المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة للتائبات >>>( عودة من بعدِ ضياع )



غَسَق
22-10-2008, 07:27 PM
( عودة من بعدِ ضياع )





رفيف فتاة مُشرِقة , خَطَتْ البراءة الطريق إليها كما خط النور طريقه إلى حُزَمِ الأغصانِ السامقة.
كنتُ أحكي لها كيف أسْرِي بقِطعٍ من الليل نتسامر أنا وأختي ونتبادل ُالأحاديث على شَرَفِ قِطعِ الحلوى وقوارير العصير الطازج أو أكواب الكابتشينو الفاخر, حسبما تشتهي إحدانا ..
لم تكن تخبرني كيف تقضي المساء في بيتها , ظننتُ أنها تقاسمني نفس الرغيف .
ذات صباح مدرسي استقبلتُها بابتسامتي عند بابِ المدرسةِ كعادتي , مددتُ كفي لأصافحها مدتْ كفها وسحبتها سريعاً.
تركتني وذهبتْ , تبعتُها أحكي لها معاناتي مع واجبِ الفيزياء , أومأتْ بيدها أن توقفي وبعيداً أرجوكِ ,تركتها وأمامي ألف سؤال يتدحرج إلى قاعِ الصدمة , محاولة فاشلة أن أُلِح عليها وهي في مزاج سيء , رفيف صاحبتي صاحبةُ قلبٍ أبيض إلا أن مؤشرات تعكُر المزاج إذا بدت عليها كفيلة بأن نعرف أنها منطقة يُمنع الاقتراب منها .
هذا الموقف أحالني لقطعة صامتة من دم ولحم , أمي تسألني عن أخبار المدرسة فلا أُجيب إلا بعد سؤالها الثالث , لأني لم أسمع لا سؤالها الأول ولا الثاني .
اليوم هو اليوم الثالث الذي تتغيب فيه صديقتي رفيف , بعد ذاك اليوم الذي تركتها حتى يتعدّل مزاجها.
من البديهي جداً أن أُحاوِل الاطمئنان عليكِ بالهاتف تجيبني والدتكِ أنكِ لا تريدين محادثة أحد ,أيّاً يكن , حتى أنا , اعلم أن استثنائي من الجميع في مساحة شفافة للبوح هي عادتك لأكون متنفس أحزانك ,متنفسك الوحيد كما تقولين دائماً يا صديقتي !
لكن لماذا هذه المرة تضميني لقائمتكِ السوداء؟
لمن ستشتكين ؟ , اعرف أنه لا صديقة قريبة جداً لكِ إلا أنا ..
مرّت ثمانية أيام وأنا أقف كما تقف الشمسُ عند بابِ الليل تنتظرُ وفودَ الفجر , هل أكونُ الشمسَ وتكونينَ الفجر؟ أم أنتِ الشمس وأنا الفجر؟ تعلمين يا رفيف أننا لبعضنا كشمس وفجر لا يهم أكنتُ شمس أم فجر المهم أني لا أُشرِق إلا بك .
أنتظركِ فيرن الجرس واُطرِق برأسي وأمضي لقاعة فصلنا , كل العيون تترقب يارفيف أن ندلفَ القاعةَ سوية , بروحٍ منكسرة أضعُ حقيبتي على مقعدكِ الذي تمنيتُ أن أراكِ تملئينه بابتسامتكِ النقيّة , أتضجر من سلبيتي أيضاً , ماذا بيدي لأفعل؟
لعل مسئولة الغياب لديها بعض الأخبار عنكِ , أتوجه إلى مكتب المعلمة مها في فترة الاستراحة , كل الصديقات يا رفيف يتجاذبن الأحاديث ويتقاسمن الحلوى إلا أنا , أين تلك الأوقات التي جمعتنا نتقاسم حتى الرغيف , كنتُ أشتهي رغيفك الممسوح بالزبدة والعسل , وأنتِ تستمتعين بقطعة الكاروسون المحشوة بالجبن التي أعلم أنكِ تحبينها فأُحضر لي واحدة ولك واحدة .
وقفتُ أمام مكتب الإدارية مها , وعلى مضض أسألها بصوت خفيض:
ألا تعلمون سبب غياب رفيف؟
تضع مجموعة أوراق كانت بيدها وتُشير بيدها تطلب مني أن أجلس ثم تخبرني أن والدتكِ أخبرتْهُم أنكِ تعانين من اكتئاب ولا تريدين محادثة أحد ..!
