المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحب الإلكتروني



ام سارة**
26-08-2015, 10:50 AM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra5.png



الحب الإلكتروني



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به، ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، وصفيه ومختاره من خلقه وخليله، أشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد لله حق الجهاد حتى أتاه اليقين، صلوا عليه وآله، اللهم صل وسلم وزد وأنعم عليه وعلى آله وصحابته وعترته.

أما بعد:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

أيها الإخوة الأكارم: كانت سعيدة بزوجها، يتبادلان أجمل الكلمات، ويتناغمان أحلى العبارات، ينثني عليها كما ينثني الغصن، وتنعطف عليه كما ينعطف الجدول، فإذا ما التقيا التحما في تضام حميم، وعند توديعه في ذهابه لعمله، أو شغله، يتبدلان أشهى القبلات.

بيت هادئ، وزوجة مطيعة، حياة هانئة ترفل في ثوب من السعادة، تشيب وينهنه تلك السعادة نغمات وكركرات يتردد أصداؤها من طفل مولود بينهما.

هكذا ظلت حياتهما، إلى أن حدث مقدور الله -سبحانه وتعالى-.

في ظل هذا الوئام الأسري، أراد هذا الزوج أن يتحبب إلى زوجته، وأن يتودد إليها، فذهب وقد أطل عليها في يوم بهدية مغلفة، أقبلا ليفتحاها جميعا، فإذا به يهديها فرحا جزلا، جهاز الحاسب، مع اشتراك في الانترنت.

أراد هذا المسكين أن يقضي بهذه الهدية فراغ وقت هذه المرأة، وأن يبدد تلك الساعات التي تقضيها وحيدة في انتظاره.

بدأت تتعلم استخدام هذه الأداة، وبدأت تبحر من موقع إلى موقع، فمن "دات كوم" إلى "دات نت" متنقلة من موقع إلى موقع.

أخذ الانترنت بلبها، وعبث بعقلها، حتى أصبحت من مدمنيه.

وأصبحت تلك المرأة التي كانت تستقبل زوجها بالحفاوة، وتودعه بالتكريم والقبل، أصبحت تقضي الساعات الطويلة إبحارا في مواقع هذا الجهاز.

وكان لها أن تمر بتلك القنطرة التي يمر بها كل مدمن على هذا الجهاز.

في إحدى المرات دخلت إلى ما يعرف بغرف الدردشة، أو المحادثة، أو الشات، وفي هذه الغرف يميل الناس إلى خلق شخصيات جذابة، تلفت الانتباه، وتستقطب الاهتمام والإقبال، لتفوز بالحصول على الإعجاب، وسط جمهور كبير، هو رواد حجرات الدردشة.

بدأت في التعرف والتحدث من خلال هذه الغرف، من غرفة إلى غرفة، ومن شخصية إلى شخصية، حيث يتقمص كل صاحب شخصية في هذه الغرف أحلى العبارات، وأجمل التسميات، ليأخذ بألباب رواد هذه الغرف.

تعرفت على شاب معسول اللسان، فصيح البيان، فاستهواها حديثه، واستمالتها طريقته، فحادثته، ثم أعجبت بأفكاره، وجدت فيه الصدق –زعمت-، ووجدت فيه الصديق –زعمت-، تلقاها من خلال الشبكة ليحملها بضلوع حانية.

مرت الساعات الطويلة، وهي لا تشعر بها، تواعدا أن يلتقيا مرة أخرى في نفس هذه الغرفة، وبدت هذه المرأة التي كانت زوجة مثالية، والتي كانت تستقبل زوجها وتودعه، بدأت تقضي ساعات طويلة خلف هذه الشاشة، وزوجها لا يساوره شك أنها عفيفة، وأنه لا يمكن أن تتطرق لهذا الوحل.

تكررت اللقاءات الالكترونية، امتزجت العواطف الوجدانية، لتطرق أول مسمار في نعش الحياة الزوجية؛ سبعة أشهر طوتها هذه المرأة طيا، وهي تتنقل مع هذا الفارس من غرفة إلى غرفة، لم يتركا طيلة السبعة الأشهر هذه، لم يتركا شيئا مما بين الأرض والسماء إلا وتحدثا عنه.

في ظل هذا الامتداد الزمني السحيق، ظن كل واحد منهم أن سبعة أشهر كفيلة بصنع ما يصنعه الملح والطعام في أعرافنا العربية، وأنها كفيلة أن تخلق نوعا من الثقة، تصل إلى حد تبادل أرقام الهواتف!.

ويا ليتها لم تفعل!!.

في نقلة خطيرة، خطيرة؛ تبادلا أرقام الهواتف، وصار الحديث المحموم الذي كان ينقل عبر ما يسمى بالكيبورد أصبح ينقل عبر سماعة الهاتف، ليتصل الحديث بالحديث، وليقرع الأذن، ذلك الصوت الدافئ.

أتاني هواها قبل ان أعرف الهوى *** فصادف قلبا خاويا فتمكن

وصدق بشار، إذ يقول:

يا قومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة *** والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا

أوقات غارقة كانت هذه المرأة تقضيها مع هذا الشاب، في ظل غياب الزوج المتكرر، كانت تقول له بلسان الحال:

قُلْ لي -ولو كذباً– كلاماً ناعماً *** قد كادً يقتُلُني بك التمثالُ

وفي ظل هذا الفورة من هذه المرأة؛ ساءت علاقتها بزوجها، أصبح منها إهمال مفرط للبيت، وغفلة متناهية عن الطفل، وغيبة عن الفراش.

لقد انقلبت المرأة رأسا على عقب، فلم تعد الزوجة المثالية التي يعرفها الزوج، ولم تعد الإنسانة التي يعهد.

وهنا -وبدون أن يساوره أدنى شك في هذه المرأة- سارع الرجل بما عساه أن يكون السبب في تردي العلاقة الزوجية بينه وبين زوجته، أخرج جهاز الكمبيوتر، وبالفعل، وهنا اتسعت الهوة، وزاد الشقاق والتنافر بينهما.

وفي المقابل استعر التواصل الهاتفي، مع فارس النت، أو ما يسمى بالشات عبر الهاتف، ليخطط إلى مرحلة تصاعدية، ليخطط إلى اللقاء المحموم التي تتصل فيه الصورة بالصورة، كنتيجة طبيعة لكل ما مر من الحوادث.

