المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على كف القدر



ترانيم الحب
26-10-2008, 03:24 AM
على كف القدر


تصفحت ذاكرة الألم التي تحملها , فأطلقت آهات الحزن وسمحت للدموع أن تجري كالسيل الجارف على خديها , أجل أنها ذكريات مؤلمه , ثبتت في ذاكرتها , ظلت تنتقل من ألم إلى ألم تحلق بين أحداثها تفكر في أدق تفاصيلها.
حقاً إنه لشيء صعب أن تنتقل حياتك من العافية إلى المرض ومن الحب إلى عدم اللامبالاة ومن الأنس والأفراح إلى الأحزان والأتراح..
هكذا عاشت (عزوم) بين حياة الماضي وحياة الحاضر , بين الكبرياء وبين الذل , بودها لو أن لديها ممحاة تمسح بها أحلام السنين وآلام الأنين..
((عزوم)) أكبر أخوتها عاشت مدلله في أحضان والديها حتى بعد إنجاب ما بعدها من أخوتها بقي الحب كله لها..
كبرت وكبر معها الحب والدلال كانت لا تأبه بأحد , كانت سلطاناً على أخوتها , الكل يهابها ويخاف منها , ما تريده يجب أن يتحقق على الفور وإلا ستغضب , ولأن والديها دائماً في صفها , فكان أخوتها خاضعين لها رغماً عنهم ..
كانت صديقتها (عزيزة) أقرب الناس لها , لكن (عزيزة) كانت عكس (عزوم) طيبة القلب , تحب الخير للجميع , كانت ملامح وجهها تدل على السلام , البراءة تقطر منها , الابتسامة تزيدها جمالاً وحيوية.

عاشت (عزوم) الكل يكرهها إلا قليلاً بسبب تكبرها وجبروتها على الكل لا استثناء , سارت الأيام ومعها تغيرت حياة (عزوم) بدأت تتخلى عن تكبرها وجبروتها , بدأت تحب الكل , تسعى لتقديم الخير للكل , لم يضع مجهود صديقتها (عزيزة) سدى التي كانت تناصحها وتدلها على طريق الأيمان الحقيقي , طريق السعادة الأبدية ..

علمت (عزوم) حينها أن ما كنت تعيشه ضلال وضياع , علمت أن أجمل أيام حياتها مضت ولن تعود , ولكن القادم أجمل بإذن الله , أنها الآن في سن العشرين , أجمل سنين العمر , أحبها الجميع , يستأنسون بمجالستها , يرون في قلبها الطهر والعفاف , فالقلب داخلها أنقى من الماء الزلال.

لكن:::

الحياة لا تسير على وتيرة واحده , لابد أن نتذوق المر بعد طعم العسل , حينها لابد أن نلعق الصبر .
فالليل بعده نور وإشراق , حياة ورخاء .
والصبح بعده ظلام وسواد , حزن وألم.
هكذا سنة الحياة , والرابح فيها من عرف لها..

(عزوم) أصبحت مشلولة بعد حادث حصل لها مع أهلها لكن الله شاء أن تصاب هي وينجي الآخرين , أصبح الكرسي أقرب رفيق لها , بل وأخلصهم , أبتعد الجميع عنها , لم تعد تعني لهم شيئاً سوى أنها مسكينة تثير الشفقة والعطف , الأهل انشغلوا بمجريات حياتهم , أخواتها الآتي يصغرنها تزوجت أحداهن والأخرى على
وجه الزواج , أم الثالثة فهي آخر سنه لها بالجامعة , وبقي لها أخوانها الصغار في المتوسط , أما هي وصلت إلى المرحلة الثانوية (ثالث ثانوي) وبعدها قدر الله لها أن تكون مشلولة ولم تكمل الصف الثالث ثانوي , دمعاتها ترافقها كلما وضعت رأسها للنوم , لم يبقى لها في هذه الدنيا إلا صديقتها (عزيزة).
قلبت أوراق حياتها , تذكرت الدلال والحب والحنان , احترام أخوتها لها , تنفيذ طلباتها من قبل والديها , لكن ذلك كله تلاشى , كأنه حلم في سماء قلبهااا.

