دينها غاية التسهيل‏.‏
وأخبر أن من قدح في النسخ فقد قدح في ملكه وقدرته فقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السموات وَالْأَرْضِ‏} (javascript:openquran(1,106,106))‏
فإذا كان مالكا لكم‏,‏ متصرفا فيكم‏,‏ تصرف المالك البر الرحيم في أقداره وأوامره ونواهيه‏,‏ فكما أنه لا حجر عليه في تقدير ما يقدره على عباده من أنواع التقادير‏,‏ كذلك لا يعترض عليه فيما يشرعه لعباده من الأحكام‏.‏ فالعبد مدبر مسخر تحت أوامر ربه الدينية والقدرية‏,‏ فما له والاعتراض‏؟‏
وهو أيضًا‏,‏ ولي عباده‏,‏ ونصيرهم، فيتولاهم في تحصيل منافعهم‏,‏ وينصرهم في دفع مضارهم، فمن ولايته لهم‏,‏ أن يشرع لهم من الأحكام‏,‏ ما تقتضيه حكمته ورحمته بهم‏.‏
ومن تأمل ما وقع في القرآن والسنة من النسخ‏,‏ عرف بذلك حكمة الله ورحمته عباده‏,‏ وإيصالهم إلى مصالحهم‏,‏ من حيث لا يشعرون بلطفه‏.‏

‏[‏108 ـ 110‏]‏ ‏{‏أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏} (javascript:openquran(1,108,110))‏
ينهى الله المؤمنين‏,‏ أو اليهود‏,‏ بأن يسألوا رسولهم ‏{‏كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ‏} (javascript:openquran(1,108,108))‏ والمراد بذلك‏,‏ أسئلة التعنت والاعتراض‏,‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً‏} (javascript:openquran(3,153,153))‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ‏} (javascript:openquran(4,101,101))‏ فهذه ونحوها‏,‏ هي المنهي عنها‏.‏
وأما سؤال الاسترشاد والتعلم‏,‏ فهذا محمود قد أمر الله به كما قال تعالى ‏{‏فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏} (javascript:openquran(15,43,43))‏ ويقررهم عليه‏,‏ كما في قوله ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ‏} (javascript:openquran(1,219,219))‏ و ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى‏} (javascript:openquran(1,220,220))‏ ونحو ذلك‏.‏
ولما كانت المسائل المنهي عنها مذمومة‏,‏ قد تصل بصاحبها إلى الكفر، قال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ‏} (javascript:openquran(1,108,108))‏
ثم أخبر عن حسد كثير من أهل الكتاب‏,‏ وأنهم بلغت بهم الحال‏,‏ أنهم ودوا ‏{‏لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا‏} (javascript:openquran(1,108,108))‏ وسعوا في ذلك‏,‏ وأعملوا المكايد‏,‏ وكيدهم راجع عليهم ‏[‏كما‏]‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏} (javascript:openquran(2,72,72))‏ وهذا من حسدهم الصادر من عند أنفسهم‏.‏
فأمرهم الله بمقابلة من أساء إليهم غاية الإساءة بالعفو عنهم والصفح حتى يأتي الله بأمره‏.‏
ثم بعد ذلك‏,‏ أتى الله بأمره إياهم بالجهاد‏,‏ فشفى الله أنفس المؤمنين منهم‏,‏ فقتلوا من قتلوا‏,‏ واسترقوا من استرقوا‏,‏ وأجلوا من أجلوا ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏} (javascript:openquran(1,20,20))‏
ثم أمرهم ‏[‏الله‏]‏ بالاشتغال في الوقت الحاضر‏,‏ بإقامة الصلاة‏,‏ وإيتاء الزكاة وفعل كل القربات، ووعدهم أنهم مهما فعلوا من خير‏,‏ فإنه لا يضيع عند الله‏,‏ بل يجدونه عنده وافرا موفرا قد حفظه ‏{‏إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏} (javascript:openquran(1,110,110))‏
‏[‏111 ـ 112‏]‏ ‏{‏وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏} (javascript:openquran(1,111,112))‏
أي‏:‏ قال اليهود‏:‏ لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى‏:‏ لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، فحكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم‏,‏ وهذا مجرد أماني غير مقبولة‏,‏ إلا بحجة وبرهان‏,‏ فأتوا بها إن كنتم صادقين، وهكذا كل من ادعى دعوى‏,‏ لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه، وإلا‏,‏ فلو قلبت عليه دعواه‏,‏ وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما، فالبرهان هو الذي يصدق الدعاوى أو يكذبها، ولما لم يكن بأيديهم برهان‏,‏ علم كذبهم بتلك الدعوى‏.‏
ثم ذكر تعالى البرهان الجلي العام لكل أحد‏,‏ فقال‏:‏ ‏{‏بَلَى‏}‏ أي‏:‏ ليس بأمانيكم ودعاويكم‏,‏ ولكن ‏{‏مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ‏} (javascript:openquran(1,112,112))‏ أي‏:‏ أخلص لله أعماله‏,‏ متوجها إليه بقلبه، ‏{‏وَهُوَ‏}‏ مع إخلاصه ‏{‏مُحْسِنٌ‏}‏ في عبادة ربه‏,‏ بأن عبده بشرعه‏,‏ فأولئك هم أهل الجنة وحدهم‏.‏
‏{‏فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ‏} (javascript:openquran(1,112,112))‏ وهو الجنة بما اشتملت عليه من النعيم، ‏{‏وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏} (javascript:openquran(1,62,62))‏ فحصل لهم المرغوب‏,‏ ونجوا من المرهوب‏.‏
ويفهم منها‏,‏ أن من ليس كذلك‏,‏ فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود‏,‏ والمتابعة للرسول‏.‏
‏[‏113‏]‏ ‏{‏وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏ (javascript:openquran(1,113,113))
وذلك أنه بلغ بأهل الكتاب الهوى والحسد‏,‏ إلى أن بعضهم ضلل بعضًا‏,‏ وكفر بعضهم بعضًا‏,‏ كما فعل الأميون من مشركي العرب وغيرهم‏.‏
فكل فرقة تضلل الفرقة الأخرى‏,‏ ويحكم الله في الآخرة بين المختلفين بحكمه العدل‏,‏ الذي أخبر به عباده‏,‏ فإنه لا فوز ولا نجاة إلا لمن صدق جميع الأنبياء والمرسلين‏,‏ وامتثل أوامر ربه‏,‏ واجتنب نواهيه‏,‏ ومن عداهم‏,‏ فهو هالك‏.‏

‏[‏114‏]‏ ‏{‏وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏} (javascript:openquran(1,114,114))‏
أي‏:‏ لا أحد أظلم وأشد جرما‏,‏ ممن منع مساجد الله‏,‏ عن ذكر الله فيها‏,‏ وإقامة الصلاة وغيرها من الطاعات‏.‏
‏{‏وَسَعَى‏}‏ أي‏:‏ اجتهد وبذل وسعه ‏{‏فِي خَرَابِهَا‏}‏ الحسي والمعنوي، فالخراب الحسي‏:‏ هدمها وتخريبها‏,‏ وتقذيرها، والخراب المعنوي‏:‏ منع الذاكرين لاسم الله فيها، وهذا عام‏,‏ لكل من اتصف بهذه الصفة‏,‏ فيدخل في ذلك أصحاب الفيل‏,‏ وقريش‏,‏ حين صدوا رسول الله عنها عام الحديبية‏,‏ والنصارى حين أخربوا بيت المقدس‏,‏ وغيرهم من أنواع الظلمة‏,‏ الساعين في خرابها‏,‏ محادة لله‏,‏ ومشاقة، فجازاهم الله‏,‏ بأن منعهم دخولها شرعًا وقدرًا‏,‏ إلا خائفين ذليلين‏,‏ فلما أخافوا عباد الله‏,‏ أخافهم الله، فالمشركون الذين صدوا رسوله‏,‏ لم يلبث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا يسيرا‏,‏ حتى أذن الله له في فتح مكة، ومنع المشركين من قربان بيته‏,‏ فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا‏} (javascript:openquran(8,28,28))‏
وأصحاب الفيل‏,‏ قد ذكر الله ما جرى عليهم، والنصارى‏,‏ سلط الله عليهم المؤمنين‏,‏ فأجلوهم عنه‏.‏
وهكذا كل من اتصف بوصفهم‏,‏ فلا بد أن يناله قسطه‏,‏ وهذا من الآيات العظيمة‏,‏ أخبر بها الباري قبل وقوعها‏,‏ فوقعت كما أخبر‏.‏
واستدل العلماء بالآية الكريمة‏,‏ على أنه لا يجوز تمكين الكفار من دخول المساجد‏.‏
‏{‏لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ‏} (javascript:openquran(1,114,114))‏ أي‏:‏ فضيحة كما تقدم ‏{‏وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏} (javascript:openquran(1,114,114))‏
وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه‏,‏ فلا أعظم إيمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية‏,‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‏} (javascript:openquran(8,18,18))‏
بل قد أمر الله تعالى برفع بيوته وتعظيمها وتكريمها‏,‏ فقال تعالى‏:‏ ‏{‏فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ‏} (javascript:openquran(23,36,36))‏
وللمساجد أحكام كثيرة‏,‏ يرجع حاصلها إلى مضون هذه الآيات الكريمة‏.‏