وبالفعل -أيها الإخوة-: وفي ظل غياب الزوج، وفي ظل هذه الهوة المتسعة بينهما، يتم اللقاء، وتقع العين على العين.

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ *** قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ *** وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا

وحديثُها السِّحرُ الحلالُ لو اْنَّهُ *** لم يَجْنِ قتلَ المُسلمِ المُتحرِّزِ
إنْ طالَ لم يُمللْ وإِن هىَ أَوجزتْ *** وَدَّ المُحدَّثُ أَنَّها لم تُوجِزِ

وبعد هذا اللقاء، تم التدبير والتخطيط لهدم كيان الزوجية القائم بينها وبين زوجها، لتقوم على أنقاض هذه العلاقة المهجومة، علاقة الزواج الشرعي، أخذت تختلق المشاكل بينها وبين زوجها، حتى تم لها ما رامت، وفي تخطيط بينها وبينه في الهاتف حصلت على ما كان تصبو إليه، وهو: ورقة الطلاق!.

سارعت إلى جهاز الهاتف، اتصلت بفارسها، وهذا الاتصال المحموم قابل منه برودا، وهذا الإقبال واجه صدودا، وهنا صرخت بأعلى صوتها: ألم تعدني بالزواج؟! فقال لها ضاحكا: ما كنت لأتزوج امرأة خانت زوجها، وخرجت، وكان منها ما كان، في ضمن ذلك اللقاء، إن مثلك من الملوثات لا يصلحن لمثلي!.

أغلق سماعة الهاتف لتفتح عينيها مع بوابة الدمع التي لا تقف، والحرقة التي لا تبرد أبداً.

ولك -أيها المستمع الكريم-: للوهلة الأولى أن تجري قواعد النقص، وقواعد الجرح والتعديل، لتخرج أنها من الخيال، ربما، لكن هذا الركام الهائل، وهذه الأقاصيص العجيبة التي تطالعنا بها الفتيات يوما بعد يوم، تؤكد أن هذا الركام الأسود، وهذا الدخان الكثيف، نار تأجج بالداخل.

ليس بعيدا على أسماعنا ولا أعيننا، منذ أشهر طالعتنا هذه الشبكة العنكبوتية، بصور فاضحة لفتاة خليجية، تعرفت على شاب عن طريق ما يسمى ب"الشات".

وفي ظل هذه الثقة المفرطة أرسلت إليه صورتها عن طريق النت.

وبعض المغفلين -أيها الإخوة-: في مرة -وأنا أتحدث عن المواقع الإباحية التي يمكن التوصل إليها عن طريق هذه الشبكة- ذكرت أن أحدنا يستطيع أن يستعرض أرقامها في أحد محركات البحث، فظن بعض المغفلين أن هذه الطرق البدائية أساليب لتعليم الناس عبر منبر الجمعة!.

وما درى أن الشباب والناشئة فينا يستطيعون أن يخترقوا ما لا يمكن اختراقه، وحسبكم أن تعلموا أقوى المراكز الدفاعية، وأن أعظم الصروح الكمبيوترية، وهي البنتاجون، وزارة الدفاع الأمريكية، تم خرقها من هواة لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة.

أيها الإخوة: طالعتنا الشبكة العنكبوتية قبل أشهر بصورة لفتاة خليجية أرسلت إلى عشيقها عبر الشات، لينشر هذا الخائن صورتها، وقد ركب عليها صورة قادحة، لينشرها عبر المواقع والمنتديات، ولتصبح هذه الفتاة زبالة يلوكها الناس بألسنتهم: وبنت فلان بن فلان!.

فلم تجد حيلة إلا أن انتحرت هذه الفتاة في نهاية الطريق.

ترى ماذا تحمل لنا هذه الشبكة؟

الانترنت، الشبكة العالمية التي ولدت سفاحا بين التقنية الغربية، وبين العداء المحموم المستعر بين المعسكر الشرقي والغربي، لينتج بين هذا السفاح مولودا حراما، هو هذا الانترنت!.

ولكنه، وإن كان مولودا من سفاح إلا أن فيه منافع ومضار، لا يجهلها الوالج إلى هذه الشبكة، ولسنا من الذين يحرمون هذه الأشياء، أو الذين ينادون بمقاطعتها، ولكننا ننادي بالتقنين الشرعي لمثل هذه الوسائل، التي فتحت على مصرعيها للناس.

في مدرسة قريبة وجدت اسطوانة مع طالب لم يتجاوز سن الحلم، فيها أكثر من 1500 صورة لفتاة عارية، وشباب عراة، استطاع أن ينسخها من الانترنت، وقام بتوزيعها بين الطلاب.

أيها الإخوة المباركون: إن هذه المشاهد التي تتكرر عبر ما يسمى ب"المحادثات"، تمر كما يقول أحد الخبراء النفسانيين، وهو الدكتور/ أحمد عبد الله: تمر عبر عدة لقطات أجملها لكم بتصرف وزيادة.

اللقطة الأولى: دهشة غامرة أمام تقنية جديدة تتيح الكثير، وتفتح السبيل للاتصال على مصراعيه، بعيدا عن حواجز المجتمعات المنغلقة، يختلط فيها موروث الدين والقيم مع أدوات الحداثة بآفاتها وخطرها على نحو عجيب، يستدعي التأمل والبحث، ودون فهم لهذه التركيبة وأثارها الاجتماعية والنفسية.

اللقطة الثانية: بدافع من الفضول والغريزة المتأججة، المتجاهلة من السياق العام، والمحيط الاجتماعي، وشغل للفراغ للوقت والذهب، وترفيها للنفس، وتبديدا للتعب والزجر، ورغبة في التواصل الإنساني، ينزل الشاب إلى عالم الشات مصطحبا خلفيته الممزوجة بين الموروث والحديث.

اللقطة الثالثة: يعثر على ضالته، فتاة نزلت مثله بأغراض بريئة، تتفق معه في الأسس والمبادئ والأفكار، وبغفلة كاملة مصطحبة أمام تطورات مذهلة ومحتملة لمثل هذه المغامرة المثيرة والخطيرة.

