المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المجترءون على سيد الناس ملعونون في الدنيا والآخرة



ام سارة**
22-01-2015, 04:33 PM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra5.png



المجترءون على سيد الناس ملعونون في الدنيا والآخرة


معاشر المؤمنين.. وصية الله لكم في كل آن وحين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].



معاشر المؤمنين.. ملعونون، ملعونون في الدنيا، وملعونون في الآخرة، ملعونون بآيات تتلى إلى قيام الساعة، ملعونون في القرآن المحفوظ من كل تغيير وتبديل: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) [الأحزاب: 57]
قال ابن كثير في تفسيره: "والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء -بأي شيء-، ومن آذاه فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله".


وقد روى عبدالله بن المغفل المزني -رضي الله عنه-: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، لاَ تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ" (رواه أحمد في المسند وحسنه الألباني ورواه ابن حبان في صحيحه).

وذكر ابن عاشور في تفسيره: "وأذى الرسول -عليه الصلاة والسلام- يحصل بالإنكار عليه فيما يفعله، وبالكيد له، وبأذى أهله مثل المتكلمين في الإفك، والطاعنين أعماله، كالطعن في إمارة زيد وأسامة، والطعن في أخذه صفية لنفسه"، ويدخل في ذلك السخرية والاستهزاء بشريعته وسنته عليه الصلاة والسلام، وذكر الطبري في تفسيره: "عن ابن عباس أن الآية نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ اتَّخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ".

وذكر آخرون في التفسير أيضاً أن الآية جاءت في بعض من طعنوا في إمرة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- وفيها حديث ابن عمر في صحيح مسلم، قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثاً وأمّر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعضهم في ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمْرَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ".

وهذا كله عنوان، عنوان عريض ينبغي أن نقف عنده نحن معاشر المسلمين المؤمنين أتباع محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يكون حديثنا عن الكافرين والشانئين المبغضين عليهم لعائن الله.

لماذا أقول: إننا معنيون بذلك بصورة أولية ومبدئية؟
لأن هذا ديننا، وهذه آيات ربنا، وتلك أحاديث رسولنا، وذلك هدي نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، ونحن منتسبون إلى الإسلام ومتشرفون بالانتساب إلى النبي العدنان -عليه الصلاة والسلام-، فأين نحن لا أقول من القيام بالحق، وقد تحدثنا عنه من قبل، ولا أقول أين نحن من تمام الاتباع وكمال الاقتداء والاهتداء، وقد تحدثنا عنه من قبل، ولكنني أقول: أين نحن من أذية المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟

أين نحن من الواجب تجاه ذلك؟
أين نحن ونحن نسمع من بني جلدتنا الناطقين بألسنتنا الذين يأخذون أجورهم من أموالنا ويظهرون في وسائل إعلامنا ويتسللون إلى مناهج تعليمنا، ويخاطبون أجيالنا بغير ما جاء من التوجيه العظيم والإجلال العظيم لرسولنا -صلى الله عليه وسلم-؟


يقول ابن عاشور في تفسيره لهذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ): لما أرشد الله المؤمنين إلى تناهي مراتب حرمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتكريمه وحذرهم مما قد يخفى على بعضهم من خفي الأذى في جانبه بقوله: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النبي) [الأحزاب: 53]
وقوله: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) [الأحزاب: 53] الآية.



وعلمهم كيف يعاملونه معاملة التوقير والتكريم بقوله: (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) [الأحزاب: 53]
وقوله: (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) [الأحزاب: 53]
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي) [الأحزاب: 56] الآية
وعلم أنهم قد امتثلوا أو تعلموا أردف ذلك بوعيد قوم اتسموا بسمات المؤمنين وكان من دأبهم السعي فيما يؤذي الرسول -عليه الصلاة والسلام- فأعلم الله المؤمنين بأن أولئك ملعونون في الدنيا والآخرة ليعلم المؤمنين أن أولئك ليس من الإيمان في شيء، وأنهم منافقون؛ لأن مثل هذا الوعيد لا يعهد إلا للكافرين.


وفي جانب من الجوانب اليسيرة جاءت آيات تتلى ويتنزل بها الوحي لتبقى إلى قيام الساعة تنبيهاً وتحذيراً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) [الحجرات: 2]
مجرد رفع الصوت مظنة إحباط العمل، فكيف بما سأذكر بعضه مما أشعر أن الجرأة على مجرد ذكره تقشعر له الأبدان، وتنخلع له القلوب المؤمنة بمحمد -صلى الله عليه وسلم- والمحبة له -عليه الصلاة والسلام-.


