المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة التائبات : اللصة البريئة



ام يحيى
27-10-2008, 03:39 PM
قصة التائبات
اللصة البريئة

تبدأ قصتها في ذلك الزمن البعيد، منذ تقريباً ثلاثون عاماً، كان عمرها يومها تسعة سنوات، و في بداية العطلة الصيفية، عندما أخذت أمها تمشط لها شعرها بالجاز (الكيروسين) و تخرج منه الحشرات التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، بالذات بين الفقراء، لكي تصحبها إلى إحد البيوت، لا تعرف لماذا لكنها قالت لها أسمعي الكلام يا سلمى في البيت الذي سوف نذهب إليه.
و ذهبتا إلى المنزل و قالت أمها لصاحبة المنزل : سلمى شاطرة و تسمع الكلام، و فرحت الطفلة جداً أن أمها تقول أنها كذلك، و مالت عليها أمها و قالت لها : أسمعي الكلام، و قامت لكي تمشي، و فرحت الطفلة سلمى لأنها سوف تجلس في هذا البيت الكبير الجميل الذي لم تر مثله من قبل.
و بدأت صاحبة المنزل تملي عليها ما سوف تفعله، ثم قامت الطفلة كي تدخل الحمام لكنها لم ترى قاعدة الحمام التي تشبه قاعدة حمام منزلها و سألتها الطفلة : أين أقضي حاجتي ؟، و أشارت لها صاحبة المنزل : هنا، و أغلقت الطفلة الباب و جلست على القاعدة و لكنها خائفة أن تقع إما داخلها أو على الأرض، فجلست مدة داخل الحمام، فإذا بصاحبة المنزل تفتح عليها الباب لترى الطفلة تجلس فوق القاعدة و كأنه حمام بلدي، أي تجلس فوق القاعدة القرفصاء، و علمتها صاحبة المنزل كيف تجلس على القاعدة، و أرسلت لأمها في التو لكي تأخذها، و هي تقول لها : حرام البنت صغيرة جداً على الشغل في البيوت.
بعد يومين ذهبت سلمى مع أمها إلى بيت آخر و هي تقول لها أسمعي الكلام، و تركتها و ذهبت، و فرحت سلمى أيضاً و قد عرفت العيب الأول و لن تفعله مرة أخرى، عرفت تجلس على قاعدة الحمام فليس لديها عيب آخر، و أخذتها صاحبة المنزل و قالت لها : هذا المطبخ أول شيء إغسلي هذة الأواني، هاتي كرسي و قفي عليه لكي تطولي الصنبور، و عندما تناديني قولي يا ستي، و بدأت حياة الشقاء و الذل و العذاب لسلمى الطفلة الخادمة، كانت كل ما تقول لها سيدتها : أنتِ شاطرة، تفني نفسها في العمل .. كانت إمرأة قاسية لا تحبها تجلس أبداً، حتى أحياناً كانت الطفلة تغفل و هي تعمل، و متى يأتي ميعاد النوم تنام على فرش المطبخ على الأرض و تغطي نفسها بملاءة قديمة، كانت شدة قساوة هذة المرأة أن تأكل هي و عائلتها لتترك الفضلات لسلمى لتأكل هي أرز غير نظيف و عظم و دهون رمتها سيدتها و أولادها، ظلت سلمى هكذا في الصيف تذهب لسيدتها و في الشتاء تظل مع أهلها و تذهب إلى المدرسة، تعلمت سلمى من شدة قسوة هذة المرأة و شدة الجوع و الفقر أن تسرق، في البداية كانت تسرق قطعة من اللحم أو بعض الأرز النظيف من الإناء، أو قطعة حلوى، أو رشفة لبن، خصوصاً أنهم كانوا يجلسون في الصباح للإفطار و مع كل منهم كوب لبن و سلمى ليس لها لبن، و تعلمت الطفلة بعد ذلك كيف تسرق المال لتشتري به قطع الحلوى، و لم تكتفي بهذا بل إستطاعت أن تسرق بمهارة من زميلاتها بالمدرسة، و لم تترك أبيها و أمها و أخواتها، بل لاحقهم الأذى و كلما كبرت و أشتد عودها زادت سرقتها و زادت مهارتها، و لم يكتشف أحد أبداً أنها هكذا، و كبرت سلمى و أصبحت آنسة بل و تخرجت و عملت في إحدى الشركات و هي تمارس هوايتها البذيئة حتى مع زميلاتها و زملائها بالعمل، و لكن ليس من أجل الحلوى بل من أجل اللبس و المكياج فكانت تلبس كل أنواع اللبس المبهرج السافر، فهذا الفستان بدايته الصدر و نهايته فوق الركبة، و هذا البادي بكم واحد، و تلك الجيبة الميني جيب، و ذاك البنطلون المظهر لمفاتن الجسم، و اليوم معها ميعاد مع فلان، و باكر ميعاد مع آخر، و عاشت سلمى سنوات الضياع سنة وراء سنة، و في صباح ذلك اليوم وقفت الشابة الجميلة أمام المرآة تمشط شعرها و تضع مكياجها، و لكن فجأة توقفت عن هذا و أخذت تشير إلى المرآة و تقول : من أنتِ ؟، و تجيب على نفسها : أنا !!!، أنا حشرة، ثم سكتت برهة و هي تنظر إلى المرآة، و تعاود مرة ثانية، و تقول : لا، الحشرة أفضل منكِ فكل الكائنات تسبح بحمد ربها، إذاً من أنتِ ؟!!، و تجيب : شيطاااانة .. شيطاااانة، نعم، أنا شيطانة، و أخذت تبكي و تبكي و تتذكر فيما تفعله و تزداد بكاء، و فجأة إنقطعت عن البكاء و صرخت و هي تقول : إلى متى ؟، أذهبي إلى الحمام لكي تغتسلي و تمحي كل ما علق بجسمك من قاذورات المعصية، و فعلاً دخلت سلمى الحمام و خرجت منه و كأنها ولدت من جديد و أرسلت إلى زميلة لها لكي تحضر لها شيء من ملابسها المحتشمة الدينية لكي تلبسها و تنزل تشتري ملابس تليق بها كإنسانة، و تعلمت كيف تعبد الله الواحد الأحد، بل و داومت على حضور دروس المساجد، و حلقات القرآن، و عرفت طريق الحق، و نسيت طريق الباطل، و عاشت قريرة العين تستغفر ربها و تطلب منه العفو و المغفرة و الرحمة، و تتذكر قول الله تعالى : (أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم) الأنعام 54.

لؤلؤة2005
29-09-2012, 03:28 AM
بارك الله فيك