المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مربية بلا شهادات" اكثر من رائع"



الشهد
24-03-2004, 03:53 AM
http://www.hawahome.com/upload/files/morabia.jpg


( يا بني، خذ هذه عشرة دراهم، وتعلم عشرة أحاديث، فإذا وجدتها تغير في جلستك ومشيتك وكلامك مع الناس، فأقبل على العلم، وأنا أعينك بمغزلي هذا، وإذا لم تر أثر العلم على نفسك فاتركه، فإني أخشى أن يكون وبالا عليك يوم القيامة ).
من صاحبة هذه النصيحة الذهبية يا ترى؟؟
هل هي إحدى المتخصصات الشهيرات في أساليب التربية الحديثة؟!
أم أنها أستاذة تربوية شهيرة في إحدى الجامعات الكبرى في العالم؟!
أم أنها إحدى عضوات منظمة اليونسكو النشطات في مجال التعليم والتربية؟؟!
من هي يا ترى؟؟!
مهلا أيها السائل... فالجواب مما ستقرؤه في الأسطر التالية- إن شاء الله –
في منزل متواضع يقع في حي من أحياء تلك المدينة. كانت تجلس على بساط بيتها المتهالك، وأمامها ابنها الحبيب "غلام في العاشرة من عمره تقريباً" ترمقه بعين الحنان، وتحرك شفتيها بدعوات صادقات وجهتها إلى الله العلي القدير أن يرعى هذا الغلام برعايته، وأن يكلأه بعنايته..
من تلك المرأة يا ترى ؟!
مهلا أيها السائل.. لا تذهب بخيالك بعيدا لترسم لها صورة براقة تتداخل فيها ملامح نساء عصرك المترفات .. المثقفات الرائحات الغاديات..
مهلا.. فصاحبة النصيحة الذهبية لم تتلق دراسة نظامية في مدرسة رسمية أو أهلية، ولم تواصل تعليمها الجامعي، ولم تنتقل بين المكتبات العامة والخاصة وليس في منزلها المتواضع مكتبة منزلية تتوافر فيها أمهات الكتب بلغات مختلفة، إن عصرها الذي عاشت فيه لم يعرف المذياع ولا التلفاز، ولا أجهزة الفيديو، لأن الناس في زمانها لم يكونوا قد دخلوا دائرة الحلم بهذه المخترعات، فضلا عن التفكير فيها.
إن صاحبة النصيحة الذهبية لم تتعلم طريقة استخدام جهاز "الحاسوب" هذا الجهاز الذي يختصر لصاحبه آلاف المعلومات، وملايين الكلمات في مساحة صغيرة جداً، ولم تتابع قنوات البث المباشر المسكونة بالأفكار المسمومة كلا أيها السائل الكريم.. إن صاحبة النصيحة الذهبية امرأة مسلمة "واعية تطل علينا من وراء مئات السنين، من نافذة صغيرة في بيتها المتواضع القابع في حي من أحياء مدينة الكوفة، تطل علينا متجملة بحجابها الشرعي الرائع تردد على مسامع الأيام آيات من القرآن الكريم، وتتبعها ببعض أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم..
وألمت بشيء من الحديث النبوي الشريف وسيرة السلف الصالح.
لقد نشأت على سماع أصوات القراء، ومواعظ العلماء في مدينة الكوفة وأسعد قلبها النابض بحب دينها ذلك الصهيل الجميل الذي كانت تنشد به خيول المجاهدين أجمل أناشيد الجهاد، ذلك الصليل الأخاذ الذي كانت تعلن به سيوف المجاهدين بيان العزة والمجد، لقد رأت عيناها نقع المعارك يتصاعد في الفضاء، فرددت مع المجاهدين "الله أكبر".
إنها امرأة مسلمة صلت في المسجد في صفوف النساء ورأت كيف تكون حلقات العلم وكيف يرتفع قدر العلماء عند جميع الناس على اختلاف مراتبهم وطبقاتهم.
وها هي في منزلها ترمق بعين الحنان ابنها الصغير الذي تظهر عليه علامات الذكاء والنجابة، ثم توجه إليه كلمات مختصرة تلخص فيها الأسلوب التربوي الأمثل، وتسأله بلسان الأمل الكبير الذي يعمر قلبها: هل ستكون يا سفيان عالما؟؟
كم سيسعدها أن تكون الإجابة عن هذا السؤال موافقة لما تريد..
من سفيان هذا يا ترى؟؟!
هو "سفيان الثوري"؛ سفيان بن سعيد بن مسروق.
إنه ذلك الفتى الذي نشأ في أحضان تلك المرأة القاطنة في ذلك المنزل المتواضع القابع في حي من أحياء مدينة الكوفة، إنه "أمير المؤمنين في الحديث" كما لقبه أهل العلم في زمانه، إنه ذلك العالم الورع التقي الذي أصبح ـ بفضل الله تعالى، سيد أهل زمانه في علوم الدين".
إنه ابن "صاحبة النصيحة الذهبية" الذي برع في علم الحديث وألف فيه كتابيه الشهيرين" الجامع الكبير" و "الجامع الصغير" والذي كان مثلا في الحفظ، حتى قال عن نفسه- يرحمه الله- (ما حفظت شيئا فنسيته) هذا هو سفيان ابن تلك المرأة المسلمة "الواعية".
لقد غرست في نفسه شجرة الإخلاص اليانعة بنصيحتها.
فنمت على بركة الله وأثمرت "سفيان الثوري" سيد أهل زمانه في علوم الدين..
