المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بناء الأسرة المسلمة



هدى نور
16-07-2006, 06:48 PM
جولة مسلم في رحاب القرآن–بناء الأسرة المسلمة

مستقاة من كتاب (عقول هادئة وقلوب دافئة)




دراسة الدكتور بشير الجابري


ما الذي يصلح الأسرة المسلمة ؟ ما الذي يجعل البيت واحة طمأنينة ، و جنة أنس ، و محضن هناء ؟

ما الذي يحقق مراد الآية الكريمة : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) ، ( الأعراف: من الآية189 ) ، كيف خرجت هذه النفس من هذه النفس و كيف تعود إليها إذا أستوى الزواج و أكتمل و راق و أينع ؟ و كيف ترتد هذه النفس و تتطاير إذا أكتوى كل بصاحبه ؟ كيف يؤدي اللقاء إلى بقاء و نعيم ، و كيف يتحول الفراق إلى شقاء و جحيم ؟

ما هو السر في هذا كله ؟ أهو التوفيق قدر لبعض و الفشل قدر لآخرين ؟ ، و إذا كنا لا نعرف ما قدر لنا و جبلنا على المجاهدة لتحقيق آمالنا و يُسر لنا الشرع و العقل للتعلم و الإعتبار ، فهل يغنينا هذا في عالم الأرواح و الأنفس و القلوب ؟ ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) ، ( الاسراء: من الآية85 ) إني أقترب من هذا الأمر على وجل ، فالزاد قليل و الأمر جليل .

ثم أسأل نفسي ما الذي يتوقعه الزوجان من بعضهما ؟ ما الذي يأمله الرجل في زوجه ؟ و ما الذي تطلبه المرأة من زوجها ؟

و هل كل رجل ككل رجل ؟ و هل كل إمرأة ككل إمرأة ؟ و من ذا الذي يزعم أنه يستطيع أن يؤكد هذا !

إننا إذا اعتبرنا أن المسلم تصوغه قيم الإسلام و أنه يبتعد و يأنف مما ذُم من الشهوات ، نفهم دعوة النبي صلى الله عليه و سلم للمسلم أن يحظى بذات الدين . لأن مجاهيل النفس الإنسانية لا تنقضي سُبلها ، و لا يعرف أبوابها إلا خالقها ، و هو العليم الخبير ألا يعلم من خلق ؟

فإذا وُجهت لذات الدين ، و إذا دعاك ربك إلى معاشرتهن بالمعروف فعسى أن تكرهوا شيئاً و يجعل الله فيه خيراً كثيراً ، بحيث تعلو على حركة النفس و ميولها و ترى بعيون العقل أبواب الخير المفتحة و التي يُعمي عنها وسواس النفس .

و إذا ذكّرك المصطفى أن المرأة إنما خلقت من ضلع أعوج فتتعامل مع هذا الضلع بما بصلحه لا بما يقومه ، وجدت نفسك تطوف حول هذه المتلازمات:

كيف تجعل القوة مع اللين لا التنفير

و الحب مع الوفاء لا التذلل

و الزهد مع الإكرام لا التقتير

و اليسر مع الحزم لا التنفير

كيف تجعل خشيـة الله لَبوس سلوكك في بيتك مع أهلك و ولدك ؟

كيف تكون جاداً دون تكلف ، و سهلاً دون تردد .

كيف ترى فيك زوجك الرجولة التي تحميها ، و النخوة التي تعصمها ، و النبل الذي يأسرها ؟ إذا كنت جنة أهلك و نارها في الدنيا فهل تكون باباً لها إلى جنة الخلد و حرزاً لها من نار جهنم ؟

كيف تجعلها تأخذ من الدنيا بكفها لا بقلبها فأقل أهل الجنة من النساء شغلهن الأحمران ( الذهب و الزعفران ) أي الطمع في الغنى و العمل له ؟

و كيف تجمع بين الود و التأليف دون الطاعة العمياء ؟

كيف تعطيها المدى الكافي في القرار في بيتها و شؤونه و تحفظ موقعك و مقامك ؟

كل هذه الأسئلة تجول ببالي و أنا أتفيؤ ظلال القرآن باحثاً عن الطمأنينة ، لي ، و لأسرتي و لكل أسرة .

