المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفحة من مذكرات زوجه



زهرات شذيه
10-03-2010, 08:38 AM
. ديمة طارق طهبوب( زوجة الشهيد)
رحم الله طارق أيوب؛ فقد احتملني في أشياء كثيرة: في غيرتي الشديدة، في بعض تصرفاتي الطفولية، و في قلة التدبير المنزلي و معرفتي بشؤون المطبخ. أخذني بنتاً وحيدة مدلّلة من أمها، و زاد في دلالي. قالت له أمي عندما خطبني إنني لا أحسن حتى تقشير الخيار!! فابتسم و قال: "بتتعلّمْ"، فردّت عليه أمي -و هي التي حاولت سابقاً أن تعلمني دون استجابة أو رغبه مني-: الله يعينك!!
كان عند كلمته، و حفظ أمانتها فيّ، فأكل المحروق، على الرغم من معدته الحسّاسة التي تتضرر من أقل شيء، و أكل الأكْل الزائد الملوحة، و غير المملح، و الخالي من البهارات، و المليء بالفلفل!!
أذكر أن أمي سألتني عن حالي بعد أيام من الزواج فأجبتها ببساطة: الزواج رائع، و طارق أروع من رائع، و المشكلة في الطبخ!!
كانت الأكلات التي تأخذ من بعض النساء نصف ساعة لإعدادها تأخذ مني نصف يوم، و لا تكون النتيجة دائماً محمودة العواقب.
لم يكن طارق -رحمه الله- الوحيد بين إخوته إلاّ أنه كان قرة عين أمه، و محل رعاية أخته. أذكر أنني سمعت حماتي مرة تقول له بالتعبير العامي الذي يفصح عن محبة و رضا لا حدود لهما: "حتى لو دست عالخبزة أنا بأكلها يمه"!!
أحسست يومها بالذنب و بالتقدير له على حسن خلقه و صبره، كان يثني بشدة مراراً و تكراراً على كل بادرة تقدّم في تعلمي لأمور المنزل، لدرجة أني أحياناً كنت أظن نفسي على وشك أن أصبح "الشيف ديمة"!! و أكتب كتاباً أو أقدم برنامجاً في فنون المطبخ!!
كنت أكتب وصفات الطعام و الحلويات على ورق، و لم أحفظ منها شيئاً، و أعود لها كلّما أردت طبخ طبق معين، و لو ضاعت وصفاتي لما عرفت الملح من السكر، و لكن وصفاتي ضاعت منذ سنوات، أو أضعتها قصداً، و نسيت ما تعلمت، و كأن ذاكرتي كانت مرتبطة بمن أكل و تذوق و ابتلع على مضض غير ظاهر، و أثنى و صبر و شكر و غفر، فلما ذهب، ذهب معه التدبير المنزلي الذي تعلمت.
كانت والدتي تطلب مني أن أطبخ بعد ذلك، فقلت لها: لم أحب يوماً عمل المطبخ و لا الطبخ، نسيت ذلك، و لا أنوي إحياء ذاكرتي، و لكني منذ مدة تناولت كعكة في بيت أحد إخواني، فأعجبني مذاقها و سهولة صنعها، فأخذت الطريقة، و اشترت أمي الأغراض بناء على طلبي منذ شهر، فلما استجمعت رغبتي، لبست ثوب الحرب، و سللت السكاكين، و لمّعت الأواني و الطناجر، و شمّرت عن ساعد الجد، و قطّبت الجبين، و عبست، و اقتحمت الساحة، و أقبلت على المهمة، و أعددت الكعكة، و وضعتها في الفرن كي أخبزها، و عندما فتحت الفرن لأرى فيما إذا نضجت صُعقت، فناديت أمي لترى ما رأيت، و قد لا تصدقون!! فقد تشكّل على وجه قالب الكعكة رسمة قلبٍ دون أن أرسمه؛ فالكعكة تُخلط خلطاً، و لا تُشكّل بشكلٍ معين، و تُعدّ في صينية لا في قالبٍ بشكل معين، لم أعجب؛ فاسم الكعكة بتعبير ربات المنازل "قدرة قادر"!! نعم تشكّل القلب بقدرة قادر، و وقفت عند المعنى ليس من باب الدروشة- كما قد يتخيل البعض- و لا الجنون، و تذكرت حنين الجمادات و الأشياء التي ثبتت بالأحاديث الصحيحة في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما حنّ إليه جذع الشجرة، و أثنى على الجبل الأصم "أُحُد" بأنه جبل يحب المسلمين و هم يحبونه، و كذلك الأرض، و موضع سجود المسلم يحنّ له بعد موته.
نضجت "قدرة قادر"، و أكل أهلي و فرحوا بإنجازي، و فاطمة فرحت لصورة القلب، و كان وراءها رسالة أخرى وصلتني بقدرة قادر لأعيد إحياء هذه الصفحة من سيرة ذلك الرجل العظيم (طارق أيوب) علّها تكون نبراساً لأزواجٍ من بعده ما بدّلوا تبديلاً عن سيرة أعظم الأزواج محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم.
على كل حال كان تدبيراً منزلياً متأخراً و محزناً، و الرسالة التي خرجت بها نصيحة إلى كل فتاة أن تستجيب لتعليم أمها قبل زواجها، و لا تتهرب حتى تستكمل عنصراً من عناصر الزوجة الصالحة التي أكرمها الرسول -صلى الله عليه و سلم- فجعل إطعامها لزوجها و عيالها صدقة منها عليهم، و رسالة إلى الأزواج ألاّ يجعلوا معدتهم الطريق إلى قلوبهم، بل أن يجعلوا الطريق مفتوحاً ممهداً دون شروط مسبقة، أو التزامات من طرف واحد، و ليتمعنوا بما جاء في المثل: "لا تقدحْ في ذوق زوجتك فقد اختارتك أولاً"!!
منقول.....اللهم أسكن شهداءنا فسيح جناتك

طالبة النجاح
10-03-2010, 08:44 AM
مشكوره

والله يعطيك العافيه