اكتئاب؟؟ !! , ألإنها تقفل على نفسها غرفتها وتصرخ في وجه من يطلب محادثتها يُشخص مابها على أنه اكتئاب؟
أخرج والغضب يؤججني , أدخل على غرفة المديرة بلا تردد أتجرأ لأول مرة في حياتي أصرخ
كيف تكون المدرسة كنف تربية وتعليم في آن واحد؟ وطالبة تتغيب ثمانية أيام ولا أحد يعلم لماذا؟
تتسع عينا المديرة بالصدمةِ مِن جُرأتي , تصرخ في وجهي : اخرجي !
رفيف لقد تجرأتُ من أجلكِ , ونزعتُ رداءَ الخجلِ, أردُ بصوتٍ أرفع من السابق: لن أخرج , لماذا لا ترسلون الأخصائية الاجتماعية للاطمئنان عليها؟
هل الأدوار في المدارس مجرد تحصيل حاصل , أم ليرى العالم صورة ملمعة وخلفها صورة سوداء؟
تقف المديرة واضعة راحتي يديها على سطح مكتبها الخشبي وتصرخ بأعلى صوتها / اخرجي يا قليلة الأدب ...!
هكذا في سلمِ الآداب والتربية , من يتجرأ بالحقائق المُرّة قليل أدب ..!
أخْرُجُ وقد آن وقتُ الانصرافِ , أدخلُ المنزلَ والدموعُ تشاركني حزني على رفيف
أتوسلُ لأمي أنْ نذهبَ لزيارةِ رفيف أريد الاطمئنان أماه , هذه روحٌ و قلبٌ وإن أبدت التمنّع عن محادثتي , أعلمُ يا أمي أنها وحيدةُ وتعاني, وإنْ أرادت الوحدة وأبعدتنا جميعاً لا يجب أن نكون بهذهِ السلبية ..
حينما حلّ المساءُ , توجهنا لبيتِ رفيف .. استقبلتنا والدتُها بقلبٍ مفطورٍ , دمعُها بلونِ الترابِ ,
هكذا أراهُ و قدْ حَفرَ على خدَّيهْا كما تحفُِرُ العِصِي على بُقعِ الطين !
لم تصدِق أن يأتي من يسأل ويبحثْ انفجرت:
رفيف لا تأكل ولا تشرب ,لا تفتح الباب إلا لأحمد , ما إنْْ يطرقَ الباب ويخبرها أن معه الطعام إلا و
تفتحه بسرعة يعطيها الطعام ثم يخرج .
صُعِقتُ .. أحمد! !
الذي أعرفهُ أن رفيف تكره أحمد شقيقها الأكبر , لأنه سيء المزاج , أخبرتني ذات إحباط أنه يعود متأخراً لمنزلهم وقد عبّ من المنكرِ ما يكفيه ليلوثَ دمُهُ ومزاجُه ,فيضرب هذا ويسب ذاك بدون أسباب , ويضحكُ بهستيريةٍ إذا ما بكت والدته على حالهِ وحالهم معه ..
رفيف أنتِ لا تحبين أحمد ما الذي يحدثُ إذن؟
أتجرعُ الخيبةَ, ما الذي يحدث لكِ , اطلبُ من والدتكِ أنْ تدلَني على غرفتكِ , ثم نقفُ نحن الثلاثة أنا وأمي ووالدتك , اطرق الباب لا مجيب , أناديكِ: رفيف , رفيف , أرجوكِ أنا حنين ..
التفتُ لوالدتها وقد غطت خديها بيديها وغرست أظافرها فيها وهي تتجرع الغصص وتبكي حالك.
أهز الباب هزّاً عنيفا..تتساءل والدتي: هل تصم سمعها عنكم ؟
تهز رأسها نفياً ثم تُضيف : بل تنهرنا إذا طرقنا الباب , وتطلب منا أن نتركها في حالها .
تطرق والدتكِ الباب و تستجديكِ :يا بنتي افتحي الباب , أرجوكِ ..
تضربُ هذه الأرملة التي تحدثتِ عنها بفخر وأنها عوضتكِ فقد والديكِ, لماذا الآن تكممين فمك عن الرد عليها؟ وتمنعين يدك لفتح الباب لها؟
تتسعُ عيناها وفي خوف تقول : أخشى أن تكون هربت ...!
