المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة العفيف..!



¤ حنين الشوق¤
21-04-2006, 06:31 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محياه يحتمل أكثر من تأويل. له ألف وجه ووجه.. يتحدث في كل شيء، ويعرف كل شيء.. إذا ما وجد نفسه في جمع يذكر الله، تحزم وشمر على ساعديه وأطرق بصره وعلت وجنتيه حمرة مشوبة ببعض الإصفرار، وغاص في بحور العلم وعرج على سراديب علم الكلام، وتحدث عن السيرة العطرة للنبي العدنان، وعن حياء عثمان بن عفان وحكمة لقمان، وشجاعة خالد بن الوليد وباقي الفرسان، وعن كل من سارت بذكرهم الركبان.. كان الجميع يصغي إليه فاغرا فاه، مندهشا من قدرة هذا الشاب الذي يبدو ورعا تقيا عفيفا.. يتحدث عن الكرم فتخاله أكرم الناس، ويتكلم عن العفة فتحسبه أعف الناس، ويشرح معنى التقوى فلا تظنه سوى أتقى الناس.. وفي نهاية المجلس، يرفع كفيه للدعاء، ويتضرع لله بصوت رخيم يترك الأثر الواضح في النفوس.. وما إن ينتهي حتى يمتطي سيارته الفارهة التي تبلع الطريق بلعا.. لا يعرف أحد مقصده، فهو لا يحضر ذلك المجلس الديني إلا مرة كل أسبوع، وخلاله تأتيه الهدايا من كل حدب وصوب عرفاناً له على علمه الذي يغدقه عليهم، وعربونا لمحبتهم له.. وفي الطرف الآخر من المدينة، يظهر وجهه الثاني الممعن في التناقض الصارخ.. ففي جمع من خلانه وخليلاته، يلعب دور النجم الذي يستأثر بالكلام، ويستحوذ على كل الاهتمام.. أحاديثه كلها تنقلب رأسا على عقب.. يشمر على ساعديه ويرفع نظره عاليا ويجول به في كل مكان بحثا عن فريسة محتملة.. يَعلو وجنتيه احمرار ناتج عن سخونة المكان والأجساد.. يبحر في أحاديث الغزل وشعر أبي نواس ويثني على الحطيئة، ويدندن عاليا بأغاني الطرب الماجن.. طارت عنده سيرة النبي العدنان فحلت محلها أخبار هذه الراقصة وذلك الفنان، واندثر الكلام عن حياء ابن عفان، فلا بأس من رصد مغامرات فلان وعلان، ونسي ما قاله عن شجاعة الفرسان فتحدث عن عورات نساء الجيران.. ما يقوله عن الزنادقة والصعاليك لا يترك لك أدنى فرصة في أن تتهمه بالزندقة، وأحاديثه الطويلة عن النساء تجعلك تلقبه بزير نساء وبالك مرتاح.. لا يتورع في قول ما لا يمكن أن يخطر على بال انسان.. لا حدود يرسمها لثرثارته ولا خطوط حمراء لهرطقاته.. يبيح كل شيء ولا يحرم أي شيء.

في الضفة الأولى من المدينة، كان إذا ذكر الموت انكمش ونصح ووعظ بذكر هادم اللذات الذي يأتي للمرء بغتة فلا يمهله هنيهة واحدة، وإذا ما ذكر الحياة، شدد على أنها فاتنة وحذر من مغبة اللهو والفجور وتضييع الصلوات.. أما في الضفة الثانية البعيدة من نفس المدينة، فكان إذا ذكر له أحدهم الموت انتفض كالدجاجة التي تُذبح لتوها، وأزبد وأرعد وشتم ولعن الجميع فالمكان ليس مكان جزع وذكر للأحزان والمآثم وإنما هو للحبور والتحرر من كل الأغلال والقيود والارتواء من جميع الملذات بحلالها وحرامها، بِقَدِّها وقديدها.. أما إذا أتى على ذكر الحياة الدنيا، عيناه تكادان تغادران جحرهما الحقير لتحطا على الأجساد البضة للفتيات اللواتي يحضرن مجلس العار والشنار.. المرأة عنده هي رديفة للحياة، والاغتراف من هذه الحياة يعني استغلال جسد الأنثى أسوأ استغلال ورسم مقاطع الزلل على تضاريسه، وأداء سمفونية الشيطان على إيقاع الرذيلة.. ومع هذا كله، يتبجح بالدفاع عن حقوق هاته المرأة.. حاميها حراميها، هكذا هو.. ويعرف أنه لا يتغير إلاَّ مرة في الأسبوع حين يمكث بعض يوم واحد عند أولئك القوم الذين يعبدون الله ويذكرونه جل سحابة يومهم، ويكرمونه أيما كرم ويحمل معه الكثير من الهدايا وما لذَّ وطاب من الأكل والشرب، كأنه يبيع لهم ما يلوكه لسانه من فقه ودين.. ويأتي اليوم الذي قبضت فيه روح أحد هؤلاء الناس وكان رجلا جواداً وكريما معه، فاستدعاه القوم ليخصهم بكلمة وعظ في دار الهالك الذي كانت زوجته عمة أحد الشباب الذين يقيمون الليالي الملاح رفقة الواعظ المزيف.. فما كان يستطيع رفض طلب من أكرموا وأحسنوا إليه غير ما مرة حتى صار يملك المال والعقار.. حضر على عجلة من أمره وهو ينوي أن لا يجلس أكثر من ساعة لأن نفسه تضيق في مجالس الجنائز والمآثم وهو الذي تعود أكثر على مجالس الفن والمعازف والغواني.. ولما لم يشرع بعد في إسداء النصح والموعظة لأهل الميت واحتساب الأجر عند الله والصبر عند الصدمة الأولى حتى دخل بعض خلانه الذين يقضي برفقتهم ليالي الأنس والسهر.. وقف الكلام في حلقه، وتسمر أصحابه في مكانهم وأشاروا إليه جميعهم: "كيف.. أنت من تخطب في هؤلاء الناس؟ كيف وليلة أمس فقط كنت تعاقر قنينة نبيذ فاخر؟.."، وانقلب هدوء المكان ووقاره إلى جلبة وفوضى وضجيج عارم، فراح جميع من كان في البيت يبصق في وجهه ويلعنه، بل وثبوا وثبة رجل واحد فأشبعوه ضربا إلى أن خر مغشيا عليه.


بقلم الصحفي والكاتب/ حسن الأشرف

simaya
25-04-2006, 04:39 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
































:)











للأسف كثر فى هذا الزمان امثال هذا " العفيف " !!!!!!!:77:






يااااحسرة على العباد !!!






جزاكى الله كل خير ,,,




:46:



:97:













:56:

¤ حنين الشوق¤
25-04-2006, 03:59 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


أختي simaya
أشكر لك مرورك الطيب جزاكي ربي خيرا


دمتي بود حبيبتي

ياسر
25-04-2006, 05:23 PM
قال رجل وهو فى حالة الاحتضار لأحد أخوانه

قال له :
إياك أن تعرف ما كنت تنكر وأن تنكر ما كنت تعرف
وإياك والتلون فإن دين الله واحد


جزاك الله خيراَ

الأميرة الحسنآآآء
25-04-2006, 06:01 PM
يعطيك العافية أخيتي الغالية

موضوع رائع فعلا يستحق الوقوف عليه والتأمل فيه


بارك الله فيك اخيتي

وجزاك الله كل خيررررررررررررررررررر