لننتقل إلى اللقطة الرابعة: نصف مفتوحة متوجسة، ثم تنفتح عمقا واتساعا بين الطرفين، ولأن القلوب العربية قريبة من بعضها البعض، ولأن العواطف مشبوبة وملتهبة، غالبا ما تشتعل نيران المحبة، والفتاة ترى في هذا كله نشأة لعلاقة ارتباط شرعي متدرجة.

وَمَا العِشْقُ إلاّ غِرّةٌ وَطَمَاعَةٌ *** يُعَرّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ

في نشأة علاقة وارتباط شرعي متدرجة، كما ظنت المسكينة، وهي تقرأ طلبت الشاب بتصعيد العلاقة ووصفها، وبعلامات قرب الحسم بالتقدم للزواج، وبتركيبة الفتاة العربية تفلح أحيانا في مقاومة التصعيد، ولكنها غالبا تستسلم لأمر الحب الذي عاشت عمرها تنتظره، وتحلم به!.

اللقطة الخامسة: على الجانب الآخر تختلط عند صاحبنا المسائل، فهو من ناحية مأخوذ بهذه اللعبة المثيرة، منتش بالإنجازات التي يحرزها، فهو يعتقد أنه مقنع، وأنه مقبول، وأنه مرغوب فيه، وهذا يغريه بالاسترسال طلبا للمزيد، وفي أوج النجاح يأتيه ضميره ليسأله: إلى أين؟ ولماذا؟

فيجيب في ثقة واقتدار: إلى الارتباط الشرعي.

طبعا، هذا على أحسن الأحوال، أو لمجرد العبث، وإشباع الغريزة.

مهما كانت النتائج، فالشاب في عرفنا جميعا لا يضره شيء، وإنما المآخذ هي الفتاة دائما، على ظل تعلق بالستار الذي يتعلق به الجميع: أنا، ومن بعدي الطوفان!.

اللقطة السابعة: يغرقان في وهم يملأ عليهما حياتهما، يظنانه حبا، فيتشاعران ويتبادلان أعذب الكلمات، وأرق العبارات، حتى يصل بهما الشوق الجامح، والرغبة المستعرة إلى الانتقال من الكتابة إلى الصوت، في نقلة خطيرة خطيرة، فيتبادلان بادئ ذي بدأ، ثم طواعية مفرطة في نهاية الأمر يتبادلان أرقام الهواتف، لينتقل من اللقاء الإلكتروني إلى الحديث الليلي الساهر، إلى ساعات متأخرة، وبشكل شبه يومي.

لينتقل إلى اللقطة الثامنة: يستمر هذا الشوق الذي يؤججه الصوت لينتقل إلى اللقاء، فإذا كان اللقاء كانت نهاية المسلسل المأسوي، وهنا يبدأ العاشقان في اختيار الزمان والمكان، ليتم ما لا تتم به القصة، وما نسميه بداية للنهاية، أو خرابا لمالطا، سمه ما شئت، ولتحقق صورة نزار التي عبث، فأخذ يبثها في أذهان الشباب.

الحب ليس روايةً شرقيةً *** بختامها يتزوَّجُ الأبطالُ
لكنه الإبحار دون سفينةٍ *** وشعورنا ان الوصول محال
هُوَ أن تَظَلَّ على الأصابع رِعْشَةٌ *** وعلى الشفاهْ المطبقات سُؤالُ
هو جدول الأحزان في أعماقنا *** تنمو كروم حوله وغلالُ
هُوَ هذه الأزماتُ تسحقُنا معاً *** فنموت نحن وتزهر الآمال
هُوَ أن نَثُورَ لأيِّ شيءٍ تافهٍ *** هو يأسنا هو شكنا القتالُ
هو هذه الكف التي تغتالنا *** ونُقَبِّلُ الكَفَّ التي تَغْتالُ

ام سارة**
26-08-2015, 10:51 AM
أيها المستمع الكريم، أيتها المستمعة الكريمة: الانترنت كشبكة، والكمبيوتر كأداة، أحدثا انقلابا في الممارسات النفسية والاجتماعية التي كانت مستقرة في الأذهان والأوضاع.

ومفهوم الذات والشخصية الذي أصبح محتاجا إلى مراجعة، في ضوء هذه التغيرات الالكترونية الحديثة.

الانترنت بحكم تحرره من كل قيد، أو ضابط اجتماعي، أو رقابي.

وبحكم خصوصيته، أو اتساعه، يخلق حالة نفسية غير مسبوقة، في تاريخ الإنسانية، فهو يتيح للإنسان إطلاق رغباته الدفينة كلها، والتعبير عنها بصراحة مع من يرغب.

أيها الإخوة المباركون: وفي ظل هذا التسابق يظل غياب تربوي كبير ملموس، في ظل انتقال الشباب من "الياهو" إلى "الفيس بوك"، إلى "الواتسآب" وغيره مما يستحدث في ظل هذا الانتقال بين مواقع الدردشة، يظل غياب تربوي عميق، والآباء في سبات عميق!.

دخل أحد الفضلاء إلى مكان لإصلاح جهاز الكمبيوتر، وفيه أيضا بعض المبيعات لبعض التقنيات، فراع سمعه سؤال إحدى الفتيات التي كانت تصحب والدها عن جهاز "كاميرا" تثبت في الكمبيوتر.

والمستخدمون لجهاز الكمبيوتر، والمتعاملون مع الإنترنت، يعرفون غالبا أن من يريد شراء هذه الكاميرا، يريد التواصل مع من يريد صوتا وصورة، فراع سمعه ما سمع، فاستوقف الأب، وقال له: إن ابنتك تطلب شراء هذه الكاميرا؟ قال: وماذا في الأمر؟! قال: أتدري ما أبعاد ذلك؟!

إن أبعاده، كيت، وكيت.

فراع الرجل لما هاله! ولما سمع!.

كثيرا من الآباء يظن أن التربية الموروثة أن يقف بين الحد الذي يعلم من قوانين التربية وأسسها وقواعدها إن كان يعلم شيئا من أسسها وقوانينها، ولا يعلم أن من حق هؤلاء الناشئة أن تفرغ لهم الأوقات، وأن يطور المربي نفسه تبعا لتداعيات الأحداث.

