روعة الايمان
15-08-2008, 01:51 AM
--هبـــــــــــة الله--
لم تعي أن سن ذلك الرجل ضعف سنها 3 مرات و انه بدأ يستعد لاستقبال مرحلة الشيخوخة فقد قضى من عمره الكثير الحلو والمر رفقة زوجته سهام وبناته التوأم روان وريم اللتان تبلغان 17 عاما,وهي الأخرى لم تتعدى ذلك السن بعد ولكنها دخلت دوامة الكبار منذ يوم نجاحها. في ذلك اليوم الذي أخدها والد صديقتيها روان وريم المسمى طلال إلى نزهة قصيرة في أرجاء المدينة و تعرفت على الأماكن التي لم تزرها من قبل مع والديها.فهي لم تحظى يوما بأم حنونة ذلك أنها وافتها المنية عندما كانت طفلة لم تتجاوز 5 من عمرها أما والدها فطالما كان جسده موجودا أما روحه فهي غائبة قبل ولادتها,يتناول الخمر كل ليلة ليس لأنه فقد زوجته ولا لأنه سخط على وضعيته وإنما لان بعده عن خالقه كبعد السماء عن الأرض.أما أخوها كان شابا مستقيما متدينا لأنه تربى عند عمه بعد وفاة والدته منذ مراهقته حتى أصبح راشدا يبلغ 25 سنة ويدعى كمال.
لم يكن دخول هبة إلى دوامة الكبار في مجال العمل ولا في مجال الدراسة وإنما في حفرة الحب الأعمى,فقد أحبت والد صديقاتها طلال حينما قدم لها هدية النجاح فلمست فيه الأب الموجه والأم القلقة على ابنتها وهو بدوره كان يشفق على الفتاة المسكينة.كان طلال يعتبر هبة ابنة له ويدعوها لقضاء أيام العطل مع بناته فتخرج العائلة كلها لتبضع والاستجمام فلم تجد هبة أروع من ذلك الجو النقي بين أفراد العائلة حتى تنسى صراخ والدها الدائم الغير مبرر وصورة والدتها التي تضعها قرب وسادتها.
بعد مرور سنة,بقيت اللقاءات على حالها يزداد معها حب الفتاة لذلك الرجل وتزداد معها الأسئلة في جعبته حول سر نظراتها الغريبة له واهتمامها الزائد بخدمته.إلى أن صادفت ذات يوم صورة طلال وهو يبدو في حالة سكر في إحدى الحفلات فانهمرت دموعها لما رأته لأنها رأت فيه صورة والدها التي لطالما حاولت نسيانها معوضة إياها بصورة طلال.لم تكد تضع هبة البوم الصور حتى دخلت صديقتها روان وقد لاحظت دموعها فما كان منها إلا أن سألتها عن السبب فبررت هبة بكائها بتذكرها لحالة والدها واستفسرت عن الصورة لتعلم أن الملاك طلال في عينها كان نسخة لوالدها وإلا لما كانا صديقين أما الفضل في استقامته الحالية فيعود لله تعالى وزوجته المخلصة التي أرشدته للطريق الصحيح بعد عناء سنوات.ربما كان هذا ما لم تستطع والدة هبة القيام به ولشدة مرضها توفيت وتركت له هبة أمانة ضيعها منذ أول يوم.بقيت في غرفة صديقتها دون أن تفارق الدموع عينيها وما زاد الطين بلة أن حرارتها ارتفعت ومرضت,حاول طلال وزوجته معرفة السبب دون جدوى,فلم تتكلم ذلك أن صورة طلال انكسرت في مخيلتها أما روان فقد استبعدت أن يكون رؤيتها للصورة سببا في مرضها وانطوائها.
مرت ساعات بقيت فيها زوجة طلال قرب الطفلة المسكينة وقدمت لها الدواء كما لو أن والدتها عادت للحياة من جديد,أحست لأول مرة بحنان الأم لكن صوت قرع الباب في منتصف الليل أيقظها من حلمها الجميل.لقد كان والدها الذي تذكر أن ابنته لم تعد للبيت فجاء للبحث عنها,شرح طلال سبب تأخرها كونها مريضة ولابأس إن تغيبت يوما واحدا,لكن والدها لم يكن ليفهم يوما معنى الرحمة وطلب منها أن تأتي معه كما قال:ليس لدي بنات ينامون في بيوت الناس أو يتغيبون عن المدرسة لأي سبب كان.