قيس بن ثابت خطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما تنَزّلت هذه الآيات جَلَسَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَ: أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَأَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ: "يَا أَبَا عَمْرٍو مَا شَأْنُ ثَابِتٍ اشْتَكَى؟". قَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى. قَالَ: فَأَتَاهُ سَعْدٌ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ ثَابِتٌ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : "بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" (رواه مسلم).

كان الأمر عندهم على أكمل الوجوه، وعلى أدق التفاصيل حتى روى أنس -رضي الله عنه- قال: "إِنَّ أَبْوَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَتْ تُقْرَعُ بِالأظَافِيرِ" (رواه البخاري في الأدب المفرد)، أي: لا يكون قرعاً مزعجاً، لئلا يكون فيه بوجه من الوجوه أدنى أذية أو إزعاج للمصطفى -صلى الله عليه وسلم-.

ولو ذهبنا نمضي لوجدنا الآيات كثيرة في مثل هذه السياق وفيما يقابله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63]
ومن هنا فإن الأمر المتعلق بجناب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- جاء حاسماً في الآيات القرآنية، وجاء حاسماً وجازماً في السنة والسيرة النبوية، وثمة أمور لا مجال فيها لأي تهاون أو تأول، وذلك ما يتعلق بالله -جل وعلا- وذاته العلية، وما يتعلق بكلام الله وكتابه العظيم وما يتعلق بمقام رسوله العظيم -صلى الله عليه وسلم-.


ومن هنا أجمع أهل الإسلام بلا خلاف على أن من شتم النبي -صلى الله عليه وسلم- كافر، وعقوبته القتل، كما ذكر ذلك ابن تيمية، وقال ابن سحنون من أئمة المالكية: "أجمع العلماء على أن شاتم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المتنقص له كافر، والوعيد جارٍ عليه بعذاب الله وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر"، والله -سبحانه وتعالى- قال: (لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، قال الطبري: "أَبْعَدُهُمُ اللَّهُ مِنْ رَحْمَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابًا يَهِينُهُمْ فِيهِ بِالْخُلُودِ فِيهِ".

وهنا وقفتان مهمتان لنا نحن قبل أن نتحدث عن غير المسلمين؛ لأننا نرى أن الأمر قد فاق الوصف، وتجاوز الحد، وصار أمراً يدل على أن في الأمة خللاً كبيراً، وأنها على خطر عظيم يوم تزداد في كثير من وسائل الإعلام نبرة فيها تنقص لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونوع من الجرأة على أحاديثه، بل والعياذ بالله من النيل من مقامه وجنابه وشخصه -عليه الصلاة والسلام-، وكما قلت لكم: يصعب أن أذكر ذلك، لكنني أضرب أمثلة:

كم سمعتم وسمعتم عن الحجاب، مرة أنه عادة جاهلية، ومرة أنه جالب للمشكلات، وثالثة أنه علامة على التخلف، ورابعة أنه تاريخ من الظلم للنساء، واستمعوا إلى هذه الجملة على وجه الخصوص وقد استمعت إليها بأذني ورأيتها بعيني على شاشة من الشاشات: "إذا قبلنا الحجاب اليوم، فمعنى ذلك أننا سنقبل تعدد الزوجات غداً"، وكأن الأمر اختياري، وكأنه ليس هناك آيات، وليس هناك سيد للخلق -صلى الله عليه وسلم- جاء بهذا الدين وأقام هذه التشريعات وبيّن هذه الأحكام.

وإلى مقولة أخرى وأنا أضرب أمثلة فحسب وهي مما يغمّ القلب ويحزن النفس ويثير الغيرة أن يكون ذلك شائعاً ذائعاً في المقابلات والبرامج وعلى صفحات الصحف والجرائد وفي المجالس والعياذ بالله: مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت رجلاً صالحاً بشأن ولده الصالح، ورغم أن الكابوس مرّ بسلام على الرجل الصالح وولده، إلا أن كائنات لا حول لها ولا قوة تُدفع كل عام وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب إلا لهذا الكابوس القدسي.

والحديث عن شعيرة الأضحية، وأن كابوساً لرجل صالح -والعياذ بالله-، وهو أبو الأنبياء إبراهيم الخليل -عليه السلام- وأن ملايين من هذه البهائم تساق من غير جريرة ولا ذنب إلا لهذا الكابوس المقدسي، والعياذ بالله.

وقائل ثالث: إن أمة الإسلام بالكامل مصدر للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها، وأن نصوصاً وأفكاراً يتم تقديسها منذ آلاف السنوات تدعو هذا النفر، أو هذا العدد من المسلمين إلى أن يقتلوا الدنيا أو يقتلوا البشر كلهم.

