المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مريم العذراء



شجون حائرة
16-10-2008, 05:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كتبت هذه القصة يوم الاثنين 9 / من جمادي الأول سنة 1097 من وفاة الرسول
الموافق 28 / 12 1987
الساعة 6.00 مساء
ولقد أستوحيت جزء منها من الحقيقة

مريم العذراء
لا يتبادر إلى أذهانكم أني سوف أقص عليكم قصة السيدة مريم العذراء أم رسولنا عيسى عليهما الصلاة و1لسلام . فتلك قصة نعرفها جميعا فقد درسناها وتعلمنا منها العظة والعبر وإن الله عزوجل إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون ´" وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا " كما قال عز وجل في كتابه الكريم مخاطبا زكريا . ولكن ما سأقصه عليكم وهو قصة تدور حول فتاة اسماها أهلها مريم تيمنا بالسيدة مريم العذراء . ولم تخيب الفتاة ظن أهلها بها إذ نشأت حقا نشأة هي أشبه في طهارتهاوصفاءها بنشأة مريم العذراء فلقد كانت حقا عذراء طاهرة شريفة زاهدة في امور الدنيا تقضي معظم وقتها في الصلاة والعبادة وتلاوة القرأن وكأنها أرادت أن تثبت لأهلها أنها جديرة بحمل اسمها المقدس المعنى .. وهكذا ترعرعت مريم . كبرت وهي تجهل كل شئ عن الخداع والمكر والغدر والكذب والنفاق ، فما في قلبها على لسانها . حتى انها كانت لشدة طهارتها ونقاء نفسها ترى كل الناس من حولها طاهرين أتقياء بل كانت ترى الحياة كلها صافية نقية ، ولو قالوا لها أن الحياة التي تحيط بها ملوثة وأن الناس من حولها ليسوا إلا منافقين ولا يوجد بينهم سوا عدد قليل من الصادقين مثلها ، لا ما صدقتهم لأن لها عينان لا يريان غير الصفاء والنقاء...أستمرت حياة مريم على هذا المنوال حتى تعرفت على فتحي أثناء عملها بالمستشفى لإجراء عملية الزائدة وكان فتحي طيبيب بهذ المستشفى وبعد محاولا ت عدة لجذب انتباهها استطاع أن يخبرها أنه يحبها فصدقته وبادلته حبه بحب أكبر وسلمته مفاتيح قلبها فاحتله احتلالا كاملا وبدون منازع. ومالضير في ذلك الم يكن الحب منذ عهد آدم وحواء رمز من رموز الخير والمودة الصافية وكما عاشت مريم ترى الصدق في كل ما حولها فقد خيل لها أنها وجدته في الشاب الذي احبته وازادات به تعلقا واصبحت لا تستطيع التخلي عنه فلقد احبته بكل مافي نفسها من صدق وكل ما في قلبها من صفاء وكل ما في اعماقها من طهارة ، وكانت تنتظر بفارغ الصبر أن يزدهر هذا الحب وينمو نموا طبيعيا بعيدا عن التعقيد بعد أن يربط بينهما رباط الشرع والدين ، كما ربطت المحبة بين قلبيهما ، وبدأ فتحي يغرس فيها أسلوبه ومبادئه ، بدأ يعلمها أن الحب عطاء وأن الذي يحب يعطي بدون أن ينتظر مقابل وتضحية بكل ما نملك في سبيل اسعاد من نحبه ، لقد عزف لحنه ببراعة فائقة على نقاط ضعفها فهي كانت دائما تضحي بكل ما تملك في سبيل اسعاد من حولها حتى أنها كانت تتنازل وبكل طيبة خاطر عن افطارها عن المدرسة لمن لم تحضر معها افطار ‘ إذا كان معها نقود فهي تدفعها كلها لشراء ما تشتهيه زميلاتها وهي سعيدة بذلك ، فهي من النوع الذي يجد سعادته في سعادة الآخرين ، وكانت الفتيات في المدرسة تستغلن نقطة ضعفها هذه بكل مافي نفوسهن من خبث ومكر ونفاق ، لم تكن تصدق أن صاحباتها يستغلن طيبتها وسذاجتها ، لأنها تظن كل القلوب كقلبها ، لقد كانت تتخلى عن أجمل أثوابها لكل من رغبت في أحد هذه الأثواب وكثيرا ماكان أهلها يغضبون منها لأن الكثير منهن لا يرجعن ما يأخذنه منها مهما بلغت قيمته حتى الذهب أحيانا ، فكانت تبتسم لأهلها بطيبة وتقول لهم : المهم أنني ادخلت السعادة لقب صديقتي وجعلتها تحضر الحفل بثوب جميل ، إن الملابس تبيد ويمكن أن نشتري غيرها ، أما الاصدقاء فإننا إن فقدناهم لن نستطيع أن نعوضهم .