إنه الدور الكبير الذي تحمل المرأة الواعية مسؤوليته كاملة في منزلها، في مملكتها الصغيرة.. لقد نفع الله بعلم سفيان الثوري وورعه وتقواه خلقا كثيرا، إنه رجل أمة بأكملها..
من الذي وجهه ذلك التوجيه الرائع "يا بني خذ هذه عشرة دراهم، وتعلم عشرة أحاديث".
إنها أمه المرأة المسلمة الواعية..
لم تقل خذ بالدراهم حلوى، ولا لعبة، ولا قميصا، ولا رغيفا، بل قالت"تعلم عشرة أحاديث".
وهذا هو التوجيه الأول من هذه الأم العظيمة.. ثم ماذا بعد؟؟ لقد ارتقت بروح ابنها وفكره إلى مما هو أكبر من الدنيا ومتاعها إلى "الإخلاص" الذي تحبط الأعمال بدونه، الإخلاص الذي يدفع صاحبه إلى إتباع العلم بالعمل، إنها تعي تماما خطورة الإداء الكاذب والقول الأجوف وتعلم أن مخالفة القول للعمل تدمير للإنسان والمجتمع والأمة كلها، وهلاك لصاحبه في الآخرة حيث تعرض الأعمال على الناس ما خفي منها وما ظهر ولا يظلم ربك أحدا.
ولذلك قالت وهي تعني ما تقول: (وإذا لم تر أثر العلم على نفسك فاتركه، فإني أخشى أن يكون وبالا عليك يوم القيامة) .. يا له من قول عظيم.
إنه توجيه تربوي عظيم، يدلنا على وعي كبير عند تلك الأم المربية، فالتربية الصحيحة توجه كل فرد إلى ما يناسبه حتى يستطيع التجويد فيه، وما أخفق كثير من الشباب في حياتهم إلا بسبب دخولهم إلى مجالات لا يحبونها ولا يحسنونها، والعبء الأكبر في ذلك يقع على عاتق الآباء والأمهات والمربين. لقد دخل الفتى (سفيان الثوري) إلى ميادين العلم وصدى صوت أمه الحنون يرن في أذنيه، ولهذا برع في علم الحديث ونفع الله بعلمه الآلاف من طلاب العلم وعشاق المعرفة.
إنه الدور الذي ننتظر من المرأة المسلمة أن تقوم به، وإنها التضحية التي تصنع الرجال، فها هي المربية الكريمة تقول لابنها (وأنا أعينك بمغزلي)، ومعنى ذلك أنها ليست صاحبة مال، كلا.. إنها صاحبة(مغزل) ستغزل به وتبيع للناس ما تصنعه لتعين به ابنها على طلب العلم، وهي لن تفعل ذلك إلا بشرط أن ترى أثر العلم في سلوك ابنها الحبيب.
إن (الأم) هي – حقا- المدرسة الأولى لأبنائها فإما أن ترقى بهم إلى مصاف العظماء، وإما أن تهبط بهم إلى الحضيض.
يرحم الله أم سفيان الثوري، لقد ضربت أروع الأمثلة على وعي المرأة المسلمة، ويقينها بالله، وحرصها على الآخرة الباقية قبل الدنيا الفانية.
ما أجملها من نصيحة ذهبية حفظتها ذاكرة التاريخ وما أعظمها من مربية بلا شهادات نقدمها على مسرح الشعور بالمسؤولية مثالا حيا لتراه عيون نساء مسلمات معاصرات أعشى أبصارهن بريق المدنية المعاصرة، فركضن مخدوعات وراء سراب خادع من الأزياء والمساحيق، وتركن وراءهن زهوراً متفتحة من الأولاد ذكورا وإناثا يشربون ماء عفنا من مستنقع المجلات المتهالكة والأفلام المتردية، ونسين أنهن بذلك يهدمن كيان الأمة والمجتمع والأسرة.
نقدم إليهن – في غفلتهن – من وراء الأعوام الطوال، ومن خلال أوراق شهاداتهن المعلقة على جدران منازلهن، نموذجا رائعا حقيقيا لتلك المربية التي عرفت طريق التربية الصحيح، وقدمت لأمتها عقلا ناضجا، وعلما نافعا، من خلال شخصية ذلك العالم الجليل الذي نحسبه من أتقى علماء السلف، وأحرصهم على العمل بما علم (سفيان الثوري – يرحمه الله).
نقدم إلى كل امرأة في هذا العالم أم سفيان – يرحمها الله – صورة مشرقة لـ(مربية بلا شهادات).

نسيبه
26-03-2004, 01:34 AM
الله يحفظك ويبارك فيك اختي

الشهد
28-03-2004, 02:27 AM
واياك ياغالية :)

*خلود*
28-03-2004, 08:10 AM
يعطيك العافية الشهد

مربية بلا شهادات ...أم كانت تربيتها القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من العجب أن تخرج للدنيا نابغة مسلم .

طيف
30-03-2004, 03:23 AM
ونحن ماذا فعلنا من اجل ابناءنا من ناحية اللعلم

الشهد
05-04-2004, 08:41 PM
الله يعينا فعلا

وجزاكم الله خير اخواتي

ohoud
11-04-2004, 11:19 PM
فعلا
فطرة سليمه نقيه

الله يجزاك خير يا اختي شهوووده.. ..

الشهد
12-04-2004, 02:09 AM
وجزاك خير الجزاء اختي

وياهلا فيك معنا

توفــي
16-05-2004, 05:48 PM
أين نحن من تلك !! ..

بارك الله فيك شوشو..

الشهد
26-05-2004, 05:30 AM
سؤال اجابته تدمي القلب

بوركتي توفي:)