ولو أردت أن أسوق المزيد لكان ذلك مزعجاً ومؤذياً، وهو منتشر حتى اليوم بين بعض شبابنا في بعض ما يتلهون به، أو يكون بينهم على سبيل الدعابة والضحك، فإذا بهم يتندرون أو يضحكون على ما ثبت من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هيئة ظاهرية أو فعل أو حديث.

فمن قائل: هذا حديث وحشي. ومن قائل: إن هذا حديث لا يتطابق مع العقل. ومن قائل ومن قائل، وأصبحت القائمة طويلة، فعلام نذم غير المسلمين إذا كان هذا يقوله ويفعله من هو منتسب إلى الإسلام والمسلمين دون نكير ودون عمل ما يردع، أو القيام بما يمنع من التعليم والإرشاد لهذه الآفات الإجرامية الحقيقية.

وقفة أخرى: إن مقامه -صلى الله عليه وسلم- رفيع لا تناله سفاهة السفهاء ولا ينقص من قدره قول أولئك الحمقى، ولا الموتورين؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) [الفتح: 28]
ولأن الله سبحانه وتعالى قال: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95]
وقال تعالى: (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة: 67].


والتاريخ قديماً وحديثاً يشهد لذلك بمواقف وأحداث كثيرة، وقال أيضاً في سياق الخطاب لنا معاشر المؤمنين والآيات نقرأها: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40]
هو غني بما أعطاه الله -عز وجل-، وما وقاه وما حماه به، وما دافع به عنه في حياته، وكذلك بعد مماته إلى قيام الساعة، وكما جاء في آيات كثيرة ما يدل على المقام الرفيع الجليل العظيم لرسولنا -صلى الله عليه وسلم-.


لكن المشكلة عندنا نحن، الله ناصره إن لم ننصره، لكن إن لم ننصره فنحن المتأخرون الآثمون المقصرون المفرطون، نحن الذين ستفوتنا أجورٌ كثيرة ومناقب عظيمة وراحة كبيرة وأمر عظيم وجليل.

وفي الختام وقفة مع آية واحدة من كتاب الله -سبحانه وتعالى- علّنا ندرك أن فلاحنا ونجاتنا وعزنا إنما هي فيما أرشدنا الله -سبحانه وتعالى- إليه في توقير نبيّنا -صلى الله عليه وسلم-: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف: 157]
هذا هو الفلاح لنا، وإن تخلينا عنه فالله -سبحانه وتعالى- ناصره وكافيه.


أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الناصرين لرسوله ومن الذابين عن عرضه وسنته، ومن الناشرين لسنته وهديه، ومن المفتخرين بالانتساب إليه والمحبين له والعاملين بسنته والداعين إليها.


الخطبة الثانية:

معاشر المؤمنين.. أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، وإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه.

وإن من أجلّ مظاهر التقوى توقير المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وتعظيم مقامه وحفظ جنابه، ومن هنا معاشر المؤمنين لابد أن نذكر بالواجب علينا:

أولا: أن نزيد معرفتنا وعلمنا بجلال رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وكماله من خلال سنته وسيرته.

ثانياً: أن نعلم أبناءنا وأسرنا مقام رسولنا ووجوب حبه ولزوم اتباعه، وبيان الخطر والضرر في التقصير في ذلك، وبيان العذاب والوعيد لمن يخالفه أو يناوئه أو يستهزئ به أو بسنته -عليه الصلاة والسلام-.

ثالثاً: أن نشيع هذه المحبة والتوقير في المجتمع بكل الوسائل الإعلامية والتعليمية والتربوية؛ لأن هذا قد ضعف في مجتمعاتنا، وبدأت قدوات وقصص وسائل الإعلام تخطف أبناءنا وتخطف أجيالنا هنا وهناك، حتى إذا سمع أحدهم سُنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو حديثاً من أحاديثه وهو يجهله فإذا به يرده، وهو لا يعلم أنه حديث كما رأينا ونرى ونسمع في كثير من هذه الأحداث.

ولئن كان هناك استنكار للعدوان على غير المسلمين بالوجه الذي وقع، وذلك صواب، فإننا نقول: أين الاستنكار لما نشرت مرة أخرى الصور المسيئة لتوزع منها ثلاثة ملايين نسخة؟

أين الذين اصطفوا واحتشدوا؟ أين الذين استنكروا وشجبوا؟ أين الذين يريدون أن يرفعوا من مقام نبينا -صلى الله عليه وسلم- ويقوموا بواجبهم تجاه البشرية كلها في تعريفهم بالرحمة المهداة -عليه الصلاة والسلام-؟

أين ما تقوم به دولنا ومجتمعاتنا عبر وسائل الإعلام وعبر غيرها لتخاطب البشرية التي جهّلت أجيالها وشعوبها بإعلام مضلل ومناوئ؟

أين نشرنا لسيرته باللغات؟
أين إظهارنا للقيم في سيرته -عليه الصلاة والسلام-؟
وثقوا بالله -سبحانه وتعالى- أنه متم أمره وناصر دينه، ومن ذلك أن هذه الهجمات الشرسة إنما هي دليل على عظمة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى قوة تأثيره وعظمة دينه.