‏[‏115‏]‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ‏}‏ (javascript:openquran(1,115,115))
أي‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ‏} (javascript:openquran(1,115,115))‏ خصهما بالذكر‏,‏ لأنهما محل الآيات العظيمة‏,‏ فهما مطالع الأنوار ومغاربها، فإذا كان مالكا لها‏,‏ كان مالكا لكل الجهات‏.‏
‏{‏فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا‏}‏ وجوهكم من الجهات‏,‏ إذا كان توليكم إياها بأمره‏,‏ إما أن يأمركم باستقبال الكعبة بعد أن كنتم مأمورين باستقبال بيت المقدس‏,‏ أو تؤمرون بالصلاة في السفر على الراحلة ونحوها‏,‏ فإن القبلة حيثما توجه العبد أو تشتبه القبلة‏,‏ فيتحرى الصلاة إليها‏,‏ ثم يتبين له الخطأ‏,‏ أو يكون معذورًا بصلب أو مرض ونحو ذلك، فهذه الأمور‏,‏ إما أن يكون العبد فيها معذورًا أو مأمورًا‏.‏
وبكل حال‏,‏ فما استقبل جهة من الجهات‏,‏ خارجة عن ملك ربه‏.‏
‏{‏فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ‏} (javascript:openquran(1,115,115))‏ فيه إثبات الوجه لله تعالى‏,‏ على الوجه اللائق به تعالى‏,‏ وأن لله وجها لا تشبهه الوجوه‏,‏ وهو ـ تعالى ـ واسع الفضل والصفات عظيمها‏,‏ عليم بسرائركم ونياتكم‏.‏
فمن سعته وعلمه‏,‏ وسع لكم الأمر‏,‏ وقبل منكم المأمور‏,‏ فله الحمد والشكر‏.‏

‏[‏116 ـ 117‏]‏ ‏{‏وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السموات وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السموات وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏} (javascript:openquran(1,116,116))‏
‏{‏وَقَالُوا‏}‏ أي‏:‏ اليهود والنصارى والمشركون‏,‏ وكل من قال ذلك‏:‏ ‏{‏اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا‏} (javascript:openquran(1,116,116))‏ فنسبوه إلى ما لا يليق بجلاله‏,‏ وأساءوا كل الإساءة‏,‏ وظلموا أنفسهم‏.‏
وهو ـ تعالى ـ صابر على ذلك منهم‏,‏ قد حلم عليهم‏,‏ وعافاهم‏,‏ ورزقهم مع تنقصهم إياه‏.‏
‏{‏سُبْحَانَهُ‏}‏ أي‏:‏ تنزه وتقدس عن كل ما وصفه به المشركون والظالمون مما لا يليق بجلاله، فسبحان من له الكمال المطلق‏,‏ من جميع الوجوه‏,‏ الذي لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه‏.‏
ومع رده لقولهم‏,‏ أقام الحجة والبرهان على تنزيهه عن ذلك فقال‏:‏ ‏{‏بَلْ لَهُ مَا فِي السموات وَالْأَرْضِ‏} (javascript:openquran(1,116,116))‏ أي‏:‏ جميعهم ملكه وعبيده‏,‏ يتصرف فيهم تصرف المالك بالمماليك‏,‏ وهم قانتون له مسخرون تحت تدبيره، فإذا كانوا كلهم عبيده‏,‏ مفتقرين إليه‏,‏ وهو غني عنهم‏,‏ فكيف يكون منهم أحد‏,‏ يكون له ولدا‏,‏ والولد لا بد أن يكون من جنس والده‏,‏ لأنه جزء منه‏.‏
والله تعالى المالك القاهر‏,‏ وأنتم المملوكون المقهورون‏,‏ وهو الغني وأنتم الفقراء، فكيف مع هذا‏,‏ يكون له ولد‏؟‏ هذا من أبطل الباطل وأسمجه‏.‏
والقنوت نوعان‏:‏ قنوت عام‏:‏ وهو قنوت الخلق كلهم‏,‏ تحت تدبير الخالق، وخاص‏:‏ وهو قنوت العبادة‏.‏
فالنوع الأول كما في هذه الآية، والنوع الثاني‏:‏ كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ‏} (javascript:openquran(1,238,238))‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏بَدِيعُ السموات وَالْأَرْضِ‏} (javascript:openquran(1,117,117))‏ أي‏:‏ خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق‏.‏
‏{‏وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏} (javascript:openquran(1,117,117))‏ فلا يستعصى عليه‏,‏ ولا يمتنع منه‏.‏