يا للأم الموجوعة, تضعُ في حُسبانها كل احتمالاتِ الخيبة , تضع أمي يدها على كتف أمكِ محاوِلةً تهدئة روعها ,ثم تقترحُ : هلْ نكسرُ البابَ؟
تتصلُ أمكِ على خالتكِ التي تجاوركم في الحي , وتطلب منها أن يأتي ابنها الكبير ليكسر الباب , عندما دخل مع والدته دخلنا في غرفة ضيقة كانت تُقابِلُ غرفتكِ , ننتظر أن يُفتح الباب بعد كسره .
أُمي تُحوقل وتدعو الله أن يمر هذا اليوم بسلام ..
تصرخُ والدتكِ, نخرج مذعورين , يا الله , كُنتِ ممدةً على الأرضِ , خالتكِ قالت : هل هي نائمة؟
وفي الحقيقة لم تكوني نائمة أبداً.
أبكي في حُضنِ أُمِي , ما أعظمها والله , تمسحُ على رأسِ والدة صديقتي وتخبرها أن الأمور ستصبح أفضل بالدعوات , نحيبها يمزق قلبي وقلوب الطبيبات , ترفعُ أكفَها وتردد في توسلٍ وحُرقة:
يا رب رحمتك يا رب لطفك..
ثم تتهمُ نفسها و تلومُ ضعفها وتجهشُ بالبكاءِ , أن استسلمتْ لما حدثَ ولم تُجبركِ على تناول الطعام
تظُنّ أنَّ الجوعَ سبب ما حدث لكِ ..
تأتي الطبيبةُ وتطلب الانفراد بوالدتكِ , تسقطُ تلكَ الأمُ مغشيّا عليها , تركضُ أمي ,تولول خالتكِ , ضجةٌ كبيرة يا رفيف, وأنا أبكي وأبكي و أبكي ..
ماذا سمعتْ أمكِ يا رفيف؟ ما الذي هبطَ بروحِها لتسقطَ؟ , شيءٌ ما يحدثُ فوقَ أي احتمال, و فوق أي صبر و تَحَمُل!
كنتِ تتحدثين عن والدتكِ بزهو , وأنها مِن أقوى الأمهات , لا تهزُّها النوائبُ , ولديها طاقة كبيرة من الصبر و التجلُد .
ما الذي هوى بقوَّتها حتى خارتْ كلّ أعمدةِ الاحتمالِ ؟
أبكي بين يدي الطبيبة وأُلحُ عليها لأعرف ما الذي أردى أمكِ وأنتِ قبلها! , أخبرتُها أني صديقتكِ المُقرَّبة , وقفتُ تنظر إليّ وتتفحصني بعينيها ثم اقتربت مني , سألتني بعدَ أن وضعتْ يديها على ركبتَيّ وخفضتْ بصوتها :هل تتعاطين معها؟
شهقتَْ أمي شهقت, أما أنا لا أعلم ما الذي تعنيه!
تتراجعُ للخلفِ يرتفعُ صوتُها : القضية كبيرة , نحتاجُ لتحقيقٍ كامل , في دمِ الفتاةِ كميّةٌ كبيرةُ من المخدرات .
تتوقف الدنيا الآن كعجوزٍ صامتة ترتدي السواد , كل الاحتمالات تصاعدتْ كأبخرةٍ خانقة, إلا هذا يارفيف , لا لا لا استطيع أن أقِف يا أُمي .. لا أستطيع الكلام حتى , الطبيبة تتحرك شفتيها بحديثٍ ما وأمي تتحدث معها بجدية وتوتر .
صديقتي فتاة ذات أخلاق عالية , هذا مستحيل, الطبيبة تحاصِرُ أُمي بالأسئلة, قرأتُ سابقاً أن الأطباءَ لا يمكن أن يكونوا إلا رُحماء , هذه الطبيبة لا تملك في قلبها رحمة , قسوتها تفوقُ أي تصور!
تطلبُ من أمي فحصٌ لدمي , أمي تجهشُ بالبكاءِ , ليسَ لأنها تشكُ فيني , ولكن للمأزقِ الذي نحن فيه , لو علِمَ والدي بالذي يحدث الآن !
هل ستفكر أمي أني ربما جربت ذلك يوماً ما ..