وفي بعض الاحيان كان والدها يغضب منها ويحرمها من المصروف لا عن بخل فيه ولكن حتى يجعلها تدرك أنها أن الناس ليسوا كلهم مثلها ، فكانت تذهب إلى المدرسة فتبقى صائمة حتى تعود إلى البيت فالفتيات عندما يعلمن أنها ليس معها نقود يذهبن عنها ويتظاهرن بأنهن لا يرينها ، وحتى لو تبرعت أحداهن بمشاركتها افطارها فهي ترفض وبشدة لأنها تأبى أن تحرم غيرها من طعامها حتى ولو كانت تشعر بجوع شديد ،، الوحيدة التي كانت صادقة معها هي صديقتها وفاء فهي لم تصادقها من أجل أن تستطيع أن تغش منها في الامتحان أو أن تستغلها في حل الواجبات أو مصلحة أخرى .بل لآنها وجدت فيه ما لم تجده عند غيرها من اخلاص وطيبة وكانت وفاء تعيش الحياة بواقعها حلوها ومرها وتعامل الناس كلا حسب طبيعته ، ولا يستطيع أحد خداعها فهي تعرف كيف تكشف الخبيث من الطيب وعبثا حاولت أن تجعل من صديقتها مريم نسخة منها ولكن بأت محاولاتها بالفشل ، فمريم ترى الحياة رائعة الجمال وشطبت من قاموس حياتها كل كلمات الغش والخداع وأبت أن تصدق أن هذه القذارة موجودة وعندما حاولت وفاء أن تثبت لها بالبراهين القاطعة والادلة الساطعة مكر وخداع ونفاق بعض الناس كانت مريم تجد لهم الاعذار وتقول لم يولد الانسان شرير وفي داخل كل منا يوجد الخير والطيبة .
فتركنها وفاء للأيام لتعلمها ، وكلما أساء إليها شخص ما بقول أو بفعل لا تغضب سوا لحظات قليلة ثم سرعان ما تسامح بكل ود وطيبة خاطر ، لم يرها أحد غاضبة أو مكشرة فالابتسامة لا تفارق ثغرها الجميل إلا غذا رأت أحد ما يتألم فإن الحزن سرعان ما يرتسم على محياها الجميل وتهب لمساعدته ومشاركاته احزانه وتحاول قدر امكانها التخفيف عنه ، كانت دموعها سخية تسكبها كلما شكا إليها الناس مشاكلهم لأنهم غالبا ما يجدون عندها الحل وتنجح مساعيها في التوفيق بين المتخاصمين وكم من مرة ساهمت في محو الحزن من قلوبهم والغضب من نفوسهم ، فهي بطيبتها وسماحتها لا يستطيع احد أن يرفض لها وساطة وكم من زوجة عادت لزوجها بعد أن كانا على وشك الطلاق ، وكم من أسر ساهمت مريم في حل مشاكلهم المادية والمعنوية ، حتى إن معلماتها وجارتها يلجئن لها دوما في كل ما يواجهنه من صعوبات فإن مجرد الحديث إليها وهي تسمعهم بإذن صاغية وترد عليهم بكلمات طيبة يريحهن ،، ولكن هذه الطيبة وهذا التسامح كانا أهم نقاط ضعفها وكان بعض الخبثاء يستغلون فيها هذا الضعف لمصلحتهم فمثلا كانت بعض الجارات تتمارضن وترسلن في طلب مريم لتساعدهن ، بل لم تكن في حاجة لأن يرسلن لها ، فهي ما أن تسمع بأحد جارتها مريضة حتى تترك كل شئ وتسرع إليها فتنظف لها البيت وتطهو لها الطعام وتهتم باطفالها ، وبرغم خبث بعض النوايا فالجيران كلهم يحبون مريم ويحملون لها كل الاحترام والتقدير ، حتى الذين يستغلون طيبتها وسذاجتها لا يحملون لها في قلوبهم إلا الاحترام والود ، بل أن البعض منهم كانوا يرونها غريبة وشاذة في طباعها ويعاملونها كأنها ولية من أولياء الله الصالحين فيطلبون منها أن تدعوا لهم ويستشرونها في ما صعب عليم من أمورويعملون بنصائحها .