بل هال أحد المهندسين من الأخيار، وهو يصلح جهاز الكمبيوتر يخص أحد الفتيات، هاله ما رأى، استدعاه أحد الوجهاء من الأثرياء ليصلح علة حلت بجهاز الحاسب لابنته المدللة، وبينما صاحبنا يفتش في مخزون هذا الجهاز، إذ به يقف على كم هائل من الصور الفاضحة، فاستدعى الأب، واستوقفه على الصور.

الصورة الأولى: لامرأة ليس عليها إلا ما يستر السوءة المغلظة.

والصورة الثانية: لشاب يعانق فتاة منظر يحرك الحجر فضلا عن أن يحرك البشر.

وأمام هذا الانتقال من صورة إلى أخرى، ظن أن الأب سيأخذ بجهاز الحاسب ليلقي به أرضا، فلم يتحرك من الأب شيء، قال له: هل تأذن في مسح هذه الصور؟ قال: لا تمسح هذه الصور، دعها ربما احتفظت بها لأمر ما! هذه الفتاة فيها شقاوة مفرطة!.

بهذا البرود أجاب هذا الأب أمام هذا المشهد المحموم.

أيها الإخوة: ينبغي أن نعرف أن رواد هذه المواقع من الفئة العمرية التي لا تقدر ولا تحسب للعواقب حسابا.

وفي تحقيق لموقع ال"بي بي سي" ظهر شاب عربي، ليس بعيدا عنا، يقول: إنه يقضي في الدردشة حوالي 60ساعة أسبوعية.

تقول الشبكة، وهو معدل تحذر منه بعض الدراسات، من أنه يصل إلى درجة الإدمان.

قال الشاب الذي رمز لاسمه ب "ف ع ج": أغلب الحديث يدور حول الجنس، ومشاكل الزواج.

وشاب آخر اسمه "سعود" يقول: إنه يقضي خمس ساعات يوميا في الدردشة.

وهذه امرأة أمريكية يحزننا أن ننقل هذا النقل عنها، مسلمة، تجيد شيئا قليلا من العربية تنتقل بين مواقع الدردشة العربية لتنمي ثورتها من اللغة العربية، تقول: "إنها تصاب بخيبة أمل في كل مرة تأتي فيها إلى الغرف العربية".

شيء محزن، أصبحت الرسالة التي نوصلها لهؤلاء: الجنس، والحب، والغرام.

أيها الإخوة: ألم يهولكم هذا التسارع المحموم لإقامة ما يسمى بمقاهي الإنترنت؟!

إن الشباب يأوون إلى هذه المقاهي لتيسر لهم سبل الاتصال، ومعظم الشباب قد لا يحتاجون لقصد هذه المقاهي، ولكن الشباب يقصدونها أحيانا للحفاظ على خصوصيات أجهزتهم، بما قد تتعرض له من القرصنة الإلكترونية، أو لما قد يجدونه مدللا وسهلا لهم للوصول إلى المواقع المشبوهة.

لكن أُوصل لكم هذه الرسالة: إن هذا الحب الإلكتروني، وهذه العاطفة الهوجاء كما أنها قد تخلق هذه العلاقات، وقد يحصل من جرائها لقاءا جنسيا بين طرفين محرم، فإنه قد يحصل الخزي والعار، بل قد يحصل القتل من جراء ذلك!.

في 18/1/2001 نشرت ال"بي بي سي" أن شابا يهوديا يقيم في مدينة "عسقلان" قد اغتال برصاص فلسطينيين، بعد أن تعرف على امرأة فلسطينية عن طريق الشات أغرته بحبها، وقامت بينهما أسطورة حب، فأغرته بالدخول إلى مدينة: "رام الله" حيث قتل هناك، ولقي حتفه.

أيها الإخوة: رسالة موجهة إلى الآباء بعد تعريفهم بشيء، ونذر نذير من أضرار هذه الشبكة، رسالة موجهة إليهم من الحق -تبارك وتعالى- بأن يقوا أنفسهم وأهليهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ)[التحريم:6].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما في من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، وقد أفلح المستغفرون.


الخطبة الثانية:

الحمد لله على إنعامه، والشكر له على تفضله وامتنانه، ولا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحابته وإخوانه.

أيها الإخوة المباركون: لم تكن هذه الخطبة إلا للوقوف على شيء من حجم هذه المشكلة، وإلا سأبحث معكم في خطب متواصلة عن أسباب هذه المشكلة، وعن تداعياتها، وعن مكمن العلاج لهذه المشكلة.

لكنني أقف مع مشكلة المشاكل التي من قبلها أوتي الناس، وهي: "العشق، والهوى" الذي يجر هؤلاء الشباب لطرق هذه المواقع.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "العشق والشهوات إنما يبتلى بها أهل الإعراض عن الإخلاص لله، الذين فيهم نوع من الشرك، وإلا فأهل الإخلاص، كما قال الله -تعالى- في حق يوسف -عليه السلام-: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)[يوسف: 24].

فامرأة العزيز كانت مشركة فوقعت مع تزوجها فيما وقعت فيه، من السوء، ويوسف -عليه السلام- مع عزوبته ومراودتها له، واستعانته عليه بالنسوة، وعقوبتها له بالحبس على العفة، عصمه الله بإخلاصه له تحقيقا لقوله: (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[الحجر: 39-40].

أيها الإخوة: لا ريب أن محبة الفواحش مرض في القلب، فإن الشهوة توجب السكر، كما قال تعالى عن قوم لوط: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الحجر: 72].

وفي الصحيحين -واللفظ لمسلم- من حديث أبي هريرة -رضي الله تعال عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "العينيان تزنيان وزناهما النظر".

قال الشافعي -رحمه الله-: "من لزم الشهوات لزمته عبودية أبناء الدنيا".

وقال ابن الجوزي: "اعلم أن مطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في عاقبة، ويحث على نيل الشهوات عاجلا، وإن كانت سببا للألم والأذى في العاجل، ومنع لذات في الآجل".

ويسطر ابن القيم -رحمه الله تعالى- كما في كتاب: "الفوائد" فوائد الصبر على الشهوة، فيقول: "الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة؛ فإنها إما: أن توجب ألما وعقوبة.

وإما أن تقطع لذة أكمل منها.

وإما أن تضيع وقتا إضاعته حسرة وندامة.

وإما أن تثلم عرضا توفيره أنفع للعبد من ثلمه.

وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه.

وإما أن تضع قدرا وجاها قيامه خير من وضعه.

وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة.

وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقا لم يكن يجدها قبل ذلك.

وإما أن تجلب هما وغما وحزنا وخوفا لا يقارب لذة الشهوة.

وإما أن تنسى علما ذكره ألذ من نيل الشهوة.

وأما أن تشمت عدوا وتحزن وليا.

وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة.

وإما أن تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول؛ فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق".

ورحم الله الطنطاوي إذ يقول: "لو أتيت مال قارون، وجسد هرقل، وواصلتك عشر آلاف من أجمل النساء من كل لون، وكل شكل، وكل نوع من أنواع الجمال، هل تظن أنك تكتفي؟ لا، أقولها بالصوت العالي: لا، أكتبها بالقلم العريض، ولكن واحدة بالحلال تكفيك لا تطلبوا مني الدليل، فحيثما تلفتم حولكم وجدتم في الحياة الدليل قائما ظاهرا مرئيا" وصدق -رحمه الله-.

أيها الإخوة: إن من أوقع الأمور في الدين، وأنهكها للجسد، وأتلفها للمال، وأجلبها للعار، وأزراها للمروءة، وأسرعها في ذهاب الجلالة والوقار: الغرام بالنساء! نعم الغرام بالنساء!.

ومن العجبِ: أن الرجلُ الذي لا بأس بلبهِ ورأيهِ؛ يرى المرأةَ من بعيدٍ متلفقةً في ثيابها، فيصوّر الشيطان لها في قلبهِ الحسن والجمالَ، حتى تعلقَ بها نفسهُ من غير رؤيةٍ ولا قدرة.

وهذا ما يحدث في الشات حقيقة واقعة.

ذكر ابن حزم -رحمه الله تعالى- في كتاب: "طوق الحمامة" أن رجلا رأى امرأة في المنام، فتولع قلبه بها، وكلف بها أيما كلف، وأصابته صبابة، وأخذ يبحث عنها في اليقظة حتى انتهى إلى ابن حزم، وجلس معه جلسة طويلة كانت هي الدواء لذلك الداء".

وما يحدث لكثير من الفتيات الغرائر من هذه المسلسل الدامي الذي يتكرر هو من جنس هذا، وما تتعلق به كثير من الفتيات لمجرد الصوت الناعم، هو من قبيل هذا الهوى الذي تظنه الواحدة منهن هوى، وصدق الله -تعالى- إذ يقول: (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا)[النساء:28].

قال طاووس -رحمه الله-: "إذا نظر إلى النساء لم يصبر".

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لَمْ يَكُنْ كُفْرُ مَنْ مَضَى إلَّا مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ، وَهُوَ كَائِنٌ كُفْرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ".

أسأل الله -جل وعلا- أن يعصمنا وإياكم من مضلات الفتن.

أيها الإخوة: للحديث بقية مع الأسباب والنتائج، ومع تلمس طرق العلاج، حتى نخرج بشبابنا من هذا المستنقع الآثم، ومن هذا الوحل القاتل المميت.

أسأله -سبحانه وتعالى- بأسمائه وصفاته أن يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا.

ام سارة**
26-08-2015, 10:56 AM
الحمد لله على حكم صنعه شكرًا على إعطائه ومنعه، أحمده سبحانه وأشكره وأستعينه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه ومختاره من خلقه وخليله، أشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله -جل وعلا- به الغمة، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلوات الله وتسليماته وتبريكاته عليه وعلى أهل بيته.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: إخوة الإيمان والطاعة: لا يزال الحديث مستمرًّا عما أسميناه مجازًا بالحب الإلكتروني، وإن شئت فسمّه حقيقة بالعاطفة الكاذبة، لا يزال الحديث مستمرًّا عن هذه المشكلة، وتلكم المعضلة النازلة، مع أنني ما كنت أظن بجمعتيكم أن أتحدث بموضوع كهذا؛ حيث إن هذا الموضوع لا يتعلق إلا بفئة قليلة من أفراد المجتمع، إلا أننا معاشر المسلمين جسد واحد وهيئة واحدة وأمة واحدة يتداعى بعضنا لما يصيب بعضه بالحمى والسهر.

إخوة الإيمان والطاعة: أمام هذا الحب الإلكتروني وأمام هذه العاطفة الممزوجة التي تعبر في حنايا هذه الشبكة العنكبوتية يعيش عشرات من الشباب والفتيات غرقى قد شربوا من كأس الحب واحتسوا منها فعاشوا غرقى أمام هذه التداعيات.

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *** فصادف قلبا خاويا فتمكن

إنهم في الزوايا والحنايا يسكبون الدمع الغزار، ويتأوهون بهمسات وزفرات يبثونها أحيانا مكتوبة، وفي أحايين كثيرة يأوون إلى ركن شديد ممن يهون الاتصال به أو ممن يجدون راحتهم عنده حتى يفرغوا تلك الآهات وتلكم الزفرات.

وما في الأرض أشقي من محب *** وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حين *** مخافة فُرقة أو لاشتياق
فتسخن عينه عند التلاقي *** وتسـخن عينه عند الفراق
ويبكي إن نأوا شوقا إليهم *** ويبكي إن دنوا خوف الفراق

نعم عشرات هم من الشباب وفئات من العواطف الجياشة في نفوس الفتيات الذين وقعوا فريسة لهذا الحب -أيها الإخوة- وهؤلاء نعرفهم في سيماهم ونعرفهم في لحن القول.

فئات عمرية متنوعة وأعداد متباينة بل إن رجلاً أربعينيًّا أخذ يجادلني ذات مرة في مشروعية التحدث عن طريق الإنترنت إلى الجنس الآخر فيما هو فوق حدود المسموح.

إذاً ضحايا هذه المشكلة -أيها الإخوة- كثيرون جدًّا، ونجد ضحايا هذه المشكلة يبثون مشكلاتهم عبر المجلات أو البرامج المتخصصة والمتعلقة بحل هذه المشكلات والمشاكل.

أسوق إليكم أنموذجًا كتبته فتاة لم تتجاوز من عمرها سبع عشرة سنة، تقول وقد كتبت في زاوية المشاكل الاجتماعية وحلولها تقول: السلام عليكم ورحمة الله، أنا فتاة في السابعة عشرة من عمري أحببت شابًّا عمره 20 سنة، وأعتقد أنه يحبني فمن تصرفاته ألمح هذا الشيء لم أره في حياتي قط؛ لأن الاتصال بيننا كان روحيًّا بمعنى أنه كان على الإنترنت...

