زهور 1431
24-09-2013, 01:14 PM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra6.png
بعض المعاني الإيمانية في رحلة الحج الربانيةإعداد / محمد عبدالله الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم
يحن القلب للبيت العتيق، ويطير فرحًا على طول الطريق، لبيت الله الذي هو أغلى من العقيق، مستجيبًا لنداء نبي الله إبراهيم عليه السلام ذي القلب الرقيق، ومحبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هدانا الله به إلى خير طريق.
(1) في الحج إظهار لتوحيد الله تعالى :
فبيت الله الحرام الذي يحج الناس إليه ، بُني أول ما بُني على التوحيد، من أجل ذلك قال عزوجل: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } (الحج/26)
= اذكر- أيها النبي الكريم- إذ بَيَّنا لإبراهيم - عليه السلام- مكان البيت، وهيَّأناه له وقد كان غير معروف، وأمرناه ببنائه على تقوى من الله وتوحيده وتطهيره من الكفر والبدع والنجاسات ؛ ليكون رحابًا للطائفين به, والقائمين المصلين عنده.
= من أجل ذلك يُعلن الحجاج من أول لحظة في مناسك الحج ، يُعلنون التوحيد، لله المجيد خالق العبيد، الذي يبدأ ويعيد. حيث يقولون جميعًا في ترديد: \"لبيكَ اللهمَّ لبيكَ .. لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ .. إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك .. لا شريكَ لك \"
(2) في الحج إظهار العبودية لله تعالى:
= فعندما يقول الحاج: \"لبيك اللهم لبيك\" أي استجبت لك يارب إجابة ثم إجابة، وسأظل مستجيبًا لك دائمًا، ومنقادٌ لك أبدًا وسأظل مقيمًا على طاعتك ملازمٌ لها.
= وفي التلبية استجابة لأمر الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (آل عمران/97).
= من أجل ذلك تجد الحجاج، يؤدون المناسك في ابتهاج، فهم على ربهم مقبلون، ولطاعته فاعلون، فالحجر يُقبلون، وإن لم يستطيعوا فإنهم يُشيرون، ومن عرفات إلى منىً يَنتقلون، وعند الجمرات يَرمون، لأنهم لرحمة الله يرجون.
= وإن لم يقفوا على الحِكَم من هذه الأفعال، حيث يؤدونها عبودية للواحد المتعال، واتباعًا لسنة سيد الرجال، الذي قال خير مقال، (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا) ( صحيح ) (أحمد/14793) (أرواء الغليل/1119). على مثل هذا الحال، فصلى الله وسلم وبارك على من علم الأجيال.
= وعن عمر (رضي الله عنه) أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: ((إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)). (البخاري/ 1520) (مسلم/ 3126)
الحجرُ الأسـودُ قبّلتُـهُ بشفَتَيْ قلبيْ، وكُلّي وَلَـهْ
لا لاعتِقادي أنّه نافـعٌ بل لِهُيامي بالّـذي قَبّلَـهْ
محمدٌ أطهرُ أنفاسـهِ كانت على صفْحاتهِ مُرسَلَةْ
قبّلتُه والنورُ من ثغـرهِ يُشرقُ آياتِ هدىً مُنزَلَةْ
قبّلتُ ما قبّلهُ ثغرهُ النَّا طِقُ بالوَحيِ ابتِغاءَ الصِّلَةْ
(3) في الحج إظهار ارتباط جميع الأنبياء (عليهم جميعًا السلام):
= فهذا البيت هو الذي رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)، لينشروا دين الملك العلام، وليمهدوا لبعثة محمد عليه الصلاة والسلام ... {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } (البقرة/127).
= وهما يرفعان القواعد من البيت بأن يبنيانه ويظهرانه ويطهرانه ، كانت يلهج ألسنتهما يدعوان لمحمد (صلى الله عليه وسلم) ولأمته {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } (البقرة/129).