فأسأل نفسي :

ما مستقبل الزواج ؟

قالت :

خير ونماء بركة وعطاء

تعارف وتآلف

زرع وبناء

سكن ورحمة

عليه قامت الحياة وبه تتوازن

سالب وموجب، ذكر وأنثى، بروتون والكترون

(( ومن كل شيْْء خلقنا زوجين اثنين ))

لامستقبل للحياة إذا ضُيعت سنة الزواج

ولااطمئنان في الزواج إذا اختل الميزان

ولااستقامة للميزان في زمن التغيير السريع إلا بالاعتصام بحبل الله

زمان تُدفع فيه الأسرة إلى عوالم الشذوذ والعقوق فلا الأسرة هي الأسرة، ولا الأخلاق هي الأخلاق، ولا المعارف مستقرة ، ولا الأمن مأمون، ولاالتخطيط مضمون :

الأيام قصار، والتنافس نار، والحياة سعار .

و يأتيني الجواب من القرآن ، فالعاصم:

(( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ))

(( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة" في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ))

وعود دنيا ووعود قصوى ، وعود دنيا تعطي العاجل: (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة)) ووعود قصوى لعاشق الآخرة (( وفي الآخرة حسنة ))((ذلك هو الفوز العظيم )) .

كل النظريات سخية بالوعود الدنيا فإذا تحققت هذه الوعود، وبدأت جوعة الروح، ولامشبع لها، و انغمس النَهم في الملذات والملهيات وغطست النفس في عالم الآلام .

أما الاسلام فوعوده الأخروية دليل ملهم ومحرك باعث وأمل مشوق .

هكذا وبكل لطف (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))

الولاية : التعاضد، التعاون، الشفقة، الود، والميل و الشوق .

ما أحلى هذا الوصف، وكم يستحث من معالم الخير والألفة .

((يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) هذا عمل القلب واللسان .

(( ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة )) وهذا عمل البناء والتأسيس

((ويطيعون الله ورسوله)) وهذا عمل الاستخلاف والتمكين .

فإذا حققوا ذلك، فالوعود أحلى (( أولئك سيرحمهم الله ))

هل هناك ألطف من رحمة الله وادعى للرضى؟

رحمة هي ظلال الأمن والاطمئنان .

رحمة هي جنة الأرض في رضا الرحمن .

فإذا تحقق هذا الجو الرائع بولاية المؤمنين والمؤمنات ، بولاية الزوج والزوجة والأب والأم والأخ والأخت والابن والابنة00 فالوعد الأخروي اللامتناهي واللامحدود :

مالاعين رأت! ولا أذن سمعت ! ولاخطر على بال بشر!

((جنات تجري من تحتها الأنهار))

((ومساكن طيبة في جنات عدن))

وفوقها ومعها، تظلها، وتورثها أقصى ما يحتمله العقل من تصور (( ورضوان من الله أكبر)) الله أكبر ولله الحمد .

ولله أفراح المحبين عندمـا يخــاطبهم من فوقهم ويسلم

ولله أبصـار ترى الله جهرة فلا الضيم يغشاها ولاهي تسأم

ولله كم من خَيِّرة إن تبسمت أضاء لها نور من الفجر أعظم

تُذكر بالرحمن من هو ناظـر فينطق بالتسبيـح لا يتلعثـم

وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها ولـم يك فيها منزل لك يعلم

فـحي على جنات عدن فإنها مــنازلنا الأولى وفيها المخيم

و الهادي إلى ذلك :

(( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )) .

إن الزواج أمر عظيم ، يجدد به الله الحياة لأمر يعلمه و نجهله ، قضاه بحكمته و تعجبت منه ملائكته ، و أول خطوة فيه هي تصحيح النية .

فانظر ما نيتك في هذا الأمر ؟

أهو طاعة الله و رسولـه صلى الله عليه و سلم : فوفقت و هديت ، أم هو غير ذلك فأصلح نيتك ، كفيت و عوفيت . و انظر ما هو الدور الذي تريده لنفسك ؟ أهو الإنفاق و التنعم فقط أم هو مع ذلك و قبله ، مقام الراعي المسؤول عن رعيته ، يعطي من نفسه و يرى الحياة واجبات لا حقوقاً .

أهو الخائف من الوقوف بين يدي الله فيسأله عمن يعيل أحصّنهم أم أضاعهم ؟

أهو الذي يريد أن يعمر الأرض بذرية يذكرون الله و يرفعون رايته ، يباهي بهم ملائكته و يحقق بهم مراده ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ) ، ( آل عمران: من الآية34 ) .

أهو الداعي ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَك ) ، ( البقرة: من الآية128 )

( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) ، ( الفرقان:74 ) .