ولكن علاقتنا لها فترة طويلة تعرفنا على بعضنا بشكل أوسع وأحببنا بعضنا لتوافقنا في التفكير بل لتوافقنا في كل شيء قد يتبادر للذهن، إنه ربما يكون حب مراهقة ولكنه ليس كذلك لأني وبشهادة الجميع أمتلك عقلاً أكبر من سني بل إني إجمالاً أكبر من سني وعاقلة وأزن الأمور بحكمة وعقلانية!!

غرور الفتاة أوداها فيما أوداها خدعوها بقولهم عقلانية.

تقول: وللعلم قد ناصحته بالابتعاد عني، وإنه بالمقابل نصحني بذلك، وهو قال لي ذلك أيضًا، ولكن لم نستطع فقد غرقنا في الحب، سألني عن أسئلة كثيرة عن شكلي وعائلتي وصدق حبي لم أكن أفهم مغزى تلك الأسئلة حتى صارحني برغبته بالزواج بي بحجة أن كلا منا لا يستطيع العيش دون الآخر، وقال لي أيضًا أن لا أنتظره إن أتى نصيبي وفهمت ذلك منه على أنه أساس من التضحية ونوع من أنواعها.

ماذا أفعل؟ إني في حيرة من أمري، إني أعاني الأمرين، هل أتركه وألقي كل كلمة قالها؟ أم أصدقه وأكمل المسيرة معه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

ليس هذا السؤال بِدْعًا من الأسئلة المبثوثة هنا وهناك، بل إنه أنموذج واحد من عينات كثيرة يبثها المتهوسون والمتهوسات، ركام هائل من المشاكل نقرأه في الزوايا وفي كل مكان، نسمعه من أنات المصدورين ومن نفحات قلوبهم، وفي المقابل وبكل عري الكلمة وبكل صراحة المقال نتجاهل كثيرًا أو نجهل كثيرًا حين نعتقد أن الإنسان آلة صماء لا تعتلج فيه عوامل الحب ولا تعمل فيه تلك القوى الخفية، لا تؤثر فيه دواعي الحسن حبًّا ووجدانًا.

إنه لا بد أن نعترف بوجود عاطفة جياشة في نفوس الجميع تدفع المرء إلى الحب، إن هذه القلوب المرهفة، وتلك الأحاسيس المفتقرة تشتمل فيما تشتمل فيه على عاطفة جياشة.

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى *** فقم فاعتلف تبنًا فأنت حمار

إذاً فالحب شيء سامٍ وقضية نبيلة أساسية يعيشها البشر ذكرانًا وإناثًا، والخطر لا يكمن هنا، إن الخطر كل الخطر يكمن في إرادة تجاهل هذه العاطفة، وتلك القوة ليعيش الإنسان بعد ذلك آلة صماء شأنه في ذلك شأن سائر الجمادات.

ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

إن الخطر -إخوة الإيمان- يكمن في عدم توظيف هذه العاطفة، وفي عدم السمو بها لتكون عاطفة إيجابية، إنه لا ينبغي لنا كما ألا نتعامى أمام هذه العاطفة، وألا نغلق الأعين والأسماع فإنه أيضًا لا ينبغي لنا أن نتعامى عن توجيه هذه العاطفة توجيهًا إيجابيًّا ليتحول هذا القلب إلى أشرف المحبوبات، وإلى أحقها بامتلاك السمع والقلب والضمير إلى توجيه الحب الخالد إلى أحب المحبوبات إلى حب الله -تبارك وتعالى- وإلى حب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، إلى حب الجمال المبثوث في الكون، إلى حب الخير وإشاعته ونشره بين الناس، وإلى الحب العاطفي كذلك ولكن في حدود العلاقة المشروعة التي رسم منهاجها كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

أيها الإخوة: مع اتساع شبكة المعلومات العنكبوتية ومع انتشارها طولاً وعرضًا لتطال كل بيت في أغلب بيوتنا، ولتصل إلى كل ركن تعليمي حتى أصبح أداة نتداعى جميعًا في إدخالها إلى كل الأكاديميات وإلى كل المدارس والجامعات.

مع هذا الامتداد العريض ومع تغشي الناس على هذه الشبكة كان لا بد أن يكون من الاحتكاك بين الجنسين رجالاً ونساء، وقد سئل الإمام العلَم الماجد أبو معاذ -وفَّقه الله تعالى- عن ضوابط التواصل بين الجنسين عبر الإنترنت؟ فقال: "يحضرني من هذه الضوابط ما يلي:

أولاً: عدم استخدام الصورة بأية حال؛ وذلك لأمرين: لأن هذا ليس له حاجة مطلقاً فالكتابة تغني وتكفي.

ثانياً: لأن هذا مدخل عظيم من مداخل الشيطان، في تزيين الباطل وتهوينه على النفس.

ثالثا: الاكتفاء بالخط والكتابة، دون محادثة شفوية، وإذا احتيج إلى هذه المحادثة فيراعى فيها الأمر الرباني (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) [الأحزاب:32]، وإذا كان هذا لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف بغيرهن من النساء؟! وإذا كان هذا في عهد النبوة، فكيف بعصور الشهوة والفتنة؟!

رابعًا: الجدية في التناول، وعدم الاسترسال في أحاديث لا طائل من ورائها، وبالصدق. فالكثيرون يتسلون بمجرد الحديث مع الجنس الآخر، بغضّ النظر عن موضوع الحديث، يهم الرجل أن يسمع صوت أنثى، خاصة إذا كان جميلاً رقيقاً، ويهم الأنثى مثل ذلك، فالنساء شقائق الرجال، ويهم كلاً منهم أن يحادث الآخر، ولو كتابياً. فليكن الطرح جاداً، بعيداً عن الهزل والتميّع.

خامسًا: الحذر واليقظة وعدم الاستغفال، فالذين تواجهينهم في الإنترنت أشباح في الغالب، فالرجل يدخل باسم فتاة، والفتاة تقدم نفسها على أنها رجل، ثم ما المذهب؟ ما المشرب؟ ما البلد؟ ما النية؟ ما الثقافة؟ ما العمل؟.. إلخ؛ كل ذلك غير معروف.

