المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 2- قصة المراهقات : وغرقت في بحر الإنترنت >> تم النسخ



ام يحيى
27-10-2008, 03:33 PM
قصة المراهقات
و غرقت في بحر الأنترنت

كانت جميلة و رقيقة و ذكية، عمرها في الربيع القادم يصل 19 عاماً، أسمها أسماء، و سبحان من صور، كانت أسماء تسكن مع والديها، و أختها التي تصغرها بعامين في شقة صغيرة، الأب يعمل في الصباح و يأتي إلى المنزل العصر ، ليجلس مع عائلته الصغيرة التي يحبها، و الأم كانت تعمل لكن أحبت أن تخلص في تربية أبنائها فأستقالت من العمل كي تحسن تربيتهم، في ذلك الوقت كانت أسماء في سن الطفولة تلعب و تجري هنا و هناك، ثم تجلس مع أمها تحفظ بعض سور القرآن الكريم و بعض الأناشيد و الحكايات الجميلة قبل النوم حتى أصبحت أسماء في سن الدراسة فكانت تذهب إلى المدرسة ثم تحضر لتمارس معها أمها أموميتها التي كانت تفضلها و هي كتابة واجبات المدرسة و خلافه، و كانت أسماء ذكية تستوعب كل ما يقال لها، و أصبحت تحب قراءة القصص فكانت أمها تشتري لها القصص و تقرأها أسماء و تحكيها لأمها، و أستمرت أسماء تنمو و تكبر برعاية أمها، و كل عام تنجح بتفوق باهر، و أصبحت في المرحلة الإعدادية، نعم أصبحت الزهرة الصغيرة زهرة متفتحة جميلة تصلي جميع الصلوات، تذهب إلى المكتبة التي كانت قد أشتركت فيها، و تنهل من الكتب التي بالمكتبة، بل كانت تريد أن تلتهم الكتب، تقرأ في جميع العلوم و في الكيمياء بالذات، تعلم فيها ما لا يعرفه أقرانها، و يأخذها أبيها إلى محلات و معارض الكتب تنتقي ما تريد، لدرجة أن والديها يشعرون بأنها تريد كل كتب العلم الموجودة بالمعرض، أحبت العلم و أشترهت بين صديقاتها و زميلتها بأنها أرشميدس، و كانت تسعد بذلك، و تسعد عندما يختلف زميلاتها في مسألة ما و يلجأن إليها لحل المسألة، و وعدتها أمها بأن تحضر لها كمبيوتر عند تفوقها في الإعدادية، و فعلا نجحت أسماء في الإعدادية نجاح باهر و أحضرت أمها لها الكمبيوتر، و أخذت تتعلم عليه و تنهل منه ما كانت تنهل من الكتب، و أخذت تكون صداقات على النت، و تعرفت على صديقة و تقابلت معها و كانت في مدرسة غير مدرستها، و أخذت منها ميعاد، و أحضرتها المنزل، و بمجرد ما رأتها أمها قالت لها، هذة لا تصلح صديقة لكِ يا بنيتي، و لكن أصرت أسماء أن تكون سارة صديقتها، و حاولت الأم و لكن بلا جدوى، فـ سارة بهرتها بجرأتها و كلامها و أصبحت أسماء تجلس على الكمبيوتر تتكلم فقط، و الأم تنصح مرة و تلغي الكمبيوتر مرة أخرى، حتى أصبحت أسماء في الثانوية العامة، و تنصحها أمها و لكن كل نصائحها باءت بالفشل و ظهرت نتيجة العام الدراسي و لكن للأسف المجموع صغير جداً، لا تستطيع أسماء دخول كلية العلوم، التي كانت أمنية حياتها، و للأسف أيضاً لم تظهر سارة مرة ثانية في حياة أسماء، و أتصلت بصديقتها لكنها لم ترد، و تتصل بها مرة أخرى لكن تغلق التليفون، و عرفت بعد ذلك أن صديقتها قد رسبت، طبعاً حزن الوالدين على أسماء و كيف ضاعت كل آمالهم في أن تكون أسماء كما تريد، و حزنت هي أكثر لأنها دخلت كلية لا تريدها، و جلس الأبوان معها يقولا لها "و عسى أن تكرهوا شيئاً و هو خير لكم" فربما تكون هذة الكلية خير إن شاء الله، الخيرة يا بنيتي فيما إختاره الله، و لكن أسماء ما زالت تجلس على الكمبيوتر و لا تقبل أي نصائح، و الوالدين في أشد الحزن، و المنزل أصبح كئيب، فأسماء أصبحت لا تصلي، و لا تقرأ، ولا تذاكر، و لا تشغل نفسها بأي شيء سوى الجلوس على الكمبيوتر حتى أمتنعت عن الخروج مع والديها و أختها، أنشغلت بالنت و أصبحت تجلس معظم وقتها عليه تتحادث و تلعب، أصبحت أسماء ليست هى، تصحو من نومها لا تمشط شعرها ولا تهندم ملابسها و تجلس على النت و لا تقبل أي نصيحة، و أصبحت عصبية، و ظهرت نتيجة أولى جامعة، و رسبت في مادتين، و لكنها لم تتعظ، و أستمرت كما هي، و أختارت طريقها، و لا تريد العدول عنه، و ما زالت الأم تنصح و الأب كذلك، بلا جدوى، و ساعات الجلوس على النت تزداد عند أسماء، و ذبلت الزهرة الجميلة و أصبحت شاحبة، مهملة، لا تتكلم مع أهلها لأنها مشغولة ليس لديها وقت تتكلم أو تأكل مع أهلها، ثم ظهرت نتيجة السنة الثانية للجامعة، و للأسف .. راسبة.
ماذا بعد ؟، ألا تفيقي من غفلتك يا أسماء ؟، هذا ما قالته أمها و هي تبكي، و جلست أسماء أمام والديها و لم تنطق، و تردد الأم ألا تستيقظي يا بنيتي ؟، عام ضاع من عمرك، عام ضاع يا أرشميدس، و الأم تبكي، و أسماء كما هي تبتسم بسمة صفراء و لا تنطق، و تردد الأم : ماذا تريدين يا أسماء ؟، نكتفي بهذا القدر من التعليم ؟، أجبيبي يا بنيتي، أجيبي يا عمري الذي ضاع، بلا رد، فقد أصبحت أسماء بلا روح، بلا أحساس، بلا مشاعر، ضاعت، غرقت في بحر الأنترنت.

تمت بحمد لله