يا أخي ، أنت ترعرت في بيت نعمة فإن شكرت زادك الله من فضله ، و النعمة مبطرة إلا لمن جعل الله بين عينيه . و من مظاهر البطر إحساس المرء أنه أرقى أو أسمى أو أقدر أو أكرم من عامة المسلمين فيزهو عليهم و يترفع أو يسمعهم في أصلهم و فصلهم ما يسوؤهم . فإذا خطر للمؤمن هذا الخاطر استغفر و استرجع و علم أن الشيطان داخل عليه فأخزاه و أهانه .

ثم إنك ولدت في زمان يتنافس فيه الناس في الجاه و المال و الحسب و النسب ، و الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، فانظر ماذا يساوي ما عند الناس من هذا الجناح .

( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ

غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) ، ( الحديد:20 )

و اعلم أن المسلم يحظى عند أهله بحسن التبعل و الكرم و الشجاعة . أنظر إلى سيرة خديجة رضي الله عنها و أرضاها كيف ترى في خصال زوجها صفات الكمال التي تبعد عنه سلطان الشيطان و تؤهله للرسالة إذ تقول له و قد عاد من غار حراء يقص عليها ما يرى :

" إنك لتصل الرحم ، و تَصدُق الحديث ، و تحمل الكَلّ، و تُكسب المعدوم ، و تُقري الضعيف ، و تعين على نوائب الحق " .

إنها تقول له أنت رجل حقيقي ، فيه مظاهر الرجولة التي تحمي الضعيف ، و النخوة التي تعين المنكوب و النبل الذي يأسر القلوب و يطوعها .

و اعلم أن المرء في هذه الحياة يحب أموراً جبل عليها و يكره أخرى يعافها ، و لا يستوي البشر فيما يحبون و يكرهون ، إنما يستوي الصالحون إذا كان هواهم تبعاً لما يحبه الله و رسوله ( صلى الله عليه و سلم ) . أما في الأمور المعفي عنها فتختلف المشارب ، و وجب فيها التغاضي و التراضي . و في الأخبار أن خالداً بن صفوان قال لإمرأة تدل على النساء : أبغني إمرأة .

قالت : صفها لي .

قال : أريدها بكراً كثيب أو ثيباً كبكر ، حلوة من قريب ، فخمة من بعيد ، كانت في نعمة فأصابتها فاقة فمعها أدب النعمة و ذل الحاجة ، فإذا أجتمعنا كنا أهل دنيا و إذا أفترقنا كنا أهل آخرة .

قالت : لقد أصبتها لك .

قال : و أين هي ؟

قالت : في الرفيق الأعلى من الجنة فاعمل لها . ( أنتهى )

ألا لو كنت شاعرا" لقرضت قصيدا" ملهما" يمجد الأسرة المسلمة .

ولو كنت صاحب صوت شذي لأنشدت القوافي في إعلاء شأنها .

ولو كنت عطارا" لمزجت المسك الطري والعنبر القوي وضمختها بها .

ولو كنت مربيا" لقضيت الوقت أوطد دعائمها .

ولو كنت صاحب دعوة مستجابة لدعوته سبحانه أن يجعل الأسرة المسلمة قرة عين لأمة الاسلام .

لو كنت كل هذا وذاك ما أتيت بمثل : (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا" لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) .

َأجِل فكرك وجُل بقلبك ، وتلمس أسرار الوجود، غُص في أعماق النفس واسبح في الآفاق .. وانظر ماذا ترى ؟

ترى الوجود معمورا" بالمخلوقات يجمع بينها ذكر وأنثى – زوجين اثنين- و الشارد الفرد لابقاء له ولا استقرار .

ترى الحياة تعج بالأنواع والألوان والأشكال . تتمازج كلها لتخرج خلقا" سويا" – فإذا شذ اعتل وطرد .

ترى الإنسان السوي يفيء إلى زوجه ويسكن إليها ليحققا غاية علوية وسر الوجود .

وترى من يفسد في الأرض ويسفك الدماء مكروها" من الملائكة والانس والجن تنبذه الفطرة السوية .

