المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : +*+القطرة الوردية+*+



أسمى الغرب
23-10-2008, 07:05 PM
:68:القطرة:rroo: الوردية:68:





كان يا ما كان ، في قديم الزمان ، وفي سالف العصر والأوان ، كانت هناك فتاة تدعى شمس ، تحب الحكايات كثيراً، ولم يكن عمرها يتجاوز العاشرة ، وقد كانت تعيش في قرية السلام ، من بلاد الأحلام ، مع جدتها مرام ..
وفي يومٍ من الأيام كانت تنتظر جدتها كعادتها لتحكي لها قصة قبل النوم ، ولكن الجدة تعذرت عن رواية القصة لحفيدتها ، لأنها انتهت من عملها متأخرة وكانت متعبة ، قالت شمس : أرجوك يا جدتي ، لا أستطيع النوم من دون أن تقصي علي حكاية ..
الجدة : آه يا ابنتي .. إن قصصت لك حكاية فلن تكون مشوقة كباقي الحكايات؛ لأنني متعبة ..
شمس : آه .. هكذا إذا ، يبدو أنني لن أبيت الليل جيداً ..
وصعدت إلى حجرتها وهي حزينة ؛ لأنها لن تجد شيئا تحلم فيه اليوم ..
وبعد مرور ساعة كاملة من الملل والتضجر إذا بالأمطار تهطل وصوت الرعد يعلو ، وضوء البرق يزداد ، نظرت شمس من النافذة فإذا بها ترى المطر قد ملأ النهر الذي كان المنزل يطل عليه ، وأنوار المنازل كلها مطفأة ..
فكرت قليلاً ، ثم قالت : لا يمكنني أن أبقى أنا وحدي من بين أهل القرية مستيقظة ، لذلك .. سأنسج لنفسي قصة أحلم فيها الليلة ..
فأخذت كرسياً ووضعته بجوار النافذة وقالت : سأحكي لك أيتها القطرات قصة:
كان يا ما كان ، في قديم الزمان ، وفي سالف العصر والأوان ، كانت هناك قطرة من بين قطرات المطر تختلف عن الجميع القطرات فقد كان لونها وردي والمعروف أن لون القطرة أزرق ..
كانت القطرة تشعر بالحرج من بين صديقاتها ، ودائما ما تختبئ عنهن ، كي لا يسخرن من لونها الوردي العجيب ، أو من آمالها الغريبة وأحلامها العجيبة ..
وفي يوم من الأيام جاء اليوم الذي كان عليها أن تقفز فيه إلى العالم الأرضي لتصنع الخير للناس ، فإما أن تسقط على شجرة لتعيد إلى وريقاتها النضارة ، أو تسقط على الأرض لتنبت نبته تعيش مدى الحياة ، أو تسقط في إناء أحدهم لتسقيه قطرة من ماء ، أو على أي شيء هناك .. في العالم الأرضي .. ولكن الفكرة لم ترق لها أبداً ، فهي لم ترد أن تحقق شيئا من هذه الأشياء ، بل كانت تريد أن ترسم البسمة على شفة صبي طالما كانت تنظر إليه من غيمتها الصغيرة ، ذلك الصبي لم يكن يضحك قط ، كان دائماً حزيناً ينظر من شرفته إلى الصبية وهم يستطيعون المشي والركض واللعب بالكرة والنط بالحبل .. إلا هو ، كان مقعداً لا يستطيع الخروج من حجرته التي باتت الدنيا التي يعيش فيها ، لذلك أرادت أن تسعده بأي وسيلة كانت ..
وهاهي الآن تتأهب للسقوط مع صديقاتها ، ولكنها فجأة تسمع اثنتين منهن يتحدثن خلفها ، قالت الأولى : ماذا تتوقعين أن يصبح لون الشجرة التي ستسقط عليها ؟
الثانية : بالتأكيد ستصبح وردية اللون ..
الأولى : ولو سقطت في كوب الماء لتلون إلى الوردي كذلك ..
الثانية : لا ، لا ، هي تريد أن ترسم ابتسامة على شفة طفلٍ مقعد ، لا أعلم إن كانت ستغير لونه أيضاً أم لا ؟
ثم بدأتا بالضحك والسخرية .. حزنت القطرة الوردية ، ثم قالت: لقد غيرت رأيي .. لن أنزل ..
قالت والدتها الغيمة : ماذا تريدين أن تقول عني الغيمات الأخريات ، وعنك القطرات الأخريات أيضاً ؟
قالت القطرة الوردية : إن أخواتي القطرات يسخرن مني جميعاً، لا أستطيع النزول .. لا أستطيع ..
قالت والدتها الغيمة : بل تستطيعين ، وستحققين حلمك بإذن الله ، تعلمين لماذا؟!
قالت القطرة الوردية : لماذا ؟!
قالت الغيمة : لأنك قطرة وردية .. والقطرة الوردية تستطيع تحقيق كل ما تريد..