‏[‏118 ـ 119‏]‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ‏} (javascript:openquran(1,118,119))‏
أي‏:‏ قال الجهلة من أهل الكتاب وغيرهم‏:‏ هلا يكلمنا‏,‏ كما كلم الرسل، ‏{‏أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ‏} (javascript:openquran(1,118,118))‏ يعنون آيات الاقتراح‏,‏ التي يقترحونها بعقولهم الفاسدة‏,‏ وآرائهم الكاسدة‏,‏ التي تجرأوا بها على الخالق‏,‏ واستكبروا على رسله كقولهم‏:‏ ‏{‏لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً‏} (javascript:openquran(1,55,55))‏ ‏{‏يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ‏} (javascript:openquran(3,153,153))‏ الآية، وقالوا‏:‏ ‏{‏لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ‏} (javascript:openquran(24,7,7))‏ الآيات وقوله‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا‏} (javascript:openquran(16,90,90))‏ الآيات‏.‏
فهذا دأبهم مع رسلهم‏,‏ يطلبون آيات التعنت‏,‏ لا آيات الاسترشاد‏,‏ ولم يكن قصدهم تبين الحق، فإن الرسل‏,‏ قد جاءوا من الآيات‏,‏ بما يؤمن بمثله البشر‏,‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ‏} (javascript:openquran(1,118,118))‏ فكل موقن‏,‏ فقد عرف من آيات الله الباهرة‏,‏ وبراهينه الظاهرة‏,‏ ما حصل له به اليقين‏,‏ واندفع عنه كل شك وريب‏.‏
ثم ذكر تعالى بعض آية موجزة مختصرة جامعة للآيات الدالة على صدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحة ما جاء به فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا‏} (javascript:openquran(1,119,119))‏ فهذا مشتمل على الآيات التي جاء بها‏,‏ وهي ترجع إلى ثلاثة أمور‏:‏
الأول‏:‏ في نفس إرساله‏,‏ والثاني‏:‏ في سيرته وهديه ودله، والثالث‏:‏ في معرفة ما جاء به من القرآن والسنة‏.‏
فالأول والثاني‏,‏ قد دخلا في قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ‏}‏ والثالث دخل في قوله‏:‏ ‏{‏بِالْحَقِّ‏}‏
وبيان الأمر الأول وهو ـ نفس إرساله ـ أنه قد علم حالة أهل الأرض قبل بعثته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما كانوا عليه من عبادة الأوثان والنيران‏,‏ والصلبان‏,‏ وتبديلهم للأديان‏,‏ حتى كانوا في ظلمة من الكفر‏,‏ قد عمتهم وشملتهم‏,‏ إلا بقايا من أهل الكتاب‏,‏ قد انقرضوا قبيل البعثة‏.‏
وقد علم أن الله تعالى لم يخلق خلقه سدى‏,‏ ولم يتركهم هملا‏,‏ لأنه حكيم عليم‏,‏ قدير رحيم، فمن حكمته ورحمته بعباده‏,‏ أن أرسل إليهم هذا الرسول العظيم‏,‏ يأمرهم بعبادة الرحمن وحده لا شريك له‏,‏ فبمجرد رسالته يعرف العاقل صدقه‏,‏ وهو آية كبيرة على أنه رسول الله، وأما الثاني‏:‏ فمن عرف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معرفة تامة‏,‏ وعرف سيرته وهديه قبل البعثة‏,‏ ونشوءه على أكمل الخصال‏,‏ ثم من بعد ذلك‏,‏
قد ازدادت مكارمه وأخلاقه العظيمة الباهرة للناظرين‏,‏ فمن عرفها‏,‏ وسبر أحواله‏,‏ عرف أنها لا تكون إلا أخلاق الأنبياء الكاملين‏,‏ لأن الله تعالى جعل الأوصاف أكبر دليل على معرفة أصحابها وصدقهم وكذبهم‏.‏
وأما الثالث‏:‏ فهو معرفة ما جاء به ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الشرع العظيم‏,‏ والقرآن الكريم‏,‏ المشتمل على الإخبارات الصادقة‏,‏ والأوامر الحسنة‏,‏ والنهي عن كل قبيح‏,‏ والمعجزات الباهرة‏,‏ فجميع الآيات تدخل في هذه الثلاثة‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏بَشِيرًا‏}‏ أي لمن أطاعك بالسعادة الدنيوية والأخروية، ‏{‏نَذِيرًا‏}‏ لمن عصاك بالشقاوة والهلاك الدنيوي والأخروي‏.‏
‏{‏وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ‏} (javascript:openquran(1,119,119))‏ أي‏:‏ لست مسئولا عنهم‏,‏ إنما عليك البلاغ‏,‏ وعلينا الحساب‏.‏
‏[‏120‏]‏ ‏{‏وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ *‏} (javascript:openquran(1,120,120))‏
يخبر تعالى رسوله‏,‏ أنه لا يرضى منه اليهود ولا النصارى‏,‏ إلا باتباعه دينهم‏,‏ لأنهم دعاة إلى الدين الذي هم عليه‏,‏ ويزعمون أنه الهدى، فقل لهم‏:‏ ‏{‏إِنَّ هُدَى اللَّهِ‏} (javascript:openquran(1,120,120))‏ الذي أرسلت به ‏{‏هُوَ الْهُدَى‏}‏
وأما ما أنتم عليه‏,‏ فهو الهوى بدليل قوله ‏{‏وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ‏} (javascript:openquran(1,120,120))‏
فهذا فيه النهي العظيم‏,‏ عن اتباع أهواء اليهود والنصارى‏,‏ والتشبه بهم فيما يختص به دينهم، والخطاب وإن كان لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن أمته داخلة في ذلك، لأن الاعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب، كما أن العبرة بعموم اللفظ‏,‏ لا بخصوص السبب‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شيئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ *‏} (javascript:openquran(1,121,123))‏
يخبر تعالى أن الذين آتاهم الكتاب‏,‏ ومنَّ عليهم به منة مطلقة‏,‏ أنهم ‏{‏يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ‏} (javascript:openquran(1,121,121))‏ أي‏:‏ يتبعونه حق اتباعه‏,‏ والتلاوة‏:‏ الاتباع، فيحلون حلاله‏,‏ ويحرمون حرامه‏,‏ ويعملون بمحكمه‏,‏ ويؤمنون بمتشابهه، وهؤلاء هم السعداء من أهل الكتاب‏,‏ الذين عرفوا نعمة الله وشكروها‏,‏ وآمنوا بكل الرسل‏,‏ ولم يفرقوا بين أحد منهم‏.‏
فهؤلاء‏,‏ هم المؤمنون حقا‏,‏ لا من قال منهم‏:‏ ‏{‏نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه‏} (javascript:openquran(1,55,55))‏
ولهذا توعدهم بقوله ‏{‏وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ‏} (javascript:openquran(1,121,121))‏ وقد تقدم تفسير الآية التي بعدها‏.‏
‏[‏124 ـ 125‏]‏ ‏{‏وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ‏} (javascript:openquran(1,124,125))‏
يخبر تعالى‏,‏ عن عبده وخليله‏,‏ إبراهيم عليه السلام‏,‏ المتفق على إمامته وجلالته‏,‏ الذي كل من طوائف أهل الكتاب تدعيه‏,‏ بل وكذلك المشركون‏:‏ أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات‏,‏ أي‏:‏ بأوامر ونواهي‏,‏ كما هي عادة الله في ابتلائه لعباده‏,‏ ليتبين الكاذب الذي لا يثبت عند الابتلاء‏,‏ والامتحان من الصادق‏,‏ الذي ترتفع درجته‏,‏ ويزيد قدره‏,‏ ويزكو عمله‏,‏ ويخلص ذهبه، وكان من أجلِّهم في هذا المقام‏,‏ الخليل عليه السلام‏.‏
فأتم ما ابتلاه الله به‏,‏ وأكمله ووفاه‏,‏ فشكر الله له ذلك‏,‏ ولم يزل الله شكورا فقال‏:‏ ‏{‏إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا‏} (javascript:openquran(1,124,124))‏ أي‏:‏ يقتدون بك في الهدى‏,‏ ويمشون خلفك إلى سعادتهم الأبدية‏,‏ ويحصل لك الثناء الدائم‏,‏ والأجر الجزيل‏,‏ والتعظيم من كل أحد‏.‏
وهذه ـ لعمر الله ـ أفضل درجة‏,‏ تنافس فيها المتنافسون‏,‏ وأعلى مقام‏,‏ شمر إليه العاملون‏,‏ وأكمل حالة حصلها أولو العزم من المرسلين وأتباعهم‏,‏ من كل صديق متبع لهم‏,‏ داع إلى الله وإلى سبيله‏.‏
فلما اغتبط إبراهيم بهذا المقام‏,‏ وأدرك هذا‏,‏ طلب ذلك لذريته‏,‏ لتعلو درجته ودرجة ذريته، وهذا أيضًا من إمامته‏,‏ ونصحه لعباد الله‏,‏ ومحبته أن يكثر فيهم المرشدون، فلله عظمة هذه الهمم العالية‏,‏ والمقامات السامية‏.‏
فأجابه الرحيم اللطيف‏,‏ وأخبر بالمانع من نيل هذا المقام فقال‏:‏ ‏{‏لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏} (javascript:openquran(1,124,124))‏ أي‏:‏ لا ينال الإمامة في الدين‏,‏ من ظلم نفسه وضرها‏,‏ وحط قدرها‏,‏ لمنافاة الظلم لهذا المقام‏,‏ فإنه مقام آلته الصبر واليقين، ونتيجته أن يكون صاحبه على جانب عظيم من الإيمان والأعمال الصالحة‏,‏ والأخلاق الجميلة‏,‏ والشمائل السديدة‏,‏ والمحبة التامة‏,‏ والخشية والإنابة، فأين الظلم وهذا المقام‏؟‏
ودل مفهوم الآية‏,‏ أن غير الظالم‏,‏ سينال الإمامة‏,‏ ولكن مع إتيانه بأسبابها‏.‏

**كلي جروح**
31-05-2009, 07:49 PM
بارك الله فيك أم منذر

ويييييييييين الجماعه ؟

**كلي جروح**
31-05-2009, 08:05 PM
السلام عليكم اخواتي

اعذروني على اتخير فى تنزيل التفسير

تفسير سورة (الجن ) كامله وهي مكيه

هدف هذه الايه الدعوه الى الله
ايه رقم 1


((قُلْ)) يا رسول الله للناس: ((أُوحِيَ إِلَيَّ))، والوحي هو الإلهام إلى رسول الله من قبله سبحانه بواسطة ملك وإلقاء في القلب بلا واسطة، ويستعمل أيضا بمعنى مطلق الإلهام كقوله: (وأوحى ربك إلى النحل) وقوله: (وأوحينا إلى أم موسى)، ((أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ))، أي استمع إلى القرآن طائفة من الجن، فإن نفر بمعنى الطائفة، والجن مخلوقة من النار - رقاق الأجسام كالهواء، لها أن تتشكل في أبدان غليظة كأبدان الإنسان، ((فَقَالُوا)) بعضهم لبعض: ((إِنَّا سَمِعْنَا)) من الرسول ((قُرْآنًا عَجَبًا))، أي ما يدعوا للتعجب، لأنه بأسلوب غريب في لفظه ومعناه، وقد سبقت قصتهم في سورة الأحقاف.
ايه رقم 2

((يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ))، أي يدل على الهدى الذي من سلكه رشد، ((فَآمَنَّا)) نحن الجن ((بِهِ))، أي بذلك القرآن، ((وَلَن نُّشْرِكَ)) بعد سماع القرآن ((بِرَبِّنَا أَحَدًا))، أي لم <لن؟؟> نجعل له شريكاً.
ايه رقم 3
((وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا))، "الجد" هو الحظ، والمراد به هنا العظمة، أي تعالت وارتفعت عظمته من أن يكون له شريك أو زوجة أو أولاد، ((مَا اتَّخَذَ))، أي لم يتخذ الله سبحانه ((صَاحِبَةً))، أي زوجة ((وَلَا وَلَدًا))، فقد كان بعض الكفار يقولون أنه سبحانه اتخذ زوجة من الجن، كما قال سبحانه: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا)، فنفت الجن هذا الكلام.
ايه رقم 4

((وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا))، أي جاهلنا، والمراد به جنس الجهال منهم، ((عَلَى اللَّهِ شَطَطًا))، أي كذباً وبعداً عن الحق، وكان <وكأن؟؟> المراد بذلك ما شاع بينهم من أنه تزوج بالجنية، أو المراد "بسفيه منا" - إبليس لأنه من الجن - والمراد أقواله حول الله سبحانه من نسبة الشريك إليه وما أشبه.
ايه رقم 5

((وَأَنَّا)) ظهر لنا الآن كذب ذلك السفيه بعدما كنا ((ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ)) -الإتيان بالفعل مؤنثاً باعتبار الجماعة - ((عَلَى اللَّهِ كَذِبًا))، فقد كنا نحسب أن ما يقولون من أن له سبحانه صاحبة وشريكاً وولداً صدق، والآن تبين لنا كذبه.
ايه رقم 6

((وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ))، أي يعتصمون ويستجيرون، وكان الرجل من العرب إذا نزل الوادي في سفره ليلاً قال: "أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه،" وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال في هذه الآية: "كان الرجل ينطلق إلى الكاهن الذي يوحي إليه الشيطان فيقول: 'قل لشيطانك فلان قد عاذ بك.'" ((فَزَادُوهُمْ))، أي زاد الجن الإنس العائذين بهم ((رَهَقًا))، أي طغياناً حيث أنهم رأوا الجن ظهيراً لهم، أو زاد الإنس الجن طغياناً حيث أنهم ظنوا أن لهم مدخلاً في الأمور الكونية حتى استعاذ بهم الإنس، وأصل الرهق اللحوق، ومنه غلام مراهق، فكان الإثم والطغيان يلحق الإنسان، ولذا قيل له رهق.
ايه رقم 7
((وَأَنَّهُمْ))، أي الإنس ((ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ)) أنتم معاشر الجن ((أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا)) رسولاً، وهذا من تتمة كلام الجن الذين آمنوا بالرسول.
ايه رقم 8
((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((لَمَسْنَا السَّمَاء))، أي مسسناها بإرادة الصعود في طبقات الجو ((فَوَجَدْنَاهَا))، أي ألفينا السماء ((مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا))، أي حفظة من الملائكة شداداً، و"حرس" جمع حارس، وهو الحافظ، وشديد باعتبار كل واحد من الحفظة، ((وَشُهُبًا)) جمع شهاب، وهو نور يمتد في السماء حتى يطفأ، أنها هيئت لرجم من يريد استراق السمع من الشياطين.
ايه رقم 9
((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا))، أي من السماء ((مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ))، أي محلات قريبة من مراكز الملائكة لنستمع ما يدار بينهم من أخبار الأرض لنعلم الأخبار ونأتي بها إلى الكهنة، وهذا إلى قبل ميلاد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو بعثته، ((فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ)) منا إلى كلام الملائكة ((يَجِدْ لَهُ))، أي لنفسه ((شِهَابًا رَّصَدًا)) يرمي به ويرصد له، ففي النجوم عين مواضع لحراسة السماء من الأجنة والشياطين، فمن يتقدم منهم ليسترق الكلام قذف بالشهاب حتى يحترق أو يطرد، وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال - في حديث يذكر فيه سبب إخبار الكاهن: "وأما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك، وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم، وإنما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء، ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله لإثبات الحجة ونفي الشبهة، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما حدث من الله في خلقه، فتختطفها <فيختطفها؟؟> ثم يهبط بها إلى الأرض، فيقذفها إلى الكاهن، فإذا قد زاد كلمات من عنده يختلط الحق بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما أداه إليه شيطانه مما سمعه، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه، فمذ منعت الشياطين من استراق السمع انقطعت الكهانة."
ايه رقم 10
((وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ)) حيث يرجم الشياطين حتى تقطع الأخبار عن أهل الأرض بعذابهم فيفاجأون بالعذاب، ((أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)) بأن يبعث فيهم نبياً؟ والحاصل أن رجم الشيطان لأحد أمرين: إما لشر أو لخير. وهذا يؤيد كون المراد من الرجم وقت ولادة الرسول، وأن هذا الكلام من الجن حكاية حال ماضية، وإلا فقد عرفوا النبأ بعد قترة <فترة؟؟> وخصوصاً عند وصولهم إلى خدمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ايه رقم 11
((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((مِنَّا))، أي بعضنا ((الصَّالِحُونَ)) بالإيمان والعمل الصالح، ((وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ)) الصلاح، وإنما عبر بهذا التعبير ليشمل الفرق المختلفة، ((كُنَّا)) في السابق ((طَرَائِقَ قِدَدًا))، أي على طرائق مختلفة، و"قدد" جمع قدة وهي القطعة، كان لكل مذهب لونا مختلفاً، فهم قطعة مخالفة لقطعة أخرى، وكأن هذه التفصيلات المنقولة من كلام الجن لبيان حقيقتهم وتوضيح ما يرتبط بهم من مزايا والأحوال.
يتبع

**كلي جروح**
31-05-2009, 08:34 PM
ايه رقم 12


((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ)) بأن نجمع جموعا ونهيئ قوى حتى يعجز سبحانه من التصرف فينا كيف يشاء، وإنما جاء بلفظ الـ"ظن" إما لأنهم ظنوا ذلك ولم يتيقنوا أو لبيان أن الظن كاف في عدم إرادة المخالفة معه سبحانه، ((وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا))، أي لا نتمكن من تعجيزه بهربنا من قدرته فإن قدرته شاملة منبسطة لا يمكن الفرار منها.

ايه رقم 13

((وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى)) حيث سمعنا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ((آمَنَّا بِهِ))، أي بالهدى وهو الإسلام، ((فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ)) إيماناً صحيحاً ((فَـ)) إنه ((لَا يَخَافُ بَخْسًا))، أي تنقصياً لحقه في الدنياً وفي الآخرة، ((وَلَا رَهَقًا))، أي ظلما وطغياناً بالنسبة إليه، فإنه سبحانه عادل لا يظلم أحداً، أما غير المؤمن فإنه يخاف البخس إذ حسناته تمحى بسبب سيئاته، ويخاف الرهق بمعنى تبعة الإثم - كما سبق في معنى الرهق.

ايه رقم 14

((وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ)) الذين دخلوا في دين الله الذي جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ((وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ)) من "قسط" بمعنى جار، أي الجائرون الحائدون عن طريق الحق، ((فَمَنْ أَسْلَمَ))، أي دخل الإسلام ((فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا))، أي طلبوا والتمسوا ((رَشَدًا))، أي هداية وحقاً فيه الرشد والعقل، والتحري هو التطلب والتماس الشيء.

ايه رقم 15

((وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ)) العادلون عن طريق الحق ((فَكَانُوا))، أي يكونون أو كان - لمجرد الربط - ((لِجَهَنَّمَ حَطَبًا))، يلقون فيها، فيوقدونها كما يوقد الحطب النار، كما قال سبحانه: (وقودها الناس والحجارة).

