المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغـبار وجبة المدينة السامة



سوار
25-02-2004, 11:38 AM
يغيب عن أذهان الكثير من عامة الناس المخاطر الصحية لاستنشاق ذرات الغبار والتراب التي يحملهما الهواء الجوي. ويدخل الغبار مع هواء الشهيق إلى الرئتين، كما يلوث الطعام والشراب نتيجة سقوطه بفعل الجاذبية الأرضية عليهما، ويكون الغبار أكثر ضرراً على صحة الأطفال لصغر أحجام أجسامهم وتأثرهم أكثر بما يحتويه من مركبات كيماوية أو يحملها معه. كما يؤدي ترسيب كميات كبيرة من ذرات الغبار والتراب على أوراق النباتات إلى انسداد مساماتها التي يحدث خلالها عمليات التبادل الغازي لها، ويزداد خطر تعرض الإنسان لذرات الغبار في المدن المزدحمة بوسائل النقل والقريبة من الأراضي الصحراوية والمناطق الصناعية والأحياء التي تنشط فيها عمليات البناء. وتسبب ثورات البراكين اندفاع كميات كبيرة من الأتربة والدخان يحملها الهواء، كما ينطلق نتيجة الانفجارات الطارئة في المفاعلات النووية سحابة ضخمة من الغبار ملوثة بالإشعاعات، ويتعرض العاملون بصناعة البناء ومقالع الأحجار بدرجة أكبر لدخول ذرات التراب والإسمنت إلى رئاتهم وحدوث تأثيراته الضارة على صحتهم، ولقد اعتاد القدماء إهمال جمع مياه الأمطار في بداية موسم هطولها اعتقاداً بضررها على الصحة، ويعزى ذلك إلى ارتفاع نسبة تلوثها بما يحمله الهواء من ذرات الغبار والجزيئات الكيماوية التي تمتزج مع قطرات المطر الأولى عند سقوطها على الأرض. يختلف تركيب ذرات الغبار التي يحملها الهواء حسب مصادرها، فقد تكون عبارة عن جزيئات السليكا silica ومصدرها التراب والرمال اللذان تحملهما الرياح والعواصف من الأراضي الصحراوية، أوبلورات الأسبستوس عند استخدام منتجاته، كالصوف الصخري في صنع العوازل الحرارية في المباني وفي أقمشة فرامل السيارات وكلاتش الفرامل وسواها، أوذرات الإسمنت من مصانع إنتاجه أو عند استعماله في تشييد المباني، أو من عنصر الرصاص الموجود في ذرات الغبار التي يحملها الهواء أو نواتج حرق البنزين الممتاز المحتوي عليه. وقد تحمل ذرات الغبار عوامل حيوية مثل حبوب اللقاح، والبذور الدقيقة لبعض النباتات، كما تحمل ذرات الغبار والتراب الخلايا البكتيرية على شكل أبواغ في حالة ساكنة تتحول إلى حالتها النشطة عند توفر الرطوبة والحرارة المناسبين لنموها، كما تختلط ذرات الغبار بالأبخرة ودقائق المركبات الناتجة عن بعض الصناعات الكيماوية مثل مواد عضوية حلقية ci lcycyloPcinagro أو مذيبات عضوية، وهي تمتزج أيضاً مع نواتج حرق وقود السيارات المحترق جزئياً أو غير المحترق كلياً على شكل دخان وهباب، وكذلك دقائق طحن الحجارة وغيرها. وقد أظهرت إحدى التجارب العلمية احتواء الهواء العادي على 57 ميكروغرام من الجزيئات الصلبة لكل متر مكعب منه، ويزداد عند زيادة درجة تلوثه بالأتربة الصناعية والغبار والتراب. يحمل الهواء ذرات السليكا في مناطق تعدينها، وكذلك ما تحتويه ذرات العواصف الرملية منها والناتج منها في عمليات سبك المعادن، وتوجد السليكا أيضاً على شكل شوائب في فحم الجرافيت Grafite، كما يتلوث الهواء بها في مناطق تفجير الصخور المحتوية عليها، ويؤدي طول فترة دخول كميات كبيرة منها إلى الرئتين إلى حدوث تليف وقصور تنفسي، فلا تذوب جزيئات السيلكا في إفرازات الرئتين، وإنما تسبب تهيجاً في أنسجتها ويحدث ما يسمى داء السيلكا Silicosis. محتواها من الرصاص: يمكن دخول الرصاص إلى أجسام الأطفال عند بلعهم ذرات الغبار التي يحملها هواء الشارع لاحتواء