طلال:أخي أنا لم اقصد أي شيء مما قلت الفتاة بنتنا وبيتنا هو بيتها وفي ظل غياب والدتها وانشغالك من الأفضل أن تقضي يومها هنا.
الوالد عيسى:أتظن انك الوحيد الذي يهتم بأبنائه أنا أيضا اهتم بهم أكثر منك أما ابنتي فليست بيتيمة حتى تشفق عليها ومن الآن فصاعدا لن تطأ قدماها هدا البيت من جديد حتى تفارقني الحياة.
رافقت هبة والدها الذي لم يتوقف عن توبيخها طيلة الطريق فيما كانت حسرتها وألمها لا يفارقانها فاليوم فقدت أسرتها الوحيدة وازدادت تعاستها في حين بقيت العائلة صامته لم يجد احدهم شيئا يعبر به وتداخلت المشاعر بين الشفقة و الم فقدان احد أفراد الأسرة .أما هبة فأخذت حقها من الصفع والركل في غياب أخيها الذي ذهب لزيارة جده.
إن كل ليلة تمر كالجمرة في قلبها بعيدا عن رجل أحلامها و صديقتيه ووالدتها الثانية.أما التوأم فكانا يشعران بضعفهما يوما بعد يوم في دراستهما بينما قلق وتفكير والدتهما في هبة يكبر و شوق طلال لنظراتها الغريبة يزداد. مرت 5 أشهر على غياب هبة عنهم وانغماسها في شغل البيت وشتم والدها المستمر لها كونها انقطعت عن الدراسة منذ ذلك اليوم.
ما كان من الفتاة إلا أن اهتمت بترتيب البيت وإعداد الطعام ليدخل أخوها متعبا من عمله في البناء و يستحم قبل أن يخرج ليجد طعامه جاهزا فيأكل ما قسم الله له من رزق ثم يقبل جبين أخته ويشكرها وبيديه هديه بسيطة لها.إنها ثاني هدية تصلها بعد هدية طلال التي كانت عبارة عن مجموعة قصصية,أما هذه المرة فهي عبارة عن عطر و عباءة أنيقة.لم تتمالك هبة نفسها وبدأت بالبكاء على كتفي أخيها حتى نامت,فوضعها في سريرها قبل أن يذهب ليصلي ركعتين استعدادا لنومه.نامت هبة وحلمت بأنها قد تزوجت وأنها تلعب مع أطفالها في حديقة المنزل لكن صفعة والدها أفاقتها من حلمها.لقد جاء والدها المدمن وبدأ من جديد في صراخه المعتاد وضربها بحجة أنها لم تستقبل والدها وتعد له الطعام فوق الطاولة.ازداد توبيخ الوالد ليوقظ الأخ كمال من نومه ليوقف والده عن حده.طلب الأخ من أخته أن تجمع ملابسها في حقيبتها لتسافر معه ويتركا الأب المدمن لوحده لعله يستيقظ من غفلته ويخدم نفسه لمرة واحدة في حياته.رغم تردد هبة في ذهابها خوفا من والدها وخوفا عليه إلا أن كمال أصر على ذلك فخرجا مسرعين في حين غفي الأب من كثرة صراخه ومن سكره.