ايه رقم 16

((وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا)) هؤلاء القاسطون ((عَلَى الطَّرِيقَةِ)) الحقة بأن لم يحيدوا عنها ((لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا))، يقال ما ء غدق، أي كثير، وهذا كناية عن الإفضال عليهم، وهذا ابتداء من كلام الله سبحانه.

ايه رقم 17

((لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ))، أي كنا نسقيهم الماء الكثير لامتحانهم في ذلك السقي، فإن النعم للامتحان، كما أن النقم للاختبار، وليس المقصود من الامتحان إلا ظهور السرائر لتبيين مقادير الاستحقاق في الآخرة أو أنه تعليل لمجيء الهدى، أي إنا إنما أرسلنا الرسول وأنزلنا الهدى للامتحان، ((وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ)) بأن اتخذ طريقة الكفر والعصيان ((يَسْلُكْهُ))، أي يدخله الله سبحانه ((عَذَابًا صَعَدًا))، أي عذاباً يصعد عليه ويعلوه بحيث يشمل جميع جسمه من قرنه إلى قدمه أو عذاباً غليظاً صعباً.

ايه رقم 18

وإذ بين كون الهدى إنما هو للامتحان جاء السياق ليبين أنه لا يحق لأحد أن يخضع لغير الله سبحانه ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ)) جمع "مسجد"، وهو موضع السجود من الوجه والكفين وغيرهما ((لِلَّهِ))، فإنهما مخلوقة له مملوكة لذاته المقدسة، ((فَلَا تَدْعُوا)) أيها الإنسان ((مَعَ اللَّهِ أَحَدًا))، وكيف تدعو غيره بعضو هو له؟ ويحتمل أن يكون المساجد أعم مما تقدم ومن المساجد المبنية، وفيه نهي عن الدعاء لغيره سبحانه فيها، كما كان المشركون يدعون الأصنام في بيت الله.

ايه رقم 19

((وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ))، أي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ((يَدْعُوهُ))، أي يدعوا الله سبحانه وحده ((كَادُوا))، أي الكفار ((يَكُونُونَ عَلَيْهِ))، أي على الرسول ((لِبَدًا))، أي متكاثرين عليه ليمنعوه عن الدعوة، والظاهر أن هذه الجمل كلها من كلام الجن، وأن قوله (لنفتنهم) معترضة.

ايه رقم 20

((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء الكفار الذين كادوا يكونون لبداً عليك: ((إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي)) وحده لا شريك له ((وَلَا أُشْرِكُ بِهِ))، أي بربي ((أَحَدًا))، فليس ذلك بدعاً جديداً يوجب تكاثركم علي وإرادتكم منعي منه.

ايه رقم 21

((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء الكفار: ((إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا)) بأن أضركم، ((وَلَا)) أملك لكم ((رَشَدًا)) بأن أرشدكم، وإنما الضرر والإرشاد بيد الله، وأنه هو الذي أمرني بإرشادكم، فإن لم تقبلوا فهو الذي ينزل الضر بكم، وهذا لبيان أني رسول الله فقط، لا شيء بيدي سوى الهداية والإرشاد.

ايه رقم 22

حتى أنا فليس ضري وخيري بيدي، ((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء: ((إِنِّي لَن يُجِيرَنِي))، أي لن يحفظني ((مِنَ)) تقدير ((اللَّهِ أَحَدٌ)) إذا أراد سبحانه بي ضرراً، ((وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ)) سبحانه ((مُلْتَحَدًا))، أي ملجأ ألجأ إليه، من "التحد" بمعنى مال، والإنسان الخائف دائماً يطلب ملجأ في منعطفات الطريق.

ايه رقم 23

إني لا أملك شيئاً ((إِلَّا بَلَاغًا))، أي تبليغاً ((مِّنَ)) قبل ((اللَّهِ)) سبحانه بأن أبلغكم آياته ((وَرِسَالَاتِهِ))، وهذا استثناء منقطع من "لا أملك" وما بعده، وقد سبق أن الاستثناء المنقطع ينحل إلى ثلاث جمل، ففي المقام هكذا "لا أملك شيئاً إلا بلاغا"، "ولا أملك لكم أو لي ضراً أو خيراً"، وكأنه قال: "لا أملك كذا، وأملك كذا"، وحق البلاغ منه سبحانه حق لا يكون لكل أحد، كما أن رسالاته سبحانه شيء والرسول يملك ذلك الحق كما يعرف الرسالات، فهما شيئان لا شيء واحد حتى يقال أن العطف للبيان، ((وَمَن يَعْصِ اللَّهَ)) بعدم إطاعة أوامره وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

ايه رقم 24

لكن الكفار لا يبالون اليوم بالنار ((حَتَّى إِذَا رَأَوْا)) الكفار ((مَا يُوعَدُونَ))، أي العذاب الذي وعدوا به في الدنيا ((فَسَيَعْلَمُونَ)) إذا رأوا ((مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا))، هل ناصر الرسول أضعف أم ناصرهم، ((وَأَقَلُّ عَدَدًا))، فهل جيش الرسول وأعوانه أقل أم جيشهم وأعوانهم، فقد كان الكفار يفتخرون على الرسول بكثرة جموعهم وضعف أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأتى السياق ليبين أن في الآخرة تنقلب الكفة، وأنه يتبدد عددهم ويضعف ناصرهم، فلا يقوى من إنجائهم من عذاب الله سبحانه.

ايه رقم 25

وقد كان الكفار يستعجلون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في إنزال العذاب به - استهزاء به (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء السياق بقوله: ((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء الكفار المستعجلين: ((إِنْ أَدْرِي))، أي ما أدري ((أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ))، أي هل قريب العذاب الذي وعدتم به لكفركم وعصيانكم ((أَمْ يَجْعَلُ لَهُ)) أي لـ: "ما توعدون" ((رَبِّي أَمَدًا))، أي مدة، فهو بعيد عنكم؟ فإن عذاب القيامة مجهول الوقت إلا عنده سبحانه، فعنده علم الساعة.

يتبع

**كلي جروح**
31-05-2009, 08:39 PM
ايه رقم 26


فإنه وحده ((عَالِمُ الْغَيْبِ)) يعلم ما غاب عن الحواس، ((فَلَا يُظْهِرُ))، أي لا يعلم ((عَلَى غَيْبِهِ))، أي الغيب الذي يعلمه هو ((أَحَدًا)) من عباده، فإن علم الغيب خاص به.

ايه 27

((إِلَّا مَنِ ارْتَضَى))، أي اختاره للإطلاع على الغيب ((مِن رَّسُولٍ)) أو المعنى إلا من ارتضاه للرسالة من أفراد الرسل، فإنه تعالى يظهره على قدر من الغيب - حسب الحكمة والصلاح، والنبي يخبر الإمام وسائر الناس بقدر ما أذن له في الإخبار، وإذ أعلمه الله سبحانه الغيب أحاطه بجملة من الحفظة حتى يكونوا مراقبين عليه في البلاغ، مع أنه مأمون في نفسه وأن الله عالم به ولكن هذا للتشريفات، كما وكّل بالعباد حفظة مع أنه عالم بما يصدر منهم، ((فَإِنَّهُ)) سبحانه ((يَسْلُكُ))، أي يجعل في الطريق ((مِن بَيْنِ يَدَيْهِ))، أي من أمام الرسول ((وَمِنْ خَلْفِهِ))، أي من ورائه ((رَصَدًا)) من الملائكة يرصدونه في أعماله، تشريفاً للغيب والوحي الذي أعلم الرسول به.

ايه 28

وإنما يرصد ((لِيَعْلَمَ)) الله سبحانه، والمراد ليقع متعلق علمه في الخارج، كقوله (حتى نعلم المجاهدين) إلى غير ذلك، ((أَن قَدْ أَبْلَغُوا)) أولئك الرسل الذي أطلعهم على علم الغيب ((رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ))، فكل ما أوحي إليه رسالة ومجموع الوحي رسالات ((وَ)) ذلك ليس لأنه لا يعلم - بل للتشريفات كما ذكرنا - إذ قد ((أَحَاطَ)) الله سبحانه ((بِمَا لَدَيْهِمْ))، أي بما يفعله الأنبياء من تبليغ الرسالة، ((وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا))، فعلم أعداد الأشياء كلها، فإحاطته بما لدى الأنبياء من مصاديق إحصائه سبحانه عدد كل شيء من الخلائق والأعمال والأحوال، هذا هو المعنى الذي استظهرته من الآيات المباركة حسب ما يظهر من السياق، وهناك قول آخر في معانيها ليس بهذا القرب إلى الظاهر، والله سبحانه أعلم بمراده.