ولعل من تداعي المعاني أن أذكر أن من إحدى المشاكل المطروحة في زاوية مشاكل وحلول في موقع إسلام أون لاين أن إحدى الفتيات قد تعلقت بشاب ثم تبين لها أن هذا الشاب يخالفها في المذهب والمشرب؛ لأنه كان رافضيًّا شيعيًّا، وكانت هي سُنية ".

يقول الشيخ:" وعن تجربة: فإن المرأة سرعان ما تصدق، وتنخدع بزخرف القول، وربما أوقعها الصياد في شباكه، فهو مرة ناصح أمين، وهو مرة أخرى ضحية تئن وتبحث عن منقذ، وهو ثالثة أعزب يبحث عن شريكة الحياة، وهو رابعة مريض يريد الشفاء.. الخ

وأنصح بعناية الأخوات العاملات في مجال الإنترنت في التواصل بينهن، بحيث يحققن قدراً من التعاون في هذا الميدان الخطير، ويتبادلن الخبرات، ويتعاون في المشاركة، والمرء ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه، والله – تعالى - يقول: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر:1- 3] ".

روى الطبراني في (معجمه الأوسط)، والبيهقي في (شعب الإيمان) عن أبي مليكة الدارمي، وكانت له صحبة، قال:" كان الرجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر، ثم يسلم أحدهما على الآخر".

أيها الإخوة: إذاً لهذه الظاهرة أسباب وتداعيات، أجملها لكم فيما يأتي وهذا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر والتقصي، فمن أسباب الوقوع في هذا المعترك الوحل ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني وعدم الارتباط بالله سبحانه وتعالى.

ومن الأسباب: الابتعاد عن الأجواء الإيمانية والمجالس الخيرة، وهذا سبب رئيس، وإن شئت قل: إنه نتيجة حتمية للمقدمة الأولى.

إن من الأسباب: قلة الوعي والاطلاع أو انعدامهما، وأعني بقلة الوعي والاطلاع قلة الوعي والاطلاع من جانب المربين ومن جانب المستخدمين من الناشئة والشباب؛ فإن المستخدمين يخوضون هذا المعترك ظنًّا منهم أنهم قد وقعوا في حب بريء، وفي حب عذري لا يجاوز حدود هذه الشاشة وهذه الإيقاعات التي يضربونها على مفتاح الكمبيوتر.

في دراسة أمريكية أُجريت ثبت أن سبع 40% من ضحايا الاغتصاب كن من ضحايا الأصدقاء وأن 20% ضحايا اغتصاب أقارب... إذًا لا مجال لما يسمى بالحب البريء أو العاطفة التي ليس ورائها ما ورائها.

من الأسباب: عدم إشباع الحاجات النفسية والرغبات الوجدانية، إن الفتاة -أيها الإخوة- عاطفية تتأثر بما حولها وتنقاد سريعًا للمدح والثناء.
خدعوها بقولهم حسناء *** والغواني يغرهن الثناء

ويقابل هذه العاطفة الجياشة الإهمال الأسري الواضح، والبعد عن الدفء العائلي الذي تفقده البنت مع أنها تعاني ما تعاني من حالات التنكر والاكتئاب التي تعترضها مرة في شهرها نظرًا لتركيبتها الفسيولوجية، فتبحث في ظل هذه الظروف عمن يسمع أناتها وعن الصدر الحاني الذي لا تجده إلا في تلك الذئاب العاوية التي تتمثل في أنها صدور حانية.

من الأسباب: أصدقاء السوء الذي يزينون هذا الأمر، وييسرون سبل الوصول إليه، فكم من شاب وفتاة وقعوا في حبائل هذا ولم يكونوا ليعرفوا أسماء تلك المواقع ولا وصلاتها إلا أنها قد أتتهم عن طريق البريد الإلكتروني ممن يزعمون أنهم لهم أصحاب أو من رفقاء الجامعة أو المدرسة.

من أكبر الأسباب -أيها الإخوة- التي أعلقها اليوم في أعناق المربين آباء وأمهات: الغياب التربوي واليتم الأبوي.

ليس اليتيم الذي مات والده *** إن اليتيم يتيم العلم والأدب

ظن كثير من الآباء وظن كثير من المربين أن التربية تقف عند حدود التقليد الذي ورثوا عليه الآباء، وأن التربية تقف عند حدود الطعام والشراب والكسوة، كلا -أيها الإخوة- فإن تلك قيم نتفق نحن وسائر الحيوانات في توفيرها.

أما القيم الأسمى والمبادئ الأعلى أن يترقى التربوي مع معطيات الحدث ساعة بساعة ليعيش مع هذه التقلبات التي يعيشها الناشئة.

أيها الإخوة: لا أجد عذرًا للآباء الذين أدخلوا جهاز الكمبيوتر وأدخلوا الإنترنت إلى بيوتهم، لا أجد لهم عذرًا أن يقفوا في حدود التعليم إلى ما وقفوا عنده في حدود الجامعة والمدرسة إبان تلقيهم على المشايخ أو إبان تلقيهم في المدارس والجامعات، كلا، إنه يجب علينا مع هذه المعطيات أن نعرف المداخل والمخارج لهذه الشبكة، والناشئة أسرع تطورًا وأشد فتكًا في هذه الأجهزة .

إنهم يصلون إلى ما لا يصل إليه الأكابر، وإن كثيرًا من الهواة استطاعوا أن يخترقوا من المواقع ما لا يخترق، وأن يصلوا مع سبل الحجب ومع إمكانيات المنع أن يصلوا إلى ما يريدون.. إذاً ينبغي لنا أن نكون متفطنين أمام هذا كله.

أيها الإخوة: ومن أكبر الأسباب الساعية للوقوع في هذه المشكلة: الفراغ الذي يعيشه كثير من الشباب وكثير من الفتيات؛ ذلك الفراغ الذي لم نستطع أن نوظفه إيجابيًّا بل إننا في أحسن الأحوال نقتله -زاعمين أن ذلك قتلاً له- نقتله في الملهيات والمغريات والوقوع في الشهوات وتهيؤها لهؤلاء الناشئة من الفتيان والفتيات وعلى أحسن الأحوال فإننا نقدم لهم ما لا نفع فيه بحجة أننا نقتل أوقات فراغهم .

