المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤالٌ وجوابٌ عن تفسير قولهِ تعالى : (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ))



كيان
04-12-2003, 11:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سؤالٌ وجوابٌ عن تفسير قولهِ تعالى : (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ))

السؤال :
قرأت في تفسير عماد الدين أبي الفداء الإمام إسماعيل بن عمر بن كثير عليه رحمات الله عند تفسير قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) في سورة الأنبياء الآية 107 قوله : (... فإن قيل : فأي رحمة حصلت لمن كفر به؟ فالجواب ما رواه أبو جعفر بن جرير عن ابن عباس في قوله : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. قال : من آمن بالله واليوم الآخر، كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله، عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف. الطبري 18/552 )
فما تعليقك على ذلك ؟

الجواب :
ما نقلتَه من كلام ابن كثير فالجواب عليه ما يلي :
أولاً : بعد الرجوع إلى سند الرواية عن ابن عباس في " تفسير ابن جرير " فهي كما يلي :
1 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه فِي كِتَابه : " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ " قَالَ : مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر كَتَبَ لَهُ الرَّحْمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَرَسُوله عُوفِيَ مِمَّا أَصَابَ الْأُمَم مِنْ الْخَسْف وَالْقَذْف .

2 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر به .

3 - وقال ابن كثير في " تفسيره " : وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث الْمَسْعُودِيّ عَنْ أَبِي سَعْد وَهُوَ سَعِيد بْن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ .

فكما ترى أن المسعودي - وهو متكلم فيه من جهة حفظه فقد اختلط - مرة يقول : عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ سَعِيد .

ومرة : عَنْ أَبِي سَعِيد .

ثم بين ابن كثير كما في رواية ابن أبي حاتم من هو هذا الرجل بقوله : عَنْ أَبِي سَعْد وَهُوَ سَعِيد بْن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال .

وسَعِيد بْن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال ضعفه العقيلي ، وابن الجوزي ، والدارقطني ، والذهبي ، وابن حجر ، ولا عبرة بمن وثقه .

فالسند إلى ابن عباس معلول في هذه الروايةِ .

وقال ابن كثير أيضا : وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ عَنْ عَبْدَان بْن أَحْمَد عَنْ عِيسَى بْن يُونُس الرَّمْلِيّ عَنْ أَيُّوب بْن سُوَيْد عَنْ الْمَسْعُودِيّ عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ" قَالَ مَنْ تَبِعَهُ كَانَ لَهُ رَحْمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَنْ لَمْ يَتْبَعهُ عُوفِيَ مِمَّا كَانَ يُبْتَلَى بِهِ سَائِر الْأُمَم مِنْ الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف .

قال الهيثمي في " المجمع " (7/170) : رواه الطبراني وفيه أيوب بن سويد ، وهو ضعيف جداً ، وقد وثقه ابن حبان بشروط فيمن يروي عنه وقال : إنه كثير الخطأ . والمسعودي قد اختلط .ا.هـ.

الخلاصة : أن الأثر لا يثبت عن ابن عباس رضي الله عنه .

ثانيا : وأما ما قاله أهل العلم في تفسير هذه الآية : " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ " [ الأنبياء : 107 ] ، فقد بينوا أن الآيات الأخرى بينت المقصود من الرحمة بالنسبة للكافر ، وكذلك سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .

فالأمم السابقة كان يحل بها العذاب بمجرد التكذيب والآيات في ذلك كثيرة منها :

قال تعالى في شأن نوح : " فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ " [ الأعراف : 64 ] .

وقال تعالى في شأن هو : " فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ " [ الأعراف : 72 ] . والآيات كثيرة .

وأما من السنة : ‏عَنْ ‏‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏‏قَالَ ‏: ‏قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، قَالَ ‏: ‏إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً . رواه مسلم .

وهذه الرحمة هي للمؤمن ، والمنافق ، والكافر .

قال القاضي عياض في " الشفا " (1/91) : " للمؤمن رحمة بالهداية ، وللمنافق رحمة بالأمان من القتل ، ورحمة للكافرين بتأخير العذاب " .ا.هـ.

وقال أبو نعيم في " دلائل النبوة " : فأمن أعداؤه من العذاب مدة حياته عليه السلام فيهم ، وذلك قوله تعالى : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " [ الأنفال : 33 ] ، قلم يعذبهم مع استعجالهم إياه تحقيقا لما نعته به .ا.هـ.

والله أعلم .
_______________________

منقول من موقع الشيخ :عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل
zugailam@islamway.net

الشيخ محمد العويد
06-12-2003, 10:40 AM
شكر الله لك
وبارك فيك

كيان
09-12-2003, 09:15 AM
وشكرالله لك على مرورك الكريم .

أم هديل
10-12-2003, 10:23 AM
بارك الله فيك