(عزيزة): (عزوم) لما أراكِ ذابلة العينين , كسيرة الطرف , أرى مشاعر الحزن تغطي ملامح البراءة التي ترتسم على وجهك الطفولي..
(عزوم) والدمعة بدأت ترسم طريقها على خديها : آه يا عزيزة , تمنيت لو أن الله أخذ روحي مع ما ذهب من جسدي أهون علي من أن أبقى مثيرة للشفقة من الناس , مملة ومزعجة من قبل أهلي , آه يارب أرحمني وأرحني مما أعيشه ..
(عزيزة) : لا لا أصدق أن التي تتحدث أمامي هي (عزوم) , أين الأيمان بالله , أين الرضا بالقدر , أين التسليم لله , أليس الله أرحم بك من أمك , أليس هذا امتحان لك ليختبر الله صدق نيتك في التوبة إليه ..
(عزوم) أنسيت العهد الذي قطعناه على أنفسنا أن نرخص الروح لله ونبذل كل نفس تبقى في أرواحنا للدعوة إلى الله , آمرين بالمعروف , ناهين عن المنكر ..
أنسيت يوم أن وضعتي كفك في كفي ونحن نقول أرواحنا فداء لله , ثم أطلقنا ضحكاتنا لتصل إلى جميع الأرجاء .
أم تناسيتي كلماتنا عندما سخر منا الناس أن المؤمن مبتلى , وأن الله إذ أحب عبد أبتلاه ..

مضت فترة صمت بينهما , (عزوم) لا تتحدث إلا بالدموع , لم تستطيع أن توقف السيل الجااارف على خديها.
هنا لم تستطيع (عزيزة) أن تمسك نفسها , بل أخذت تشاركها الدموع وتقتسم ألمها معها.
(عزوم): أتعلمين يا (عزيزة) ما كانت أمنيتي ؟!!!
أمنيتي أن يكون لي أطفال , أخبرهم الأيمان الحقيقي , أخبرهم أن الدنيا زائلة , وأنها دار عمل لا يوجد بها راحة , فالراحة في الجنان (هذه أمنياتي قبل الحادث) أما الآن سأموت ولن يعلم بي أحد , لن يكون هناك ذريه صالحة تدعوا لي .
لم تجعلها دموعها تكمل حديثها , فقلبها مكلوووووم كسير..
(عزيزة): (عزوم) أريد أن يكون لك من أسمك نصيب , أريد أن أراك ذات عزم , قوية البأس , لا تدعي رياح إبليس تلعب بك يميناً وشمالاً , فنحن نعمل من أجل رضا الله أولاً وسكنى الجنان غداً بإذن الله .

هنا ابتسمت (عزوم) :اسأل الله أن يثبتنا على طريق الحق..
أقبلت إليها (عزيزة) فضمتها إلى صدرها , فلنثبت يا (عزوم) ولنردد كما رددنا سابقاً إلى الله نمضي , لا نكل ولا نمل.
توادعتا على أن يلتقيا غداً في محاضرة في أحد دور التحفيظ .
أراك غداً بإذن الله , مضت (عزيزة) إلى بيتها وهي تفكر في (عزوم) , يارب ثبتها وأشرح صدرها وأحفظها من شياطين الأنس والجن.
أما (عزوم) أخذت مصحفها بجانبها وأخذت تقرأ بصوت عذب , تتفكر وتتدبر , أحست براحة نفسية وانشراح في الصدر..
نامت (عزوم) على اطمئنان وهي تمسح كل ما في ذاكرتها من الألم وتستبدله بالأمل والأيمان .
مر الليل سريعاً وكانت تنام معها بغرفتها أختها (سمية) ومازلت مستيقظة تراجع مادة الامتحان غداً, بعد لحظات سمعت (سمية) صوت أختها (عزوم) وهي تتأوه فقامت إليها مسرعه , وأخذت تناديها (عزوم) (عزوم) ضنت أنها ترى حلم مفزع , لكن (عزوم) لم ترد عليه , علمت أن (عزوم) متعبة .