كل غرام من التراب على تركيزات قد تزيد على 2000ميكروغرام من هذا العنصر. فمثلاً يؤدي حصول طفل صغير وزنه 10كغم بشكل يومي على 0.41 غم من الغبار إلى إصابته بالتسمم بالرصاص. وأشارت إحدى الدراسات العلمية إلى احتواء هواء المدن الأمريكية الكبيرة على 1-3 ميكروغرام من الرصاص/م3 من الهواء، وكان أعلاها في مدينة لوس انجلس بأمريكا وهو 6.4 ميكرو غرام/م3 ، وحصل فيها الساكن على 11.4 ميكروغرام من الرصاص كل يوم، ولايسبب وجود تركيزات تقل عن 3 ميكرو غرام منه في الهواء ارتفاعاً بمستواه في الدم، وقد أصدرت ولاية كاليفورنيا ما سمي قانون الهواء النظيف لحماية البيئة من التلوث يمنع زيادة مستوى الرصاص في الهواء عن 1.5ميكروغرام/م3. وأظهرت إحدى التجارب العلمية احتواء الهواء الداخل إلى أحد أنفاق مدينة بوسطن notsoB ,s sumner tunnelعلى 1.1ميكروغرام من الرصاص/م3 منه، ثم أصبحت نسبته 44.5 ميكروغرام/ م3 في الهواء الخارج منه. وكانت نسبة الرصاص في دم المشتغلين في ذلك النفق 30 ميكروغرام100/ غم من الدم، ويحتوي الهواء العادي على 1.5ميكروغرام الرصاص/م3 منه، ويذوب عنصر الرصاص الذي يلوث هواء الشهيق في إفرازات الرئتين ويسبب امتصاص كمية كبيرة منه ارتفاعاً في مستواه في الدم، ويظهر التأثير الضار للرصاص على صحة الإنسان على شكل أعراض التسمم والذي يزداد به تنوع مصادر التلوث به كالهواء والطعام والشراب بعد تجمعه في خلايا الجسم مع مرور الزمن. شكوى من الإسمنت! تشتكي المناطق السكنية المحيطة بمصانع إنتاج الإسمنت من ارتفاع تركيز ذرات الإسمنت في الهواء، كما في منطقة المسلمية القريبة من مدينة حلب في سوريا، وتتساقط ذرات الإسمنت بتأثير الجاذبية الأرضية على الأرض والنباتات، فيؤدي سقوطها على أوراق النباتات - مع وجود الرطوبة - إلى تكوين قشرة منه. فمثلاً يسبب وجود 0.47 ميكروغرام من الإسمنت /سم3 لمدة يومين تلفاً للنباتات البقولية، وكذلك ضرراً لفروع الأشجار عند ارتفاع مستواه في الهواء عن 0.1 ميكروغرام/ سم3 كل يوم، فيؤدي ذلك إلى قصور في نمو النباتات نتيجة حدوث انسداد مسامات أوراقها التي يحدث خلالها عملية التبادل الغازي، كما يؤدي ترسيب ذرات الإسمنت على التربة الزراعية إلى حدوث تغير في رقم حموضتها PH، فيصبح مناسباً لنمو نباتات معينة ويضاد نمو نباتات أخرى فيه، ويعزى تثبيط نمو النباتات بفعل مركب أوكسيد الماغنسيوم الذي يترسب على التربة؛ لأنه يسبب نخراً في أوراقها وانسداد مساماتها، وتدخل ذرات الإسمنت إلى الرئتين في الإنسان وتسبب نخراً في الحويصلات الرئوية وجدار القصيبات الهوائية فيها. وينتشر حدوث ذلك بشكل أكبر بين العاملين في صناعة الأسمنت وعمال البناء المعرضين يومياً لخطر الإسمنت على صحتهم. عوامل حيوية! تتنوع المركبات الحيوية التي يحملها الهواء وهي تشمل الجراثيم وغبار الطلع وفيروسات وفطوراً مرضية وبذور نباتات وغيرها، فقد يؤدي دخولها إلى الرئتين مع الهواء إلى حدوث حالة الحساسية منها في الجسم، ويكون تأثيرها أكثر عند دخول غبار الطلع والفطور والغبار إلى رئات الحساسين لها، وتنتقل بعض الأحياء الدقيقة المرضية بواسطة الهواء مثل الجراثيم المسببة لحمى Q-fever والمسببة لمرض الجمرة الخبيثة Bacillus anthrax و Histoplasmosis، وCoccidodomycosis، ويكون الهـواء وذرات الغبـار التي يحملها وسـيلة لانتقال العـدوى بهذه العوامـل المرضيـة مــن المصابـيـن إلــى الأصحاء. وتتنوع الطرائق التي تنتقل بها ذرات الغبار التي يحملها الهواء لجسم الإنسان، فيسبب دخول الذرات الكبيرة إلى