تخرجت مريم من معهد التمريض وكان الجميع يتوقعون لها هذا المجال لأنها كانت دوما تهتم بتضميد الجرحى ، ومساعدة المرضى واشتغلت في مستشفى المعاقين تمنحهم كل الحب والمواساة .
استمرت حياة مريم بحلوها ومرها وقلبها لا يعرف غير التسامح والحب ، إلى أن تعرفت على فتحي وهو طبيب معها بنفس المستشفى، وأحبته وصدم كل من علم بحبها فمريم في نظرهم ملاك طاهر لا يجب أن تحب وخاصة لأنهم يعلمون علم اليقين برفضها المستمر لكل الخطاب وعجز والديها عن اقناعها ولم يزد الناس رفضها إلا اصرارا على خطبتها فالكل يريدها برغم أنها لم تكن ذات جمال فائق لكن روحها الطيبة تطغي عليها فتكسب ملامحها العادية جمالا خلابا .
الكل يتقدم هذا يريدها لأبنه وهذه تريدها لأخيها وتلك تخطبها لخالها وذاك يرغب فيها لنفسه ، ولا يملون من المحاولة ، وكأنما كان يكفيهم من مريم أن يطلبوا يدها حتى ولو رفضت ، ولم يكن أحد يغضب من رفضها بل ربما وجدوا الأمر طبيعيا فهم يرون أنفسهم من طينة غير طينتها ويرون أنهم غير جديرون بها ،، لذا لم يصدقوا أن مريم يمكن أن تحب أن تتزوج زواج تقليدي ممكن أما أن التحب فمستحيل . وظل الجميع ينتظرون النتيجة هل يمكن لفتحي أن يفوز بما لم يفز به غيره ..لقد حاولو جميعا أن يفزوا بالزواج منها دون أن ينجح أحدهم في الحصول على قلبها . لأنهم يعلمون أن قلبها يحب كل الناس وأنها تسعد كل من تحبه فما حاجتهم للمزيد ، وهي أيضا لم تكن تصدق بأنها سوف تجد حبا يختلف عن حبها لكل الناس ، ولماذا فتحي دون غيره هو من فتح مغاليق قلبها البري وتربع على عرشه دون منازع ، لماذا هو وحده من تمنت أن يشاركها حياتها وبنت الأمل حوله ، ألم ترفض كل من تقدم لها ومنهم من هو أكثر وسامة ، وأحسن نسبا ، وأعلى مقاما ، وأزود غنى فلماذا يقفز قلبها عند رؤيته وهو لم يحدثها في أمر الزواج بعد.