قضى كمال وهبة الليلة في السيارة,و ما أن أشرقت شمس الصباح حتى ذهب الأخ ليقتضي اجر عمله الذي لم يكتمل في بناء عمارة في إطار مجموعة عمال وودع زملائه وغادرا البلد متجهان إلى بلد أجنبي.مكنهما المبلغ من السفر و كراء شقة صغيرة جدا.بعد تناول الغداء خرج كمال مسرعا ليبحث عن عمل قبل انتهاء اليوم وبقيت هبة في المنزل تتصفح كتاب ذكرياتها مع صديقاتها روان و ريم وكان القسط الأكبر لذكريات والدهما طلال الذي لم يفارق خيالها طيلة مدة السفر.أخذت قلمها وكتابها وبدأت في خط هذه الكلمات:
علمي بأنك مستحيل اكبر من هذا الكون
علمي بان الجحيم آتي أعلى من كل الظنون
إني ابحث عن الأمان يا رجلا
عن الدفء..عن الحنان..عن الاستقرار
ألا يمكن أن تحضنني في حياتك
بين أوراق أزماتك وحفلاتك؟
اعلم انك لست لي وان امرأة سبقتني إليك
لكنني لن أرضى وستأتي
أحاول أن اخفي إحساسي من أمام عينيك
فهن سهام,رماح,سيوف تقطع قلبي
لما بات السن حكما في هذا الزمان؟
لما تاريخ الميلاد أصبح القاضي في حياتي؟
قامت بعدها,توضأت ثم صلت ركعتين لله,وبدأت في تلاوة بعض الآيات من كتاب الله الذي كان بحوزة والدتها والذي وجدته عندما كانت تنظف المنزل في احد الأيام.
لم تمر إلا ساعة حتى وصل أخوها وبيده بعض الخضر و مستلزمات المنزل والتي جني ثمنها من مسحه لزجاج المحلات.أخذت الأخت الأغراض بعد أن سلمت عليه وتوجهت للمطبخ لتعد بعض الشاي في حين توجه كمال ليغير ملابسه ويصلي صلاة العصر.أعدت هبة الشاي وجلست مع أخيها وكان قد احضر معه راديو صغير ليسمعا أخبار العالم في غياب التلفاز.طال الحديث بينهما عن مشواره في البحث بحيث عرض عليه لحد الأشخاص العمل في محل للأغذية بدأ من الغد..فرحت هبة وشكرته كثيرا على جهده ودعت الله أن ييسر له خطاه.
مرت سنة كاملة من مكوث كمال و هبة في البلد الأجنبي ...وازدهرت حياتهما من خلال عمل الأخ في المحل التجاري فاشتريا مستلزمات المنزل كاملة و كذا الملابس وانتقلا من المنزل المكري إلى شقة اشتراها كمال.لم يسأل كمال يوما عن والده بينما كانت هبة تبعث له الرسائل وتعلمه بحالهما بعد أن طلبت منه السماح لكن كل رسائلها لم يكن لها جواب من الأب الذي لم يكلف نفسه عناء كتابة رسالة واحدة لابنيه. في كل سنة, كانت هبة تزداد جمالا ومع بلوغها سن 19 سنة أصبح كمال البالغ 27 سنة يعرض عليها فكرة الزواج من صديق كان يعمل معه في بلدهما الأصلي,إلا أن هبة لم تكن تعطيه جوابا مقنعا فمازال طلال يستولي على تفكيرها. كانت تراسل صديقتيها وكانت تعرف من خلالهما أخبار والدهما الذي أصبح رجل أعمال معروف يحسب له ألف حساب بينما التحقت الأختان بكلية الاقتصاد.
وفي احد الأيام وأثناء انشغالها بالرسم الذي هو هوايتها المفضلة,رن هاتفها النقال لأول مرة منذ سنة كاملة..إنها رسالة.فرحت هبة كثيرا وأرادت استكشاف الرسالة وكانت كالتالي:
يا صباح الورد يا زين الورود
يا صباح الخير يا نور النهار
يا عبير المسك في بيض الخدود
طال بعدك والحشا صابه انهيار
استغربت هبة من الرسالة لأنها تعرف رقم هاتف روان و ريم رغم أنها لم تتصل بهما يوما ولم يفعلان هما ذلك أيضا لأنهما كما جاء في رسالتهما ضيعا رقم هاتفها أما هي فكانت تخاف أن يجيب والدهما فتنبض مشاعرها من جديد,كما كانت تعرف رقم هاتف أخي كمال.
استفز فضول المراهقة نفس الفتاة فقررت أن تجيب صاحب الرسالة فكان ردها:
غرامي في الهوى طبعي غرامي
وأموت أموت في زين المحيا
يلي من كان في لحظة أمامي
أحس الكون من دونه شويا
يتبع...
