المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ادخلوا وشوفوا زهد الامام الشافعي



غاليه وعاليه
18-12-2010, 09:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ** الإمــام الشـــافعـــي شـــاعـــر التــأمــل والــزهـــد **

الإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة وإليه نسبة الشافعيه كافة، وهو"أبو عبدالله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، وكان اباه قد هاجر من مكة إلى غزه بفلسطين بحثاً عن الرزق، ولكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة فنشأ محمد يتيماً فقيرا ً، وشافع بن السائب هو الذي ينتسب إليه الشافعي لقي النبي صلى الله عليه وسلم، أسر أبوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم أسلم، ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
أما أمه فهي يمانيه من الأزد وقيل من قبيلة الأسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، قيل إن ولادة الشافعي كانت في عسقلان وقيل بمنى، لكن الأصح أن ولادته كانت في غزه عام 150 هجرية وهو نفس العام الذي توفى فيه أبو حنيفه.
ولما بلغ سنتين قررت أمه العودة وابنها إلى مكة لأسباب عديدة منها حتى لا يضيع نسبه، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه أقرانه، فأتم حفظ القرآن وعمره سبع سنوات.
عرف الشافعي بشجو صوته بالقراءة، قال ابن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض:قوموا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه ( يصلي في الحرم ) استفتح القرآن حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته، فإذا رأى ذلك أمسك من القراءة.
ولحق الامام الشافعي يرحمه الله بقبيلة هذيل العربية لتعل اللغة والفصاحة، وكانت هذيل أفصح العرب، ولقد كانت لهذه الملازمة أثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقد لفتت هذه البراعة أنصار معاصريه من العلماء بعد أن شب وكبر، حتى الأصمعي وهو من أئمة اللغة المعدودين، يقول:" صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس."، وبلغ من اجتهاده في طلب العلم أن أجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغيرا ً .
حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا ً كتاب الموطأ للإمام مالك ورحلت به أمه إلى المدينه ليتلقى العلم عند الإمام مالك.
عرف الإمام الشافعي كإمام من أئمة الفقه الأربعة، لكن الكثيرين لا يعرفون أنه شاعرا ً، لقد كان الشافعي فصيح اللسان، بليغا ًحجة في لغة العرب عاش فترة من صباه في بني هذيل، فكان لذلك أثر واضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصله واطلاعه الواسع حتى أصبح يرجع إليه في اللغة والنحو.فكما مربنا سابقاً فقد قال الأصمعي صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس، وقال أحمد بن حنبل: كان الشافعي من أفصح الناس، وكان مالك تعجبه قراءاته لأنه كان فصيحا ً، وقال أحمد بن حنبل: مامس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة، وقال أيوب بن سويد: خذوا من الشافعي اللغة.
يعتبر معظم شعر الإمام الشافعي من شعر التأمل، والسمات الغالبة على هذا الشعرهي (التجريد والتعميم وضغط التعبير) وهي سمات كلاسيكية، إذ أن مادتها فكرية في المقام الأول، وتجلياتها الفنية هي المقابلات والمفارقات التي تجعل من الكلام ما يشبه الأمثال السائرة أو الحكم التي يتداولها الناس..



ومن ذلك:





مـــا حـــك جـلــدك مـثــل ظــفــرك
فــتـــول أنــــــت جــمــيــع أمــــــرك
مـــــــا طـــــــار طــــيــــر وارتــــفــــع
إلا كــــــمـــــــا طـــــــــــــار وقـــــــــــــع
نـعـيــب زمـانـنــا والـعـيــب فـيــنــا
ومـــــا لـزمـانـنــا عــيـــب ســوانـــا
ضافت فلما استحكمت حلقاتها
فـرجـت وكـنـت أظنـهـا لا تـفـرج




وقال أيضا:




إذا رمت أن تحيـا سليمـا مـن الـردى
وديــنـــك مــوفـــور وعــرضـــك صــيـــن
فــــلا يـنـطــق مــنــك الـلـســان بــســـوأة
فــكــلــك ســــــوءات ولــلــنــاس ألـــســـن
وعـيـنـاك إن أبـــدت إلــيــك مـعـائـبـا ً
فدعهـا وقــل يــا عـيـن للـنـاس أعـيـن
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافــــع ولــكــن بـالـتــي هــــي أحــســن


وقال أيضا ً:





الـدهـر يـومـان ذا أمــن وذا خـطــر
والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أمـا تـرى البحـر تعلـو فوقـه جـيـف
وتـسـتـقـر بـأقـصــى قــاعــه الــــدرر
وفـي السمـاء نـجـوم لا عــداد لـهـا
وليس يكسف إلا الشمـس والقمـر



وإذا كان شعر التأمل ينزع إلى التجريد والتعميم، فليس معنى ذلك أنه خال تماما ًمن الصور والتشبيهات الكلاسيكية، ولكنها تشبيهات عامة لا تنم عن تجربة شعرية خاصة، فشعر التأمل ينفر من الصور الشعرية ذات الدلالة الفردية، ويفضل الصور التي يستجيب لها الجميع، فالشافعي يقدم لنا أقوالا ً نصفها اليوم بأنها تقريرية..


** صور من أشعار الإمام الشافعي يرحمه الله **





ولمـا قسـى قلبـي وضـاقـت مذاهـبـي
جـعـلـت الـرجــا مـنــي لـعـفـوك سـلـمـا
تـعـاظـمـنــي ذنـــبــــي فــلــمـــا قــرنــتـــه
بعـفـوك ربــي كـــان عـفــوك أعـظـمـا
فمازالت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تــجـــود وتــعــفــو مـــنـــة وتــكــرمــا ً




في الـــزهــــد قــولــه:





عليـك بتقـوى الله إن كنـت غـافـلا ً
يأتيـك بــالأرزاق مــن حـيـث لا تــدري
فــكــيــف تـــخـــاف الــفــقــر والله رازق
فقـد رزق الطيـر والحـوت فـي البحـر
ومـــن ظـــن أن الـــرزق يـأتــي بــقــوة
ما أكل العصفور شيئا ً من النسـر
تـــزود مـــن الـتـقــوى فــإنــك لاتــــدري
إذا جـن ليـل هـل تعيـش إلــى الفـجـر
فكم من صحيح مـات مـن غيـر علـة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر




وفي مكـــارم الأخـــلاق قــولـه:




لما عفوت ولم أحقد على أحد
أرحت نفسي من هم العـداوات
إني أحيـي عـدوي عنـد رؤيتـه
لأدفــع الـشـر عـنـي بالتـحـيـات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه
كأنـه قـد حـشـى قلـبـي محـبـات
الناس داء وداء الناس قربهـم
وفـي اعتزالـهـم قـطـع الـمـودات




وفي مناجاته رحمة الله قــولــه:





بموقـف ذلـي دون عـزتـك العظـمـى
بمخـفـي ســر لا أحـيـط بـــه عـلـمـا
بـإطـراق رأســي باعتـرافـي بذلـتـي
بمد يـدي استمطـر الجـود والرحمـى
بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها
لعزتـهـا يستـغـرق النـثـر والنـظـمـا
أذقنا شـراب الأنـس يامـن إذا سقـى
محبـا ًشرابـا ًلا يضـام ولا يظمـا