العيون حدوث تهيج فيها، وهذا يحدث عند هبوب العواصف الرملية وغيرها ، وتدخل الجزيئات الصغيرة مع هواء الشهيق إلى الرئتين، والتي تتمكن بواسطة عملية السعال إخراج جزء كبير منها، وتسبب بعض ملوثات الهواء وبخاصة الكيماوية منها تهيجاً في أنسجة الرئتين وضيقاً في ممراتها الهوائية تؤدي إلى مقاومة القصيبات الهوائية دخول المزيد من الهواء إليها، وحالة الربو القصبي هي أحد أنواع الحساسية نتيجة دخول مركبات معينة إلى المجرى التنفسي للإنسان، وتسبب هذه المواد أحياناً التهاباً مزمناً في الشعب الهوائية عند وصول كميات كبيرة منها إلى الغشاء المخاطي المبطن للقصيبات الهوائية مما يؤدي إلى حدوث السعال المتكرر، ويرتبط حدوث حالة Pulmonary emphesema بحدوث التهاب مزمن في الشعب الهوائية بالرئتين، يصاحبها تلف في جدران الحويصلات الهوائية تؤدي إلى قصر فترات تنفس للمصاب، ويتوقف عمق اختراق الجزيئات الصلبة التي يحملها الهواء أنسجة الرئتين على حجمها، فتبقى غالباً الجزيئات الصلبة ذات حجم 10ميكرون داخل الأنف مع الأشياء الأخرى بأحجام 2-5 ميكرون. ولا يحتفظ الأنف عادةً بالجزيئات التي يقل حجمها عن ميكرون واحد، ويتركز جل اهتمام الأطباء حول تأثيرات جزيئات المواد التي تدخل الرئتين وتسبب حدوث اضطرابات صحية فيها، وتعمل الملوثات أحياناً لوحدها أو بشكل مشترك مع بعضها في الرئتين لإحداث تأثيرها الضار، وتشمل ملوثات الهواء في المدن جزيئات الغبار والأتربة مع غاز ثاني أكسيد الكبريت وغاز أول أكسيد الفحم وأكاسيد الأزوت والهيدروفحمات hydrocarbons ومؤكسدات كيموضوئية والرصاص. وتسبب جزيئات المركبات الكيماوية التي تحملها ذرات الهواء كالأسبستوس وذرات المعادن ومواد عضوية عديدة الحلقات Polycyclic organic matter حدوث سرطان الرئة، وتؤثر الرطوبة النسبية للهواء على مدى الرؤيا في المدن عند احتوائه على جزيئات محبة للماء. وتتأثر بعض المركبات الكيماوية في وجود رطوبة نسبية منخفضة في الجو، كما تتداخل جزيئات الغبار مع الطاقة الإشعاعية للشمس فتقلل شدة الإضاءة نحو الثلث أو أكثر في بعض المدن، وتقل نسبة ما يصل إلى المدن من الطاقة الشمسية نحو 15-20% عن المناطق الريفية، كما تترسب الجزيئات التي يحملها الهواء بدرجة أكبر في المدن لاحتواء جوها على جزيئات تصبح أنوية لتكثيف بخار الماء عليها، وتذوب بعض المكونات الكيماوية لذرات الغبار التي تدخل الرئتين وتسبب حدوث تهيج فيها، ويتوقف ذلك على وجود رطوبة نسبية مرتفعة في الجو تزيد على 70% كما هو شائع في المدن الساحلية في المناطق الحارة من العالم. نصائح وقائية: 1-عدم إنشاء مصانع الإسمنت والأسبستوس بالقرب من التجمعات السكانية، لما يسببه من تلوث للهواء، وقد أوقفت المملكة لهذا السبب تشغيل مصنع الإسمنت الموجود في المدخل الشمالي لمدينة جدة. 2-تجنب تعريض الأطفال لغبار الشارع الذي يحتوي على الرصاص والإسبستوس وغازات احتراق السيارات وسواها. 3-وجوب استعمال كمامات خاصة لوقاية الأنف من دخول الجزيئات التي يحملها الهواء عند حدوث العواصف وعند اجتياز الصحاري، وفي حالات الازدحام الشديد كما في بعض المواسم الدينية وسواها. 4-ضرورة استخدام العاملين في صناعة الإسمنت والبناء ورجال المرور بالقرب من الأنفاق كمامات وقائية من الغبار والجزيئات الكيمياوية الضارة بالصحة. 5-مركز الدراسات العليا لطب الأسرة والمجتمع بالمدينة المنورة.

ام سلطان
25-02-2004, 07:43 PM
بارك الله فيج والله يعطيج الصحه و العافيه

الخزامى
27-02-2004, 08:06 PM
يعطيكي العافيه اختي سوار :)