أي مصيبةٍ نحن وأنتِ فيها يا رفيف , جنيتِ على نفسكِ وعلى أقرب القلوب لقلبك .
تضعُ الممرضة الإبرة في عضدي , أغمضُ عيني عنْ موقف الخيبة هذا , ياه يا رفيف , أتضعين صديقتكِ في هذا الموقف القذر؟
أتهونُ عليكِ تلكَ التي خطتْ السنوات تجاعيدها على قلبها الكبير , وهي مازالت شابّة
الطبيبة تثرثر مع الممرضة وأمي واجمة أمامي تبكي في صمت , أتأملُ وجهَ أمِي المتورِّد ليلةَ الأمسِ الشاحبُ بالفاجعة الآن, أهكذا تؤثرُ الأزمات بالبشر؟
والدتُك يا رفيف في عمرِ والدتي , كن شتانَ بين قلبين وبين وجهين .
والدتي مازالَ الدمُ يجري في عروقها , و والدتُكِ شاحبة كأنما تجمّد الدم عن الحركة في عروقها الخضراء البارزة , وفي عينيها روايات الأسى تحمِلُ البريقَ المنطفئ إلا من الدمع .
تجلسُ أمي بجواري تهمس : لنحمد الله أن والدك في سفر وإلا لحدث ما لم تُحمد عقباه.
أتقدمُ بحماسٍ أحاول به أن أبددِ الخيبة :أمي تعرفين أني.....
تقاطعني: يا بنتي اعلم وأثق بكِ , ولكن قلبي يتفطر على رفيف .
يجب أن لا نتركها ,أمها مفجوعة وضاقت عليها الدنيا , أَعدُكِ سنبقى بجانبهم حتى تعود الحياة لقلوبهم.
طبعاً نتيجة تحليل دمي سليمة تماما ً .. كل هميّ الآن أنـتِ يا رفيف .
خرجتُ للمنزل مع والدتي بعد الاطمئنان على والدتكِ , عاد أبي من السفر اعذريني يا صديقتي لن استطيع زيارتك ولا أدري هل أخبرَتْكِ أمك بأننا شَهِدنا هذه الحادثة أم لا !
أنا أدعو الله كثيراً أن يشفيك ويهديك إلى ما فيه خير , ويهدي أخيكِ .
أحادِث والدتكِ كل يوم مرتين , مرة صباحاً وأُخرى أختِم بها يومي قبل أن أنام , ومن قال أني أنام يا رفيف؟ لكِ الله يا صديقتي .
مرّ شهرٌ على دخولك المستشفى , أخبرتنا والدتكِ أن أحمد عندما علم بالحادثة خرج من المنزل ولم يعد, هل يخشى من وجهكِ البريء ؟ هل كان يخبئ لكِ مصيبة أشد من الإدمان؟
وأخبرَتْني أيضاً أنها كلما دخلتْ عليكِ بكيتِ بشدة بدون أن تردي عليها , أمكِ تقول أنها تشعر بما تريدين التحدث به تعرف أنك لستُ كالمدمنين تبكين وتصرخين لأنكِ تريدين جرعة مُخدِرة , بل تقول أنها قرأتْ في دموعك الندم على الرضوخ لرغبة أحمد القذرة في التعاطي .
حدثتِ والدتكِ ببداية تعاطيكِ , حين وجدتِ نفسي في ضيق ونصحكِ أحمد بتجربة عالمه المغري.
تلك الليلة هي ليلة تحول رفيف , تلك الليلة تبعها صباح شاحب علينا جميعاً , ذاك الصباح الذي لم أشعر بدفء يدكِ عندما صافحتكِ , ذلك الصباح هو ذاته الذي سحبتِ فيه كفكِ بسرعة من كفي , ولأول مرة لا أشعر بحرارة دمكِ يارفيف , ولم أستدفئ بحرارة الأخوة العذبة!
أنا يارفيف وإن سمح لي النوم بدخول رحابه , أنام على كوابيس وأوجاع وأستيقظ ووجهكِ لا يفارقني
شهران يا رفيف وأنا لم اسمع صوتكِ العذب .
يُطرَق باب غرفتي تدخل أمي مبتسمة , تطلبُ مني تبديل ملابسي لمقابلة الضيوف , سألتُها من يزرونا في يوم الجمعة؟
أخبرتني ألا أتأخر و أغلقتْ الباب وشرعتُ في مسحِ الحزن عن ملامحي ولكني لم استطع !