خرجت (سمية) فزعة تركض في البيت وتنادي أهلها أمي أبي عزوم متعبة لا أعلم ما بها , خرج الجميع فزعاً على صوت (سمية) , دخلوا على (عزوم) وأخذ والدها ينادي (عزوم) (عزوم) أتسمعينني , أمها تصيح بجانبها , ما بك يا (عزوم) , لكن (عزوم) لم ترد على أحد , الجميع يدعون الله , يا لله ألطف بها , حملها والدها مسرعاً إلى المستشفى , وهم في الطريق نظرت (عزوم) إلى والديها النظرة الأخيرة وقالت لهما: الورقة في قرآني , أخذت أمها تبكي و والدها يبكي ..
قالت كلمتها الأخيرة : قولوا لعزيزة الملتقى جنة الرحمن فسيري على الدرب , لا إله إلا الله ..
هنا ودعت (عزوم) الدنيا , ودعتها بحلوها ومرها , ودعت كدرها وحزنها , ودعت أيام الصبا وأيام المرض , تركت خلفها (عزيزة) صديقتها تسير على الدرب وحدها , تصارع مشقة الطريق والثبات.
ذهبوا إلى قرأنها ليروا ما تحمل الورقة التي وصت بها فتحوها , فإذا بها قد كتبت (الصلاة , الصلاة وما ملكت أيمانكم) عندها سالت الدموع وبكوا من أثر ما وجدوا , آه يا (عزوم) إننا نفتقدك (رحمك الله) وأسكنك فسيح جناته..

أما (عزيزة) عندما علمت بالخبر , الأرض لم تسعها وكأن الجبال سقطت على قلبها , بكت على (عزوم) يا لله
كأن قبلتي لها ليلة البارحة تنبأ بقرب الفراق , تركتيني يا (عزوم) أسير وحيدة بالدرب ..

تذكرت ابتسامتها وغرورها في الطفولة , وتذكرت براءتها وهمساتها بعد العودة إلى الله , أمنياتها , وفي المقابل تذكرت دمعاتها وحزنها وقلبها المكلوم.

هكذا تكون الشمس في حياتنا لابد لها من المغيب , لابد وأن نتجرع في الدنيا الكدر ونشرب كأساً من العلقم , الأمواج بعد اضطرابها لابد وأن تهدأ فلا نسمع لها صوتاً.

سالت دموع (عزيزة) مودعة صديقتها بل روحها وقلبها , فا أمسكت بالقلم وكتبت::


على كـــف القدر نمشي نواكب دفـــة الأحزان
وما نـــدري عن الأيـــام وش تخفـــي لياليها
كتبنـــا كـــل خواطرنا في قصـــة بلا عنـــوان
خواطر في زمن غامض عجزت أفهم معانيها
ما بين الصمت والحيرة وذكرى لفها النسيان
بدنيـــا غيـــر دنيـــتنا غريـــب كـــل ما فيهـــا
ظـــروف الدنيا تقهرنا وتجبرنا على الكتمـــان
وفي الداخل ألم وجروح عن المجهول نخفيها
أخذت آمالي وجروحـــي أبوزنها على الميزان
وترجـــح كفـــة أجروحـــي ولا أقدر أداويهـــا
طفل شارد من الرحلة ويعلن صرخة الحرمان
يعيـــش الذل في أرضـــه والفرحـــة مخليهـــا
فقـــد أمـــه فقد أختـــه يهيم بعـــالم الأوطـــان
ويبحث عن وطـن مجهــول بأولهـــا وتاليهـــا

إلى جنة الخلد يا (عزوم) ...

// عزيزة...


..انتهت..

____________________________________________

قلب راض
29-09-2012, 10:24 AM
على كـــف القدر نمشي نواكب دفـــة الأحزان
وما نـــدري عن الأيـــام وش تخفـــي لياليها

تشكري على القصة الهادفة

بارك الله فيك