وترى الفراشة غاية وجودها ومنتهاه أن تضع بيضها ثم ترحل0

أليس في هذا آيات لقوم يتفكرون ؟

أليس في عوالج القلب وميوله آيات لقوم يتفكرون ؟

أليس في تشابه مكونات الأرض ومكونات الجسد من ذرات وما دونها آيات لقوم يتفكرون ؟

مودة ورحمة : وجعل بينكم مودة ورحمة

المودة هي الحب الذي يؤدي إلى الإيثار والذي ينقطع معه البحث في الحقوق ، وتتوالى سلسلة الخير فيتبادل الطرفان مظاهر المودة ومعانيها ، ويرى كل منهما مافي الآخر من حسنات ، ويتعالى على المنغصات فلا يعطيها أكبر من حجمها ، ولايسمح لمسائل بسيطة أن تكبر بفعل الأوهام ونفخ إبليس .

إن كلمة إطراء مستحق ، ونظرة شكر من القلب ، و إحساناً بتواضع - يجعل الطرف الآخر يحس بإنسانيته وبخيريته ويفجر ينابيع الخير فيه ، فتسيل على من حوله لتملأ سواقي الحب .

وإذا جاءت المودة من الأضعف استحثت معاني الرحمة عند الأقوى . انظر إلى ولدك الصغير يقبلك ، ألا يمتلئ قلبك بالحنان والرحمة و العطف فترد له قبلته ؟

وتصدح مع عمر الأميري في قصيدته حُب * :

في تناجي القلوب بالحب روحٌ

فيه للروح والحشا خير قوت
فيه صفوٌ ونشوةٌ وهناء

وانطلاق من الأسى المكبوت

حين تُصغي بعض القلوب لبعضٍ

في الحديث النقي أو في السكوت

يُشرق الله بالصفاء عليها

ويُنادي أعماقها : هل رضيت

في تناجي القلوب بالحب سرٌ

يتسامى بها إلى الملكوت

إن من علامات هذه المودة وهذه الرحمة

سكينة البيت

والعواطف الجياشة

وتقدير شريك الحياة

والتسامح معه

والاستماع إليه بإصغاء

والترفع عن الصغائر

وتقبلُ اختلاف الرأي

والتخفيف من الجدال

وتقبلُ أفعال من تحب بصدر رحب

وبعض هذه الأمور تشير إليها سورة النساء :

(( وعاشروهن بالمعروف )) التي فهم منها صاحب تفسير المنار ألا تضييق في النفقة و لا إيذاء بالقول أو الفعل ، و لا كثرة عبوس وجه وتقطيب عند اللقاء ، وتزين كل طرف للآخر ، وأن يكون كل منهما مدعاة سرور الآخر وسببَ هنائه في معيشته .

إلا أن الأمور لاتستقيم دائماً على هذا ، والشرع يحيط بكل جوانب الحياة لذا توجه الآية في الحال الآخر (( فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً )) .

(( فإن كرهتموهن )) لعيب في الخَلق أو الخُلق مما لا يعد ذنباً لهن لأن الأمر ليس في أيديهن فاصبروا ولاتعجلوا بمضارتهن ولا بمفارقتهن لأجل ذلك (( فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً )) :

من أولاد نجباء

أو صلاح حالها بصبره وحسن معاشرته

أو تغير حاله واحتياجه إليها **

إن أكثر ما ينغص حياة الانسان أفكاراً خاطئة يحملها ، تجعله غير قادر على رؤية الخير الذي يعُمه والكرم الذي يحف به ، فتراه متململًا يتهم الدهر والحظ العاثر ، بينما سعادته بيده ، فسعادته حال يعيشها في قلبه و فكره ، حال من الرضا والقناعة ، وتسليم بقضاء الله مع إجتهاد لرقي معارج رضاه .

إن العادات المستحكمة والرغبات المتعارضة والخلافات والمسؤوليات يمكن أن تسهم في إيجاد بيئة عائلية متوترة ، بينما تأجيج العاطفة وتقدير شريك الحياة والتسامح والإصغاء وعدم الغضب وتقبل الاختلاف تسهم في إيجاد بيئة عائلية حميمة . و الأمر في يد الانسان ليختار ! فليحسن الأختيار .

طمأنينة *
لو أخذ الإنسان في يومه

لغده ، العبرة من أمسه

وأنفذ النظرة عبر النُهى
تقرأُ سر الغيب في طرسهِ
وأرهف السمع وراء الِحجا
يصغى إلى المقدور في جرسه

لاستشعر الروع طمأنينة
وشام وجه الأنس في بؤسه

وسلم الأمر إلى رحمةٍ
يكتبها الله على نفسه

و إذا كانت الأهداف العليا للزواج في الإسلام هي : التعارف – التكاثر – السكن – الإسختلاف ، فدعونا نقف عند أحد أهداف الزواج بينته الآية الكريمة إذ قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ( الحجرات:13 ) .

