المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ]



زهور 1431
08-07-2015, 01:31 PM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra4.png






[ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ]



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.

فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرة ُالخيرِ، شريفةُ القدرِ، عميمةُ الفضلِ، متنوعةُ البركات.

والحديث ههنا سيدور حول هداية قول الله -تعالى-: (إنا أنزلنه فى ليلة القدر ) وحول سورة القدر عموماً، وبركات ليلة القدر.
فمن بركاتها أنها أفضل من ألف شهر قال الله -عز وجل-: ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) القدر:3.
أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة، وأربعة أشهر.

ومن بركاتها أن القرآنَ العظيمَ أُنْزِلَ فيها، قال الله -عز وجل-: ( إنا أنزلنه فى ليلة القدر ) وقال -تبارك وتعالى-: ( إنا أنزلنه فى ليلة مبركة إنا كنا منذرين ) الدخان:3.

ومن بركاتها أن من قامها إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضى الله عنه .
وقال العلامة ابن عاشور -رحمه الله - في قوله -تعالى-: ( إنا أنزلنه فى ليلة القدر ): "اشتملت هذه الآية على تنويه عظيم بالقرآن؛ فافتتحت بحرف (إنَّ) وبالإخبار عنها بالجملة الفعلية، وكلاهما من طرق التأكيد والتقوي.
وفي ضمير العظمة وإسناد الإنزال إليه تشريف عظيم للقرآن.
ومن تسديدِ ترتيب المصحف أَنْ وُضِعَتْ سورةُ القدر عَقِبَ سورةِ العلق مع أنها أقلُّ عددِ آياتٍ من سورة البينة وسورٍ بَعْدَهَا؛ كأنه إيماء إلى أن الضمير ( أنزلنه ) يعود إلى القرآن الذي ابتدئ نزوله بسورة العلق.
إلى أن قال - رحمه الله - : "وليلة القدر اسم جعله الله لليلة التي ابتدئ فيها نزول القرآن، ويظهر أن أول تسميتها بهذا الاسم كان في هذه الآية, ولم تكن معروفة عند المسلمين, وبذلك يكون ذِكْرُها بهذا الاسم؛ تشويقاً لمعرفتها؛ ولذلك عقب بقوله: ( وما أدرئك ما ليلة القدر ).
والقدر الذي عُرِفتِ الليلةُ بالإضافة إليه هو بمعنى الشرف والفضل، كما قال -تعالى- في سورة الدخان: ( إنا أنزلنه فى ليلة مبركة ).
أي ليلة القدر والشرف عند الله -تعالى- مما أعطاها من البركة؛ فتلك ليلة جعل الله لها شرفاً؛ فجعلها مظهراً لما سبق به علمه؛ فجعلها مبدأ الوحي إلى النبي" صلى الله عليه وسلم .

والمقصود من تشريف الليلة التي كان ابتداء إنزال القرآن فيها تشريف آخر للقرآن بتشريف زمان ظهوره؛ تنبيهاً على أنه -تعالى- اختار لابتداء إنزاله وقتاً شريفاً مباركاً؛ لأن عظم قدر الفعل يقتضي أن يُختار لإيقاعه فَضْل الأوقات والأمكنة؛ فاختيار فضل الأوقات لابتداء إنزاله ينبئ عن علو قدره عند الله -تعالى- كقوله:( لا يمسه إلا المطهرون ) على الوجهين في المراد من المُطَّهرين.

وتفضيلها بالخير على ألف شهر إنما هو بتضعيف فضل ما يحصل فيها من الأعمال الصالحة, واستجابة الدعاء, ووفرة ثواب الصدقات, والبركة للأمة فيها؛ لأن تفاضل الأيام لا يكون بمقادير أزمنتها، ولا بما يحدث فيها من حر أو برد، أو مطر، ولا بطولها أو بقصرها؛ فإن تلك الأحوال غيرُ معتدٍ بها عند الله -تعالى- ولكن الله يعبأ بما يحصل من الصلاح للناس أفراداً وجماعات, وما يعين على الحق والخير ونشر الدين.
وقد قال في فضل الناس: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فكذلك فضل الأزمان إنما يقاس بما يحصل فيها؛ لأنها ظروف للأعمال, وليست لها صفات ذاتية يمكن أن تتفاضل بها كتفاضل الناس؛ ففضلها بما أعده الله لها من التفضيل كتفضيل ثلث الليل الأخير للقربات".

وقال رحمه الله مبيناً حكمة إخفائها: "وحكمة إخفاء تعيينها إرادة أن يكرر المسلمون حسناتهم في ليال كثيرة؛ توخياً لمصادفة ليلة القدر كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة".

