المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحري أوقات استجابة الدعاء



ام سارة**
13-11-2016, 04:00 PM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra5.png

تحري أوقات استجابة الدعاء


ملخص السؤال:
رجل يتحرى أوقات استجابة الدعاء، ويتساءل: هل يستجيب الله دعائي بذلك؟

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعلم أنَّ الله قد جعَل ساعة إجابة كلَّ ليلة، وكذلك يوم الجمعة، ولكن هل مَن دعَا بإخلاصٍ ووافق هذه الساعة يستجيب الله تعالى له بعين ما دَعا؟
مع العلم أنه قد ورَد عن النبي أحاديث تنهى عن الدعاء على الأولاد والأنفس خشية أن يُوافِق الداعي ساعة إجابة، فماذا إذا صادف هاته الساعات ودعَا بخير؟!

أتمنَّى أن أدعو الله بشيء أحبه، وأرجو مِن الله أن يستجيبَ دعائي؛ لذلك أتحرَّى كل ليلة ساعة الإجابة، وكل جمعة، كما أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بنيَّة أن يستجيب الله تعالى لي، أعلم أن فضل الله واسع، لكن أتمنى منكم أن تدلوني على الصَّواب.

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فهنيئًا لك أيها الأخ الكريم حرصَك على تحرِّي أوقات الإجابة، ورغبتك في استِجابة الدعاء، وأبشِرْ بالخير؛ فإنَّ ربيع المؤمن في خلوة يُخلِص فيها لربه فيُناجيه بعيدًا عن أعيُنِ الناس وأسماعهم في قرب واتِّصال بلا واسِطة، فيَبثُّه ما يَضيق به صدره، ويَصدق اللجوء إلى مَن يُجيب المضطر إذا دعاه، ويطرح نفسه بين يديه على بابه مُستغيثًا به، مُتضرِّعًا مُتذلِّلًا مُستكينًا، فكُنْ على يقين أن مَن وفِّق لهذا فقد قرع باب التوفيق والاستجابة.

وقد أحسنتَ بارك الله فيك لما تعرَّضت وتحرَّيت أوقات الإجابة، فهذا شأنُ المؤمن، ولا تشغَل نفسك بما هو مِن شأن الله، فالله تبارك وتعالى حَييٌّ كريم، يَستحيي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرًا، كما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاهدأ نفسًا، وقرَّ عينًا، وأخلص الدعاء لمن وسع سمعُه الأصوات، وكن على ثقة دائمة أن الله تعالى رحيم بعباده، عليم بما يُصلحهم، فقد رغَّب عباده في سؤاله فقال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]
وقال: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60].

وللدعاء أدبٌ لا بدَّ أن يُراعى:
إنه إخلاص القلب لله، والثقة بالاستجابة، مع عدم اقتراح صورة معيَّنة لها، أو تَخصيص وقت أو ظرف، فهذا الاقتراح ليس مِن أدب السؤال، والاعتقاد بأن التوجُّه للدعاء توفيق مِن الله، والاستجابة فضل آخر، وقد كان عمرُ رضي الله عنه يقول: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة إنما أحمل هم الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه"، وهي كلمة القلب العارف، الذي يُدرك أن الله حين يقدِّر الاستجابة يقدِّر معها الدعاء، فهما - حين يوفِّق الله - مُتوافقان مُتطابقان"؛ قاله حكيم الإسلام في ظلاله (5 / 3091).

والله سبحانه يَفتح لنا أبوابه لنتوجه إليه وندعوه، وأعلَمَنا سبحانه بِما كتَبَه على نفسه من الاستجابة لكل مَن يدعوه، فداوِمْ على التوجُّه إلى الله تعالى بالعبادة، والدعاء والضراعة، والاستسلام والافتقار، واحذرْ مِن التعجُّل؛ فهو مِن التجاوز مع الله، وكن على ثقةٍ من الاستجابة؛ كما في الصحيح أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يُستجاب لكم))؛ أي: حقيق وجدير، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يَستجيب دعاءً مِن قَلبٍ غافل لاهٍ))؛ رواه أحمد والترمذي.

وفي الصحيحَين عن أبي هُرَيرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((يُستجاب لأحدكم ما لم يعجَلْ، فيقول: قد دعوتُ فلا، أو فلم يُستجَب لي))، وفي رواية لمسلم: ((لا يَزال يُستجاب للعبد ما لم يدْعُ بإثم أو قطيعة رَحِم، ما لم يستعجِل))، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟
قال: يقول: ((قد دعوتُ وقد دعوتُ، فلم أرَ يَستجيب لي، فيَستحسِر عند ذلك ويدَعُ الدعاء))، وقوله:((فيَستحسِر))؛ أي: يَنقطع عن الدعاء.

