المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنها أنت يامعلمتي



عاشقة (s)
17-10-2008, 03:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




سألت معلمة طلابها : من منكم يعرف معنى القدوة ؟ومن منكم لديه قدوة ؟ ومن هم قدوتكم ؟
تفاجأت بأن عدداً قليلاً جداً من الطلاب استجاب معها والباقون لا يعرفون شيئاً عن القدوة وكيف تكون ومن يستحق أن يقتدى به
فكرت ملياً كيف ستفهم الطلاب وتعرفهم بالقدوات فرأت أن تبعث إلى أهالي الطلاب رسائل تنبههم فيها لهذا الأمر وأهميته
وكتبت في الرسائل ما حدث معها عندما سألت طلابها عن القدوة وعلامات الاستفهام التي رأتها في نظراتهم
ووجهت لهم الكلام قائلة : لماذا لا نربي أبناءنا على الاقتداء وحب من شرفت بهم الأمة الأسلامية
عزيزي الأب وعزيزتي الأم إن لم تزرعوا في نفوس أبنائكم الحب والاقتداء بمن يستحقون أن يكونوا قدوات
فسيبحث أولادكم عن من يقتدون بهم بأنفسهم
فيرجع الأمر لكم في اختيار قدوة ومستقبل وطباع أولادكم
وبعد شهر من هذا اليوم سأكرر نفس السؤال على طلابي
وإن لم أجد منهم إجابات شافية فيؤسفني أن أخبركم بأن لا نهضة ولا صحوة لنا ما دمنا لا نهتم بهذه الأمور
وبعد فترة أسبوع انهالت على المعلمة رسائل الشكر والثناء من أهالي الطلاب وأولياء أمورهم
وانتظرت المعلمة مدة شهر كامل وأعادت السؤال على طلابها
من منكم يعرف معنى القدوة ؟ومن منكم لديه قدوة ؟ ومن هم قدوتكم ؟
فذهلت المعلمة عندما رأت الاستجابة من غالبية الطلاب سرت بهم ورأت فيهم مستقبلاً زاهراً
واختارت أحد الطلاب وكان اسمه رائد وطلبت منه أن يحكي لهم ويخبرهم عن قدوته ولماذا اختار هذه القدوة
بدأ رائد بالكلام قائلاً : قدوتي هو صحابي جليل أغلب الناس لا يعرفون عنه شيئاً وبعضهم حتى لم يسمع به
إنه الصحابي حدير رضي الله عنه وأرضاه كان حدير واحداً من جيش أعده رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم حدير فزودهم بما تيسر من الطعام ونسي بقدر الله حديراً الذي ظل صامتاً ولم يذكر بنفسه
وسار حدير صابراً محتسباً‚‚وقد شغل نفسه بذكر الله عز وجل مهللاً مكبراً حامداً مسبحاً
يقول:(لا اله الا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة الا بالله) وكلما رددها قال:نعم الزاد هو يا رب
أجل‚‚نعم الزاد هو‚‚وصبراً يا حدير‚‚إنه غذاء الروح والقلب والوجدان‚‚يمدك بالقوة المعنوية التي تعينك على المضيّ والثبات
ويزداد بذلك أجرك وقربك من الله‚‚وها أنت تفوز في الامتحان وما بعد ذلك إلا الفرج
وما غلب عسر يسرين‚‚لا سيما وأنت في سبيل الله وحق على الله عونك فاستبشر خيراً
واعلم أن رحمة الله قريب من المحسنين‚‚وبينما الركب يسير وحدير مستغرق في ذكر الله
إذ بجبريل عليه السلام يهبط ليقول للنبي صلى الله عليه وسلم :إن ربي أرسلني اليك يخبرك أنك زودت أصحابك ونسيت أن تزود حديراً
وهو في آخر الركب يقول:(لا اله الا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولاقوة إلا بالله وكلما رددها قال نعم الزاد هو يارب)
فابعث اليه بزاد
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فدفع إليه زاد حدير وأمره إذا انتهى إليه أن يحفظ ما يقول وإذا أعطاه الزاد أن يحفظ كذلك ما يقول