لم تعي أن سن ذلك الرجل ضعف سنها 3 مرات و انه بدأ يستعد لاستقبال مرحلة الشيخوخة فقد قضى من عمره الكثير الحلو والمر رفقة زوجته سهام وبناته التوأم روان وريم اللتان تبلغان 17 عاما,وهي الأخرى لم تتعدى ذلك السن بعد ولكنها دخلت دوامة الكبار منذ يوم نجاحها. في ذلك اليوم الذي أخدها والد صديقتيها روان وريم المسمى طلال إلى نزهة قصيرة في أرجاء المدينة و تعرفت على الأماكن التي لم تزرها من قبل مع والديها.فهي لم تحظى يوما بأم حنونة ذلك أنها وافتها المنية عندما كانت طفلة لم تتجاوز 5 من عمرها أما والدها فطالما كان جسده موجودا أما روحه فهي غائبة قبل ولادتها,يتناول الخمر كل ليلة ليس لأنه فقد زوجته ولا لأنه سخط على وضعيته وإنما لان بعده عن خالقه كبعد السماء عن الأرض.أما أخوها كان شابا مستقيما متدينا لأنه تربى عند عمه بعد وفاة والدته منذ مراهقته حتى أصبح راشدا يبلغ 25 سنة ويدعى كمال.
لم يكن دخول هبة إلى دوامة الكبار في مجال العمل ولا في مجال الدراسة وإنما في حفرة الحب الأعمى,فقد أحبت والد صديقاتها طلال حينما قدم لها هدية النجاح فلمست فيه الأب الموجه والأم القلقة على ابنتها وهو بدوره كان يشفق على الفتاة المسكينة.كان طلال يعتبر هبة ابنة له ويدعوها لقضاء أيام العطل مع بناته فتخرج العائلة كلها لتبضع والاستجمام فلم تجد هبة أروع من ذلك الجو النقي بين أفراد العائلة حتى تنسى صراخ والدها الدائم الغير مبرر وصورة والدتها التي تضعها قرب وسادتها.
بعد مرور سنة,بقيت اللقاءات على حالها يزداد معها حب الفتاة لذلك الرجل وتزداد معها الأسئلة في جعبته حول سر نظراتها الغريبة له واهتمامها الزائد بخدمته.إلى أن صادفت ذات يوم صورة طلال وهو يبدو في حالة سكر في إحدى الحفلات فانهمرت دموعها لما رأته لأنها رأت فيه صورة والدها التي لطالما حاولت نسيانها معوضة إياها بصورة طلال.لم تكد تضع هبة البوم الصور حتى دخلت صديقتها روان وقد لاحظت دموعها فما كان منها إلا أن سألتها عن السبب فبررت هبة بكائها بتذكرها لحالة والدها واستفسرت عن الصورة لتعلم أن الملاك طلال في عينها كان نسخة لوالدها وإلا لما كانا صديقين أما الفضل في استقامته الحالية فيعود لله تعالى وزوجته المخلصة التي أرشدته للطريق الصحيح بعد عناء سنوات.ربما كان هذا ما لم تستطع والدة هبة القيام به ولشدة مرضها توفيت وتركت له هبة أمانة ضيعها منذ أول يوم.بقيت في غرفة صديقتها دون أن تفارق الدموع عينيها وما زاد الطين بلة أن حرارتها ارتفعت ومرضت,حاول طلال وزوجته معرفة السبب دون جدوى,فلم تتكلم ذلك أن صورة طلال انكسرت في مخيلتها أما روان فقد استبعدت أن يكون رؤيتها للصورة سببا في مرضها وانطوائها.
مرت ساعات بقيت فيها زوجة طلال قرب الطفلة المسكينة وقدمت لها الدواء كما لو أن والدتها عادت للحياة من جديد,أحست لأول مرة بحنان الأم لكن صوت قرع الباب في منتصف الليل أيقظها من حلمها الجميل.لقد كان والدها الذي تذكر أن ابنته لم تعد للبيت فجاء للبحث عنها,شرح طلال سبب تأخرها كونها مريضة ولابأس إن تغيبت يوما واحدا,لكن والدها لم يكن ليفهم يوما معنى الرحمة وطلب منها أن تأتي معه كما قال:ليس لدي بنات ينامون في بيوت الناس أو يتغيبون عن المدرسة لأي سبب كان.