= فيتذكر الحاج أن هذا البيت الذي بناه الملائكة لأدم (عليه السلام) وظل لأبنائه من بعده، ثم رفع قواعده إبراهيم (عليه السلام) ومعه نبي الله إسماعيل (عليه السلام) وحج إليه كل الأنبياء والمرسلين والصالحين من الصحابة والتابعين وتابعيهم عبر العصور وكر الدهور.
هنا يحس المسلم الحاج، بلذة الابتهاج، حيث خياله هاج، فهو الثاج والعاج، من غير رفث ولا لجاج. فعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ. قَالَ: \"الْعَجُّ وَالثَّجُّ\" (صحيح) (الترمذي/ 827) (ابن ماجة/2924)
(4) في الحج إعلان بهدم الجاهلية وإلغاء حميتها:
قال تعالى : {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (التوبة/3)
= وهذا إعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر(يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ) أن الله بريء من المشركين, ورسوله بريء منهم كذلك. فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم شرككم فهو خير لكم, وإن أعرضتم عن قَبول الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من عذاب الله. ثم أَنذر وحَذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضين عن الإسلام عذاب الله الموجع.
= هذا الإعلان أَرسلَ به رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم)، علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في إثر أبي بكرالصديق (رضي الله عنه) في العام التاسع من الهجرة، عندما حج أبي بكر بالناس – هذا الإعلان – هو إعلان البراءة من المشركين، براءة الله ورسوله والمؤمنين من المشركين.
= فإن تاب المشركون من شركهم وأسلموا فهو خير لهم وإن لم يتوبوا وظلوا على كفرهم فلسوف يقع عليهم العقاب في الدنيا والعذاب في الآخرة.
= وأكد ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنفسه في العام الذي بعده في حجة الوداع حيث خطب الناس فقال: {... أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ...} (صحيح) (سنن البيهقي/18751) (ابن ماجة/3074).
= فلم يكن المشركون يفيضون من حيث أفاض الناس، وكانوا يسمون أنفسهم الحُمس، فلا يخرجون من الحرم إلى الحل، فلا يخرجون من منى إلى عرفات (لأنها حل)، فأبطل الله تعالى ورسوله ذلك، حيث قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (البقرة/199)
5= في الحج تظهر وحدة الأمة من خلال توحيد مصدر التلقي:
= فلقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: {خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ} ( صحيح ) (أحمد/14793) (أرواء الغليل/1119).
= فلذلك تجد كل المسلمين يطوفون ويسعون وهم يلبسون زيًا واحدًا، وهذا يدل على وحدة الأمة وعدم التفريق بينهم، وتجدهم في وقت واحد على صعيد واحد (صعيد عرفات).
= وكلهم يُصَلُّون خلف إمام واحدٍ صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، وكلهم يَنفرون بعد المغرب من عرفات إلى مزدلفة، وكلهم يَنفرون بعد ذلك من مزدلفة إلى منىٍ.
= ولا تجد خلافًا بين العلماء والفقهاء في شيء من ذلك.
= والكل يلهجُ لسانُهُ بذكر واحدٍ حيث يقولون جميعًا : \"لبيكَ اللهمَّ لبيكَ .. لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ .. إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك .. لا شريكَ لك \"
إلهنا ما أعــدلكْ ...........مَليكَ كلَّ منْ مَلَكْ
لبيكَ قـد لبيتُ لكْ ...........لبيك إن الحمد لكْ
والملكُ لا شريك لكْ .........ما خاب عبدٌ سألكْ
أنتَ له حيثُ سلكْ ...........لولاكَ ياربي هَلكْ
لبيكَ إن الحمدَ لكْ ..........والملك لا شريك لكْ
كل نـبي ومَلَـكْ ..........وكل من أهـلَّ لكْ
وكل ّعبدٍ سألكْ ...............سبّح أو لبّى فلكْ
لبيك إن الحمد لكْ ............والملك لا شريك لكْ
والليلُ لمّا أن حَلكْ ...........والسابحات في الفلكْ
لبيك إن الحمد لكْ ..........والملك لا شريك لكْ
يا مخطئًا ما أغفلك ........... عَجِّل وبادر أجلك
واختم بخيرٍ عملكْ............ لبيك إن الحمد لكْ
والملك لاشريك لكْ..........والحمد والنعمة لك
بعض المعاني الإيمانية في رحلة الحج الربانيةإعداد / محمد عبدالله الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم
يحن القلب للبيت العتيق، ويطير فرحًا على طول الطريق، لبيت الله الذي هو أغلى من العقيق، مستجيبًا لنداء نبي الله إبراهيم عليه السلام ذي القلب الرقيق، ومحبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هدانا الله به إلى خير طريق.