تم بحمدلله

**كلي جروح**
31-05-2009, 11:54 PM
تفسير سورة المزمل كامله من 1 الى 20

وهي مكيه

الايه 1


((يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ))، المراد به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أصله "المتزمل"، من باب التفعل، ثم أدغمت التاء في الزاء، وجيء بهمزة الوصل لتعذر الابتداء بالساكن، ومعنى "تزمل": تلقف في ثوب ونحوه، فقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يتزمل بثوبه وينام، فخوطب بهذا الخطاب لمناسبة الحالة للأمر المتوجه إليه في قيام الليل.


الايه 2


((قُمِ)) في ((اللَّيْلَ)) لأداء صلاة الليل، ((إِلَّا قَلِيلًا)) منه، فلك أن تنام فيه.


الايه 3


ثم بين سبحانه مقدار القليل الذي سمح للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنوم فيه بقوله: ((نِصْفَهُ))، أي نم في مقدار نصف الليل، ((أَوِ انقُصْ مِنْهُ))، أي من النصف ((قَلِيلًا)) بأن تضيف على سهرك، فيكون نومك أقل من النصف.


الايه 4


((أَوْ زِدْ عَلَيْهِ))، أي على النصف بأن تضيف على نومك، فيكون نومك أكثر من النصف، والحاصل أن المأمور به السهر بمقدار نصف الليل أو أكثر من النصف، أو أقل من النصف، والمحور النصف، ((وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ))، أي اقرأه قراءة متوسطة لا بسرعة ولا ببطء زائد، ((تَرْتِيلًا)) تأكيد لـ"رتل"، وقد سئل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن هذه الآية فقال: "بيّنه بياناً، ولا تَهُذّه هَذَّ الشعر،" أي لا تسرعونا <تسرعون؟؟> في قراءته كما تسرعون في قراءة الشعر، "ولا تنثره نثر الرمل،" أي لا تفرقوا بعضه عن بعض كنثر الرمل، "ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة."


الايه 5


((إِنَّا سَنُلْقِي))، أي سنوحي ((عَلَيْكَ)) يا رسول الله ((قَوْلًا ثَقِيلًا))، أي كلاماً يثقل عليك القيام به - والمراد به القرآن، فإنه يثقل على الإنسان العمل به - أو الرسالة - فإنه يثقل أداؤها - أو القيام بالليل.


الايه 6


كما فسر قوله تعالى: ((إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ))، أي ساعات الليل، لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة، والمقصود العمل فيها أو المراد العبادة تنشأ في الليل، ((هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا))، أي أكثر ثقلاً وكلفة لصعوبة القيام ليلاً شتاءاً لبرد الهواء وصيفاً لقصر الليل، ولعل المراد كونها أشد من ناشئة النهار، ((وَأَقْوَمُ قِيلًا))، أي قول الليل وعبادته أكثر قواماً واستمساكاً لأنه يؤدي بحضور القلب وتوجه الذهن، ولأن أفضل الأعمال أحمزها.


الايه 7


((إِنَّ لَكَ)) يا رسول الله ((فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا))، "السبح": التقلب، ومنه المتقلب في الماء سابحاً، أي تقلباً في أشغالك ((طَوِيلًا))، من إراءة الطريق والإرشاد وسائر الأعمال، فلا يتأتى منك أن تعبد كما ينبغي، ولذا جعل الليل للعبادة، وقد روي أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان بعمل طول النهار، ويعبد طول الليل، فقيل له: "يا أمير المؤمنين ألا تهدأ؟" قال: "إذا هدأت النهار كان فيه ضياع الأمة، وإذا هدأت الليل كان فيه ضياع نفسي."


الايه 8


((وَاذْكُرِ)) يا رسول الله ((اسْمَ رَبِّكَ)) بأن تعبده وتخضع له، ((وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا))، "التبتل" هو الانقطاع إلى الله عز وجل وإخلاص العبادة له، من "بتل" بمعنى قطع، وإنما قال "إليه" لأن الانقطاع عن الخلق إليه، لا كون الانقطاع عنه.


الايه 9


ثم بين "ربك" بقوله: ((رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ))، هو كناية عن الكون، لأن من بيده المشرق والمغرب كان بيده العالم كله، ((لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ))، فلا شريك له كما يزعم المشركون، ولذا لا يحق العبادة لغيره، ((فَاتَّخِذْهُ)) يا رسول الله ((وَكِيلًا))، أي حفيظاً للقيام بأمرك، وفوض إليه أمرك.


الايه 10


((وَاصْبِرْ)) يا رسول الله في توحيدك ونبذ الأصنام ((عَلَى مَا يَقُولُونَ))، أي الكفار حولك من أنك ساحر أو كاهن أو مجنون أو ما أشبه ذلك، ((وَاهْجُرْهُمْ))، أي ابتعد عنهم، ((هَجْرًا جَمِيلًا)) بأن تدعوهم إلى الهدى في عين حالة الهجر، بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.


الايه 11


((وَذَرْنِي))، أي دعني لهم، فأنا أكفيك شرهم، ((وَالْمُكَذِّبِينَ)) برسالتك وما جئت به، ((أُولِي النَّعْمَةِ))، أي أصحاب الثروة وغيرها من سائر النعم، فكل جزائهم إليّ، ((وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا))، أي أنهم بعد قليل سيقعون في العذاب عذاب الدنيا - في قصة بدر - وعذاب الآخرة، وقوله "مهلهم" كناية عن الصبر معهم، وهذا تهديد للكفار.


الايه 12


((إِنَّ لَدَيْنَا)) في الآخرة، والمراد بـ"لدينا": لدى حسابنا وجزائنا، ((أَنكَالًا)) جمع "نكل" وهي القيود والأغلال، ((وَجَحِيمًا))، أي ناراً كثيرة، فإن جحيم بمعنى ذلك، وهي من أسماء جهنم.


الايه 13


((وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ))، "الغصة" تردد اللقمة في الحلق بحيث لا يتمكن الإنسان من إساغتها، أي أن أطعمة النار المهيأة لهم ذات غصة فلا يتمكن المجرم من إساغتها إلا بعد علاج وصعوبة، ((وَعَذَابًا أَلِيمًا)) مؤلماً موجعاً.


الايه 14


إن هذه الألوان من العذاب إنما هي في ((يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ))، أي تتحرك وتضطرب، فإن الزلزال من علائم يوم القيامة، كما قال سبحانه (إن زلزلة الساعة شيء عظيم)، ((وَالْجِبَالُ)) لتكثير الهول، ((وَكَانَتِ الْجِبَالُ)) في ذلك اليوم ((كَثِيبًا مَّهِيلًا))، "الكثيب": الرمل المتجمع الكثير، و"المهيل" هو السائل المتناثر، من هال: إذا حرك أسفله فتحرك وسال أعلاه، أي يكون الجبال هكذا سائلة في الأرض.


الايه 15


((إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ)) أيها الكفار ((رَسُولًا))، يعني محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ((شَاهِدًا عَلَيْكُمْ)) بما تعملون من الاعتقاد والعمل الصحيح أو الفاسد ((كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا)) وهو موسى (عليه السلام).


الايه 16


((فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)) بأن لم يطع أوامره بل خالفه وعانده، ((فَأَخَذْنَاهُ))، أي أخذنا فرعون ((أَخْذًا وَبِيلًا))، أي شديداً ثقيلاً بإغراقه في البحر، وهكذا أنتم إن لم تؤمنوا أخذناكم بصنوف العذاب.