وكان فتحي يحار في معاملتها احيانا فيعاملها وكانها كوب زجاجي يخشى أن يكسره ، وكانت هي ترتاح لمعاملته وتعجب بإسلوبه في الحديث والحياة .. وتقدم فتحي لخطبتها فواق أهلها بعد أن عرفوا بموافقتها ،، وكان سرورهم كبير لأن مريم أخيرا أقتنعت أن لا مفر لها من الزواج . وتم إبرام عقد الزواج و سعد اهلها فهذا يجعلهم يطمئنون عليه إذا خرجت مع فتحي فكم من مرة حاول فتحي اقناعها بالخروج معه قبل عقد القران ولكنها كانت ترفض وبشدة واقنعها بأنها الأن زوجته ويجب أن يخرجا معا ليشتريان ما يلزمهما مستقبلا ويجهزا بيتهما ويتنزهان معا ، وفي البداية كانت أخلاق فتحي على أحسن ما يرام ولم يفعل ما يخدش الحياء . وما أن تأكد بأن مريم أصبحت تثق فيه ثقة عمياء ، حتى أصبح يطلب منها أشياء هي لا تقرها ولا تسمح بها أبدا .. وبأ يعزف على نقاط ضعفها ويقنعها بأن الحب عطاء بلا حدود وكانت تعطي ، حتى جاء اليوم الذي حاول فيه سلب أعز ماتملك ، فقاومته ورفضت بشدة ، فقال لها ألسنا زوجين أمام الله والناس فما الذي يمنع من أن نجعل زواجنا حقيقيا الآن ، ولكنها كانت ككل فتيات بلدها تدخرن ذلك لليلة مشهودة يجب أن تقدم فيها صك برأتها لكل الناس ، ولم يمل فتحي من اقناعها وكان له اسلوب شديد الاقناع جعلها تطيعه في لحظة ضعف دونما تفكير في العواقب ، أليس هو زوجها وعليها إسعاده وطاعته كما أمرها الله ورسوله ، فلماذ التردد ؟ هل تتركه يلجأ للحرام كما يهددها دوما .. وضحت مريم بأغلى ما تملكه الفتاة ، وعندما أفاقت لم تصدق أنها فقدت عذريتها في لحظة طيش ، يا إلهي أنها بعد الأن ليست مريم العذراء ولا يحق لها أن تحمل هذا الأسم ، كيف أستطاع الشيطان أن يغرربها كيف ؟ .
وبكت مريم كما لم تبكي في حياتها ، ولكن هل تغس الدموع ما تحمله في قلبها من آلام وندم : لماذا وافقت على الزواج أنا لم أخلق للزواج ليتني قضيت عمري راهبة . ولكن لا رهبانية في الاسلام والزواج ضرورة انسانية بحته . وطمأنها فتحي بقوله : لا تخافي سوف نعجل بالزواج وسوف لن يكنشف أمرك ليلة الزفاف ... وراحت مريم تستعجل الزفاف وفتحي يماطل حتى أكتشفت ذات يوم أنها حامل لا لا يمكن مستحيل ، كيف ستواجه الأمر ، يا إلهي أرحمني من هول الفضيحة فمجتمعنا لايعترف بالزواج قبل ليلة الدخلة ، وذهبت واخبرته بالأمر، فصرخ فيها كيف ماذا ؟ عليك أن تتخلصي منه حالا .. ولكن عليك أن تساعدني ماذا علي أن تفعل ؟ . : لا أدري ماذا افعل لك ان تتخلصي من الجنين سريعا سوف أتكلم مع أحد أصدقائي من الاطباء لإنزال الجنين وإلا لن نستطيع الزواج فلن أتزوج من فتاة تنجب بعد اشهر قليلة من الزواج ماذا سيقول أهلي عنا ،
: ماذا يقول أهلك عنك من المفروض أن أقول أنا هذا الكلام ألم تقنعني بأن ما فعلناه حلال وإننا متزوجان شرعا ، ألم تقنعني بأن الحب تضحية وعطاء فهلا ضحيت من أجلي كما ضحيت من أجلك بأغلى ما أملك كيف تطلب من أن نقتل نفسا حرمها الله أين اليمين الذي قسمته عندما تخرجت من الطب ، رد فتحي بتأفف حسنا عودي إلى البيت وسوف أتدبر الأمر ، وعادت مريم منكسرة ذليلة الدمعة في عينها واغصة في قلبها ، وعبث حاول أهلها إدراك سر حزنها ، ولم يشغلوا بالهم بالأمر كثيرا فهي كثيرا ما تحزن لأجل مشاكل الناس فتنقطع عن الطعام والشراب وتعتزل في غرفتها ، إتصلت بفتحي لتستعجله في حل سريع لمشكلتهما كما وعدها ، فأخبرتها أمه بأنه سافر خارج البلاد في رحلة عمل طويلة تستغرق أشهر كيف ألم يخبرك .. السفر يا إله الكون رحمتك ..