(1) في الحج إظهار لتوحيد الله تعالى :
فبيت الله الحرام الذي يحج الناس إليه ، بُني أول ما بُني على التوحيد، من أجل ذلك قال عزوجل: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } (الحج/26)
= اذكر- أيها النبي الكريم- إذ بَيَّنا لإبراهيم - عليه السلام- مكان البيت، وهيَّأناه له وقد كان غير معروف، وأمرناه ببنائه على تقوى من الله وتوحيده وتطهيره من الكفر والبدع والنجاسات ؛ ليكون رحابًا للطائفين به, والقائمين المصلين عنده.
= من أجل ذلك يُعلن الحجاج من أول لحظة في مناسك الحج ، يُعلنون التوحيد، لله المجيد خالق العبيد، الذي يبدأ ويعيد. حيث يقولون جميعًا في ترديد: \"لبيكَ اللهمَّ لبيكَ .. لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ .. إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك .. لا شريكَ لك \"
(2) في الحج إظهار العبودية لله تعالى:
= فعندما يقول الحاج: \"لبيك اللهم لبيك\" أي استجبت لك يارب إجابة ثم إجابة، وسأظل مستجيبًا لك دائمًا، ومنقادٌ لك أبدًا وسأظل مقيمًا على طاعتك ملازمٌ لها.
= وفي التلبية استجابة لأمر الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (آل عمران/97).
= من أجل ذلك تجد الحجاج، يؤدون المناسك في ابتهاج، فهم على ربهم مقبلون، ولطاعته فاعلون، فالحجر يُقبلون، وإن لم يستطيعوا فإنهم يُشيرون، ومن عرفات إلى منىً يَنتقلون، وعند الجمرات يَرمون، لأنهم لرحمة الله يرجون.
= وإن لم يقفوا على الحِكَم من هذه الأفعال، حيث يؤدونها عبودية للواحد المتعال، واتباعًا لسنة سيد الرجال، الذي قال خير مقال، (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا) ( صحيح ) (أحمد/14793) (أرواء الغليل/1119). على مثل هذا الحال، فصلى الله وسلم وبارك على من علم الأجيال.
= وعن عمر (رضي الله عنه) أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: ((إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)). (البخاري/ 1520) (مسلم/ 3126)
الحجرُ الأسـودُ قبّلتُـهُ بشفَتَيْ قلبيْ، وكُلّي وَلَـهْ
لا لاعتِقادي أنّه نافـعٌ بل لِهُيامي بالّـذي قَبّلَـهْ
محمدٌ أطهرُ أنفاسـهِ كانت على صفْحاتهِ مُرسَلَةْ
قبّلتُه والنورُ من ثغـرهِ يُشرقُ آياتِ هدىً مُنزَلَةْ
قبّلتُ ما قبّلهُ ثغرهُ النَّا طِقُ بالوَحيِ ابتِغاءَ الصِّلَةْ
(3) في الحج إظهار ارتباط جميع الأنبياء (عليهم جميعًا السلام):
= فهذا البيت هو الذي رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)، لينشروا دين الملك العلام، وليمهدوا لبعثة محمد عليه الصلاة والسلام ... {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } (البقرة/127).
= وهما يرفعان القواعد من البيت بأن يبنيانه ويظهرانه ويطهرانه ، كانت يلهج ألسنتهما يدعوان لمحمد (صلى الله عليه وسلم) ولأمته {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } (البقرة/129).
= فيتذكر الحاج أن هذا البيت الذي بناه الملائكة لأدم (عليه السلام) وظل لأبنائه من بعده، ثم رفع قواعده إبراهيم (عليه السلام) ومعه نبي الله إسماعيل (عليه السلام) وحج إليه كل الأنبياء والمرسلين والصالحين من الصحابة والتابعين وتابعيهم عبر العصور وكر الدهور.