إذاً أحد أهداف الخلق أن يتعارف الذكر و الأنثى بالزواج – زواجاً يعين على التقوى – فكيف يتعارف الزوجان ؟

إن كل زواج هو تجربة قائمة بذاتها لها بصماتها و لها عناصرها ، هو بوتقة يتفاعل فيها طرفان رئيسيان ينتجان ذرية بأمر الله تعالى و إلى قيام الساعة . و على مر السنين تتكرر التجربة و تنتج عملاً صالحاً و آخر سيئاً .

الفطرة معدة و الدين يرُشد و التجارب تتوالى . و مازلنا نجد حولنا تجارب ناجحة و أخرى فاشلة و بينهما أمور متشابهات ، و كل منا يجد نفسه مبتدءاً في هذا المجال ، و أن تجاربه لم تفتح له مغاليق النفس البشرية ، فما ينفع في الموقع الفلاني أو الواقعة الفلانية غير ناجح في غيرها حتى أصبحنا ندعوا إلى القيادة الموقفية أو الظرفية ، أي أن يتخلى الإنسان – الزوج هنا أو الزوجة – عن أسلوبه النمطي في التعامل مع الآخر ، و يعتبر كل موقف موقفاً جديداً يحتاج إلى تعامل خاص بحسب حاجة الطرف الثاني و إستعداده . هل هو جاهل في هذا الأمر فيحتاج إلى تعليم ، أم متعلم يحتاج إلى توجيه ، أم ملم يحتاج إلى تشجيع أم خبير يحتاج إلى تفويض .

فإذا كان يحتاج إلى تعليم و كان يتقبل ذلك ، قدمنا له ماعندنا من علم في هذا الأمر بالأسلوب المقبول منه ، و إذا كان في طور التعلم قد بدأ يحبو في هذا الأمر أعطيناه فرصة التجريب مع التوجيه ، و إذا كان ملماً بهذا العلم إلا أنه يجد صعوبات شجعناه ليتابع الطريق ، أما إذا أصبح خبيراً فلن يحتمل كل ماسبق و سيتوقع تفويضه بالكامل .

هذا الأمر ينطبق على الزوج أو الزوجة ثم الأولاد ، فإذا كانت الزوجة هي الخبيرة في أمر ما و كان الزوج هو المتعلم وجب عليها – إن استطاعت – معاملته بهذا الأسلوب و العكس صحيح .

ثم إذا أستطاع الزوجان الحصول على الخبرة اللازمة لمعرفة صفات الطرف الآخر الإجتماعية :

هل الطرف الآخر يندرج تحت مواصفات الفعال أم القوال أم الإجتماعي أم المحلل ، و لكل منهم أسلوبه في التعامل مع الوقائع و الأحداث ، و لكل منهم موقف قبول أو رفض لأساليب في التعامل معه ، فإذا علم الطرف الآخر ذلك ساعده على إختيار أساليب التعامل المقبولة .

خذ مثلاً : لو أن الزوج كان فعالاً أي يؤثر العمل و الإنجاز على الكلام ، و يقيِّم الآخر على أساس إنجازه و ليس أقواله ، و لا يحتمل الكلام الكثير ، و تصور أن الزوجة من النوع التحليلي يهمها الموضوع أكثر من العمل أوتيت جدلاً و نقداً لكل ما يحيط بها ، لا بد أن الطرفين سيحتاجان إلى مهارات عالية جداً في التعامل أو يلجآن إلى أبغض الحلال .

أيها الحفل الكريم :

القرآن يبني الأسرة المسلمة و الأسرة المسلمة تحفظ القرآن و كلما صَعَّدت في معارج الإرتقاء أظلتها أسراره و حفتها نفحاته و سكبت الطمأنينة عليها آياته .

القرآن و الأسرة حصن الإسلام ، تتكسر على جنباته هجمات المغرضين و ترتد زحوفهم و أمواجهم .

فاللهم احفظ أسرنا

و أجعلها حصناً لدينك

و موئلاً لكتابك

و شاهداً بالحق على خلقك

و صلى اللهم على محمد و آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

ام مريــــــم
23-07-2006, 06:31 PM
جزاك الله خيرا طرحك راااااائع اللهم اجعله في ميزان حسناتك

بسمات المدينة
06-03-2018, 07:59 PM
https://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra11.gif

ليدي الامورة
27-10-2019, 01:37 AM
http://all-best.co/wp-content/uploads/2018/01/4087-4.gif