قالت القطرة الوردية : أ .. أحقاً ما تقولين ؟
قالت الغيمة : نعم .. لأنه قبل ملايين السنين ولدت إحدى الغيمات قطرة صفراء، وكان الكل يسخر منها ، إلى أن جاء دورها لتقفز إلى الأرض ، وقد كان هدفها سامياً ، فقفزت وسقطت على أنف شابٍ فقير، لا منزل له ، وأهله ماتوا جميعا في حربٍ ضد عجوزٍ شرير ملأ الأرض رعبا وسوادا ، ثم وقفت هذه القطرة ونظرت إلى عينيه المغمضتين ، فإذا بالشاب يفتح عينيه ليطبق بيديه على القطرة التي كانت تقف على أنفه ، فصرخت : أرجوك يا سيدي .. فك أسري أنت هكذا تخنقني ..
فتعجب الشاب مما سمع وقال : من ؟ من هناك ؟!
القطرة الصفراء : هذه أنا القطرة الصفراء ..
قال الشاب : أين أنت ؟ من صاحب الصوت ؟
القطرة الصفراء : أنا هنا في يدك اليمنى ..
فتح الشاب يده متعجباً فإذا بيده قطرة صفراء ، فقال : أنت .. أنت قطرة .. وتتحدثين ؟!!
القطرة الصفراء : لقط سقطت عليك لذلك أنت السيد الذي علي أن أحقق له أمنيته ..
قال الشاب : هيه .. ما هذه النكتة ؟! النوم خير لي من السماع لحديثك ..
ثم استلقى وعاد إلى نومه ، فقالت القطرة : يبدو أنه لم يصدقني ، سأجعله يصدقني حالما يستيقظ ..
وقد كان الشاب عازماً على أن ينقذ أهل بلدته من ذلك الشرير، وقد ساعدته تلك القطرة على تحقيق أمنيته ، فغلب الشرير ، بل وأصبح أميراً لتلك البلاد يحقق العدل والسلام والأمان ..
فرحت القطرة الوردية بما سمعته من أمها الغيمة ثم قالت : يعني أنه .. يمكنني أن أحقق أحلام ذلك الصبي وأعيد البسمة إلى شفته ؟
قال الغيمة : نعم يا عزيزتي ولكن ..
القطرة الوردية : ولكن ماذا ؟
قالت الغيمة : ولكن لا تخبري أحداً بذلك ، فهذا السر لا يتوارثه إلا نحن ، سلالة قطرات الأمنيات ..
القطرة الوردية : حسناًُ .. لن أخبر أحداً ..
وتأهبت للنزول بين كل ذلك الكم الهائل من القطرات ، وودعت والدتها الغيمة ، ثم سقطت ..
فتحت القطرة الوردية عينيها ، فإذا هي قد سقطت كما تمنت بجوار نافذة ذلك الصبي الحزين ..
لقد كان الصبي ينظر من نافذته إلى قطرات المطر المنهمرة ، وفجأة .. رأى القطرة الوردية قد سقطت على يده ، تعجب منها كثيراً ، ثم قرّبها من عينيه ، في البداية خافت القطرة منه ، ولكنها شيئا فشيئاً بدأت تألفه ..
قالت القطرة : مرحباً أيها الصبي الوسيم ..
قال الصبي : مـ .. مرحباً ..
قالت القطرة : هللا عرفتني باسمك ؟
قال الصبي : أنا أدعى سام ..
قالت القطرة : واو .. اسم جميل مثل صاحبه ..
قال الصبي : أشكرك ..
قالت القطرة : هل تعرف أحداً سمّي بهذا الاسم قبلك ؟
قال الصبي بكئآبة بالغة : نعم.. ابن نبي الله نوح عليه السلام..
قالت القطرة : هذا صحيح ، وبما أنك استطعت أن تعرف الجواب سألبي لك أمنية ..
كانت القطرة تحاول أن تسعد الصبي بأي وسيلة كانت ، ولكنه كان يعرض عنها ويتجاهلها ، لذلك بدأت تيأس من هذا الطفل العنيد الذي لا يريد أن يجرب السعادة ، وأصبحت لا تعطيه وجهاً وتحاول الابتعاد عنه ، لعله يعود ليطلب منها شيئا ..
ومرّ زمنٌُ طويل والقطرة الوردية لم تجد أملاً في إسعاده فيئست ، وكان الغد يوم عيد ، وجميع الأطفال فرحين ، وأخذوا يشترون الهدايا والألعاب للاستعداد لهذا اليوم ، أما سام فقد كان حزيناً جداً وهو يرى أصحابه والسعادة تغمرهم ، بينما هو يصارع الألم فوق كرسيه ، عندها .. ألقى وجهه على وسادته وأخذ يذرف الدموع ..
كانت حالته مؤلمة جداً ، لذلك عزمت تلك القطرة على أن تسعده بأي شيء كان، غطّ الصبي في نومٍ عميق ، فاستغلت الوقت لتصنع " تجربة السعادة السحرية " ..