طلال:أخي أنا لم اقصد أي شيء مما قلت الفتاة بنتنا وبيتنا هو بيتها وفي ظل غياب والدتها وانشغالك من الأفضل أن تقضي يومها هنا.
الوالد عيسى:أتظن انك الوحيد الذي يهتم بأبنائه أنا أيضا اهتم بهم أكثر منك أما ابنتي فليست بيتيمة حتى تشفق عليها ومن الآن فصاعدا لن تطأ قدماها هدا البيت من جديد حتى تفارقني الحياة.
رافقت هبة والدها الذي لم يتوقف عن توبيخها طيلة الطريق فيما كانت حسرتها وألمها لا يفارقانها فاليوم فقدت أسرتها الوحيدة وازدادت تعاستها في حين بقيت العائلة صامته لم يجد احدهم شيئا يعبر به وتداخلت المشاعر بين الشفقة و الم فقدان احد أفراد الأسرة .أما هبة فأخذت حقها من الصفع والركل في غياب أخيها الذي ذهب لزيارة جده.
إن كل ليلة تمر كالجمرة في قلبها بعيدا عن رجل أحلامها و صديقتيه ووالدتها الثانية.أما التوأم فكانا يشعران بضعفهما يوما بعد يوم في دراستهما بينما قلق وتفكير والدتهما في هبة يكبر و شوق طلال لنظراتها الغريبة يزداد. مرت 5 أشهر على غياب هبة عنهم وانغماسها في شغل البيت وشتم والدها المستمر لها كونها انقطعت عن الدراسة منذ ذلك اليوم.
ما كان من الفتاة إلا أن اهتمت بترتيب البيت وإعداد الطعام ليدخل أخوها متعبا من عمله في البناء و يستحم قبل أن يخرج ليجد طعامه جاهزا فيأكل ما قسم الله له من رزق ثم يقبل جبين أخته ويشكرها وبيديه هديه بسيطة لها.إنها ثاني هدية تصلها بعد هدية طلال التي كانت عبارة عن مجموعة قصصية,أما هذه المرة فهي عبارة عن عطر و عباءة أنيقة.لم تتمالك هبة نفسها وبدأت بالبكاء على كتفي أخيها حتى نامت,فوضعها في سريرها قبل أن يذهب ليصلي ركعتين استعدادا لنومه.نامت هبة وحلمت بأنها قد تزوجت وأنها تلعب مع أطفالها في حديقة المنزل لكن صفعة والدها أفاقتها من حلمها.لقد جاء والدها المدمن وبدأ من جديد في صراخه المعتاد وضربها بحجة أنها لم تستقبل والدها وتعد له الطعام فوق الطاولة.ازداد توبيخ الوالد ليوقظ الأخ كمال من نومه ليوقف والده عن حده.طلب الأخ من أخته أن تجمع ملابسها في حقيبتها لتسافر معه ويتركا الأب المدمن لوحده لعله يستيقظ من غفلته ويخدم نفسه لمرة واحدة في حياته.رغم تردد هبة في ذهابها خوفا من والدها وخوفا عليه إلا أن كمال أصر على ذلك فخرجا مسرعين في حين غفي الأب من كثرة صراخه ومن سكره.
