المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات مع ايات الحج (1)



المعهد العلمى
11-10-2012, 03:10 AM
تمهيد:

بَيَّن الله - تبارك وتعالى - في مطْلع آيات سورة الحج بذلك النِّداء العظيم
للناس كلهم، من المؤمنين، وأهل الكتاب، والمشركين إلى يوم القيامة؛
ليتلقَّوا الأمر بتقوى الله وخشيته، بحسب حالهم من التلبُّس بما نهى الله
عنه، والتفريط فيما أمر به؛ ليسْتَبْدلوا ذلك بضده؛

}يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ *
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ{

[الحج: 1، 2].

أي: يا أيها الناس، احذروا عقاب الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه،
فإنَّ ما يحدث عند قيام الساعة من أهوال، وحركة شديدة للأرض، تَتَصَدَّع
منها كلُّ جوانبها - شيءٌ عظيم، لا يقدِّر قدره، ولا يبلغ كُنهه،
ولا يعلم كيفيَّته إلا ربُّ العالمين.

يوم ترون قيام الساعة تنسَى الوالدةُ رضيعَها، الذي ألقمته ثديها؛
لِمَا نزل بها منَ الكرْب، وتُسْقط الحامل حملها من الرُّعب،
وتغيب عقول الناس، فهم كالسُّكارى من شدَّة الهَوْل والفزَع،
وليسوا بسكارى منَ الخمر، ولكن شدة العذاب أَفْقدتهم عُقُولهم وإدراكهم.

ثم بَيَّن - سبحانه - النِّهاية السعيدة لِمَن اتَّقى واستجاب لربِّه الرحمن،
الذي أعَدَّ لعباده المؤمنين منَ النعيم المُقيم الشيءَ العظيم في دار رحمته؛
حيث قال - تبارك وتعالى -:

}إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ {

[الحج: 23].

إن الله - تعالى - يُدخل أهل الإيمان والعمل الصالح جنات نعيمُها دائم،
تجْري مِن تحت أشجارها الأنهار، يُزَيَّنون فيها بأساور الذهب وباللؤلؤ،
ولباسهم المعتاد في الجنة الحرير، رجالاً ونساءً:

}وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ{

[الحج: 24].

لقد هداهم الله في الدُّنيا إلى طيب القول، من كلمة التوحيد، وحَمْد الله،
والثناء عليه، وفي الآخرة إلى حمده على حُسن العاقبة،
كما هداهم من قبلُ إلى طريق الإسلام المحمود الموصل إلى الجنة.

وكذلك هو الحال بحُجَّاج بيت الله الحرام، قد ساروا إلى الله بإيمان
وعمل صالح زادهم، ولباسهم هو التقوى،
وطيب أقوالهم وألسنتهم ذِكْر الله والدعاء، قد جدُّوا واجتهدوا؛

( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

وهو - سبحانه - الحكيمُ الحميد الذي لا يرتضي الظُّلم في أرضه،
وقد حرَّمه - تعالى - بين عباده؛

}وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا
أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ
وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ{

[البقرة: 114].

فإذا كان الأمر كذلك، فالويل لمن وقف في طريق عباد الرحمن السائرين إلى الله،
والوافدين إلى بيته الأمين؛

}إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ
سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{

[الحج: 25].

}إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ {

فكما كان سبب استحقاق المؤمنين ذلك النعيم اتباعهم صراط الله؛

}وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ{

[الحج: 24]،

كذلك كان سبَبُ استحقاق المشركين ذلك العذَاب هو أنهم كفروا بالله،
وكذبوا بما جاءهم به محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنهم يمنعون غيرهم من الدخول في دين الله،
ويصدون رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
والمؤمنين عن المسجد الحرام كما في عام (الحديبية).

والصد عن سبيل الله ناشئ عن الكفر، وما يزال صدُّهم مستمرًّا؛
كقوله - تعالى -:

}وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ {

[البقرة: 217]،

وقوله - تعالى -:

}هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ{

[الفتح: 25]،

وقوله - تعالى -:

}وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا{

[المائدة: 2].

وفي هذا بيان لحقِّ المسلمين في المسجد الحرام، وتهويل أمْر الإلحاد فيه، والتنويه به،
وتنزيهه عن أن يكونَ مأوى للشِّرْك، ورِجْس الظلْم والعُدوان.

لذا جاء التأكيد بـ(إنَّ)؛ للاهتمام به، وجاء قوله: (كَفَرُوا) بصيغة الماضي؛
لأنَّ فعلهم صار كاللقب لهم، وجاء الفعل (يصدُّون) بصيغة المضارع؛
للدلالة على تكرر ذلك منهم، وأنه دأبهم، وهذا التركيب في هذه الآية
كقوله - تعالى -:

}الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{

[الرعد: 28]؛

أي: ومِن صفتهم أنهم تطمئن قلوبهم بذكر الله.

(عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ): وسبيل الله هو الإسلام، الذي هو دين الله وسبيله الواصل
إليه، وهو طريقه الذي شرعه للناس، ونهجه الذي اختاره للعباد، وقد
صدّوا المسلمين عن دخول المسجد الحرام والطواف بالبيت بعد الهجرة،
ومن ذلك ما صنعوه يوم الحديبية، والصد: هو المنْع، فصدهم عنه هو
الذي حقَّق لهم عذاب النار، كما حقق اهتداءُ المؤمنين إليه بأن لهم نعيمَ الجنة.

وخبر: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) محذوف، تقديره: نُذيقهم من عذاب أليم،
دلَّ عليه قولُه في الجملة الآتية:

}وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{

سعادتي طاعة ربي
11-10-2012, 06:35 AM
جزاك الله الجنه
باانتظار ابداعك القادم

اطيب انثى
11-10-2012, 07:03 AM
جزاك الله خير

زهور 1431
11-10-2012, 01:16 PM
طرح قيم نفع الله به وجعله في ميزان حسناتك اختي الكريمه

بوابة الريف
14-10-2012, 10:32 PM
بارك الله فيكي

دودى الحب
15-10-2012, 02:43 AM
جزاك الله الجنه

عطر الشرق
29-07-2017, 05:02 PM
​http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra120.gif

ليدي الامورة
30-07-2017, 01:25 AM
جزاك الله خير