هنا يحس المسلم الحاج، بلذة الابتهاج، حيث خياله هاج، فهو الثاج والعاج، من غير رفث ولا لجاج. فعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ. قَالَ: \"الْعَجُّ وَالثَّجُّ\" (صحيح) (الترمذي/ 827) (ابن ماجة/2924)
(4) في الحج إعلان بهدم الجاهلية وإلغاء حميتها:
قال تعالى : {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (التوبة/3)
= وهذا إعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر(يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ) أن الله بريء من المشركين, ورسوله بريء منهم كذلك. فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم شرككم فهو خير لكم, وإن أعرضتم عن قَبول الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من عذاب الله. ثم أَنذر وحَذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضين عن الإسلام عذاب الله الموجع.
= هذا الإعلان أَرسلَ به رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم)، علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في إثر أبي بكرالصديق (رضي الله عنه) في العام التاسع من الهجرة، عندما حج أبي بكر بالناس – هذا الإعلان – هو إعلان البراءة من المشركين، براءة الله ورسوله والمؤمنين من المشركين.
= فإن تاب المشركون من شركهم وأسلموا فهو خير لهم وإن لم يتوبوا وظلوا على كفرهم فلسوف يقع عليهم العقاب في الدنيا والعذاب في الآخرة.
= وأكد ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنفسه في العام الذي بعده في حجة الوداع حيث خطب الناس فقال: {... أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ...} (صحيح) (سنن البيهقي/18751) (ابن ماجة/3074).
= فلم يكن المشركون يفيضون من حيث أفاض الناس، وكانوا يسمون أنفسهم الحُمس، فلا يخرجون من الحرم إلى الحل، فلا يخرجون من منى إلى عرفات (لأنها حل)، فأبطل الله تعالى ورسوله ذلك، حيث قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (البقرة/199)
5= في الحج تظهر وحدة الأمة من خلال توحيد مصدر التلقي:
= فلقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: {خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ} ( صحيح ) (أحمد/14793) (أرواء الغليل/1119).
= فلذلك تجد كل المسلمين يطوفون ويسعون وهم يلبسون زيًا واحدًا، وهذا يدل على وحدة الأمة وعدم التفريق بينهم، وتجدهم في وقت واحد على صعيد واحد (صعيد عرفات).
= وكلهم يُصَلُّون خلف إمام واحدٍ صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، وكلهم يَنفرون بعد المغرب من عرفات إلى مزدلفة، وكلهم يَنفرون بعد ذلك من مزدلفة إلى منىٍ.
= ولا تجد خلافًا بين العلماء والفقهاء في شيء من ذلك.
= والكل يلهجُ لسانُهُ بذكر واحدٍ حيث يقولون جميعًا : \"لبيكَ اللهمَّ لبيكَ .. لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ .. إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك .. لا شريكَ لك \"
إلهنا ما أعــدلكْ ...........مَليكَ كلَّ منْ مَلَكْ
لبيكَ قـد لبيتُ لكْ ...........لبيك إن الحمد لكْ
والملكُ لا شريك لكْ .........ما خاب عبدٌ سألكْ
أنتَ له حيثُ سلكْ ...........لولاكَ ياربي هَلكْ
لبيكَ إن الحمدَ لكْ ..........والملك لا شريك لكْ
كل نـبي ومَلَـكْ ..........وكل من أهـلَّ لكْ
وكل ّعبدٍ سألكْ ...............سبّح أو لبّى فلكْ
لبيك إن الحمد لكْ ............والملك لا شريك لكْ
والليلُ لمّا أن حَلكْ ...........والسابحات في الفلكْ
لبيك إن الحمد لكْ ..........والملك لا شريك لكْ
يا مخطئًا ما أغفلك ........... عَجِّل وبادر أجلك
واختم بخيرٍ عملكْ............ لبيك إن الحمد لكْ
والملك لاشريك لكْ..........والحمد والنعمة لك