وأوصاه بأن يقول له:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويخبرك أنه كان نسي أن يزودك
وإن ربي تبارك وتعالى أرسل اليّ جبريل يذكرني بك فذكره جبريل وأعلمه مكانك‚
هب الرجل وانتهى اليه وهو يقول:لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله‚ويقول:نعم الزاد هو يا رب
فدنا منه ثم بلغه مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلامه ودفع اليه الزاد فحمد الله قائلاً: الحمد لله رب العالمين
ذكرني ربي من فوق سبع سموات ومن فوق عرشه ورحم جوعي وضعفي يا رب كما لم تنس حديراً فاجعل حديراً لا ينساك
فحفظ الرجل ما قال حدير ورجع الى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما سمع منه حين أتاه وبما قال حين أخبره
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أما إنك لو رفعت رأسك الى السماء لرأيت لكلامه ذلك نوراً ساطعاً ما بين السماء والارض
وتابع رائد : هذه هي قصة الصحابي حدير أحببت قصته واتخذته قدوة لي لأنه رضي بما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان متيقناً بأن الله أعلم وأحكم بأمره منه ورضي بقضاء الله وقدره وكان الذكر خير زاد يتزود به في الدنيا والآخرة
وكان ختام كلامه : اللهم كما جعلت حديراً لاينسى ذكرك حتى في وقت شدته فاجعلنا لاننسى ذكرك لافي الشدة ولا في الرخاء
صفق له أصدقاؤه وشجعوه وأعجبت المعلمة بما قدمه رائد وكانت فخورة به وقدمت له هدية تشجيعية له ولزملائه
وطلبت منه أن يعود إلى مكانه وقالت من سيأتي ويسمعني مثل أو أجمل مما سمعته من رائد
وقف أحد الطلاب وكان يدعى علاء وقال لزملائه :اسمحوا لي أن أكون أنا التالي لأعبر عن مافي داخل كل واحد منكم من بعد إذن معلمتي
أذنت له معلمته وقدمه أصدقاؤه على أنفسهم شكرهم وبدأ كلامه عن قدوته قائلاً : قدوتي هي امرأة
امرأة من هذا الزمان تعبت وسهرت وكافحت حتى تربي أبناءها
تحملتهم في وقت شغبهم ووجهتهم في وقت غفلتهم وجهلهم وشجعتهم في وقت خوفهم وترددهم وكافأتهم في وقت نجاحهم
كل هذا وكانت لا تنتظر منهم إلا أن تراهم شباباً وشابات متفوقين ومتفوقات يقهرون الصعاب ويتغلبون على الشدائد
أدت رسالتها بكل صدق والتزام وقدمت لأبنائها الكثير وما زالت تقدم لهم حتى تراهم في أبهى حلة
تريدون أن تعرفون من هي
إنها أنت نعم أنت يا معلمتي يزيدني شرفاً أن تكوني قدوتي
اتخذتك قدوة لي لأني رأيت فيك الأم الحنونة والمربية الحكيمة وامرأة اؤتمنت على أمانة فكانت خير حافظ لها
أسأل الله أن يديمك لنا ولمن بعدنا ويحفظك من كل سوء ويعينك على تربيتنا وتربية أبنائنا من بعدنا
ذهلت المعلمة لما سمعت وترقرقت الدموع في عينيها فرحة بطلابها
وقالت لهم أبنائي : لا أدري ما أقول لكم ولكن يكفيني أن أقول كلي فخر بأنني استطعت أن أعطيكم شيئاً مما علمتني إياه الحياة
وأكبر تقدير نلته في حياتي هو ما سمعته منكم اليوم آمل أن تبقوا على ما أنتم عليه من جد واجتهاد
وأن تكونوا في المستقبل من خير من يقتدى بهم



تمت بفضل الله

لؤلؤة2005
29-09-2012, 02:19 AM
بارك الله فيك .