سأعرض بالتفصيل لهذه المشكلة تاركًا بقية الأسباب للخطبة الثانية، سائلاً المولى -سبحانه وتعالى- أن يصلح ناشئتنا وشبابنا، وأن يبصّرنا بالحق وأن يجعلنا به عاملين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، وقد أفلح المستغفرون.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إنعامه والشكر له على تفضله وامتنانه، ولا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد سيدنا محمد وعلى آله وصحابته وإخوانه.

أما بعد: أيها الإخوة: فإن أكبر الأسباب الداعية إلى بقاء الشاب والفتاة مسمَّرًا خلف هذه الشاشة إلى ساعات طويلة، ففي استبانة أجراها أحد الفضلاء في مدرسة شاملة متوسطة وثانوية تبين أن متوسط الذين أُجريت عليهم هذه الاستبانة يقضون يوميًّا ما بين ثلاث إلى أربع ساعات على شاشة الكمبيوتر متصلين بالشبكة العنكبوتية وقد مر معكم في الخطبة السابقة أن بعض الشباب يقضي ما يزيد عن ست ساعات يوميًّا أمام هذه الشاشة.

أيها الإخوة: كمّ هائل من أعمارنا تمضي وأنفاسنا تنقضي وما علم المغرورين والمخدوعون أن الذي يمضي من أعمارهم هي أعمارهم.

والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه *** وأراه أهون ما عليك يضيع

إن الفراغ في الشر يدمر ألوف الكفاءات والمواهب ويدمر الطاقات ويبددها، ويبعثرها إلى غير رجعة .

يروى عن عمر بن الخطاب أنه قال: "إني لأرى الرجل فيعجبني فإذا سألت عنه فقيل لا حرفة له سقط من عيني".

وقال الموفق أيضًا "إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا" أي فارغًا "لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة".

وقال حكيم: "من أمضى يومًا من عمره في غير حَقّ قضاه أو فَرْض أدَّاه أو مجد أَثَّله - ورَّثَه - أو حَمْدٍ حَصَّله أو خير أسَّسَه أو علم اقتبَسَه فقد عَقَّ يومَه وظَلَم نَفْسَه".

وكثير هم الذين نواجههم عندما نواعدهم أو عندما نطلب منهم مهمة ما فيتحججون بأن بالمشاغل كثيرة ويعتذرون بأنهم لا يجدون فراغًا يحكون فيه رءوسهم، وهؤلاء كما قال بعض الدعاة "مشغولون بلا مهمة".

الفراغ داء قتّال للفكر والعقل والطاقة الجسمية، إذ النفس لا بد لها من حركة وعمل؛ فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وتعطل العقل وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب.

وقديمًا نبَّه المصطفى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على نعمتين عظيمتين غُرَّ فيهما من غُرَّ، فقال عليه الصلاة والسلام "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ".

وفي حديث آخر قال -صلى الله عليه وسلم- مبينًا أن هذه الدقائق التي تبعثرها هنا وهناك مما يُستثمر ويُغتنم قال: "اغتنم خمسًا قبل خمس" وعد منها "وفراغك قبل شغلك".

ولهذا قيل: "الفراغُ للرجل غفلة وللنساء غُلْمة" أي: محرّك للشهوة، وأحسن أبو العتاهية إذ يقول:

إن الفراغ والشباب والجِده *** مفسدة للمرء أي مفسده
لقد هاج الفراغ عليه شغلًا *** وأسباب البلاء من الفراغ

أيها الإخوة: هذا ما يتعلق بالفراغ العقلي، وثمة فراغ أشد من هذا فتكًا بالإنسان إنه الفراغ القلبي، أوضح الله تبارك وتعالى أن ملء الفراغ القلبي يكون بالإيمان به -سبحانه وتعالى- ولذا قال الحق جل ثناءه لنبيه -صلى الله عليه سلم-: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) [الشرح: 7].

يقول ابن مسعود:"اطلب قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن، وفي مجالس الذكر، وفي أوقات الخلوة؛ فإن لم تجده في هذه المواطن، فاسأل الله أن يمن عليك بقلبٍ؛ فإنه لا قلب لك".

رحم الله سيد قطب إذ يقول: "إنها صورة النفوس الفارغة التي لا تعرف الجد؛ فتلهو في أكثر المواقف، وتهزل في مواطن الجد، وتستهتر في مواطن القداسة".

يقول الحسن البصري -رحمه الله-: "أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمهم".

وأورد عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله تعالى- في كتابه الذي أوصي به كل أحد "قيمة الزمن عند العلماء" أورد أن أحد السلف -رحمه الله- كان يتناول الفتيت، لا يمضغ الخبز، ولا يتناول من الطعام ما يعيقه، فسئل عن ذلك فقيل له: ما بالك تلتهم الفتيت؟ قال: "بين سفّ الفتيت ومضغ الطعام ستين آية"، رحمه الله رحمة واسعة.

يقول ابن مسعود: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي".

يقول الحسن البصري: " ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادي فيه: يا ابن آدم! أنا خلق جديد، وأنا فيما تعمل عليك غدًا شهيد، فاعمل فيَّ خيرا أشهد لك به غدًا؛ فإني لو قد مضيت لم ترني أبدًا. قال: ويقول الليل مثل ذلك".

إذاً الدعوة صريحة للشباب لاستغلال هذا الوقت الكبير في تربية النفس تربية إيمانية في حياض كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تقلُّبًا في حِلَق الذكر، ورتعًا في ميادينه الرحبة التي تحفّها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزل عليها السكينة.

إنها دعوة جادة لصقل تلك المواهب وللنهوض بها، ولصرف الهمم للإنتاج البشري المثمر؛ فإننا معاشر المسلمين أحوج ما نكون لذلك.

أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر لنا من أمرنا يسرًا، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا..

زهور 1431
26-08-2015, 02:58 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

موضوع مهم وطرح قيم نفع الله به ،، وأحسن عاقبتنا في كل أمورنا وثبتنا على الدين ،،

جزيت الجنة ومن تحبين ياغاليه ،،،

عطر الشرق
15-09-2016, 10:48 PM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra127.gif

بسمات المدينة
30-08-2018, 05:43 PM
https://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra11.gif