المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هذا أنا!..فمن أنتِ..؟! (2)



أبو خالد
03-08-2003, 03:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
نكمل القصة..

كان والد فالح يتحمل كلام الناس بكره..ولكنه لا يجد مناصا من الصبر على مثل هذا الأذى..
وكما كان فالح حديث الشباب في القرية وبعض الرجال..ومحل تندرهم وشغل فراغهم..فقد كانت فتيات القرية أيضا إذا مررن به لا يتورعن عن مثل ذلك..إنهن يحببن الفكاهة والمرح..وتتطلع نفوسهن إلى غرائب الأمور..فليس الأمر من باب السخرية بعباد الله..كما كان يظن والد فالح..فيتضايق ويثور إذا بلغه شيء من ذلك..
وإنما هو نوع من مرح النفوس العابثة الفارغة..التي لا تبالي بمشاعر الآخرين وأحاسيسهم..وكانت في القرية أسرة "الزعيم"..أغنى أسرة في القرية وأرفعها في باب الرقي والمدنية..كانت تتصل بكل شؤونها بالمدينة وما فيها من مظاهر التقدم وأسباب رفاهية العيش..ورقة الحياة..وكانت تلك الأسرة قد حولت من مسكنها الريفي النائي قصرا يملك كل أسباب المدنية..فالبناء مؤلف من ثلاث أدوار ..وهو يحاكي أرقى مباني الأغنياء في المدينة..والطريق إليه معبد..ومزين بأنواع الزهور والنباتات التي لاعهد لهذه القرية بها..وكان الأثاث داخل هذا القصر من أرفع أنواع الأثاث وأفخمه..وكان السيد الزعيم كما ينادى بين الناس..وهو يحب ذلك..فلا ينادى باسمه ولا بكنيته..كان الزعيم لم يرزق من الأولاد إلا بابن وبنت..فأما ولده بخيت فقد كبر وزوجه بمن أحب من فتيات القرية..وهو يعيش معه..وقد حمل عن والده عبء أعماله الزراعية من أولها إلى آخرها..فلم يعد لوالده من شغل إلا أن يمارس ما يحب من نشاطات وزيارات للناس..ومتابعة لأخبارهم..وسعي في حل مشكلاتهم..ويتردد إلى المدينة بين اليوم والآخر لمعرفة ما يجد في حياة الناس..
وأما ابنته الزهراء..فقد كانت في العشرين من عمرها..كانت فارعة الطول ممشوقة القد..غضة ناعمة..رقيقة المشاعر..مرهفة الحس..وكانت مع أمها كل وقتها..ومع صاحباتها ممن ألفتهن من بنات القرية وألفنها..فأخذن يترددن على بيتها صباح مساء..ويصبن من النعمة التي هي فيها..
وإذ كانت الزهراء فتاة ناعمة العيش..فقد تفتحت نفسها على جميع مباهج الحياة..فعبت منها حتى سئمت وملت..وعاشت في مباهجها حتى لم تعد تحس لها بطعم أو مذاق..إن كل ما هي فيه لم تعد له بهجة في نفسها تشدها إليها..أو رغبة تحركها نحوها..لقد أصبحت الحياة باهتة مملة رتيبة كئيبة..وعندما يتكرر اللهو والعبث فإنه مكروه مملول..
الليل والنهار لا يأتيانها بجديد أو مفيد..وهذا القصر الشامخ المنيف..والردهات الواسعة..والحديقة الغناء..كل ذلك قد نظرت إليه العين وألفته..حتى ضاقت به النفس وضجرت..فإلام تمر الحياة بهذه الصورة الرتيبة الحزينة..كان هذا حديث نفسها لنفسها..ونجوى سرها كلما خلت لشأنها..أو أوت إلى فراشها..وربما جعلتها هذه الخواطر تأرق ساعات طويلة فلا تستطيع النوم إلا بعد الشعور بالإجهاد والإعياء..