وما هي إلا لحظات حتى امتلأت الحجرة بالألعاب والحلوى في كل مكان ، وزين جدارها بأنواع الكعك ، والأنوار في كل ناحية ، والعصافير تقف على النافذة تزقزق وتعزف أجمل الألحان ، سمع الوالدان اللذان كانا حزينين لحزن ابنيهما ضجة من حجرته فذهبا ليتفقدا الأمر ، فلم يصدقا ما رأياه ، واستيقظ سام متعجباً ، ينظر يمنة .. ثم يسرة ..
فرح سام كثيراً ، وأبقى عينيه مفتوحتين من شدة الدهشة ، وهاهي القطرة أخيراً استطاعت أن تحقق أملها ، إنه " يبتسم "..
احتضن سام والديه وقال : لم أكن أعلم أنكما تحبانني لهذه الدرجة .. كل هذه الأشياء من أجلي ؟!
تعجب الوالد فهو لم يحضر شيئا لابنه ، وكذلك الأم .. فهي لم تعدّ شيئا ، ولكنهما خشيا إن قالا : لا .. أن يعود إلى حزنه القديم ، فقالت الأم : نعم يا بني، كل هذه الأشياء من أجلك ..
وقال الوالد : أهم شيء أن تبقى الابتسامة على شفتك ونحن سنفعل المستحيل لإسعادك ..
واستمتعوا جميعا باحتفالهم بالعيد ، لكن الوالد بقي شارداً يفكر في هذا الأمر العجيب ..
لاحظت الأم ذلك على زوجها فقالت له : أنت هكذا تجعل ابننا سام يشك في صدقنا وحبنا له ، أليس المهم أننا أسعدناه ؟
قال الوالد : بلى ولكن ؛ هنالك سر في الموضوع ..
قالت الأم : أي سرٍ هذا الذي شرّد عقلك ؟! انس الأمر ودعنا نستمتع ..
شعر سام بأمر يدور بين والديه ، ولكنه لم يرد أن يفسد السعادة التي كانت تغمرهما ..
وفي الصباح استيقظ سام وركب كرسيه المتحرك وحركها نحو النافذة ، ثم نظر إلى القطرة وحملها بين يديه ، فاستيقظت القطرة ، وقالت : ما هذا الإزعاج ؟
فقال سام : آسف .. لم أكن أقصد أن أزعجك ، ولكنني سعيد وأريدك أن تشاركينني سعادتي ..
قالت القطرة : آه .. ولكن الوقت مبكر ..
قال سام : مبكر؟! كما تشائين .. سأتركك تنامين ..
قالت القطرة : لا .. لن أستطيع النوم الآن ، هاه .. قلي ماذا تريد أن أفعل لك؟
قال سام : أريدك أن .. أن تحضري لي كوب ماء ..
قالت القطرة : لمَ لا تطلب ذلك من والديك ؟
قال سام : لأنني أصدقك .. أنت من فعلت كل ذلك .. الذي كان بالأمس ..
قالت القطرة : هذا صحيح أنا من فعل ذلك من أجل إسعادك ، فقد كنت دائماً لا تبتسم ، ولم تكن تعلم أنك تمحو الابتسامة عن وجوه من حولك .. الذين يحبونك ..
قال سام : وهل تريدينني أن أبقى وحدي حزين ، والكل يبتسمون ؟
قالت القطرة : لا .. بل لابد أن تبتسم وتشاركهم سعادتهم ..
قال سام : حقاً ؟
قالت القطرة : نعم .. بل إنك إذا كنت سبباً في سعادة الآخرين ستسعد نفسك ..
قال سام : مادام الأمر كذلك فسأبقى سعيد دائماً كي أبقي السعادة على شفة والداي ..
وهكذا حققت القطرة الوردية حلمها وأمنيتها لأنها كانت تملك إرادة قوية ، وتحمل في قلبها خيراً كبيراً للغير .. ولطالما قالت جدتي : صاحب القلب الأبيض والإرادة القوية يستطيع تحقيق ما يريد ..
وما إن أنهت شمس حكايتها ، حتى انتهت تلك العاصفة الشديدة ، فقامت شمس واستلقت على سريرها وقالت : الآن .. أستطيع أن أنام وأحلم أحلاماً سعيدة ..
ثم ودعت القطرات التي كانت تسيل على نافذة حجرتها وقالت : أحلاماً سعيدة قطراتي الجميلة ..
***








وكذلك أنتم أعزائي القراء .. لابد أن تعلموا أن بالإرادة القوية وعمل الخير نستطيع أن نرسم ابتسامة جميلة على شفاه كل من نحب ، وطالما أحببنا إسعاد الغير فإننا دائماً ما سنسعد ..
أسمى العرب

قلب راض
30-09-2012, 04:23 PM
صدقت

تمام السعادة في إسعاد الغير...

تشكري على ما ألفتِ

Miss.Reem
09-12-2016, 05:46 PM
http://up.hawahome.com/uploads/14812034651.gif (http://up.hawahome.com/)