الايه 17


((فَكَيْفَ تَتَّقُونَ)) أيها الكفار، أي تجتنبون ((إِن كَفَرْتُمْ)) في الدنيا ((يَوْمًا))، أي من عذاب يوم - وهو مفعول "تتقون" - ((يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ)) جمع ولد، ((شِيبًا)) جمع أشيب، وهو البالغ سن الشيب والشيخوخة، فإن يوم القيامة لشدة أهوالها يجعل الأولاد في صورة الشيوخ ببياض الشعر ونحوه، أي هل تتمكنون من الاتقاء عن عذاب يوم القيامة؟ وإذ لا تتمكنون فكيف تكفرون حتى تبتلوا به؟

**كلي جروح**
31-05-2009, 11:58 PM
الايه 18


((السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ))، أي بذلك اليوم، أي أن السماء تنفطر بسبب أهوال ذلك اليوم، والسماء يجوز فيها التذكير والتأنيث، ولذا قال في مقام آخر (إذا السماء انفطرت)، والانفطار هو الانشقاق بأن يرى السماء كالشيء المنشق لاختلال نظام المدارات ولون الهواء وغير ذلك، ((كَانَ وَعْدُهُ)) سبحانه بمجيء هذه الأمور ((مَفْعُولًا))، أي كأنها لا خلف فيه ولا تبديل.

الايه 19


((إِنَّ هَذِهِ))، أي صفة الأمور التي ذكرناها لأهوال ذلك اليوم ((تَذْكِرَةٌ)) وموعظة لكم أيها البشر، ((فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا))، أي سلك سبيلاً يؤدي إلى رضوانه، وهو سبيل الدين والإسلام.

الايه 20

ثم عطف السياق نحو قيام الليل الذي ابتدأ به الكلام فقال: ((إِنَّ رَبَّكَ)) يا رسول الله ((يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى))، أي في الوقت الذي هو أقرب ((مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ))، ففي بعض الليالي كان يقوم الرسول قبل ثلثي الليل بأن كان الباقي إلى الفجر ثلثان، وفي بعض الليالي قبل النصف، وفي بعض الليالي قبل الثلث، ((وَ)) تقوم ((طَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ)) من المؤمنين كالإمام المرتضى (عليه السلام) والصديقة الطاهرة (عليه السلام) وسائر الخواص، ((وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ))، أي أن مقدار الليل والنهار بيده، فهو المقدر لها، والمقدر يعلم الأمور المرتبطة بما قدره، ولذا ((عَلِمَ)) الله سبحانه ((أَن لَّن تُحْصُوهُ))، أي لا تتمكنون من إحصاء الليل كله بأن تقوموا فيه من أوله إلى آخره في العبادة والطاعة، ((فَتَابَ عَلَيْكُمْ)) بأن لم يفرض القيام في الليل عليكم عطفاً وتفضلاً، مع أن المقتضى للإيجاب كان موجوداً، ((فَاقْرَؤُوا)) في الليل ((مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ))، أي من الشيء الذي يقرأ، والمراد به الصلاة والدعاء ونحوهما، والمعنى أنه حيث لا تقدرون على القراءة كل الليل فاقرأوا ما سهل عليكم وتيسر عندكم، ثم بين سبحانه حكمة التسهيل بقوله: ((عَلِمَ)) الله تعالى ((أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى)) جمع "مريض"، والمريض لا يقدر على قيام الليل ((وَآخَرُونَ)) منكم ((يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ))، أي يسافرون ((يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ))، أي يطلبون الفضل والتجارة، ((وَآخَرُونَ)) منكم ((يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) لإعلاء كلمته وسبيل دينه، والمسافر والمحارب حيث تعبا في النهار لا يسهل عليهما قيام الليل، ولذا خفف سبحانه عنكم ولم يلزمكم بالقيام، أو بمقدار خاص كالنصف والثلث والثلثين، ((فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ)) وسهل ((مِنْهُ))، أي من القرآن، والمراد به الصلاة والدعاء والقرآن الحكيم، فإن القرآن مطلق ما يقرأ، فإن هذه العلل الخاصة أوجبت تخفيفاً عاماً - على نحو الحكمة، ((وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ)) في أوقاتها كما فرض الله سبحانه، ((وَآتُوا الزَّكَاةَ))، أي أعطوها واجبها ومندوبها، ((وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا)) بإنفاق المال في مراضيه، بلا مَن ورياء أو سمعة أو عجب، وكونه إقراضاً باعتبار أنه سبحانه يرده على الإنسان في الدنيا والآخرة أضعافاً مضاعفة، ((وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم)) إلى الآخرة ((مِّنْ خَيْرٍ))، أي طاعة وعبادة، فإن ما يعمله الإنسان من الخير يقدم له إلى الجنة حتى إذا ذهب إليها وجد فيها ثواب ما عمل، ((تَجِدُوهُ))، أي ذلك الخير ((عِندَ اللَّهِ)) في دار كرامته، ((هُوَ))، أي تجدوه هو - بعينه بلا نقصان أو اختلاف - ((خَيْرًا))، أي في حال كونه خيراً، أو بحذف "تجدوا"، أي تجدوا خيراً، أو أنه بيان لهاء "تجدوه"، ((وَ)) في حال كونه ((أَعْظَمَ أَجْرًا))، أي ثواباً مما كان هو، فثوابه في الآخرة أعظم من نفسه في الدنيا، إذا كان في الدنيا يساوي عشرة فتجدون في الآخرة ثوابه مائة - مثلاً - أو أعظم أجراً من الذي يبقى في الدنيا، ((وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ)): اطلبوا غفرانه، ((إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ)) للذنوب، ((رَّحِيمٌ)): يتفضل بالرحمة فوق غفران الذنوب.

تم بحمد الله

*نسمـة الصبـاح*
01-06-2009, 01:43 AM
تابعوووواا أخياتي

أنا بالنسبه توقفت عن الحفظ وبدأت بالمراجعه

وبالنسبه للحفظ سأسجل بإذن الله بمعهد للقرآن وأتمنى يقبلووني...

دعواتـــــــــــــــــــــــــــكمم...........

**كلي جروح**
01-06-2009, 08:29 PM
صلاتي اموفقه يا الغلا

*نسمـة الصبـاح*
09-06-2009, 01:59 AM
تابعوووواا أخياتي


الحمدلله قبلوني في المعهد



شدووووووووووووا الهممممه

**كلي جروح**
10-06-2009, 12:47 AM
الله يبشرك بلخير

فرحتيني يا الغااااليه

الله يوفقج ان شاء الله

حبيب ماما
11-06-2009, 10:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عضوة جديدة فى المنتدى و فرحت كثيرا لما وجدت عندكم حلقة تحفيظ و تزامن هذا مع رغبتى فى

الرجوع الى حفظ القرءان كنت حفظت حوالى 20 حزب ثم توقفت و الآن اتمنى من كل قلبى ان اكمل

مشوارى الذى لم اكمله و اتمنى ان أجد من بينكم من يعيننى على ذلك

فهل تقبلونى حافضة جديدة بينك للمعلومة انا احفظ قراءة ورش عن نافع

و فى انتظار الرد دمتم فى رعاية الله

تـوتـة
13-06-2009, 01:46 AM
اليوم حفظت الحمد لله سورة المطففين

التفسير للشيخ السعدي


تفسير سورة المطففين
وهي مكية

{ 1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }

{ وَيْلٌ } كلمة عذاب، ووعيد { لِلْمُطَفِّفِينَ }

وفسر الله المطففين بقوله { الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ } أي: أخذوا منهم وفاء عما ثبت لهم قبلهم { يَسْتَوْفُونَ } يستوفونه كاملا من غير نقص.

{ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ } أي: إذا أعطوا الناس حقهم، الذي للناس عليهم بكيل أو وزن، { يُخْسِرُونَ } أي: ينقصونهم ذلك، إما بمكيال وميزان ناقصين، أو بعدم ملء المكيال والميزان، أو نحو ذلك. فهذا سرقة [لأموال] الناس ، وعدم إنصاف [لهم] منهم.

وإذا كان هذا الوعيد على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان، فالذي يأخذ أموالهم قهرًا أو سرقة، أولى بهذا الوعيد من المطففين.

ودلت الآية الكريمة، على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في [عموم هذا] الحجج والمقالات، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد [منهما] يحرص على ماله من الحجج، فيجب عليه أيضًا أن يبين ما لخصمه من الحجج [التي لا يعلمها]، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه، نسأل الله التوفيق لكل خير.

ثم توعد تعالى المطففين، وتعجب من حالهم وإقامتهم على ما هم عليه، فقال: { أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله، يحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه.