وازدادت حالة مريم سؤ فادرك الجميع أن وراء حزنها الدائم وذبولها المفاجئ أمر جلل ، وبدأت أمها تلاحظ تغيرات في جسمها ، ولكنها لم تصدق ظنونها فهي تثق في ابنتها ثقة كاملة ولا يمكن أن تشك فيها ، ولكن مريم بعد أن ضاقت بها الدنيا لم تجد أمامها سبيل غير أن تخبر أمها بما حدث علها تساعدها ، ولم تصدق الأم ما سمعته لا يمكن أن تصدق أن سذاجة مريم تصل بها إلى هذا الحد فلقد ربتها على الشرف والفضيلة ، ولطمت الأم وجهها ثم إنهالت على مريم بالضرب والشتيمة، لم تترك مفرد من مفردات اللغة في الاهانة والشتيمة إلا صبته على رأسها ، ومريم صامته لا لا تطنق فقد وجدت في ضرب أمها لها راحة من عذاب الضمير فهي تستحق كل كلمة ، وبعد أن هدأت الأم قليلا من هول الصدمة عرفت أن عليها أن تتدارك الأمر بسرعة قبل أنتشار الفضيحة ، واسرعت إلى أم فتحي تستنجد بها فصدمت هي الأخرى ولم تصدق وحاولت الاتصال بإبنها فلم تعرف له عنوان ، ولم تعرف المسكينة كيف تواجه الأمر فهي متأكدة من صدق مريم وأن الجنين الذي في بطنها هو إبن فتحي ولكن أين هو كيف يختفي هكذا دون يخبر وعنوان وكيف كذب عليها وقال إنه ذاهب في رحلة عمل ، ولم يطل بها التفكير طويلا فقد جاء البريد برسالة من فتحي . وكانت مفاجأة مذهلة للجميع فقد وجدوا فيها ورقة طلاق مريم . وغضب والده أشد الغضب اشد الغضب وتسأل عن سبب الطلاق وعندها لم تجد زوجته من مفر غير أن تخبره بالحقيقة كاملة . فطلب منها كتمام أمر الرسالة حتى يسافر ويبحث عن فتحي ليأتي به ويصلح خطأه فمريم في النهايه لم تحمل سافحا بل هي زوجته شرعا . ولكن نسخة من ورقة اطلاق كانت قد وصلت لوالد مريم ومعها رسالة خبيثة من فتحي يخبرهم فيها أنه أكتشف إن ابنتهم ليست عذراء وإنها حامل من غيره وتريد الصاق الأمر به لذا طلقها ، وانفضح الأمر وانتشرت الفضيحة انتشار النار في الهشيم ، وكثرت الشائعات وسقطت مريم من أعين الجميع وتناسوا أنها متزوجة لأنهم على حد قولهم لو كان زوجها هو من فعلها لما طلقها وذابت تلك الهالة من القدسية التي كانوا يحيطونها بها .. في البداية لم يصدق بعضهم ودافعوا عنها لكنهم سرعان ماصدقوا وبدأوا يجدون من القصة أمرا للتسلية في مجالسهم وزادوا ما شاءوا من شائعات وحاكوا حولها الاشاعات ، فأكد بعضهم أنها كانت تتظاهر بالطيبة ولأدب وهي تتستر على شخصية ساقطة غارقة في الرذيلة ولعلها وافقت على فتحي وتظاهرت بحبه لتلصق به الفضيحة . ولاكت الألسن التي كانت تمدحها عرضها وذات يوم أخذها أخوها في السيارة وهو يبيت النية على ذبحها ليداري العار الذي ركبهم وعرفت ما يدور في خلده فلم تمانع وفي الطريق مرت السيارة بجسر مرتفع فطلبت مريم من أخيها أن يتوقف للحظات ونظر لها خوها بغضب وسرعان ما تحولت نظرة الغضب إلى شفقة فهو حتى الأن لم يصدق إنها مرغت رؤسهم في الوحل .