إنهم -أي هؤلاء الحاقدون- مغتاظون اليوم؛ لأن اسم محمد -صلى الله عليه وسلم- يسمى به أعلى نسبة في المواليد في كثير من الدول الأوروبية، يغيظهم أن ينتشر اسمه وأن يدخل في دينه فئام كثيرة من أبنائهم، وأن هذه الأحداث كلما جاءت كلما تنبه كثير من أولئك المغيبين إلى عظمة الرسول الكريم، وإلى صدق وصحة القرآن العظيم، وإلى جلال هذا الدين الإسلامي العظيم، وإذا بهم يدخلون في كل حدث وبعد كل حدث إلى دين الله أفواجاً.

إنها رحمة الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- تكشف أولئك القساة القتلة الذين يقتلون اليوم بالطائرات والأسلحة الفتاكة.

إنها عدالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- التي تفضح العدالة الانتقائية الخاصة بمكيالين وثلاثة مكاييل وعشرات المكاييل التي تجعل الحكم هنا في بيئة وبلد معين غير الحكم في بيئة وبلد آخر، رغم أن الجريمة أعظم.

وإذا كان الفاعل مسلماً يُعد الفعل أو القول إرهاباً، أما قتل الآلاف من المسلمين ما دام من جهة أخرى فلا حرج فيه ولا تعقيب عليه ولا تجريم لفاعله.

إن سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في كمالها ونضارتها تفضح كل سلوك منحرف وكل قيمة سيئة في هذه المجتمعات كلها وحتى عند المسلمين.

وإن كان الأمر -كما يزعمون- بالقانون فإن قوانينهم ذاتها تقول: إن حرية التعبير ليست مفتوحة، وإنها مقيدة. وأكتفي بموضعين اثنين المادة [19] من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 1948م، حيث تقول هذه المادة التي تقرر حرية التعبير ثم تضيف: "أنه لا بد من تقييدها لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم، وتقييدها لحماية الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة والآداب العامة"، وهذا أمر ظاهر.

وفي الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في المادة الثانية كذلك: أنه يجوز إخضاع حرية التعبير للقيود المتعلقة بنماذج قالوا ومنها: "حماية النظام ومنع الجريمة وحماية الآخرين وسمعتهم"، والقانون الفرنسي ينص على أنه: "أيّ كتابة أو إظهار علني يمنع إذا كان يدعو إلى حقد وكراهية لأسباب عرقية أو دينية ويمنع أيضاً تكذيب جرائم الإبادة الجماعية ضد اليهود"، فعلوا هذا وتركوا ذاك، أذكر هذا لنكون على بينة؛ لأن من بني جلدتنا من يقول: إنها كذا وكذا وكذا، ويتسامح هنا ولا يتسامح فيما هو أقل من ذلك أعاذنا الله وإياكم.

اللهم إنا نسألك أن تعظم في قلوبنا محبتك ومحبة كتابك ومحبة نبيك ومحبة عبادك الصالحين، اللهم اجعلنا لرسولك -صلى الله عليه وسلم- محبين وموقرين، واجعلنا اللهم لسنته -صلى الله عليه وسلم- متبعين ومقتفين، واجعلنا اللهم لصحابته وآله وأزواجه من المحبين والناصرين وعنهم من الذابين والمنافحين.

الشيخ على بن عمر بادحدح

زهور 1431
23-01-2015, 06:45 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

واقع مؤلم نعيشه في وقتنا الحاضر حيث كثر المجترئون على جناب رسولنا صلى الله عليه وسلم من أبناء جلدتنا الذين اغتروا بالحياة الدنيا وأصبحوا اذنابا لأعداء الدين يرددون غثاءهم وافتراءتهم على ديننا وعلى رسولنا صلى الله عليه وسلم ومكانته وأحاديثه وكل أفعاله وأقواله ،، والله المستعان ،، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ،، ،

نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن اقتدى واهتدى بسنته صلى الله عليه وسلم وممن وقره وأحبه فاتبع أوامره واجتنب نواهيه وقدره حق قدره ،،

انتقاء قيم وموفق ،، نفع الله به ،، وكتب اجر شيخنا الكريم ،،،

احسن الله إليك ورزقك الجنة ومن تحبين ياغاليه ،،