قضى كمال وهبة الليلة في السيارة,و ما أن أشرقت شمس الصباح حتى ذهب الأخ ليقتضي اجر عمله الذي لم يكتمل في بناء عمارة في إطار مجموعة عمال وودع زملائه وغادرا البلد متجهان إلى بلد أجنبي.مكنهما المبلغ من السفر و كراء شقة صغيرة جدا.بعد تناول الغداء خرج كمال مسرعا ليبحث عن عمل قبل انتهاء اليوم وبقيت هبة في المنزل تتصفح كتاب ذكرياتها مع صديقاتها روان و ريم وكان القسط الأكبر لذكريات والدهما طلال الذي لم يفارق خيالها طيلة مدة السفر.أخذت قلمها وكتابها وبدأت في خط هذه الكلمات:
علمي بأنك مستحيل اكبر من هذا الكون
علمي بان الجحيم آتي أعلى من كل الظنون
إني ابحث عن الأمان يا رجلا
عن الدفء..عن الحنان..عن الاستقرار
ألا يمكن أن تحضنني في حياتك
بين أوراق أزماتك وحفلاتك؟
اعلم انك لست لي وان امرأة سبقتني إليك
لكنني لن أرضى وستأتي
أحاول أن اخفي إحساسي من أمام عينيك
فهن سهام,رماح,سيوف تقطع قلبي
لما بات السن حكما في هذا الزمان؟
لما تاريخ الميلاد أصبح القاضي في حياتي؟
قامت بعدها,توضأت ثم صلت ركعتين لله,وبدأت في تلاوة بعض الآيات من كتاب الله الذي كان بحوزة والدتها والذي وجدته عندما كانت تنظف المنزل في احد الأيام.
لم تمر إلا ساعة حتى وصل أخوها وبيده بعض الخضر و مستلزمات المنزل والتي جني ثمنها من مسحه لزجاج المحلات.أخذت الأخت الأغراض بعد أن سلمت عليه وتوجهت للمطبخ لتعد بعض الشاي في حين توجه كمال ليغير ملابسه ويصلي صلاة العصر.أعدت هبة الشاي وجلست مع أخيها وكان قد احضر معه راديو صغير ليسمعا أخبار العالم في غياب التلفاز.طال الحديث بينهما عن مشواره في البحث بحيث عرض عليه لحد الأشخاص العمل في محل للأغذية بدأ من الغد..فرحت هبة وشكرته كثيرا على جهده ودعت الله أن ييسر له خطاه.
مرت سنة كاملة من مكوث كمال و هبة في البلد الأجنبي ...وازدهرت حياتهما من خلال عمل الأخ في المحل التجاري فاشتريا مستلزمات المنزل كاملة و كذا الملابس وانتقلا من المنزل المكري إلى شقة اشتراها كمال.لم يسأل كمال يوما عن والده بينما كانت هبة تبعث له الرسائل وتعلمه بحالهما بعد أن طلبت منه السماح لكن كل رسائلها لم يكن لها جواب من الأب الذي لم يكلف نفسه عناء كتابة رسالة واحدة لابنيه. في كل سنة, كانت هبة تزداد جمالا ومع بلوغها سن 19 سنة أصبح كمال البالغ 27 سنة يعرض عليها فكرة الزواج من صديق كان يعمل معه في بلدهما الأصلي,إلا أن هبة لم تكن تعطيه جوابا مقنعا فمازال طلال يستولي على تفكيرها. كانت تراسل صديقتيها وكانت تعرف من خلالهما أخبار والدهما الذي أصبح رجل أعمال معروف يحسب له ألف حساب بينما التحقت الأختان بكلية الاقتصاد.
وفي احد الأيام وأثناء انشغالها بالرسم الذي هو هوايتها المفضلة,رن هاتفها النقال لأول مرة منذ سنة كاملة..إنها رسالة.فرحت هبة كثيرا وأرادت استكشاف الرسالة وكانت كالتالي:
يا صباح الورد يا زين الورود
يا صباح الخير يا نور النهار
يا عبير المسك في بيض الخدود
طال بعدك والحشا صابه انهيار
استغربت هبة من الرسالة لأنها تعرف رقم هاتف روان و ريم رغم أنها لم تتصل بهما يوما ولم يفعلان هما ذلك أيضا لأنهما كما جاء في رسالتهما ضيعا رقم هاتفها أما هي فكانت تخاف أن يجيب والدهما فتنبض مشاعرها من جديد,كما كانت تعرف رقم هاتف أخي كمال.
استفز فضول المراهقة نفس الفتاة فقررت أن تجيب صاحب الرسالة فكان ردها:
غرامي في الهوى طبعي غرامي
وأموت أموت في زين المحيا
يلي من كان في لحظة أمامي
أحس الكون من دونه شويا
يتبع...