{ 7 - 17 } { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

يقول تعالى: { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ } [وهذا شامل لكل فاجر] من أنواع الكفرة والمنافقين، والفاسقين { لَفِي سِجِّينٍ } ثم فسر ذلك بقوله: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ } أي: كتاب مذكور فيه أعمالهم الخبيثة، والسجين: المحل الضيق الضنك، و { سجين } ضد { عليين } الذي هو محل كتاب الأبرار، كما سيأتي.

وقد قيل: إن { سجين } هو أسفل الأرض السابعة، مأوى الفجار ومستقرهم في معادهم.

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } ثم بين المكذبين بأنهم { الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ } أي: يوم الجزاء، يوم يدين الله فيه الناس بأعمالهم.

{ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ } على محارم الله، متعد من الحلال إلى الحرام.

{ أَثِيمٍ } أي كثير الإثم، فهذا الذي يحمله عدوانه على التكذيب، ويحمله [عدوانه على التكذيب ويوجب له] كبره رد الحق، ولهذا { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا } الدالة على الحق، و[على] صدق ما جاءت به رسله، كذبها وعاندها، و { قَالَ } هذه { أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } أي: من ترهات المتقدمين، وأخبار الأمم الغابرين، ليس من عند الله تكبرا وعنادا.

وأما من أنصف، وكان مقصوده الحق المبين، فإنه لا يكذب بيوم الدين، لأن الله قد أقام عليه من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، ما يجعله حق اليقين، وصار لقلوبهم مثل الشمس للأبصار ، بخلاف من ران على قلبه كسبه، وغطته معاصيه، فإنه محجوب عن الحق، ولهذا جوزي على ذلك، بأن حجب عن الله، كما حجب قلبه في الدنيا عن آيات الله، { ثُمَّ إِنَّهُمْ } مع هذه العقوبة البليغة { لَصَالُوا الْجَحِيمِ } ثم يقال لهم توبيخا وتقريعًا: هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } فذكر لهم ثلاثة أنواع من العذاب: عذاب الجحيم، وعذاب التوبيخ، واللوم.

وعذاب الحجاب من رب العالمين، المتضمن لسخطه وغضبه عليهم، وهو أعظم عليهم من عذاب النار، ودل مفهوم الآية، على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وفي الجنة، ويتلذذون بالنظر إليه أعظم من سائر اللذات، ويبتهجون بخطابه، ويفرحون بقربه، كما ذكر الله ذلك في عدة آيات من القرآن، وتواتر فيه النقل عن رسول الله.

وفي هذه الآيات، التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه شيئا فشيئا، حتى ينطمس نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلًا، وهذا من بعض عقوبات الذنوب.


{ 18 - 27 } { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ }

لما ذكر أن كتاب الفجار في أسفل الأمكنة وأضيقها، ذكر أن كتاب الأبرار في أعلاها وأوسعها، وأفسحها وأن كتابهم المرقوم { يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } من الملائكة الكرام، وأرواح الأنبياء، والصديقين والشهداء، وينوه الله بذكرهم في الملأ الأعلى، و { عليون } اسم لأعلى الجنة، فلما ذكر كتابهم، ذكر أنهم في نعيم، وهو اسم جامع لنعيم القلب والروح والبدن، { عَلَى الْأَرَائِكِ } أي: [على] السرر المزينة بالفرش الحسان.

{ يُنْظَرُونَ } إلى ما أعد الله لهم من النعيم, وينظرون إلى وجه ربهم الكريم، { تَعْرِفُ } أيها الناظر إليهم { فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ } أي: بهاء النعيم ونضارته ورونقه، فإن توالي اللذة والسرور يكسب الوجه نورًا وحسنًا وبهجة.

{ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ } وهو من أطيب ما يكون من الأشربة وألذها، { مَخْتُومٍ }
ذلك الشراب { خِتَامُهُ مِسْكٌ } يحتمل أن المراد مختوم عن أن يداخله شيء ينقص لذته، أو يفسد طعمه، وذلك الختام، الذي ختم به, مسك.

ويحتمل أن المراد أنه [الذي] يكون في آخر الإناء، الذي يشربون منه الرحيق حثالة، وهي المسك الأذفر، فهذا الكدر منه، الذي جرت العادة في الدنيا أنه يراق, يكون في الجنة بهذه المثابة، { وَفِي ذَلِكَ } النعيم المقيم، الذي لا يعلم حسنه ومقداره إلا الله، { فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } أي: يتسابقوا في المبادرة إليه بالأعمال الموصلة إليه، فهذا أولى ما بذلت فيه نفائس الأنفاس، وأحرى ما تزاحمت للوصول إليه فحول الرجال.

{ 27 - 28 } ومزاج هذا الشراب من تسنيم، وهي عين { يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } صرفا، وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق، فلذلك كانت خالصة للمقربين، الذين هم أعلى الخلق منزلة، وممزوجة لأصحاب اليمين أي: مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة.



{ 29 - 36 } { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }
لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وجزاء المؤمنين و [ذكر] ما بينهما من التفاوت العظيم، أخبر أن المجرمين كانوا في الدنيا يسخرون بالمؤمنين، ويستهزئون بهم، ويضحكون منهم، ويتغامزون بهم عند مرورهم عليهم، احتقارا لهم وازدراء، ومع هذا تراهم مطمئنين، لا يخطر الخوف على بالهم، { وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ } صباحًا أو مساء { انْقَلَبُوا فَكِهِينَ } أي: مسرورين مغتبطين ، وهذا من أعظم ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن في الدنيا، حتى كأنهم قد جاءهم كتاب من الله وعهد، أنهم من أهل السعادة، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، وتجرأوا على القول عليه بلا علم.

قال تعالى: { وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } أي: وما أرسلوا وكلاء على المؤمنين ملزمين بحفظ أعمالهم، حتى يحرصوا على رميهم بالضلال، وما هذا منهم إلا تعنت وعناد وتلاعب، ليس له مستند ولا برهان، ولهذا كان جزاؤهم في الآخرة من جنس عملهم، قال تعالى: { فَالْيَوْمَ } أي: يوم القيامة، { الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } حين يرونهم في غمرات العذاب يتقلبون، وقد ذهب عنهم ما كانوا يفترون، والمؤمنون في غاية الراحة والطمأنينة { عَلَى الْأَرَائِكِ } وهي السرر المزينة، { يُنْظَرُونَ } إلى ما أعد الله لهم من النعيم، وينظرون إلى وجه ربهم الكريم.

{ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي: هل جوزوا من جنس عملهم؟

فكما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ورموهم بالضلال، ضحك المؤمنون منهم في الآخرة، ورأوهم في العذاب والنكال، الذي هو عقوبة الغي والضلال.

نعم، ثوبوا ما كانوا يفعلون، عدلًا من الله وحكمة، والله عليم حكيم.

وراء النهر
26-06-2009, 08:22 PM
تجمع مبارك باذن الله

*نسمـة الصبـاح*
05-07-2009, 01:54 PM
تابعوووواا أخياتي






شدووووووووووووا الهممممه

**كلي جروح**
12-07-2009, 02:38 PM
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته

كيفكم يا حلوووووووووووين ؟

ووييييييييييييييينكم ليييييييييييييييش وقفتو ؟

افاااااااااااااااااااااا

انا ادري اني انا بعد امقصره من زماااااااااان ما نزلته شي

بس ان شاء اله عن قريب راح انزل

بارك الله فيكم

ولا تنسوووون شدو الهمه

رفيقة الجنة
21-07-2009, 09:32 PM
حبيباتي بدي أحفظ معكم إن شاء الله ساعدوني أرجوكم وأعطوني جدول الحفظ

ام ليان العمرري
13-05-2012, 06:19 AM
السلام عليكم
بنات انا بغى معاكم انا قاعده احفظ بس مو يومي بين كل فتره وفتره ابغى تشجيع وبعد عندي بنت الله يحفظها ماخذه وقتي كله لا اروح واسيبها ولا اجلس عندها واطنشها بس والله نفسي احفظ خلصت جز عما ودخلت بسورة الانسان حفظت سورت المرسلات بس عجبني موضوعكم والله لااخلص معكم النيه والله فوقنا يرا ويسمع تقبلوني ولا اضف وجهي بكرامه*):80:

انسكابة أمل
20-05-2012, 07:28 PM
يمنع غالياتنا رفع المواضيع القديمة بالامكان فتح مواضيع للحفظ بوركتن

يغلق