المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حُكم صيام أيام التشريق



ليدي الامورة
17-08-2017, 08:19 PM
السؤال : رجل صام يوم الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة ، فما حكم صيامه ؟




الجواب : الحمد لله ،


اليوم الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر والثالث عشر ، تُسمى أيام التشريق . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن صومها ، ولم يرخص في صومها إلا للمُتمتع أو القارن الذي لم يجد الهدي .


روى مسلم (1141) عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ) .


وروى أحمد (16081) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَجُلا عَلَى جَمَلٍ يَتْبَعُ رِحَالَ النَّاسِ بِمِنًى ، وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ :( لا تَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (7355)


وروى أحمد (17314) وأبو داود (2418) عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ . قَالَ : إِنِّي صَائِمٌ . قَالَ عَمْرٌو : كُلْ ، فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا ، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا . قَالَ مَالِكٌ : وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .


وروى أحمد (1459) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ أَيَّامَ مِنًى : ( إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ، فَلا صَوْمَ فِيهَا )يَعْنِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ . قال مُحقق المُسند : صحيح لغيره .


وروى البخاري (1998) عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالا : لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ .




فهذه الأحاديث – وغيرها – فيها النهي عن صيام أيام التشريق . ولذلك ذهب أكثر العلماء إلى أنها لا يصح صومها تطوعاً . وأما صومها قضاءً عن رمضان ، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جوازه ، والصحيح عدم جوازه .


قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/51) : "ولا يحل صيامها تطوعا , في قول أكثر أهل العلم , وعن ابن الزبير أنه كان يصومها . وروي نحو ذلك عن ابن عمر والأسود بن يزيد ، وعن أبي طلحة أنه كان لا يفطر إلا يومي العيدين . والظاهر أن هؤلاء لم يُبلغهم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها , ولو بلغهم لم يعدوه إلى غيره ،
وأما صومها للفرض , ففيه روايتان : إحداهما : لا يجوز ; لأنه منهي عن صومها , فأشبهت يومي العيد ، والثانية : يصح صومها للفرض ; لما روي عن ابن عمر وعائشة , أنهما قالا : لم يُرخص في أيام التشريق أن يُصمن إلا لمن لم يجد الهدي . أي : المُتمتع إذا عدم الهدي , وهو حديث صحيح , رواه البخاري . ويُقاس عليه كل مفروض " انتهى .
والمُعتمد في مذهب الحنابلة أنه لا يصح صومها قضاء عن رمضان .انظر : "كشاف القناع" (2/342) ،


وأما صومها للمُتمتع والقارن إذا لم يجد الهدي ، فقد دل عليه حديث عائشة وابن عمر المتقدم ، وهو مذهب المالكية والحنابلة والشافعي في القديم . وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه لا يجوز صومها . انظر : "الموسوعة الفقهية" (7/323) والراجح هو القول الأول ، وهو جواز صومها لمن لم يجد الهدي .


@قال النووي رحمه الله في المجموع (6/486) : " واعلم أن الأصح عند الأصحاب هو القول الجديد أنها لا يصح فيها صوم أصلا , لا للمُتمتع ولا لغيره . والأرجح في الدليل صحتها للمتمتع وجوازها له ؛ لأن الحديث في الترخيص له صحيح كما بيناه ، وهو صريح في ذلك فلا عدول عنه " انتهى .


وخلاصة الجواب : أنه لا يصح صيام أيام التشريق لا تطوعاً ولا فرضاً إلا للمُتمتع أو القارن إذا لم يجدا الهدي .


@قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " لا يجوز صيام اليوم الثالث عشر من ذي الحجة لا تطوعاً ولا فرضاً ، لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها ولم يُرخص في ذلك لأحد إلا لمن لم يجد هدي التمتع " انتهى . " مجموع فتاوى ابن باز" (15/381)




@وقال الشيخ ابن عثيمين : "أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد عيد الأضحى ، وسُميت بأيام التشريق ، لأن الناس يُشَرِّقُون فيها للحم ـ أي ينشرونه في الشمس ، لييبس حتى لا يتعفن إذا ادخروه ـ وهذه الأيام الثلاثة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ) فإذا كانت كذلك ، أي كان موضوعها الشرعي الأكل والشرب والذكر لله ، فإنها لا تكون وقتاً للصيام ، ولهذا قال ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم : ( لم يُرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي ) يعني للمُتمتع والقارن فإنهما يصومان ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعا إلى أهلهما ، فيجوز للقارن والمُتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة ، حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما . وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها ، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده ، ثم يواصل صومه " انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/سؤال 419) ،




وبناء على ما تقدم فمن صام أيام التشريق أو بعضها ، دون أن يكون مُتمتعا أو قارنا لم يجد الهدي ، فعليه أن يستغفر الله تعالى ، لارتكابه ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم . وإن كان قد صامها قضاء لما فاته من رمضان ، فلا يُجزئه ذلك ، وعليه القضاء مرة أخرى ، والله أعلم .