فتحت مريم باب السيارة وهي تضع في يد أخيها ورقة وبدون كلمة نزلت بسرعة من السيارة وقفزت من أعلى الجسر تجمد اخوها من هول الصدمة وعندما آفاق نزل مسرعا من السيارة أطل من أعلى الجسر فرأى مشهدا لن ينساه طوال حياته وأغمض عينيه من من هول مارأه وبيد مرتجفة فتح الرسالة التي دستها مريم في يده قبل أن تقفز " بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز لم أشا أن أجعلك تلوث يداك الطاهرتان بدمائي فلقد سمعتك تتحدث مع أبي وعرفت أنك تريد قتلي لتمحو العار بعد كثرة الشائعات التي نسجت حولي وكلام الناس الذي لايرحم ولكن أقسم لك بجلالة الله القدير بأنني بريئة من كل ما ينسجونه حولي من أكاذيب لقد أخطأت نعم ولكن عندما سلمت نفسي لزوجي قبل ليلة الزفاف وهذا أمر لايحاسبنا عليه ديننا فنحن زوجان شرعا ولكن المجتمع لا يرحم وقد زاد الأمر سؤ طلاق فتحي لي مما جعل من قصتي أرض خصبة لزرع الأكاذيب بل وريها حتى كبرت ولم يعد بالامكان القضاء عليها وكأنها نبات خبيث ينمو بسرعة جنونية ويلتهم كل ما حوله ولم يكن من حل للقضاء عليها سوا باتمام الزواج ولكن زوجي تخلى عني بعد أن نال ما أراد مني سامحه الله واصبحت سببا في تحطيمكم وحبسكم في البيت فرارا من كلام الناس وإذا تركتك تقتلني فسوف تسجن وتضيع احلامك وأنت لك زوجة تحبك وأولاد في أمس الحجة إليك لذا قررت وضع حد لهذه المأساة وأنهيت هذه الحياة الزائفة بيدي وأرجو أن تطلب من أمي وأبي واخوتي جميعا أن يسامحوني ويدعوا لي باستمرار عسى أن يغفر الله لي ذنبي العظيم بانتحاري كما أرجو أن تنشر رساتي هذه ولو بأسم وهمي حتى تتجنبوا المزيد من الذل والفضائح علها تكون منقذ لفتيات غيري من الوقوع في الهاوية بسبب لحظة ضعف ومشاعر زائفة " وهكذا انتهت مريم بنهاية بشعة تغضب الله بعد إن كانت من أحسن الناس إيمانا وظلت قصتهالمدة طويلة تتردد على السنة السمار وخاصة على شفاه الأمهات يحذرن بناتهن من الذئاب ... وعاد فتحي بعد غياب طويل .قد يكون شعر بالندم وانبه ضميره .. ولكنه نسى وخطب من جديد وتزوج ولم يمنع أهل الفتاة ماسمعوه عنه من قصته مع مريم من تزويجه ابنهم فهو رجل والرجل لا يعيبه شئ ، وهدأ غضب والديه ونسيا الحكاية المهم إ‘ن ابنهما عاد إليهما . ولم تتغير نظرة المجتمعلفتحي ابدا حتى ولم يحملوه بعض اللوم فاللوم يقع على مريم فهي المرأة وهو الرجل والرجل لا يحاكم في قضايا الشرف والفضيلة .. ولم تنتهي القصة فكم من مريم وكم من فتحي في المجتمع أنها قصة الدهر ولو تعدد أبطالها وتنوعت أسبابها ونهاياتها . فالزمن لا يخلو من الذئاب ولا من الحملان الضعيفة والذكي هو من لايبقى حمل تأكله الذائاب بل عليه أن يكتسب حيل الثعالب وشراسة الذئاب ليواجههم بنفس اسلحتهم ..أليست هذه القوانين الخاطئة سببا في تدمير الكثيرون . فيا ترى متى سوف يعم الصفاء والطهارة ونستطيع تنقية المجتمع من التلوث أم أنه كثقب أوزون في الجو يززداد خطرا مع مرور السنوات ، أنتبهوا لهذه الأمة قبل أن ييجرفها الطوفان ويعمها الفساد فلا يعوبامكاننا انقاذها ..


تحياتي للجميع وأرجو أن تنا إعجابكم

لؤلؤة2005
29-09-2012, 04:56 AM
بارك الله فيك .