وبينما كانت في رحلة لهوها المعتادة عصر كل يوم مع صديقاتها..يركبن العربة الفارهة ..يجرها حصانان على صورة من الجمال لا تقل عن جمال الراكبة الحسناء..وكن يتجولن في شوارع القرية المحدودة..ويخرجن إلى حقولها ومزارعها القريبة إذ بصرن بفالح..وقد أزف خروجه من القرية إلى الحقول كعادته..فأخذت الفتيات يسمعنه كلمات الغمز واللمز..التي اعتاد سماعها من شباب القرية وفتياتها على حد سواء..وتضاحكن فيما بينهن وتكأكأن وتمايلن..وكأنهن دجاجات مرحات أمام ديك عجوز ..قد حبس عنهن في قفص..ولكنه سدد بصره إليهن هذه المرة على نحو غريب..ونظر إليهن نظرة جعلت الزهراء ترتعش..وتشعر برعدة رهيبة تسري في أوصالها..إنها لم تكن تشارك الفتيات عبثهن ولمزهن..ولكن نظرة فالح توجهت إليها وحدها على نحو مخيف مرهب..فأي سر كان في هذه النظرة المفزعة..لقد بثت القلق والاضطراب في جنبات نفسها..وألقت في قلبها الرعب..وكأن أسدا هصورا يريد أن يقتحم مركبتها..ذعرت الزهراء ووجمت..والتفتت إلى صويحباتها..ونظرت إليهن نظرة عتاب..فهمن منها كراهتها لما فعلن..بينما سارت العربة وتجاوزت المكان الذي كان فيه..فالتفتت الزهراء لصويجباتها مرة أخرى وقالت لهن:لم تسخرن من هذا الشاب..وتؤذينه بكلامكن؟فلعله أسعد حالا منا جميعا..
فقالت إحداهن: وكيف يكون سعيدا؟وهو أبله مخبول يسخر منه الناس ويهزءون به؟
-إنني لم أر أي مبرر لسخرية الناس من هذا الشاب واستهزائهم؟!!
-فقالت أخرى:لعلك يا زهراء قد وقعت في هواه؟
فنظرت إليها نظرة عاتبة..ولم تجبها!!..ثم استأنفت كلامها:إن السعادة أمر نفسي لا يقاس بشيء من زينة الدنيا ومتاعها..إنه إحساس يملك على الإنسان مشاعره كلها..فيعيش في غير عالم الناس وهمومهم ومشكلاتهم..
-فقالت الأولى:دعونا من حديث فالح ومن عالم المعتوهين ألم يبق لنا من حديث غيره؟!!..إنه عالم كئيب حزين..ولنعد إلى حديثنا..
ولم يرق ذلك للزهراء وبقيت واجمة مطرقة حتى انتهت جولتهن..وعادت إلى بيتها..
وباتت الزهراء بعد ذلك ليالي لا يطيب لها عيش..ولا يهنأ لها بال...وتغير نظام حياتها..فلا هي مريضة تعاد ..و لاصحيحة تمارس نشاطها ومرحها المعتاد..وسألتها أمها فتمنعت عليها الإجابة ..وهي التي لم تألف أن تكتم عن أمها سرا من أسرار قلبها..وزاد الأمر عن حده يوم بعد يوم فصويحباتها يأتين إليها كل يوم وتعتذر عن لقائهن..وخروجها اليومي قد قطعته ورغبت عنه..
لابد أن في الأمر سرا تأبى أن تفصح عنه..وتبوح به..
فما هو هذا السر يا ترى؟؟..وماذا جرى بعد ذلك؟؟
انتظروا الجزء الثالث..

أبوعبدالله
03-08-2003, 07:39 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
جزاك الله خير اختي الكريمه ...

أبو خالد
06-08-2003, 04:37 AM
بارك الله فيك
وجزاك خيرا

أخوك
أبو خالد

الغزال اللعوب
16-08-2009, 07:33 PM
بسرعه الجزء الثالث وين