فاطمئنَّ، واهنأ بالًا، فاستجابة الله تعالى لمن دعاه أمرٌ مِن وعد الله الذي لا يتبدَّل ولا يتخلَّف، واحْرِصْ أنت على تَحقيق منزلة الفقر إلى الله، واستجِب لله تعالى في أَمرِه ونَهْيه، وصدِّق بوعده وآمن به، فبهذا تُحقِّق شروط استجابة الدعاء، وانْفِ عن نفسك أيَّ مانع من موانع الإجابة، فـ((يمين الله ملأى لا يَغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق مُذ خلق السماء والأرض؟ فإنه لم يَغضْ ما في يمينه))؛ متفق عليه.

غير أن الاستجابة تتنوَّع، فأحيانًا تكون بإعطاء العبد ما يريده ويطلبه الآن، وقد يَختار الله تعالى له برحمته القائمة على الحكمة غير ما سأل، فيَدفع عنه من البلاء، وقد يدَّخر له في الآخرة الأجر والثواب، فهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم مِن أنفسهم وأهليهم؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث؛ إما أن يُعجِّل له دعوته، وإما أن يدَّخرها في الآخرة، وإما أن يَصرف عنه من السوء مثلها))، قالوا: إذًا نُكثِر، قال: ((الله أكثر))؛ رواه أحمد والحاكم، وصحَّحه الألباني.

ولكن لما كان الإنسان عجولًا بطَبعه وتكوينه؛ كما قال تعالى:( خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ )[الأنبياء: 37]
أي: خُلق عَجولًا يُبادر الأشياء، ويستعجل وقوعها، ويُريد تحقيق كل ما يخطر له بمجرَّد أن يخطر بباله وإن كان فيه هلاكه، أو ضرره وإيذاؤه، فكان لزامًا عليه أن يوكلَ الأمر لله فلا يتعجَّل قضاءه، فالإيمان ثقة وصبر واطمئنان، ولا يقطع رجاءه من إجابة دعائه ولو طالت المدة، فإنه سبحانه يحبُّ الملحين في الدعاء.

هذا؛ وتتميمًا للفائدة أذكر لك شروط إجابة الدعاء:
الأول: دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص، لأنَّ الدعاء عبادة.

الثاني: عدم الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم، وعدم الاستِعجال.

الثالث: الدعاء بقَلب حاضر، مع اليقين بالإجابة، وحُسْن الظنِّ بالله تعالى.

رابعًا: تحيُّن أوقات الإجابة؛ مثل الثلُثِ الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات، والساعة التي في يوم الجمعة، والراجح أنها آخر ساعة بعد العصر، وعند نُزول المطر، وعند التقاء الجيشَين للقِتال، وحال السجود، وعند الإفطار من الصيام.

خامسًا: مراعاة آداب الدعاء؛ كافتتاحِه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختمه بذلك، ورفع اليدين، وعدم التردُّد؛ فـ((لا يقلْ أحدُكم: اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليَعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء، لا مُكره له))، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلحَّ عليه سبحانه.

سادسًا: من أهم أسباب إجابة الدعاء تحرِّي الحلال في المأكل والمشرب، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إنَّ الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمَرَ المؤمنين بما أمر به المرسَلين فقال:(يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) [المؤمنون: 51]
وقال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 172]
ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!)).

سابعًا: الحرص على الاستقامة على الطاعة، والتوسُّل إلى الله بالأعمال الصالحة، وسؤاله باسمه الأعظم، وتأمَّل ما رواه أحمد عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: اللهمَّ إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يَلِد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيدِه، لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب))
وقال صلى الله عليه وسلم قال: ((ألظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام))؛ أي: الزموا وثابِروا؛ رواه أحمد والترمذي
وسمع رجلًا يدعو في التشهُّد: "اللهمَّ إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنَّان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيُّوم، إني أسألك الجنَّة وأعوذ بك من النار"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((تدرون بمَ دعا؟!))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((والذي نفسي بيده، لقد دعا الله باسمه العظيم الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى)).

وفي الختام، أسأل الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أن يغفر لنا ذنوبنا إنه هو الغفور الرحيم، اللهم إننا ظلمنا أنفسنا ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لنا مغفرةً مِن عندك وارحمنا، إنك أنت الغفور الرحيم.

الشيخ خالد بن عبد المنعم الرفاعى وفقه الله

ليدي الامورة
14-11-2016, 11:48 PM
جزاك الله خيرا

بسمات المدينة
15-11-2016, 01:00 PM
جزاك الله خيرا