لبستُ فستاناً أسود اللون , كُنتِ تحبين هذا اللون يا رفيف , هل كنتِ تعلمين أن في أيامك صفحة سوداء؟
استغفر الله العظيم , لستُ أقصد ذلك يا رفيف , لكن التعاطي مسألة ليست سهلة !
جلستُ أنظر إلى وجهي في المرآة أتلمسه بأصابعي , الله سبحانه وتعالي خلقنا وأحسن خِلقتنا , خلقنا لنعبده ونتوكل عليه , لماذا يارفيف تستائين من الفقر ومن ظروفكم القاسية؟
المؤمن عليه أن يكون أقوى بالله , وبتوكله عليه , أتأمل عبر المرآة أركان غرفتي , قلتِ لي ذات مرة أن مساحة غرفتي تعادل مساحة بيتكم !
هل لأني لم أعاني الفقر لا أشعر بالذي جعلكِ تتعاطين؟
حتى لو كان الفقر مأساة , أليس المؤمن يؤمن بقضاء الله وقدره وعليه أن يشد الذي بينه وبين ربه؟
تراجعت لأتكئ على كرسي مخملي , تنفستُ نفساً عميقاً لأدفن غصة ً تُمهِد لشلالٍ من الدموع .
أمي تناديني , لعل الضيوف وصلوا.
نزلت ببطء حتى وصل لمسمعي صوت أعرفه أعرفه جيداً ..
تقدمتُ إلى باب مجلس الضيافة , وقفتُ قليلاً , كانت إحداهنّ تقول : الحمدلله من قبل ومن بعد , وهو سبحانه يقبل توبة العبد إذا أقبل عليه وأقلع عن كل ما يغضبه.
تهللتْ أساريري , إنه صوت والدة رفيف , دخلت وقلبي يحمل لها الشوق , كيف لا وهي تحمل أخبار صديقتي الحبيبة , حملتني خطاي سريعاً ولكني توقفتُ وشهقتُ واضعة يدي على صدري .
رفيف في بيتنا !
تقدمتِ تجركِ خُطى الشوق كالعصفور يُسرِع في ضرب أجنحتِه في الهواء , تلاقينا في وسط المجلس يلفنا عناق وبكاء وشهق الأرواح كفيل باستدرار دمع أمهاتنا .
مرّت دقائق طويلة ونحن على هذه الحال بلا حديث أو عتاب أو تهنئة بالسلامة .
ثم تلاقت عيني بعينك وحكتْ لها شكركِ على وفائي , جلسنا وأرواح الأمهات تدعو لنا بالثبات , لم تتحدثي كثيراً , كُنتُ أثرثر بالوقت الذي قضيتُه بعيدة عنكِ , بليالي الدموع , وصباحات الفقد .
تتساقط الدموع من عينيكِ كالثلج , ثقيلة تلمع .
أمسكتِ بيدي بقوة , همستِ : أرجوكِ يا حنين , كوني بقربي دائماً , لقد منحني الله أروع أخت وأعز صديقة في هذا العالم , أرجوكِ كوني معي عون على الطاعة والثبات , إني نادمة أشد الندم على تململي من حياة الفقر والبساطة , كُنتُ أتمنى قصراً كبيراً ألهو فيه وألعب , الآن أدركتُ أن البعدَ عن الله شقاء , وأن الغِنى غِنى النفس , والطاعة مَطعَم المؤمن وملبسه وسكنه وفراش راحتِه, أنا نادمة على الذي أقدَمتُ عليه , وعلى محاولتي الأنس بالحياة بمعصية الله , أنا نادمة وأدعو الله أن يتقبل توبتي ويهديني لصالح الأعمال .
قبضتُ على يدكِ وهمستُ أنا الأخرى : أنا معكِ , يداً بيد تحفنا دعوات أمهاتنا لنصل إلى الجنة.

قلب راض
30-09-2012, 09:46 PM
أحداث مؤلمة حقا
نسأل الله العافية لأبناء الإسلام

القصة تمتّ لبعض الواقع والحمد لله أن جاءت نهايتها على الصلاح

تسلمي على الطرح

بنت منصور
14-10-2012, 08:37 AM
جزاك الله خير قصه رائعه