وفي ختام حديثه عن ليلة القدر قال رحمه الله : "هذا محصل ما أفاده القرآن في فضل ليلة القدر من كل عام, ولم يبين أنها أية ليلة، ولا من أي شهر، وقد قال -تعالى-: ( شهر رمضان الذى أنزل فيه القرءان ) فتبين أن ليلة القدر هي من ليالي شهر رمضان لا محالة؛ فبنا أن نتطلب تعيين ليلة القدر الأولى التي ابتدئ إنزال القرآن فيها؛ لنطلب تعيين ما يماثلها من ليالي رمضان في جميع السنين، وتعيين صفة المماثلة، والمماثلة تكون في صفات مختلفة.
فلا جائز أن تماثلها في اسم يومها نحو الثلاثاء أو الأربعاء، ولا في الفصل من شتاءٍ أو صيف أو نحو ذلك مما ليس من الأحوال المعتبرة في الدين؛ فعلينا أن نتطلب جهة من جهات المماثلة لها في اعتبار الدين وما يرضي الله.

وقد اختلف في تعيين المماثلة اختلافاً كثيراً وأصح ما يعتمد في ذلك: أنها من ليالي شهر رمضان من كل سنة, وأنها من ليالي الوتر كما دل عليه الحديث الصحيح: "تحروا ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان".
والوتر: أفضل الأعداد عند الله كما دل عليه حديث: "إن الله وتر يحب الوتر".
وأنها ليست ليلة معينة مطردة في كل السنين بل هي متنقلة في الأعوام، وأنها في رمضان.
وإلى هذا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأكثر أهل العلم, قال ابن رشيد: وهو أصح الأقاويل, وأولاها بالصواب, وعلى أنها متنقلة في الأعوام فأكثر أهل العلم على أنها لا تخرج عن شهر رمضان.
والجمهور على أنها لا تخرج عن العشر الأواخر منه، وقال جماعة: لا تخرج عن العشر الأواسط، والعشر الأواخر" انتهى كلام ابن عاشور".

هذا شيء مما ورد في تلك الليلة، وتلك بعضُ بركاتِها تلك الليلة، وهي فيض من غيض من البركات التي خصَّ الله بها هذه الأمة، فهي أمةٌ مباركةٌ، وكتابُها كتابٌ مباركٌ، ونبيها نبيٌّ مبارك.
والبركات التي أفاضها اللهُ على هذه الأمة ببركة نبيها لا تعد ولا تحصى؛ فمن ذلك أنه بورك لهذه الأمة في بكورها، وبورك لها في أعمالها، وعلومها؛ فهي خير الأمم، وأكرمها على الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : "فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدَّ وأسدَّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعافَ ما يناله غيرهم في قرون وأجيال".
وقال في موضع آخر: "فهدى الله الناس ببركة نبوة محمد "وبما جاء به من البينات والهدى هدايةً جلَّت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، حتى حصل لأمته المؤمنين عموماً، ولأهل العلم منهم خصوصاً من العلم النافع، والعمل الصالح، والأخلاق العظيمة، والسنن المستقيمة ما لو جُمِعَتْ حكمةُ سائرِ الأمم علماً وعملاً، الخالصةُ من كلِّ شوبٍ إلى الحكمة التي بعث بها - لتَفَاوَتا تَفَاوُتاً يمنع معرفةَ قَدْرِ النسبة بينهما؛ فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى، ودلائل هذا وشواهده ليس هذا موضعها" انتهى كلامه.
والدرس المستفاد من هذا المعنى أن نتعرض لتلك النفحات، وأن نلتمس تلك البركات، وذلك بالإيمان، والعمل الصالح، والإخلاص، واتباع السنة، واحتساب الأجر، والبعد عن المعاصي.
وصلى الله على نبينا محمد ..


الشيخ// محمد الحمد - وفقه الله - .

ام سارة**
09-07-2015, 11:00 AM
اللهم اجعلنا ممايتعرض لتلك النفحات ويلتمس بركات يوم القدر
واهدينا واصلح احوالنا وكل المسلمين
ووفقنا لما ترضاه عنا برحمتك ياكريم
رفع اللهم قدرك يالغالية وجزاك الفردوس الاعلى من الجنة ومن تحبين والكاتب الكريم

تبارك العاني
14-07-2015, 04:15 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك غاليتي وجزاك خير الجزاء
وبارك الله بالشيخ الفاضل
بلغنا الله واياكم ليلة القدر ونحن باحسن حال

زهور 1431
27-06-2016, 11:07 PM
آمين يارب العالمين ...

وجزيتن بالمثل وزيادة اخواتي الغاليات ..

شكر الله لكن جميل مروركن ودعواتكن ,,, وجعلنا واياكم من الفائزين المقبولين ووالدينا وجميع المسلمين ..